إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

إندونيسيا جسر ذهبي للسلام العالمي

زهيري مصراوي

سفير جمهورية إندونيسيا بتونس

17 أوت من كل عام هو تاريخ مهم لجميع الإندونيسيين يحتفلون فيه بعيد الاستقلال الوطني، سواء في المدن أو في القرى، تعبيرا عن الامتنان لنعمة الله، كما هو مذكور في ديباجة الدستور الإندونيسي. يقيم رئيس جمهورية إندونيسيا، جوكو ويدودو بقصر الدولة، الحفل الرسمي لرفع العلم "الأحمر والأبيض"، بحضور جميع أعضاء الحكومة، وسفراء الدول الصديقة، وكذلك ممثلي الشباب من جميع أنحاء البلاد لمدة شهر كامل، حيث تنتظم احتفالات ومهرجانات ومسابقات يشارك فيها جميع الإندونيسيين.

هذا العام، تحتفل إندونيسيا بعيد استقلالها السابع والسبعين تحت شعار "التعافي بشكل أسرع، والنهوض بشكل أقوى". في خضم التحديات الصعبة، خاصة بعد مرور عامين من انتشار الجائحة. يجب أن نكون متفائلين بأننا قادرون على التعافي بشكل أسرع والنهوض للبناء في مختلف قطاعات الحياة. والحمد لله سبحانه وتعالى، فحسب تكرير البنك الدولي، إندونيسيا هي الدولة الوحيدة التي لا تزال تتمتع بالصلابة الاقتصاديًة القوية، وحتى أن النمو الاقتصادي بلغ 5.55%. وذلك يرجع إلى سياسات حسنة ومنسجمة في الاقتصاد الجزئي والكلي، أمكنت بناء توازن بين الاستجابة لمطالب المواطنين الاقتصادية والقدرة على التكيف مع الوضع الاقتصادي العالمي.

قام أحمد سوكارنو ومحمد حاتا، الأبوان المؤسسان للدولة الإندونيسية بإعلان استقلال البلاد في 17 أوت 1945، تأكيدا على التحرر من الاستعمار وتمسكا بالدولة القومية ذات السيادة. وقد شدد سوكارنو على مبدئية "المقدسات الثلاثة" (TRISAKTI) هي السيادة السياسية، والاستقلال الاقتصادي، والهوية الثقافية. ولا تزال هذه الفكرة تشكل قوة الدعم طوال رحلة إندونيسيا عبر السبعة والسبعين سنة الأخيرة، بأنه يجب أن تكون للدولة أهداف وتوجهات مستدامة، خاصة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة. ثم تترجم هذه المقدسات الثلاثة إلى برامج ذات أولوية يقوم بتنفيذها كل من الحكومة والبرلمان وكذلك المواطنين. بجانب ذلك أكد أحمد سوكارنو أهمية المبادئ الخمسة أو البنشاسيلا في المسار المستقبلي لجمهورية إندونيسيا وهي الإيمان بالله و الإنسانية و الوطنية و الشورى التوافقية و العدالة الاجتماعية.

وقد أكد سوكارنو أن الاستقلال "جسر ذهبي" إلى تحقيق المثل العليا عند الشعب. لذلك، يجب على كل مواطن أن يتذكر دائمًا معنى الاستقلال، وبمقتضاه يأتي واجب توفير الحماية لجميع المواطنين، وتثقيف الشعب وتعزيز الاقتصاد، والقيام بدور نشيط من أجل السلام العالمي. وفي هذا الصدد، نفذت الحكومة برامج شعبية مختلفة تمهد الطريق للتقدم ولبناء البنية التحتية وتقوية أسس الاقتصاد.

لقد اهتممنا بالدعم الميزاني الوفير للذين يعيشون في القرى والأرياف بتمويلهم من مائة ألف دولار الى مائتين ألف دولار سنويا الى كل ريف، بجانب التمويل للفلاحين والملاحين وبناء المدارس والجامعات والأسواق المركزية.

وكان الآباء المؤسسون لإندونيسيا يرون الاستقلال الوطني بمثابة سلسلة ترتبط باستقلال العديد من الدول الأخرى. لذلك، في الخمسينيات من القرن الماضي، لعب أحمد سوكارنو دورًا نشطا في مساعدة ودعم البلدان المستعمرة في نضالها من أجل الاستقلال. وفي عام 1952 افتتحت إندونيسيا "مكتب تونس" في جاكرتا لمساعدة ودعم استقلال تونس ووضع علم تونس. ثم في عام 1955 عقدت إندونيسيا المؤتمر الآسيوي الأفريقي في باندونغ الذي مهد الطريق أمام معظم الدول الآسيوية والأفريقية لتحقيق الاستقلال. كما ساعدت إندونيسيا استقلال الدول المغاربة منها الجزائر والمغرب.

بعد 77 عاما من الاستقلال، تظل السياسة الخارجية لإندونيسيا متناسقة مع مبادئ عدم الانحياز، ومن بينها التأكيد على أهمية الاستقلال والسلام في سياق تحقيق نظام عالمي عادل. على هذا الأساس، تشجع إندونيسيا عملية السلام في الشرق الأوسط كوسيلة لتحقيق السلام العالمي، وفي الآونة الأخيرة زار الرئيس جوكووي روسيا وأوكرانيا حاملا رسالة سلام واستعداد إندونيسيا للقيام بدور وسيط للسلام. هذا لأن الاستعمار والحرب غير مقبولان تماما، وسيكون لهما تأثير سيء على العالم أجمع.

فالاستقلال الإندونيسي قد حمل بالفعل رسالة الاستقلال إلى العالم. ويجب على الشعوب أن تتذكر وتقدر أهميته، لأن الاستقلال هو وسيلة لتحقيق السلام والعدالة والازدهار والتقدم. فربما احتفالاتنا بعيد الاستقلال أن تترك انطباعا لشعوب العالم عن ضرورة تحقيق الاستقلال والحفاظ على السيادة، على أمل أن تتمكن الشعوب من التعافي بشكل أسرع، والنهوض بشكل أقوى، وتجاوز التحديات والعقبات والأزمات الراهنة.

ولكي تحافظ الشعوب، وخاصة شعوب العالم الثالث، على سيادتها، يمكنها الاعتماد على العلاقات التاريخية القائمة فيما بينها منذ عهد الآباء المؤسسين — وهي علاقات مبنية على الصداقة والتضامن، لا تخفي وراءها دوافع خفية، غير الخير لشعبها — حتى تعطي الأولوية لهذه الدول الصديقة في تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية بينها.

على هذا الأساس، تعمل إندونيسيا وتونس معًا على إيجاد طرق للتغلب على العقبات التي تعترض تبادلنا التجاري الثنائي، حتى يتمكن رجال الأعمال من البلدين وكذلك عامة الشعبين من الاستفادة أكثر من هذه العلاقات الطويلة الأمد. وعلى نفس المنوال، تشجع السفارة الإندونيسية بتونس إثراء التبادل الثقافي والعلمي بين البلدين، بين الفاعلين في الثقافة والجامعيين والباحثين والقادة الدينيين، وعلى وجه الخصوص الشباب، من أجل تعزيز روابط الصداقة، وإنتاج أعمال تشاركية تفيد كلا البلدين. وأنا كسفير جمهورية إندونيسيا بتونس دائما متفائل بأن غدا أشد إشراقا للعلاقات الثنائية بين إندونيسيا وتونس.

 

 

 

 

إندونيسيا جسر ذهبي للسلام العالمي

زهيري مصراوي

سفير جمهورية إندونيسيا بتونس

17 أوت من كل عام هو تاريخ مهم لجميع الإندونيسيين يحتفلون فيه بعيد الاستقلال الوطني، سواء في المدن أو في القرى، تعبيرا عن الامتنان لنعمة الله، كما هو مذكور في ديباجة الدستور الإندونيسي. يقيم رئيس جمهورية إندونيسيا، جوكو ويدودو بقصر الدولة، الحفل الرسمي لرفع العلم "الأحمر والأبيض"، بحضور جميع أعضاء الحكومة، وسفراء الدول الصديقة، وكذلك ممثلي الشباب من جميع أنحاء البلاد لمدة شهر كامل، حيث تنتظم احتفالات ومهرجانات ومسابقات يشارك فيها جميع الإندونيسيين.

هذا العام، تحتفل إندونيسيا بعيد استقلالها السابع والسبعين تحت شعار "التعافي بشكل أسرع، والنهوض بشكل أقوى". في خضم التحديات الصعبة، خاصة بعد مرور عامين من انتشار الجائحة. يجب أن نكون متفائلين بأننا قادرون على التعافي بشكل أسرع والنهوض للبناء في مختلف قطاعات الحياة. والحمد لله سبحانه وتعالى، فحسب تكرير البنك الدولي، إندونيسيا هي الدولة الوحيدة التي لا تزال تتمتع بالصلابة الاقتصاديًة القوية، وحتى أن النمو الاقتصادي بلغ 5.55%. وذلك يرجع إلى سياسات حسنة ومنسجمة في الاقتصاد الجزئي والكلي، أمكنت بناء توازن بين الاستجابة لمطالب المواطنين الاقتصادية والقدرة على التكيف مع الوضع الاقتصادي العالمي.

قام أحمد سوكارنو ومحمد حاتا، الأبوان المؤسسان للدولة الإندونيسية بإعلان استقلال البلاد في 17 أوت 1945، تأكيدا على التحرر من الاستعمار وتمسكا بالدولة القومية ذات السيادة. وقد شدد سوكارنو على مبدئية "المقدسات الثلاثة" (TRISAKTI) هي السيادة السياسية، والاستقلال الاقتصادي، والهوية الثقافية. ولا تزال هذه الفكرة تشكل قوة الدعم طوال رحلة إندونيسيا عبر السبعة والسبعين سنة الأخيرة، بأنه يجب أن تكون للدولة أهداف وتوجهات مستدامة، خاصة في مجالات السياسة والاقتصاد والثقافة. ثم تترجم هذه المقدسات الثلاثة إلى برامج ذات أولوية يقوم بتنفيذها كل من الحكومة والبرلمان وكذلك المواطنين. بجانب ذلك أكد أحمد سوكارنو أهمية المبادئ الخمسة أو البنشاسيلا في المسار المستقبلي لجمهورية إندونيسيا وهي الإيمان بالله و الإنسانية و الوطنية و الشورى التوافقية و العدالة الاجتماعية.

وقد أكد سوكارنو أن الاستقلال "جسر ذهبي" إلى تحقيق المثل العليا عند الشعب. لذلك، يجب على كل مواطن أن يتذكر دائمًا معنى الاستقلال، وبمقتضاه يأتي واجب توفير الحماية لجميع المواطنين، وتثقيف الشعب وتعزيز الاقتصاد، والقيام بدور نشيط من أجل السلام العالمي. وفي هذا الصدد، نفذت الحكومة برامج شعبية مختلفة تمهد الطريق للتقدم ولبناء البنية التحتية وتقوية أسس الاقتصاد.

لقد اهتممنا بالدعم الميزاني الوفير للذين يعيشون في القرى والأرياف بتمويلهم من مائة ألف دولار الى مائتين ألف دولار سنويا الى كل ريف، بجانب التمويل للفلاحين والملاحين وبناء المدارس والجامعات والأسواق المركزية.

وكان الآباء المؤسسون لإندونيسيا يرون الاستقلال الوطني بمثابة سلسلة ترتبط باستقلال العديد من الدول الأخرى. لذلك، في الخمسينيات من القرن الماضي، لعب أحمد سوكارنو دورًا نشطا في مساعدة ودعم البلدان المستعمرة في نضالها من أجل الاستقلال. وفي عام 1952 افتتحت إندونيسيا "مكتب تونس" في جاكرتا لمساعدة ودعم استقلال تونس ووضع علم تونس. ثم في عام 1955 عقدت إندونيسيا المؤتمر الآسيوي الأفريقي في باندونغ الذي مهد الطريق أمام معظم الدول الآسيوية والأفريقية لتحقيق الاستقلال. كما ساعدت إندونيسيا استقلال الدول المغاربة منها الجزائر والمغرب.

بعد 77 عاما من الاستقلال، تظل السياسة الخارجية لإندونيسيا متناسقة مع مبادئ عدم الانحياز، ومن بينها التأكيد على أهمية الاستقلال والسلام في سياق تحقيق نظام عالمي عادل. على هذا الأساس، تشجع إندونيسيا عملية السلام في الشرق الأوسط كوسيلة لتحقيق السلام العالمي، وفي الآونة الأخيرة زار الرئيس جوكووي روسيا وأوكرانيا حاملا رسالة سلام واستعداد إندونيسيا للقيام بدور وسيط للسلام. هذا لأن الاستعمار والحرب غير مقبولان تماما، وسيكون لهما تأثير سيء على العالم أجمع.

فالاستقلال الإندونيسي قد حمل بالفعل رسالة الاستقلال إلى العالم. ويجب على الشعوب أن تتذكر وتقدر أهميته، لأن الاستقلال هو وسيلة لتحقيق السلام والعدالة والازدهار والتقدم. فربما احتفالاتنا بعيد الاستقلال أن تترك انطباعا لشعوب العالم عن ضرورة تحقيق الاستقلال والحفاظ على السيادة، على أمل أن تتمكن الشعوب من التعافي بشكل أسرع، والنهوض بشكل أقوى، وتجاوز التحديات والعقبات والأزمات الراهنة.

ولكي تحافظ الشعوب، وخاصة شعوب العالم الثالث، على سيادتها، يمكنها الاعتماد على العلاقات التاريخية القائمة فيما بينها منذ عهد الآباء المؤسسين — وهي علاقات مبنية على الصداقة والتضامن، لا تخفي وراءها دوافع خفية، غير الخير لشعبها — حتى تعطي الأولوية لهذه الدول الصديقة في تطوير العلاقات الاقتصادية والسياسية والثقافية بينها.

على هذا الأساس، تعمل إندونيسيا وتونس معًا على إيجاد طرق للتغلب على العقبات التي تعترض تبادلنا التجاري الثنائي، حتى يتمكن رجال الأعمال من البلدين وكذلك عامة الشعبين من الاستفادة أكثر من هذه العلاقات الطويلة الأمد. وعلى نفس المنوال، تشجع السفارة الإندونيسية بتونس إثراء التبادل الثقافي والعلمي بين البلدين، بين الفاعلين في الثقافة والجامعيين والباحثين والقادة الدينيين، وعلى وجه الخصوص الشباب، من أجل تعزيز روابط الصداقة، وإنتاج أعمال تشاركية تفيد كلا البلدين. وأنا كسفير جمهورية إندونيسيا بتونس دائما متفائل بأن غدا أشد إشراقا للعلاقات الثنائية بين إندونيسيا وتونس.

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews