إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

سد النهضة.. كيف ولماذا ستتقلص أوراق الضغط المصرية؟

بقلم:علي اللافي

واضح وجليّ أن السلطات المصرية ومنذ أشهر قد وجدت نفسها في مأزق وهو أمر تأكد منذ نهاية جويلية الماضي حيث أرسلت القاهرة يومها خطابا لمجلس الأمن الدولي تؤكد فيه رفضها مواصلة إثيوبيا الملء الثالث لسد النهضة، ولكن المتابعين يومها اعتبروا أن ذلك ليس سوى مواصلةلسياسة التخبط المصرية ذلك أن الإجراء جد متأخر والوساطات الإماراتية والأمريكية وتعدد المبادرات لم تؤت أكلها و"أديس أبابا" ماضية في استراتيجياتها وعملها على الأرض، فهل ان ما يجري هو جني القاهرة لثمار أخطاء قاتلة وقعت فيها،أم هي نتائج موضوعية لإمضاءمتسرع لاتفاق 2015، أم هو غياب الاستراتيجي في التعاطي مع ملف حساس لا سياسيا فقط بل وبما يهدد حياة المصريين، وفي الأخير كيف ولماذا ستتقلص أوراق الضغط المصرية مستقبلا؟

• أولا،مباشرة بعد اعلان أثيوبيا إكمال المرحلة الثالثة من ملء سد النهضة وتشغيل التوربينات الثانية للسد، وبعدما هنأ رئيس الوزراء "أبي أحمد" الشعب الإثيوبي بما وصفه بـ"الإنجاز الناجح للمشروع وفقاً للخطة" حسب عباراته ونص خطابه، وجدت الحكومة المصرية نفسها عاجزة عن إيجاد حل للأزمة المتفاقمة -والتي أكدت مراراً أنها تهدد أمنها القومي-ولكن ما يُفاقم ذلك هو فشل كل محاولات الوساطة وخاصة من قبل الدول التي لجأت إليها مصر (الامارات -الولايات المتحدة الأمريكية ....)،في إقناع الإثيوبيين بالجلوس والتفاوض مرة أخرى بشرط التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) خلال زمن محدد، ومعلوم أن اثيوبيا قد عينت كبير المفاوضين سفيرا في واشنطن وهو ما يعني ان اديس ابابا تغلق على القاهرة منافذ التأثير وان خطواتها أسرع واستراتيجيتها محاكة جيدا على عكس القاهرة والخرطوم...

• ثانيا، في ظل الموقف السابق والصعب للقاهرة والمحرج لها –والمفصل والمشار اليه أعلاه-وبالنظر إلى التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، في محاضرة ألقاها على طلبة الكلية الحربية الأسبوع الماضي (تحديدا السبت 06-08-2022) والتي قال خلالها: "نتحرك في موضوع سد النهضة بهدوء وبتفاوض، ودايماً أقول إن الأمور لا تُحل بالصوت العالي، والأمور تُحل بالقدرة والعمل والصبر"، يجد المراقبون صعوبة في تحديد المسار الذي يجب أن تتخذه الحكومة المصرية لحل هذه الأزمة ولكن الثابت أن القاهرة تتقلص امامها مساحات الضغط ولتتبين للمراقبين أنها اعتمدت استراتيجيات غير مجدية وخاصة منذ 2015، وعمليا من الصعب على القاهرة حالياً دعم فكرة الذهاب مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، لحثه على التدخّل في الأزمة تأسيساً على النظرية التي تشير إلى عيوب فنية قد تؤدي إلى انهيار السد"، كما أن القاهرة تعلم جيدا والآن بالذات أن اللجوء إلى مجلس الأمن في القضية لن يثمر حلاً جذرياً للأزمة، ومن الممكن أن يؤدي إلى تقوية موقف إثيوبيا أكثر، وذلك في حال تشكيل لجنة من المجلس للتحقيق في مزاعم خطورة انهيار السد، وانتهاء اللجنة إلى أنه لا توجد خطورة فعلية من انهياره، وبالتالي يصبح تقرير هذه اللجنة صكاً دولياً جديداً يضاف إلى الأوراق التي تمتلكها إثيوبيا، يقوي موقفها في القضية، ومعلوم أنه قد انتشرت ومنذ أكثر من ست أسابيع تصريحات صدرت من قبل مسؤولين مصريين سابقين، وخبراء في مجال المياه، عن وجود عيوب فنية في تصميم سد النهضة، قد تؤدي إلى انهياره.

• ثالثا،الثابت أن المسؤولين عن ملف سد النهضة في القاهرة وتحديدا بالتعاون مع المسؤولين في هيئة الأمن القومي (إدارة من إدارات المخابرات العامة المصرية)، قد قاموا بدراسة فكرة التوجه الى مجلس الأمن الدولي على أساس المخاوف المتعددة، والدفع بأنها تهدد السلم والأمن الدوليين، ولكن التقارير الإعلامية وتقارير مراكز الرصد والدراسات العربية أنه قد تم عمليا استبعاد تلك الفكرة رسميا، والثابت من حيث استقراء العديد من التقارير والدراسات المنشورة حول الموضوع أنه "عندما تقول مصر إن لديها ما يقلقها، وإن هناك شقوقاً في جسم السد وعيوباً هندسية قد تؤدي إلى انهياره، فإن مجلس الأمن هنا يستطيع أن يحقق في الأمر، وهذا أمر وارد الحدوث، ولكن يتم بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ولكن ووفقا لرأي الخبراء المصريين في القانون الدولي فانه وفي لك الحالة تحديدا "إما أن يحقق المجلس بنفسه عن طريق لجنة خبراء المجلس، أو يشكل لجنة مستقلة فنية"، مؤكداً أنه "في حال صدر قرار أو توصية من مجلس الأمن، تكون بموجب الفصل السادس (الخاص بالتسوية السلمية للنزاعات) وليس السابع (الخاص بما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان) بل ان حد أولئك الخبراء المصريين يؤكد بالقول "عندما يصدر مجلس الأمن الدولي توصية بتشكيل لجنة، وهذه اللجنة يكون أساسها القانوني بموجب الفصل السادس، فهل إثيوبيا ملزمة باستقبال هذا اللجنة؟"، مضيفاً: "بالطبع لا، إلا إذا كان لدى إثيوبيا حسن نيّة، فإنها تلتزم بأي توصية أو قرار من المجلس بغض النظر عما إذا كانت بموجب الفصل السادس أو السابع..."

• رابعا، لا يُمكن تغييب أن هناك سيناريو آخر يمكن أن ينفذه مجلس الأمن الدولي وهو تكليف الأمين العام بجهود وساطة، أو التوصية بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية، ولكن وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة، وهذا لن يحدث إلا إذا وافقت الدول الثلاث على قبول اختصاص المحكمة، كما أن مجلس الامن يمكن أن يوصي بتشكيل لجنة للتوفيق"، لكنه استبعد ذلك نظراً لأن المجلس أحال القضية الى الاتحاد الافريقي بمُوجب الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، وتحديداً في المادتين 52 و53، ومعلوم أن المادة 52 تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما دام العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً، ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، ويبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن. وعلى مجلس الأمن أن يشجع على الاستكثار من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن".

• خامسا، بالعودةالىالحيثيات وتفاصيل تطورات عملية الملأ الثالثة بدأتفعليا التورنات الثانية للسد وتوليد الطاقة في وقت مبكر من الخميس الماضي، بحضور رئيس الوزراء "أبي أحمد" والرئيسة "سهل وورك زودي" ومسؤولين حكوميين كبار آخرين، بطاقة تبلغ 375 ميغاواطوخلال المناسبة قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في خطاب بثه التلفزيون من موقع سد النهضة الإثيوبي: "ما ترونه خلفي هو الملء الثالث مكتملاً"، وعمليا بات مستوى المياه في الخزان يصل إلى 600 متر، أي أكثر بـ25 متراً مما كان عليه في ختام المرحلة الثانية من التعبئة في الفترة عينها من العام الماضي، ودعا أبي أحمد مصر والسودان إلى مواصلة مفاوضات سد النهضة عبر الحوار هو الطريق الأمثل بالنسبة للبلدان مع استمرار بناء السد. وقال: "يجب على السودان ومصر أن تفهما بأن إثيوبيا تعمل لتلبية احتياجاتها من الطاقة الكهربائية وليس لديها نية لإلحاق الضرر بدول المصب، من جهته، كشف مدير مشروع سد النهضة، "كيفلهورو" في حفل الافتتاح، أن إجمالي عملية بناء مشروع سد النهضة وصل الآن إلى 83.3 في المائة، وأضاف أن "الجهود جارية لاستكمال المشروع خلال العامين ونصف العام المقبلين".

• سادسا، الخلاصةأنالموقف المصري ووفقا لكل القراءات وبناء على ما سب قايراه من تفاصيل ومعطيات سيصبح ضعيفا وخاصة أمام تنامي الملفات المحلية في السودان (ذلك أن الخرطوم تتبع منطق وسياسة أولوية الداخلي على الإقليمي) ما أن ضعف الموقف المصري قائم ومرتكز على تعدد اهتمامات القاهرة إقليميا وعدم وجود استراتيجية ناجحة في إدارة الملف وعدم استيعاب نظام "السيسي" لتغير المعادلات الاقليمية والدوليةحتى أن حليفيه العربيين الرئيسيين (السعودية والامارات) أصبحت لهما رؤى مغياره له في الكثير من ملفات الإقليم والتباين معه في تراكم كمي وكيفي كبير وخاصة في الكثير من الملفات العربية والإفريقية والدليل هو في تحول الاماراتيين الى وسطاء في ملف سد النهضة بالذات - بينما كان متوقعا ان يكونوا سندا له بعد التحالف الكامل في جوان/يونيو 2017 اثر الازمة الخليجية الثانية- وعمليا ستتقلص مستقبلا فرص الضغط المصرية بما في ذلك إمكانية معالجة عددا من الملفات في اطار جامع لعدد منها ( الملف السوداني–الملف المالي–الملف الليبي–الملف التشادي...)

كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

 

سد النهضة.. كيف ولماذا ستتقلص أوراق الضغط المصرية؟

بقلم:علي اللافي

واضح وجليّ أن السلطات المصرية ومنذ أشهر قد وجدت نفسها في مأزق وهو أمر تأكد منذ نهاية جويلية الماضي حيث أرسلت القاهرة يومها خطابا لمجلس الأمن الدولي تؤكد فيه رفضها مواصلة إثيوبيا الملء الثالث لسد النهضة، ولكن المتابعين يومها اعتبروا أن ذلك ليس سوى مواصلةلسياسة التخبط المصرية ذلك أن الإجراء جد متأخر والوساطات الإماراتية والأمريكية وتعدد المبادرات لم تؤت أكلها و"أديس أبابا" ماضية في استراتيجياتها وعملها على الأرض، فهل ان ما يجري هو جني القاهرة لثمار أخطاء قاتلة وقعت فيها،أم هي نتائج موضوعية لإمضاءمتسرع لاتفاق 2015، أم هو غياب الاستراتيجي في التعاطي مع ملف حساس لا سياسيا فقط بل وبما يهدد حياة المصريين، وفي الأخير كيف ولماذا ستتقلص أوراق الضغط المصرية مستقبلا؟

• أولا،مباشرة بعد اعلان أثيوبيا إكمال المرحلة الثالثة من ملء سد النهضة وتشغيل التوربينات الثانية للسد، وبعدما هنأ رئيس الوزراء "أبي أحمد" الشعب الإثيوبي بما وصفه بـ"الإنجاز الناجح للمشروع وفقاً للخطة" حسب عباراته ونص خطابه، وجدت الحكومة المصرية نفسها عاجزة عن إيجاد حل للأزمة المتفاقمة -والتي أكدت مراراً أنها تهدد أمنها القومي-ولكن ما يُفاقم ذلك هو فشل كل محاولات الوساطة وخاصة من قبل الدول التي لجأت إليها مصر (الامارات -الولايات المتحدة الأمريكية ....)،في إقناع الإثيوبيين بالجلوس والتفاوض مرة أخرى بشرط التوصل إلى اتفاق بين الدول الثلاث (مصر والسودان وإثيوبيا) خلال زمن محدد، ومعلوم أن اثيوبيا قد عينت كبير المفاوضين سفيرا في واشنطن وهو ما يعني ان اديس ابابا تغلق على القاهرة منافذ التأثير وان خطواتها أسرع واستراتيجيتها محاكة جيدا على عكس القاهرة والخرطوم...

• ثانيا، في ظل الموقف السابق والصعب للقاهرة والمحرج لها –والمفصل والمشار اليه أعلاه-وبالنظر إلى التصريحات الأخيرة التي أطلقها الرئيس المصري "عبد الفتاح السيسي"، في محاضرة ألقاها على طلبة الكلية الحربية الأسبوع الماضي (تحديدا السبت 06-08-2022) والتي قال خلالها: "نتحرك في موضوع سد النهضة بهدوء وبتفاوض، ودايماً أقول إن الأمور لا تُحل بالصوت العالي، والأمور تُحل بالقدرة والعمل والصبر"، يجد المراقبون صعوبة في تحديد المسار الذي يجب أن تتخذه الحكومة المصرية لحل هذه الأزمة ولكن الثابت أن القاهرة تتقلص امامها مساحات الضغط ولتتبين للمراقبين أنها اعتمدت استراتيجيات غير مجدية وخاصة منذ 2015، وعمليا من الصعب على القاهرة حالياً دعم فكرة الذهاب مرة أخرى إلى مجلس الأمن الدولي، لحثه على التدخّل في الأزمة تأسيساً على النظرية التي تشير إلى عيوب فنية قد تؤدي إلى انهيار السد"، كما أن القاهرة تعلم جيدا والآن بالذات أن اللجوء إلى مجلس الأمن في القضية لن يثمر حلاً جذرياً للأزمة، ومن الممكن أن يؤدي إلى تقوية موقف إثيوبيا أكثر، وذلك في حال تشكيل لجنة من المجلس للتحقيق في مزاعم خطورة انهيار السد، وانتهاء اللجنة إلى أنه لا توجد خطورة فعلية من انهياره، وبالتالي يصبح تقرير هذه اللجنة صكاً دولياً جديداً يضاف إلى الأوراق التي تمتلكها إثيوبيا، يقوي موقفها في القضية، ومعلوم أنه قد انتشرت ومنذ أكثر من ست أسابيع تصريحات صدرت من قبل مسؤولين مصريين سابقين، وخبراء في مجال المياه، عن وجود عيوب فنية في تصميم سد النهضة، قد تؤدي إلى انهياره.

• ثالثا،الثابت أن المسؤولين عن ملف سد النهضة في القاهرة وتحديدا بالتعاون مع المسؤولين في هيئة الأمن القومي (إدارة من إدارات المخابرات العامة المصرية)، قد قاموا بدراسة فكرة التوجه الى مجلس الأمن الدولي على أساس المخاوف المتعددة، والدفع بأنها تهدد السلم والأمن الدوليين، ولكن التقارير الإعلامية وتقارير مراكز الرصد والدراسات العربية أنه قد تم عمليا استبعاد تلك الفكرة رسميا، والثابت من حيث استقراء العديد من التقارير والدراسات المنشورة حول الموضوع أنه "عندما تقول مصر إن لديها ما يقلقها، وإن هناك شقوقاً في جسم السد وعيوباً هندسية قد تؤدي إلى انهياره، فإن مجلس الأمن هنا يستطيع أن يحقق في الأمر، وهذا أمر وارد الحدوث، ولكن يتم بموجب الفصل السادس من ميثاق الأمم المتحدة، ولكن ووفقا لرأي الخبراء المصريين في القانون الدولي فانه وفي لك الحالة تحديدا "إما أن يحقق المجلس بنفسه عن طريق لجنة خبراء المجلس، أو يشكل لجنة مستقلة فنية"، مؤكداً أنه "في حال صدر قرار أو توصية من مجلس الأمن، تكون بموجب الفصل السادس (الخاص بالتسوية السلمية للنزاعات) وليس السابع (الخاص بما يتخذ من الأعمال في حالات تهديد السلم والإخلال به ووقوع العدوان) بل ان حد أولئك الخبراء المصريين يؤكد بالقول "عندما يصدر مجلس الأمن الدولي توصية بتشكيل لجنة، وهذه اللجنة يكون أساسها القانوني بموجب الفصل السادس، فهل إثيوبيا ملزمة باستقبال هذا اللجنة؟"، مضيفاً: "بالطبع لا، إلا إذا كان لدى إثيوبيا حسن نيّة، فإنها تلتزم بأي توصية أو قرار من المجلس بغض النظر عما إذا كانت بموجب الفصل السادس أو السابع..."

• رابعا، لا يُمكن تغييب أن هناك سيناريو آخر يمكن أن ينفذه مجلس الأمن الدولي وهو تكليف الأمين العام بجهود وساطة، أو التوصية بإحالة النزاع إلى محكمة العدل الدولية، ولكن وفقاً للنظام الأساسي للمحكمة، وهذا لن يحدث إلا إذا وافقت الدول الثلاث على قبول اختصاص المحكمة، كما أن مجلس الامن يمكن أن يوصي بتشكيل لجنة للتوفيق"، لكنه استبعد ذلك نظراً لأن المجلس أحال القضية الى الاتحاد الافريقي بمُوجب الفصل الثامن من ميثاق الأمم المتحدة، وتحديداً في المادتين 52 و53، ومعلوم أن المادة 52 تنص على أنه "ليس في هذا الميثاق ما يحول دون قيام تنظيمات أو وكالات إقليمية تعالج الأمور المتعلقة بحفظ السلم والأمن الدولي ما دام العمل الإقليمي صالحاً فيها ومناسباً، ما دامت هذه التنظيمات أو الوكالات الإقليمية ونشاطها متلائمة مع مقاصد الأمم المتحدة ومبادئها، ويبذل أعضاء الأمم المتحدة الداخلون في مثل هذه التنظيمات أو الذين تتألف منهم تلك الوكالات كل جهدهم لتدبير الحل السلمي للمنازعات المحلية عن طريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة هذه الوكالات وذلك قبل عرضها على مجلس الأمن. وعلى مجلس الأمن أن يشجع على الاستكثار من الحل السلمي لهذه المنازعات المحلية بطريق هذه التنظيمات الإقليمية أو بواسطة تلك الوكالات الإقليمية بطلب من الدول التي يعنيها الأمر أو بالإحالة عليها من جانب مجلس الأمن".

• خامسا، بالعودةالىالحيثيات وتفاصيل تطورات عملية الملأ الثالثة بدأتفعليا التورنات الثانية للسد وتوليد الطاقة في وقت مبكر من الخميس الماضي، بحضور رئيس الوزراء "أبي أحمد" والرئيسة "سهل وورك زودي" ومسؤولين حكوميين كبار آخرين، بطاقة تبلغ 375 ميغاواطوخلال المناسبة قال رئيس الوزراء الإثيوبي أبي أحمد في خطاب بثه التلفزيون من موقع سد النهضة الإثيوبي: "ما ترونه خلفي هو الملء الثالث مكتملاً"، وعمليا بات مستوى المياه في الخزان يصل إلى 600 متر، أي أكثر بـ25 متراً مما كان عليه في ختام المرحلة الثانية من التعبئة في الفترة عينها من العام الماضي، ودعا أبي أحمد مصر والسودان إلى مواصلة مفاوضات سد النهضة عبر الحوار هو الطريق الأمثل بالنسبة للبلدان مع استمرار بناء السد. وقال: "يجب على السودان ومصر أن تفهما بأن إثيوبيا تعمل لتلبية احتياجاتها من الطاقة الكهربائية وليس لديها نية لإلحاق الضرر بدول المصب، من جهته، كشف مدير مشروع سد النهضة، "كيفلهورو" في حفل الافتتاح، أن إجمالي عملية بناء مشروع سد النهضة وصل الآن إلى 83.3 في المائة، وأضاف أن "الجهود جارية لاستكمال المشروع خلال العامين ونصف العام المقبلين".

• سادسا، الخلاصةأنالموقف المصري ووفقا لكل القراءات وبناء على ما سب قايراه من تفاصيل ومعطيات سيصبح ضعيفا وخاصة أمام تنامي الملفات المحلية في السودان (ذلك أن الخرطوم تتبع منطق وسياسة أولوية الداخلي على الإقليمي) ما أن ضعف الموقف المصري قائم ومرتكز على تعدد اهتمامات القاهرة إقليميا وعدم وجود استراتيجية ناجحة في إدارة الملف وعدم استيعاب نظام "السيسي" لتغير المعادلات الاقليمية والدوليةحتى أن حليفيه العربيين الرئيسيين (السعودية والامارات) أصبحت لهما رؤى مغياره له في الكثير من ملفات الإقليم والتباين معه في تراكم كمي وكيفي كبير وخاصة في الكثير من الملفات العربية والإفريقية والدليل هو في تحول الاماراتيين الى وسطاء في ملف سد النهضة بالذات - بينما كان متوقعا ان يكونوا سندا له بعد التحالف الكامل في جوان/يونيو 2017 اثر الازمة الخليجية الثانية- وعمليا ستتقلص مستقبلا فرص الضغط المصرية بما في ذلك إمكانية معالجة عددا من الملفات في اطار جامع لعدد منها ( الملف السوداني–الملف المالي–الملف الليبي–الملف التشادي...)

كاتب ومحلل سياسي مختص في الشؤون الافريقية

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews