إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

شوارع بلادي

بقلم:مصدّق الشّريف

شوارع بلادي في نشاط محموم. كلّ ما فيها طائر. كلّ ما بها يفور. تدركه الأبصار ولا تلامسه الأيادي. لهيب الشمس متواصل. والأقدام تهرول لا تطأ الأرض. الأمتعة تصعد السماء. والعيون مطرقة تنشد العفو والسّلام. السّلع متبرجة تمشي الخيلاء، تتبختر، تضاهي ناطحات السماء. عباد الرّحمان يمشون هونا يلهجون سلاما، سلاما.

شوارع بلادي في صولة شبابها. أناسها يتسلّلون فائزين. يسرقون السّمع. يغضّون أبصارهم. ويهرعون إلى بيوتهم قبل أن تشتدّ الهاجرة وينهش الذباب أجسادهم. الدّكاكين والمغازات والبيوت والعمارات تتناسل ألهاها التكاثر. وأهل بلادي يطلقون البخور ويصلّون من أجلها النّوافل.

شوارع بلادي لا تنام والأنام ينامون ويركنون للأحلام. ما أحلى بلادي وما أبهاها. أبوابها مشرعة منذ الصّباح تعجّ بالحركة والصّياح. يومها كألف سنة ممّا نعدّ...

بين شوارع بلادي وضواحيها حكاية طويلة. بين شوارع بلادي وكراسي القاعات حديث وحديث لا يعلمه إلاّ الرّاسخون في العلم.

شوارع بلادي تعشق أهلها وتودّ وصالهم. تتحوّل إليهم وتهشّ في وجوههم وتبشّ وتهلّل أساريرهم. تحيي جيوبهم وهي رميم. تنزع عنهم الخمول والكآبة والكوابيس.

شوارع بلادي تتجدّد. تنفر الرّتابة. تصنع العيون الجميلة والأنوف المتجدّدة والأفواه الهتّاكة والضرّاسة والقضّامة.

شوارع بلادي مبتسمة ضاحكة لا يدركها التّأوه والبكاء: جرائدها زاهية وأغانيها سارّة منتصبة على الطريق. أنا مشدود إلى شوارع بلادي ومسحور بها. دهشتي منها تفلت منّي الزمام. دخلتها فنسيت السماء. صعّرت لي خدّها وأعطتني صحن خدّها. روائحها مثل العنبر. ولكنّي لا أقرب ريبة ولا أستخفّ إلى منكر. ما لي دون النّظر خبر.

سلّتي تودّ لو شوارع بلادي تنجزها ما تعد وتشفي حملها ممّا تجد. دقات ساعات بلادي معطّبة، تشرئبّ لها الأعناق.

 

شوارع بلادي

بقلم:مصدّق الشّريف

شوارع بلادي في نشاط محموم. كلّ ما فيها طائر. كلّ ما بها يفور. تدركه الأبصار ولا تلامسه الأيادي. لهيب الشمس متواصل. والأقدام تهرول لا تطأ الأرض. الأمتعة تصعد السماء. والعيون مطرقة تنشد العفو والسّلام. السّلع متبرجة تمشي الخيلاء، تتبختر، تضاهي ناطحات السماء. عباد الرّحمان يمشون هونا يلهجون سلاما، سلاما.

شوارع بلادي في صولة شبابها. أناسها يتسلّلون فائزين. يسرقون السّمع. يغضّون أبصارهم. ويهرعون إلى بيوتهم قبل أن تشتدّ الهاجرة وينهش الذباب أجسادهم. الدّكاكين والمغازات والبيوت والعمارات تتناسل ألهاها التكاثر. وأهل بلادي يطلقون البخور ويصلّون من أجلها النّوافل.

شوارع بلادي لا تنام والأنام ينامون ويركنون للأحلام. ما أحلى بلادي وما أبهاها. أبوابها مشرعة منذ الصّباح تعجّ بالحركة والصّياح. يومها كألف سنة ممّا نعدّ...

بين شوارع بلادي وضواحيها حكاية طويلة. بين شوارع بلادي وكراسي القاعات حديث وحديث لا يعلمه إلاّ الرّاسخون في العلم.

شوارع بلادي تعشق أهلها وتودّ وصالهم. تتحوّل إليهم وتهشّ في وجوههم وتبشّ وتهلّل أساريرهم. تحيي جيوبهم وهي رميم. تنزع عنهم الخمول والكآبة والكوابيس.

شوارع بلادي تتجدّد. تنفر الرّتابة. تصنع العيون الجميلة والأنوف المتجدّدة والأفواه الهتّاكة والضرّاسة والقضّامة.

شوارع بلادي مبتسمة ضاحكة لا يدركها التّأوه والبكاء: جرائدها زاهية وأغانيها سارّة منتصبة على الطريق. أنا مشدود إلى شوارع بلادي ومسحور بها. دهشتي منها تفلت منّي الزمام. دخلتها فنسيت السماء. صعّرت لي خدّها وأعطتني صحن خدّها. روائحها مثل العنبر. ولكنّي لا أقرب ريبة ولا أستخفّ إلى منكر. ما لي دون النّظر خبر.

سلّتي تودّ لو شوارع بلادي تنجزها ما تعد وتشفي حملها ممّا تجد. دقات ساعات بلادي معطّبة، تشرئبّ لها الأعناق.

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews