إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

10 مليار دينار مأزق الحكومة لغلق ميزانية السنة الحالية

بقلم: نوفل سلامة

هل نحن في حاجة إلى ميزانية لتسيير شؤون البلاد؟ وما هي الجدوى من وجود ميزانية للدولة إذا كانت كل المعطيات والفرضيات التي بنيت عليها متغيرة وغير ثابتة ؟ وهل صحيح أن الحكومة تسير البلاد من دون ميزانية واضحة؟ هذه الأسئلة بدأت تطرح في الآونة الأخيرة و تأخذ حيزا من اهتمامات الناس والنقاش في الفضاء العام بعد أن مرت قرابة السنة والحكومة تسير البلاد بميزانية أعدت خارج أسوار برلمان الشعب ولم تأخذ حظها من النقاش العام كما هي عادة كل ميزانيات الدول المتقدمة والعصرية وبميزانية مقدرة بـ 57.2 مليار دينار كل فرضياتها التي بنيت عليها لم تعد صحيحة وإذا أردنا تخفيف العبارة قلنا فرضيات تغيرت بفعل جملة من العوامل منها تعثر اتفاق التمويلات الجديدة مع صندوق النقد الدولي والحصول على قرض مالي كان من المنتظر أن تحصل عليه تونس في شهر مارس المنقضي وكان سيوفر للدولة موارد مالية يخفف عنها ضائقتها واحراجاتها وكل اكراهاتها  ومنها ارتفاع سعر برميل النفط والغاز وسعر الحبوب والكثير من المواد الأولية والغذائية جراء اضطرابات السوق العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتراجع سعر الدينار مقارنة بالدولار وارتفاع نفقات الحكومة المتزايدة وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والموردة المرتبطة بالاضطرابات التي تشهدها حركة التزود في العالم وعدم قدرة الدولة على التحكم في الأسعار نتيجة خضوعها لقانون تحرير الأسعار وقاعدة العرض والطلب (73 بالمائة من السلع الاستهلاكية هي مواد حرة من الصعب تسقيف أسعارها) وهذا يعني أن ميزانية 2022 تم اعدادها بناء على أرقام ومعطيات لم تعد صالحة وتجاوزها الزمن واتضح مع الوقت أنها تغيرت ولم يعد من الممكن الاعتماد عليها  وهذا ما أدى إلى وجود خلل في الميزانية وثقب مالي مقدر بـ 10 مليار دينار وهو رقم يقول عنه الخبراء الاقتصاديون أنه غير واقعي وأن عجز الميزانية الحقيقي هو أكثر من ذلك في حدود 26 مليار دينار الدولة مطالبة بالبحث عن موارد مالية لتعبئة ميزانيتها وسد هذه الثغرة حتى تكمل السنة الحالية وتغلق ميزانيتها وهذا يحتاج الى اعداد ميزانية تكميلية تأخذ بعين الاعتبار كل هذه المتغيرات و الأمور الطارئة التي تسببت في ارباك الميزانية ولكن يبدو أن النية غير متجهة نحو هذا الحل لنجد أنفسنا أمام ميزانية غير مكتملة وأمام مشروع ميزانية جديد لسنة 2023 غير واضح خاصة فيما يتعلق بالموارد المالية الضرورية لتغطية العجز الحاصل في كل سنة الأمر الذي سوف يجعل الأزمة المالية مرشحة إلى مزيد التفاقم في غياب رؤية واضحة لطريقة توفير السيولة اللازمة لحل كل إشكالات العجز في الميزانية ومشكلة المديونية الداخلية والخارجية المتفاقمة .

المقلق أن يحصل الشعور بأن البلاد تعمل من دون ميزانية واضحة ومن دون ميزانية واقعية خاصة إذا علمنا أن الفرضيات التي اعتمت عليها حكومة السيدة نجلاء بودن لإعداد الميزانية قد تجاوزتها الأحداث ولم تعد صالحة بعد التقلبات التي شهدها العالم في أسعار أهم المواد الأساسية لعيش المواطن .. كما أن المقلق الآخر أن يصدق تخمين بعض الاقتصاديين الذي يرجعون عدم تحمس الحكومة إلى إعداد قانون مالية تكميلي يتم من خلاله تدارك النقص في موارد الميزانية إلى الخوف من التعرف على حقيقة الوضع الاقتصادي والكشف عن حقيقة العجز التجاري وحقيقة حجم الثغرة الحاصلة في ميزانية الدولة إذا ما قامت الحكومة بتعديل الفرضيات وتصحيح الميزانية.

ولكن إذا تجاوزنا هذه المخاوف المتعلقة بالصعوبة التي تعترض الحكومة في توفير الأموال اللازمة لغلق الميزانية الحالية وذهبنا إلى مناقشة ملامح الميزانية الجديدة للسنة المقبلة 2023 ونظرنا فيما تقترحه الحكومة من عناوين كبرى فإننا سوف نكون أمام وضعية صعبة للدولة ووضعية محرجة لميزانيتها في علاقة بالتوازنات المالية الواجب توفرها في ميزانية عقلانية خاصة وأن الميزانية بقدر ما تهم الدولة وصورتها فهي تهم بالأساس وفي المقام الأول المواطن ومؤسسات الدولة.

ما تبشر به حكومة السيدة نجلاء بودن من ملامح كبرى لميزانية السنة المقبلة مواصلة خدمة الدين وتسديد ما تخلد بذمة الدولة من ديون لدى الداخل والخارج والالتزام الصارم بالتحكم في كتلة الأجور الشرط الذي يطالب به صندوق النقد الدولي بما يعني التوقف عن الزيادة في أجور الموظفين التي يطالب بها الاتحاد العام التونسي للشغل لتعديل المقدرة الشرائية المتآكلة للمواطن والتي لم تعد قادرة على مجابهة مختلف أعباء العائلة التونسية بل لم تعد قادرة على الصمود لأكثر من نصف شهر ليجد المواطن بعدها نفسه في وضعية حرجة لتوفير الموارد المالية لإكمال ما تبقى من الشهر وحينما نتحدث عن الضغط في كتلة الأجور وترشيدها كما تقول الحكومة فإن هذا يقود بالضرورة إلى التوقف عن الانتدابات في الوظيفة العمومية والتوقف عن تعويض الشغورات الحاصلة و تعويض الموظفين المغادرين الى التقاعد والاكتفاء بالانتداب وفق الحاجيات المتأكدة والضرورية والتي تحظى بالأولية والمواصلة في سياسة التشجيع على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية .

من الملامح الأخرى لميزانية 2023 المواصلة في خيار رفع الدعم عن المواد الأساسية وخاصة رفعه عن استعمالات الطاقة من غاز وبنزين السيارات وهو إجراء له كلفته الاجتماعية في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها غالبية الشعب التونسي بمختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية في ظل أجور ورواتب للموظفين هي الأدنى في الوطن العربي وشمال إفريقيا مع سوريا ومصر اتضح أنها لا تلبي كل نفقات العائلة التونسية وهذا الواقع الاجتماعي يولد بالضرورة ضغطا نفسيا مع الإحساس بالقلق والخوف لدى المواطن إزاء وضعه اليومي و المستقبلي والتمسك بإصلاح المؤسسات العمومية التي تشكو صعوبات مالية وتتسبب في إرهاق ميزانية الدولة من خلال التدخل لضخ أموال مهمة لإنقاذها من الإفلاس وهي مسألة دقيقة تحتاج رؤية وإستراتيجية للحفاظ عليها لحاجة المجتمع لها والبحث عن مصادر تمويل جديدة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية التي لا تزال هي الأخرى تشكو صعوبات مالية هي من مخلفات حقبة حكم نظام بن علي وما رافقها من اخلالات ترتقي إلى مرتبة الفساد المالي ومخاطر في التسيير ومواصلة الإصلاح الجبائي والبحث عن مصادر مالية إضافية من خارج الاقتطاع من المورد الذي أثقل كاهل الموظف حيث اتضح أن ما يقارب 60 بالمائة من ميزانية الدولة متأتية من مساهمات الموظفين والأجراء وهي اقتطاعات من الأجر تعتبر الأعلى في ترتيب الضغط الجبائي في الوطن العربي حيث تعتبر تونس من بين خمس بلدان عربية تشهد ضغطا ضريبيا مرتفعا مع الجزائر والمغرب وموريتانيا وجيبوتي تجعل المواطن التونسي أسير الضرائب ومكبلا بالاقتطاعات المتزايدة من سنة إلى أخرى نتيجتها المباشرة المزيد من مصاعب العيش ومزيدا من تدهور الحالة النفسية. 

هل نحتاج إلى ميزانية سنوية لضبط موارد الدولة؟ وهل من الضروري أن تكون للدولة ميزانية واضحة ودقيقة لتسيير شؤون مواطنيها ومؤسساتها؟ أم أنه من الممكن أن نحكم وندير الشأن العام من دون حاجة إلى ميزانية تضبط المقابيض والمصاريف؟ هذا السؤال الذي بدأنا به مقالنا يبدو اليوم أنه لم يعد مهما مع المنظومة الحالية للحكم وفي ظل نظرية التأسيس الجديد والشعب يريد الذي تقوم على تأسيس فكر جديد يقطع مع المنظومات القديمة التي حكمت منذ الثورة وحتى قبلها ومن هذا الفكر الجديد مراجعة فكرة الميزانية والحاجة إليها وطريقة إعدادها والجهة التي تعدها وتصادق عليها بما يعني أننا اليوم أمام فكر جديد لتسيير الدولة ولكن المشكل الذي يعترضنا أنه من دون ميزانية للدولة تكون واضحة وعقلانية وواقعية لا يمكن أن نحكم ولا يمكن أن نراقب العمل الحكومي ولا يمكن مساءلة القائمين على الحكم ولا متابعة تعهداتهم تجاه الشعب ومتابعة مدى التزامهم بالإجراءات والأحكام التي أعلنوا عنها ولا يمكن الوقوف على حقيقة موارد الدولة ولا يمكن للمواطن دافع الضريبة أن يتبين إلى أين ذهبت أموال المجموعة الوطنية وأموال خزينة الدولة.     

 10 مليار دينار مأزق الحكومة لغلق ميزانية السنة الحالية

بقلم: نوفل سلامة

هل نحن في حاجة إلى ميزانية لتسيير شؤون البلاد؟ وما هي الجدوى من وجود ميزانية للدولة إذا كانت كل المعطيات والفرضيات التي بنيت عليها متغيرة وغير ثابتة ؟ وهل صحيح أن الحكومة تسير البلاد من دون ميزانية واضحة؟ هذه الأسئلة بدأت تطرح في الآونة الأخيرة و تأخذ حيزا من اهتمامات الناس والنقاش في الفضاء العام بعد أن مرت قرابة السنة والحكومة تسير البلاد بميزانية أعدت خارج أسوار برلمان الشعب ولم تأخذ حظها من النقاش العام كما هي عادة كل ميزانيات الدول المتقدمة والعصرية وبميزانية مقدرة بـ 57.2 مليار دينار كل فرضياتها التي بنيت عليها لم تعد صحيحة وإذا أردنا تخفيف العبارة قلنا فرضيات تغيرت بفعل جملة من العوامل منها تعثر اتفاق التمويلات الجديدة مع صندوق النقد الدولي والحصول على قرض مالي كان من المنتظر أن تحصل عليه تونس في شهر مارس المنقضي وكان سيوفر للدولة موارد مالية يخفف عنها ضائقتها واحراجاتها وكل اكراهاتها  ومنها ارتفاع سعر برميل النفط والغاز وسعر الحبوب والكثير من المواد الأولية والغذائية جراء اضطرابات السوق العالمية بسبب الحرب الروسية الأوكرانية وتراجع سعر الدينار مقارنة بالدولار وارتفاع نفقات الحكومة المتزايدة وارتفاع أسعار المواد الغذائية المحلية والموردة المرتبطة بالاضطرابات التي تشهدها حركة التزود في العالم وعدم قدرة الدولة على التحكم في الأسعار نتيجة خضوعها لقانون تحرير الأسعار وقاعدة العرض والطلب (73 بالمائة من السلع الاستهلاكية هي مواد حرة من الصعب تسقيف أسعارها) وهذا يعني أن ميزانية 2022 تم اعدادها بناء على أرقام ومعطيات لم تعد صالحة وتجاوزها الزمن واتضح مع الوقت أنها تغيرت ولم يعد من الممكن الاعتماد عليها  وهذا ما أدى إلى وجود خلل في الميزانية وثقب مالي مقدر بـ 10 مليار دينار وهو رقم يقول عنه الخبراء الاقتصاديون أنه غير واقعي وأن عجز الميزانية الحقيقي هو أكثر من ذلك في حدود 26 مليار دينار الدولة مطالبة بالبحث عن موارد مالية لتعبئة ميزانيتها وسد هذه الثغرة حتى تكمل السنة الحالية وتغلق ميزانيتها وهذا يحتاج الى اعداد ميزانية تكميلية تأخذ بعين الاعتبار كل هذه المتغيرات و الأمور الطارئة التي تسببت في ارباك الميزانية ولكن يبدو أن النية غير متجهة نحو هذا الحل لنجد أنفسنا أمام ميزانية غير مكتملة وأمام مشروع ميزانية جديد لسنة 2023 غير واضح خاصة فيما يتعلق بالموارد المالية الضرورية لتغطية العجز الحاصل في كل سنة الأمر الذي سوف يجعل الأزمة المالية مرشحة إلى مزيد التفاقم في غياب رؤية واضحة لطريقة توفير السيولة اللازمة لحل كل إشكالات العجز في الميزانية ومشكلة المديونية الداخلية والخارجية المتفاقمة .

المقلق أن يحصل الشعور بأن البلاد تعمل من دون ميزانية واضحة ومن دون ميزانية واقعية خاصة إذا علمنا أن الفرضيات التي اعتمت عليها حكومة السيدة نجلاء بودن لإعداد الميزانية قد تجاوزتها الأحداث ولم تعد صالحة بعد التقلبات التي شهدها العالم في أسعار أهم المواد الأساسية لعيش المواطن .. كما أن المقلق الآخر أن يصدق تخمين بعض الاقتصاديين الذي يرجعون عدم تحمس الحكومة إلى إعداد قانون مالية تكميلي يتم من خلاله تدارك النقص في موارد الميزانية إلى الخوف من التعرف على حقيقة الوضع الاقتصادي والكشف عن حقيقة العجز التجاري وحقيقة حجم الثغرة الحاصلة في ميزانية الدولة إذا ما قامت الحكومة بتعديل الفرضيات وتصحيح الميزانية.

ولكن إذا تجاوزنا هذه المخاوف المتعلقة بالصعوبة التي تعترض الحكومة في توفير الأموال اللازمة لغلق الميزانية الحالية وذهبنا إلى مناقشة ملامح الميزانية الجديدة للسنة المقبلة 2023 ونظرنا فيما تقترحه الحكومة من عناوين كبرى فإننا سوف نكون أمام وضعية صعبة للدولة ووضعية محرجة لميزانيتها في علاقة بالتوازنات المالية الواجب توفرها في ميزانية عقلانية خاصة وأن الميزانية بقدر ما تهم الدولة وصورتها فهي تهم بالأساس وفي المقام الأول المواطن ومؤسسات الدولة.

ما تبشر به حكومة السيدة نجلاء بودن من ملامح كبرى لميزانية السنة المقبلة مواصلة خدمة الدين وتسديد ما تخلد بذمة الدولة من ديون لدى الداخل والخارج والالتزام الصارم بالتحكم في كتلة الأجور الشرط الذي يطالب به صندوق النقد الدولي بما يعني التوقف عن الزيادة في أجور الموظفين التي يطالب بها الاتحاد العام التونسي للشغل لتعديل المقدرة الشرائية المتآكلة للمواطن والتي لم تعد قادرة على مجابهة مختلف أعباء العائلة التونسية بل لم تعد قادرة على الصمود لأكثر من نصف شهر ليجد المواطن بعدها نفسه في وضعية حرجة لتوفير الموارد المالية لإكمال ما تبقى من الشهر وحينما نتحدث عن الضغط في كتلة الأجور وترشيدها كما تقول الحكومة فإن هذا يقود بالضرورة إلى التوقف عن الانتدابات في الوظيفة العمومية والتوقف عن تعويض الشغورات الحاصلة و تعويض الموظفين المغادرين الى التقاعد والاكتفاء بالانتداب وفق الحاجيات المتأكدة والضرورية والتي تحظى بالأولية والمواصلة في سياسة التشجيع على التقاعد قبل بلوغ السن القانونية .

من الملامح الأخرى لميزانية 2023 المواصلة في خيار رفع الدعم عن المواد الأساسية وخاصة رفعه عن استعمالات الطاقة من غاز وبنزين السيارات وهو إجراء له كلفته الاجتماعية في هذه الظروف الصعبة التي يمر بها غالبية الشعب التونسي بمختلف طبقاته وفئاته الاجتماعية في ظل أجور ورواتب للموظفين هي الأدنى في الوطن العربي وشمال إفريقيا مع سوريا ومصر اتضح أنها لا تلبي كل نفقات العائلة التونسية وهذا الواقع الاجتماعي يولد بالضرورة ضغطا نفسيا مع الإحساس بالقلق والخوف لدى المواطن إزاء وضعه اليومي و المستقبلي والتمسك بإصلاح المؤسسات العمومية التي تشكو صعوبات مالية وتتسبب في إرهاق ميزانية الدولة من خلال التدخل لضخ أموال مهمة لإنقاذها من الإفلاس وهي مسألة دقيقة تحتاج رؤية وإستراتيجية للحفاظ عليها لحاجة المجتمع لها والبحث عن مصادر تمويل جديدة لإنقاذ الصناديق الاجتماعية التي لا تزال هي الأخرى تشكو صعوبات مالية هي من مخلفات حقبة حكم نظام بن علي وما رافقها من اخلالات ترتقي إلى مرتبة الفساد المالي ومخاطر في التسيير ومواصلة الإصلاح الجبائي والبحث عن مصادر مالية إضافية من خارج الاقتطاع من المورد الذي أثقل كاهل الموظف حيث اتضح أن ما يقارب 60 بالمائة من ميزانية الدولة متأتية من مساهمات الموظفين والأجراء وهي اقتطاعات من الأجر تعتبر الأعلى في ترتيب الضغط الجبائي في الوطن العربي حيث تعتبر تونس من بين خمس بلدان عربية تشهد ضغطا ضريبيا مرتفعا مع الجزائر والمغرب وموريتانيا وجيبوتي تجعل المواطن التونسي أسير الضرائب ومكبلا بالاقتطاعات المتزايدة من سنة إلى أخرى نتيجتها المباشرة المزيد من مصاعب العيش ومزيدا من تدهور الحالة النفسية. 

هل نحتاج إلى ميزانية سنوية لضبط موارد الدولة؟ وهل من الضروري أن تكون للدولة ميزانية واضحة ودقيقة لتسيير شؤون مواطنيها ومؤسساتها؟ أم أنه من الممكن أن نحكم وندير الشأن العام من دون حاجة إلى ميزانية تضبط المقابيض والمصاريف؟ هذا السؤال الذي بدأنا به مقالنا يبدو اليوم أنه لم يعد مهما مع المنظومة الحالية للحكم وفي ظل نظرية التأسيس الجديد والشعب يريد الذي تقوم على تأسيس فكر جديد يقطع مع المنظومات القديمة التي حكمت منذ الثورة وحتى قبلها ومن هذا الفكر الجديد مراجعة فكرة الميزانية والحاجة إليها وطريقة إعدادها والجهة التي تعدها وتصادق عليها بما يعني أننا اليوم أمام فكر جديد لتسيير الدولة ولكن المشكل الذي يعترضنا أنه من دون ميزانية للدولة تكون واضحة وعقلانية وواقعية لا يمكن أن نحكم ولا يمكن أن نراقب العمل الحكومي ولا يمكن مساءلة القائمين على الحكم ولا متابعة تعهداتهم تجاه الشعب ومتابعة مدى التزامهم بالإجراءات والأحكام التي أعلنوا عنها ولا يمكن الوقوف على حقيقة موارد الدولة ولا يمكن للمواطن دافع الضريبة أن يتبين إلى أين ذهبت أموال المجموعة الوطنية وأموال خزينة الدولة.     

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews