إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد ارتفاعها بـ370 بالمائة.. إجراءات حكومية جديدة لتقليص نفقات دعم المحروقات قد تفرض الترفيع في الأسعار

-  67 بالمائة نسبة دعم المحروقات من اعتمادات الدعم الجملية

بلوغ حجم دعم الدولة للطاقة مع موفى 2022 الـ3 آلاف مليون دينار

 

تونس-الصباح

عرفت الاعتمادات التي خصصتها الدولة لدعم المحروقات ارتفاعا ملحوظا خلال النصف الأول من السنة الجارية لينتقل الحجم من 300 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية الى حدود الـ1400 مليون دينار حاليا، مسجلا قفزة كبيرة بنسبة تناهز الـ370 بالمائة ليستحوذ بالتالي دعم الدولة للمحروقات فقط على 67 بالمائة من مجموع الاعتمادات التي حددتها في قانون المالية للسنة الحالية.

هذا الارتفاع الكبير في حجم الدعم، يؤكد من جديد المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022، ارتفاعا ملحوظا من 4 الاف مليون دينار الى 7262 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل الـ15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات الى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط الى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها في 6 أشهر، ليتجاوز سعر البرميل الـ100 دولار كامل شهر أوت المنقضي حتى يستقر مؤخرا في حدود الـ90 دولارا...

ارتفاع الأسعار بنسبة 5 بالمائة

وفي وثيقة النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة موفى شهر جوان المنقضي التي نشرتها وزارة المالية، أرجعت ارتفاع  نفقات الدعم خلال السداسي الأول من سنة 2022، بنسبة 51 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2021 إلى ارتفاع دعم المحروقات بنسبة 370 بالمائة مقارنة بالنصف الأول من سنة 2021 في حين أن الاعتمادات المخصصة لدعم المواد الأساسية قد تراجعت بنسبة 53 بالمائة، لتستقر في حدود 400 مليون دينار..

هذا الوضع سيفرض قريبا ومن خلال عودة الحكومة لاعتماد التعديل الآلي في تحديد أسعار المحروقات الى الترفيع مجددا في الأسعار، ورغم التوقف عن اعتماد هذه الآلية لثلاثة أشهر متتالية، إلا أن العودة إليها باتت أمرا حتميا في ظل تواصل ارتفاع الأسعار العالمية من جهة وزيادة تكاليف الدعم من جهة ثانية.

كما من المنتظر أن تكون نسبة الزيادة هذه المرة في حدود الـ5 بالمائة، باعتبار أن هذه النسبة قد حددتها الحكومة في وثيقة الإصلاحات الهيكلية التي وضعتها منذ شهر ديسمبر من السنة المنقضية والتي تؤكد قرار الترفيع في أسعار المحروقات بصفة شهرية بنسبة 3 بالمائة انطلاقا من شهر جانفي 2022 والى غاية شهر سبتمبر من نفس السنة، أي على امتداد ثمانية أشهر فقط..

ويبدو أن التأخير في العودة الى اعتماد آلية التعديل الأوتوماتيكي في أسعار المحروقات اخذ بعين الاعتبار الفترة الزمنية التي التزمت بها وثيقة الإصلاحات بنسبة 3 بالمائة من جهة والتطورات التي عرفتها البلاد في الآونة الأخيرة ومحاولة الحكومة قدر الإمكان الحفاظ عل السلم الاجتماعي من جهة ثانية.

هذه العوامل تتجه في الحقيقة نحو إقرار زيادات قريبة قد تكون منتصف هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل في أسعار المحروقات والمواد البترولية بجميع أصنافها وبنسبة قد لا تنزل عن الـ5 بالمائة بما سيكون له تداعيات وخيمة عل المستهلك التونسي في ظل الارتفاع الجنوني في بقية المواد الاستهلاكية ...

وكانت الحكومة قد أقرت ثلاث زيادات في أسعار المحروقات منذ مطلع السنة الجارية لتتوقف لأربعة  أشهر تحديدا منذ شهر ماي الفارط وهي المرة الثالثة في إطار برنامج التعديل الآلي لأسعار المواد البترولية المعتمد ضمن ميزانية الدولة لسنة 2022، وتراوحت الزيادة بين 85 و240  مليما لعدد من المواد البترولية في السوق المحلية مع استثناء أسعار قوارير غاز البترول المسال المنزلي وبترول الإنارة المنزلي.

ويعد هذا الترفيع الأثقل منذ تفشي الأزمة الوبائية بعد أن تراجعت الأسعار في سابقة تاريخية لم يشهدها العالم منذ أكثر من عقدين ليتهاوي الى ادني مستوياته، ويصل سعر برميل النفط الأمريكي وقتها الى سالب 40 دولارا تحديدا يوم الاثنين من شهر أفريل من السنة المنقضية، وهو اليوم الذي وصف بـ"الاثنين الأسود" في أسواق النفط..

توجه الحكومة نحو بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية

وبالرغم من نسبة الزيادة الكبيرة التي شملت الأسعار هذه المرة مقارنة بالزيادتين الأخيرتين، إلا أن الحكومة سائرة في تطبيق بنود برنامج الإصلاح الذي تتجه إليه تدريجيا وهو بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار والمحافظة على دور الشركة التونسية لصناعة التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، فضلا عن ذلك تعمل الوزارة على  ترشيد استهلاك المواد البترولية مستقبلا. حسب ما جاء في البرنامج الحكومي الإصلاحي..

وهو ما يفسر اليوم مواصلة الحكومة  إقرار ترفيعات جديدة  في أسعار المحروقات بالاعتماد على التعديل الآلي الشهري ليكون هذا القرار المخرج الأوحد للحكومة كحل من الحلول السريعة لتغطية نفقات الدعم على الطاقة، تمهيدا لرفع دعم الدولة نهائيا على الطاقة..

كما أن بلادنا مازالت تشكو عجزا في ميزانها الطاقي إذ لا تغطي حاجياتها من النفط والغاز إلا في حدود الـ50 بالمائة والبقية توفرها عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة ومع ذلك نعيش اليوم ضغوطات كبيرة في هذا المجال باعتبار الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط العالمي الذي تجاوز الـ100 دولار  ..

ومازال الإنتاج الوطني يعاني من تعطل في نشاطه على مستوى الحقول البترولية والمؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات بما تسبب في تعثر ملحوظ  في الدورة الاقتصادية، الى جانب اضطراب سعر الصرف وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف الدعم...

وبالنظر الى تواصل الاضطرابات في العالم بدءً بالأزمة الوبائية وصولا اليوم الى الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا وما لها من تداعيات وخيمة على اقتصاديات الدول عموما، من المؤكد أن سياسة الدولة من هنا فصاعدا ستكون موجهة بالأساس نحو مواصلة إقرار زيادات في أسعار المحروقات تمهيدا للرفع النهائي عن الدعم خاصة أن حجم دعم الطاقة سيقفز هذه المرة الى أكثر من 3 آلاف مليون دينار من مجموع ميزانيتها المخصصة فقط للدعم ..

وفاء بن محمد

بعد ارتفاعها بـ370 بالمائة.. إجراءات حكومية جديدة لتقليص نفقات دعم المحروقات قد تفرض الترفيع في الأسعار

-  67 بالمائة نسبة دعم المحروقات من اعتمادات الدعم الجملية

بلوغ حجم دعم الدولة للطاقة مع موفى 2022 الـ3 آلاف مليون دينار

 

تونس-الصباح

عرفت الاعتمادات التي خصصتها الدولة لدعم المحروقات ارتفاعا ملحوظا خلال النصف الأول من السنة الجارية لينتقل الحجم من 300 مليون دينار في نفس الفترة من السنة المنقضية الى حدود الـ1400 مليون دينار حاليا، مسجلا قفزة كبيرة بنسبة تناهز الـ370 بالمائة ليستحوذ بالتالي دعم الدولة للمحروقات فقط على 67 بالمائة من مجموع الاعتمادات التي حددتها في قانون المالية للسنة الحالية.

هذا الارتفاع الكبير في حجم الدعم، يؤكد من جديد المنحى التصاعدي الذي اتخذته نفقات الدعم في السنوات الثلاث الأخيرة، حيث عرفت حاجيات الدعم في ما بين 2020 و2021 و2022، ارتفاعا ملحوظا من 4 الاف مليون دينار الى 7262 مليون دينار خلال السنة الحالية، أي ما يعادل الـ15.4 بالمائة من مجموع نفقات ميزانية الدولة.

وتعود هذه الزيادة المتواصلة في حجم نفقات الدعم خاصة على المحروقات الى ارتفاع أسعار برميل النفط العالمي في الأسواق العالمية بسبب الاضطرابات التي عرفتها القوى الاقتصادية العظمى على غرار أمريكا وأوروبا وروسيا في ظل الحرب الروسية الأوكرانية، لتقفز أسعار النفط الى مستويات مرتفعة بعد انخفاضها لأقل مستوى لها في 6 أشهر، ليتجاوز سعر البرميل الـ100 دولار كامل شهر أوت المنقضي حتى يستقر مؤخرا في حدود الـ90 دولارا...

ارتفاع الأسعار بنسبة 5 بالمائة

وفي وثيقة النتائج الوقتية لتنفيذ ميزانية الدولة موفى شهر جوان المنقضي التي نشرتها وزارة المالية، أرجعت ارتفاع  نفقات الدعم خلال السداسي الأول من سنة 2022، بنسبة 51 بالمائة بالمقارنة مع نفس الفترة من سنة 2021 إلى ارتفاع دعم المحروقات بنسبة 370 بالمائة مقارنة بالنصف الأول من سنة 2021 في حين أن الاعتمادات المخصصة لدعم المواد الأساسية قد تراجعت بنسبة 53 بالمائة، لتستقر في حدود 400 مليون دينار..

هذا الوضع سيفرض قريبا ومن خلال عودة الحكومة لاعتماد التعديل الآلي في تحديد أسعار المحروقات الى الترفيع مجددا في الأسعار، ورغم التوقف عن اعتماد هذه الآلية لثلاثة أشهر متتالية، إلا أن العودة إليها باتت أمرا حتميا في ظل تواصل ارتفاع الأسعار العالمية من جهة وزيادة تكاليف الدعم من جهة ثانية.

كما من المنتظر أن تكون نسبة الزيادة هذه المرة في حدود الـ5 بالمائة، باعتبار أن هذه النسبة قد حددتها الحكومة في وثيقة الإصلاحات الهيكلية التي وضعتها منذ شهر ديسمبر من السنة المنقضية والتي تؤكد قرار الترفيع في أسعار المحروقات بصفة شهرية بنسبة 3 بالمائة انطلاقا من شهر جانفي 2022 والى غاية شهر سبتمبر من نفس السنة، أي على امتداد ثمانية أشهر فقط..

ويبدو أن التأخير في العودة الى اعتماد آلية التعديل الأوتوماتيكي في أسعار المحروقات اخذ بعين الاعتبار الفترة الزمنية التي التزمت بها وثيقة الإصلاحات بنسبة 3 بالمائة من جهة والتطورات التي عرفتها البلاد في الآونة الأخيرة ومحاولة الحكومة قدر الإمكان الحفاظ عل السلم الاجتماعي من جهة ثانية.

هذه العوامل تتجه في الحقيقة نحو إقرار زيادات قريبة قد تكون منتصف هذا الشهر أو مطلع الشهر المقبل في أسعار المحروقات والمواد البترولية بجميع أصنافها وبنسبة قد لا تنزل عن الـ5 بالمائة بما سيكون له تداعيات وخيمة عل المستهلك التونسي في ظل الارتفاع الجنوني في بقية المواد الاستهلاكية ...

وكانت الحكومة قد أقرت ثلاث زيادات في أسعار المحروقات منذ مطلع السنة الجارية لتتوقف لأربعة  أشهر تحديدا منذ شهر ماي الفارط وهي المرة الثالثة في إطار برنامج التعديل الآلي لأسعار المواد البترولية المعتمد ضمن ميزانية الدولة لسنة 2022، وتراوحت الزيادة بين 85 و240  مليما لعدد من المواد البترولية في السوق المحلية مع استثناء أسعار قوارير غاز البترول المسال المنزلي وبترول الإنارة المنزلي.

ويعد هذا الترفيع الأثقل منذ تفشي الأزمة الوبائية بعد أن تراجعت الأسعار في سابقة تاريخية لم يشهدها العالم منذ أكثر من عقدين ليتهاوي الى ادني مستوياته، ويصل سعر برميل النفط الأمريكي وقتها الى سالب 40 دولارا تحديدا يوم الاثنين من شهر أفريل من السنة المنقضية، وهو اليوم الذي وصف بـ"الاثنين الأسود" في أسواق النفط..

توجه الحكومة نحو بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية

وبالرغم من نسبة الزيادة الكبيرة التي شملت الأسعار هذه المرة مقارنة بالزيادتين الأخيرتين، إلا أن الحكومة سائرة في تطبيق بنود برنامج الإصلاح الذي تتجه إليه تدريجيا وهو بيع المحروقات بالأسعار الحقيقية مع تحرير توريد المواد البترولية من قبل الخواص حال بلوغ حقيقة الأسعار والمحافظة على دور الشركة التونسية لصناعة التكرير في تأمين التزود وتطوير طاقات الخزن، فضلا عن ذلك تعمل الوزارة على  ترشيد استهلاك المواد البترولية مستقبلا. حسب ما جاء في البرنامج الحكومي الإصلاحي..

وهو ما يفسر اليوم مواصلة الحكومة  إقرار ترفيعات جديدة  في أسعار المحروقات بالاعتماد على التعديل الآلي الشهري ليكون هذا القرار المخرج الأوحد للحكومة كحل من الحلول السريعة لتغطية نفقات الدعم على الطاقة، تمهيدا لرفع دعم الدولة نهائيا على الطاقة..

كما أن بلادنا مازالت تشكو عجزا في ميزانها الطاقي إذ لا تغطي حاجياتها من النفط والغاز إلا في حدود الـ50 بالمائة والبقية توفرها عن طريق الاستيراد بالعملة الصعبة ومع ذلك نعيش اليوم ضغوطات كبيرة في هذا المجال باعتبار الارتفاع المتواصل لسعر برميل النفط العالمي الذي تجاوز الـ100 دولار  ..

ومازال الإنتاج الوطني يعاني من تعطل في نشاطه على مستوى الحقول البترولية والمؤسسات العمومية التي تواجه صعوبات بما تسبب في تعثر ملحوظ  في الدورة الاقتصادية، الى جانب اضطراب سعر الصرف وهو ما تسبب في ارتفاع تكاليف الدعم...

وبالنظر الى تواصل الاضطرابات في العالم بدءً بالأزمة الوبائية وصولا اليوم الى الحرب القائمة بين روسيا وأوكرانيا وما لها من تداعيات وخيمة على اقتصاديات الدول عموما، من المؤكد أن سياسة الدولة من هنا فصاعدا ستكون موجهة بالأساس نحو مواصلة إقرار زيادات في أسعار المحروقات تمهيدا للرفع النهائي عن الدعم خاصة أن حجم دعم الطاقة سيقفز هذه المرة الى أكثر من 3 آلاف مليون دينار من مجموع ميزانيتها المخصصة فقط للدعم ..

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews