إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كارثة في القيروان: مسّت كل الأعمار والفئات الاجتماعية.. 9 حالات انتحار في القيروان خلال أوت 2022

*تفاقم الوضع ليتحول لظاهرة تعصف بكل الأعمار والفئات  الاجتماعية

 القيروان-الصباح

تكررت عمليات الانتحار في مختلف معتمديات ولاية القيروان في شهر أوت الجاري بشكل ملفت وخطير إذ يتجاوز عدد الوفايات جراء عمليات الانتحار 9  حالات دون احتساب محاولات الانتحار التي تتكتم عنها العائلات والجهات الامنية في حين أنه وخلال شهر أوت 2021 تم تسجيل 4 حالات فقط، إذ لا يكاد يمرّ يوم  دون ان نسمع عن حادثة انتحار حيث أن الأمر الخطير والمثير في كل هذا هو تحول الانتحار في القيروان من حالات الى ظاهرة بأتم معنى الكلمة الى درجة أن أغلب العائلات اليوم صارت تخشى من عدوى هذه الظاهرة إلى أبنائها خاصة أن الانتحار لم يعد يقتصر على فئات اجتماعية دون أخرى. وللخوض في هذه الظاهرة وأسبابها  تحدثت "الصباح" مع الناشط الحقوقي رضوان الفطناسي..

منوال تنمية منتهي الصلوحية.. والحكومة لم تدرس هذه الظاهرة

الذي افاد لـ"الصباح" بأن ظاهرة الانتحار ارتبطت بظروف اجتماعية واقتصادية صعبة جدا في ظل وجود اكثر من مائتين حالة سنويا في تونس وما يقارب اضعافها عشرة مرات كمحاولات الانتحار سنويا لدى كل الاوساط الاجتماعية .وأفاد الفطناسي بأن القيروان تتصدر الترتيب الوطني للسنة الثامنة على التوالي حيث وصل الانتحار الى فئات الاطفال والقصر وذلك ما يؤكد تأثير العوامل الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والنفسية على الاستقرار النفسي في جهة تتذيل المراتب الاخيرة في مؤشرات التنمية بكل المقاييس. وأشار المتحدث من جهة اخرى أن اغلب حالات الانتحار وقع تسجيلها في الاوساط الحضرية نظرا لحدة المشاكل الاجتماعية، ومن جهة أخرى يسجل الوسط المدرسي في الكثير من الاحيان تفاقم الظاهرة مع وجود الكثير من محاولات الانتحار بسبب فشل المنظومة التربوية وتداعياتها الخطيرة على الفرد والمجتمع.

كما شدد على أن المشاكل الأسرية بين الأزواج وخاصة لأسباب مادية بحتة زادت في تفاقم هذه الظاهرة المرعبة.

وقال الفطناسي بأن حسب التقارير الدورية الصادرة من المنظمات والجمعيات المختصة فإن الشريحة العمرية من الشباب من 26 سنة الى 35 سنة تحتل صدارة الترتيب لظاهرة الانتحار في حين تحتل الفئة العمرية من 16سنة الى 26 سنة المرتبة الثانية وذلك بسبب منوال التنمية المتآكل والذي انتهت صلوحيته منذ أمد بعيد فانتشرت البطالة في صفوف المتخرجين من الجامعات وانسدت الافق في التشغيل وتعطلت المشاريع فأصبحت قوارب الموت قصد الهجرة السرية الى اوروبا ملاذ الكثيرين.

وابرز محدثنا  ان الانقطاع المبكر عن الدراسة مع اهمال منظومة التكوين المهني هيأت الارضية لحالة من التصحر الفكري والمعرفي ما جعل فسح المجال لتفشي ظاهرة الإنتحار  والانحراف والجريمة المنظمة. وقال الفطناسي بأن حالات الانتحار شملت كذلك الكبار في السن الى حدود الستين سنة بسبب قسوة الواقع الاقتصادي والاجتماعي ومظاهر الخصاصة والحاجة التي جعلت الانسان عاجزا عن التكيف مع محيطه وواقعه ما خلق حالة من الاكتئاب العميق لدى هذه الشريحة.

03 عمليات انتحار في ظرف 48 ساعة والهياكل الجهوية لم تتحرك

وخلال الساعات الفارطة تصاعدت حدة حالات الانتحار وهي وتيرة ارتفعت منذ انطلاق شهر أوت الجاري 2022 حيث وقع تسجيل 3 حالات انتحار في ولاية القيروان في 48 ساعة ولم نشاهد أي تحرك على المستوى لا الجهوي ولا المركزي اذ لاحظنا غياب تحرك السلط الجهوية والمحلية وحتى على مستوى مركزي حكومي لإيجاد حلول لهذه الظاهرة .

وشدد محدثنا على ضرورة تبني الجهات المعنية لخطاب يدخل حالة من الطمأنينة مع اتخاذ اجراءات من شأنها ان تفتح الافق والبدائل والامال والتطلاعات وان تخلق نوعا من الاستقرار الاجتماعي بالنسبة للفئات الهشة والمفقرة التي لاسند لها. و أضاف الفطناسي بأن كل هذه العوامل زادها تنامي العنف والتصدع الاسري الذي تضاعف خلال السنوات الفارطة خاصة مع تثاعد وتيرة العنف المسلط ضد النساء والاطفال وخاصة في السنتين الاخيرتين.

وبخصوص الخطاب الديني الوعظي لهذه الظاهرة أفاد المتحدث بأنه لم يستطع خلق توازن نفسي اجتماعي في مراحل المحن والاخفاقات، والى حد الان فشلت كل البرامج الثقافية والفنية في الخروج من هذه المعضلة او التقليص من الازمات الاجتماعية المتفاقمة  مما أدى الى تفاقم الامراض الإجتماعية والنفسية الفردية والجماعية المستعصية جدا.

تكتم العائلات عن محاولات الانتحار وصعوبة في الإحصاء الدقيق لعدد الضحايا

واختتم الفطناسي حديثه لـ"الصباح" مؤكدا على أن المنظمات المدنية والحقوقية تجد صعوبة كبيرة في النفاذ إلى المعطيات الخاصة بموضوع الانتحار، معربا عن الامتعاض مما اعتبره تعتيما من طرف وزارتي الداخلية والصحة، بعدم نشر إحصائيات دقيقة حول حالات ومحاولات الانتحار في تونس. وأشار إلى إشكالية ما يعرف بالرقم الأسود في مجال الانتحار والمتعلق بحالات ومحاولات الانتحار التي لا يتم الاعلان عنها لتكتم العائلات عن ذكرها خشية من وصمة العار وخوفا من المجتمع، ولاحظ انه حسب المنظمة العالمية للصحة فان كل .حالة انتحار تقابلها 8 محاولات انتحار

مروان الدعلول

كارثة في القيروان: مسّت كل الأعمار والفئات  الاجتماعية.. 9 حالات انتحار في القيروان خلال أوت 2022

*تفاقم الوضع ليتحول لظاهرة تعصف بكل الأعمار والفئات  الاجتماعية

 القيروان-الصباح

تكررت عمليات الانتحار في مختلف معتمديات ولاية القيروان في شهر أوت الجاري بشكل ملفت وخطير إذ يتجاوز عدد الوفايات جراء عمليات الانتحار 9  حالات دون احتساب محاولات الانتحار التي تتكتم عنها العائلات والجهات الامنية في حين أنه وخلال شهر أوت 2021 تم تسجيل 4 حالات فقط، إذ لا يكاد يمرّ يوم  دون ان نسمع عن حادثة انتحار حيث أن الأمر الخطير والمثير في كل هذا هو تحول الانتحار في القيروان من حالات الى ظاهرة بأتم معنى الكلمة الى درجة أن أغلب العائلات اليوم صارت تخشى من عدوى هذه الظاهرة إلى أبنائها خاصة أن الانتحار لم يعد يقتصر على فئات اجتماعية دون أخرى. وللخوض في هذه الظاهرة وأسبابها  تحدثت "الصباح" مع الناشط الحقوقي رضوان الفطناسي..

منوال تنمية منتهي الصلوحية.. والحكومة لم تدرس هذه الظاهرة

الذي افاد لـ"الصباح" بأن ظاهرة الانتحار ارتبطت بظروف اجتماعية واقتصادية صعبة جدا في ظل وجود اكثر من مائتين حالة سنويا في تونس وما يقارب اضعافها عشرة مرات كمحاولات الانتحار سنويا لدى كل الاوساط الاجتماعية .وأفاد الفطناسي بأن القيروان تتصدر الترتيب الوطني للسنة الثامنة على التوالي حيث وصل الانتحار الى فئات الاطفال والقصر وذلك ما يؤكد تأثير العوامل الاقتصادية والتنموية والاجتماعية والنفسية على الاستقرار النفسي في جهة تتذيل المراتب الاخيرة في مؤشرات التنمية بكل المقاييس. وأشار المتحدث من جهة اخرى أن اغلب حالات الانتحار وقع تسجيلها في الاوساط الحضرية نظرا لحدة المشاكل الاجتماعية، ومن جهة أخرى يسجل الوسط المدرسي في الكثير من الاحيان تفاقم الظاهرة مع وجود الكثير من محاولات الانتحار بسبب فشل المنظومة التربوية وتداعياتها الخطيرة على الفرد والمجتمع.

كما شدد على أن المشاكل الأسرية بين الأزواج وخاصة لأسباب مادية بحتة زادت في تفاقم هذه الظاهرة المرعبة.

وقال الفطناسي بأن حسب التقارير الدورية الصادرة من المنظمات والجمعيات المختصة فإن الشريحة العمرية من الشباب من 26 سنة الى 35 سنة تحتل صدارة الترتيب لظاهرة الانتحار في حين تحتل الفئة العمرية من 16سنة الى 26 سنة المرتبة الثانية وذلك بسبب منوال التنمية المتآكل والذي انتهت صلوحيته منذ أمد بعيد فانتشرت البطالة في صفوف المتخرجين من الجامعات وانسدت الافق في التشغيل وتعطلت المشاريع فأصبحت قوارب الموت قصد الهجرة السرية الى اوروبا ملاذ الكثيرين.

وابرز محدثنا  ان الانقطاع المبكر عن الدراسة مع اهمال منظومة التكوين المهني هيأت الارضية لحالة من التصحر الفكري والمعرفي ما جعل فسح المجال لتفشي ظاهرة الإنتحار  والانحراف والجريمة المنظمة. وقال الفطناسي بأن حالات الانتحار شملت كذلك الكبار في السن الى حدود الستين سنة بسبب قسوة الواقع الاقتصادي والاجتماعي ومظاهر الخصاصة والحاجة التي جعلت الانسان عاجزا عن التكيف مع محيطه وواقعه ما خلق حالة من الاكتئاب العميق لدى هذه الشريحة.

03 عمليات انتحار في ظرف 48 ساعة والهياكل الجهوية لم تتحرك

وخلال الساعات الفارطة تصاعدت حدة حالات الانتحار وهي وتيرة ارتفعت منذ انطلاق شهر أوت الجاري 2022 حيث وقع تسجيل 3 حالات انتحار في ولاية القيروان في 48 ساعة ولم نشاهد أي تحرك على المستوى لا الجهوي ولا المركزي اذ لاحظنا غياب تحرك السلط الجهوية والمحلية وحتى على مستوى مركزي حكومي لإيجاد حلول لهذه الظاهرة .

وشدد محدثنا على ضرورة تبني الجهات المعنية لخطاب يدخل حالة من الطمأنينة مع اتخاذ اجراءات من شأنها ان تفتح الافق والبدائل والامال والتطلاعات وان تخلق نوعا من الاستقرار الاجتماعي بالنسبة للفئات الهشة والمفقرة التي لاسند لها. و أضاف الفطناسي بأن كل هذه العوامل زادها تنامي العنف والتصدع الاسري الذي تضاعف خلال السنوات الفارطة خاصة مع تثاعد وتيرة العنف المسلط ضد النساء والاطفال وخاصة في السنتين الاخيرتين.

وبخصوص الخطاب الديني الوعظي لهذه الظاهرة أفاد المتحدث بأنه لم يستطع خلق توازن نفسي اجتماعي في مراحل المحن والاخفاقات، والى حد الان فشلت كل البرامج الثقافية والفنية في الخروج من هذه المعضلة او التقليص من الازمات الاجتماعية المتفاقمة  مما أدى الى تفاقم الامراض الإجتماعية والنفسية الفردية والجماعية المستعصية جدا.

تكتم العائلات عن محاولات الانتحار وصعوبة في الإحصاء الدقيق لعدد الضحايا

واختتم الفطناسي حديثه لـ"الصباح" مؤكدا على أن المنظمات المدنية والحقوقية تجد صعوبة كبيرة في النفاذ إلى المعطيات الخاصة بموضوع الانتحار، معربا عن الامتعاض مما اعتبره تعتيما من طرف وزارتي الداخلية والصحة، بعدم نشر إحصائيات دقيقة حول حالات ومحاولات الانتحار في تونس. وأشار إلى إشكالية ما يعرف بالرقم الأسود في مجال الانتحار والمتعلق بحالات ومحاولات الانتحار التي لا يتم الاعلان عنها لتكتم العائلات عن ذكرها خشية من وصمة العار وخوفا من المجتمع، ولاحظ انه حسب المنظمة العالمية للصحة فان كل .حالة انتحار تقابلها 8 محاولات انتحار

مروان الدعلول

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews