إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الوزير السابق ناجي جلول لـ"الصباح" : العودة المدرسية أصبحت مؤلمة للتلاميذ والمدرسة أصبحت منفرة لهم

تونس: الصباح

قال ناجي جلول وزير التربية الأسبق إن العودة المدرسية أصبحت مؤلمة للتلاميذ، وبين أن التلاميذ بصفة عامة ينفرون من الدراسة لكن خلال السنوات الأخيرة لوحظ أن هناك نفورا أكبر من الذهاب إلى المدرسة لعدة أسباب.

وأضاف  أن السبب الأول هو الفضاء المدرسي في حد ذاته، فهذا الفضاء مترهل وقديم وغير لائق، وأغلب المؤسسات التربوية تعاني من تردي البنية التحتية. أما السبب الثاني فهو على حد قوله الزمن المدرسي، وذكر في هذا السياق أن الزمن المدرسي مرهق جدا للمتعلم وهو زمن متخلف للغاية وبعيد كل البعد عما هو معتمد في البلدان الراقية وذكر أن هناك حاجة ملحة لمراجعة الزمن المدرسي في اتجاه تخصيص الفترة الصباحية للدراسة والفترة المسائية للقيام بالأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية.

وأشار وزير التربية الأسبق إلى أن السبب الثالث لتزايد نفور التلاميذ من الدراسة، يعود إلى البرامج، فهي برامج مرهقة وثقيلة ولا تتلاءم مع زمن التعلم، لأن التلميذ يقضي عطلة صيفية طويلة إلى جانب وجود عطل أخرى تتخلل السنة الدراسية، وفي المقابل زمن الدراسة قصير لذلك يقع حشو دماغ التلميذ بالمعلومات في فترات قصيرة. وفسر أنه لما كان على رأس وزارة التربية اقترح في إطار الكتاب الأبيض مراجعة الزمن المدرسي بشكل كامل وذلك ليدرس التلميذ بأقل ما يمكن من الإرهاق.

وذكر جلول أن السبب الرابع لظاهرة النفور من الدراسة يعود إلى الكتاب المدرسي، فالكتب المدرسية ذات طبعة غير أنيقة وهي تفتقر إلى الجمالية، والحال أن التلميذ يحب الجمال والألوان ولكنه لا يجد ضالته في الكتاب المدرسي.. وأضاف أنه من بين الأسباب الأخرى التي لا تقل أهمية، نجد وعي التلميذ المبكر بانسداد الأفق فهو عندما يشاهد شقيقه أو قريبه الذي كان متميزا في الدراسة والذي تخرج من الجامعة لكنه ظل عاطلا عن العمل لسنوات عديدة، فإن هذا الواقع المحبط يؤدي إلى نفوره من الدراسة.

كما لاحظ الوزير الأسبق أنه بسبب النفور من الدراسة أصبحت حالات الانقطاع المدرسي تعد بالآلاف، وهو ما أدى إلى الارتداد إلى الأمية وارتفاع عدد الأميين في البلاد خلال السنوات الأخيرة بشكل يبعث على القلق.

وباستفساره إن كانت الإصلاحات الجزئية التي قام بها وزير التربية الحالي فتحي سلاوتي والتي شملت في مرحلة أولى التعليم الابتدائي في انتظار أن تشمل لاحقا التعليم الثانوي، كافية لتجاوز المشاكل التي تعاني منها المدرسة العمومية والتي أدت إلى نفور التلاميذ من الدراسة بشكل كبير، أجاب ناجي جلول أن المشكل ليس في منهجية الإصلاح بل المشكل الأساسي يكمن في إدارة وزارة التربية فهي إدارة قديمة، تقليدية، لم تواكب التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم، وهو مشكل حقيقي على حد اعتقاده لأن المسؤول على ملف التربية تجاوزته الأحداث وبالتالي فإن كل محاولات التجديد التي يقوم بها الوزير تبوء بالفشل.

وفضلا عن إدارة وزارة التربية، هناك مشكل آخر لا يقل شأنا حسب وصف الوزير الأسبق، و يتعلق هذا المشكل بتكوين المكونين، وبين جلول أنه لا يكفي أن يكون الإطار التربوي متخرجا من أحسن الجامعات بل لا بد من إخضاعه إلى التكوين المستمر وهذا غير متوفر في تونس.

وأضاف أن الدولة مطالبة بأن تتحمل مسؤولياتها وتوفر ميزانية كافية لوزارة التربية حتى تتمكن هذه الأخيرة من تجاوز النقائص، ولاحظ  أن 97 بالمائة من ميزانية الوزارة تذهب للأجور، وهو ما يحول دون تطوير الفضاء المدرسي وتحسين الخدمات المدرسية. وبين أنه عندما وقع إحداث ديوان الخدمات المدرسية ، فكان ذلك بهدف النهوض بالأنشطة الثقافية والرياضية في الوسط المدرسي وبهدف تحسين  الأكلة والمبيت، وذكر أنه عندما كان على رأس وزارة التربية سعى بكل جهوده إلى تطبيق هذا البرنامج لكن للأسف الشديد فإن النقابات حاربته. وبين أنه عندما يؤكد على أهمية الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية الموجهة للتلاميذ فذلك اقتناعا منه أن المدرسة ليس دورها أن تكون حاملا لشهادة وإنما أن تكون مواطنا، لكن المدرسة اليوم لا تكون مواطنا، وأضاف جلول أن المدرسة العمومية في السبعينات كانت تعج بالأنشطة الثقافية والرياضية، وكانت توجد فيها نوادي مسرح وسينما، وساهمت هذه المدرسة في تخريج جيل مستنير أما جيل اليوم فنجد فيه الإرهابي وهذا أمر خطير.

إطار تروبي مفقر

يرى ناجي جلول أن الحلول لجميع مشاكل المدرسة تمكن في توفر الإرادة السياسية، لأنه لا يمكن الارتقاء بالمدرسة التونسية بإطار مدرسي تم تفقيره، ولاحظ أن جراية الإطار التربوي هي من أضعف الجرايات في تونس، ولهذا السبب فإن المدرس أصبح مفقرا وحزينا، وذكر أنه لا يمكن الارتقاء بالمدرسة إلا بوجود مجتمع أرقى أخلاقا وقيما وأضاف أن المدرسة المريضة أنتجت مجتمعا مريضا.

وإلى جانب الإرادة السياسية أشار محدثنا إلى ضرورة فتح اكتتاب وطني لفائدة القطاع التربوي، وبين أنه لا بد من توفير موارد كافية للنهوض بأوضاع المدرسة العمومية لأنه دون موارد مالية لا يمكن إحداث أي تغيير. وذكر أنه يجب أيضا المضي في تنفيذ مشروع الإصلاح التربوي وهو مشروع كان محل توافق وجاء بعد حوار وطني شارك فيه جميع المتدخلين في الشأن التربوي من نقابات ومجتمع مدني وأولياء وتلاميذ، وتمخض هذا الحوار عن قانون توجيهي جديد للتربية والتعليم وقد تم وضعه على طاولة رئيس الحكومة آن ذاك وهو يوسف الشاهد لكنه لم يمرر، وأضاف جلول أنه ما على نجلاء بودن رئيسة الحكومة سوى تطبيق هذا القانون لأنه لا جدوى من إعادة الحوار من جديد.. وقال إنه يسمع كلاما كثيرا هذه الأيام عن الإصلاح التربوي لكن حسب رأيه لا توجد إرادة سياسية حقيقة للإصلاح، فآخر هموم الحكومة الحالية هو التعليم. وذكر أنه إضافة إلى عدم توفر الإرادة السياسية للإصلاح التربوي فإنه لا توجد إرادة شعبية للإصلاح. وأضاف أن الجميع من سياسيين وإعلاميين ووزراء يتحدثون عن التربية وإصلاح التعليم  ولكن قلة قليلة منهم قرؤوا الكتاب الأبيض ومشروع القانون التوجيهي للتربية الذي بقي في الرفوف، فعد حديثهم عن التربية كل يغني على ليلاه وهم لا يدركون أن التربية علم وأن علوم التربية ليس كل من هب ودب يفتي فيها، وذكر أنه لا أحد يتحدث عن الولي المغيب، هذا الولي الذي لا يدخل إلى المدرسة، فهذا الموضوع مسكوت عنه وعندما توفرت الإرادة لتشريك الولي في العمل التربوي من خلال إحداث مجالس منتخبة داخل المؤسسات التربوية، مجالس يكون فيها أولياء وتلاميذ ومربين وقيمين، فإن النقابات تصدت لهذا التوجه بقوة.

وأضاف محدثنا أنه طالما لم يقع تشريك الأولياء  فإنه لا يمكن الارتقاء بأوضاع المدرسة التونسية، وبين أنه لا يفهم سبب رفض النقابات حضور الأولياء والحال أن نصف مشاكل التربية ستزاح عندما يتم تشريك الولي في العملية التربوية.

سعيدة بوهلال

الوزير السابق ناجي جلول لـ"الصباح" : العودة المدرسية أصبحت مؤلمة للتلاميذ والمدرسة أصبحت منفرة لهم

تونس: الصباح

قال ناجي جلول وزير التربية الأسبق إن العودة المدرسية أصبحت مؤلمة للتلاميذ، وبين أن التلاميذ بصفة عامة ينفرون من الدراسة لكن خلال السنوات الأخيرة لوحظ أن هناك نفورا أكبر من الذهاب إلى المدرسة لعدة أسباب.

وأضاف  أن السبب الأول هو الفضاء المدرسي في حد ذاته، فهذا الفضاء مترهل وقديم وغير لائق، وأغلب المؤسسات التربوية تعاني من تردي البنية التحتية. أما السبب الثاني فهو على حد قوله الزمن المدرسي، وذكر في هذا السياق أن الزمن المدرسي مرهق جدا للمتعلم وهو زمن متخلف للغاية وبعيد كل البعد عما هو معتمد في البلدان الراقية وذكر أن هناك حاجة ملحة لمراجعة الزمن المدرسي في اتجاه تخصيص الفترة الصباحية للدراسة والفترة المسائية للقيام بالأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية.

وأشار وزير التربية الأسبق إلى أن السبب الثالث لتزايد نفور التلاميذ من الدراسة، يعود إلى البرامج، فهي برامج مرهقة وثقيلة ولا تتلاءم مع زمن التعلم، لأن التلميذ يقضي عطلة صيفية طويلة إلى جانب وجود عطل أخرى تتخلل السنة الدراسية، وفي المقابل زمن الدراسة قصير لذلك يقع حشو دماغ التلميذ بالمعلومات في فترات قصيرة. وفسر أنه لما كان على رأس وزارة التربية اقترح في إطار الكتاب الأبيض مراجعة الزمن المدرسي بشكل كامل وذلك ليدرس التلميذ بأقل ما يمكن من الإرهاق.

وذكر جلول أن السبب الرابع لظاهرة النفور من الدراسة يعود إلى الكتاب المدرسي، فالكتب المدرسية ذات طبعة غير أنيقة وهي تفتقر إلى الجمالية، والحال أن التلميذ يحب الجمال والألوان ولكنه لا يجد ضالته في الكتاب المدرسي.. وأضاف أنه من بين الأسباب الأخرى التي لا تقل أهمية، نجد وعي التلميذ المبكر بانسداد الأفق فهو عندما يشاهد شقيقه أو قريبه الذي كان متميزا في الدراسة والذي تخرج من الجامعة لكنه ظل عاطلا عن العمل لسنوات عديدة، فإن هذا الواقع المحبط يؤدي إلى نفوره من الدراسة.

كما لاحظ الوزير الأسبق أنه بسبب النفور من الدراسة أصبحت حالات الانقطاع المدرسي تعد بالآلاف، وهو ما أدى إلى الارتداد إلى الأمية وارتفاع عدد الأميين في البلاد خلال السنوات الأخيرة بشكل يبعث على القلق.

وباستفساره إن كانت الإصلاحات الجزئية التي قام بها وزير التربية الحالي فتحي سلاوتي والتي شملت في مرحلة أولى التعليم الابتدائي في انتظار أن تشمل لاحقا التعليم الثانوي، كافية لتجاوز المشاكل التي تعاني منها المدرسة العمومية والتي أدت إلى نفور التلاميذ من الدراسة بشكل كبير، أجاب ناجي جلول أن المشكل ليس في منهجية الإصلاح بل المشكل الأساسي يكمن في إدارة وزارة التربية فهي إدارة قديمة، تقليدية، لم تواكب التطورات المتسارعة التي يشهدها العالم، وهو مشكل حقيقي على حد اعتقاده لأن المسؤول على ملف التربية تجاوزته الأحداث وبالتالي فإن كل محاولات التجديد التي يقوم بها الوزير تبوء بالفشل.

وفضلا عن إدارة وزارة التربية، هناك مشكل آخر لا يقل شأنا حسب وصف الوزير الأسبق، و يتعلق هذا المشكل بتكوين المكونين، وبين جلول أنه لا يكفي أن يكون الإطار التربوي متخرجا من أحسن الجامعات بل لا بد من إخضاعه إلى التكوين المستمر وهذا غير متوفر في تونس.

وأضاف أن الدولة مطالبة بأن تتحمل مسؤولياتها وتوفر ميزانية كافية لوزارة التربية حتى تتمكن هذه الأخيرة من تجاوز النقائص، ولاحظ  أن 97 بالمائة من ميزانية الوزارة تذهب للأجور، وهو ما يحول دون تطوير الفضاء المدرسي وتحسين الخدمات المدرسية. وبين أنه عندما وقع إحداث ديوان الخدمات المدرسية ، فكان ذلك بهدف النهوض بالأنشطة الثقافية والرياضية في الوسط المدرسي وبهدف تحسين  الأكلة والمبيت، وذكر أنه عندما كان على رأس وزارة التربية سعى بكل جهوده إلى تطبيق هذا البرنامج لكن للأسف الشديد فإن النقابات حاربته. وبين أنه عندما يؤكد على أهمية الأنشطة الثقافية والرياضية والترفيهية الموجهة للتلاميذ فذلك اقتناعا منه أن المدرسة ليس دورها أن تكون حاملا لشهادة وإنما أن تكون مواطنا، لكن المدرسة اليوم لا تكون مواطنا، وأضاف جلول أن المدرسة العمومية في السبعينات كانت تعج بالأنشطة الثقافية والرياضية، وكانت توجد فيها نوادي مسرح وسينما، وساهمت هذه المدرسة في تخريج جيل مستنير أما جيل اليوم فنجد فيه الإرهابي وهذا أمر خطير.

إطار تروبي مفقر

يرى ناجي جلول أن الحلول لجميع مشاكل المدرسة تمكن في توفر الإرادة السياسية، لأنه لا يمكن الارتقاء بالمدرسة التونسية بإطار مدرسي تم تفقيره، ولاحظ أن جراية الإطار التربوي هي من أضعف الجرايات في تونس، ولهذا السبب فإن المدرس أصبح مفقرا وحزينا، وذكر أنه لا يمكن الارتقاء بالمدرسة إلا بوجود مجتمع أرقى أخلاقا وقيما وأضاف أن المدرسة المريضة أنتجت مجتمعا مريضا.

وإلى جانب الإرادة السياسية أشار محدثنا إلى ضرورة فتح اكتتاب وطني لفائدة القطاع التربوي، وبين أنه لا بد من توفير موارد كافية للنهوض بأوضاع المدرسة العمومية لأنه دون موارد مالية لا يمكن إحداث أي تغيير. وذكر أنه يجب أيضا المضي في تنفيذ مشروع الإصلاح التربوي وهو مشروع كان محل توافق وجاء بعد حوار وطني شارك فيه جميع المتدخلين في الشأن التربوي من نقابات ومجتمع مدني وأولياء وتلاميذ، وتمخض هذا الحوار عن قانون توجيهي جديد للتربية والتعليم وقد تم وضعه على طاولة رئيس الحكومة آن ذاك وهو يوسف الشاهد لكنه لم يمرر، وأضاف جلول أنه ما على نجلاء بودن رئيسة الحكومة سوى تطبيق هذا القانون لأنه لا جدوى من إعادة الحوار من جديد.. وقال إنه يسمع كلاما كثيرا هذه الأيام عن الإصلاح التربوي لكن حسب رأيه لا توجد إرادة سياسية حقيقة للإصلاح، فآخر هموم الحكومة الحالية هو التعليم. وذكر أنه إضافة إلى عدم توفر الإرادة السياسية للإصلاح التربوي فإنه لا توجد إرادة شعبية للإصلاح. وأضاف أن الجميع من سياسيين وإعلاميين ووزراء يتحدثون عن التربية وإصلاح التعليم  ولكن قلة قليلة منهم قرؤوا الكتاب الأبيض ومشروع القانون التوجيهي للتربية الذي بقي في الرفوف، فعد حديثهم عن التربية كل يغني على ليلاه وهم لا يدركون أن التربية علم وأن علوم التربية ليس كل من هب ودب يفتي فيها، وذكر أنه لا أحد يتحدث عن الولي المغيب، هذا الولي الذي لا يدخل إلى المدرسة، فهذا الموضوع مسكوت عنه وعندما توفرت الإرادة لتشريك الولي في العمل التربوي من خلال إحداث مجالس منتخبة داخل المؤسسات التربوية، مجالس يكون فيها أولياء وتلاميذ ومربين وقيمين، فإن النقابات تصدت لهذا التوجه بقوة.

وأضاف محدثنا أنه طالما لم يقع تشريك الأولياء  فإنه لا يمكن الارتقاء بأوضاع المدرسة التونسية، وبين أنه لا يفهم سبب رفض النقابات حضور الأولياء والحال أن نصف مشاكل التربية ستزاح عندما يتم تشريك الولي في العملية التربوية.

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews