مع اشتداد الازمة العالمية ونشب أنيابها في عدد من الدول الفقيرة التي كانت أشد تأثّرا بالفقر ظهرت عديد الكوارث التي تهدّد كيان هذه المجتمعات ومستقبلها . ومن أهمّها الاستغلال الفاحش للأطفال من قبل ذويهم حتى وصل الأمر لحد عرضهم للبيع كما يحدث في العراق وفي باكستان ومصر وغيرها من الدول . فضلا عن اجبارهم على ترك مقاعد الدراسة والحاقهم غصبا بالأعمال الشاقة التي تتناسب مع أعمارهم بحجة المساعدة في مصاريف الأسرة.
ويتفاقم الامر في الدول الافريقية خاصة حيث يعدّ يجبر أكثر من خُمس الأطفال في القارة الأفريقية (نحو 87 مليون طفل) على الأعمال اليدوية والشاقة.
فضلا على استغلال القاصرات في زواج المصالح و الاتجار بالبشر حيث يتم تزويج 12 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم قبل عيد ميلادهن الثامن عشر كل عام بحسب "اليونيسيف". وأغلبهن يتم في دول عربية كسوريا والعراق ومصر واليمن.
والجريمة الأكبر باعتقادنا هي الزج بالأطفال في الحروب أو ما يعرف بجيوش الأطفال حيث تمّ الزجّ بحوالي 300 ألف طفل، في الحرب المباشرة وبعضهم لم يتعد سنه سبع سنوات، في 2019. بحسب ما كشفته منظمة "رؤية العالم" الدولية وغير الحكومية في آخر تقرير نشرته بمناسبة اليوم العالمي للأطفال المجندين المصادف لـ12 فيري من كل عام.
في تونس ما كنّا نراه بعيدا أصبح قريبا وواقعا معاشا حيث يعدّ الأطفال أكبر ضحايا الازمة التي تتخبط فيها البلاد حيث قفزت نسبة الانقطاع المدرسي في السنتين الفارطتين الى أرقام مفجعة حيث انقطع 72991 تلميذا عن الدراسة نهاية السنة الدراسية من بينهم 31311 تلميذا من مرحلة التعليم الاعدادي و7220 تلميذا من المرحلة الابتدائية.
وهذا ما ينتج عنه نسقا مرتفعا للإجرام بين القصّر وهو ما انجرّ عنه التحاق الالاف من القصّر بسوق الشغل الصعبة سواء بصفة تلقائية أو بدفع من الوالدين يقدّر بـ 180 الف طفل عامل .وفي كلا الحالتين على الدولة التدخل الحاسم ومنع هذا الاستغلال الفاحش لهذه الفئة الأضعف في المجتمع.
ومن المعروف أن لدينا قصورا وتقصيرا في القوانين المناهضة لعمل الأطفال بل ان عددا من فصول مجلة الشغل يشجّع على ذلك من ذلك الفصل 58 الذي ينص على أنه “لا يجوز أن يقل عن ثمانية عشر عاما السنّ الأدنى للقبول في أيّ نوع من أنواع الأعمال التي يمكن بحكم طبيعتها أو الظروف التي يقع القيام بها أن تعرّض صحة أو سلامة أو أخلاق الأطفال للخطر. وتحدّد أنواع الأعمال المشار إليها بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية، يتخذ بعد استشارة المنظمات المهنية لأصحاب العمل والعمال الأكثر تمثيلا”.
ووفقا لهذا الفصل العجيب فإن الأعمال التي تنتفي فيها شروط التعرض للسلامة والخطر هي أعمال مشروعة ويمكن للطفل ممارستها بكل حريّة.
كما ينص الفصل 55 من مجلة الشغل على تخفيض سنّ قبول الأطفال في العمل إلى ثلاثة عشر عاما في الأعمال الفلاحية الخفيفة التي لا تضرّ بصحتهم ونموّهم، ولا تمس بمواظبتهم وقدراتهم على الدراسة، ومشاركتهم فـي برامج التكوين المهني.
والحل يبقى في تعزيز حماية الطفل ووضع قانون صارم يمنع عمل الأطفال ولابعدم وضع استثناءات قانونية في مجال الشغل، وبإنشاء رقابة صارمة على الإخلالات التي تنتهك حقوق الطفل، داعيا إلى وضع آليات واضحة للتبليغ عن عمالة الأطفال.
كذلك لابدّ من التصدّي لظاهرة تسوّل الأطفال التي بدأت نغزو شوارعنا و التي تتخذ أشكالا عديدة منها بيع المناديل الورقية ومنها التسول المباشر و منها طلب مسح زجاج السيارات أو اقتطاع التذاكر في محطات الاستخلاص.ووفقا للأرقم الرسمية فقط فقد بلغ عدد الإشعارات المتعلقة بتعريض الأطفال للتسول واستغلالهم اقتصاديا مثلا 833 إشعارا خلال سنتي 2020 و2021.و من المؤكّد أن عدد غير المبلّغ عنهم يساوي أضعاف ما هو معلن .
أمّا الأخطر من هذا كله هو تعمّد عدد من العائلات بإلقاء فلذات أكبادهم في البحر ظنا منهم أن لديهم حق اللجوء والاقامة في الخارج أو اصطحابهم في رحلات الموت هذه.
وجب التصدي لكل من تسوّل له نفسه استغلال القصّر وعلى الأولياء أن يفهموا أن أبنائهم ليسوا ملكية خاصة يشكّلونها كيفما يشاؤون بل هم أمانة عندهم وجب الحفاظ عليها ورعايتها وإعادتها للمجتمع شخصية فاعلة ومنتجة.
بقلم:د.ريم بالخذيري
مع اشتداد الازمة العالمية ونشب أنيابها في عدد من الدول الفقيرة التي كانت أشد تأثّرا بالفقر ظهرت عديد الكوارث التي تهدّد كيان هذه المجتمعات ومستقبلها . ومن أهمّها الاستغلال الفاحش للأطفال من قبل ذويهم حتى وصل الأمر لحد عرضهم للبيع كما يحدث في العراق وفي باكستان ومصر وغيرها من الدول . فضلا عن اجبارهم على ترك مقاعد الدراسة والحاقهم غصبا بالأعمال الشاقة التي تتناسب مع أعمارهم بحجة المساعدة في مصاريف الأسرة.
ويتفاقم الامر في الدول الافريقية خاصة حيث يعدّ يجبر أكثر من خُمس الأطفال في القارة الأفريقية (نحو 87 مليون طفل) على الأعمال اليدوية والشاقة.
فضلا على استغلال القاصرات في زواج المصالح و الاتجار بالبشر حيث يتم تزويج 12 مليون فتاة في جميع أنحاء العالم قبل عيد ميلادهن الثامن عشر كل عام بحسب "اليونيسيف". وأغلبهن يتم في دول عربية كسوريا والعراق ومصر واليمن.
والجريمة الأكبر باعتقادنا هي الزج بالأطفال في الحروب أو ما يعرف بجيوش الأطفال حيث تمّ الزجّ بحوالي 300 ألف طفل، في الحرب المباشرة وبعضهم لم يتعد سنه سبع سنوات، في 2019. بحسب ما كشفته منظمة "رؤية العالم" الدولية وغير الحكومية في آخر تقرير نشرته بمناسبة اليوم العالمي للأطفال المجندين المصادف لـ12 فيري من كل عام.
في تونس ما كنّا نراه بعيدا أصبح قريبا وواقعا معاشا حيث يعدّ الأطفال أكبر ضحايا الازمة التي تتخبط فيها البلاد حيث قفزت نسبة الانقطاع المدرسي في السنتين الفارطتين الى أرقام مفجعة حيث انقطع 72991 تلميذا عن الدراسة نهاية السنة الدراسية من بينهم 31311 تلميذا من مرحلة التعليم الاعدادي و7220 تلميذا من المرحلة الابتدائية.
وهذا ما ينتج عنه نسقا مرتفعا للإجرام بين القصّر وهو ما انجرّ عنه التحاق الالاف من القصّر بسوق الشغل الصعبة سواء بصفة تلقائية أو بدفع من الوالدين يقدّر بـ 180 الف طفل عامل .وفي كلا الحالتين على الدولة التدخل الحاسم ومنع هذا الاستغلال الفاحش لهذه الفئة الأضعف في المجتمع.
ومن المعروف أن لدينا قصورا وتقصيرا في القوانين المناهضة لعمل الأطفال بل ان عددا من فصول مجلة الشغل يشجّع على ذلك من ذلك الفصل 58 الذي ينص على أنه “لا يجوز أن يقل عن ثمانية عشر عاما السنّ الأدنى للقبول في أيّ نوع من أنواع الأعمال التي يمكن بحكم طبيعتها أو الظروف التي يقع القيام بها أن تعرّض صحة أو سلامة أو أخلاق الأطفال للخطر. وتحدّد أنواع الأعمال المشار إليها بقرار من الوزير المكلف بالشؤون الاجتماعية، يتخذ بعد استشارة المنظمات المهنية لأصحاب العمل والعمال الأكثر تمثيلا”.
ووفقا لهذا الفصل العجيب فإن الأعمال التي تنتفي فيها شروط التعرض للسلامة والخطر هي أعمال مشروعة ويمكن للطفل ممارستها بكل حريّة.
كما ينص الفصل 55 من مجلة الشغل على تخفيض سنّ قبول الأطفال في العمل إلى ثلاثة عشر عاما في الأعمال الفلاحية الخفيفة التي لا تضرّ بصحتهم ونموّهم، ولا تمس بمواظبتهم وقدراتهم على الدراسة، ومشاركتهم فـي برامج التكوين المهني.
والحل يبقى في تعزيز حماية الطفل ووضع قانون صارم يمنع عمل الأطفال ولابعدم وضع استثناءات قانونية في مجال الشغل، وبإنشاء رقابة صارمة على الإخلالات التي تنتهك حقوق الطفل، داعيا إلى وضع آليات واضحة للتبليغ عن عمالة الأطفال.
كذلك لابدّ من التصدّي لظاهرة تسوّل الأطفال التي بدأت نغزو شوارعنا و التي تتخذ أشكالا عديدة منها بيع المناديل الورقية ومنها التسول المباشر و منها طلب مسح زجاج السيارات أو اقتطاع التذاكر في محطات الاستخلاص.ووفقا للأرقم الرسمية فقط فقد بلغ عدد الإشعارات المتعلقة بتعريض الأطفال للتسول واستغلالهم اقتصاديا مثلا 833 إشعارا خلال سنتي 2020 و2021.و من المؤكّد أن عدد غير المبلّغ عنهم يساوي أضعاف ما هو معلن .
أمّا الأخطر من هذا كله هو تعمّد عدد من العائلات بإلقاء فلذات أكبادهم في البحر ظنا منهم أن لديهم حق اللجوء والاقامة في الخارج أو اصطحابهم في رحلات الموت هذه.
وجب التصدي لكل من تسوّل له نفسه استغلال القصّر وعلى الأولياء أن يفهموا أن أبنائهم ليسوا ملكية خاصة يشكّلونها كيفما يشاؤون بل هم أمانة عندهم وجب الحفاظ عليها ورعايتها وإعادتها للمجتمع شخصية فاعلة ومنتجة.