إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مبادلات تونس التجارية: 7 بالمائة فقط منها مع ليبيا والجزائر والمغرب وصادراتها نحو إفريقيا تتجاوز مليار دولار

 

 

 أسواق إفريقيا محل منافسة شرسة من الجميع !

تونس- الصباح

بلغت صادرات تونس إلى إفريقيا وفق احدث بيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط 1.46 مليار دولار، أي ما يمثل 9.5٪ فقط من إجمالي الصادرات خلال عام 2021، منها 7٪ إلى ليبيا، والمغرب والجزائر، بينما بلغت الصادرات إلى إفريقيا جنوب الصحراء 2.5٪ فقط من الإجمالي صادرات.

ووفق نتائج دراسة امتدت من 2018/2020 أعدتها شركة Deloitte)شركة رائدة في التدقيق والتأمين والاستشارات) بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ومجلس التحليل الاقتصادي ووكالة التنمية الفرنسية (AFD)، تحصلت "الصباح" على نسخة منها، كشفت أن الأولوية اليوم لاقتحام الأسواق الإفريقية تنطلق من 5 قطاعات واعدة في 15 دولة أفريقية (بما في ذلك 11 جنوب الصحراء الكبرى) مع إمكانات للشركات التونسية، وهي الصناعات الغذائية ، والصحة ، والصناعات الدوائية ، والبناء والأشغال العامة ، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعليم العالي.

وحددت الدراسة 15 خطوة لتسهيل ولوج الشركات التونسية في الأسواق الأفريقية انطلاقا من 4 محاور، هي الدبلوماسية الاقتصادية والعلامات التجارية (التسويق)، والمرافقة والدعم، والتمويل والحوافز، بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية والجمارك.

تحديات تواجهها تونس

وما تزال هناك تحديات متعددة تعيق حاليا اختراق السوق الأفريقية، لا سيما عدم وجود روابط جوية وبحرية، وضعف التمثيل الدبلوماسي، وقلة الدعم المصرفي، علما وان تونس وضعت أهدافا في الترفيع في حجم صادراتها إلى إفريقيا سنة 2021 لتمر إلى 2 مليار دينار، بزيادة تقدر 5 بالمائة، وبرقم معاملات يناهز 400 مليون دولار، في الوقت الذي تجاوزت فيه المبادلات التجارية بين المغرب ودول إفريقيا 6.1 بالمائة، ونجحت رغم الصعوبات في تحقيق الأهداف المبرمجة لسنة 2021، وما تزال هناك صعوبات كثيرة تستدعي دخول أطراف دولية أخرى لدعم تواجد تونس في إفريقيا، وذلك وفق نتائج دراسة فرنسية، شددت على وجوب دعم العلاقات الثنائية والثلاثية لمزيد توسع تونس في الأسواق الإفريقية.

ومن المعلوم أن جل الدول في القارة الإفريقية تستورد احتياجاتها الغذائية والدوائية، من خارج أفريقيا، وبإمكان تونس أن توفر احتياجات عدة دول افريقية، علما وان حجم التجارة التونسية مع القارة السمراء لا يتجاوز نسبة 5 بالمائة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ 50 بالمائة مع دول أوروبا.

ويبقى الانتشار التونسي في أفريقيا ضعيفاً لعدة عوامل، على الرغم من وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار (450 مليون دولار) لصالح تونس ، فإن هذه العوامل تتمثل، في نقص التغطية الدبلوماسية لدول القارة، إضافة إلى أن التغطية الجوية لأفريقيا تبقى ضعيفة، علما وان القارة يوجد بها قرابة مليار مستهلك تتزاحم عليهم كافة دول العالم، وتعدّ السّوق الأفريقيّة سوقا واعدة لتونس خصوصا وأنّ عدد سكاّن هذه السوق مرشّح لأن يصل إلى 2,5 مليار نسمة في غضون سنة 2050.

ويقول الاتحاد الأفريقي إن المنطقة بإمكانها إيجاد سوق أفريقية تضم أكثر من 1.2 مليار شخص، بناتج محلي إجمالي يصل إلى 2.5 تريليون دولار سنويا.

ورغم التفاؤل، تواجه بلدان القارة تحديات كبيرة، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية وتوفير فرص عمل للملايين من الشباب واستقطاب الاستثمارات البينية، ولا تزال المبادلات التجارية بين دول أفريقيا ضعيفة للغاية، فأسواق القارة غارقة حتى الآن ببضائع مستورة من الصين وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وأما صادرات الدول الأفريقية فهي تقتصر على مواد غير مصنعة، وتبلغ نسبة التبادل التجاري بين بلدان أفريقيا نحو 12 بالمائة فقط، مقارنة بنسبة 55 بالمائة بين البلدان الآسيوية ونحو 70 بالمائة بين الدول الأوروبية.

وتعد منطقة التجارة الحرة الإفريقية الأكبر في العالم بتعداد سكاني يتجاوز 1.2 مليار نسمة، وحجم مبادلات تجارية تتجاوز 3 تريليون دولار سنويا ، وتطمح الدول الأعضاء في الاتحاد أن تؤدي الاتفاقية الأخيرة "كوميسا" مع الدول الأعضاء إلى رفع نسبة المبادلات التجارية بين الدول الإفريقية من 16 إلى 33 بالمائة من إجمالي تجارتها الخارجية، علما وان الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ في 30 ماي 2019.

المغرب في صدارة الدول

وأفادت أرقام رسمية حديثة بأن المبادلات التجارية بين المغرب ودول القارة الإفريقية سجلت نمواً سنوياً متوسطاً بـ6.1 في المائة ما بين سنتي 2009 و2019، وكشفت نشرية “المالية” الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، أن المبادلات التجارية انتقلت من 8.3 مليارات درهم في 2009 إلى أكثر من 21.6 مليارات درهم السنة الماضية.

وذكرت الوثيقة أن هذه المبادلات التجارية تميزت بتحول هيكلي ابتداءً من سنة 2015، إذ أصبح المغرب يُسجل فائضاً تجارياً مع دول القارة الإفريقية سنة 2019، وكانت جيبوتي والسنغال أبرز الدول المتعاملة مع المغرب في القارة الإفريقية بقيمة تناهز 2.1 مليار درهم لكل واحدة، فيما آلت المرتبة الثالثة لموريتانيا بـ1.9 مليارات درهم، ثم ساحل العاج بـ1.8 مليارات درهم، والجزائر بـ1.5 مليارات درهم.

وتمثل الصادرات المغربية نحو البلدان سالفة الذكر حوالي 43.5 في المائة من إجمالي الصادرات نحو القارة ، ولا تقتصر صادرات المغرب نحو القارة الإفريقية على المنتجات الغذائية، بل يضم أيضاً منتجات الصناعة الكيماوية والفلاحة والسيارات والحديد.

وبلغت واردات المغرب من دول القارة حوالي 17.9 مليارات درهم سنة 2019، مقابل 13.7 مليارات درهم سنة 2009، إذ سجلت معدل نمو سنوي ناهز 2.7 في المائة خلال الفترة سالفة الذكر، وتُعد مصر أول مُورد للمغرب على المستوى القاري بنسبة 36.2 في المائة من وارداته، متبوعة بالجزائر وتونس بـ 27.6 في المائة و13.2 في المائة على التوالي.

وتشير المعطيات الرسمية إلى أن الاستثمارات المباشرة المغربية في إفريقيا شهدت هي الأخرى ارتفاعاً خلال العقد الماضي، إذ سجلت نمواً سنوياً بمعدل 8.3 في المائة، بحيث انتقل من 3 مليارات درهم إلى 6.8 مليارات درهم.وبات المغرب يستثمر بشكل مباشر في 29 دولة في القارة سنة 2019 مقابل 9 فقط سنة 2009. وتمثل الاستثمارات المغربية في إفريقيا 58.7 في المائة من إجمالي استثماراته في الخارج.

وتحتل الكوت ديفوار المرتبة الأولى على مستوى استقبال الاستثمارات المغربية المباشرة بحصة تناهز 21.4 في المائة، متبوعة بتشاد بـ19.8 في المائة، ثم السنغال في المرتبة الثالثة بـ14.7 في المائة.

تونس تدخل متأخرة المنافسة

ووفق توقعات البنك الدولي، فإن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ستكون سوقا واعدة جدا، إذ يُتوقع أن يرتفع إجمالي صادرات الدول الأعضاء بعد التنفيذ الكامل للمنطقة إلى 29 في المائة مع حلول سنة 2035، وسترتفع الصادرات إلى 81 في المائة.

وانطلقت مؤخرا المبادلات في إطار منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية "زليكا" رسميا، يوم 1 جانفي 2021، خلال حفل افتراضي انتظم ببادرة من اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، بمشاركة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد.

وتعدّ منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية "زليكا" أهم اتفاقية تجارية مبرمة في العالم، منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، باعتبار أنها تضم ما يزيد عن 1.2 مليار شخص بحجم مبادلات تناهز 2500 مليار دولار. وتمكن هذه الاتفاقية من عدة امتيازات على غرار دعم التبادل بين الدول الأعضاء وتعزيز التحول الهيكلي وتوفير مواطن الشغل والتقليص من الفقر.

ودخلت اتفاقية التبادل التجاري الحر الإفريقية، التي تهدف إلى إزالة الحواجز التجارية بين الدول الأعضاء، حيز التنفيذ بداية من 30 ماي 2019، اثر مصادقة 22 دولة، وهو الحد الأدنى المطلوب بموجب هذه الاتفاقية، علما أنه كان من المقرر أن تنطلق المبادلات بين الدول الأعضاء يوم 1 جويلية 2020، ولكن تم تأجيلها لمدة ستة أشهر بسبب انتشار وباء كوفيد - 19.

وصادقت تونس، يوم 22 جويلية 2020، على اتفاقية منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية. وتعمل، حاليا، بالتعاون مع مكتب شمال إفريقيا على إعداد الإستراتيجية الوطنية لتنفيذ الاتفاقية. وتبقى إريتريا البلد الإفريقي الوحيد الذي لم يوقع بعد عليها، بالإضافة إلى أن تونس دخلت متأخرة هذه الأسواق الواعدة، مقارنة بجارتها المغرب التي سجلت صادراتها إلى دول إفريقيا ارتفاعا قياسيا خلال العقد الأخير.

ضرورة تطوير المطارات والموانئ

ويشدد الخبراء اليوم، على ضرورة تطوير المطارات التونسية، لتواكب التغييرات الحاصلة في العالم وتفادي التأخير في الرحلات الجوية، داعين إلى بعث شركات طيران جديدة تغطي جميع الرحلات الجوية في إفريقيا، خاصة وان الخطوط التونسية بمفردها لا يمكنها أن تلبي هذه الأهداف. ويؤكد الخبراء على ضرورة تضافر جميع الجهود لإنجاح التحولات الاقتصادية التي ستعيشها تونس خلال السنوات القادمة، وخاصة تطوير الموانئ التجارية، مبرزين أن الانفتاح على الخارج يتطلب توفير بنية تحتية ملائمة وأطر قانونية كافية لحماية المستثمرين التونسيين في إفريقيا، والتحسين من الخدمات الإدارية التي تعرقل محاولات الوصول إلى أسواق افريقية واعدة.

كما يجزم العديد من الخبراء بأن الدول الإفريقية ليست جاهزة بعد ولا مستعدة لتطبيق اتفاقية منطقة التجارة الحرة بسبب ضعف البنى التحتية وعدم وجود شبكة حديدية جيدة، ومعابر جوية وخطوط مباشرة بين العواصم الإفريقية، وعدم وجود نية حقيقية لتجاوز الحدود وإلغاء التأشيرة، أما على الصعيد الوطني فتعتبر السياسات الاقتصادية في تونس متأخرة و غير تنافسية لاقتصارها منذ عقود على نفس الحلفاء الاستراتيجيين من دول أوروبا و دول حوض البحر الأبيض المتوسط و دول الخليج العربي و تجاهلها تماما للعلاقات الإفريقية.

ومع تواصل تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وتبعات الغلق الشامل الذي طال أغلب دول أوروبا بسبب جائحة كوفيد-19، والمصنفة في المرتبة الأولى في الشراكة التجارية مع تونس، خاصة فرنسا وايطاليا وألمانيا، يشدد الخبراء على ضرورة أن تعمل تونس على وضع إستراتيجية جديدة ومتماسكة لغزو الأسواق الإفريقية، وحتى الاستثمار فيها، مشددين على أن التغييرات العالمية المتسارعة تفرض على تونس أن تلتفت إلى القارة الإفريقية وتوليها الأهمية القصوى مستقبلا، باعتبار أنها باتت سوق واعدة ومحل تنافس من جيران تونس وعلى رأسها المغرب.

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

مبادلات  تونس التجارية:  7 بالمائة فقط منها  مع ليبيا والجزائر والمغرب  وصادراتها  نحو إفريقيا تتجاوز مليار دولار

 

 

 أسواق إفريقيا محل منافسة شرسة من الجميع !

تونس- الصباح

بلغت صادرات تونس إلى إفريقيا وفق احدث بيانات وزارة الاقتصاد والتخطيط 1.46 مليار دولار، أي ما يمثل 9.5٪ فقط من إجمالي الصادرات خلال عام 2021، منها 7٪ إلى ليبيا، والمغرب والجزائر، بينما بلغت الصادرات إلى إفريقيا جنوب الصحراء 2.5٪ فقط من الإجمالي صادرات.

ووفق نتائج دراسة امتدت من 2018/2020 أعدتها شركة Deloitte)شركة رائدة في التدقيق والتأمين والاستشارات) بالشراكة مع وزارة الاقتصاد والتخطيط ومجلس التحليل الاقتصادي ووكالة التنمية الفرنسية (AFD)، تحصلت "الصباح" على نسخة منها، كشفت أن الأولوية اليوم لاقتحام الأسواق الإفريقية تنطلق من 5 قطاعات واعدة في 15 دولة أفريقية (بما في ذلك 11 جنوب الصحراء الكبرى) مع إمكانات للشركات التونسية، وهي الصناعات الغذائية ، والصحة ، والصناعات الدوائية ، والبناء والأشغال العامة ، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، والتعليم العالي.

وحددت الدراسة 15 خطوة لتسهيل ولوج الشركات التونسية في الأسواق الأفريقية انطلاقا من 4 محاور، هي الدبلوماسية الاقتصادية والعلامات التجارية (التسويق)، والمرافقة والدعم، والتمويل والحوافز، بالإضافة إلى الخدمات اللوجستية والجمارك.

تحديات تواجهها تونس

وما تزال هناك تحديات متعددة تعيق حاليا اختراق السوق الأفريقية، لا سيما عدم وجود روابط جوية وبحرية، وضعف التمثيل الدبلوماسي، وقلة الدعم المصرفي، علما وان تونس وضعت أهدافا في الترفيع في حجم صادراتها إلى إفريقيا سنة 2021 لتمر إلى 2 مليار دينار، بزيادة تقدر 5 بالمائة، وبرقم معاملات يناهز 400 مليون دولار، في الوقت الذي تجاوزت فيه المبادلات التجارية بين المغرب ودول إفريقيا 6.1 بالمائة، ونجحت رغم الصعوبات في تحقيق الأهداف المبرمجة لسنة 2021، وما تزال هناك صعوبات كثيرة تستدعي دخول أطراف دولية أخرى لدعم تواجد تونس في إفريقيا، وذلك وفق نتائج دراسة فرنسية، شددت على وجوب دعم العلاقات الثنائية والثلاثية لمزيد توسع تونس في الأسواق الإفريقية.

ومن المعلوم أن جل الدول في القارة الإفريقية تستورد احتياجاتها الغذائية والدوائية، من خارج أفريقيا، وبإمكان تونس أن توفر احتياجات عدة دول افريقية، علما وان حجم التجارة التونسية مع القارة السمراء لا يتجاوز نسبة 5 بالمائة من حجم المبادلات التجارية، بينما تبلغ 50 بالمائة مع دول أوروبا.

ويبقى الانتشار التونسي في أفريقيا ضعيفاً لعدة عوامل، على الرغم من وجود فائض تجاري بأكثر من مليار دينار (450 مليون دولار) لصالح تونس ، فإن هذه العوامل تتمثل، في نقص التغطية الدبلوماسية لدول القارة، إضافة إلى أن التغطية الجوية لأفريقيا تبقى ضعيفة، علما وان القارة يوجد بها قرابة مليار مستهلك تتزاحم عليهم كافة دول العالم، وتعدّ السّوق الأفريقيّة سوقا واعدة لتونس خصوصا وأنّ عدد سكاّن هذه السوق مرشّح لأن يصل إلى 2,5 مليار نسمة في غضون سنة 2050.

ويقول الاتحاد الأفريقي إن المنطقة بإمكانها إيجاد سوق أفريقية تضم أكثر من 1.2 مليار شخص، بناتج محلي إجمالي يصل إلى 2.5 تريليون دولار سنويا.

ورغم التفاؤل، تواجه بلدان القارة تحديات كبيرة، خاصة في ما يتعلق بالبنية التحتية وتوفير فرص عمل للملايين من الشباب واستقطاب الاستثمارات البينية، ولا تزال المبادلات التجارية بين دول أفريقيا ضعيفة للغاية، فأسواق القارة غارقة حتى الآن ببضائع مستورة من الصين وتركيا والولايات المتحدة وفرنسا وإيطاليا، وأما صادرات الدول الأفريقية فهي تقتصر على مواد غير مصنعة، وتبلغ نسبة التبادل التجاري بين بلدان أفريقيا نحو 12 بالمائة فقط، مقارنة بنسبة 55 بالمائة بين البلدان الآسيوية ونحو 70 بالمائة بين الدول الأوروبية.

وتعد منطقة التجارة الحرة الإفريقية الأكبر في العالم بتعداد سكاني يتجاوز 1.2 مليار نسمة، وحجم مبادلات تجارية تتجاوز 3 تريليون دولار سنويا ، وتطمح الدول الأعضاء في الاتحاد أن تؤدي الاتفاقية الأخيرة "كوميسا" مع الدول الأعضاء إلى رفع نسبة المبادلات التجارية بين الدول الإفريقية من 16 إلى 33 بالمائة من إجمالي تجارتها الخارجية، علما وان الاتفاقية دخلت حيز التنفيذ في 30 ماي 2019.

المغرب في صدارة الدول

وأفادت أرقام رسمية حديثة بأن المبادلات التجارية بين المغرب ودول القارة الإفريقية سجلت نمواً سنوياً متوسطاً بـ6.1 في المائة ما بين سنتي 2009 و2019، وكشفت نشرية “المالية” الصادرة عن وزارة الاقتصاد والمالية وإصلاح الإدارة المغربية، أن المبادلات التجارية انتقلت من 8.3 مليارات درهم في 2009 إلى أكثر من 21.6 مليارات درهم السنة الماضية.

وذكرت الوثيقة أن هذه المبادلات التجارية تميزت بتحول هيكلي ابتداءً من سنة 2015، إذ أصبح المغرب يُسجل فائضاً تجارياً مع دول القارة الإفريقية سنة 2019، وكانت جيبوتي والسنغال أبرز الدول المتعاملة مع المغرب في القارة الإفريقية بقيمة تناهز 2.1 مليار درهم لكل واحدة، فيما آلت المرتبة الثالثة لموريتانيا بـ1.9 مليارات درهم، ثم ساحل العاج بـ1.8 مليارات درهم، والجزائر بـ1.5 مليارات درهم.

وتمثل الصادرات المغربية نحو البلدان سالفة الذكر حوالي 43.5 في المائة من إجمالي الصادرات نحو القارة ، ولا تقتصر صادرات المغرب نحو القارة الإفريقية على المنتجات الغذائية، بل يضم أيضاً منتجات الصناعة الكيماوية والفلاحة والسيارات والحديد.

وبلغت واردات المغرب من دول القارة حوالي 17.9 مليارات درهم سنة 2019، مقابل 13.7 مليارات درهم سنة 2009، إذ سجلت معدل نمو سنوي ناهز 2.7 في المائة خلال الفترة سالفة الذكر، وتُعد مصر أول مُورد للمغرب على المستوى القاري بنسبة 36.2 في المائة من وارداته، متبوعة بالجزائر وتونس بـ 27.6 في المائة و13.2 في المائة على التوالي.

وتشير المعطيات الرسمية إلى أن الاستثمارات المباشرة المغربية في إفريقيا شهدت هي الأخرى ارتفاعاً خلال العقد الماضي، إذ سجلت نمواً سنوياً بمعدل 8.3 في المائة، بحيث انتقل من 3 مليارات درهم إلى 6.8 مليارات درهم.وبات المغرب يستثمر بشكل مباشر في 29 دولة في القارة سنة 2019 مقابل 9 فقط سنة 2009. وتمثل الاستثمارات المغربية في إفريقيا 58.7 في المائة من إجمالي استثماراته في الخارج.

وتحتل الكوت ديفوار المرتبة الأولى على مستوى استقبال الاستثمارات المغربية المباشرة بحصة تناهز 21.4 في المائة، متبوعة بتشاد بـ19.8 في المائة، ثم السنغال في المرتبة الثالثة بـ14.7 في المائة.

تونس تدخل متأخرة المنافسة

ووفق توقعات البنك الدولي، فإن منطقة التجارة الحرة القارية الإفريقية ستكون سوقا واعدة جدا، إذ يُتوقع أن يرتفع إجمالي صادرات الدول الأعضاء بعد التنفيذ الكامل للمنطقة إلى 29 في المائة مع حلول سنة 2035، وسترتفع الصادرات إلى 81 في المائة.

وانطلقت مؤخرا المبادلات في إطار منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية "زليكا" رسميا، يوم 1 جانفي 2021، خلال حفل افتراضي انتظم ببادرة من اللجنة الاقتصادية لإفريقيا، بمشاركة مؤتمر الأمم المتحدة للتجارة والتنمية وبرنامج الأمم المتحدة الإنمائي والبنك الإفريقي للتصدير والتوريد.

وتعدّ منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية "زليكا" أهم اتفاقية تجارية مبرمة في العالم، منذ إنشاء منظمة التجارة العالمية، باعتبار أنها تضم ما يزيد عن 1.2 مليار شخص بحجم مبادلات تناهز 2500 مليار دولار. وتمكن هذه الاتفاقية من عدة امتيازات على غرار دعم التبادل بين الدول الأعضاء وتعزيز التحول الهيكلي وتوفير مواطن الشغل والتقليص من الفقر.

ودخلت اتفاقية التبادل التجاري الحر الإفريقية، التي تهدف إلى إزالة الحواجز التجارية بين الدول الأعضاء، حيز التنفيذ بداية من 30 ماي 2019، اثر مصادقة 22 دولة، وهو الحد الأدنى المطلوب بموجب هذه الاتفاقية، علما أنه كان من المقرر أن تنطلق المبادلات بين الدول الأعضاء يوم 1 جويلية 2020، ولكن تم تأجيلها لمدة ستة أشهر بسبب انتشار وباء كوفيد - 19.

وصادقت تونس، يوم 22 جويلية 2020، على اتفاقية منطقة التبادل التجاري الحر الإفريقية. وتعمل، حاليا، بالتعاون مع مكتب شمال إفريقيا على إعداد الإستراتيجية الوطنية لتنفيذ الاتفاقية. وتبقى إريتريا البلد الإفريقي الوحيد الذي لم يوقع بعد عليها، بالإضافة إلى أن تونس دخلت متأخرة هذه الأسواق الواعدة، مقارنة بجارتها المغرب التي سجلت صادراتها إلى دول إفريقيا ارتفاعا قياسيا خلال العقد الأخير.

ضرورة تطوير المطارات والموانئ

ويشدد الخبراء اليوم، على ضرورة تطوير المطارات التونسية، لتواكب التغييرات الحاصلة في العالم وتفادي التأخير في الرحلات الجوية، داعين إلى بعث شركات طيران جديدة تغطي جميع الرحلات الجوية في إفريقيا، خاصة وان الخطوط التونسية بمفردها لا يمكنها أن تلبي هذه الأهداف. ويؤكد الخبراء على ضرورة تضافر جميع الجهود لإنجاح التحولات الاقتصادية التي ستعيشها تونس خلال السنوات القادمة، وخاصة تطوير الموانئ التجارية، مبرزين أن الانفتاح على الخارج يتطلب توفير بنية تحتية ملائمة وأطر قانونية كافية لحماية المستثمرين التونسيين في إفريقيا، والتحسين من الخدمات الإدارية التي تعرقل محاولات الوصول إلى أسواق افريقية واعدة.

كما يجزم العديد من الخبراء بأن الدول الإفريقية ليست جاهزة بعد ولا مستعدة لتطبيق اتفاقية منطقة التجارة الحرة بسبب ضعف البنى التحتية وعدم وجود شبكة حديدية جيدة، ومعابر جوية وخطوط مباشرة بين العواصم الإفريقية، وعدم وجود نية حقيقية لتجاوز الحدود وإلغاء التأشيرة، أما على الصعيد الوطني فتعتبر السياسات الاقتصادية في تونس متأخرة و غير تنافسية لاقتصارها منذ عقود على نفس الحلفاء الاستراتيجيين من دول أوروبا و دول حوض البحر الأبيض المتوسط و دول الخليج العربي و تجاهلها تماما للعلاقات الإفريقية.

ومع تواصل تداعيات الحرب الروسية - الأوكرانية، وتبعات الغلق الشامل الذي طال أغلب دول أوروبا بسبب جائحة كوفيد-19، والمصنفة في المرتبة الأولى في الشراكة التجارية مع تونس، خاصة فرنسا وايطاليا وألمانيا، يشدد الخبراء على ضرورة أن تعمل تونس على وضع إستراتيجية جديدة ومتماسكة لغزو الأسواق الإفريقية، وحتى الاستثمار فيها، مشددين على أن التغييرات العالمية المتسارعة تفرض على تونس أن تلتفت إلى القارة الإفريقية وتوليها الأهمية القصوى مستقبلا، باعتبار أنها باتت سوق واعدة ومحل تنافس من جيران تونس وعلى رأسها المغرب.

سفيان المهداوي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews