إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تواتر الرسائل والدعوات لرئيس الجمهورية.. لا لمجرد الشعارات.. نعم لمعالجة الملفات

 

 

تونس – الصباح

 تواتر الرسائل والبيانات والمطالب والدعوات الموجهة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذه الفترة للتحرك استباقيا لوضع حد لحالة النزيف والاحتقان الشاملة التي يعيشها الشارع التونسي بسبب تفاقم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية خاصة أنها تتزامن مع الاستعداد للموسم الدراسي والجامعي الجديد ما أصبح يشكله من "كابوس" على أغلب العائلات التونسية، فضلا عن تخوف الجميع من تداعيات هذه الأوضاع على السلم الاجتماعية لاسيما أن عديد المعطيات والمؤشرات باتت تنذر بخريف ساخن اجتماعيا على جميع المستويات.

في المقابل يتواصل "صمت" رئاسة الجمهورية باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة عن الدولة اليوم، في ظل غياب قرارات حاسمة أو مبادرات عملية لمعالجة وإصلاح الوضع خاصة أن الدستور الجديد يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة تشريعيا وتنفيذيا.

يأتي ذلك بعد موجة من الانتقادات التي ما انفكت توجهها جهات سياسية وحزبية إضافة إلى صيحات الفزع والمقترحات الصادرة عن خبراء ومختصين في عدة مجالات اقتصادية ومالية تم تقديمها في سياق بعث رسائل إنذار وتنبيه وتحذير لخطورة الوضع ومحاولات البعض تقديم مقترحات حلول للخروج من الأزمات غير المسبوقة التي تمر بها بلادنا، خاصة أمام تراكم وتداخل جملة من العوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى تردي الوضع على النحو الذي هو عليه اليوم.

ولعل ما ساهم في توسع دائرة الاحتقان والتوتر اكتفاء رئيس الجمهورية بما يتم نشره على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية من أخبار حول استقبال سعيد لرئيسة الحكومة نجلاء بودن أو غيرها من وزراء حكومتها وغيرهم واقتصار دوره على التعبير عن حالة القلق والتأكيد على إلمامه بما يجري في تونس وإعلان أن اللقاء سعيد برئيسة الحكومة أو غيرها تناول الوضع العام في البلاد أو الدعوة إلى ضرورة التصدي للترفيع في الأسعار أو الدعوة إلى التصدي للاحتكار والعمل على ضخ وتزويد السوق بما يحتاجه المواطن من مواد أساسية، وذلك في تفاعله مع تشكيات المواطنين من افتقاد السوق لأبرز ما يحتاجه المواطن من مواد استهلاكية ضرورية وصيحات الفزع حول الارتفاع الصاروخي في الأسعار بشكل متواتر وتداعيات ذلك على الترفيع في قيمة التضخم. فلم تكن مواقف الجهات الرسمية تلك كافية لإقناع الرأي العام بوجود سياسية رسمية جدية تعمل على ضمان العيش الكريم للمواطن وتراعي وتسهر على تحقيق مطالبه واحتياجاته الضرورية للعيش والحد من حالة الضغط والمعاناة التي يعيشها في هذه الفترة تحديدا.

 لأن الوضع اليوم لم يعد يحتمل السكوت أو التأخر في إيجاد الحلول والبرامج الكفيلة بالحد من الصعوبات والمعاناة والضغوط التي تكبل الموطن بل هناك حاجة وضرورة ملحة إلى حلول جذرية للمعاناة المتكررة لاسيما أمام الوعود التي قطعها سعيد منذ اعتلائه كرسي رئاسة الجمهورية وتعلق همة عدد كبير من التونسيين بشخصه وبما تعهد به من تمش يقطع مع آليات السياسة والتسيير السابقة التي عرفتها بلادنا في العشرية التي سبقت عهده. فظلت ملفات "المحاسبة" والقضاء على الفساد والإصلاح ومراجعة بعض التشريعات والمنظومات مجرد شعارات بعد حوالي ثلاث سنوات من انتخابات 2019، وبعد أكثر من عام من تغيير رئيس الجمهورية موازين القوى واللعبة السياسية في 25 جويلية 2021، لتتضاعف بذلك معاناة المواطنين بعد تأكيد عديد الجهات على انتشار الفساد لينخر مؤسسات الدولة بشكل غير مسبوق مقابل عجز سلطة الإشراف على التصدي له.

 وكان لزيارته أول أمس إلى مدينة "عوسجة" ببنزرت ولقائه مع عدد من الفلاحين الذين يبيعون منتوجاتهم بأسعار تغطي كلفة الإنتاج ولا وجه للمقارنة بينها وبين الأسعار المعمول بها في عدد من الأسواق التونسية، إضافة إلى زيارته في نفس اليوم إلى وزارة التجارة وتنمية الصادرات والبنك الوطني الفلاحي وتشديده على ضرورة أن يتحمل كل طرف مسؤولياته كاملة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس، لم تكن كافية لتغيير الوضع والحد من وضع الأزمات وحالة الاحتقان.

  فالرسائل والدعوات الموجهة تباعا إلى رئيس الجمهورية والمنددة بخطورة الوضع والمعبرة عن الخوف من تداعياته الخطيرة لم تكن من معارضي سياسة سعيد فحسب بل شملت أنصاره وأتباعه ومسانديه بدرجة أولى من أحزاب سياسية ومنظمات وشخصيات سياسية وغيرها. فلم يعد هؤلاء ليكتفوا بالتحرك وتدوين الدعوات والانتقادات وتقديم المقترحات على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بل اختار البعض الآخر المرور إلى التحركات وبعث الرسائل والدعوات ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام أملا في تفاعل سريع وعملي يجنب المواطنين عناء الصعوبات الناجمة عن غلاء المعيشة والارتفاع المسجل في الأسعار بشكل لافت وعدم توفر البعض الآخر سواء تعلق الأمر بالأدوية أو الخضر والغلال واللحوم والأدوات المدرسية وغيرها.

ليساهم هذا الصمت وغياب الحلول الجذرية في تنشيط الأخبار المغرضة وفتح المجال للإشاعات بما يعزز المخاوف ويدفع لمزيد التوتر والاحتقان. وهو ما شكل عاملا قويا لدفع أعداد كبيرة من المواطنين وأغلبهم من الشباب لركوب قوارب الموت واختيار الهجرة غير الشرعية بحثا عن أمل جديد في وضع وواقع أفضل خارج الديار التونسية.

نزيهة الغضباني

 

 

 

تواتر الرسائل والدعوات لرئيس الجمهورية.. لا لمجرد الشعارات.. نعم لمعالجة الملفات

 

 

تونس – الصباح

 تواتر الرسائل والبيانات والمطالب والدعوات الموجهة إلى رئيس الجمهورية قيس سعيد في هذه الفترة للتحرك استباقيا لوضع حد لحالة النزيف والاحتقان الشاملة التي يعيشها الشارع التونسي بسبب تفاقم الصعوبات الاجتماعية والاقتصادية خاصة أنها تتزامن مع الاستعداد للموسم الدراسي والجامعي الجديد ما أصبح يشكله من "كابوس" على أغلب العائلات التونسية، فضلا عن تخوف الجميع من تداعيات هذه الأوضاع على السلم الاجتماعية لاسيما أن عديد المعطيات والمؤشرات باتت تنذر بخريف ساخن اجتماعيا على جميع المستويات.

في المقابل يتواصل "صمت" رئاسة الجمهورية باعتبارها الجهة الرسمية المسؤولة عن الدولة اليوم، في ظل غياب قرارات حاسمة أو مبادرات عملية لمعالجة وإصلاح الوضع خاصة أن الدستور الجديد يمنح رئيس الجمهورية صلاحيات واسعة تشريعيا وتنفيذيا.

يأتي ذلك بعد موجة من الانتقادات التي ما انفكت توجهها جهات سياسية وحزبية إضافة إلى صيحات الفزع والمقترحات الصادرة عن خبراء ومختصين في عدة مجالات اقتصادية ومالية تم تقديمها في سياق بعث رسائل إنذار وتنبيه وتحذير لخطورة الوضع ومحاولات البعض تقديم مقترحات حلول للخروج من الأزمات غير المسبوقة التي تمر بها بلادنا، خاصة أمام تراكم وتداخل جملة من العوامل الداخلية والخارجية التي أدت إلى تردي الوضع على النحو الذي هو عليه اليوم.

ولعل ما ساهم في توسع دائرة الاحتقان والتوتر اكتفاء رئيس الجمهورية بما يتم نشره على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية من أخبار حول استقبال سعيد لرئيسة الحكومة نجلاء بودن أو غيرها من وزراء حكومتها وغيرهم واقتصار دوره على التعبير عن حالة القلق والتأكيد على إلمامه بما يجري في تونس وإعلان أن اللقاء سعيد برئيسة الحكومة أو غيرها تناول الوضع العام في البلاد أو الدعوة إلى ضرورة التصدي للترفيع في الأسعار أو الدعوة إلى التصدي للاحتكار والعمل على ضخ وتزويد السوق بما يحتاجه المواطن من مواد أساسية، وذلك في تفاعله مع تشكيات المواطنين من افتقاد السوق لأبرز ما يحتاجه المواطن من مواد استهلاكية ضرورية وصيحات الفزع حول الارتفاع الصاروخي في الأسعار بشكل متواتر وتداعيات ذلك على الترفيع في قيمة التضخم. فلم تكن مواقف الجهات الرسمية تلك كافية لإقناع الرأي العام بوجود سياسية رسمية جدية تعمل على ضمان العيش الكريم للمواطن وتراعي وتسهر على تحقيق مطالبه واحتياجاته الضرورية للعيش والحد من حالة الضغط والمعاناة التي يعيشها في هذه الفترة تحديدا.

 لأن الوضع اليوم لم يعد يحتمل السكوت أو التأخر في إيجاد الحلول والبرامج الكفيلة بالحد من الصعوبات والمعاناة والضغوط التي تكبل الموطن بل هناك حاجة وضرورة ملحة إلى حلول جذرية للمعاناة المتكررة لاسيما أمام الوعود التي قطعها سعيد منذ اعتلائه كرسي رئاسة الجمهورية وتعلق همة عدد كبير من التونسيين بشخصه وبما تعهد به من تمش يقطع مع آليات السياسة والتسيير السابقة التي عرفتها بلادنا في العشرية التي سبقت عهده. فظلت ملفات "المحاسبة" والقضاء على الفساد والإصلاح ومراجعة بعض التشريعات والمنظومات مجرد شعارات بعد حوالي ثلاث سنوات من انتخابات 2019، وبعد أكثر من عام من تغيير رئيس الجمهورية موازين القوى واللعبة السياسية في 25 جويلية 2021، لتتضاعف بذلك معاناة المواطنين بعد تأكيد عديد الجهات على انتشار الفساد لينخر مؤسسات الدولة بشكل غير مسبوق مقابل عجز سلطة الإشراف على التصدي له.

 وكان لزيارته أول أمس إلى مدينة "عوسجة" ببنزرت ولقائه مع عدد من الفلاحين الذين يبيعون منتوجاتهم بأسعار تغطي كلفة الإنتاج ولا وجه للمقارنة بينها وبين الأسعار المعمول بها في عدد من الأسواق التونسية، إضافة إلى زيارته في نفس اليوم إلى وزارة التجارة وتنمية الصادرات والبنك الوطني الفلاحي وتشديده على ضرورة أن يتحمل كل طرف مسؤولياته كاملة في هذا الظرف الذي تعيشه تونس، لم تكن كافية لتغيير الوضع والحد من وضع الأزمات وحالة الاحتقان.

  فالرسائل والدعوات الموجهة تباعا إلى رئيس الجمهورية والمنددة بخطورة الوضع والمعبرة عن الخوف من تداعياته الخطيرة لم تكن من معارضي سياسة سعيد فحسب بل شملت أنصاره وأتباعه ومسانديه بدرجة أولى من أحزاب سياسية ومنظمات وشخصيات سياسية وغيرها. فلم يعد هؤلاء ليكتفوا بالتحرك وتدوين الدعوات والانتقادات وتقديم المقترحات على الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية بل اختار البعض الآخر المرور إلى التحركات وبعث الرسائل والدعوات ونشرها على شبكات التواصل الاجتماعي ومختلف وسائل الإعلام أملا في تفاعل سريع وعملي يجنب المواطنين عناء الصعوبات الناجمة عن غلاء المعيشة والارتفاع المسجل في الأسعار بشكل لافت وعدم توفر البعض الآخر سواء تعلق الأمر بالأدوية أو الخضر والغلال واللحوم والأدوات المدرسية وغيرها.

ليساهم هذا الصمت وغياب الحلول الجذرية في تنشيط الأخبار المغرضة وفتح المجال للإشاعات بما يعزز المخاوف ويدفع لمزيد التوتر والاحتقان. وهو ما شكل عاملا قويا لدفع أعداد كبيرة من المواطنين وأغلبهم من الشباب لركوب قوارب الموت واختيار الهجرة غير الشرعية بحثا عن أمل جديد في وضع وواقع أفضل خارج الديار التونسية.

نزيهة الغضباني

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews