إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

راضية الجربي لـ"الصباح": حان الوقت لمراجعة قانون الجمعيات والأحزاب لم أر تخوفا على حقوق المرأة في الدستور الجديد

 

 

المؤسف أن من كانوا سببا في "تكبيل" 

تونس – الصباح

   على خلاف تخوف أغلب القوى السياسية والمدنية على الحقوق والحريات وما ذهبت إليه القراءات والتأويلات للمسألة في الدستور الجديد، أكدت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، أنه ليس هناك خوف على حقوق المرأة بشكل خاص في دستور تونس 2022 بل تعتبر أن هذا الدستور الجديد حفظ الحقوق التي كانت محل جدل وتخوف وشكوك حول إمكانية التراجع عنها أو نسفها من قبيل التناصف ونبذ العنف ضد المرأة والمساواة مؤكدة أنه تم التنصيص عليها قي دستور 2022 بشكل عمل على حفظها، وفق ما أفادت به في حوارها لـ"الصباح". وكشفت وفسرت أسباب ذلك، موقف الاتحاد كمنظمة وطنية من الدستور الجديد وبعض المسائل الأخرى المطروحة فيه والقضايا الراهنة. كما تطرقت إلى موقف الاتحاد من قانون الجمعيات والدعوة التي وجهتها إلى رئيس الجمهورية في الغرض والقانون الانتخابي. ودعت الأحزاب السياسية إلى الكف عن توظيف المرأة وقضاياها وغيرها من المسائل الأخرى في الحوار التالي:

• فيما تعالت أصوات عديد الجهات السياسية والمدنية وغيرها معبرة عن خوفها على حقوق المرأة في الدستور الجديد، لم نر صوت الاتحاد الوطني للمرأة التونسية ضمن صفوف هذه الأصوات" فما هو تفسيرك لذلك؟

-للأمانة ليس هناك تخوف على حقوق المرأة في الدستور الجديد، ولم أر ما يدعو للخوف والريبة، لأن دستور تونس 2022 كفل تقريبا جملة من الحقوق التي كنا نناضل من أجلها ونخشى التراجع عنها، تمت دسترتها على غرار مسألة التناصف وتكافؤ الفرص. وأعتقد أن ما أثير حول حقوق المرأة تحديدا مسألة مبالغ فيها. وفي تقديري ما جاء في الدستور الجديد حول المسألة لم يختلف عما ورد في دستور 2014 في باب الحقوق والحريات، ولكن مسألة مدى الالتزام بتطبيق ذلك على أرض الواقع.

• وهل ينسحب نفس موقفك من الدستور على الحقوق والحريات بشكل عام؟

-في الحقيقة وفي هذا الجانب هناك وجهات نظر تختلف نوعا ما عما سبق، لأن المسألة رهينة تطبيق الدستور لأن في دستور 2014 رأينا عديد المكاسب ولكن ظلت في مستوى النصوص فقط وتم التراجع عنها ولم تطبق على غرار ما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية أو حرية الضمير وغيرها. وظلت بدورها رهينة قراءة القضاة واستيعابهم للدستور ومدى الفهم والإطلاع والتشبع بالمبادئ واتفاقيات والمعاهدات الدولية والأممية. فبعضهم ظل ملتصقا بالنصوص دون الذهاب إلى روح الدستور. فمثلا ما يتعلق بالفصل الخامس في الدستور الجديد تبقى المسألة رهينة اجتهاد وفهم القضاة، لأن هناك عديد النصوص في التشريع التونسي معتمدة في المجلات القانونية بما في ذلك مجلة الأحوال الشخصية ومنبثقة عن مصادر التشريع لكن هناك قضاة استبعدوا الاتفاقيات الدولية وطبقوا التشريع دون اجتهاد مثلا أثناء التعاطي مع بعض الحالات، فيما نحا آخرون منحى مغايرا. فالمسالة رهينة التأويل ومدى التزام القضاة بواقع وشروط العصر، لأنه ليس لها قدسية النص لذلك فهي قابلة للمراجعة كما للتأويل.

• إذن أنت تعتبرين أنه لا خوف أيضا على "حضور وحظوظ" المرأة في القانون الانتخابي الجديد بناء على موقفك من الدستور؟

-مهم جدا في تقديري أن يتم تكريس وتطبيق ما ورد في الدستور الجديد في عديد الأبواب والفصول المتعلقة بحقوق المرأة في القانون الانتخابي المرتقب. لهذا اعتبرنا داخل المنظمة أن دسترة حقوق النساء مهم جدا لأنه يمكن أن ينسحب ذلك على سياسة الدولة المستقبلية في التعاطي مع هذه الشريحة من المجتمع. فمن المنتظر أن يكون تطبيق التناصف مثلا في القانون الانتخابي بصفة يسيرة. وأذكر أننا قدمنا مقترحا في الغرض أثناء مشاركتنا في الحوار الوطني حول مشروع الدستور في جوان الماضي بأن يتم اختيار امرأة ورجل. ثم إن الحديث حول هذه المسألة سابق لأوانه ولكن في كل الحالات أعتقد أنه سيحفظ ويكرس حقوق المرأة التي نص عليها الدستور.

• ما هي قراءتك للشكل الجديد للهيئات التشريعية بعد إعلان رئيس الجمهورية عن انتخاب نواب برلمان الشعب ومجلس الجهات والأقاليم؟

-في تقديري كامرأة قانون النظام التشريعي بغرفتين مهم جدا بعد نجاح التجربة في البلدان المتقدمة نظرا لما يوفره من فرصة لتطبيق الديمقراطية وإعطاء فرصة للجهات الأقل حظا أو المهيمنة على حد السواء للمساهمة في صياغة سياسة تنموية لاسيما في هذه المرحلة الصعبة.

ولكن من سوء الحظ أنه تم استبعاد مشروع المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تم تقديمه كمقترح هام في مشروع الدستور لأنه في تقديري أنجع اختيار في هذه المرحلة لإحداث إصلاحات اقتصادية شاملة تشارك فيه كفاءات ومختصين وخبراء في مختلف المجالات يتوفرون على مؤهلات مناقشة ودراسة وتقديم مقترحات وحلول لبرامج واتفاقيات دولية فيما يتعلق بالبيئة أو الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة والصناعات الذكية وغيرها. لأنه لا أعتقد أنه بانتخاب نواب غير مختصين قادرون على تقديم الإضافة في هذا الجانب. لأن منح مجلس الجهات النظر أو مناقشة الاتفاقيات الدولية مثلا من قبيل المجازفة غير المحمودة بالمرة. لذلك فإن وجود مجلس اقتصادي واجتماعي يتكون من كفاءات وخبراء في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية يعد من أوكد الضرورات لتحقيق الإصلاحات المطلوبة للدولة والوضع اليوم لأن مجلس النواب يظل تشريعيا بامتياز ولا يمكنه أيضا القيام بهذا الدور وهو سبب الأخطاء التي عرفتها العشرية الماضية.

• هل تشاطرين الرأي القائل بأنه من أسباب تراجع دور المجتمع المدني "تسييسه" وحياده عن دوره المدني؟

-أعتقد أن المجتمع المدني لم يتراجع بل حافظ على دوره، ولكن البعض من مكوناته انقلبت إلى مجتمع سياسي بسبب ضعف الطبقة السياسية بعد أن فقد السياسي دوره السياسي والمدني، من العوامل التي أدت إلى اختراق بعضها وتسييس بعض مكوناته، وقد تبين ذلك جليا في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021. لذلك كان المجتمع المدني البديل في هذا الجانب وهو تقريبا ما صنع الفارق وحقق المعادلة في بعض الجوانب في العشرية الماضية رغم أن دوره اجتماعي مدني حقوقي بالأساس.

• هل ينسحب الأمر على الاتحاد الوطني للمرأة؟

-صحيح أن منظمتنا مرت بتجربة جد مريرة في تاريخها بعد أن كانت محسوبة على الحزب الحاكم قبل الثورة وذلك بوجود فصل في قانونه الداخلي ينص على العمل مع الحزب الاشتراكي الدستوري. المؤسف أن من كانت وراء ذلك تناضل اليوم باسم الدولة المدنية والحقوق. لكن من حسن حطنا أننا نجحنا في فك هذا الارتباط المقيت مع التحزب، وكل الأحزاب بعد الثورة حاولت استقطابنا ووضع اليد على منظمتنا المدنية لكننا وقفنا صدا منيعا ضد السقوط في نفس "الخندق" فكان أن عرفنا أشد العقوبات إلى حد الآن من تجييش ضدنا إضافة إلى الخطايا والأحكام بالعُقل. فنحن اليوم لسنا مستعدين للتفريط في استقلاليتنا ونقول رأينا بكل تجرد وحرية واستقلالية في مسائل وقضايا تهم المرأة والمجتمع أو غيرها من القضايا الوطنية والمسائل السيادية.

• بِمَ تفسرين عودة الاتحاد كمنظمة ناشطة إن لم تكن وازنة في الفترة الأخيرة؟

-صحيح أن صوت الاتحاد الوطني للمرأة اليوم مسموع ويصدح عاليا وهذا بفضل نضالات بناته والمؤمنين بدور هذه المنظمة العريقة في الدولة والمجتمع. ثم إن تحررنا من التوظيف السياسي واستقلاليتنا وإصرار القائمين عليه دور في وضع المنظمة على سكتها الصحيحة. لذلك لم نتوان في إبداء رأينا المختلف عن الجهة الحاكمة والنافذة بكل حرية أو مع بقية الطيف الحزبي والسياسي المكون للمشهد في تونس. والمسالة ليست سهلة ويكفي أن أذكر أننا قدمنا قراءتنا النقدية وموقفنا من توطئة دستور 2022 مثلا أو الفصل الخامس أو السلطة التنفيذية وما تعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية رغم أننا لسنا حزبا سياسيا ولسنا في المعارضة أيضا.

• قلت في سياق حديثك أن من أبرز الإشكالات التي عرفتها بلادنا الجمعيات في العشرية الأخيرة، ماذا تقصدين بذلك؟

-أنا أقول وأكرر وأعيد، يجب تنقيح قانون الجمعيات الذي تم وضعه ما بعد 2011 وإرجاع مسألة الاختصاص. لأن هذا مهم جدا لوضع حد للتجاوزات والانتهاكات التي طالت المجتمع والدولة وأجهزتها. فهو السبب الذي فتح باب دخول الإرهاب والفساد وأفرغ المجتمع المدني من دوره ليفتح المجال للتعليم الموازي.

• ولكن عدد كبير من الجمعيات وضعت المرأة الريفية والمهمشة ضمن عناوين برامجها العريضة في العشرية الماضية؟

-صحيح أن جل الجمعيات إن لم تكن كلها وضعت المرأة الريفية نصب برامجها، وتحصلت تحت هذا العنوان على دعم مادي كبير من خارج تونس وداخلها ولكنها لم تغير من وضع هذه الفئة أو غيرها لأنها كانت خادمة لأجندات حزبية وضمن حملات انتخابية لا غير. ولكن من حافظ على دوره في العناية بالنساء في الأرياف والمناطق المهمشة والمحرومة بقي الاتحاد أو الهلال الأحمر فقط. لذلك أجدد القول أنه حان الوقت لمراجعة قانون الجمعيات والأحزاب على حد السواء لأن بلادنا في حاجة إلى "أجسام" وكفاءات قادرة على العمل والقيام بالإصلاحات الضرورية.

• تحدثت عن سياسة الاتحاد الجديدة والمراجعات التي انخرط في تكريسها في سياسته الداخلية والخارجية، كيف ذلك؟

-مثلما أسلفت الذكر حرصنا على الاتعاظ من تجربة ما قبل 2011، والمحافظة على استقلاليتنا. لذلك نراهن على تكريس ثقافة الوعي وحب العمل. لأنه لا يمكن تغيير وضع الفرد أو الأسرة أو المجموعة والدولة إلا بالعمل.

• ولكن بعض الجهات الأخرى اختارت الاحتجاجات للمطالبة بتغيير وضعها أليس ذلك حلا؟

-الكل يعلم أن الاحتجاجات والخروج للشارع لا يغير شيئا لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها بلادنا كما العالم في هذه الفترة لعدة عوامل داخلية نتيجة السياسيات الفاشلة للدولة، وخارجية بسبب تداعيات الأزمة الصحية العالمية. فأنا أؤمن إيمانا شديدا أن العمل وحده الكفيل بتغيير الأوضاع، لكن للأسف في تونس سادت في عديد الأوساط والإدارة والمؤسسات ثقافة التسيب والتواكل مقابل مراهنة أغلب القوى السياسية على هذه الثقافة وهذا العامل في صراعها السياسي وهذا ما أزم الوضع ويكفي التذكير بما حققته الصين كقوة عالمية اليوم التي كانت قبل 20 سنة تقريبا في أحلك حالاتها وأزماتها الاقتصادية بفضل تركيز سياستها على فرض ثقافة العمل وعدم التهاون وأيضا ألمانيا. فبلادنا اليوم في حاجة إلى تكريس ثقافة العمل وفتح المجال للكفاءات لا غير بعيدا عن أي شكل من أشكال المحسوبية.

• أشرت في حديثك أن الاتحاد يعمل على أن يكون شريكا في برامج إصلاحية، كيف ذلك؟

-صحيح أن بلادنا ومجتمعنا اليوم في حاجة إلى مراجعة المنظومة التربوية كاملة من أجل بناء جيل جديد يؤمن بقيم لم تعد موجودة بعد أن فقدت الأسرة دورها وتراجعت المنظومة التربوية وتأثيرها السلبي على شخصية التلميذ وتكوينه، وتراجع كذلك للقيم المجتمعية وهذا لا يتحقق إلا بتغيير مناهج التعليم، وقد تحدثت في الأمر مع الجهات المعنية أساسا منها وزارة المرأة إضافة إلى وزارة التربية وذلك من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ الأجيال الصاعدة على أقل تقدير.

حوار نزيهة الغضباني 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  راضية الجربي لـ"الصباح": حان الوقت لمراجعة قانون الجمعيات والأحزاب لم أر تخوفا على حقوق المرأة في الدستور الجديد

 

 

المؤسف أن من كانوا سببا في "تكبيل" 

تونس – الصباح

   على خلاف تخوف أغلب القوى السياسية والمدنية على الحقوق والحريات وما ذهبت إليه القراءات والتأويلات للمسألة في الدستور الجديد، أكدت راضية الجربي، رئيسة الاتحاد الوطني للمرأة التونسية، أنه ليس هناك خوف على حقوق المرأة بشكل خاص في دستور تونس 2022 بل تعتبر أن هذا الدستور الجديد حفظ الحقوق التي كانت محل جدل وتخوف وشكوك حول إمكانية التراجع عنها أو نسفها من قبيل التناصف ونبذ العنف ضد المرأة والمساواة مؤكدة أنه تم التنصيص عليها قي دستور 2022 بشكل عمل على حفظها، وفق ما أفادت به في حوارها لـ"الصباح". وكشفت وفسرت أسباب ذلك، موقف الاتحاد كمنظمة وطنية من الدستور الجديد وبعض المسائل الأخرى المطروحة فيه والقضايا الراهنة. كما تطرقت إلى موقف الاتحاد من قانون الجمعيات والدعوة التي وجهتها إلى رئيس الجمهورية في الغرض والقانون الانتخابي. ودعت الأحزاب السياسية إلى الكف عن توظيف المرأة وقضاياها وغيرها من المسائل الأخرى في الحوار التالي:

• فيما تعالت أصوات عديد الجهات السياسية والمدنية وغيرها معبرة عن خوفها على حقوق المرأة في الدستور الجديد، لم نر صوت الاتحاد الوطني للمرأة التونسية ضمن صفوف هذه الأصوات" فما هو تفسيرك لذلك؟

-للأمانة ليس هناك تخوف على حقوق المرأة في الدستور الجديد، ولم أر ما يدعو للخوف والريبة، لأن دستور تونس 2022 كفل تقريبا جملة من الحقوق التي كنا نناضل من أجلها ونخشى التراجع عنها، تمت دسترتها على غرار مسألة التناصف وتكافؤ الفرص. وأعتقد أن ما أثير حول حقوق المرأة تحديدا مسألة مبالغ فيها. وفي تقديري ما جاء في الدستور الجديد حول المسألة لم يختلف عما ورد في دستور 2014 في باب الحقوق والحريات، ولكن مسألة مدى الالتزام بتطبيق ذلك على أرض الواقع.

• وهل ينسحب نفس موقفك من الدستور على الحقوق والحريات بشكل عام؟

-في الحقيقة وفي هذا الجانب هناك وجهات نظر تختلف نوعا ما عما سبق، لأن المسألة رهينة تطبيق الدستور لأن في دستور 2014 رأينا عديد المكاسب ولكن ظلت في مستوى النصوص فقط وتم التراجع عنها ولم تطبق على غرار ما هو منصوص عليه في الاتفاقيات الدولية أو حرية الضمير وغيرها. وظلت بدورها رهينة قراءة القضاة واستيعابهم للدستور ومدى الفهم والإطلاع والتشبع بالمبادئ واتفاقيات والمعاهدات الدولية والأممية. فبعضهم ظل ملتصقا بالنصوص دون الذهاب إلى روح الدستور. فمثلا ما يتعلق بالفصل الخامس في الدستور الجديد تبقى المسألة رهينة اجتهاد وفهم القضاة، لأن هناك عديد النصوص في التشريع التونسي معتمدة في المجلات القانونية بما في ذلك مجلة الأحوال الشخصية ومنبثقة عن مصادر التشريع لكن هناك قضاة استبعدوا الاتفاقيات الدولية وطبقوا التشريع دون اجتهاد مثلا أثناء التعاطي مع بعض الحالات، فيما نحا آخرون منحى مغايرا. فالمسالة رهينة التأويل ومدى التزام القضاة بواقع وشروط العصر، لأنه ليس لها قدسية النص لذلك فهي قابلة للمراجعة كما للتأويل.

• إذن أنت تعتبرين أنه لا خوف أيضا على "حضور وحظوظ" المرأة في القانون الانتخابي الجديد بناء على موقفك من الدستور؟

-مهم جدا في تقديري أن يتم تكريس وتطبيق ما ورد في الدستور الجديد في عديد الأبواب والفصول المتعلقة بحقوق المرأة في القانون الانتخابي المرتقب. لهذا اعتبرنا داخل المنظمة أن دسترة حقوق النساء مهم جدا لأنه يمكن أن ينسحب ذلك على سياسة الدولة المستقبلية في التعاطي مع هذه الشريحة من المجتمع. فمن المنتظر أن يكون تطبيق التناصف مثلا في القانون الانتخابي بصفة يسيرة. وأذكر أننا قدمنا مقترحا في الغرض أثناء مشاركتنا في الحوار الوطني حول مشروع الدستور في جوان الماضي بأن يتم اختيار امرأة ورجل. ثم إن الحديث حول هذه المسألة سابق لأوانه ولكن في كل الحالات أعتقد أنه سيحفظ ويكرس حقوق المرأة التي نص عليها الدستور.

• ما هي قراءتك للشكل الجديد للهيئات التشريعية بعد إعلان رئيس الجمهورية عن انتخاب نواب برلمان الشعب ومجلس الجهات والأقاليم؟

-في تقديري كامرأة قانون النظام التشريعي بغرفتين مهم جدا بعد نجاح التجربة في البلدان المتقدمة نظرا لما يوفره من فرصة لتطبيق الديمقراطية وإعطاء فرصة للجهات الأقل حظا أو المهيمنة على حد السواء للمساهمة في صياغة سياسة تنموية لاسيما في هذه المرحلة الصعبة.

ولكن من سوء الحظ أنه تم استبعاد مشروع المجلس الاقتصادي والاجتماعي الذي تم تقديمه كمقترح هام في مشروع الدستور لأنه في تقديري أنجع اختيار في هذه المرحلة لإحداث إصلاحات اقتصادية شاملة تشارك فيه كفاءات ومختصين وخبراء في مختلف المجالات يتوفرون على مؤهلات مناقشة ودراسة وتقديم مقترحات وحلول لبرامج واتفاقيات دولية فيما يتعلق بالبيئة أو الاقتصاد الأخضر والطاقة المتجددة والصناعات الذكية وغيرها. لأنه لا أعتقد أنه بانتخاب نواب غير مختصين قادرون على تقديم الإضافة في هذا الجانب. لأن منح مجلس الجهات النظر أو مناقشة الاتفاقيات الدولية مثلا من قبيل المجازفة غير المحمودة بالمرة. لذلك فإن وجود مجلس اقتصادي واجتماعي يتكون من كفاءات وخبراء في مختلف المجالات الاقتصادية والصناعية يعد من أوكد الضرورات لتحقيق الإصلاحات المطلوبة للدولة والوضع اليوم لأن مجلس النواب يظل تشريعيا بامتياز ولا يمكنه أيضا القيام بهذا الدور وهو سبب الأخطاء التي عرفتها العشرية الماضية.

• هل تشاطرين الرأي القائل بأنه من أسباب تراجع دور المجتمع المدني "تسييسه" وحياده عن دوره المدني؟

-أعتقد أن المجتمع المدني لم يتراجع بل حافظ على دوره، ولكن البعض من مكوناته انقلبت إلى مجتمع سياسي بسبب ضعف الطبقة السياسية بعد أن فقد السياسي دوره السياسي والمدني، من العوامل التي أدت إلى اختراق بعضها وتسييس بعض مكوناته، وقد تبين ذلك جليا في مرحلة ما بعد 25 جويلية 2021. لذلك كان المجتمع المدني البديل في هذا الجانب وهو تقريبا ما صنع الفارق وحقق المعادلة في بعض الجوانب في العشرية الماضية رغم أن دوره اجتماعي مدني حقوقي بالأساس.

• هل ينسحب الأمر على الاتحاد الوطني للمرأة؟

-صحيح أن منظمتنا مرت بتجربة جد مريرة في تاريخها بعد أن كانت محسوبة على الحزب الحاكم قبل الثورة وذلك بوجود فصل في قانونه الداخلي ينص على العمل مع الحزب الاشتراكي الدستوري. المؤسف أن من كانت وراء ذلك تناضل اليوم باسم الدولة المدنية والحقوق. لكن من حسن حطنا أننا نجحنا في فك هذا الارتباط المقيت مع التحزب، وكل الأحزاب بعد الثورة حاولت استقطابنا ووضع اليد على منظمتنا المدنية لكننا وقفنا صدا منيعا ضد السقوط في نفس "الخندق" فكان أن عرفنا أشد العقوبات إلى حد الآن من تجييش ضدنا إضافة إلى الخطايا والأحكام بالعُقل. فنحن اليوم لسنا مستعدين للتفريط في استقلاليتنا ونقول رأينا بكل تجرد وحرية واستقلالية في مسائل وقضايا تهم المرأة والمجتمع أو غيرها من القضايا الوطنية والمسائل السيادية.

• بِمَ تفسرين عودة الاتحاد كمنظمة ناشطة إن لم تكن وازنة في الفترة الأخيرة؟

-صحيح أن صوت الاتحاد الوطني للمرأة اليوم مسموع ويصدح عاليا وهذا بفضل نضالات بناته والمؤمنين بدور هذه المنظمة العريقة في الدولة والمجتمع. ثم إن تحررنا من التوظيف السياسي واستقلاليتنا وإصرار القائمين عليه دور في وضع المنظمة على سكتها الصحيحة. لذلك لم نتوان في إبداء رأينا المختلف عن الجهة الحاكمة والنافذة بكل حرية أو مع بقية الطيف الحزبي والسياسي المكون للمشهد في تونس. والمسالة ليست سهلة ويكفي أن أذكر أننا قدمنا قراءتنا النقدية وموقفنا من توطئة دستور 2022 مثلا أو الفصل الخامس أو السلطة التنفيذية وما تعلق بصلاحيات رئيس الجمهورية رغم أننا لسنا حزبا سياسيا ولسنا في المعارضة أيضا.

• قلت في سياق حديثك أن من أبرز الإشكالات التي عرفتها بلادنا الجمعيات في العشرية الأخيرة، ماذا تقصدين بذلك؟

-أنا أقول وأكرر وأعيد، يجب تنقيح قانون الجمعيات الذي تم وضعه ما بعد 2011 وإرجاع مسألة الاختصاص. لأن هذا مهم جدا لوضع حد للتجاوزات والانتهاكات التي طالت المجتمع والدولة وأجهزتها. فهو السبب الذي فتح باب دخول الإرهاب والفساد وأفرغ المجتمع المدني من دوره ليفتح المجال للتعليم الموازي.

• ولكن عدد كبير من الجمعيات وضعت المرأة الريفية والمهمشة ضمن عناوين برامجها العريضة في العشرية الماضية؟

-صحيح أن جل الجمعيات إن لم تكن كلها وضعت المرأة الريفية نصب برامجها، وتحصلت تحت هذا العنوان على دعم مادي كبير من خارج تونس وداخلها ولكنها لم تغير من وضع هذه الفئة أو غيرها لأنها كانت خادمة لأجندات حزبية وضمن حملات انتخابية لا غير. ولكن من حافظ على دوره في العناية بالنساء في الأرياف والمناطق المهمشة والمحرومة بقي الاتحاد أو الهلال الأحمر فقط. لذلك أجدد القول أنه حان الوقت لمراجعة قانون الجمعيات والأحزاب على حد السواء لأن بلادنا في حاجة إلى "أجسام" وكفاءات قادرة على العمل والقيام بالإصلاحات الضرورية.

• تحدثت عن سياسة الاتحاد الجديدة والمراجعات التي انخرط في تكريسها في سياسته الداخلية والخارجية، كيف ذلك؟

-مثلما أسلفت الذكر حرصنا على الاتعاظ من تجربة ما قبل 2011، والمحافظة على استقلاليتنا. لذلك نراهن على تكريس ثقافة الوعي وحب العمل. لأنه لا يمكن تغيير وضع الفرد أو الأسرة أو المجموعة والدولة إلا بالعمل.

• ولكن بعض الجهات الأخرى اختارت الاحتجاجات للمطالبة بتغيير وضعها أليس ذلك حلا؟

-الكل يعلم أن الاحتجاجات والخروج للشارع لا يغير شيئا لاسيما في ظل الأوضاع الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تعيشها بلادنا كما العالم في هذه الفترة لعدة عوامل داخلية نتيجة السياسيات الفاشلة للدولة، وخارجية بسبب تداعيات الأزمة الصحية العالمية. فأنا أؤمن إيمانا شديدا أن العمل وحده الكفيل بتغيير الأوضاع، لكن للأسف في تونس سادت في عديد الأوساط والإدارة والمؤسسات ثقافة التسيب والتواكل مقابل مراهنة أغلب القوى السياسية على هذه الثقافة وهذا العامل في صراعها السياسي وهذا ما أزم الوضع ويكفي التذكير بما حققته الصين كقوة عالمية اليوم التي كانت قبل 20 سنة تقريبا في أحلك حالاتها وأزماتها الاقتصادية بفضل تركيز سياستها على فرض ثقافة العمل وعدم التهاون وأيضا ألمانيا. فبلادنا اليوم في حاجة إلى تكريس ثقافة العمل وفتح المجال للكفاءات لا غير بعيدا عن أي شكل من أشكال المحسوبية.

• أشرت في حديثك أن الاتحاد يعمل على أن يكون شريكا في برامج إصلاحية، كيف ذلك؟

-صحيح أن بلادنا ومجتمعنا اليوم في حاجة إلى مراجعة المنظومة التربوية كاملة من أجل بناء جيل جديد يؤمن بقيم لم تعد موجودة بعد أن فقدت الأسرة دورها وتراجعت المنظومة التربوية وتأثيرها السلبي على شخصية التلميذ وتكوينه، وتراجع كذلك للقيم المجتمعية وهذا لا يتحقق إلا بتغيير مناهج التعليم، وقد تحدثت في الأمر مع الجهات المعنية أساسا منها وزارة المرأة إضافة إلى وزارة التربية وذلك من أجل القيام بالإصلاحات اللازمة لإنقاذ الأجيال الصاعدة على أقل تقدير.

حوار نزيهة الغضباني 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews