توجد سلسلة كبيرة من الشواطئ التونسية في جنوب وشرق وشمال البلاد. تتحدث سطور هذا المقال عن شاطئ أتيك في الشمال الشرقي لأن لي معرفة عن قرب بماضيه وحاضره وإمكانية استشراف حتى مستقبله. فهذا الشاطئ هو جزء من مجموعة من الشواطئ التونسية التي تبدأ في شاطئ المرسى لتتواصل في خط شبه مستقيم مرورا بشواطئ أخرى في رَوَّاد وقلعة الأندلس وأتيك وغار الملح ورفراف. فمكان شاطئ أتيك هو، إذن، قريب من وسط هذه السلسلة من الشواطئ التونسية في الشمال الشرقي التونسي.
قرب الشاطئ من مَصبِّ وادي مجردة
يقع شاطئُ أتيك قرب مصبِّ وادي مجردة في البحر الذي كان موجودا في الماضي القريب بعد الاستقلال. لكن اتُّخذ قرار حكومي في عهد الرئيس بن علي بإيقاف استمرار جريان الماء العذب العادي في وادي مجردة قبل منطقة أتيك بكثير. أثر ذلك سلبيا على كثير من الزراعات السقوية على الخصوص في منطقة أتيك وغيرها حيث جفَّ فيها الماء في وادي مجردة. ومن ثم، فشاطئ أتيك اليوم يبدأ قريبا من المصب القديم لوادي مجردة في البحر ويمتد في اتجاه مدينة غار الملح لمسافة غير قصيرة. لقد ارتبط وجود الماء الوفير في مجردة بظاهرة متعة وترفيه لبعض السكان هناك في دوار الزقب ودوار الزيبة المحاذيين لشمال وجنوب وادي مجردة. ففي فصليْ الخريف والشتاء يصطاد هؤلاء السكان أسراب البط التي تأتي من أوروبا باحثة عن دفئ البحر الأبيض المتوسط وتمكث فيه غير بعيدة من ماء وادي مجردة الذي تطير نحوه تلك الأسراب خاصة في المساء وفي الفجر المبكر لشُرب الماء العذب . كان الصيادون يذهبون إلى حافة وادي مجردة ليصطادوا البط بأنواعه المختلفة الكثيرة مما يجعلهم قادرين على إسقاط البعض منها في البحر أو في ماء وادي مجردة مما يدفع كلاب الصيادين عند الضرورة إلى السباحة للإتيان بالبط الذي وقع إسقاطه.
صعوبة ظهور شاطئ أوتيك
هناك ظروف خاصة جعلت وجود شاطئ أوتيك نفسه يكون هو الأخير بين الشواطئ المذكورة. فالأرض الزراعية للحبوب المحاذية لرمال مياه البحر لشاطئ أوتيك تملكها عائلة واحدة مكوّنة من ثلاثة أخوة الأمر الذي جعل منع المصطفين واردا بالنسبة للذين يجب عليهم أن يستعملوا طرق ومسارب أرض الإخوة الثلاثة لكي يصلوا إلى مكان الشاطئ في المساحة التي يُوجد فيها الشاطئ اليوم. من جهة أخرى، فعدد السكان القريبين من الشاطئ قليل جدا يتمثلون في عائلة الإخوة الثلاثة وبعض الجيران الذين سُمح لهم بالسكن قربهم والعمل بأجر في أرض الأخوة الثلاثة. وأخيرا، فالذهاب إلى البحر للسباحة والاصطياف لم تكن عادة جماعية منتشرة كما هو الحال اليوم. وهكذا عملت تلك الظروف على إعاقة تجسم ووجود شاطئ أوتيك قبل حوالي ستة أعوام. لذلك سُمي الشاطئ المهجور.
بلدية أوتيك وميلاد الشاطئ
يبدو أن المسئولين في بلدية أوتيك قاموا بالإجراءات القانونية والإدارية الضرورية للسماح للمصطفين أن يمروا نحو هذا الشاطئ المهجور. نتيجة لذلك وقع تدشين الشاطئ الجديد المسمى شاطئ أوتيك وذلك منذ أكثر من خمس سنوات تقريبا. فطول هذا الشاطئ قد يتجاوز 2 كيلومتر وذو رمال ليّنة جميلة وبحر يطغى عليه اللون الأزرق المخضر. يوجد عدد ضخم من 'النولات'/ الخيمات القصبية المنتصبة على رمال البحر التي تسمح بسهولة بدخول النسيم والهواء إلى المصطافين. فمياه البحر ليست عميقة بحيث لا تمثل خطرا كبيرا لغرق السابحين الأمر الذي أدى إلى ندرة وجود المنقذين في هذا الشاطئ خاصة قبل يوميْ السبت والأحد.
النفور من الجلوس على رمال الشواطئ
يتحاشى المصطفون التونسيون عموما في هذا الشاطئ وغيره اكتسابَ سُمرة البشرة بالجلوس في الهواء الطلق على رمال البحر للانتفاع من أنواع فيتامين الشمس. كما يحرم المصطفون أنفسهم من بعد نفسي روحاني يمكن أن يعيشه هؤلاء لمّا يجلسون قريبا من أمواج البحر ونغمات أصواتها السرمدية منذ الأزل. فالجلوس الطويل في حضن ظلال المظلات الشمسية والنظر بعيدا في أعماق البحر يسمحان بالانخراط في تأملات روحية وفلسفية تملأ القلبَ عظمة ُ البحار ناهيك عن المحيطات التي تفصل الناس عن يابس الأرض الصغير المحدود. مع الأسف يذهب معظم هؤلاء إلى البحر لمجرد الغطس في البحر لمنافع جسدية فقط وإهمال الجوانب النفسية والروحية بالكامل. وبعبارة أخرى، فالسباحة في البحر ينبغي أن تسعى لتحقيق لياقة عالية للجسم وتبلل شخصيات السابحين بالنِعم النفسية والروحية التي يحتضنها البحر.
شاطئ أوتيك كخلوة لا تخلو من عيوب
كما أشرنا سابقا فهذا الشاطئ كان مهجورا لأسباب ذكرنا البعض منها تجعله مكانا صالحا لنوع من الخلوة لبعده عن طرق السيارات وكثافة الأماكن السكنية مثل شاطئيْ غار الملح ورفراف. وبالتالي فهو، حسب رؤيتيْ علميْ النفس والاجتماع، شاطئ مرشح أكثر من غيره في تلك المنطقة لكي يقصده الذين يتحاشون الالتزام بالقوانين والأعراف الاجتماعية الضابطة لسلوكيات الناس. فالقانون التونسي يمنع استعمال المشروبات الكحولية في الشواطئ وبالطبع يمنع هذا القانون منعا باتا استعمال المخدرات. ومن ثم، فهو مكان مفضّل لهذين الصنفين من التونسيين. وما يزيد انتهاك القوانين والأعراف سوءا هو احتمال عدم حضور رجال الأمن في الغالب خاصة قبل يوميْ السبت والأحد. مثل كثير من الشواطئ التونسية، فشرب الكحول ممنوع في القانون تداوله في شاطئ أوتيك. لكن لا يُحترم هذا القانون من طرف عدد كبير من التونسيين والتونسيات مثل عدم احترامهم قانون الوقوف عند الضوء الأحمر في الطرقات والشوارع. فعدم تنفيذ السلطات التونسية للقانون بحرص وصرامة يطرح أخطار احتمال نشوب خصومات بين المصطفين تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات في خلوة الخيمات وأخطارا كبيرة في السياقة لمّا يغادرون الشاطئ وبعد ذلك لمّا يسوقون في الطرق السريعة وغيرها. وهكذا، لا تصبح منافع السباحة والتمتع بالهواء النقي هي الهدف الأول من الذهاب إلى البحر في هذا الشاطئ. قد تُضاف عادة التدخين التي تفسد نبلَ فوائد الذهاب إلى البحر. فالشعب التونسي هو أكثر الشعوب العربية تدخينا مما يرشح المصطافين في شاطئ أوتيك لكي يساهموا في تلوث نقاء هواء البحر في هذا الشاطئ..
الجمال الخاص في شاطئ أوتيك
مع الأسف، لا يجوز النظر بتفاؤل لمستقبل شاطئ أوتيك دون التخلص من تلك العيوب المذكورة وغيرها. فالشاطئ جدير بذلك للغاية. فمقارنة بالشواطئ السابقة الذكر، يتميز شاطئ أوتيك عنها بمنظر جميل خلاب يتمثل في الرؤية القريبة لمدينة غار الملح المنتصبة في أسفل سلسلة من الجبال الحجرية الضخمة التي تعانق نهايتُها في الأرض التونسية بحرَ هذه المدينة التي يجعلها موقعُها- بين البحيرة في جنوب المدينة وسلسلة تلك الجبال الصلبة الحجر في شمالها- تحتل مساحة ضيقة للغاية من الأرض تجعل مساكن السكان متراصة تشبه تراصَ سمك السردينة في علبة ما. يفسر واقعُ الضيق هذا مَنْعَ تربية الماشية الأنثى (من الخيول والحمير والبغال) في غار الملح. وهي ظاهرة لا يكاد يتحدث عنها أحد. فمنظر منازل وعمارات المدينة المتراصة بين تلك الجبال والبحيرة يرسم معالم جميلة لهذه المدينة تشبه صورة بطاقة سياحية وقع التقاطها من الجو.و يزداد جمال هذا المنظر رونقا وشدا للأبصار وشعورا عميقا بمفاتن جمال معالم الطبيعة وهندسة الإنسان لمعمار المدينة خاصة مع حمرة غروب الشمس في السماء الصافية من السحب في فصل الصيف. نتمنى أن يُرحبَ بالملاحظات الواردة في المقال وأن يُعمل على وضعها حيز التطبيق ابتداء من صيف 2023 حتى تصبح الخلوة في هذا الشاطئ سليمة من العيوب وصديقة للتمتع الحقيقي الجسدي والنفسي والروحي بمزايا المعالم الطبيعية للبحر وشاطئه هذا. . ألم يقلْ أميرُ الشعراء كيف يحقق الناسُ مشاريعهم ؟ :
وما نيلُ المطالب بالتمني ولكن تُؤخذُ الدنيا غلابا.
(*)عالم الاجتماع
بقلم: الأستاذ الدكتور محمود الذوادي (*)
موقع شاطئ أوتيك
توجد سلسلة كبيرة من الشواطئ التونسية في جنوب وشرق وشمال البلاد. تتحدث سطور هذا المقال عن شاطئ أتيك في الشمال الشرقي لأن لي معرفة عن قرب بماضيه وحاضره وإمكانية استشراف حتى مستقبله. فهذا الشاطئ هو جزء من مجموعة من الشواطئ التونسية التي تبدأ في شاطئ المرسى لتتواصل في خط شبه مستقيم مرورا بشواطئ أخرى في رَوَّاد وقلعة الأندلس وأتيك وغار الملح ورفراف. فمكان شاطئ أتيك هو، إذن، قريب من وسط هذه السلسلة من الشواطئ التونسية في الشمال الشرقي التونسي.
قرب الشاطئ من مَصبِّ وادي مجردة
يقع شاطئُ أتيك قرب مصبِّ وادي مجردة في البحر الذي كان موجودا في الماضي القريب بعد الاستقلال. لكن اتُّخذ قرار حكومي في عهد الرئيس بن علي بإيقاف استمرار جريان الماء العذب العادي في وادي مجردة قبل منطقة أتيك بكثير. أثر ذلك سلبيا على كثير من الزراعات السقوية على الخصوص في منطقة أتيك وغيرها حيث جفَّ فيها الماء في وادي مجردة. ومن ثم، فشاطئ أتيك اليوم يبدأ قريبا من المصب القديم لوادي مجردة في البحر ويمتد في اتجاه مدينة غار الملح لمسافة غير قصيرة. لقد ارتبط وجود الماء الوفير في مجردة بظاهرة متعة وترفيه لبعض السكان هناك في دوار الزقب ودوار الزيبة المحاذيين لشمال وجنوب وادي مجردة. ففي فصليْ الخريف والشتاء يصطاد هؤلاء السكان أسراب البط التي تأتي من أوروبا باحثة عن دفئ البحر الأبيض المتوسط وتمكث فيه غير بعيدة من ماء وادي مجردة الذي تطير نحوه تلك الأسراب خاصة في المساء وفي الفجر المبكر لشُرب الماء العذب . كان الصيادون يذهبون إلى حافة وادي مجردة ليصطادوا البط بأنواعه المختلفة الكثيرة مما يجعلهم قادرين على إسقاط البعض منها في البحر أو في ماء وادي مجردة مما يدفع كلاب الصيادين عند الضرورة إلى السباحة للإتيان بالبط الذي وقع إسقاطه.
صعوبة ظهور شاطئ أوتيك
هناك ظروف خاصة جعلت وجود شاطئ أوتيك نفسه يكون هو الأخير بين الشواطئ المذكورة. فالأرض الزراعية للحبوب المحاذية لرمال مياه البحر لشاطئ أوتيك تملكها عائلة واحدة مكوّنة من ثلاثة أخوة الأمر الذي جعل منع المصطفين واردا بالنسبة للذين يجب عليهم أن يستعملوا طرق ومسارب أرض الإخوة الثلاثة لكي يصلوا إلى مكان الشاطئ في المساحة التي يُوجد فيها الشاطئ اليوم. من جهة أخرى، فعدد السكان القريبين من الشاطئ قليل جدا يتمثلون في عائلة الإخوة الثلاثة وبعض الجيران الذين سُمح لهم بالسكن قربهم والعمل بأجر في أرض الأخوة الثلاثة. وأخيرا، فالذهاب إلى البحر للسباحة والاصطياف لم تكن عادة جماعية منتشرة كما هو الحال اليوم. وهكذا عملت تلك الظروف على إعاقة تجسم ووجود شاطئ أوتيك قبل حوالي ستة أعوام. لذلك سُمي الشاطئ المهجور.
بلدية أوتيك وميلاد الشاطئ
يبدو أن المسئولين في بلدية أوتيك قاموا بالإجراءات القانونية والإدارية الضرورية للسماح للمصطفين أن يمروا نحو هذا الشاطئ المهجور. نتيجة لذلك وقع تدشين الشاطئ الجديد المسمى شاطئ أوتيك وذلك منذ أكثر من خمس سنوات تقريبا. فطول هذا الشاطئ قد يتجاوز 2 كيلومتر وذو رمال ليّنة جميلة وبحر يطغى عليه اللون الأزرق المخضر. يوجد عدد ضخم من 'النولات'/ الخيمات القصبية المنتصبة على رمال البحر التي تسمح بسهولة بدخول النسيم والهواء إلى المصطافين. فمياه البحر ليست عميقة بحيث لا تمثل خطرا كبيرا لغرق السابحين الأمر الذي أدى إلى ندرة وجود المنقذين في هذا الشاطئ خاصة قبل يوميْ السبت والأحد.
النفور من الجلوس على رمال الشواطئ
يتحاشى المصطفون التونسيون عموما في هذا الشاطئ وغيره اكتسابَ سُمرة البشرة بالجلوس في الهواء الطلق على رمال البحر للانتفاع من أنواع فيتامين الشمس. كما يحرم المصطفون أنفسهم من بعد نفسي روحاني يمكن أن يعيشه هؤلاء لمّا يجلسون قريبا من أمواج البحر ونغمات أصواتها السرمدية منذ الأزل. فالجلوس الطويل في حضن ظلال المظلات الشمسية والنظر بعيدا في أعماق البحر يسمحان بالانخراط في تأملات روحية وفلسفية تملأ القلبَ عظمة ُ البحار ناهيك عن المحيطات التي تفصل الناس عن يابس الأرض الصغير المحدود. مع الأسف يذهب معظم هؤلاء إلى البحر لمجرد الغطس في البحر لمنافع جسدية فقط وإهمال الجوانب النفسية والروحية بالكامل. وبعبارة أخرى، فالسباحة في البحر ينبغي أن تسعى لتحقيق لياقة عالية للجسم وتبلل شخصيات السابحين بالنِعم النفسية والروحية التي يحتضنها البحر.
شاطئ أوتيك كخلوة لا تخلو من عيوب
كما أشرنا سابقا فهذا الشاطئ كان مهجورا لأسباب ذكرنا البعض منها تجعله مكانا صالحا لنوع من الخلوة لبعده عن طرق السيارات وكثافة الأماكن السكنية مثل شاطئيْ غار الملح ورفراف. وبالتالي فهو، حسب رؤيتيْ علميْ النفس والاجتماع، شاطئ مرشح أكثر من غيره في تلك المنطقة لكي يقصده الذين يتحاشون الالتزام بالقوانين والأعراف الاجتماعية الضابطة لسلوكيات الناس. فالقانون التونسي يمنع استعمال المشروبات الكحولية في الشواطئ وبالطبع يمنع هذا القانون منعا باتا استعمال المخدرات. ومن ثم، فهو مكان مفضّل لهذين الصنفين من التونسيين. وما يزيد انتهاك القوانين والأعراف سوءا هو احتمال عدم حضور رجال الأمن في الغالب خاصة قبل يوميْ السبت والأحد. مثل كثير من الشواطئ التونسية، فشرب الكحول ممنوع في القانون تداوله في شاطئ أوتيك. لكن لا يُحترم هذا القانون من طرف عدد كبير من التونسيين والتونسيات مثل عدم احترامهم قانون الوقوف عند الضوء الأحمر في الطرقات والشوارع. فعدم تنفيذ السلطات التونسية للقانون بحرص وصرامة يطرح أخطار احتمال نشوب خصومات بين المصطفين تحت تأثير المشروبات الكحولية أو المخدرات في خلوة الخيمات وأخطارا كبيرة في السياقة لمّا يغادرون الشاطئ وبعد ذلك لمّا يسوقون في الطرق السريعة وغيرها. وهكذا، لا تصبح منافع السباحة والتمتع بالهواء النقي هي الهدف الأول من الذهاب إلى البحر في هذا الشاطئ. قد تُضاف عادة التدخين التي تفسد نبلَ فوائد الذهاب إلى البحر. فالشعب التونسي هو أكثر الشعوب العربية تدخينا مما يرشح المصطافين في شاطئ أوتيك لكي يساهموا في تلوث نقاء هواء البحر في هذا الشاطئ..
الجمال الخاص في شاطئ أوتيك
مع الأسف، لا يجوز النظر بتفاؤل لمستقبل شاطئ أوتيك دون التخلص من تلك العيوب المذكورة وغيرها. فالشاطئ جدير بذلك للغاية. فمقارنة بالشواطئ السابقة الذكر، يتميز شاطئ أوتيك عنها بمنظر جميل خلاب يتمثل في الرؤية القريبة لمدينة غار الملح المنتصبة في أسفل سلسلة من الجبال الحجرية الضخمة التي تعانق نهايتُها في الأرض التونسية بحرَ هذه المدينة التي يجعلها موقعُها- بين البحيرة في جنوب المدينة وسلسلة تلك الجبال الصلبة الحجر في شمالها- تحتل مساحة ضيقة للغاية من الأرض تجعل مساكن السكان متراصة تشبه تراصَ سمك السردينة في علبة ما. يفسر واقعُ الضيق هذا مَنْعَ تربية الماشية الأنثى (من الخيول والحمير والبغال) في غار الملح. وهي ظاهرة لا يكاد يتحدث عنها أحد. فمنظر منازل وعمارات المدينة المتراصة بين تلك الجبال والبحيرة يرسم معالم جميلة لهذه المدينة تشبه صورة بطاقة سياحية وقع التقاطها من الجو.و يزداد جمال هذا المنظر رونقا وشدا للأبصار وشعورا عميقا بمفاتن جمال معالم الطبيعة وهندسة الإنسان لمعمار المدينة خاصة مع حمرة غروب الشمس في السماء الصافية من السحب في فصل الصيف. نتمنى أن يُرحبَ بالملاحظات الواردة في المقال وأن يُعمل على وضعها حيز التطبيق ابتداء من صيف 2023 حتى تصبح الخلوة في هذا الشاطئ سليمة من العيوب وصديقة للتمتع الحقيقي الجسدي والنفسي والروحي بمزايا المعالم الطبيعية للبحر وشاطئه هذا. . ألم يقلْ أميرُ الشعراء كيف يحقق الناسُ مشاريعهم ؟ :
وما نيلُ المطالب بالتمني ولكن تُؤخذُ الدنيا غلابا.