إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بالتوازي مع موجات الهجرة نحو أوروبا.. تزايد هجرة "الأفارقة" إلى تونس يثير "القلق"

  تونس – الصباح

 تبين كل المؤشرات والمعطيات والأرقام أن موجة الهجرة غير النظامية التي تشهدها بلادنا في هذه الفترة وتفشي نزعة الهجرة والعبور إلى الضفة الشمالية للبحر البيض المتوسط، لدى فئات مختلفة من الشرائح الاجتماعية والعمرية بشكل غير مسبوق، رغم ما يتم تداوله من مشاهد وصور فظيعة لقوارب الموت، وذلك وفق ما أكده المرصد الوطني للهجرة والمعهد الوطني لإحصاء والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة في اشتغال هذه الهياكل على الموضوع. لتطرح الظاهرة عديد الاستفهامات نظرا لتداعيات ذلك على مستويات مختلفة في المستقبل. ولعل ما يعزز الدفع للبحث في واقع ظاهرة الهجرة إلى ضفة البلدان الأوروبية التي لم تعد تقتصر على هجرة الكفاءات والأدمغة والنخبة في تونس بل أصبحت شاملة تستقطب مختلف الفئات هو توفر جملة من العوامل والمعطيات المتداخلة من أبرزها ارتباط العملية بظاهرة تزايد عدد المهاجرين من بلدان إفريقية ونشاط موجات هجرة أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلادنا في السنوات الأخيرة بشكل أثار حفيظة ناشطين في المجتمع المدني ومختصين في مجال الهجرة.

 فحسب ما نشرته وزارة الداخلية الإيطالية فإن عدد التونسيين الذين وصلوا إلى الأراضي الإيطالية عن طريق الهجرة غير النظامية في الفترة الفاصلة بين شهر جانفي الماضي إلى غرة سبتمبر الجاري تجاوز 12 ألف مهاجر. وسبق أن كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية  أن عدد المهاجرين القصر الذين يقل سنهم عن 18 سنة، ووصلوا إلى السواحل الايطالية قادمين من تونس بلغ رقما قياسيا في السنوات الأخيرة. إذ بلغ في العام 2021 أكثر من 2700 من بينهم 2076 قاصرا لم يكن معهم مرافقون.

كما تبين الأرقام حسب المسح الوطني للهجرة الذي أنجزه كل من المرصد الوطني للهجرة والمعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة أن هناك ما يقارب 40 ألف مهندس وأكثر من 3 آلاف طبيب تونسي قد غادروا البلاد بين 2015 و2020 من أجل فرص عمل بالخارج وأغلبهم اختار بلدان أوروبية ليتعزز الرقم في ظل الإقبال المتزايد على العمل بالخراج لمثل هذه الاختصاصات، لاسيما أمام تأكيد عميد المهندسين كمال سحنون في مناسبة سابقة أن تونس تسجل سنويا مغادرة بين 8 و10 آلاف مهندس.

ووفق ما تم نشره، تتوقع دول البحر المتوسط الواقعة على الطرق الرئيسية للهجرة إلى أوروبا وصول أكثر من 150 ألف مهاجر إليها في العام الحالي، في الوقت الذي تهدد فيه أزمات الأغذية الناجمة عن حرب أوكرانيا بموجة هجرة جديدة من أفريقيا والشرق الأوسط.

الهجرة الإفريقية

وأطلقت مؤخرا عدة جهات صيحات فزع تحذيرا مما تشهده بلادنا من تزايد عدد المهاجرين الأفارقة الذي ما انفك يتزايد في السنتين الأخيرتين بشكل لافت، ويتركز أغلبهم في المدن الكبرى وفي مقدمتها تونس الكبرى وصفاقس والمدن الساحلية في المركز الثاني. ورغم التباين في الأرقام الخاصة بهذه الشريحة من المهاجرين بتونس وعدم وجود معطيات وأرقام دقيقة تحدد عدد "الأفارقة" بتونس، إلا أن عديد المؤشرات والمعطيات تبين أن الظاهرة في تزايد كبير خاصة أمام عدم استقرار الوضع في ليبيا وفرار عدد كبير من أبناء جنوب الصحراء إلى تونس فضلا عن اعتبار هؤلاء المهاجرين تونس منطقة عبور إلى أوروبا. إذ أكدت بعض المصادر أن عدد الأفارقة في تونس اليوم يتجاوز المليون، يتوزعون بين طلبة وعملة وعاطلون عن العمل فضلا عن كون عدد آخر منهم طالبي لجوء.  كما سبق أن أكد الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أنّ عدد العمال الأفارقة في تونس يُقدّر بأكثر من 700 ألف عامل وذلك وفق بيانات تم نشرها في الغرض.

وبحسب ما قدمته "جمعية الإيفواريين في تونس"، التي تُعنى بشؤون مواطني ساحل العاج الذين يعيشون في البلاد، فإنّ عدد المهاجرين الأفارقة يُقدّر بنحو عشرين ألفاً، معظمهم من ساحل العاج، لكنّ لا يتجاوز عددهم عشرة آلاف مهاجر وفق الإحصاءات الرسمية. إذ غزت اليد العاملة الإفريقية عديد المجالات والقطاعات في تونس. وفسر البعض ذلك بالتكلفة غير المرتفعة لهذه النوعية من اليد العاملة التي تشتغل في أعمال يومية خاصة في المطاعم والمقاهي والمصانع والبناء والأعمال الفلاحية والحراسة والتنظيف وغيرها من المهن والأعمال اليومية الأخرى.

وأكدت عديد الجمعيات والهياكل ذات صلة بهذا الملف إلى صعوبة حصر عدد المهاجرين من بلدان إفريقية في تونس بدقّة نظراً إلى توافد أغلبهم بطرق غير نظامية أيضا.

واعتبر البعض الآخر أن الجالية الإفريقية بتونس أشبه بقنابل موقوتة لاسيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا اقتصاديا واجتماعيا وتداعيات غلاء المعيشة والارتفاع المشط في الأسعار فضلا عن الوضع الأمني الإقليمي المتوتر والصراع السياسي المخيم على الوضع العام في الدولة، خاصة أن جل هؤلاء ليس ليدهم موارد عمل وعيش قارة. وقد دخل في أفريل الماضي عدد كبير من اللاجئين في اعتصام مفتوح أمام مقر الأمم المتحدة بتونس للمطالبة بإجلائهم باعتبار أن جلهم ممن تم إنقاذهم من الغرق في البحر من قبل خفر السواحل التونسية أثناء محاولاتهم العبور في هجرة غير نظامية إلى بلدان أوروبية. وبين المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن قوات خفر السواحل التونسية اعترضت 25657 مهاجرا في العام 2021، وهي حصيلة أعلى بقرابة الضعف مقارنة بتلك المسجلة في العام 2020.

وقد طالب ناشطون في المجتمع المدني إيلاء هذه المسألة الأهمية اللازمة حتى لا تتحول إلى عامل آخر لاندلاع أزمة إنسانية واجتماعية في تونس في هذه المرحلة الصعبة. لأن المراهنة على هؤلاء كبديل لليد العاملة التونسية غير مجد بما يبعث استغلالها في أعمال وأنشطة ومهام أخرى قد تضر بالأمن والاستقرار في الدولة. 

نزيهة الغضباني

بالتوازي مع موجات الهجرة نحو أوروبا.. تزايد هجرة "الأفارقة" إلى تونس يثير "القلق"

  تونس – الصباح

 تبين كل المؤشرات والمعطيات والأرقام أن موجة الهجرة غير النظامية التي تشهدها بلادنا في هذه الفترة وتفشي نزعة الهجرة والعبور إلى الضفة الشمالية للبحر البيض المتوسط، لدى فئات مختلفة من الشرائح الاجتماعية والعمرية بشكل غير مسبوق، رغم ما يتم تداوله من مشاهد وصور فظيعة لقوارب الموت، وذلك وفق ما أكده المرصد الوطني للهجرة والمعهد الوطني لإحصاء والمركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة في اشتغال هذه الهياكل على الموضوع. لتطرح الظاهرة عديد الاستفهامات نظرا لتداعيات ذلك على مستويات مختلفة في المستقبل. ولعل ما يعزز الدفع للبحث في واقع ظاهرة الهجرة إلى ضفة البلدان الأوروبية التي لم تعد تقتصر على هجرة الكفاءات والأدمغة والنخبة في تونس بل أصبحت شاملة تستقطب مختلف الفئات هو توفر جملة من العوامل والمعطيات المتداخلة من أبرزها ارتباط العملية بظاهرة تزايد عدد المهاجرين من بلدان إفريقية ونشاط موجات هجرة أبناء بلدان إفريقيا جنوب الصحراء إلى بلادنا في السنوات الأخيرة بشكل أثار حفيظة ناشطين في المجتمع المدني ومختصين في مجال الهجرة.

 فحسب ما نشرته وزارة الداخلية الإيطالية فإن عدد التونسيين الذين وصلوا إلى الأراضي الإيطالية عن طريق الهجرة غير النظامية في الفترة الفاصلة بين شهر جانفي الماضي إلى غرة سبتمبر الجاري تجاوز 12 ألف مهاجر. وسبق أن كشف المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية  أن عدد المهاجرين القصر الذين يقل سنهم عن 18 سنة، ووصلوا إلى السواحل الايطالية قادمين من تونس بلغ رقما قياسيا في السنوات الأخيرة. إذ بلغ في العام 2021 أكثر من 2700 من بينهم 2076 قاصرا لم يكن معهم مرافقون.

كما تبين الأرقام حسب المسح الوطني للهجرة الذي أنجزه كل من المرصد الوطني للهجرة والمعهد الوطني للإحصاء بالتعاون مع المركز الدولي لتطوير سياسات الهجرة أن هناك ما يقارب 40 ألف مهندس وأكثر من 3 آلاف طبيب تونسي قد غادروا البلاد بين 2015 و2020 من أجل فرص عمل بالخارج وأغلبهم اختار بلدان أوروبية ليتعزز الرقم في ظل الإقبال المتزايد على العمل بالخراج لمثل هذه الاختصاصات، لاسيما أمام تأكيد عميد المهندسين كمال سحنون في مناسبة سابقة أن تونس تسجل سنويا مغادرة بين 8 و10 آلاف مهندس.

ووفق ما تم نشره، تتوقع دول البحر المتوسط الواقعة على الطرق الرئيسية للهجرة إلى أوروبا وصول أكثر من 150 ألف مهاجر إليها في العام الحالي، في الوقت الذي تهدد فيه أزمات الأغذية الناجمة عن حرب أوكرانيا بموجة هجرة جديدة من أفريقيا والشرق الأوسط.

الهجرة الإفريقية

وأطلقت مؤخرا عدة جهات صيحات فزع تحذيرا مما تشهده بلادنا من تزايد عدد المهاجرين الأفارقة الذي ما انفك يتزايد في السنتين الأخيرتين بشكل لافت، ويتركز أغلبهم في المدن الكبرى وفي مقدمتها تونس الكبرى وصفاقس والمدن الساحلية في المركز الثاني. ورغم التباين في الأرقام الخاصة بهذه الشريحة من المهاجرين بتونس وعدم وجود معطيات وأرقام دقيقة تحدد عدد "الأفارقة" بتونس، إلا أن عديد المؤشرات والمعطيات تبين أن الظاهرة في تزايد كبير خاصة أمام عدم استقرار الوضع في ليبيا وفرار عدد كبير من أبناء جنوب الصحراء إلى تونس فضلا عن اعتبار هؤلاء المهاجرين تونس منطقة عبور إلى أوروبا. إذ أكدت بعض المصادر أن عدد الأفارقة في تونس اليوم يتجاوز المليون، يتوزعون بين طلبة وعملة وعاطلون عن العمل فضلا عن كون عدد آخر منهم طالبي لجوء.  كما سبق أن أكد الاتحاد العام التونسي للشغل إلى أنّ عدد العمال الأفارقة في تونس يُقدّر بأكثر من 700 ألف عامل وذلك وفق بيانات تم نشرها في الغرض.

وبحسب ما قدمته "جمعية الإيفواريين في تونس"، التي تُعنى بشؤون مواطني ساحل العاج الذين يعيشون في البلاد، فإنّ عدد المهاجرين الأفارقة يُقدّر بنحو عشرين ألفاً، معظمهم من ساحل العاج، لكنّ لا يتجاوز عددهم عشرة آلاف مهاجر وفق الإحصاءات الرسمية. إذ غزت اليد العاملة الإفريقية عديد المجالات والقطاعات في تونس. وفسر البعض ذلك بالتكلفة غير المرتفعة لهذه النوعية من اليد العاملة التي تشتغل في أعمال يومية خاصة في المطاعم والمقاهي والمصانع والبناء والأعمال الفلاحية والحراسة والتنظيف وغيرها من المهن والأعمال اليومية الأخرى.

وأكدت عديد الجمعيات والهياكل ذات صلة بهذا الملف إلى صعوبة حصر عدد المهاجرين من بلدان إفريقية في تونس بدقّة نظراً إلى توافد أغلبهم بطرق غير نظامية أيضا.

واعتبر البعض الآخر أن الجالية الإفريقية بتونس أشبه بقنابل موقوتة لاسيما في ظل الظروف الصعبة التي تمر بها بلادنا اقتصاديا واجتماعيا وتداعيات غلاء المعيشة والارتفاع المشط في الأسعار فضلا عن الوضع الأمني الإقليمي المتوتر والصراع السياسي المخيم على الوضع العام في الدولة، خاصة أن جل هؤلاء ليس ليدهم موارد عمل وعيش قارة. وقد دخل في أفريل الماضي عدد كبير من اللاجئين في اعتصام مفتوح أمام مقر الأمم المتحدة بتونس للمطالبة بإجلائهم باعتبار أن جلهم ممن تم إنقاذهم من الغرق في البحر من قبل خفر السواحل التونسية أثناء محاولاتهم العبور في هجرة غير نظامية إلى بلدان أوروبية. وبين المنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية أن قوات خفر السواحل التونسية اعترضت 25657 مهاجرا في العام 2021، وهي حصيلة أعلى بقرابة الضعف مقارنة بتلك المسجلة في العام 2020.

وقد طالب ناشطون في المجتمع المدني إيلاء هذه المسألة الأهمية اللازمة حتى لا تتحول إلى عامل آخر لاندلاع أزمة إنسانية واجتماعية في تونس في هذه المرحلة الصعبة. لأن المراهنة على هؤلاء كبديل لليد العاملة التونسية غير مجد بما يبعث استغلالها في أعمال وأنشطة ومهام أخرى قد تضر بالأمن والاستقرار في الدولة. 

نزيهة الغضباني

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews