إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

العميد حاتم المزيو لـ"الصباح": المحاماة عانت من "التسييس".. والمجلة الجزائية متخلفة

تونس – الصباح

 وعود إصلاحية اجتماعية ومهنية وقطاعية عديدة تلك التي قدمها العميد الجديد للمحامين حاتم المزيو في برنامجه الانتخابي والتي رجحت كفة الصندوق لصالحه في الانتخابات الأخيرة للمحامين، وهي نقاط اعتبرها العميد مفصلية في المسار الإصلاحي للمحاماة داخليا وفي مساعي إعادة الهيئة الوطنية للمحامين إلى مصاف أدوارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمدنية لاسيما في هذه المرحلة بما يجعل من العمادة هيكلا وطنيا يعنى بأهداف شاملة وطنية وقطاعية على حد السواء.

عميد المحامين المنتخب حديثا تحدث لـ"الصباح" عن سياسة الهيئة الجديدة وآليات تعزيز ثقة المحامي في العمادة وتطوير المهنة ودور الهيئة في إصلاح مرفق العدالة ككل. كما تطرق إلى أزمة القضاء وموقف العمادة من تغييب المحامين عن المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء وتداعيات تسييس القضاء والمحاماة على مرفق العدالة، كما تطرق إلى مسائل أخرى في الحوار التالي:

                          حاورته نزيهة الغضباني

*المحاماة كانت من بين القطاعات التي عرفت تسييسا في العشرية الماضية، إلى أي مدى أثر ذلك على القطاع؟

المحاماة كانت دائما لصيقة بهموم ومشاغل الشعب والسياسة والشأن العام. والعمادة هي منظمة وطنية كبرى وإحدى ركائز النضال الوطني منذ أكثر من 120 سنة. ويكفي أن أذكر أنها قامت بدور وطني ونضالي قبل الاستقلال وفي الحركة الوطنية، وساهمت في بناء الدولة الوطنية وفي الدفاع عن الحقوق والحريات وتصدت لمختلف أشكال الاستبداد ولعبت دورا رياديا في ثورة الحرية والكرامة بتأطير التحركات والمظاهرات. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل اضطلعت بدور كبير في عملية الانتقال الديمقراطي وشاركت في تجنيب البلاد الفوضى وحرب أهلية سنة 2013 من خلال دورها في الحوار الوطني إلى جانب شركائنا من المنظمات الثلاث الأخرى وتحصلنا معها على جائزة نوبل للسلام. 

لذلك طبيعي جدا أن تكون للمحاماة تمثيلية سياسية ولكن يجب أن تبقى هياكل المهنة بمنأى عن التسييس والتوظيف الحزبي والسياسي لأن المحاماة قدرها أن تكون مهنة حرة مستقلة وقرارها سياسي. ففي العشرية الماضية نجحت المنظومة السياسية الحاكمة في فرض منطق المغالبة والمنفعية وكانت نتائج سياسة وخيارات هذه الأحزاب أن أدت إلى تردي الواقع الاقتصادي والاجتماعي وتكرر الأزمات وتدهور الأوضاع مما أثر على الوضع المعيشي الذي تمر به بلادنا اليوم.

*ولكن "التسييس" كان له دور حدوث انقسامات داخل هذا القطاع، أليس كذلك؟

لا أنكر أنه في فترات ما عانى هذا الهيكل من التسييس. وهو ما كان له تأثير سلبي على المناخ العام للمهنة وذلك بعد أن تم في فترة ما تسييس المهنة وأصبحت قريبة من الأحزاب الحاكمة أو غيرها من الأحزاب المكونة لمنظومة الحكم فأصبحت المهنة قريبة من أحزاب سياسية ووقع توظيفها سياسيا. ولكن أعترف أنه منذ الدورة الانتخابية الماضية رجعت المحاماة للجادة ولسالف عهدها ودورها المستقل والمحايد بعد النجاح في تنقية الأجواء. فلم نعد صوتا للأحزاب السياسية.

* تحدثت عن دور الرباعي الراعي للحوار الوطني، ما هو تفسيرك للفتور بين هذه المنظمات الوطنية المسجل اليوم؟

 أرى أن هناك مبالغة في تفسير المسألة بالفتور، لأني أؤمن بدور المؤسسات في الدولة ودور المجتمع المدني أيضا وهذا تقريبا أبرز ما تحقق من دستور 2014  ولكن لكل هيكل توجهه واستقلال قراره وأدوار واهتمامته في علاقة بمنظوريه ومصالحهم سواء تعلق الأمر بالاتحاد العام التونسي للشغل أو الاتحاد التونسي للتجارة والصناعات التقليدية كما هو الشأن النسبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. فعمادة المحامين منفتحة على كل المنظمات والهياكل الوطنية والمدنية ومؤسسات الدولة.

*هل تعني أن العمادة اليوم ستواصل نفس سياسة عمادة بودربالة خاصة أنك كنت جزءا فاعلا فيها؟

نحاول اليوم أن نرجع الدور الأساسي لمهنة المحاماة في دفاعها عن الحقوق والحريات واستقلال القرار والسيادة الوطنية في دولة مدنية وفي نظام ديمقراطي يسوده القانون ويقاوم الفساد وكل أشكال العنف. فليس بالضرورة أن نكون امتدادا لسياسة الهيئة السابقة، فنحن نبني على الإيجابي ونصلح كل ما نراه يستدعي الإصلاح والمراجعة. وأعترف أن هناك إيجابيات في الهيئة السابقة لعل أبرزها بالأساس المواقف الوطنية والمهنية الصحيحة فيما يتعلق بمصلحة المهنة والوطن في نفس الوقت. فنحن ضد الإضرابات القطاعية العشوائية وضد الاعتداء على المحامين ونرفض توظيفه لأي مصلحة.

ودافعنا على مجلس أعلى للقضاء مستقل حقيقة وليس تابعا لأي كان، وتولينا تقييم المجلس الأعلى السابق لا يعني أننا راضين على عمل المجلس الأعلى المؤقت للقضاء ثم أننا نطالب بتشاركية أكثر والاستماع إلى رأي المحاماة وتشريكها فيما يتعلق بمرفق العدالة بشكل عام وذلك بالتعاون مع وزارة العدل ونحن مستعدون لذلك.

 *ما هو موقفكم من غياب المحاماة عن تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والمحكمة الدستورية في شكلها الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية؟

أعتقد أن ذلك من النقائص الكبيرة في هذه المؤسسات والمرافق العامة لأن المجلس الأعلى للقضاء ليس خاصا بالقضاة دون سواهم وكذلك الأمر بالنسبة للمحكمة الدستورية. في تقديري يجب أن تكون هناك تمثيلية للمحاماة والمجتمع المدني. فهذه المؤسسات والهياكل تستوجب توفر تشاركية شاملة وكاملة وتكون مناصفة بين القضاة والمحامين إلى جانب تمثيلية الأساتذة الجامعيين المختصين في القانون وممثلي المجتمع المدني في مختلف الاختصاصات وهو ما سنعمل عليه.

*هل تعني أن العمادة سيكون لها تحركات في هذا السياق؟

نعم سنشتغل على هذا الجانب في هيئتنا الجديدة وستكون هذه المسألة من بين أبرز نقاط برنامج عملنا وتحديا هاما خلال المدة النيابية هذه. صحيح أننا نرفض تسييس القضاء لكن يمكن إيجاد معايير وضوابط لتكون تركيبة هذه الهياكل متكاملة وتكون المحاماة طرفا فاعلا فيها.

*بِمَ تفسر أزمة القضاء اليوم ومعركة الاستقلالية والتسييس؟

الكل يعلم أن هناك أزمة في القضاء، والدليل أن المجلس الأعلى المؤقت الذي تم تنصيبه بعد حل المجلس الأعلى لم يتمكن من القيام بدوره وعجز على إصدار الحركة القضائية إلى حد الآن. في تقديري وجود المحامين والجامعيين في تركيبة المجلس ضمانة لعدم تغليب المنطق القطاعي للقضاء ثم من قال إن القضاة المتقاعدين في تركيبة هذه الهياكل غير مسيسين. فالمشكل يكمن في المرسوم المنظم لعمله. لأن ضمان استقلالية القضاء يجعل منها مؤسسة حقيقية فيها ضمانات للقضاة وفيها سعي للمحاسبة وتتبع للفساد وكل الأخطاء المسجلة في جميع مكونات المنظومة القضائية مع احترام الآجال القانونية وحقوق الدفاع وقرينة البراءة.

لأن المنطق القطاعي غالب وإلى حد الآن لم يتم فتح ملفات الفساد والملفات التأديبية ضد كل من ارتكب جرما ماليا أو سياسيا إضافة إلى ملفات الاغتيالات والإرهاب.

*ما هو تقييمك للمجلس الأعلى المؤقت إلى حد الآن؟

كان بالإمكان أفضل مما هو موجود. لأن تواجد المحامين في تركيبته ضمان استقلالية العدالة. لكن بعد صدور الدستور الجديد 2022 نجد غيابا تاما للمحامين في المجلس والمحكمة وبقية مكونات الأسرة القضائية بالصفة والأقدمية مع احترامنا الأطراف الموجودة لتكريس قضاء مستقل.

*كيف تفسر عدم القدرة على معالجة الأزمة التي يعيشها القضاء اليوم؟

أعتقد أن أزمة القضاء ليست مستجدة. لأنه منذ الاستقلال لم تول الدولة التونسية اهتماما بهذا المرفق والدليل أن ميزانية وزارة العدل تعد الأضعف ولا تتجاوز 1% من ميزانية الدولة. فالعدالة ظروفها صعبة اليوم تعاني نقصا في الإطار البشري والتجهيزات فضلا عما تتميز به من زمن قضائي طويل. لذلك أعتبرها عدالة متخلفة مقارنة بما هو موجود في دول الجوار والبلدان المتقدمة. وهذا يؤثر على مناخ الاستثمار في البلاد وهو "ما زاد الطين بلة". لأن هناك فسادا وملفات وشكايات ضد بعض القضاة لم يتم البت والنظر فيها من قبل  المجلس الأعلى للقضاء. فلم يقم القضاة بالدور المناط بعدتهم في المحاسبة وتنقية القطاع من الفساد. فرئيس الجمهورية في قرار الإعفاء الذي أصدره في جوان الماضي برر ذلك بتأخير المجلس الأعلى السابق للقضاء وأيضا المؤقت في القيام بالإجراءات اللازمة. وسبق أن قدمت الهيئة الوطنية للمحامين مقترحات ومشاريع للإصلاح قانون وتشريعات العدالة ولكن المجلس الأعلى للقضاء لم يأخذ ذلك بعين الاعتبار.

*هل تعتبر أن "التسييس" والتوظيف الحزبي للقضاء هو من أسباب عدم فتح عديد الملفات الحارقة؟

أنا مع فتح جميع ملفات الفساد والعمادة ستعمل على فتح 3 أو 4 ملفات حارقة في السنوات الثلاث القادمة من بينها كشف حقيقة الاغتيالات السياسية وتحديدا ملف زميلنا الشهيد شكري بلعيد ومحمد البراهمي وملف العمليات الإرهابية التي أودت بحياة عدد من أبناء المؤسستين العسكرية والأمنية. هذا موقف مبدئي نابع من ثوابت المهنة والدفاع عن الحقوق والحريات وفي نفس الوقت على دولة يسودها القانون والمحاسبة وتكريس ثقافة عدم الإفلات من العقاب.

*تقلدت عدة مسؤوليات جهوية وهيكلية في هياكل قطاعية خلال مسيرتك، هل تعتبر التجربة مهمة في مثل هذه المهام؟

التجربة مهمة في مسار الهياكل المهنية والقطاعية. رغم أنه لا مقارنة بين تجربة وأخرى وأعتقد أن عمادة للمحامين هي أهمها نظرا للمهم المنوطة بها قطاعيا ومدنيا واجتماعيا وسياسيا.

*كيف تقيم مشاركة الهيئة الوطنية للمحامين في الحوار الوطني وصياغة الدستور الجديد؟

صحيح أن العمادة شاركت في الحوار الوطني وصياغة الدستور رغم الجدل الكبير الذي رافق العمليتين، ولكن لم نكن راضين تمام الرضا لأننا كنا نريد أن تكون هناك تشاركية حقيقية. وكل التقدير والاحترام لرئيس الجمهورية فقبل تسلمه مقاليد الحكم بشكل ديمقراطي تقبل تصوراتنا وما قدمناه بكل جدية واستقلالية لما فيه مصلحة للدولة.

*قلت إن عمادة المحامين قدرها أن تكون قريبة من السياسي فما هي قراءتكم للوضع اليوم في علاقة بالقانون الانتخابي؟

 دستور 2014 انبثق عنه قانون انتخابي تسبب في تشتت الأصوات وقدم مجلس نواب مشتت. ونحن مع مراجعة ذلك القانون حتى لا نسقط في نفس الأخطاء التي قادت الوضع إلى الوضع ليكون متردي على النحو الذي نحن عليه اليوم. لكن العمادة ستقدم قراءتها موقفها من القانون الانتخابي الجديد وذلك بعد القيام بتصورات تشريعية وهيكلية لإصلاح وضع القضاء.

*ولكن من بين النقاط الأساسية لبرنامجك هو النأي بالمحاماة عن الاصطفاف السياسي، كيف سيكون ذلك؟

نعم يجب أن تكون هيئة المحامين بعيدة عن أي اصطفاف سياسي وهذا ما عملنا على تكريسه في الهيئة السابقة ونعمل على تعزيزه في المدة النيابية القادمة بما يجعل العمادة مؤسسة وطنية فاعلة وقوية. 

*هل تشاطر رأي بعض الجهات في تخوفها على الحريات والديمقراطية في هذه المرحلة التي ينفرد فيها رئيس الجمهورية بالحكم؟

لا أعتقد أن هناك مساسا بالحريات أو خوفا على الديمقراطية في تونس اليوم، لأن عمادة المحامين تعتبر ذلك من مهامها ولم نلاحظ تهديدا أو خطورة في الأمر. فحرية التعبير مضمونة في الإعلام وهذا مكسب هام يجب عدم التفريط فيه. فالأمن مهم والقضاء هام ولكن الحريات أهم.

 لذا فمراجعة بعض الأحكام التي ظلت من السبعينات إلى اليوم لم تتم مراجعتها أو تغييرها لأنها لم تعد تتماشى مع دستور لا 2014 ولا دستور 2022. لكن للأسف الحكومات المتعاقبة لم تقم بإصلاح القوانين وتقديم تشريعات جديدة ذلك لم تول الأهمية اللازمة فكان أن نسجل محاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية. فنحن لسنا ضد المحاسبة ولكن نؤمن بقرينة البراءة ومع احترام ضمانات الدفاع.

*البعض يعتبر أن المحكمة الدستورية في السياق السياسي الحالي غير مجد، كيف ترى ذلك؟

هام جدا أن نعطي أهمية للمحكمة الدستورية لدورها في تحقيق المعدلة السياسية المطلوبة وسنقوم بدورنا كاملا في هذا الجانب بما يخدم مصلحة المواطن والدولة على حد السواء.

*المحاماة ليست محاكم ومقاضاة ودفاعا فقط، فهل ستكون للعمادة أدوار أخرى لاسيما في ظل الوضع الراهن الصعب وانسداد الآفاق السياسية؟

صحيح نحن مؤسسة اقتصادية لصيقة بهموم الواقع المعاش ومشاغل المواطن ولنا مجلس اقتصادي يتولى تقديم تصورات لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية.  لذلك أستغرب استنكار البعض ترؤس عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية. لأن دور المحامي اقتصادي واستشارته للتوقي من النزاعات بتوفير محامي مستشار وجوبي لكل مؤسسة اقتصادية. وما يميزنا عن بقية القطاعات أننا نؤمن بتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة القطاعية. نؤمن بدور المؤسسات والمفروض الحكومة تقوم بدورها الإصلاحي في التنمية وضمان الأمن الغذائي والصحي والاجتماعي وإذا احتاجنا الوطن فلن نتخلف عن الموعد كقوة اقتراح وسلطة مجتمع مدني لأن غايتنا المصلحة العليا.

 *قلت في حديثك إن المجلة الجزائية متخلفة لماذا؟

صحيح ليس فيها توازن للنيابة العمومية والدفاع دون وجود محام وجوبي، زمن قضائي طويل وغيرها من الجزئيات الأخرى لذلك يجب أن تكون هناك رقابة على القوانين لضمان الحرية. وللأسف إلى حد الآن الاحتفاظ يتم من طرف الباحث الابتدائي بمجرد هاتف مع وكيل الجمهورية أو النيابة العمومية يتم إيقاف الشخص. فنحن اليوم في حاجة إلى مجلة جزائية جديدة.

* في تقديرك ماهو سبب فشل كل مبادرات الإصلاح والعودة إلى النقطة الصفر في كل مرحلة سياسية جديدة؟

أعتقد أن الإصلاحات المهنية لا يجب إن تكون بعقلية مهنية مقيتة نعتبر الإصلاحات فيها مصلحة للمحامي والمواطن المتقاضي لأنه من غير المعقول أن يكون للغني محام والفقير لا في عقوبات سالبة للحرية لمدة خمس سنوات.

اقترحنا تطوير عمل المحامين والقضاة والأمنيين بتطوير تجهيزات وآليات البحث وتكريس ثقافة الحريات لكن ذلك لم يتم. لأن ذلك من أهم ما نسعى لتداركه في المستقبل.

*  تركز البرنامج الإصلاحي الذي قدمته على الحقوق الاجتماعية للمحامين والدفاع عن الخط المهني، كيف سيكون ذلك؟

أعترف أن أهم ما في البرنامج الذي اقترحته هو تدعيم ثقة المحامين في هياكلهم وذلك من خلال ثلاث نقاط أساسية تتمثل الأولى في ضمان استقلالية القرار المهني ويكون دائما يراعي مصلحة الوطن والمهنة والمسالة الثانية في حسن التصرف المالي والحوكمة على غرار ما تم في الهيئة السابقة في علاقة بأموال المحامين في الهيئة والصناديق، والثالثة بالعمل على تحقيق الوعود والإصلاحات التي قدمناها. ونحن وبعد أن منحنا الصندوق ثقة زملائنا على رأس الهيئة سنعمل على تعزيز الثقة بالعمل والإنجاز لتحقيق ثلاث ملفات هامة أولها المهنية بإصدار مشروع  القانون الأساسي للمهنة بعد عرضه على المحامين لمناقشته ليكون يستجيب لنضالات مهنة متطورة وعصرية. والثانية تتمثل في وضع صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين وتحسين الخدمات وتحسين الموارد وحسن التصرف المالية أما الثالثة فتتمثل في الرقمنة لتطوير آليات عمل المحامي. والأخيرة تتمثل في التشريعات الجديدة ومجلة القانون الإداري والتشاركية وذلك بتشريكنا في إصلاح جميع القوانين المتعلقة بالقضاء وما هو اجتماعي واقتصادي.

* هل سيكون الأمر نفسه بالنسبة للمحامين الشبان؟

سنولي المحامين الشبان أهمية قصوى في برنامجنا الإصلاحي هذا لأنهم مستقبل المحاماة. ولا أذيع سرا إذا قلت إن أوضاع هؤلاء صعبة لأن الدولة لا تهتم بهم ولا يتمتعون بحوافز أو تشجيعات من الدولة رغم أن القطاع يستقبل سنويا عددا كبيرا من خريجي كليات الحقوق بما يجعل القطاع الوحيد المفتوح للتشغيل سنويا عكس بقية القطاعات التي لا يزال باب الانتداب فيها مغلقا. لذلك سنقدم مقترحات لتحفيز الشبان على الحصول على قروض ميسرة والتمتع بإعفاءات جبائية في سنة أولى تمرين والتمتع بالتكتل في شركات مهنية بما يساهم في تطوير المعارف وتكثيف الجهود لمجابهة المنافسة الداخلية والخارجية.

*هل تعني أن الهدف من ذلك لم شمل المحاماة وتوحيد صف جمعية المحامين الشبان والعمادة بعد التباعد والانقسام الذي ميز القطاع في السنوات الأخيرة؟

نحن في العمادة نحترم جميع الزملاء واستقلالية قرار جمعية المحامين الشبان وكل العمداء السابقين. نحن نتعاون معها وسندعم موقفها. والعمادة اليوم ستعمل على لم شمل المحامين والعمداء لكن تبقى المهن يمثلها عميدها ومجلس هيئتها المنتخبون ولنا مؤسسات استشارية في المهنة نرجع لها بالنظر. فالاختلاف وارد لأن المناخ الديمقراطي هو السائد في هياكل المهنة.

وأعترف أنه رغم صعوبة الوضع الاجتماعي والسياسي سننجح في لم شمل المحاماة وتحقيق مكتسبات المهنة والإصلاحات والقيام بدورنا. لأن قيمة المحاماة من قيمة المصلحة الوطنية. وسنكون إيجابيين في تعاطينا مع الوضع والقضايا لدعم الديمقراطية والعمل على تكريسها على أرض الواقع.

*العميد الجديد بماذا تعد المحامين ومرفق العدالة؟

أعد المحامين بالعمل ثم العمل والإنجاز من أجل مهنة متماسكة وقوية وإعلاء شان المحاماة ومكانة اعتبارية للمحامين حتى يكون لنا مجلس مهني قوي يدافع عن المهنة ويعبر عن أفكاره بحرية واستقلالية والعمل على تحقيق الوعود الانتخابية التي قدمتها لتغيير واقع المحاماة نحو الأفضل.

كما اعد بتحمل هذه الأمانة بكل مسؤولية حتى اترك بعدي أثرا طيبا في ذاكرة المحامين. أما بالنسبة لمرفق العدالة فسنقدم تصوراتنا الإصلاحية للمرفق ككل وللمجلس الأعلى للقضاء الجديد فيه المكونات المطلوبة والضمانات القانونية للمتقاضين وللقضاة بما يضمن استقلالية هذا القطاع. ومثلما أسلفت الذكر للمحاماة تصورات إصلاحية تشمل المنظومة والأسرة القضائية بإصلاح تشريعاتها وفي المقابل أن يقع التفاعل الإيجابي من طرف سلطة الإشراف.

العميد حاتم المزيو لـ"الصباح": المحاماة عانت من "التسييس".. والمجلة الجزائية متخلفة

تونس – الصباح

 وعود إصلاحية اجتماعية ومهنية وقطاعية عديدة تلك التي قدمها العميد الجديد للمحامين حاتم المزيو في برنامجه الانتخابي والتي رجحت كفة الصندوق لصالحه في الانتخابات الأخيرة للمحامين، وهي نقاط اعتبرها العميد مفصلية في المسار الإصلاحي للمحاماة داخليا وفي مساعي إعادة الهيئة الوطنية للمحامين إلى مصاف أدوارها الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والمدنية لاسيما في هذه المرحلة بما يجعل من العمادة هيكلا وطنيا يعنى بأهداف شاملة وطنية وقطاعية على حد السواء.

عميد المحامين المنتخب حديثا تحدث لـ"الصباح" عن سياسة الهيئة الجديدة وآليات تعزيز ثقة المحامي في العمادة وتطوير المهنة ودور الهيئة في إصلاح مرفق العدالة ككل. كما تطرق إلى أزمة القضاء وموقف العمادة من تغييب المحامين عن المحكمة الدستورية والمجلس الأعلى للقضاء وتداعيات تسييس القضاء والمحاماة على مرفق العدالة، كما تطرق إلى مسائل أخرى في الحوار التالي:

                          حاورته نزيهة الغضباني

*المحاماة كانت من بين القطاعات التي عرفت تسييسا في العشرية الماضية، إلى أي مدى أثر ذلك على القطاع؟

المحاماة كانت دائما لصيقة بهموم ومشاغل الشعب والسياسة والشأن العام. والعمادة هي منظمة وطنية كبرى وإحدى ركائز النضال الوطني منذ أكثر من 120 سنة. ويكفي أن أذكر أنها قامت بدور وطني ونضالي قبل الاستقلال وفي الحركة الوطنية، وساهمت في بناء الدولة الوطنية وفي الدفاع عن الحقوق والحريات وتصدت لمختلف أشكال الاستبداد ولعبت دورا رياديا في ثورة الحرية والكرامة بتأطير التحركات والمظاهرات. ولم يتوقف الأمر عند ذلك بل اضطلعت بدور كبير في عملية الانتقال الديمقراطي وشاركت في تجنيب البلاد الفوضى وحرب أهلية سنة 2013 من خلال دورها في الحوار الوطني إلى جانب شركائنا من المنظمات الثلاث الأخرى وتحصلنا معها على جائزة نوبل للسلام. 

لذلك طبيعي جدا أن تكون للمحاماة تمثيلية سياسية ولكن يجب أن تبقى هياكل المهنة بمنأى عن التسييس والتوظيف الحزبي والسياسي لأن المحاماة قدرها أن تكون مهنة حرة مستقلة وقرارها سياسي. ففي العشرية الماضية نجحت المنظومة السياسية الحاكمة في فرض منطق المغالبة والمنفعية وكانت نتائج سياسة وخيارات هذه الأحزاب أن أدت إلى تردي الواقع الاقتصادي والاجتماعي وتكرر الأزمات وتدهور الأوضاع مما أثر على الوضع المعيشي الذي تمر به بلادنا اليوم.

*ولكن "التسييس" كان له دور حدوث انقسامات داخل هذا القطاع، أليس كذلك؟

لا أنكر أنه في فترات ما عانى هذا الهيكل من التسييس. وهو ما كان له تأثير سلبي على المناخ العام للمهنة وذلك بعد أن تم في فترة ما تسييس المهنة وأصبحت قريبة من الأحزاب الحاكمة أو غيرها من الأحزاب المكونة لمنظومة الحكم فأصبحت المهنة قريبة من أحزاب سياسية ووقع توظيفها سياسيا. ولكن أعترف أنه منذ الدورة الانتخابية الماضية رجعت المحاماة للجادة ولسالف عهدها ودورها المستقل والمحايد بعد النجاح في تنقية الأجواء. فلم نعد صوتا للأحزاب السياسية.

* تحدثت عن دور الرباعي الراعي للحوار الوطني، ما هو تفسيرك للفتور بين هذه المنظمات الوطنية المسجل اليوم؟

 أرى أن هناك مبالغة في تفسير المسألة بالفتور، لأني أؤمن بدور المؤسسات في الدولة ودور المجتمع المدني أيضا وهذا تقريبا أبرز ما تحقق من دستور 2014  ولكن لكل هيكل توجهه واستقلال قراره وأدوار واهتمامته في علاقة بمنظوريه ومصالحهم سواء تعلق الأمر بالاتحاد العام التونسي للشغل أو الاتحاد التونسي للتجارة والصناعات التقليدية كما هو الشأن النسبة للرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان. فعمادة المحامين منفتحة على كل المنظمات والهياكل الوطنية والمدنية ومؤسسات الدولة.

*هل تعني أن العمادة اليوم ستواصل نفس سياسة عمادة بودربالة خاصة أنك كنت جزءا فاعلا فيها؟

نحاول اليوم أن نرجع الدور الأساسي لمهنة المحاماة في دفاعها عن الحقوق والحريات واستقلال القرار والسيادة الوطنية في دولة مدنية وفي نظام ديمقراطي يسوده القانون ويقاوم الفساد وكل أشكال العنف. فليس بالضرورة أن نكون امتدادا لسياسة الهيئة السابقة، فنحن نبني على الإيجابي ونصلح كل ما نراه يستدعي الإصلاح والمراجعة. وأعترف أن هناك إيجابيات في الهيئة السابقة لعل أبرزها بالأساس المواقف الوطنية والمهنية الصحيحة فيما يتعلق بمصلحة المهنة والوطن في نفس الوقت. فنحن ضد الإضرابات القطاعية العشوائية وضد الاعتداء على المحامين ونرفض توظيفه لأي مصلحة.

ودافعنا على مجلس أعلى للقضاء مستقل حقيقة وليس تابعا لأي كان، وتولينا تقييم المجلس الأعلى السابق لا يعني أننا راضين على عمل المجلس الأعلى المؤقت للقضاء ثم أننا نطالب بتشاركية أكثر والاستماع إلى رأي المحاماة وتشريكها فيما يتعلق بمرفق العدالة بشكل عام وذلك بالتعاون مع وزارة العدل ونحن مستعدون لذلك.

 *ما هو موقفكم من غياب المحاماة عن تركيبة المجلس الأعلى المؤقت للقضاء والمحكمة الدستورية في شكلها الذي أعلن عنه رئيس الجمهورية؟

أعتقد أن ذلك من النقائص الكبيرة في هذه المؤسسات والمرافق العامة لأن المجلس الأعلى للقضاء ليس خاصا بالقضاة دون سواهم وكذلك الأمر بالنسبة للمحكمة الدستورية. في تقديري يجب أن تكون هناك تمثيلية للمحاماة والمجتمع المدني. فهذه المؤسسات والهياكل تستوجب توفر تشاركية شاملة وكاملة وتكون مناصفة بين القضاة والمحامين إلى جانب تمثيلية الأساتذة الجامعيين المختصين في القانون وممثلي المجتمع المدني في مختلف الاختصاصات وهو ما سنعمل عليه.

*هل تعني أن العمادة سيكون لها تحركات في هذا السياق؟

نعم سنشتغل على هذا الجانب في هيئتنا الجديدة وستكون هذه المسألة من بين أبرز نقاط برنامج عملنا وتحديا هاما خلال المدة النيابية هذه. صحيح أننا نرفض تسييس القضاء لكن يمكن إيجاد معايير وضوابط لتكون تركيبة هذه الهياكل متكاملة وتكون المحاماة طرفا فاعلا فيها.

*بِمَ تفسر أزمة القضاء اليوم ومعركة الاستقلالية والتسييس؟

الكل يعلم أن هناك أزمة في القضاء، والدليل أن المجلس الأعلى المؤقت الذي تم تنصيبه بعد حل المجلس الأعلى لم يتمكن من القيام بدوره وعجز على إصدار الحركة القضائية إلى حد الآن. في تقديري وجود المحامين والجامعيين في تركيبة المجلس ضمانة لعدم تغليب المنطق القطاعي للقضاء ثم من قال إن القضاة المتقاعدين في تركيبة هذه الهياكل غير مسيسين. فالمشكل يكمن في المرسوم المنظم لعمله. لأن ضمان استقلالية القضاء يجعل منها مؤسسة حقيقية فيها ضمانات للقضاة وفيها سعي للمحاسبة وتتبع للفساد وكل الأخطاء المسجلة في جميع مكونات المنظومة القضائية مع احترام الآجال القانونية وحقوق الدفاع وقرينة البراءة.

لأن المنطق القطاعي غالب وإلى حد الآن لم يتم فتح ملفات الفساد والملفات التأديبية ضد كل من ارتكب جرما ماليا أو سياسيا إضافة إلى ملفات الاغتيالات والإرهاب.

*ما هو تقييمك للمجلس الأعلى المؤقت إلى حد الآن؟

كان بالإمكان أفضل مما هو موجود. لأن تواجد المحامين في تركيبته ضمان استقلالية العدالة. لكن بعد صدور الدستور الجديد 2022 نجد غيابا تاما للمحامين في المجلس والمحكمة وبقية مكونات الأسرة القضائية بالصفة والأقدمية مع احترامنا الأطراف الموجودة لتكريس قضاء مستقل.

*كيف تفسر عدم القدرة على معالجة الأزمة التي يعيشها القضاء اليوم؟

أعتقد أن أزمة القضاء ليست مستجدة. لأنه منذ الاستقلال لم تول الدولة التونسية اهتماما بهذا المرفق والدليل أن ميزانية وزارة العدل تعد الأضعف ولا تتجاوز 1% من ميزانية الدولة. فالعدالة ظروفها صعبة اليوم تعاني نقصا في الإطار البشري والتجهيزات فضلا عما تتميز به من زمن قضائي طويل. لذلك أعتبرها عدالة متخلفة مقارنة بما هو موجود في دول الجوار والبلدان المتقدمة. وهذا يؤثر على مناخ الاستثمار في البلاد وهو "ما زاد الطين بلة". لأن هناك فسادا وملفات وشكايات ضد بعض القضاة لم يتم البت والنظر فيها من قبل  المجلس الأعلى للقضاء. فلم يقم القضاة بالدور المناط بعدتهم في المحاسبة وتنقية القطاع من الفساد. فرئيس الجمهورية في قرار الإعفاء الذي أصدره في جوان الماضي برر ذلك بتأخير المجلس الأعلى السابق للقضاء وأيضا المؤقت في القيام بالإجراءات اللازمة. وسبق أن قدمت الهيئة الوطنية للمحامين مقترحات ومشاريع للإصلاح قانون وتشريعات العدالة ولكن المجلس الأعلى للقضاء لم يأخذ ذلك بعين الاعتبار.

*هل تعتبر أن "التسييس" والتوظيف الحزبي للقضاء هو من أسباب عدم فتح عديد الملفات الحارقة؟

أنا مع فتح جميع ملفات الفساد والعمادة ستعمل على فتح 3 أو 4 ملفات حارقة في السنوات الثلاث القادمة من بينها كشف حقيقة الاغتيالات السياسية وتحديدا ملف زميلنا الشهيد شكري بلعيد ومحمد البراهمي وملف العمليات الإرهابية التي أودت بحياة عدد من أبناء المؤسستين العسكرية والأمنية. هذا موقف مبدئي نابع من ثوابت المهنة والدفاع عن الحقوق والحريات وفي نفس الوقت على دولة يسودها القانون والمحاسبة وتكريس ثقافة عدم الإفلات من العقاب.

*تقلدت عدة مسؤوليات جهوية وهيكلية في هياكل قطاعية خلال مسيرتك، هل تعتبر التجربة مهمة في مثل هذه المهام؟

التجربة مهمة في مسار الهياكل المهنية والقطاعية. رغم أنه لا مقارنة بين تجربة وأخرى وأعتقد أن عمادة للمحامين هي أهمها نظرا للمهم المنوطة بها قطاعيا ومدنيا واجتماعيا وسياسيا.

*كيف تقيم مشاركة الهيئة الوطنية للمحامين في الحوار الوطني وصياغة الدستور الجديد؟

صحيح أن العمادة شاركت في الحوار الوطني وصياغة الدستور رغم الجدل الكبير الذي رافق العمليتين، ولكن لم نكن راضين تمام الرضا لأننا كنا نريد أن تكون هناك تشاركية حقيقية. وكل التقدير والاحترام لرئيس الجمهورية فقبل تسلمه مقاليد الحكم بشكل ديمقراطي تقبل تصوراتنا وما قدمناه بكل جدية واستقلالية لما فيه مصلحة للدولة.

*قلت إن عمادة المحامين قدرها أن تكون قريبة من السياسي فما هي قراءتكم للوضع اليوم في علاقة بالقانون الانتخابي؟

 دستور 2014 انبثق عنه قانون انتخابي تسبب في تشتت الأصوات وقدم مجلس نواب مشتت. ونحن مع مراجعة ذلك القانون حتى لا نسقط في نفس الأخطاء التي قادت الوضع إلى الوضع ليكون متردي على النحو الذي نحن عليه اليوم. لكن العمادة ستقدم قراءتها موقفها من القانون الانتخابي الجديد وذلك بعد القيام بتصورات تشريعية وهيكلية لإصلاح وضع القضاء.

*ولكن من بين النقاط الأساسية لبرنامجك هو النأي بالمحاماة عن الاصطفاف السياسي، كيف سيكون ذلك؟

نعم يجب أن تكون هيئة المحامين بعيدة عن أي اصطفاف سياسي وهذا ما عملنا على تكريسه في الهيئة السابقة ونعمل على تعزيزه في المدة النيابية القادمة بما يجعل العمادة مؤسسة وطنية فاعلة وقوية. 

*هل تشاطر رأي بعض الجهات في تخوفها على الحريات والديمقراطية في هذه المرحلة التي ينفرد فيها رئيس الجمهورية بالحكم؟

لا أعتقد أن هناك مساسا بالحريات أو خوفا على الديمقراطية في تونس اليوم، لأن عمادة المحامين تعتبر ذلك من مهامها ولم نلاحظ تهديدا أو خطورة في الأمر. فحرية التعبير مضمونة في الإعلام وهذا مكسب هام يجب عدم التفريط فيه. فالأمن مهم والقضاء هام ولكن الحريات أهم.

 لذا فمراجعة بعض الأحكام التي ظلت من السبعينات إلى اليوم لم تتم مراجعتها أو تغييرها لأنها لم تعد تتماشى مع دستور لا 2014 ولا دستور 2022. لكن للأسف الحكومات المتعاقبة لم تقم بإصلاح القوانين وتقديم تشريعات جديدة ذلك لم تول الأهمية اللازمة فكان أن نسجل محاكمة مدنيين أمام المحاكم العسكرية. فنحن لسنا ضد المحاسبة ولكن نؤمن بقرينة البراءة ومع احترام ضمانات الدفاع.

*البعض يعتبر أن المحكمة الدستورية في السياق السياسي الحالي غير مجد، كيف ترى ذلك؟

هام جدا أن نعطي أهمية للمحكمة الدستورية لدورها في تحقيق المعدلة السياسية المطلوبة وسنقوم بدورنا كاملا في هذا الجانب بما يخدم مصلحة المواطن والدولة على حد السواء.

*المحاماة ليست محاكم ومقاضاة ودفاعا فقط، فهل ستكون للعمادة أدوار أخرى لاسيما في ظل الوضع الراهن الصعب وانسداد الآفاق السياسية؟

صحيح نحن مؤسسة اقتصادية لصيقة بهموم الواقع المعاش ومشاغل المواطن ولنا مجلس اقتصادي يتولى تقديم تصورات لإيجاد حلول للأزمة الاقتصادية والاجتماعية.  لذلك أستغرب استنكار البعض ترؤس عميد المحامين السابق إبراهيم بودربالة اللجنة الاستشارية للشؤون الاقتصادية والاجتماعية. لأن دور المحامي اقتصادي واستشارته للتوقي من النزاعات بتوفير محامي مستشار وجوبي لكل مؤسسة اقتصادية. وما يميزنا عن بقية القطاعات أننا نؤمن بتغليب المصلحة الوطنية على المصلحة القطاعية. نؤمن بدور المؤسسات والمفروض الحكومة تقوم بدورها الإصلاحي في التنمية وضمان الأمن الغذائي والصحي والاجتماعي وإذا احتاجنا الوطن فلن نتخلف عن الموعد كقوة اقتراح وسلطة مجتمع مدني لأن غايتنا المصلحة العليا.

 *قلت في حديثك إن المجلة الجزائية متخلفة لماذا؟

صحيح ليس فيها توازن للنيابة العمومية والدفاع دون وجود محام وجوبي، زمن قضائي طويل وغيرها من الجزئيات الأخرى لذلك يجب أن تكون هناك رقابة على القوانين لضمان الحرية. وللأسف إلى حد الآن الاحتفاظ يتم من طرف الباحث الابتدائي بمجرد هاتف مع وكيل الجمهورية أو النيابة العمومية يتم إيقاف الشخص. فنحن اليوم في حاجة إلى مجلة جزائية جديدة.

* في تقديرك ماهو سبب فشل كل مبادرات الإصلاح والعودة إلى النقطة الصفر في كل مرحلة سياسية جديدة؟

أعتقد أن الإصلاحات المهنية لا يجب إن تكون بعقلية مهنية مقيتة نعتبر الإصلاحات فيها مصلحة للمحامي والمواطن المتقاضي لأنه من غير المعقول أن يكون للغني محام والفقير لا في عقوبات سالبة للحرية لمدة خمس سنوات.

اقترحنا تطوير عمل المحامين والقضاة والأمنيين بتطوير تجهيزات وآليات البحث وتكريس ثقافة الحريات لكن ذلك لم يتم. لأن ذلك من أهم ما نسعى لتداركه في المستقبل.

*  تركز البرنامج الإصلاحي الذي قدمته على الحقوق الاجتماعية للمحامين والدفاع عن الخط المهني، كيف سيكون ذلك؟

أعترف أن أهم ما في البرنامج الذي اقترحته هو تدعيم ثقة المحامين في هياكلهم وذلك من خلال ثلاث نقاط أساسية تتمثل الأولى في ضمان استقلالية القرار المهني ويكون دائما يراعي مصلحة الوطن والمهنة والمسالة الثانية في حسن التصرف المالي والحوكمة على غرار ما تم في الهيئة السابقة في علاقة بأموال المحامين في الهيئة والصناديق، والثالثة بالعمل على تحقيق الوعود والإصلاحات التي قدمناها. ونحن وبعد أن منحنا الصندوق ثقة زملائنا على رأس الهيئة سنعمل على تعزيز الثقة بالعمل والإنجاز لتحقيق ثلاث ملفات هامة أولها المهنية بإصدار مشروع  القانون الأساسي للمهنة بعد عرضه على المحامين لمناقشته ليكون يستجيب لنضالات مهنة متطورة وعصرية. والثانية تتمثل في وضع صندوق الحيطة والتقاعد للمحامين وتحسين الخدمات وتحسين الموارد وحسن التصرف المالية أما الثالثة فتتمثل في الرقمنة لتطوير آليات عمل المحامي. والأخيرة تتمثل في التشريعات الجديدة ومجلة القانون الإداري والتشاركية وذلك بتشريكنا في إصلاح جميع القوانين المتعلقة بالقضاء وما هو اجتماعي واقتصادي.

* هل سيكون الأمر نفسه بالنسبة للمحامين الشبان؟

سنولي المحامين الشبان أهمية قصوى في برنامجنا الإصلاحي هذا لأنهم مستقبل المحاماة. ولا أذيع سرا إذا قلت إن أوضاع هؤلاء صعبة لأن الدولة لا تهتم بهم ولا يتمتعون بحوافز أو تشجيعات من الدولة رغم أن القطاع يستقبل سنويا عددا كبيرا من خريجي كليات الحقوق بما يجعل القطاع الوحيد المفتوح للتشغيل سنويا عكس بقية القطاعات التي لا يزال باب الانتداب فيها مغلقا. لذلك سنقدم مقترحات لتحفيز الشبان على الحصول على قروض ميسرة والتمتع بإعفاءات جبائية في سنة أولى تمرين والتمتع بالتكتل في شركات مهنية بما يساهم في تطوير المعارف وتكثيف الجهود لمجابهة المنافسة الداخلية والخارجية.

*هل تعني أن الهدف من ذلك لم شمل المحاماة وتوحيد صف جمعية المحامين الشبان والعمادة بعد التباعد والانقسام الذي ميز القطاع في السنوات الأخيرة؟

نحن في العمادة نحترم جميع الزملاء واستقلالية قرار جمعية المحامين الشبان وكل العمداء السابقين. نحن نتعاون معها وسندعم موقفها. والعمادة اليوم ستعمل على لم شمل المحامين والعمداء لكن تبقى المهن يمثلها عميدها ومجلس هيئتها المنتخبون ولنا مؤسسات استشارية في المهنة نرجع لها بالنظر. فالاختلاف وارد لأن المناخ الديمقراطي هو السائد في هياكل المهنة.

وأعترف أنه رغم صعوبة الوضع الاجتماعي والسياسي سننجح في لم شمل المحاماة وتحقيق مكتسبات المهنة والإصلاحات والقيام بدورنا. لأن قيمة المحاماة من قيمة المصلحة الوطنية. وسنكون إيجابيين في تعاطينا مع الوضع والقضايا لدعم الديمقراطية والعمل على تكريسها على أرض الواقع.

*العميد الجديد بماذا تعد المحامين ومرفق العدالة؟

أعد المحامين بالعمل ثم العمل والإنجاز من أجل مهنة متماسكة وقوية وإعلاء شان المحاماة ومكانة اعتبارية للمحامين حتى يكون لنا مجلس مهني قوي يدافع عن المهنة ويعبر عن أفكاره بحرية واستقلالية والعمل على تحقيق الوعود الانتخابية التي قدمتها لتغيير واقع المحاماة نحو الأفضل.

كما اعد بتحمل هذه الأمانة بكل مسؤولية حتى اترك بعدي أثرا طيبا في ذاكرة المحامين. أما بالنسبة لمرفق العدالة فسنقدم تصوراتنا الإصلاحية للمرفق ككل وللمجلس الأعلى للقضاء الجديد فيه المكونات المطلوبة والضمانات القانونية للمتقاضين وللقضاة بما يضمن استقلالية هذا القطاع. ومثلما أسلفت الذكر للمحاماة تصورات إصلاحية تشمل المنظومة والأسرة القضائية بإصلاح تشريعاتها وفي المقابل أن يقع التفاعل الإيجابي من طرف سلطة الإشراف.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews