- العثور على جثة "سفاح العجائز" تتدلى في سجن ايقافه
-12امرأة خلف قضبان سجون ايطاليا
تونس-الصباح
ألقت بهم أوهام أوروبا في جحيم السجون ومراكز التوقيف، يتوافدون سنويا بالآلاف بحثا عن فرصة عمل علها تغير حياتهم الى الأفضل ليجدوا أنفسهم خلف القضبان بسبب جرائم وجنح وربما الجامع بينها هو الجهل التام بالقوانين في المجتمعات الجديدة، في حين تتبلور صورة نمطية عن المهاجرين العرب، بكونهم "عشاق سجون" وخريجي جريمة، ذاك حال السواد الأعظم من المهاجرين غير النظاميين الذين يقبعون في السجون الاوروبية وخاصة الايطالية باعتبارها الوجهة الأولى والاقرب للمهاجرين التونسيين ليصيبهم الاكتئاب وينتهي بهم الأمر الى الموت في ظروف غامضة وفي أغلب الأحيان الى الانتحار بعد أن تسد كل الأبواب التي ظنوا أنها أبواب الفردوس فصدت في وجوههم ولم تترك أمامهم سوى خيارا واحدا هو الموت.
أرقام صادمة..
حسب إحصائيات وزارة العدل الإيطالية إلى غاية 31 جويلية 2022 وفق ما أفاد به الناشط بالمجتمع المدني مجدي الكرباعي فإن عدد التونسيين الذين يقضون عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية هو 1745 من بينهم 12 امرأة.
بينما بلغ عدد التونسيين 1775 سجينا بنسبة 19.2 بالمائة من مجمل سجناء القارة الإفريقية، حسب ما كشفته المصادر ذاتها في 2021.
ويعتبر عدد السجناء التونسيين في المرتبة الرابعة بعد المغرب التي تأتي في المرتبة الأولى ثم رومانيا في المرتبة الثانية وألبانيا في المرتبة الثالثة من أصل 156 جنسية تقضي عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية.
ويواجه السجناء التونسيون جرائم من قبول الجنايات والجنح كجرائم القتل والمخدرات والسرقة والتحرش وغيرها...
حالات انتحار..
في فيفري 2022 وضع سجين تونسي، يبلغ من العمر 33 عاما، حدا لحياته في سجن "سان كيريكو"، في مونزا حيث كان محتجزا يقضي العقوبة المحكوم بها.
وقال «دومينيكو بنيميا»، السكرتير اللومباردي "الاتحاد الإيطالي لعمال الإدارة العامة" (Uilpa)، لوكالة الأنباء الإيطالية "أنسا": "إنها الحالة الثانية منذ بداية العام ولا تزال السياسة لا تهتم بما يحدث في السجون".
وتابع: "لا يجب إفراغ شر نظام المؤسسات السجنية على المشغّلين كما هناك من قبل إنذار، بين حالات الانتحار والهجمات، الذي لم يعد من الممكن تجاهله".
وكان المواطن التونسي في السجن بتهمة القتل وتمكّن من الانتحار باستخدام الغاز من اسطوانة التخييم الموجودة في الزنازين للطهي.
كما توفي يوم 11 أوت 2022، شاب تونسي يبلغ من العمر حوالي 23 عاما، داخل سجن “مونزا” في إيطاليا، وقد كشفت الأبحاث الأوليّة أن الشاب قد أقدم على الانتحار، علما وأنه كان بصدد قضاء عقوبته التي من المقرّر أن تنتهي في أفريل 2023.
وأكد المحامي حازم القصوري يوم 4 أوت 2022، في تصريح لإي أف أم أنه تم تقديم شكاية جزائية إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس لفتح بحث ضد مدير إدارة السجون بإيطاليا ومدير سجن سانتا آنا بمدينة مودينا على خلفية الأحداث التي كانت سببا مباشرا في وفاة منوبه لطفي بن مسمية.
وقال القصوري:" العائلة تريد كشف الحقيقة قانونيا وأخلاقيا وفق المواثيق الدولية، يعني ملابسات وفاة التونسيين خارج حدود الوطن تتنزل في حقوق العائلة لكنها تتنزل في حق الدولة التونسية في متابعة التونسيين سواء كانوا في ديار الغربة أو حتى في السجون، وبالتالي ننتظر من النيابة في تونس فتح التحقيق الجدي لتعقب الجناة مهما كانت جنسياتهم وخاصة وأن المسألة تهم جريمة وقعت خارج أرض الوطن، والقانون التونسي منطبق باعتبار أن أحد الضحايا هو تونسي.
يذكر أن عددا من السجون الإيطالية شهدت في مارس عام 2020، أحداث شغب واحتجاجات على قيود وضعتها السلطات لمنع انتشار فيروس كورونا، وقد أسفرت تلك الأحداث عن مقتل عدد من السجناء، أغلبهم داخل سجن مدينة مودينا.
كما فارق تونسيّا يبلغ من العمر 18 سنة الحياة في مستشفى في مدينة ميسينا الإيطالية بعد قضائه 15 يوما في قسم الانعاش في ساعة متأخرة من شهر افريل 2022.
وجاءت نتيجة سقوطه من الطابق العلوي لمركز الايواء الذي كان به.
وشهدت السجون الايطالية خلال السنوات الاخيرة حالات وفاة عديدة حيث عثرت الشرطة الايطالية في سجن " سيجونديجليانو " بمدينة " نابولي " على مهاجر تونسي عمره 40 سنة منتحرا في حبسه الانفرادي أو ما يعرف " السيلون "، و ورد في الصحف المحلية أن أحد أعوان السجن توجه إلى زنزانة الضحية لمده بالأكل والماء إلا أنه وجد رأس السجين الهالك التونسي الجنسية بين الأعمدة الحديدية لباب الزنزانة التي يقبع فيها وهو ميت.
وفور تفطنه للواقعة أعلم مدير السجن الذي تحول وأعوان الأمن على عين المكان رفقة الطبيب الشرعي الذي أكد وفاة الضحية اثر عملية انتحار.
وبالعودة لحيثيات هذه الحادثة ذكرت نفس المصادر أن الفقيد التونسي الجنسية محكوم بالسجن على خلفية التجارة في المخدرات وهو في سجن انفرادي وعليه حراسة أمنية مشددة باعتباره ذو سوابق عدلية.
قاتل العجائز..
السجين التونسي عز الدين السبعي (49 سنة) الذي فارق الحياة بقسم العناية المركزة بمستشفى بادوفا متأثرا بحالة اختناق شديد ناجم عن إقدامه على الانتحار شنقا بغرفته بسجن بادوفا أين كان يقضي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات بتهمة قتل حوالي 15 عجوزا إيطالية.
وقالت وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية "أنسا" حينها أن سجناء تفطنوا للسبعي يتدلى من حبل داخل غرفته فسارعوا إلى قطعه وإعلام حراس السجن والممرضين الذين تدخلوا ونقلوا الهالك في حالة صحية وصفت بالحرجة إلى مستشفى بادوفا أين احتفظ به بقسم العناية المركزة طيلة ساعات قالت تقارير أنه كان خلالها ميتا سريريا، إلى أن فارق الحياة.
ولقب السبعي بـ"سفاح العجائز" بعد اعترافه بقتل 15 امرأة إيطالية مسنة.
ويذكر أن أعوان الأمن ألقوا القبض على المهاجر التونسي عام 1997 قرب محطة للقطارات بناء على معلومة أدلت بها طفلة حين لمحته قالت فيها أنها شاهدته في منزل عجوز (75 سنة) بمنطقة بالاجيا نالو القريبة من تارانتو عثر عليها لاحقا مقتولة بطعنات سكين.
وبالتحري معه اعترف بمسؤوليته عن قتل 14 عجوزا أخرى.
وتعود الجرائم المرتكبة إلى الفترة المتراوحة بين عامي 1994 و1997 حيث تعرض عدد كبير من النسوة بمنطقتي بوليا وبازيليكاتا للقتل والسرقة طعنا أو ذبحا أو وخزا بالإبر حيث اعترف المتهم بقتل عدد من النسوة من بينهن الأستاذة المتقاعدة أنّا ماريا ستيلا (60 سنة) التي استهدفت للقتل والسرقة داخل منزلها يوم غرة أفريل 1997 وجوزيفين (72 سنة) التي ذبحت بمنزلها بمنطقة «سان فاردينانو» وماريا توتارو التي عثر عليها مقتولة في جانفي 1997.
هذه الجرائم لم تكن الوحيدة في سجل التونسي بعدما فوجئت إدارة السجن والقضاء الايطالي بتدوينه اعترافات من داخل سجن ميلانو كشف فيها عن قتل مجموعة أخرى من العجائز ومقرّا بمسؤوليته الكاملة عن قتل وسلب عدد من النساء الإيطاليات داخل منازلهن في نفس الفترة التي ارتكب خلالها بقية الجرائم المدان فيها.
الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين لـ"الصباح": ارتفاع كارثي لنسب انتحار التونسيين في السجون الايطالية.. وعلى الدولة أن تشعر هؤلاء بأنها لم تتخل عنهم
الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين بين في مداخلته لـ"الصباح" حول هذا الموضوع أنه يقبع في السجون الإيطالية حسب المعطيات المتوفرة سنة 2016 أكثر من 2016 نفرا من بينهم 13 امرأة، ولا يقل عدد المساجين التونسيين في فرنسا عن الألف حسب بعض الإحصائيات الرسمية ، وذلك دون اعتبار ذوي الجنسية المزدوجة الذين تصنفهم السلطات الفرنسية في عداد المواطنين الفرنسيين.
مضيفا أنه يوجد 47 حالة انتحار داخل السجون الإيطالية منذ بداية 2022 الى غاية الأسبوع الجاري أي بمعدل 7 حالات في كل شهر وهذه الأرقام مرتفعة جداً مقارنة بباقي حالات الانتحار في سجون العالم لا سيما في أوروبا.
مشيرا الى أن هناك ملاحظتين هامتين:أولا، عدد الذكور الذين يلقون حتفهم بسبب الانتحار حسب منظمة الصحة العالمية 12٫6 من كل 100000 فرد ذكر سنة 2019( على اعتبار أن أغلب المساجين ذكور). في المانيا مثلا انتحر 82 شخصا سنة 2018 من مجموع 64 ألف سجين بمعدل 8 حالات انتحار لكل 10 الاف سجين.
ثانيا، هناك عائلات تونسية رفضت الرواية الايطالية التي تتحدث عن حالات انتحار وقامت بتعيين محاميين لمتابعة القضايا والتحقيقات مع السلطات الإيطالية على اعتبار وجود شبهات وراء بعض الحوادث مثل عملية تصفية حسابات شخصية داخل السجن أو غيرها، لكنها تبدو مجرد احتمالات ما لم يوجد ما يؤكدها.
العوامل..
بين الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أن الملامح العامة للمعتقلين التونسيين في الخارج لها أكثر من معنى وتسمح بتحسس العوامل والاسباب التي تفسر الارتفاع الكارثي لنسب انتحار التونسيين داخل السجون الاوروبية والايطاية خصوصاً فهم في الغالب شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة ، ينحدرون من الأحياء الشعبية من تونس العاصمة ومن مدن تونسية أخرى، عائلاتهم متواضعة الدخل وغادروا المدرسة الابتدائية في وقت مبكر، وصل بعضهم الى أوروبا عن طريق الهجرة السرية، وهذا ينطبق بالخصوص على ايطاليا بما في ذلك اولئك الذين تحصلوا على رخصة إقامة بل بعضهم تحصل على الجنسية الإيطالية.
الأحكام القضائية..
تتعلق أغلب الاحكام القضائية الصادرة ضد التونسيين المهاجرين أساساً بترويج المخدرات والعنف والسرقة وعمليات تحيل، ويستثنى من كل هذه الاحكام المخالفات المتعلقة بالدخول الى اراضي هذا البلد أو ذاك بشكل غير قانوني.
وأضاف عز الدين ان "هناك سياقان يمكن من خلالهما فهم هذه الظاهرة ، سياق فردي متأزم وسياق اجتماعي يعبر عن اخلالات هيكلية ووظيفية، فيما يتعلق بالسياق الفردي فإن أهم ما نلاحظه الاحساس الحاد بالضيق الذي لا يطاق لدى السجين بحيث يشعر أنه ترك لحاله ولا من يهتم به أو يرحمه ،لا أحد يأبه به إما لتخلي عائلته عنه أو انقطاع أخباره عنها أو لأنها عجزت عن الحصول عن تأشيرة وتسديد تكاليف السفر لزيارته ،هجرته رفيقته ورفاقه، يعاني من بؤس عاطفي حاد واحساس بالغربة والفقد، مع عجز واضح عن الاندماج في فضاء الهجرة من قبيل الاسلاموفوبيا، صعوبة نيل الجنسية، استغلاله اقتصاديا مما يجعله فريسة سهلة للمولعين بتصيد الشباب واستقطابه في شبكات الاجرام والارهاب، كما يغلب عليه الاحساس بالوصم الاجتماعي ( الحقرة) بمعنى استبطان الصورة السلبية التي يكونها عنه المحيطون به بكونه مجرم ،عنيف ومدمن مع افتقاد الرابط العلائقي بمعنى الاقصاء وعدم القدرة على ربط علاقات سليمة خارج الفضاءات الموصومة التي يعيش فيها.
فيما يخص السياق الثاني فإن أهم الاخلالات المؤسساتية التي تساهم في تصاعد حالات انتحار التونسيين في المؤسسات السجنية الإيطالية تتمثل في الاوضاع الصعبة داخلها حيث حصلت عدة مٱسٍ جراء الاكتظاظ وغياب الخدمات الضرورية وخاصة الاحاطة الاجتماعية والنفسية بالسجناء ما خلق حالة من الضغط والاحباط.
للاسف الدولة التونسية شبه غائبة حيث يغيب تدخل الملحقين الاجتماعيين والمختصين الذين يجب أن يلعبوا دورا في الاحاطة بهؤلاء السجناء وغيرهم في مراكز الايواء الايطالية".
خلص محدثنا الى أنه اصبح ضروريا ان تعتمد الدولة سياسات عمومية تشعر هؤلاء المساجين بأن دولتهم لم تتركهم لانفسهم ولم تتخل عنهم وهذا يتطلب فيما يتطلب اقرار استراتيجية جديدة عبرالمبادرة بتحسين وضع وزارة الشؤون الخارجية بدعم مواردها البشرية والزيادة في حجم الميزانية والتأهيل المستمر المنتسبين لها بطريقة تسمح بتتبع ملفات هؤلاء المساجين عن قرب وايجاد السبل الفعلية لحل ملفاتهم بشكل جيد.
مفيدة القيزاني
-شكايات لدى القضاء التونسي
- العثور على جثة "سفاح العجائز" تتدلى في سجن ايقافه
-12امرأة خلف قضبان سجون ايطاليا
تونس-الصباح
ألقت بهم أوهام أوروبا في جحيم السجون ومراكز التوقيف، يتوافدون سنويا بالآلاف بحثا عن فرصة عمل علها تغير حياتهم الى الأفضل ليجدوا أنفسهم خلف القضبان بسبب جرائم وجنح وربما الجامع بينها هو الجهل التام بالقوانين في المجتمعات الجديدة، في حين تتبلور صورة نمطية عن المهاجرين العرب، بكونهم "عشاق سجون" وخريجي جريمة، ذاك حال السواد الأعظم من المهاجرين غير النظاميين الذين يقبعون في السجون الاوروبية وخاصة الايطالية باعتبارها الوجهة الأولى والاقرب للمهاجرين التونسيين ليصيبهم الاكتئاب وينتهي بهم الأمر الى الموت في ظروف غامضة وفي أغلب الأحيان الى الانتحار بعد أن تسد كل الأبواب التي ظنوا أنها أبواب الفردوس فصدت في وجوههم ولم تترك أمامهم سوى خيارا واحدا هو الموت.
أرقام صادمة..
حسب إحصائيات وزارة العدل الإيطالية إلى غاية 31 جويلية 2022 وفق ما أفاد به الناشط بالمجتمع المدني مجدي الكرباعي فإن عدد التونسيين الذين يقضون عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية هو 1745 من بينهم 12 امرأة.
بينما بلغ عدد التونسيين 1775 سجينا بنسبة 19.2 بالمائة من مجمل سجناء القارة الإفريقية، حسب ما كشفته المصادر ذاتها في 2021.
ويعتبر عدد السجناء التونسيين في المرتبة الرابعة بعد المغرب التي تأتي في المرتبة الأولى ثم رومانيا في المرتبة الثانية وألبانيا في المرتبة الثالثة من أصل 156 جنسية تقضي عقوبة سجنية داخل السجون الإيطالية.
ويواجه السجناء التونسيون جرائم من قبول الجنايات والجنح كجرائم القتل والمخدرات والسرقة والتحرش وغيرها...
حالات انتحار..
في فيفري 2022 وضع سجين تونسي، يبلغ من العمر 33 عاما، حدا لحياته في سجن "سان كيريكو"، في مونزا حيث كان محتجزا يقضي العقوبة المحكوم بها.
وقال «دومينيكو بنيميا»، السكرتير اللومباردي "الاتحاد الإيطالي لعمال الإدارة العامة" (Uilpa)، لوكالة الأنباء الإيطالية "أنسا": "إنها الحالة الثانية منذ بداية العام ولا تزال السياسة لا تهتم بما يحدث في السجون".
وتابع: "لا يجب إفراغ شر نظام المؤسسات السجنية على المشغّلين كما هناك من قبل إنذار، بين حالات الانتحار والهجمات، الذي لم يعد من الممكن تجاهله".
وكان المواطن التونسي في السجن بتهمة القتل وتمكّن من الانتحار باستخدام الغاز من اسطوانة التخييم الموجودة في الزنازين للطهي.
كما توفي يوم 11 أوت 2022، شاب تونسي يبلغ من العمر حوالي 23 عاما، داخل سجن “مونزا” في إيطاليا، وقد كشفت الأبحاث الأوليّة أن الشاب قد أقدم على الانتحار، علما وأنه كان بصدد قضاء عقوبته التي من المقرّر أن تنتهي في أفريل 2023.
وأكد المحامي حازم القصوري يوم 4 أوت 2022، في تصريح لإي أف أم أنه تم تقديم شكاية جزائية إلى وكيل الجمهورية بالمحكمة الابتدائية بتونس لفتح بحث ضد مدير إدارة السجون بإيطاليا ومدير سجن سانتا آنا بمدينة مودينا على خلفية الأحداث التي كانت سببا مباشرا في وفاة منوبه لطفي بن مسمية.
وقال القصوري:" العائلة تريد كشف الحقيقة قانونيا وأخلاقيا وفق المواثيق الدولية، يعني ملابسات وفاة التونسيين خارج حدود الوطن تتنزل في حقوق العائلة لكنها تتنزل في حق الدولة التونسية في متابعة التونسيين سواء كانوا في ديار الغربة أو حتى في السجون، وبالتالي ننتظر من النيابة في تونس فتح التحقيق الجدي لتعقب الجناة مهما كانت جنسياتهم وخاصة وأن المسألة تهم جريمة وقعت خارج أرض الوطن، والقانون التونسي منطبق باعتبار أن أحد الضحايا هو تونسي.
يذكر أن عددا من السجون الإيطالية شهدت في مارس عام 2020، أحداث شغب واحتجاجات على قيود وضعتها السلطات لمنع انتشار فيروس كورونا، وقد أسفرت تلك الأحداث عن مقتل عدد من السجناء، أغلبهم داخل سجن مدينة مودينا.
كما فارق تونسيّا يبلغ من العمر 18 سنة الحياة في مستشفى في مدينة ميسينا الإيطالية بعد قضائه 15 يوما في قسم الانعاش في ساعة متأخرة من شهر افريل 2022.
وجاءت نتيجة سقوطه من الطابق العلوي لمركز الايواء الذي كان به.
وشهدت السجون الايطالية خلال السنوات الاخيرة حالات وفاة عديدة حيث عثرت الشرطة الايطالية في سجن " سيجونديجليانو " بمدينة " نابولي " على مهاجر تونسي عمره 40 سنة منتحرا في حبسه الانفرادي أو ما يعرف " السيلون "، و ورد في الصحف المحلية أن أحد أعوان السجن توجه إلى زنزانة الضحية لمده بالأكل والماء إلا أنه وجد رأس السجين الهالك التونسي الجنسية بين الأعمدة الحديدية لباب الزنزانة التي يقبع فيها وهو ميت.
وفور تفطنه للواقعة أعلم مدير السجن الذي تحول وأعوان الأمن على عين المكان رفقة الطبيب الشرعي الذي أكد وفاة الضحية اثر عملية انتحار.
وبالعودة لحيثيات هذه الحادثة ذكرت نفس المصادر أن الفقيد التونسي الجنسية محكوم بالسجن على خلفية التجارة في المخدرات وهو في سجن انفرادي وعليه حراسة أمنية مشددة باعتباره ذو سوابق عدلية.
قاتل العجائز..
السجين التونسي عز الدين السبعي (49 سنة) الذي فارق الحياة بقسم العناية المركزة بمستشفى بادوفا متأثرا بحالة اختناق شديد ناجم عن إقدامه على الانتحار شنقا بغرفته بسجن بادوفا أين كان يقضي عقوبة السجن المؤبد خمس مرات بتهمة قتل حوالي 15 عجوزا إيطالية.
وقالت وكالة الأنباء الإيطالية الرسمية "أنسا" حينها أن سجناء تفطنوا للسبعي يتدلى من حبل داخل غرفته فسارعوا إلى قطعه وإعلام حراس السجن والممرضين الذين تدخلوا ونقلوا الهالك في حالة صحية وصفت بالحرجة إلى مستشفى بادوفا أين احتفظ به بقسم العناية المركزة طيلة ساعات قالت تقارير أنه كان خلالها ميتا سريريا، إلى أن فارق الحياة.
ولقب السبعي بـ"سفاح العجائز" بعد اعترافه بقتل 15 امرأة إيطالية مسنة.
ويذكر أن أعوان الأمن ألقوا القبض على المهاجر التونسي عام 1997 قرب محطة للقطارات بناء على معلومة أدلت بها طفلة حين لمحته قالت فيها أنها شاهدته في منزل عجوز (75 سنة) بمنطقة بالاجيا نالو القريبة من تارانتو عثر عليها لاحقا مقتولة بطعنات سكين.
وبالتحري معه اعترف بمسؤوليته عن قتل 14 عجوزا أخرى.
وتعود الجرائم المرتكبة إلى الفترة المتراوحة بين عامي 1994 و1997 حيث تعرض عدد كبير من النسوة بمنطقتي بوليا وبازيليكاتا للقتل والسرقة طعنا أو ذبحا أو وخزا بالإبر حيث اعترف المتهم بقتل عدد من النسوة من بينهن الأستاذة المتقاعدة أنّا ماريا ستيلا (60 سنة) التي استهدفت للقتل والسرقة داخل منزلها يوم غرة أفريل 1997 وجوزيفين (72 سنة) التي ذبحت بمنزلها بمنطقة «سان فاردينانو» وماريا توتارو التي عثر عليها مقتولة في جانفي 1997.
هذه الجرائم لم تكن الوحيدة في سجل التونسي بعدما فوجئت إدارة السجن والقضاء الايطالي بتدوينه اعترافات من داخل سجن ميلانو كشف فيها عن قتل مجموعة أخرى من العجائز ومقرّا بمسؤوليته الكاملة عن قتل وسلب عدد من النساء الإيطاليات داخل منازلهن في نفس الفترة التي ارتكب خلالها بقية الجرائم المدان فيها.
الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين لـ"الصباح": ارتفاع كارثي لنسب انتحار التونسيين في السجون الايطالية.. وعلى الدولة أن تشعر هؤلاء بأنها لم تتخل عنهم
الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين بين في مداخلته لـ"الصباح" حول هذا الموضوع أنه يقبع في السجون الإيطالية حسب المعطيات المتوفرة سنة 2016 أكثر من 2016 نفرا من بينهم 13 امرأة، ولا يقل عدد المساجين التونسيين في فرنسا عن الألف حسب بعض الإحصائيات الرسمية ، وذلك دون اعتبار ذوي الجنسية المزدوجة الذين تصنفهم السلطات الفرنسية في عداد المواطنين الفرنسيين.
مضيفا أنه يوجد 47 حالة انتحار داخل السجون الإيطالية منذ بداية 2022 الى غاية الأسبوع الجاري أي بمعدل 7 حالات في كل شهر وهذه الأرقام مرتفعة جداً مقارنة بباقي حالات الانتحار في سجون العالم لا سيما في أوروبا.
مشيرا الى أن هناك ملاحظتين هامتين:أولا، عدد الذكور الذين يلقون حتفهم بسبب الانتحار حسب منظمة الصحة العالمية 12٫6 من كل 100000 فرد ذكر سنة 2019( على اعتبار أن أغلب المساجين ذكور). في المانيا مثلا انتحر 82 شخصا سنة 2018 من مجموع 64 ألف سجين بمعدل 8 حالات انتحار لكل 10 الاف سجين.
ثانيا، هناك عائلات تونسية رفضت الرواية الايطالية التي تتحدث عن حالات انتحار وقامت بتعيين محاميين لمتابعة القضايا والتحقيقات مع السلطات الإيطالية على اعتبار وجود شبهات وراء بعض الحوادث مثل عملية تصفية حسابات شخصية داخل السجن أو غيرها، لكنها تبدو مجرد احتمالات ما لم يوجد ما يؤكدها.
العوامل..
بين الباحث في علم الاجتماع ممدوح عز الدين أن الملامح العامة للمعتقلين التونسيين في الخارج لها أكثر من معنى وتسمح بتحسس العوامل والاسباب التي تفسر الارتفاع الكارثي لنسب انتحار التونسيين داخل السجون الاوروبية والايطاية خصوصاً فهم في الغالب شباب تتراوح أعمارهم بين 20 و35 سنة ، ينحدرون من الأحياء الشعبية من تونس العاصمة ومن مدن تونسية أخرى، عائلاتهم متواضعة الدخل وغادروا المدرسة الابتدائية في وقت مبكر، وصل بعضهم الى أوروبا عن طريق الهجرة السرية، وهذا ينطبق بالخصوص على ايطاليا بما في ذلك اولئك الذين تحصلوا على رخصة إقامة بل بعضهم تحصل على الجنسية الإيطالية.
الأحكام القضائية..
تتعلق أغلب الاحكام القضائية الصادرة ضد التونسيين المهاجرين أساساً بترويج المخدرات والعنف والسرقة وعمليات تحيل، ويستثنى من كل هذه الاحكام المخالفات المتعلقة بالدخول الى اراضي هذا البلد أو ذاك بشكل غير قانوني.
وأضاف عز الدين ان "هناك سياقان يمكن من خلالهما فهم هذه الظاهرة ، سياق فردي متأزم وسياق اجتماعي يعبر عن اخلالات هيكلية ووظيفية، فيما يتعلق بالسياق الفردي فإن أهم ما نلاحظه الاحساس الحاد بالضيق الذي لا يطاق لدى السجين بحيث يشعر أنه ترك لحاله ولا من يهتم به أو يرحمه ،لا أحد يأبه به إما لتخلي عائلته عنه أو انقطاع أخباره عنها أو لأنها عجزت عن الحصول عن تأشيرة وتسديد تكاليف السفر لزيارته ،هجرته رفيقته ورفاقه، يعاني من بؤس عاطفي حاد واحساس بالغربة والفقد، مع عجز واضح عن الاندماج في فضاء الهجرة من قبيل الاسلاموفوبيا، صعوبة نيل الجنسية، استغلاله اقتصاديا مما يجعله فريسة سهلة للمولعين بتصيد الشباب واستقطابه في شبكات الاجرام والارهاب، كما يغلب عليه الاحساس بالوصم الاجتماعي ( الحقرة) بمعنى استبطان الصورة السلبية التي يكونها عنه المحيطون به بكونه مجرم ،عنيف ومدمن مع افتقاد الرابط العلائقي بمعنى الاقصاء وعدم القدرة على ربط علاقات سليمة خارج الفضاءات الموصومة التي يعيش فيها.
فيما يخص السياق الثاني فإن أهم الاخلالات المؤسساتية التي تساهم في تصاعد حالات انتحار التونسيين في المؤسسات السجنية الإيطالية تتمثل في الاوضاع الصعبة داخلها حيث حصلت عدة مٱسٍ جراء الاكتظاظ وغياب الخدمات الضرورية وخاصة الاحاطة الاجتماعية والنفسية بالسجناء ما خلق حالة من الضغط والاحباط.
للاسف الدولة التونسية شبه غائبة حيث يغيب تدخل الملحقين الاجتماعيين والمختصين الذين يجب أن يلعبوا دورا في الاحاطة بهؤلاء السجناء وغيرهم في مراكز الايواء الايطالية".
خلص محدثنا الى أنه اصبح ضروريا ان تعتمد الدولة سياسات عمومية تشعر هؤلاء المساجين بأن دولتهم لم تتركهم لانفسهم ولم تتخل عنهم وهذا يتطلب فيما يتطلب اقرار استراتيجية جديدة عبرالمبادرة بتحسين وضع وزارة الشؤون الخارجية بدعم مواردها البشرية والزيادة في حجم الميزانية والتأهيل المستمر المنتسبين لها بطريقة تسمح بتتبع ملفات هؤلاء المساجين عن قرب وايجاد السبل الفعلية لحل ملفاتهم بشكل جيد.