إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نصيب جندوبة من التمييز الإيجابي: في ظاهره نعيم وفي باطنه جحيم

جندوبة-الصباح

لم تهدأ الحناجر المطالبة بالتنمية بعيد الثورة بمختلف ولايات الجمهورية أملا في تحسين ظروف المواطن اجتماعيا واقتصاديا، فتعددت الاحتجاجات والمسيرات والمواقف المنادية بإحداث المشاريع والنهوض خاصة بالولايات التي تعاني من غياب المشاريع وارتفاع نسبة البطالة والفقر وولاية جندوبة رغم ثراء مواردها الطبيعة واحدة من بين الولايات التي تتأكد فيها تناقضات عدة.

ولاية ثرية..لكن

تزخر ولاية جندوبة بثروات هامة ومتنوعة فهي القطب الفلاحي بمساحاته الشاسعة وبتصدره المراتب الأولى وطنيا في إنتاج الكثير من المنتوجات على غرار الخفاف واللفت السكري والحبوب وتنوع الغطاء النباتي والحيواني الذي يساهم في تنشيط حياة سكان الأرياف. وهي كذلك القطب السياحي بتعدد وثراء منتوجه ووحداته الفندقية وتنوع وثراء مخزونها الحضاري والثقافي والذي تؤكده اليوم المتاحف والمواقع الأثرية، إلى جانب كثرة المواد الإنشائية وتنوعها، بالإضافة إلى ما تتمتع به من ثروة مائية هامة تتمثل أساسا في السدود والأودية والعيون والمحطات الاستشفائية إلى جانب كونها(جندوبة)حدودية وبها شبكة هامة من السكك الحديدية وما شهدته البنية التحتية من تحسن طفيف في السنوات الأخيرة خاصة الطريق السيارة بوسالم وادي الزرقة، والمراهنة على قطاع التعليم العالي من خلال إحداث مؤسسات جامعية في عدة اختصاصات ومراكز تكوين مهني ساهمت في توفر اليد العاملة المختصة...لكن الوضع التنموي لم يتغير.

واقع تنموي قاتم

كل هذه الإمكانيات الطبيعية والبشرية تخفي وراءها إشكاليات تنموية متنوعة جعلت من ولاية جندوبة أهم الولايات التي تتذيل المؤشرات التنموية على المستوى الوطني، حيث تبلغ نسبة البطالة بها أكثر من عشرين بالمائة ويتجاوز عدد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل حوالي 10 آلاف، كما أن نسبة الفقر ترتفع بالمناطق الحدودية والقرى إلى أكثر من 52 بالمائة مع انتشار المساكن البدائية بأغلب العمادات التي تعاني أيضا من شح كبير في مياه الشرب ورداءة المسالك الفلاحية والعزلة في ظل غياب الجسور.

اقتصاديا فان العديد من المصانع تم إغلاقها بكل من طبرقة (السيراميك والآجر) وعين دراهم (مصنع الأحذية ،الصناعات التقليدية والفطر) وغار الدماء(الحديد ) وبوسالم (مصنع السكر) كما أن إحداث المناطق الصناعية بقي مجرد زوبعة في فنجان إذ ترفع العلامات هنا وهناك إلا أن الواقع عكس ذلك.

ففي طبرقة تنعدم المؤسسات الصناعية بهذه المنطقة وكذلك الشأن بالنسبة لمعتمدية فرنانة حين تم إحداث منطقة صناعية بمنطقة جنتورة منذ سنة 2013.

وفي سياق متصل فان المنطقة الصناعية الارتياح لم تجلب العديد من المستثمرين ولم تتعد الوحدات الصناعية بها أصابع اليد الواحدة، وبطاقة تشغيلية لم ترتق أيضا لتطلعات أبناء الجهة.

هذا وتشكو ولاية جندوبة من تعدد المشاريع المعطلة لأسباب عقارية، وضعف الموارد المالية إلى جانب ظاهرة البيروقراطية التي نفرت العديد من المستثمرين من الجهة إلى ولايات أخرى نظرا لتواضع البنية التحتية وتواصل عدم استغلال مطار طبرقة أو الميناء التجاري وتداخل العديد من الأطراف التي تمثل عائقا أمام الاستثمار بالجهة كالمسألة العقارية والتصدير وأحيانا غياب اليد العاملة المختصة وتعطيل بعض المشاريع من قبل المواطنين.

ندوات عدة عاشتها ولاية جندوبة والتي أشرف عليها العديد من الوزراء والخبراء تناولت إعداد مخطط للتنمية انطلاقا من أفق 2020، اذ أشاروا خلالها إلى أنه بإمكان جندوبة أن تكون قاطرة للتنمية بولايات الشمال الغربي في ظل التشجيعات المتعددة للاستثمار والتشجيعات على جلب المستثمرين للجهة،الى جانب ما تعرفه تونس من نقلة وحوافز للاستثمار، كما تمت مناقشة اشكاليات التنمية بمختلف المعتمديات والتي لم تكن في مستوى تطلعات أبناء الجهة خاصة مع ما تزخر به الولاية من امكانيات كما تم استعراض بعض النماذج من المشاريع بالجهة خلال هذه الندوات والتي تسير بخطى ثابتة الا أنه لم تكن في مستوى التطلعات .

فمتى تنتهي معاناة سكان ولاية جندوبة من اشكاليات تنموية حالت دون تطورها منذ فجر الاستقلال خاصة وأن الجهة تعرف نزوحا كبيرا نحو المدن الصناعية بحثا عن لقمة العيش واستياء كبير من غياب المشاريع الكبرى رغم ثرواتها المتنوعة بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الفقر وتردي البنية التحتية وتنامي ظاهرة الانقطاع المدرسي؟

عمار مويهبي

 

نصيب جندوبة من التمييز الإيجابي:  في ظاهره نعيم وفي باطنه جحيم

جندوبة-الصباح

لم تهدأ الحناجر المطالبة بالتنمية بعيد الثورة بمختلف ولايات الجمهورية أملا في تحسين ظروف المواطن اجتماعيا واقتصاديا، فتعددت الاحتجاجات والمسيرات والمواقف المنادية بإحداث المشاريع والنهوض خاصة بالولايات التي تعاني من غياب المشاريع وارتفاع نسبة البطالة والفقر وولاية جندوبة رغم ثراء مواردها الطبيعة واحدة من بين الولايات التي تتأكد فيها تناقضات عدة.

ولاية ثرية..لكن

تزخر ولاية جندوبة بثروات هامة ومتنوعة فهي القطب الفلاحي بمساحاته الشاسعة وبتصدره المراتب الأولى وطنيا في إنتاج الكثير من المنتوجات على غرار الخفاف واللفت السكري والحبوب وتنوع الغطاء النباتي والحيواني الذي يساهم في تنشيط حياة سكان الأرياف. وهي كذلك القطب السياحي بتعدد وثراء منتوجه ووحداته الفندقية وتنوع وثراء مخزونها الحضاري والثقافي والذي تؤكده اليوم المتاحف والمواقع الأثرية، إلى جانب كثرة المواد الإنشائية وتنوعها، بالإضافة إلى ما تتمتع به من ثروة مائية هامة تتمثل أساسا في السدود والأودية والعيون والمحطات الاستشفائية إلى جانب كونها(جندوبة)حدودية وبها شبكة هامة من السكك الحديدية وما شهدته البنية التحتية من تحسن طفيف في السنوات الأخيرة خاصة الطريق السيارة بوسالم وادي الزرقة، والمراهنة على قطاع التعليم العالي من خلال إحداث مؤسسات جامعية في عدة اختصاصات ومراكز تكوين مهني ساهمت في توفر اليد العاملة المختصة...لكن الوضع التنموي لم يتغير.

واقع تنموي قاتم

كل هذه الإمكانيات الطبيعية والبشرية تخفي وراءها إشكاليات تنموية متنوعة جعلت من ولاية جندوبة أهم الولايات التي تتذيل المؤشرات التنموية على المستوى الوطني، حيث تبلغ نسبة البطالة بها أكثر من عشرين بالمائة ويتجاوز عدد أصحاب الشهائد العليا المعطلين عن العمل حوالي 10 آلاف، كما أن نسبة الفقر ترتفع بالمناطق الحدودية والقرى إلى أكثر من 52 بالمائة مع انتشار المساكن البدائية بأغلب العمادات التي تعاني أيضا من شح كبير في مياه الشرب ورداءة المسالك الفلاحية والعزلة في ظل غياب الجسور.

اقتصاديا فان العديد من المصانع تم إغلاقها بكل من طبرقة (السيراميك والآجر) وعين دراهم (مصنع الأحذية ،الصناعات التقليدية والفطر) وغار الدماء(الحديد ) وبوسالم (مصنع السكر) كما أن إحداث المناطق الصناعية بقي مجرد زوبعة في فنجان إذ ترفع العلامات هنا وهناك إلا أن الواقع عكس ذلك.

ففي طبرقة تنعدم المؤسسات الصناعية بهذه المنطقة وكذلك الشأن بالنسبة لمعتمدية فرنانة حين تم إحداث منطقة صناعية بمنطقة جنتورة منذ سنة 2013.

وفي سياق متصل فان المنطقة الصناعية الارتياح لم تجلب العديد من المستثمرين ولم تتعد الوحدات الصناعية بها أصابع اليد الواحدة، وبطاقة تشغيلية لم ترتق أيضا لتطلعات أبناء الجهة.

هذا وتشكو ولاية جندوبة من تعدد المشاريع المعطلة لأسباب عقارية، وضعف الموارد المالية إلى جانب ظاهرة البيروقراطية التي نفرت العديد من المستثمرين من الجهة إلى ولايات أخرى نظرا لتواضع البنية التحتية وتواصل عدم استغلال مطار طبرقة أو الميناء التجاري وتداخل العديد من الأطراف التي تمثل عائقا أمام الاستثمار بالجهة كالمسألة العقارية والتصدير وأحيانا غياب اليد العاملة المختصة وتعطيل بعض المشاريع من قبل المواطنين.

ندوات عدة عاشتها ولاية جندوبة والتي أشرف عليها العديد من الوزراء والخبراء تناولت إعداد مخطط للتنمية انطلاقا من أفق 2020، اذ أشاروا خلالها إلى أنه بإمكان جندوبة أن تكون قاطرة للتنمية بولايات الشمال الغربي في ظل التشجيعات المتعددة للاستثمار والتشجيعات على جلب المستثمرين للجهة،الى جانب ما تعرفه تونس من نقلة وحوافز للاستثمار، كما تمت مناقشة اشكاليات التنمية بمختلف المعتمديات والتي لم تكن في مستوى تطلعات أبناء الجهة خاصة مع ما تزخر به الولاية من امكانيات كما تم استعراض بعض النماذج من المشاريع بالجهة خلال هذه الندوات والتي تسير بخطى ثابتة الا أنه لم تكن في مستوى التطلعات .

فمتى تنتهي معاناة سكان ولاية جندوبة من اشكاليات تنموية حالت دون تطورها منذ فجر الاستقلال خاصة وأن الجهة تعرف نزوحا كبيرا نحو المدن الصناعية بحثا عن لقمة العيش واستياء كبير من غياب المشاريع الكبرى رغم ثرواتها المتنوعة بالإضافة إلى تنامي ظاهرة الفقر وتردي البنية التحتية وتنامي ظاهرة الانقطاع المدرسي؟

عمار مويهبي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews