إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

من الخاسر الأكبر؟.. التلميذ والولي في مرمى معركة نقابات التعليم والوزارة

• رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم لـ"الصباح": التهديد بحجب الأعداد خيانة لتضحيات الأولياء وضرب لحماس المتعلّمات والمتعلّمين

تونس – الصباح

ليس وحده غلاء أسعار اللوازم المدرسية ومعاناة عديد الأولياء في توفير حاجيات أبنائهم قد "نغصّ" العودة المدرسية التي ستنطلق رسميا الخميس المقبل 15 سبتمبر 2022 والتي يعتبرها جل التونسيين يوما استثنائيا ومناسبة سعيدة، لتعكر مرة أخرى التهديدات النقابية بحجب الأعداد فرحة التلاميذ وعائلاتهم بعودتهم المدرسية.

اضطراب مسبوق لعودة مدرسة وتصدير لازمة بين نقابات التعليم وسلطة الإشراف ممثلة في وزارة التربية إلى الأولياء وأبنائهم.. ودائما نفس المعركة التي ساهمت بشكل أو بآخر في تدمير المنظومة التعليمية برمتها ودفعت بعديد الأولياء إلى البحث عن "تعليم بديل" وهو الخاص.

معركة نقابات التعليم ووزراء التربية المتعاقبون لم تهدأ يوما منذ سنوات في المقابل، فان التلاميذ دائما هم حطب هذه المعركة، غير أن السؤال الذي يطرح لماذا تخير هذه النقابات التصعيد والذهاب إلى أقصى الخيارات بينما يوجد أمامها طريق التفاوض والنقاش حل اسلم وأصلح للجميع؟

 وتبقى مخاوف انطلاق سنة دراسية مضطربة قائمة بعد أن أقرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي تنفيذ وقفة احتجاجية بساعة واحدة من الساعة 10 إلى 11 من صباح يوم 15 سبتمبر الجاري بكافة المؤسسات التربوية العمومية، مهددة بحجب أعداد الثلاثي الأول عن الإدارة إذا لم تفتح وزارة التربية مفاوضات معها أو في حال فشل المفاوضات.

كما أفادت الجامعة في نص اللّائحة المهنيّة للهيئة الإداريّة القطاعية للتّعليم الثّانوي المنعقدة يوم 1 سبتمبر 2022 أن تنفيذ هذه الوقفة سيتم احتجاجا على إحالة أساتذة من المدرسة الإعدادية بالحاجب في ولاية صفاقس على مجلس التأديب وتنديدا بما وصفته ضربا للعمل النقابي، منتقدة ممارسة وزارة التربية في حق المديرين والنظار المقاطعين للدورة التكوينية.

وقد طالبت الجامعة العامة للتعليم الثانوي بمضاعفة المنحة الخصوصية ومضاعفة القيمة المالية للترقيات ومضاعفة منحة العودة المدرسية وتعميمها على النظار والمدرسين والقطع النهائي مع جميع أشكال التشغيل الهش عبر تسوية الوضعية المهنية للأساتذة النواب وانتدابهم عبر دفعات، كما شددت على أن وضعية المدرسين متردية بسبب تدهور قدرتهم الشرائية وتدهور وضعية المنظومة التربوية واستشراء أشكال العمل الهش لسد النقص الفادح في الموارد البشرية وحرمان الأساتذة النواب من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وفقا لنص اللائحة المهنية للهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي.

عقم الأشكال النضالية

من وجهة نظر رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم سيلم قاسم "فإنّ التّهديد بحجب الأعداد قبل انطلاق السّنة الدّراسيّة، والأولياءُ يتكبّدون من التّضحيات الماديّة ولم تعد لهم طاقة على تحمّله، والمدرسة تجاهد من أجل أن ترمّم ما تداعى من صورتها وأن تحفظ ما تبقّى من مشروعيّتها، وفي ظلّ منظومة ربطت مصيرها منذ سنوات بإجراء الامتحانات وإسناد الأعداد، هو خيانة لتضحيات الأولياء وضرب لحماس المتعلّمات والمتعلّمين وسير حثيث نحو مزيد إفقاد الفعل التّربويّ كلّ معناه".

وقال قاسم "في الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم نرجو من الإخوة في المنظّمة الشّغيلة أن يتخلّوا عن هذه الأشكال النّضاليّة التي أثبتت التّجارب عقمها وفشلها وآثارها بالغة السّلبيّة، وأن يؤسّسوا لتجربة تشاركيّة حقيقيّة تقطع مع الانفراد بالرّأي والقرار، وتستفيد ممّا يزخر به القطاع التّربويّ من طاقات حقيقيّة قادرة على تقديم بديل ناضج وناجح وفعّال، يتمّ طرحه على سلطة الإشراف والتّنسيق، والنّضال في سبيل تبنّيه وتطبيقه، فهذا هو السّبيل الأوحد من أجل أن تسترجع منظومة تعليمنا العموميّ عافيتها وفاعليّتها، وأن تستأنف دورها التّعليميّ والاجتماعيّ والحضاريّ لما فيه خير الجميع".

وعن المنظومة التعليمية وواقع المدرسة التونسية أفاد قاسم قائلا لـ"الصباح"، "لا نبالغ في شيء اليوم إن قلنا إنّ المدرسة العموميّة التّونسيّة هي ذلك "الرّجل المريض" الذي يلتف الكثيرون حوله، ولكنّهم إمّا من المتفرّجين الذين لا حول لهم ولا قوّة، أو من الساعين دون تبّصّر إلى إنقاذه، فلا تزيده محاولاتهم إلاّ سقما، أو من المتربّصين الذين يتحيّنون كلّ فرصة لجمع المنافع وتحقيق المكاسب، وإن كان ثمن ذلك التّسريع بانحداره نحو الهلاك، كما أن المدرسة التّونسيّة، مدرسة الجمهوريّة وبناء الدّولة الحديثة، تخوض اليوم معركتها المصيريّة وحيدة أو تكاد، حيث لم يبق لها من حلفاء سوى أولياء مازالوا يؤمنون بها ويراهنون على دورها ويبذلون أعظم التّضحيات في سبيل تعليم أبنائهم في رحابها، ومربّين أكفّاء شرفاء مناضلين بأتمّ ما تحمله الكلمة من معاني الرّقيّ ونكران الذّات، يؤدّون رسالتهم بصمت وإصرار، بعد أن خابت آمالهم على مرّ السّنين وضاعت آمالهم بين وزارة بات همّها الوحيد وشغلها الشّاغل أن توفّر مدرّسا لكلّ تلميذ، دون إقامة أيّ اعتبار لمعايير الجودة ورفعة الأداء، وبين هياكل تمثّلهم، صارت في السّنوات الأخيرة ساحة للحسابات وصراع الأشخاص والأقطاب والمصالح.

وحسب محدثنا "فإنّ كلّ صوت يرتفع اليوم داعيا إلى إعادة بناء المنظومة التّربويّة على أسس موضوعيّة ومعايير سليمة، وكلّ صوت ينادي بشدّ أزر المدرّسين مادّيّا بعد أن عصفت بهم الأزمات وألقتهم على أبواب الفاقة، لا يمكن إلاّ أن يكون صوتا مسموعا ومشروعا أمام كلّ المخاطر الماثلة، أمّا أن تتحوّل هذه المطالب الملحّة والمتأكّدة فضلا عن كونها مشروعة إلى دعوات لمزيد إضعاف المدرسة العموميّة وتعميق جروحها النّازفة وإضعاف من تبقّى من حلفائها بل وتأليبهم عليها، فهو أمر مرفوض جذريّا لأنّها محاولة غير أخلاقيّة للإجهاز على منظومة أكّد مسؤولها الأوّل علنا، وهو محقّ تماما في ذلك، أنها منظومة تحتضر وتشرف على نهايتها".

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

من الخاسر الأكبر؟.. التلميذ والولي في مرمى معركة نقابات التعليم والوزارة

• رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم لـ"الصباح": التهديد بحجب الأعداد خيانة لتضحيات الأولياء وضرب لحماس المتعلّمات والمتعلّمين

تونس – الصباح

ليس وحده غلاء أسعار اللوازم المدرسية ومعاناة عديد الأولياء في توفير حاجيات أبنائهم قد "نغصّ" العودة المدرسية التي ستنطلق رسميا الخميس المقبل 15 سبتمبر 2022 والتي يعتبرها جل التونسيين يوما استثنائيا ومناسبة سعيدة، لتعكر مرة أخرى التهديدات النقابية بحجب الأعداد فرحة التلاميذ وعائلاتهم بعودتهم المدرسية.

اضطراب مسبوق لعودة مدرسة وتصدير لازمة بين نقابات التعليم وسلطة الإشراف ممثلة في وزارة التربية إلى الأولياء وأبنائهم.. ودائما نفس المعركة التي ساهمت بشكل أو بآخر في تدمير المنظومة التعليمية برمتها ودفعت بعديد الأولياء إلى البحث عن "تعليم بديل" وهو الخاص.

معركة نقابات التعليم ووزراء التربية المتعاقبون لم تهدأ يوما منذ سنوات في المقابل، فان التلاميذ دائما هم حطب هذه المعركة، غير أن السؤال الذي يطرح لماذا تخير هذه النقابات التصعيد والذهاب إلى أقصى الخيارات بينما يوجد أمامها طريق التفاوض والنقاش حل اسلم وأصلح للجميع؟

 وتبقى مخاوف انطلاق سنة دراسية مضطربة قائمة بعد أن أقرت الجامعة العامة للتعليم الثانوي تنفيذ وقفة احتجاجية بساعة واحدة من الساعة 10 إلى 11 من صباح يوم 15 سبتمبر الجاري بكافة المؤسسات التربوية العمومية، مهددة بحجب أعداد الثلاثي الأول عن الإدارة إذا لم تفتح وزارة التربية مفاوضات معها أو في حال فشل المفاوضات.

كما أفادت الجامعة في نص اللّائحة المهنيّة للهيئة الإداريّة القطاعية للتّعليم الثّانوي المنعقدة يوم 1 سبتمبر 2022 أن تنفيذ هذه الوقفة سيتم احتجاجا على إحالة أساتذة من المدرسة الإعدادية بالحاجب في ولاية صفاقس على مجلس التأديب وتنديدا بما وصفته ضربا للعمل النقابي، منتقدة ممارسة وزارة التربية في حق المديرين والنظار المقاطعين للدورة التكوينية.

وقد طالبت الجامعة العامة للتعليم الثانوي بمضاعفة المنحة الخصوصية ومضاعفة القيمة المالية للترقيات ومضاعفة منحة العودة المدرسية وتعميمها على النظار والمدرسين والقطع النهائي مع جميع أشكال التشغيل الهش عبر تسوية الوضعية المهنية للأساتذة النواب وانتدابهم عبر دفعات، كما شددت على أن وضعية المدرسين متردية بسبب تدهور قدرتهم الشرائية وتدهور وضعية المنظومة التربوية واستشراء أشكال العمل الهش لسد النقص الفادح في الموارد البشرية وحرمان الأساتذة النواب من حقوقهم الاقتصادية والاجتماعية وفقا لنص اللائحة المهنية للهيئة الإدارية القطاعية للتعليم الثانوي.

عقم الأشكال النضالية

من وجهة نظر رئيس الجمعية التونسية لجودة التعليم سيلم قاسم "فإنّ التّهديد بحجب الأعداد قبل انطلاق السّنة الدّراسيّة، والأولياءُ يتكبّدون من التّضحيات الماديّة ولم تعد لهم طاقة على تحمّله، والمدرسة تجاهد من أجل أن ترمّم ما تداعى من صورتها وأن تحفظ ما تبقّى من مشروعيّتها، وفي ظلّ منظومة ربطت مصيرها منذ سنوات بإجراء الامتحانات وإسناد الأعداد، هو خيانة لتضحيات الأولياء وضرب لحماس المتعلّمات والمتعلّمين وسير حثيث نحو مزيد إفقاد الفعل التّربويّ كلّ معناه".

وقال قاسم "في الجمعيّة التّونسيّة لجودة التّعليم نرجو من الإخوة في المنظّمة الشّغيلة أن يتخلّوا عن هذه الأشكال النّضاليّة التي أثبتت التّجارب عقمها وفشلها وآثارها بالغة السّلبيّة، وأن يؤسّسوا لتجربة تشاركيّة حقيقيّة تقطع مع الانفراد بالرّأي والقرار، وتستفيد ممّا يزخر به القطاع التّربويّ من طاقات حقيقيّة قادرة على تقديم بديل ناضج وناجح وفعّال، يتمّ طرحه على سلطة الإشراف والتّنسيق، والنّضال في سبيل تبنّيه وتطبيقه، فهذا هو السّبيل الأوحد من أجل أن تسترجع منظومة تعليمنا العموميّ عافيتها وفاعليّتها، وأن تستأنف دورها التّعليميّ والاجتماعيّ والحضاريّ لما فيه خير الجميع".

وعن المنظومة التعليمية وواقع المدرسة التونسية أفاد قاسم قائلا لـ"الصباح"، "لا نبالغ في شيء اليوم إن قلنا إنّ المدرسة العموميّة التّونسيّة هي ذلك "الرّجل المريض" الذي يلتف الكثيرون حوله، ولكنّهم إمّا من المتفرّجين الذين لا حول لهم ولا قوّة، أو من الساعين دون تبّصّر إلى إنقاذه، فلا تزيده محاولاتهم إلاّ سقما، أو من المتربّصين الذين يتحيّنون كلّ فرصة لجمع المنافع وتحقيق المكاسب، وإن كان ثمن ذلك التّسريع بانحداره نحو الهلاك، كما أن المدرسة التّونسيّة، مدرسة الجمهوريّة وبناء الدّولة الحديثة، تخوض اليوم معركتها المصيريّة وحيدة أو تكاد، حيث لم يبق لها من حلفاء سوى أولياء مازالوا يؤمنون بها ويراهنون على دورها ويبذلون أعظم التّضحيات في سبيل تعليم أبنائهم في رحابها، ومربّين أكفّاء شرفاء مناضلين بأتمّ ما تحمله الكلمة من معاني الرّقيّ ونكران الذّات، يؤدّون رسالتهم بصمت وإصرار، بعد أن خابت آمالهم على مرّ السّنين وضاعت آمالهم بين وزارة بات همّها الوحيد وشغلها الشّاغل أن توفّر مدرّسا لكلّ تلميذ، دون إقامة أيّ اعتبار لمعايير الجودة ورفعة الأداء، وبين هياكل تمثّلهم، صارت في السّنوات الأخيرة ساحة للحسابات وصراع الأشخاص والأقطاب والمصالح.

وحسب محدثنا "فإنّ كلّ صوت يرتفع اليوم داعيا إلى إعادة بناء المنظومة التّربويّة على أسس موضوعيّة ومعايير سليمة، وكلّ صوت ينادي بشدّ أزر المدرّسين مادّيّا بعد أن عصفت بهم الأزمات وألقتهم على أبواب الفاقة، لا يمكن إلاّ أن يكون صوتا مسموعا ومشروعا أمام كلّ المخاطر الماثلة، أمّا أن تتحوّل هذه المطالب الملحّة والمتأكّدة فضلا عن كونها مشروعة إلى دعوات لمزيد إضعاف المدرسة العموميّة وتعميق جروحها النّازفة وإضعاف من تبقّى من حلفائها بل وتأليبهم عليها، فهو أمر مرفوض جذريّا لأنّها محاولة غير أخلاقيّة للإجهاز على منظومة أكّد مسؤولها الأوّل علنا، وهو محقّ تماما في ذلك، أنها منظومة تحتضر وتشرف على نهايتها".

جهاد الكلبوسي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews