إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

الأزمة المالية والاجتماعية تتفاقم.. الرئيس حصن السياسة فماذا عن الاقتصاد؟

تونس-الصباح

حصن رئيس الجمهورية قيس سعيد مسار 25 جويلية بمراسيمه غير القابلة للطعن ونجح إلى حد الآن في فرض إرادته على الجميع بما فيهم القضاة ومن ورائهم المحكمة الإدارية في ظل رفض الرئيس تنفيذ أحكام إنهاء إعفاءات القضاة. لكن في المقابل يواجه الرئيس أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة لم ينجح إلى اليوم في كبح جماحها وظلت الملجأ الوحيد لمعارضيه لانتقاد الرئيس ومساره.

وإلى جانب صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي يواجه الرئيس قيس سعيد وحكومته تداعايات مستجدة للحرب في أوكرانيا عمقت أكثر فأكثر أزمة التوازنات المالية للدولة وتوفر السلع في الأسواق كما تهدد بمزيد من المخاطر حول الغذاء والأسمدة.

تفاقم المخاطر

وقد حذر بهذا الخصوص الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أول أمس من حدوث مجاعة في عام 2023 بسبب حظر صادرات الأسمدة وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد أشرفت مؤخرا على جلسة عمل وزارية خصصت للنظر في توفير الأسمدة الكيميائية الموجهة للسوق المحلية للموسم الفلاحي 2022-2023.

كما تناولت الجلسة عددا من المحاور ذات الصلة بإنتاج الأسمدة الكيماوية وبتكلفتها المحتملة ومدى تطور توفر هذه المادة بالسوق المحلية وتأثر المخزون الوطني بالنقائص أو الاضطرابات الطارئة، حيث تم التأكيد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار لهذه المعطيات خلال توجيه هذه المواد إلى الاستغلال في المجال الفلاحي.

كشف أيضا المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية عن حزمة بيانات كشفت أن القدرة الشرائية للعائلات التونسية شهدت مزيدا من التراجع خلال الفترة الممتدة من 2011 الى 2022 في وقت سجل فيه مؤشر الاستهلاك العائلي ارتفاعا ملحوظا من 4ر3 بالمائة إلى 3ر5 بالمائة.

كما كشف المعهد أن معدل الضغط الجبائي في تونس تجاوز ما بين 2011 و 2020 عتبة 22 بالمائة ووصل الى نسبة 25 بالمائة سنة 2022 ويعد هذا المستوى من بين الأعلى على إفريقيا، علما وأن هذه الظاهرة من بين أحد العوامل الدافعة نحو التهرب الضريبي في تونس.

تتالى أيضا تصريحات الخبراء في المجال الاقتصادي محذرة من خطورة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة فقد صرّح وزير التجارة سابقا والخبير الاقتصادي محسن حسن، في لقاء إذاعي أول أمس، أنّ تونس "تعيش وضعا اقتصاديا صعبا، ونسبة التضخم خطيرة جدا والوضعية الاقتصادية كارثية".

وشدّد محسن حسن على أهمية الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي للتمكّن من تنفيذ الإصلاحات الضرورية لكنه في المقابل تحدث عن معوقات الانطلاق في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة، ومنها عدم اعتماد البعد التشاركي وعدم الإقدام على إصلاح منظومة الدعم الذي يعود إلى تردي الوضع الاجتماعي للتونسيين..

الرئيس لا يكترث

في مواجهة هذه الأضواء الحمراء المشتعلة اقتصاديا واجتماعيا يقول معارضو الرئيس قيس سعيد أن هذا الأخير لا يكترث ويواصل التركيز على الجانب السياسي وتنفيذ خارطة الطريق التي رسمها لمسار 25 جويلية.

ويقول معارضوه أن الرئيس لا يقدم غير الوعود دون التقدم عمليا في أي انجاز اقتصادي إصلاحي.

وكان الرئيس قد عرج مؤخرا في كلمته بمناسبة ختم الدستور الجديد على الموضوع الاجتماعي لكن بشكل عرضي دون تقديم التوضيحات اللازمة .

واكتفى رئيس الجمهورية بالقول "إن قضية الحريات محسومة ولكن قضية العدل الاجتماعي هي التي تقتضي العناية والرعاية في المقام الأول.. لقد عانت الأغلبية كثيرا من التفقير ومن التنكيل وآن الأوان لوضع سياسات جديدة وتشريعات مختلفة في ظل مقاربة وطنية شاملة لا في ظل مقاربات قطاعية معزولة أثبتت التجربة فشلها ثم إن شبابنا ثروة وثروة لا تنضب ويكفي تمكينه من الوسائل القانونية حتى يصير فاعلا ويساهم في التنمية الحقيقية في كافة المجالات وفي كل الجهات..."

مضيفا "لهذا تم إنشاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم ..فمثل هذه الخيارات ستعيد للعمل قيمته ويتحقق العدل المنشود وتتحقق الكرامة الوطنية التي لن نتنازل عنها أبدا.. سنعمل معا في الفترة القادمة إن شاء الله بنفس العزيمة الثابتة وبنفس الإرادة التي لن تلين.. فإلى العمل والى الأمل وإنها لثورة في إطار شرعية مشروعة حتى النصر المبين".

انتقادات المعارضة

ويواجه الرئيس انتقادات معارضيه الذين يحملونه مسؤولية تفاقم الأزمة الاقتصادية في غياب الحلول والحوار. فقد وصف القيادي في التّيار الديمقراطي هشام العجبوني الوضع الاقتصادي بالخطير جدا لأن تونس تعيش فترة ركود تضخّمي، تتجسّد في نسبة نمو ضعيفة مقابل نسبة تضخم مرتفعة.

وانتقد العجبوني في تصريح إذاعي أول أمس طريقة تعامل رئيس الجمهورية قيس سعيّد مع الأزمة الاقتصادية التي تعانيها تونس، معتبرا أنّه يفتقد إلى رؤية واضحة، وكلّ وتصريحاته وإجاباته سياسية قانونية فقط، وفق تعبيره.

وأكد العجبوني على "أهمية الاستقرار السياسي، والحلّ للخروج من الأزمة الراهنة لا يمكن أن يكون فرديا، بل وجب التباحث والتناقش الجماعي خاصّة حول كيفية خلق الثروة".

من جهتها أصدرت حركة النهضة بلاغا اثر اجتماع مكتبها التنفيذي يوم الخميس الفارط، حملت فيه مسؤولية تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة الحالية في ظل تواصل ارتفاع نسب التضخم وتعمق العجز التجاري" وتواصل سياسة امتصاص السيولة البنكية لتمويل الميزانية عبر اللجوء الهائل للخزينة إلى السندات قصيرة الأجل مما أدى إلى الزيادة الحادة في ديون الدولة قصيرة الأجل بما يعني تحويل الدولة آلية تسهيلات الخزينة إلى شكل جديد للتداين "

كما نبهت الحركة من خطورة ارتفاع الأسعار في مختلف المواد فضلا على فقدان بعضها تماما مما أدى إلى تدهور كبير في المقدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات وارتفاع نسب الفقر في البلاد.

و دعت "كافة القوى الديمقراطية المناهضة للسلطة الحالية إلى توحيد جهودها من أجل التصدي لخطر الدكتاتورية الداهم والتعجيل بالتشاور والحوار لصياغة رؤية مشتركة تجنب البلاد مخاطر الانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي وتعبد الطريق لاستعادة المسار الديمقراطي المغدور".

م.ي

 

الأزمة المالية والاجتماعية تتفاقم.. الرئيس حصن السياسة فماذا عن الاقتصاد؟

تونس-الصباح

حصن رئيس الجمهورية قيس سعيد مسار 25 جويلية بمراسيمه غير القابلة للطعن ونجح إلى حد الآن في فرض إرادته على الجميع بما فيهم القضاة ومن ورائهم المحكمة الإدارية في ظل رفض الرئيس تنفيذ أحكام إنهاء إعفاءات القضاة. لكن في المقابل يواجه الرئيس أزمة اقتصادية واجتماعية متفاقمة لم ينجح إلى اليوم في كبح جماحها وظلت الملجأ الوحيد لمعارضيه لانتقاد الرئيس ومساره.

وإلى جانب صعوبة الوضع الاقتصادي والمالي يواجه الرئيس قيس سعيد وحكومته تداعايات مستجدة للحرب في أوكرانيا عمقت أكثر فأكثر أزمة التوازنات المالية للدولة وتوفر السلع في الأسواق كما تهدد بمزيد من المخاطر حول الغذاء والأسمدة.

تفاقم المخاطر

وقد حذر بهذا الخصوص الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، أول أمس من حدوث مجاعة في عام 2023 بسبب حظر صادرات الأسمدة وكانت رئيسة الحكومة نجلاء بودن قد أشرفت مؤخرا على جلسة عمل وزارية خصصت للنظر في توفير الأسمدة الكيميائية الموجهة للسوق المحلية للموسم الفلاحي 2022-2023.

كما تناولت الجلسة عددا من المحاور ذات الصلة بإنتاج الأسمدة الكيماوية وبتكلفتها المحتملة ومدى تطور توفر هذه المادة بالسوق المحلية وتأثر المخزون الوطني بالنقائص أو الاضطرابات الطارئة، حيث تم التأكيد على أهمية الأخذ بعين الاعتبار لهذه المعطيات خلال توجيه هذه المواد إلى الاستغلال في المجال الفلاحي.

كشف أيضا المعهد التونسي للقدرة التنافسية والدراسات الكمية عن حزمة بيانات كشفت أن القدرة الشرائية للعائلات التونسية شهدت مزيدا من التراجع خلال الفترة الممتدة من 2011 الى 2022 في وقت سجل فيه مؤشر الاستهلاك العائلي ارتفاعا ملحوظا من 4ر3 بالمائة إلى 3ر5 بالمائة.

كما كشف المعهد أن معدل الضغط الجبائي في تونس تجاوز ما بين 2011 و 2020 عتبة 22 بالمائة ووصل الى نسبة 25 بالمائة سنة 2022 ويعد هذا المستوى من بين الأعلى على إفريقيا، علما وأن هذه الظاهرة من بين أحد العوامل الدافعة نحو التهرب الضريبي في تونس.

تتالى أيضا تصريحات الخبراء في المجال الاقتصادي محذرة من خطورة الأزمة الاقتصادية المتفاقمة فقد صرّح وزير التجارة سابقا والخبير الاقتصادي محسن حسن، في لقاء إذاعي أول أمس، أنّ تونس "تعيش وضعا اقتصاديا صعبا، ونسبة التضخم خطيرة جدا والوضعية الاقتصادية كارثية".

وشدّد محسن حسن على أهمية الاستقرار السياسي والسلم الاجتماعي للتمكّن من تنفيذ الإصلاحات الضرورية لكنه في المقابل تحدث عن معوقات الانطلاق في الإصلاحات الاقتصادية اللازمة، ومنها عدم اعتماد البعد التشاركي وعدم الإقدام على إصلاح منظومة الدعم الذي يعود إلى تردي الوضع الاجتماعي للتونسيين..

الرئيس لا يكترث

في مواجهة هذه الأضواء الحمراء المشتعلة اقتصاديا واجتماعيا يقول معارضو الرئيس قيس سعيد أن هذا الأخير لا يكترث ويواصل التركيز على الجانب السياسي وتنفيذ خارطة الطريق التي رسمها لمسار 25 جويلية.

ويقول معارضوه أن الرئيس لا يقدم غير الوعود دون التقدم عمليا في أي انجاز اقتصادي إصلاحي.

وكان الرئيس قد عرج مؤخرا في كلمته بمناسبة ختم الدستور الجديد على الموضوع الاجتماعي لكن بشكل عرضي دون تقديم التوضيحات اللازمة .

واكتفى رئيس الجمهورية بالقول "إن قضية الحريات محسومة ولكن قضية العدل الاجتماعي هي التي تقتضي العناية والرعاية في المقام الأول.. لقد عانت الأغلبية كثيرا من التفقير ومن التنكيل وآن الأوان لوضع سياسات جديدة وتشريعات مختلفة في ظل مقاربة وطنية شاملة لا في ظل مقاربات قطاعية معزولة أثبتت التجربة فشلها ثم إن شبابنا ثروة وثروة لا تنضب ويكفي تمكينه من الوسائل القانونية حتى يصير فاعلا ويساهم في التنمية الحقيقية في كافة المجالات وفي كل الجهات..."

مضيفا "لهذا تم إنشاء المجلس الوطني للجهات والأقاليم ..فمثل هذه الخيارات ستعيد للعمل قيمته ويتحقق العدل المنشود وتتحقق الكرامة الوطنية التي لن نتنازل عنها أبدا.. سنعمل معا في الفترة القادمة إن شاء الله بنفس العزيمة الثابتة وبنفس الإرادة التي لن تلين.. فإلى العمل والى الأمل وإنها لثورة في إطار شرعية مشروعة حتى النصر المبين".

انتقادات المعارضة

ويواجه الرئيس انتقادات معارضيه الذين يحملونه مسؤولية تفاقم الأزمة الاقتصادية في غياب الحلول والحوار. فقد وصف القيادي في التّيار الديمقراطي هشام العجبوني الوضع الاقتصادي بالخطير جدا لأن تونس تعيش فترة ركود تضخّمي، تتجسّد في نسبة نمو ضعيفة مقابل نسبة تضخم مرتفعة.

وانتقد العجبوني في تصريح إذاعي أول أمس طريقة تعامل رئيس الجمهورية قيس سعيّد مع الأزمة الاقتصادية التي تعانيها تونس، معتبرا أنّه يفتقد إلى رؤية واضحة، وكلّ وتصريحاته وإجاباته سياسية قانونية فقط، وفق تعبيره.

وأكد العجبوني على "أهمية الاستقرار السياسي، والحلّ للخروج من الأزمة الراهنة لا يمكن أن يكون فرديا، بل وجب التباحث والتناقش الجماعي خاصّة حول كيفية خلق الثروة".

من جهتها أصدرت حركة النهضة بلاغا اثر اجتماع مكتبها التنفيذي يوم الخميس الفارط، حملت فيه مسؤولية تفاقم الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية للحكومة الحالية في ظل تواصل ارتفاع نسب التضخم وتعمق العجز التجاري" وتواصل سياسة امتصاص السيولة البنكية لتمويل الميزانية عبر اللجوء الهائل للخزينة إلى السندات قصيرة الأجل مما أدى إلى الزيادة الحادة في ديون الدولة قصيرة الأجل بما يعني تحويل الدولة آلية تسهيلات الخزينة إلى شكل جديد للتداين "

كما نبهت الحركة من خطورة ارتفاع الأسعار في مختلف المواد فضلا على فقدان بعضها تماما مما أدى إلى تدهور كبير في المقدرة الشرائية للمواطنين والمواطنات وارتفاع نسب الفقر في البلاد.

و دعت "كافة القوى الديمقراطية المناهضة للسلطة الحالية إلى توحيد جهودها من أجل التصدي لخطر الدكتاتورية الداهم والتعجيل بالتشاور والحوار لصياغة رؤية مشتركة تجنب البلاد مخاطر الانهيار الاقتصادي والانفجار الاجتماعي وتعبد الطريق لاستعادة المسار الديمقراطي المغدور".

م.ي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews