إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد أول زيادة في أسعار قوارير الغاز منذ 12 سنة.. الحكومة تمضي بالسرعة القصوى نحو رفع الدعم نهائيا دون وضع برنامج بديل

-خطة الحكومة لرفع الدعم تدريجيا كانت مقررة مع مطلع سنة 2023 وليست هذه السنة

الدولة مطالبة بإتباع قرار الترفيع في الأسعار ببرنامج يراعي الفئات الضعيفة

تونس-الصباح

بعد توقف لأربعة  أشهر متتالية تحديدا منذ شهر ماي الفارط عن اعتماد الحكومة لآلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات، عادت منذ يومين لتقرر زيادة جديدة وهي الرابعة منذ مطلع السنة الجارية بنسبة تراوحت بين  3 و5 بالمائة بين عدد من أصناف المواد البترولية، والغريب هذه المرة في قرار الترفيع هو تعديل أسعار قارورة الغاز المسال للاستعمال المنزلي، وهي المرة الأولى  بعد أكثر من 12 سنة تقرر فيها الحكومة المساس بهذا الصنف بالذات ليقفز سعر القارورة ذات حمولة 13 كلغ الى 8800  مليم، وذات حمولة 6 كلغ الى 4060 مليمًا، وذات حمولة 5 كلغ الى 3385 مليمًا وذات حمولة 3 كيلوغرامات  الى 2030 مليمًا.

وفي الحقيقة لم يكن قرار الزيادة الرابعة في أسعار المحروقات بالمفاجئ لدى السواد الأعظم من التونسيين، باعتبار أن الحكومة ضمنت في قانون المالية لسنة 2022 اعتمادها لآلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات، كما أن أسعار برميل النفط العالمي تشهد ارتفاعا متواصلا في الآونة الأخيرة بمعدل 107 دولار للبرميل للثلاثة أشهر، وهو ما يحتم بالضرورة إقرار زيادات في الأسعار المحلية.

الحكومة تستبق كل برامجها الإصلاحية

لكن القرار الذي أثار جدلا واسعا بين التونسيين هو تعديل أسعار صنف قوارير الغاز المسال المخصص للاستعمال المنزلي باعتبار أن هذا الصنف المرتبط بالأساس بالعائلات الضعيفة والمتوسطة التي تعد الفئة الموجه لها دعم الحكومة وهي التي أكدت من قبل عدم المساس به بتاتا ..

وكان آخر تصريح رسمي من طرف وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة،  نائلة نويرة القنجي لـ"الصباح" قد أكدت فيه استثناء تعديل أسعار قوارير غاز البترول المسال المعد للاستهلاك المنزلي وبترول الإنارة المنزلي، مشيرة الى أن الحكومة تتجه من خلال برنامج الإصلاح تدريجيا نحو بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار مع المحافظة على العائلات الضعيفة ..

كما لم تُقدِم الحكومات السابقة على المساس بمنظومة الدعم عموما رغم الدعوات المتتالية بضرورة تعديلها وترشيدها من خلال توجيه الدعم الى مستحقيه من طرف المراقبين والمسؤولين في الشأن الاقتصادي في الداخل التونسي ومن قبل الجهات المانحة في الخارج، باعتبار حساسية هذه المنظومة التي تعود الى ثمانينيات القرن الماضي وهي الضامنة للسلم الاجتماعي مع كل الحكومات المتعاقبة.

كما أن قرار الترفيع في أسعار المواد البترولية هذه المرة لم يكن في الصيغة التي وضعتها الحكومة في برنامجها الإصلاحي، والتي حددت فيها مدة التوجه التدريجي نحو حقيقة أسعار المحروقات والمراجعة التدريجية لأسعار قوارير الغاز المسال المعد للاستهلاك المنزلي بداية من سنة 2023 وليس هذه السنة...

كذلك كانت الحكومة قد حددت في وثيقة الإصلاحات الهيكلية التي وضعتها منذ شهر ديسمبر من السنة المنقضية 2021 بان تنخفض نسبة تعديل الأسعار حسب آلية التعديل الأوتوماتيكي من 5 بالمائة الى 3 بالمائة انطلاقا من شهر جانفي 2022 والى غاية شهر سبتمبر من نفس السنة، أي على امتداد ثمانية أشهر فقط..

كل هذه القرارات التي تم تحديدها من قبل لم تعد سارية المفعول في الوقت الراهن وانقلبت كل البرامج الإصلاحية والقرارات المقترحة من قبل حكومة نجلاء بودن في وقت سابق في اتجاه التشديد أكثر في ملف الدعم واتخاذ قرارات تمهد تدريجيا للرفع نهائيا من دعم الحكومة لمواطنيها.

وهذا ما ذهب إليه العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي، مؤكدين انه من الضروري على الدولة التسريع في إصلاح منظومة الدعم التي أنهكت الميزانية العمومية في اتجاه رفعه نهائيا، مشددين على أهمية توجيهه الى مستحقيه عبر آليات محكمة تضمن من خلالها مراعاة الفئات الضعيفة من المجتمع.

 

غياب برنامج بديل موجه للفئات الضعيفة

لكن الحكومة لم تصدر بعد برنامجها في هذا الصدد والخطة التي تنوي إعدادها لمراعاة الفئات المستحقة للدعم واكتفت فقط بالانطلاق في إجراءات رفعه تدريجيا حتى قبل الموعد الذي حددته من قبل في مخططاتها الحكومية، وهو ما بعث على قلق التونسيين من نية الدولة التخلي نهائيا ودون ضبط بدائل عن دعم مواطنيها..

من جهة أخرى، يبدو أن تسريع الحكومة في تطبيق قرارات التخلي تدريجيا عن الدعم يرجع بالأساس الى الوضع الذي آلت إليه المنظومة الاقتصادية بسبب ارتفاع حجم الدعم خاصة الموجه الى المحروقات وهي التي تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الأسواق العالمية في ظل التغيرات الجيوسياسية الذي يشهدها العالم اليوم وتونس ليست بمنأى عنها، بما يتطلب تدخلا عاجلا من قبل الدولة.

فاليوم، عرفت الاعتمادات التي خصصتها الدولة لدعم المحروقات ارتفاعا ملحوظا خلال النصف الأول من السنة الجارية لينتقل الحجم من 300 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية الى حدود الـ1400 مليون دينار حاليا، مسجلا قفزة كبيرة بنسبة تناهز الـ370 بالمائة ليستحوذ بالتالي دعم الدولة للمحروقات فقط على 67 بالمائة من مجموع الاعتمادات التي حددتها في قانون المالية للسنة الحالية.

هذا الارتفاع الكبير في حجم الدعم، يؤكد من جديد المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022، ارتفاعا ملحوظا من 4 آلاف مليون دينار الى 7262 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل الـ15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات الى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط الى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها  في 6 أشهر، ليتجاوز سعر البرميل الـ100 دولار كامل شهر أوت المنقضي حتى يستقر مؤخرا في حدود الـ90 دولارا...

كما أن بلادنا مازالت تشكو من عجز في ميزانها الطاقي إذ لا تغطي حاجياتها من النفط والغاز إلا في حدود الـ50 بالمائة والبقية توفرها عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة ومع ذلك نعيش اليوم ضغوطات كبيرة في هذا المجال باعتبار الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط العالمي الذي تجاوز الـ100 دولار  ..

ومازال الإنتاج الوطني يعاني من تعطل في نشاطه على مستوى الحقول البترولية والمؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات بما تسبب في تعثر ملحوظ في الدورة الاقتصادية، الى جانب اضطراب سعر الصرف وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف الدعم..

وبالنظر الى تواصل الاضطرابات في العالم بدءًا بالأزمة الوبائية وصولا اليوم الى الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا وما لها من تداعيات وخيمة على اقتصاديات الدول عموما، من المؤكد أن سياسة الدولة من هنا فصاعدا ستكون موجهة بالأساس نحو مواصلة إقرار زيادات في أسعار المحروقات تمهيدا للرفع النهائي للدعم خاصة وأن حجم دعم الطاقة سيقفز هذه المرة الى أكثر من 4 آلاف مليون دينار من مجموع ميزانيتها المخصصة فقط للدعم ..

وكانت الحكومة قد أقرت ثلاث زيادات في أسعار المحروقات منذ مطلع السنة الجارية لتتوقف لأربعة  أشهر تحديدا منذ شهر ماي الفارط وهي المرة الثالثة في إطار برنامج التعديل الآلي لأسعار المواد البترولية المعتمد ضمن ميزانية الدولة لسنة 2022، ويعد هذا الترفيع الأثقل منذ تفشي الأزمة الوبائية بعد أن تراجعت الأسعار في سابقة تاريخية لم يشهدها العالم منذ أكثر من عقدين ليتهاوي الى أدنى مستوياته، ويصل سعر برميل النفط الأمريكي وقتها الى سالب 40 دولارا تحديدا يوم الاثنين من شهر أفريل من السنة المنقضية، وهو اليوم الذي وصف بـ"الاثنين الأسود" في أسواق النفط..

كما يعد القرار عموما الأول الذي شمل أسعار قوارير الغاز المسال المعد للاستهلاك المنزلي المرتبط أساسا بالعائلات الضعيفة والفئات الهشة والتي لم يقع مساسها من قبل مع بقية الحكومات السابقة نظرا لحساسيته، وهو ما يطرح اليوم العديد من نقاط الاستفهام حول خطة الدولة في هذا الاتجاه وهي التي لم تبح بإسرارها بعد..

وفاء بن محمد

بعد أول زيادة في أسعار قوارير الغاز منذ 12 سنة..  الحكومة تمضي بالسرعة القصوى نحو رفع الدعم نهائيا دون وضع برنامج بديل

-خطة الحكومة لرفع الدعم تدريجيا كانت مقررة مع مطلع سنة 2023 وليست هذه السنة

الدولة مطالبة بإتباع قرار الترفيع في الأسعار ببرنامج يراعي الفئات الضعيفة

تونس-الصباح

بعد توقف لأربعة  أشهر متتالية تحديدا منذ شهر ماي الفارط عن اعتماد الحكومة لآلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات، عادت منذ يومين لتقرر زيادة جديدة وهي الرابعة منذ مطلع السنة الجارية بنسبة تراوحت بين  3 و5 بالمائة بين عدد من أصناف المواد البترولية، والغريب هذه المرة في قرار الترفيع هو تعديل أسعار قارورة الغاز المسال للاستعمال المنزلي، وهي المرة الأولى  بعد أكثر من 12 سنة تقرر فيها الحكومة المساس بهذا الصنف بالذات ليقفز سعر القارورة ذات حمولة 13 كلغ الى 8800  مليم، وذات حمولة 6 كلغ الى 4060 مليمًا، وذات حمولة 5 كلغ الى 3385 مليمًا وذات حمولة 3 كيلوغرامات  الى 2030 مليمًا.

وفي الحقيقة لم يكن قرار الزيادة الرابعة في أسعار المحروقات بالمفاجئ لدى السواد الأعظم من التونسيين، باعتبار أن الحكومة ضمنت في قانون المالية لسنة 2022 اعتمادها لآلية التعديل الآلي في أسعار المحروقات، كما أن أسعار برميل النفط العالمي تشهد ارتفاعا متواصلا في الآونة الأخيرة بمعدل 107 دولار للبرميل للثلاثة أشهر، وهو ما يحتم بالضرورة إقرار زيادات في الأسعار المحلية.

الحكومة تستبق كل برامجها الإصلاحية

لكن القرار الذي أثار جدلا واسعا بين التونسيين هو تعديل أسعار صنف قوارير الغاز المسال المخصص للاستعمال المنزلي باعتبار أن هذا الصنف المرتبط بالأساس بالعائلات الضعيفة والمتوسطة التي تعد الفئة الموجه لها دعم الحكومة وهي التي أكدت من قبل عدم المساس به بتاتا ..

وكان آخر تصريح رسمي من طرف وزيرة الصناعة والمناجم والطاقة،  نائلة نويرة القنجي لـ"الصباح" قد أكدت فيه استثناء تعديل أسعار قوارير غاز البترول المسال المعد للاستهلاك المنزلي وبترول الإنارة المنزلي، مشيرة الى أن الحكومة تتجه من خلال برنامج الإصلاح تدريجيا نحو بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار مع المحافظة على العائلات الضعيفة ..

كما لم تُقدِم الحكومات السابقة على المساس بمنظومة الدعم عموما رغم الدعوات المتتالية بضرورة تعديلها وترشيدها من خلال توجيه الدعم الى مستحقيه من طرف المراقبين والمسؤولين في الشأن الاقتصادي في الداخل التونسي ومن قبل الجهات المانحة في الخارج، باعتبار حساسية هذه المنظومة التي تعود الى ثمانينيات القرن الماضي وهي الضامنة للسلم الاجتماعي مع كل الحكومات المتعاقبة.

كما أن قرار الترفيع في أسعار المواد البترولية هذه المرة لم يكن في الصيغة التي وضعتها الحكومة في برنامجها الإصلاحي، والتي حددت فيها مدة التوجه التدريجي نحو حقيقة أسعار المحروقات والمراجعة التدريجية لأسعار قوارير الغاز المسال المعد للاستهلاك المنزلي بداية من سنة 2023 وليس هذه السنة...

كذلك كانت الحكومة قد حددت في وثيقة الإصلاحات الهيكلية التي وضعتها منذ شهر ديسمبر من السنة المنقضية 2021 بان تنخفض نسبة تعديل الأسعار حسب آلية التعديل الأوتوماتيكي من 5 بالمائة الى 3 بالمائة انطلاقا من شهر جانفي 2022 والى غاية شهر سبتمبر من نفس السنة، أي على امتداد ثمانية أشهر فقط..

كل هذه القرارات التي تم تحديدها من قبل لم تعد سارية المفعول في الوقت الراهن وانقلبت كل البرامج الإصلاحية والقرارات المقترحة من قبل حكومة نجلاء بودن في وقت سابق في اتجاه التشديد أكثر في ملف الدعم واتخاذ قرارات تمهد تدريجيا للرفع نهائيا من دعم الحكومة لمواطنيها.

وهذا ما ذهب إليه العديد من المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي، مؤكدين انه من الضروري على الدولة التسريع في إصلاح منظومة الدعم التي أنهكت الميزانية العمومية في اتجاه رفعه نهائيا، مشددين على أهمية توجيهه الى مستحقيه عبر آليات محكمة تضمن من خلالها مراعاة الفئات الضعيفة من المجتمع.

 

غياب برنامج بديل موجه للفئات الضعيفة

لكن الحكومة لم تصدر بعد برنامجها في هذا الصدد والخطة التي تنوي إعدادها لمراعاة الفئات المستحقة للدعم واكتفت فقط بالانطلاق في إجراءات رفعه تدريجيا حتى قبل الموعد الذي حددته من قبل في مخططاتها الحكومية، وهو ما بعث على قلق التونسيين من نية الدولة التخلي نهائيا ودون ضبط بدائل عن دعم مواطنيها..

من جهة أخرى، يبدو أن تسريع الحكومة في تطبيق قرارات التخلي تدريجيا عن الدعم يرجع بالأساس الى الوضع الذي آلت إليه المنظومة الاقتصادية بسبب ارتفاع حجم الدعم خاصة الموجه الى المحروقات وهي التي تشهد ارتفاعا غير مسبوق في الأسواق العالمية في ظل التغيرات الجيوسياسية الذي يشهدها العالم اليوم وتونس ليست بمنأى عنها، بما يتطلب تدخلا عاجلا من قبل الدولة.

فاليوم، عرفت الاعتمادات التي خصصتها الدولة لدعم المحروقات ارتفاعا ملحوظا خلال النصف الأول من السنة الجارية لينتقل الحجم من 300 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية الى حدود الـ1400 مليون دينار حاليا، مسجلا قفزة كبيرة بنسبة تناهز الـ370 بالمائة ليستحوذ بالتالي دعم الدولة للمحروقات فقط على 67 بالمائة من مجموع الاعتمادات التي حددتها في قانون المالية للسنة الحالية.

هذا الارتفاع الكبير في حجم الدعم، يؤكد من جديد المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022، ارتفاعا ملحوظا من 4 آلاف مليون دينار الى 7262 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل الـ15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات الى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط الى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها  في 6 أشهر، ليتجاوز سعر البرميل الـ100 دولار كامل شهر أوت المنقضي حتى يستقر مؤخرا في حدود الـ90 دولارا...

كما أن بلادنا مازالت تشكو من عجز في ميزانها الطاقي إذ لا تغطي حاجياتها من النفط والغاز إلا في حدود الـ50 بالمائة والبقية توفرها عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة ومع ذلك نعيش اليوم ضغوطات كبيرة في هذا المجال باعتبار الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط العالمي الذي تجاوز الـ100 دولار  ..

ومازال الإنتاج الوطني يعاني من تعطل في نشاطه على مستوى الحقول البترولية والمؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات بما تسبب في تعثر ملحوظ في الدورة الاقتصادية، الى جانب اضطراب سعر الصرف وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف الدعم..

وبالنظر الى تواصل الاضطرابات في العالم بدءًا بالأزمة الوبائية وصولا اليوم الى الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا وما لها من تداعيات وخيمة على اقتصاديات الدول عموما، من المؤكد أن سياسة الدولة من هنا فصاعدا ستكون موجهة بالأساس نحو مواصلة إقرار زيادات في أسعار المحروقات تمهيدا للرفع النهائي للدعم خاصة وأن حجم دعم الطاقة سيقفز هذه المرة الى أكثر من 4 آلاف مليون دينار من مجموع ميزانيتها المخصصة فقط للدعم ..

وكانت الحكومة قد أقرت ثلاث زيادات في أسعار المحروقات منذ مطلع السنة الجارية لتتوقف لأربعة  أشهر تحديدا منذ شهر ماي الفارط وهي المرة الثالثة في إطار برنامج التعديل الآلي لأسعار المواد البترولية المعتمد ضمن ميزانية الدولة لسنة 2022، ويعد هذا الترفيع الأثقل منذ تفشي الأزمة الوبائية بعد أن تراجعت الأسعار في سابقة تاريخية لم يشهدها العالم منذ أكثر من عقدين ليتهاوي الى أدنى مستوياته، ويصل سعر برميل النفط الأمريكي وقتها الى سالب 40 دولارا تحديدا يوم الاثنين من شهر أفريل من السنة المنقضية، وهو اليوم الذي وصف بـ"الاثنين الأسود" في أسواق النفط..

كما يعد القرار عموما الأول الذي شمل أسعار قوارير الغاز المسال المعد للاستهلاك المنزلي المرتبط أساسا بالعائلات الضعيفة والفئات الهشة والتي لم يقع مساسها من قبل مع بقية الحكومات السابقة نظرا لحساسيته، وهو ما يطرح اليوم العديد من نقاط الاستفهام حول خطة الدولة في هذا الاتجاه وهي التي لم تبح بإسرارها بعد..

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews