إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

لزهر العكرمي لـ"الصباح": الرئيس سيخونه الاقتصاد.. والأحزاب لن يكون لها وجود في البرلمان الجديد

 

تونس- الصباح

لم تخل العشرية الماضية على المستوى السياسي من الحضور المكثف للمحامي والناشط السياسي والوزير المعتمد لدى وزير الداخلية الحبيب الصيد، والمكلف بالإصلاح في حكومة الباجي قايد السبسي والمستشار السياسي لرئيس الحكومة يوسف الشاهد وأحد أبرز مؤسسي "حزب نداء تونس"، لزهر العكرمي..

حضور اختلف تأثيره من فترة الى أخرى ولكن وخلال كل تلك الفترات كانت بصمة العكرمي موجودة والذي بقي يحتفظ بشخصية مثيرة للجدل تستطيع بسهولة أن تصنع الأحداث أو تتحكم في جزء منها..، يصفه خصومه»بثعلب السياسية" الذي يدرك جيدا كيف يتخلّص من كل المطبات، ويثق أصدقاؤه في قدرته العجيبة على النفاذ إلى كل الكواليس والاطلاع على المعلومات التي لا يمكن أن تتوفر لغيره حتى ولو كان في نفس موقعه السياسي..

معارك كثيرة خاضها لزهر العكرمي وهو المحامي الذي يترافع في أشهر القضايا والأكثر إثارة للرأي العام ولكنه ما زال الى اليوم شغوفا بالعمل السياسي ولو من موقعه كناشط مستقل، بعد أن تخلى عن التحزّب عقب تجربته في تأسيس "حزب نداء تونس" وما انتهى إليه الحزب بعد ذلك ورغم ذلك لم يفكر العكرمي في تأسيس حزب كما فعلت اغلب القيادات المغادرة للنداء، مكتفيا بالعمل السياسي المستقل.

وفي هذا الحوار المطول لـ»الصباح «يعود لزهر العكرمي على كل محطات مسار 25 جويلية بأحداثه الكثيرة مبديا وجهة نظره في مختلف هذه الاحداث.

 

أجرت الحوار: منية العرفاوي

 

  • باعتبارك قد تقلدت في حكومة الراحل الباجي قايد السبسي منصب وزير لدى وزير الداخلية مُكلف بالإصلاح وكنت من المدافعين عن الحق النقابي الأمني كيف تقيّم اليوم العلاقة بين السلطة وبين النقابات الأمنية وكل التطورات الأخيرة؟

-العمل النقابي الأمني لم يكن موجودا قبل الثورة وأنا كنت من أبرز الحريصين والداعمين والمنظرين لإيجاد نقابات تدافع عن المصالح المادية والمعنوية لمنتسبي الاسلاك الأمنية انطلاقا من أن هذا الجسم الذي يعدّ بعشرات الآلاف، وإذا أحصيناه مع إضافة عائلاتهم هم يعدون مئات الآلاف ولهم مصالح مادية ومعنوية، كانوا يعيشون إذلال المدراء العامين في مجالس الشرف بالوزارة والنقل والترقيات..، وكنت قد اطلعت على اهم تجارب نقابية في اسبانيا وفرنسا للأمن وتم إقرار الحق النقابي الأمني مع المنع من الاضراب وفي حدود الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية والاجتماعية..، صحيح أن هذا السلك بُني على الطاعة وعدم رفض التعليمات ولكن ما يجري اليوم هو إطباق على النقابات الأمنية.

  • لكن لا يمكن الإنكار أنه في السنوات التي تلت إقرار الحق النقابي الأمني قد حادت هذه النقابات عن دورها في منطلقاته التي ذكرتها قبل قليل؟

-هنا نحن خرجنا من المبدإ إلى تشخيص الواقع..، في النهاية هذا  الانفلات يمكن معالجته.. مثلا إذا أتينا بشخص طوله 1.90م والسرير فيه فقط 1.60م فهل نوسع في طول السرير أم نقطع ساق الشخص..، نفس الشيء ينطبق على النقابات الأمنية..، فإذا كانت هناك نواقص في العمل النقابي الأمني فإنها يجب أن تقع تحت طائلة القانون ويجب أن يبنى المجهود لتوحيد النقابات الأمنية للحفاظ على المبدإ.

  • لكنهم يرفضون التوحيد؟

-ما نراه اليوم ليس طلب توحيد..، يجب أن نتذكر أنه تم تفتيت القضاة وتم حلّ الهيئات وتم طرد النواب وإغلاق البرلمان..، لا يجب أن نغطي عين الشمس بالغربال..، المسألة مفضوحة..، هذه عملية تطويع للجهاز الأمني بكامله تصدت له النقابات..، لكنه واهم من يعتقد أنه سيجد قطاعا أمنيا خانعا على شاكلة 2009 لأن من ذاق الحرية قد يفقدها ولكن في الحد الأدنى سيبكي عليها ويحتج من أجل ذلك.

  • هل تعتقد أن ذلك يؤشر لأمور خطيرة في المستقبل؟

-كل ما يجري يؤشّر لأمور خطيرة وليس هذا فحسب..، وأنا قلت منذ زمن أن المشروع السياسي الحالي والذي هو دون أفق سيقود الى كوارث وأولى هذه الكوارث ما حدث في القضاء ويحدث الآن في الأمن وسيحدث في أماكن أخرى.

  • لو تُقيّم أداء وزير الداخلية توفيق شرف الدين الذي طالما أثار جدلا خاصة وأن البعض يتحدث عن علاقته المباشرة بملف لزهر لونقو الذي تنوبه اليوم كمحام؟

-لا أريد أن أشخّص أو أخوض في قضايا منشورة أمام التحقيق وذلك احتراما لسرية هذا التحقيق وللقضاء..، ولكن أقول أن هذه المجموعة المتقلّدة اليوم للمسؤوليات لم يُعرف منها الا شخص واحد في 2019 ثم تكاثرت فيما بعد وخرجت من الظل..، عندما تم انتخاب قيس سعيد قيل عنه انه نظيف ويتكلم بصوت إذاعي جهوري ولكن في ما بعد تكاثرت الخلايا والمجموعات التي تتغذى من وجوده، يعني هنا وبعيدا عن تشخيص الظاهرة هي قيس سعيد والبقية لا نعرفهم ولم يمارسوا السياسية وهم اليوم في نطاق مسؤولية رئيس الدولة.

  • بعد مضي أكثر من سنة عن إعلان إجراءات 25 جويلية، كيف تقيم هذه الفترة الماضية سياسيا؟

-مازال الرئيس يخطب في الجماهير..، ومازال يتحدث عن»الهم «ويتهمهم بكل الشرور..، وما زال يتحدث عن المؤامرات والغرف المغلقة..، في الحقيقة ظاهرة قيس سعيد مفهومة بمعنى أن هذا الرجل وُجد صدفة في السلطة وأنا استحضر ما قيل لمسيلمة الكذاب عندما قال له البعض من أهالي مكة»والله إننا نعرف انك كاذب يا مسيلمة ولكننا اتبعناك نكاية في محمد« وهذه الاستعارة تنطبق في جزء كبير منها على وصول قيس سعيد للسلطة نكاية في نبيل القروي..

 وبالتالي قد يكون هو في مرحلة يتعلم ولكن ما يتعلمه الآن من آداب الدولة والسلطة والحكم الرشيد ينطبق عليه المثل التونسي »يتعلم في الحجامة في رؤوس اليتامى«. اليوم يتحدث عن التطهير وأنا أقول أن أي سياسي من المفروض أن يترفع عن استعمال هذه المفردات غير اللائقة..، أنا أقول المحاسبة والإصلاح الذي يتجه في اتجاه الحكم الصالح وحكم قيس سعيد حتى ولو أنه استمر إلى 2024 هو تتمة للمنظومة التي يشتمها وتفريخة من تفريخاتها وستكون منظومة 2011 الى 2024 لان الإصلاح لم يتم والمحاسبة لم تتم والمياه تتسرّب الى المركب أكثر بكثير من مرحلة حمادي الجبالي ومهدي جمعة ويوسف الشاهد والحبيب الصيد.

  • لكن لنعترف أيضا أن مشروع قيس سعيد لم يجد معارضة شديدة؟

-المركب اليوم يسارع للغرق أكثر من أي وقت مضى..، ولكن عملية الإخصاء المنهجي التي تتم الآن للإعلام وعملية التواطؤ التي تتم الآن من الاعلام هي التي تحجب الصورة الحقيقية لما نحن عليه اليوم..، مثلا لا احد يتكلم اليوم عن قوارب الموت التي سترحل بالشيوخ والعجائز من المسؤول عن ذلك؟.. لم يتحدثوا عن الاقتتال في جسم مسلح اسمه الامن ولم يحملوا أحدا المسؤولية..، الإعلام رافعة للشيطنة ولكثير من التضليل أيضا..، لأن الكثير من الإعلام الخاص مُشترى ويعمل لصالح الفاسدين والمهربين، أين اليوم الإعلام العمومي..، كان لبن علي أن يستحي مما يجري بالقناة الوطنية اليوم. اليقين الوحيد أن هذه المرحلة قوس سيغلق بأسرع مما افتتح لظروف موضوعية اقتصادية ومالية وقصة حوكمة.

  • ربما الدستور الجديد وضّح الكثير من أفكار قيس سعيد فماذا تقول عن بعض الفصول التي أثارت الجدل مثل تخليه على ذكر دين الدولة في الدستور وحديثه عن المقاصد وتخليه عن ذكر مدنية الدولة وكل ما يروّج عن تقاربه الأيديولوجي مع قوة إقليمية هي إيران الشيعية؟

-في البداية ما أستطيع نفيه وبالتقاطعات هو ما يروّج حول قرب قيس سعيد من إيران..، لأنه لو أن له علاقة بإيران أو فكرها أو توجهاتها لما ذهب الى مصر وتقارب مع الإمارات العربية المتحدة..، وكان ذهب إلى ما يسمى بحلف المقاومة الممثلة في إيران، سوريا، حزب الله، بعض القوى العراقية، روسيا والصين، وهذا الحلف هو اليوم مزعج لأوروبا وللولايات المتحدة الأمريكية..، إذن أنا اعتبر هذا تخمين خاطئ ولا علاقة له بالواقع..، كما وأني لا أعتقد أن لقيس سعيد خطا ناظما لفكرة أو رؤية..، هو شخص انتقائي، كل فكرة لوحدها.. بمعنى أن ما يقود قيس سعيد هو أفكار متنافرة وباللغة الشعبية»أفكار مربوطة بالتلّ «وأعتقد أنه بقدر ما فوجئ بعض الناس بقيس سعيد عند وصوله قصر قرطاج فان قيس سعيد نفسه قد فاجأته السلطة..، وصوله إلى السلطة كان عبارة عن شخص فاز بورقة يانصيب رابحة دون أن ينتظر ذلك.

ثم انه مازال يعتقد أن شخصا واحدا يمكن أن يفكر لشعب ويصيغ له دستورا ويقول له ماذا يفعل..، الا أن الرئيس سيخونه الاقتصاد وسيخذله الوضع المالي..، وأولئك الذين هللوا لمنطق الإسلام هو الحل وكانوا يمنعون الناس في 2011 من إقامة اجتماعاتهم ويصمونها بالعلمانية والمثلية وبمعاداة الله والإسلام هم نفسهم تحوّلوا عن النهضة فيما بعد وأكلوا من»المقرونة حتى بشموا«..، والآن هم يركبون براق الشعبوية ولكن عندما يستمر الوضع الاقتصادي الذي لا افق فيه ولا حلول لدى قيس سعيد بشأنه بدليل أننا لم نر مجلسا وزاريا واحدا يناقش قضايا اقتصادية جوهرية ولم نسمع وزيرا واحدا يقدم خطة..

هذا الوضع الاقتصادي هو الذي سيحوّل تلك الكتل البشرية التي هللت لعودة راشد الغنوشي والتي نادت في وقت من الأوقات بنبيل القروي وبمقولة أن اليد التي تصفق هي اليد التي تصفع..، ممكن في مدة زمنية لن تطول سيحاسبونه وسيقولون أين تشغيل الشباب لأنه عندما وصل الى السلطة لم يقل انه سيهيئ مراكب للشباب للحرقة بل قال انه سيتبنى الشباب ولكن الشباب حقوقه هضمت ولم توفر له الدولة مواطن عمل، فلا يكفي تعين وال شاب في سيدي بوزيد وفي بنزرت، هذا غير كاف، هناك 400 ألف شاب عاطل عن العمل ينتظرون قيس سعيد ولن ينتظرونه طويلا..، لأن هذه هي طبيعة التاريخ في تونس من الدولة الحفصية إلى اليوم.

  • هل تعتقد أن تونس ستحصل على قرض صندوق النقد الدولي؟

أعتقد أنهم يعاملوننا الآن بمنطق خذ قليلا من الأوكسجين للبقاء على قيد الحياة وليس في وارد حل أزمتنا المالية، بدليل نحن طلبنا 4.2 مليار دولار..، نحن نعاني عجزا في الميزانية إلى حدود الثلث ونعاني أزمة سيولة حادة والبواخر المزودة تعود من الموانئ دون إفراغ حمولتها..، وذلك نتاجا للتصنيف الائتماني الذي نزل بنا إلى دولة في الخط الأحمر والذي رد عليها قيس سعيد»بأمك صنافة«... في هذا الوضع لا اعتقد أن المبلغ الذي طلبته تونس سيكون جاهزا هذا العام وأتصور أنهم سيعطوننا 750 مليون دولار مع نهاية العام..،الوضع الاقتصادي صعب في تونس فلو كنا في 2014 و2015 والاعلام يشتغل بتلك الطريقة وبتلك البلاتوهات لكان الرأي العام يتشكل يوميا بطريقة أخرى.

  • هل تعتقد أن هناك اليوم نوعا من التسليم والاستسلام لمشروع قيس سعيد على كل النقد الموجه له؟

-إذا كان البعض يعتقد أن هناك حالة من الرضا والتسليم..، فانا اعتقد ان تحت الرماد اللهيب ومن يزرع الشوك يجني الجراح.. لان هذا الشعب في تاريخه له هبات لا يتوقعها احد حتى ثورة 2011 لم يتوقعها احد كانت كل الدلائل تشير الى أن النظام تعفن والازمة خانقة حيث حصلت احداث وتم غض الطرف واعتقد البعض كما نعتقد اليوم أن هناك تسليما ولكن الهبة تأتي فجأة في ولاية لتعم على كل الجمهورية.

  • ماذا تتوقع بخصوص القانون الانتخابي الجديد؟

-إذا كان سيصنعه شخص واحد فهي جبة سيلبسها بمفرده وهذا ما أتوقعه..، أصبحت مدركا لكل تقاطعات هذا المشروع..، ستكون انتخابات لبناء قاعدي ولن يسمح للأحزاب السياسية بالوجود ومقولة سعيد أن الأحزاب ستموت بطبعها..، ومن تحزب خان كما كان يقول القذافي..، وبالتالي هذه الانتخابات ستكون اقرب لعملية تصعيد لا وجود فيها للأحزاب، وثانيا عندما نرى السحل الالكتروني والذي لم تستعمله حتى حركة النهضة بتلك الحدة..، فان هذه المجاميع ستمنع أيا كان من التحرك في الفضاء العام من خلال الاجتماعات..، ستكون هناك بلطجة وسيكون هناك عنف ومنع..، وسيخرج قيس سعيد كالعادة ليقول ها هو الشعب منعهم ولفظهم وهاهم خونة الشعب.

  • يعني لا تتوقع أن تكون هناك أحزاب مؤثرة في البرلمان القادم؟

-لن يتضمن القانون وجود أحزاب سيكون تصعيدا في شكل البناء القاعدي.

  • وماذا تقول عن الغرفة الثانية مجلس الأقاليم والجهات؟

-الحكم المحلي مهم جدا ولكن في شعب متحضر كالشعب السويسري وفي نظام سياسي مستقر ومتوازن..، لكن في تونس اليوم هناك تناقض في المنطق السياسي، من جهة هناك مطالبة بمركزية شديدة للسلطة ومنحها لشخص واحد لإعادة هيبة الدولة ومن جهة أخرى ترك السياسية للمعتمدية والعمادة والدوار.

  • عشنا في الأيام الماضية أزمة ديبلوماسية مغاربية..، فكيف تقيّم الأداء الديبلوماسي زمن قيس سعيد؟

-كل الأشياء تعكس صورة قيس سعيد الشخصية..، ليس هناك خط ناظم للديبلوماسية أو هوية أو إستراتيجية واضحة..، واعتقد أن الرئيس بدأ يعي المأزق الداخلي القائم على وضع اقتصادي منهار وتشغيل وأسعار، واكتشف انه لن يطول الحديث عن محتكرين وخونة ومعادين للوطن ولذلك لا بد من البحث عن أساليب جديدة لتحكّم في الجبهة الداخلية.. وما أتوقعه أن يقع افتعال مناكفات خارجية لتوحيد الجبهة الداخلية رغم الصعوبات وهذا معروف في السياسية توحيد الجبهة الداخلية باختلاق مشاكل خارجية بمعنى الشعب يتوحد خلف الزعيم وخلف القائد من اجل الوطن.

  • كيف تنظر إلى مستقبل مشروع قيس سعيد السياسي؟

اليقين الوحيد أن مشروعه ونظامه لا مستقبل لهما..، هذا مشروع رفع مجموعة من الشعارات، الناس في حاجة اليها وهي الإصلاح ومحاربة الفساد في تونس والتي انطلقت كحق وأصبح يراد بها باطل لأني لا اعتقد ان في تونس هناك اكثر من 50 فاسدا وكان يمكن معالجة الموضوع بمحاسبتهم بالقانون ولكن اختار الحديث عن التطهير..، تطهير القضاء تطهير الأمن..، ومعروف عن الشعبوية أنها تخاطب غرائز الناس وانفعالاتهم..، هذه الشعبوية يمكن أن تنجح في حال وجود ثروات طبيعية جبارة كالنفط والغاز..، الناس تأكل وتشرب وتهتف للقائد ولكن في حالة الجوع فإنهم بالضرورة سيهتفون ضد القائد.

  • حركة النهضة التي كانت من أبرز الأحزاب التي تضررت من مسار 25 جويلية ماذا تقول عنها؟

-حركة النهضة جاءت إلى تونس في 2011 وهي معصوبة العينين وهي في حالة انتشاء عظيم بالصحوة الإسلامية التي انطلقت من تونس وذهبت الى ليبيا ومصر والمغرب قبلنا..، واعتقدوا أن عصر حكم الاخوان قد افتتح في حد أدنى لخمسين عاما..، وهذا كان جهلا بالشعب التونسي وأبجديات الثورات الرقمية في العالم، فعندما استفاقوا على أن الدعم الأمريكي والخارجي قد تراجع وأن الخليج لم يعد مسموح له باحتضان الاخوان المسلمين أرادوا أن يقوموا بخطوة للوراء..، وحدث ذلك بالفعل في الخطاب حيث انتهى خطاب التمكين وبدأ خطاب الدولة المدنية والمشاركة.. وفي الحقيقة لم يسمح لهم وقيل لهم ابقوا حيث كنتم حركة عنيفة مارست العنف والاغتيالات وأساءت إدارة الدولة..، واعتقد جازما أن افضل استراتيجية حدثت في الإقليم هو تمكين حركة النهضة من الحكم حتى يتعرف عليها الناس..، وقد تعرفوا عليها بالفعل لأن المعالجة الأخرى التي خاضها بن علي وبورقيبة بالسجون والتعذيب أخرجت حركة النهضة أقوى.

  • هل يمكن أن نتحدث عن نهاية حركة النهضة أو الإسلام السياسي في المنطقة؟

-بالنسبة للمجتمع التونسي وهو مجتمع محافظ ومتدين في العمق سيبقى في حاجة الى تمثيل ديني يحصل على عشرة مقاعد في البرلمان وليس الأغلبية وهذا المتغير النوعي..، وعموما اعتقد انه رغم الازمة الاقتصادية فان الشعب تونسي يعيش في دورة تعلم كبيرة جدا اكتشف خلالها ما معنى الميزانية..، ما معنى استعمال الدين في السياسة..، وكان يعتقد أن الحزب الذي يتحدث عن الإسلام هو حزب يخاف الله ويعمل ليلا نهارا على اشباع الناس ومتمكن من المسائل الدينية فاكتشف أن التقوى والاستقامة والتعفف مسألة غير مرتبطة بالدين..، ولكن ووفق معادلة لافوازييه لا شيء يضيع ولا شيء يخلق كل شيء يتحول مثلما تحولت المسيحية الى مسيحية ديمقراطية سيتغير الإسلام السياسي إلى الإسلام العلماني.

  • ماذا تقول لراشد الغنوشي؟

-هو عموما ليس في حاجة إلى نصيحة..، أقول له بادر الى التقاعد المريح فالانطباع العام في البلاد انك جزء من المشكل وليس الحل.

  • وبالنسبة للأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ماذا تقول له أو عنه؟

-البعض يقول أن الاتحاد خيبة كبيرة، أنا أقول أن الاتحاد خيمة أخيرة.

  • وبالنسبة لعميد المحامين إبراهيم بودربالة؟

-ينظم لنا في عمادة المحامين انتخابات ديمقراطية.

  • وعن نجيب الشابي؟

-مناضل عرفته منذ الثمانينات.. شخص مهم جدا ولكنه سياسي منكود الحظ.

  • رئيسة الحكومة نجلاء بودن؟

-ما شاء الله..، لا أعرف عنها شيئا إلا تلك الكلمة »ما شاء الله «

  • وماذا عن جوهر بن مبارك؟

-شاب ذكي..، ويعتقد في ما يقوم به.

لزهر العكرمي لـ"الصباح":  الرئيس سيخونه الاقتصاد.. والأحزاب لن يكون لها وجود في البرلمان الجديد

 

تونس- الصباح

لم تخل العشرية الماضية على المستوى السياسي من الحضور المكثف للمحامي والناشط السياسي والوزير المعتمد لدى وزير الداخلية الحبيب الصيد، والمكلف بالإصلاح في حكومة الباجي قايد السبسي والمستشار السياسي لرئيس الحكومة يوسف الشاهد وأحد أبرز مؤسسي "حزب نداء تونس"، لزهر العكرمي..

حضور اختلف تأثيره من فترة الى أخرى ولكن وخلال كل تلك الفترات كانت بصمة العكرمي موجودة والذي بقي يحتفظ بشخصية مثيرة للجدل تستطيع بسهولة أن تصنع الأحداث أو تتحكم في جزء منها..، يصفه خصومه»بثعلب السياسية" الذي يدرك جيدا كيف يتخلّص من كل المطبات، ويثق أصدقاؤه في قدرته العجيبة على النفاذ إلى كل الكواليس والاطلاع على المعلومات التي لا يمكن أن تتوفر لغيره حتى ولو كان في نفس موقعه السياسي..

معارك كثيرة خاضها لزهر العكرمي وهو المحامي الذي يترافع في أشهر القضايا والأكثر إثارة للرأي العام ولكنه ما زال الى اليوم شغوفا بالعمل السياسي ولو من موقعه كناشط مستقل، بعد أن تخلى عن التحزّب عقب تجربته في تأسيس "حزب نداء تونس" وما انتهى إليه الحزب بعد ذلك ورغم ذلك لم يفكر العكرمي في تأسيس حزب كما فعلت اغلب القيادات المغادرة للنداء، مكتفيا بالعمل السياسي المستقل.

وفي هذا الحوار المطول لـ»الصباح «يعود لزهر العكرمي على كل محطات مسار 25 جويلية بأحداثه الكثيرة مبديا وجهة نظره في مختلف هذه الاحداث.

 

أجرت الحوار: منية العرفاوي

 

  • باعتبارك قد تقلدت في حكومة الراحل الباجي قايد السبسي منصب وزير لدى وزير الداخلية مُكلف بالإصلاح وكنت من المدافعين عن الحق النقابي الأمني كيف تقيّم اليوم العلاقة بين السلطة وبين النقابات الأمنية وكل التطورات الأخيرة؟

-العمل النقابي الأمني لم يكن موجودا قبل الثورة وأنا كنت من أبرز الحريصين والداعمين والمنظرين لإيجاد نقابات تدافع عن المصالح المادية والمعنوية لمنتسبي الاسلاك الأمنية انطلاقا من أن هذا الجسم الذي يعدّ بعشرات الآلاف، وإذا أحصيناه مع إضافة عائلاتهم هم يعدون مئات الآلاف ولهم مصالح مادية ومعنوية، كانوا يعيشون إذلال المدراء العامين في مجالس الشرف بالوزارة والنقل والترقيات..، وكنت قد اطلعت على اهم تجارب نقابية في اسبانيا وفرنسا للأمن وتم إقرار الحق النقابي الأمني مع المنع من الاضراب وفي حدود الدفاع عن المصالح المادية والمعنوية والاجتماعية..، صحيح أن هذا السلك بُني على الطاعة وعدم رفض التعليمات ولكن ما يجري اليوم هو إطباق على النقابات الأمنية.

  • لكن لا يمكن الإنكار أنه في السنوات التي تلت إقرار الحق النقابي الأمني قد حادت هذه النقابات عن دورها في منطلقاته التي ذكرتها قبل قليل؟

-هنا نحن خرجنا من المبدإ إلى تشخيص الواقع..، في النهاية هذا  الانفلات يمكن معالجته.. مثلا إذا أتينا بشخص طوله 1.90م والسرير فيه فقط 1.60م فهل نوسع في طول السرير أم نقطع ساق الشخص..، نفس الشيء ينطبق على النقابات الأمنية..، فإذا كانت هناك نواقص في العمل النقابي الأمني فإنها يجب أن تقع تحت طائلة القانون ويجب أن يبنى المجهود لتوحيد النقابات الأمنية للحفاظ على المبدإ.

  • لكنهم يرفضون التوحيد؟

-ما نراه اليوم ليس طلب توحيد..، يجب أن نتذكر أنه تم تفتيت القضاة وتم حلّ الهيئات وتم طرد النواب وإغلاق البرلمان..، لا يجب أن نغطي عين الشمس بالغربال..، المسألة مفضوحة..، هذه عملية تطويع للجهاز الأمني بكامله تصدت له النقابات..، لكنه واهم من يعتقد أنه سيجد قطاعا أمنيا خانعا على شاكلة 2009 لأن من ذاق الحرية قد يفقدها ولكن في الحد الأدنى سيبكي عليها ويحتج من أجل ذلك.

  • هل تعتقد أن ذلك يؤشر لأمور خطيرة في المستقبل؟

-كل ما يجري يؤشّر لأمور خطيرة وليس هذا فحسب..، وأنا قلت منذ زمن أن المشروع السياسي الحالي والذي هو دون أفق سيقود الى كوارث وأولى هذه الكوارث ما حدث في القضاء ويحدث الآن في الأمن وسيحدث في أماكن أخرى.

  • لو تُقيّم أداء وزير الداخلية توفيق شرف الدين الذي طالما أثار جدلا خاصة وأن البعض يتحدث عن علاقته المباشرة بملف لزهر لونقو الذي تنوبه اليوم كمحام؟

-لا أريد أن أشخّص أو أخوض في قضايا منشورة أمام التحقيق وذلك احتراما لسرية هذا التحقيق وللقضاء..، ولكن أقول أن هذه المجموعة المتقلّدة اليوم للمسؤوليات لم يُعرف منها الا شخص واحد في 2019 ثم تكاثرت فيما بعد وخرجت من الظل..، عندما تم انتخاب قيس سعيد قيل عنه انه نظيف ويتكلم بصوت إذاعي جهوري ولكن في ما بعد تكاثرت الخلايا والمجموعات التي تتغذى من وجوده، يعني هنا وبعيدا عن تشخيص الظاهرة هي قيس سعيد والبقية لا نعرفهم ولم يمارسوا السياسية وهم اليوم في نطاق مسؤولية رئيس الدولة.

  • بعد مضي أكثر من سنة عن إعلان إجراءات 25 جويلية، كيف تقيم هذه الفترة الماضية سياسيا؟

-مازال الرئيس يخطب في الجماهير..، ومازال يتحدث عن»الهم «ويتهمهم بكل الشرور..، وما زال يتحدث عن المؤامرات والغرف المغلقة..، في الحقيقة ظاهرة قيس سعيد مفهومة بمعنى أن هذا الرجل وُجد صدفة في السلطة وأنا استحضر ما قيل لمسيلمة الكذاب عندما قال له البعض من أهالي مكة»والله إننا نعرف انك كاذب يا مسيلمة ولكننا اتبعناك نكاية في محمد« وهذه الاستعارة تنطبق في جزء كبير منها على وصول قيس سعيد للسلطة نكاية في نبيل القروي..

 وبالتالي قد يكون هو في مرحلة يتعلم ولكن ما يتعلمه الآن من آداب الدولة والسلطة والحكم الرشيد ينطبق عليه المثل التونسي »يتعلم في الحجامة في رؤوس اليتامى«. اليوم يتحدث عن التطهير وأنا أقول أن أي سياسي من المفروض أن يترفع عن استعمال هذه المفردات غير اللائقة..، أنا أقول المحاسبة والإصلاح الذي يتجه في اتجاه الحكم الصالح وحكم قيس سعيد حتى ولو أنه استمر إلى 2024 هو تتمة للمنظومة التي يشتمها وتفريخة من تفريخاتها وستكون منظومة 2011 الى 2024 لان الإصلاح لم يتم والمحاسبة لم تتم والمياه تتسرّب الى المركب أكثر بكثير من مرحلة حمادي الجبالي ومهدي جمعة ويوسف الشاهد والحبيب الصيد.

  • لكن لنعترف أيضا أن مشروع قيس سعيد لم يجد معارضة شديدة؟

-المركب اليوم يسارع للغرق أكثر من أي وقت مضى..، ولكن عملية الإخصاء المنهجي التي تتم الآن للإعلام وعملية التواطؤ التي تتم الآن من الاعلام هي التي تحجب الصورة الحقيقية لما نحن عليه اليوم..، مثلا لا احد يتكلم اليوم عن قوارب الموت التي سترحل بالشيوخ والعجائز من المسؤول عن ذلك؟.. لم يتحدثوا عن الاقتتال في جسم مسلح اسمه الامن ولم يحملوا أحدا المسؤولية..، الإعلام رافعة للشيطنة ولكثير من التضليل أيضا..، لأن الكثير من الإعلام الخاص مُشترى ويعمل لصالح الفاسدين والمهربين، أين اليوم الإعلام العمومي..، كان لبن علي أن يستحي مما يجري بالقناة الوطنية اليوم. اليقين الوحيد أن هذه المرحلة قوس سيغلق بأسرع مما افتتح لظروف موضوعية اقتصادية ومالية وقصة حوكمة.

  • ربما الدستور الجديد وضّح الكثير من أفكار قيس سعيد فماذا تقول عن بعض الفصول التي أثارت الجدل مثل تخليه على ذكر دين الدولة في الدستور وحديثه عن المقاصد وتخليه عن ذكر مدنية الدولة وكل ما يروّج عن تقاربه الأيديولوجي مع قوة إقليمية هي إيران الشيعية؟

-في البداية ما أستطيع نفيه وبالتقاطعات هو ما يروّج حول قرب قيس سعيد من إيران..، لأنه لو أن له علاقة بإيران أو فكرها أو توجهاتها لما ذهب الى مصر وتقارب مع الإمارات العربية المتحدة..، وكان ذهب إلى ما يسمى بحلف المقاومة الممثلة في إيران، سوريا، حزب الله، بعض القوى العراقية، روسيا والصين، وهذا الحلف هو اليوم مزعج لأوروبا وللولايات المتحدة الأمريكية..، إذن أنا اعتبر هذا تخمين خاطئ ولا علاقة له بالواقع..، كما وأني لا أعتقد أن لقيس سعيد خطا ناظما لفكرة أو رؤية..، هو شخص انتقائي، كل فكرة لوحدها.. بمعنى أن ما يقود قيس سعيد هو أفكار متنافرة وباللغة الشعبية»أفكار مربوطة بالتلّ «وأعتقد أنه بقدر ما فوجئ بعض الناس بقيس سعيد عند وصوله قصر قرطاج فان قيس سعيد نفسه قد فاجأته السلطة..، وصوله إلى السلطة كان عبارة عن شخص فاز بورقة يانصيب رابحة دون أن ينتظر ذلك.

ثم انه مازال يعتقد أن شخصا واحدا يمكن أن يفكر لشعب ويصيغ له دستورا ويقول له ماذا يفعل..، الا أن الرئيس سيخونه الاقتصاد وسيخذله الوضع المالي..، وأولئك الذين هللوا لمنطق الإسلام هو الحل وكانوا يمنعون الناس في 2011 من إقامة اجتماعاتهم ويصمونها بالعلمانية والمثلية وبمعاداة الله والإسلام هم نفسهم تحوّلوا عن النهضة فيما بعد وأكلوا من»المقرونة حتى بشموا«..، والآن هم يركبون براق الشعبوية ولكن عندما يستمر الوضع الاقتصادي الذي لا افق فيه ولا حلول لدى قيس سعيد بشأنه بدليل أننا لم نر مجلسا وزاريا واحدا يناقش قضايا اقتصادية جوهرية ولم نسمع وزيرا واحدا يقدم خطة..

هذا الوضع الاقتصادي هو الذي سيحوّل تلك الكتل البشرية التي هللت لعودة راشد الغنوشي والتي نادت في وقت من الأوقات بنبيل القروي وبمقولة أن اليد التي تصفق هي اليد التي تصفع..، ممكن في مدة زمنية لن تطول سيحاسبونه وسيقولون أين تشغيل الشباب لأنه عندما وصل الى السلطة لم يقل انه سيهيئ مراكب للشباب للحرقة بل قال انه سيتبنى الشباب ولكن الشباب حقوقه هضمت ولم توفر له الدولة مواطن عمل، فلا يكفي تعين وال شاب في سيدي بوزيد وفي بنزرت، هذا غير كاف، هناك 400 ألف شاب عاطل عن العمل ينتظرون قيس سعيد ولن ينتظرونه طويلا..، لأن هذه هي طبيعة التاريخ في تونس من الدولة الحفصية إلى اليوم.

  • هل تعتقد أن تونس ستحصل على قرض صندوق النقد الدولي؟

أعتقد أنهم يعاملوننا الآن بمنطق خذ قليلا من الأوكسجين للبقاء على قيد الحياة وليس في وارد حل أزمتنا المالية، بدليل نحن طلبنا 4.2 مليار دولار..، نحن نعاني عجزا في الميزانية إلى حدود الثلث ونعاني أزمة سيولة حادة والبواخر المزودة تعود من الموانئ دون إفراغ حمولتها..، وذلك نتاجا للتصنيف الائتماني الذي نزل بنا إلى دولة في الخط الأحمر والذي رد عليها قيس سعيد»بأمك صنافة«... في هذا الوضع لا اعتقد أن المبلغ الذي طلبته تونس سيكون جاهزا هذا العام وأتصور أنهم سيعطوننا 750 مليون دولار مع نهاية العام..،الوضع الاقتصادي صعب في تونس فلو كنا في 2014 و2015 والاعلام يشتغل بتلك الطريقة وبتلك البلاتوهات لكان الرأي العام يتشكل يوميا بطريقة أخرى.

  • هل تعتقد أن هناك اليوم نوعا من التسليم والاستسلام لمشروع قيس سعيد على كل النقد الموجه له؟

-إذا كان البعض يعتقد أن هناك حالة من الرضا والتسليم..، فانا اعتقد ان تحت الرماد اللهيب ومن يزرع الشوك يجني الجراح.. لان هذا الشعب في تاريخه له هبات لا يتوقعها احد حتى ثورة 2011 لم يتوقعها احد كانت كل الدلائل تشير الى أن النظام تعفن والازمة خانقة حيث حصلت احداث وتم غض الطرف واعتقد البعض كما نعتقد اليوم أن هناك تسليما ولكن الهبة تأتي فجأة في ولاية لتعم على كل الجمهورية.

  • ماذا تتوقع بخصوص القانون الانتخابي الجديد؟

-إذا كان سيصنعه شخص واحد فهي جبة سيلبسها بمفرده وهذا ما أتوقعه..، أصبحت مدركا لكل تقاطعات هذا المشروع..، ستكون انتخابات لبناء قاعدي ولن يسمح للأحزاب السياسية بالوجود ومقولة سعيد أن الأحزاب ستموت بطبعها..، ومن تحزب خان كما كان يقول القذافي..، وبالتالي هذه الانتخابات ستكون اقرب لعملية تصعيد لا وجود فيها للأحزاب، وثانيا عندما نرى السحل الالكتروني والذي لم تستعمله حتى حركة النهضة بتلك الحدة..، فان هذه المجاميع ستمنع أيا كان من التحرك في الفضاء العام من خلال الاجتماعات..، ستكون هناك بلطجة وسيكون هناك عنف ومنع..، وسيخرج قيس سعيد كالعادة ليقول ها هو الشعب منعهم ولفظهم وهاهم خونة الشعب.

  • يعني لا تتوقع أن تكون هناك أحزاب مؤثرة في البرلمان القادم؟

-لن يتضمن القانون وجود أحزاب سيكون تصعيدا في شكل البناء القاعدي.

  • وماذا تقول عن الغرفة الثانية مجلس الأقاليم والجهات؟

-الحكم المحلي مهم جدا ولكن في شعب متحضر كالشعب السويسري وفي نظام سياسي مستقر ومتوازن..، لكن في تونس اليوم هناك تناقض في المنطق السياسي، من جهة هناك مطالبة بمركزية شديدة للسلطة ومنحها لشخص واحد لإعادة هيبة الدولة ومن جهة أخرى ترك السياسية للمعتمدية والعمادة والدوار.

  • عشنا في الأيام الماضية أزمة ديبلوماسية مغاربية..، فكيف تقيّم الأداء الديبلوماسي زمن قيس سعيد؟

-كل الأشياء تعكس صورة قيس سعيد الشخصية..، ليس هناك خط ناظم للديبلوماسية أو هوية أو إستراتيجية واضحة..، واعتقد أن الرئيس بدأ يعي المأزق الداخلي القائم على وضع اقتصادي منهار وتشغيل وأسعار، واكتشف انه لن يطول الحديث عن محتكرين وخونة ومعادين للوطن ولذلك لا بد من البحث عن أساليب جديدة لتحكّم في الجبهة الداخلية.. وما أتوقعه أن يقع افتعال مناكفات خارجية لتوحيد الجبهة الداخلية رغم الصعوبات وهذا معروف في السياسية توحيد الجبهة الداخلية باختلاق مشاكل خارجية بمعنى الشعب يتوحد خلف الزعيم وخلف القائد من اجل الوطن.

  • كيف تنظر إلى مستقبل مشروع قيس سعيد السياسي؟

اليقين الوحيد أن مشروعه ونظامه لا مستقبل لهما..، هذا مشروع رفع مجموعة من الشعارات، الناس في حاجة اليها وهي الإصلاح ومحاربة الفساد في تونس والتي انطلقت كحق وأصبح يراد بها باطل لأني لا اعتقد ان في تونس هناك اكثر من 50 فاسدا وكان يمكن معالجة الموضوع بمحاسبتهم بالقانون ولكن اختار الحديث عن التطهير..، تطهير القضاء تطهير الأمن..، ومعروف عن الشعبوية أنها تخاطب غرائز الناس وانفعالاتهم..، هذه الشعبوية يمكن أن تنجح في حال وجود ثروات طبيعية جبارة كالنفط والغاز..، الناس تأكل وتشرب وتهتف للقائد ولكن في حالة الجوع فإنهم بالضرورة سيهتفون ضد القائد.

  • حركة النهضة التي كانت من أبرز الأحزاب التي تضررت من مسار 25 جويلية ماذا تقول عنها؟

-حركة النهضة جاءت إلى تونس في 2011 وهي معصوبة العينين وهي في حالة انتشاء عظيم بالصحوة الإسلامية التي انطلقت من تونس وذهبت الى ليبيا ومصر والمغرب قبلنا..، واعتقدوا أن عصر حكم الاخوان قد افتتح في حد أدنى لخمسين عاما..، وهذا كان جهلا بالشعب التونسي وأبجديات الثورات الرقمية في العالم، فعندما استفاقوا على أن الدعم الأمريكي والخارجي قد تراجع وأن الخليج لم يعد مسموح له باحتضان الاخوان المسلمين أرادوا أن يقوموا بخطوة للوراء..، وحدث ذلك بالفعل في الخطاب حيث انتهى خطاب التمكين وبدأ خطاب الدولة المدنية والمشاركة.. وفي الحقيقة لم يسمح لهم وقيل لهم ابقوا حيث كنتم حركة عنيفة مارست العنف والاغتيالات وأساءت إدارة الدولة..، واعتقد جازما أن افضل استراتيجية حدثت في الإقليم هو تمكين حركة النهضة من الحكم حتى يتعرف عليها الناس..، وقد تعرفوا عليها بالفعل لأن المعالجة الأخرى التي خاضها بن علي وبورقيبة بالسجون والتعذيب أخرجت حركة النهضة أقوى.

  • هل يمكن أن نتحدث عن نهاية حركة النهضة أو الإسلام السياسي في المنطقة؟

-بالنسبة للمجتمع التونسي وهو مجتمع محافظ ومتدين في العمق سيبقى في حاجة الى تمثيل ديني يحصل على عشرة مقاعد في البرلمان وليس الأغلبية وهذا المتغير النوعي..، وعموما اعتقد انه رغم الازمة الاقتصادية فان الشعب تونسي يعيش في دورة تعلم كبيرة جدا اكتشف خلالها ما معنى الميزانية..، ما معنى استعمال الدين في السياسة..، وكان يعتقد أن الحزب الذي يتحدث عن الإسلام هو حزب يخاف الله ويعمل ليلا نهارا على اشباع الناس ومتمكن من المسائل الدينية فاكتشف أن التقوى والاستقامة والتعفف مسألة غير مرتبطة بالدين..، ولكن ووفق معادلة لافوازييه لا شيء يضيع ولا شيء يخلق كل شيء يتحول مثلما تحولت المسيحية الى مسيحية ديمقراطية سيتغير الإسلام السياسي إلى الإسلام العلماني.

  • ماذا تقول لراشد الغنوشي؟

-هو عموما ليس في حاجة إلى نصيحة..، أقول له بادر الى التقاعد المريح فالانطباع العام في البلاد انك جزء من المشكل وليس الحل.

  • وبالنسبة للأمين العام لاتحاد الشغل نور الدين الطبوبي ماذا تقول له أو عنه؟

-البعض يقول أن الاتحاد خيبة كبيرة، أنا أقول أن الاتحاد خيمة أخيرة.

  • وبالنسبة لعميد المحامين إبراهيم بودربالة؟

-ينظم لنا في عمادة المحامين انتخابات ديمقراطية.

  • وعن نجيب الشابي؟

-مناضل عرفته منذ الثمانينات.. شخص مهم جدا ولكنه سياسي منكود الحظ.

  • رئيسة الحكومة نجلاء بودن؟

-ما شاء الله..، لا أعرف عنها شيئا إلا تلك الكلمة »ما شاء الله «

  • وماذا عن جوهر بن مبارك؟

-شاب ذكي..، ويعتقد في ما يقوم به.

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews