إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مآس إنسانية وأرقام مفزعة.. شبابنا من "التسفير" إلى "التهجير"

تونس-الصباح

ربما لن يروق للبعض التشبيه بين ما يسجل اليوم من أرقام مفزعة في موضوع الحرقة وقوارب الموت وما حدث سابقا في علاقة بموضوع التسفير إلى بؤر التوتر. لكن بقراءة موضوعية بعيدا عن كل الحسابات السياسية والإيديولوجية وغيرها فإن الأمر يتعلق بوجهين لعملة واحدة على الأقل من زاوية أن شبابنا هو من يدفع فاتورة "التسفير"، مرة، و"التهجير" مرات ومرات .

لنتفق أن ما يحدث اليوم من هجمة على الانخراط في عمليات الحرقة وبالنظر إلى الدوافع كما يقدمها أهل الاختصاص لا سيما تلك المتعلقة بفقدان الأمل وضيق الأفق الجاثم على البلاد منذ فترة وتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، يمكن أن يجعل من الانخراط في عمليات الهجرة غير النظامية "تهجيرا قسريا" يدفع له الشباب بتواطؤ وصمت مريب من السلطة ومن المجتمع ككل.

تماما كما كان يغرر بالشباب ويدفع إلى السفر إلى بقاع التوتر للمشاركة في عمليات إرهابية وذلك بتواطؤ وصمت رسمي وإلى اليوم تثار قضايا بهذا الخصوص وتجرى تحقيقات (على غرار إيقاف محمد فريخة صاحب شركة طيران متهمة بالتورط في نقل الشباب التونسي إلى بؤر التوتر).

ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب فإن عدد التونسيين في بؤر التوتر بلغ حوالي ثلاثة آلاف غرر بهم للسفر وقتل البعض وعاد آخرون.

واليوم في علاقة بملف الهجرة عير النظامية يتواصل التغرير بالشباب من قبل المشرفين على عمليات الحرقة والأعداد في ارتفاع متواصل فيكون مصير البعض الموت وأعداد كبيرة تتم إعادة ترحيلها من جديد إلى تونس.

لنتفق أيضا أن الحديث عن مظاهر جديدة للهجرة التي  أصبحنا بموجبها نتحدث عن حرقة "عائلية" أو حرقة كل الفئات العمرية والفئات الاجتماعية، لا يجب أن يحجب حقيقة أن أغلب المنخرطين في الهجرة غير النظامية هم الشباب.

كما يعد الشباب أيضا أكثر ضحايا الغرق المسجلة في حوض البحر المتوسط وقد سجلت في الآونة الأخيرة جملة من المآسي الإنسانية في ظل تسجيل حالات حرقة لشباب أحياء بأكملها وقد يعودون جميعا في توابيت إلى حيهم وأمهاتهم.

أرقام مفزعة

مع ذلك يتواصل يوميا عدد علميات الحرقة.. بين علميات يتم إحباطها وأخرى تغرق في عرض البحر وآخرون يتمكنون من الوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط لكنهم قد يواجهون مصيرا مجهولا أو معاملات لا إنسانية.

فقد أكد أمس حسام الدين الجبابلي الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني أن وحدات تابعة للأقاليم البحرية للحرس الوطني بالوسط والساحل والجنوب والشمال تمكنت ليلة أول أمس من إحباط 34 محاولة لاجتياز الحدود البحرية خلسة وإنقاذ 554 شخصا .

من جهته أكد النائب بالبرلمان المنحل عن دائرة إيطاليا والناشط الحقوقي مجدي الكرباعي أول أمس أن "أرقام الهجرة غير النظامية خلال الفترة الأخيرة باتت مفزعة جدًا مقابل صمت حكومي".

وفي ما يتعلق بالهجرة غير النظامية عبر ما يعرف بـ"طريق البلقان"، قال مجدي الكرباعي: "باتصالي بمنظمات حقوقية، تم إعلامي بأن التونسيين يأتون بأعداد كبيرة لكن يتم التعامل معهم بطريقة غير إنسانية".

بدوره أعلن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنه سجل وصول أكثر من 13500 مهاجر غير نظامي تونسي إلى السواحل الإيطالية منذ بداية سنة 2022 يتوزعون بين أكثر من 2600 قاصر وحوالي 640 امرأة مع تقديرات بهجرة أكثر من 500 عائلة.

كما أكد المنتدى أن السلطات التونسية منعت أكثر من 23500 مهاجر غير نظامي من الوصول إلى السواحل الإيطالية من خلال إحباط أكثر من 1800 عملية اجتياز منذ بداية السنة الحالية.

مآس إنسانية

وتحدث الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكلف بملف الهجرة رمضان بن عمر أمس في تصريحات إعلامية بمناسبة انعقاد ندوة صحفية في الغرض أن "هذه الموجة الهجرية قد خلفت مأساة إنسانية حيث تم تسجيل أكثر من 570 ضحية ومفقود على السواحل التونسية وهذا الرقم يمثل نصف المفقودين والضحايا في البحر الأبيض المتوسط الأوسط وثلث الضحايا في كل البحر الأبيض المتوسط".

وانتقد بن عمر الاقتصار على المواجهة الأمنية لمعضلة الحرقة قائلا إنها ربما "نجحت في منع العديد من الوصول لكنها لم تحل دون ارتفاع عدد الواصلين إلى إيطاليا وعدد حالات الغرق على طول السواحل التونسية التي تحولت إلى مآتم للعديد من العائلات دون أي تفاعل رسمي وصمت سياسي واضح تجاه هذه الأزمة "

وحول دوافع الانخراط الكبير في موجة الهجرة غير النظامية اعتبر رمضان بن عمر أن "العامل السياسي لم يرسي مناخ تفاؤل بالمستقبل وخلق حالة من انعدام الثقة والإحباط الجماعي إزاء المسار السياسي في البلاد".

تداعيات الأزمة

مضيفا في تصريح إذاعي "أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يهم الفئات الأكثر هشاشة التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا ساهم في ارتفاع موجهة الهجرة غير النظامية مضيفا بأن هذه الفئات الهشة ستتأثر أكثر فأكثر في صورة الذهاب نحو الخيارات التي يشترطها صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق مع الحكومة التونسية".

وشدد  المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على ضرورة "وضع خطة وطنية للبحث والإنقاذ على طول السواحل التونسية بهدف التقليل من عدد المفقودين والضحايا ووضع إطار قانوني خاص بالمفقودين في البحر ووقف عمليات الترحيل القسري فورا وإيقاف مسارات التعاون غير العادلة مع دول الإتحاد الأوروبي وفتح مجالات الهجرة النظامية وضرورة إطلاق الدولة لخطة عملية واسعة لتسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على الأراضي التونسية بما يمكن من حمايتهم من شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر".

من جهتها حملت حركة عازمون في  بيان أول أمس أن "منظومة الحكم الحالية المسؤولية كاملة على أرواح مئات المفقودين، بتعميقها الشعور باليأس والتهميش، ومواصلتها لسياسات الإحباط والخوف من المستقبل، ومستنكرة حالة اللامبالاة التامة التي تميّز تعاملها مع هذه الكوارث اليومية"، وفق تعبيرها.

ودعت "عازمون" رئاسة الجمهورية وحكومتها إلى تشكيل خلية أزمة للإحاطة بعائلات الضحايا ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر ومحاسبة كل المتورطين فيها.

م.ي

مآس إنسانية وأرقام مفزعة.. شبابنا من "التسفير" إلى "التهجير"

تونس-الصباح

ربما لن يروق للبعض التشبيه بين ما يسجل اليوم من أرقام مفزعة في موضوع الحرقة وقوارب الموت وما حدث سابقا في علاقة بموضوع التسفير إلى بؤر التوتر. لكن بقراءة موضوعية بعيدا عن كل الحسابات السياسية والإيديولوجية وغيرها فإن الأمر يتعلق بوجهين لعملة واحدة على الأقل من زاوية أن شبابنا هو من يدفع فاتورة "التسفير"، مرة، و"التهجير" مرات ومرات .

لنتفق أن ما يحدث اليوم من هجمة على الانخراط في عمليات الحرقة وبالنظر إلى الدوافع كما يقدمها أهل الاختصاص لا سيما تلك المتعلقة بفقدان الأمل وضيق الأفق الجاثم على البلاد منذ فترة وتفاقم الأزمات السياسية والاجتماعية والاقتصادية، يمكن أن يجعل من الانخراط في عمليات الهجرة غير النظامية "تهجيرا قسريا" يدفع له الشباب بتواطؤ وصمت مريب من السلطة ومن المجتمع ككل.

تماما كما كان يغرر بالشباب ويدفع إلى السفر إلى بقاع التوتر للمشاركة في عمليات إرهابية وذلك بتواطؤ وصمت رسمي وإلى اليوم تثار قضايا بهذا الخصوص وتجرى تحقيقات (على غرار إيقاف محمد فريخة صاحب شركة طيران متهمة بالتورط في نقل الشباب التونسي إلى بؤر التوتر).

ووفق اللجنة التونسية لمكافحة الإرهاب فإن عدد التونسيين في بؤر التوتر بلغ حوالي ثلاثة آلاف غرر بهم للسفر وقتل البعض وعاد آخرون.

واليوم في علاقة بملف الهجرة عير النظامية يتواصل التغرير بالشباب من قبل المشرفين على عمليات الحرقة والأعداد في ارتفاع متواصل فيكون مصير البعض الموت وأعداد كبيرة تتم إعادة ترحيلها من جديد إلى تونس.

لنتفق أيضا أن الحديث عن مظاهر جديدة للهجرة التي  أصبحنا بموجبها نتحدث عن حرقة "عائلية" أو حرقة كل الفئات العمرية والفئات الاجتماعية، لا يجب أن يحجب حقيقة أن أغلب المنخرطين في الهجرة غير النظامية هم الشباب.

كما يعد الشباب أيضا أكثر ضحايا الغرق المسجلة في حوض البحر المتوسط وقد سجلت في الآونة الأخيرة جملة من المآسي الإنسانية في ظل تسجيل حالات حرقة لشباب أحياء بأكملها وقد يعودون جميعا في توابيت إلى حيهم وأمهاتهم.

أرقام مفزعة

مع ذلك يتواصل يوميا عدد علميات الحرقة.. بين علميات يتم إحباطها وأخرى تغرق في عرض البحر وآخرون يتمكنون من الوصول إلى الضفة الأخرى من المتوسط لكنهم قد يواجهون مصيرا مجهولا أو معاملات لا إنسانية.

فقد أكد أمس حسام الدين الجبابلي الناطق الرسمي باسم الحرس الوطني أن وحدات تابعة للأقاليم البحرية للحرس الوطني بالوسط والساحل والجنوب والشمال تمكنت ليلة أول أمس من إحباط 34 محاولة لاجتياز الحدود البحرية خلسة وإنقاذ 554 شخصا .

من جهته أكد النائب بالبرلمان المنحل عن دائرة إيطاليا والناشط الحقوقي مجدي الكرباعي أول أمس أن "أرقام الهجرة غير النظامية خلال الفترة الأخيرة باتت مفزعة جدًا مقابل صمت حكومي".

وفي ما يتعلق بالهجرة غير النظامية عبر ما يعرف بـ"طريق البلقان"، قال مجدي الكرباعي: "باتصالي بمنظمات حقوقية، تم إعلامي بأن التونسيين يأتون بأعداد كبيرة لكن يتم التعامل معهم بطريقة غير إنسانية".

بدوره أعلن المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أنه سجل وصول أكثر من 13500 مهاجر غير نظامي تونسي إلى السواحل الإيطالية منذ بداية سنة 2022 يتوزعون بين أكثر من 2600 قاصر وحوالي 640 امرأة مع تقديرات بهجرة أكثر من 500 عائلة.

كما أكد المنتدى أن السلطات التونسية منعت أكثر من 23500 مهاجر غير نظامي من الوصول إلى السواحل الإيطالية من خلال إحباط أكثر من 1800 عملية اجتياز منذ بداية السنة الحالية.

مآس إنسانية

وتحدث الناطق باسم المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية المكلف بملف الهجرة رمضان بن عمر أمس في تصريحات إعلامية بمناسبة انعقاد ندوة صحفية في الغرض أن "هذه الموجة الهجرية قد خلفت مأساة إنسانية حيث تم تسجيل أكثر من 570 ضحية ومفقود على السواحل التونسية وهذا الرقم يمثل نصف المفقودين والضحايا في البحر الأبيض المتوسط الأوسط وثلث الضحايا في كل البحر الأبيض المتوسط".

وانتقد بن عمر الاقتصار على المواجهة الأمنية لمعضلة الحرقة قائلا إنها ربما "نجحت في منع العديد من الوصول لكنها لم تحل دون ارتفاع عدد الواصلين إلى إيطاليا وعدد حالات الغرق على طول السواحل التونسية التي تحولت إلى مآتم للعديد من العائلات دون أي تفاعل رسمي وصمت سياسي واضح تجاه هذه الأزمة "

وحول دوافع الانخراط الكبير في موجة الهجرة غير النظامية اعتبر رمضان بن عمر أن "العامل السياسي لم يرسي مناخ تفاؤل بالمستقبل وخلق حالة من انعدام الثقة والإحباط الجماعي إزاء المسار السياسي في البلاد".

تداعيات الأزمة

مضيفا في تصريح إذاعي "أن الوضع الاقتصادي والاجتماعي الذي يهم الفئات الأكثر هشاشة التي تأثرت بالأزمة الاقتصادية وتداعيات جائحة كورونا ساهم في ارتفاع موجهة الهجرة غير النظامية مضيفا بأن هذه الفئات الهشة ستتأثر أكثر فأكثر في صورة الذهاب نحو الخيارات التي يشترطها صندوق النقد الدولي للوصول إلى اتفاق مع الحكومة التونسية".

وشدد  المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية على ضرورة "وضع خطة وطنية للبحث والإنقاذ على طول السواحل التونسية بهدف التقليل من عدد المفقودين والضحايا ووضع إطار قانوني خاص بالمفقودين في البحر ووقف عمليات الترحيل القسري فورا وإيقاف مسارات التعاون غير العادلة مع دول الإتحاد الأوروبي وفتح مجالات الهجرة النظامية وضرورة إطلاق الدولة لخطة عملية واسعة لتسوية وضعية المهاجرين غير النظاميين المتواجدين على الأراضي التونسية بما يمكن من حمايتهم من شبكات تهريب المهاجرين والاتجار بالبشر".

من جهتها حملت حركة عازمون في  بيان أول أمس أن "منظومة الحكم الحالية المسؤولية كاملة على أرواح مئات المفقودين، بتعميقها الشعور باليأس والتهميش، ومواصلتها لسياسات الإحباط والخوف من المستقبل، ومستنكرة حالة اللامبالاة التامة التي تميّز تعاملها مع هذه الكوارث اليومية"، وفق تعبيرها.

ودعت "عازمون" رئاسة الجمهورية وحكومتها إلى تشكيل خلية أزمة للإحاطة بعائلات الضحايا ومحاربة شبكات الاتجار بالبشر ومحاسبة كل المتورطين فيها.

م.ي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews