إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد الإذن بتغيير الأقفال ومنع الدخول إليها.. مكاتب القضاة المعزولين تحت الجرد بقرار من تفقدية وزارة العدل !!

 

 

تونس – الصباح

أكدت وزارة العدل، أول يوم أمس الأحد، في بلاغ مقتضب أن "القضاة المشمولين بالإعفاء هم محل إجراءات تتبعات جزائية، وفقا لأحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2022".. بلاغ أثار الكثير من الجدل والتأويلات والاستفهامات في علاقة بأزمة القضاة المعزولين الذي اعتقد البعض أنها انتهت بمجرّد أن أصدرت المحكمة الإدارية منذ أيام قرارا يقضي بإيقاف تنفيذ عدد من قرارات إعفاء القضاة وتهم 49 قاضيا، بعد صدور قرار عزلهم بأمر رئاسي، إلا أن بلاغ وزارة العدل، الذي تضمّن إشارة ضمنية الى نية وزيرة العدل عدم الإذعان الى قرارات المحكمة الإدارية وإيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء المتخذة! متخذة ذريعة في ذلك حسب، بعض المتتبعين، ان المرسوم عدد 35 ينص على أنه لا يمكن الطعن في الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء قاض إلا بعد صدور حكم جزائي بات في الأفعال المنسوبة إليه، وفق نص المرسوم، رغم أن وزارة العدل تعاطت مع المحكمة الإدارية بعد تقديم الطعون لها وأجابت المحكمة حول بعض النقاط المتعلقة بالقرارات التي هي محل طعن .

وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد أصدر في بداية جوان الماضي، مرسوما رئاسيا نُشر بالرائد الرسمي، يقضي بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم بتهمة الفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب وشملت القائمة وقتها الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء.

وتشمل القائمة يوسف بوزاخر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء الذي حله قيس سعيد، إضافة إلى الرئيس السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد ووكيل جمهورية المحكمة الابتدائية بتونس السابق،بشير العكرمي بالإضافة الى عدد كبير من وكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق.. واحتجاجا على هذا القرار دخل القضاة في جملة من التحركات الاحتجاجية منها الاضراب وتنفيذ اضراب جوع من طرف مجموعة من القضاة .

الا أن ذلك لم يثن وزارة العدل على اقتطاع عدد أيام الاضراب مما أجبر أغلب القضاة على العودة لمباشرة العمل قبل دخول العطلة القضائية، ولاحقا أعلنت الوزارة بداية هذا الشهر انها قد استكملت كافة الاجراءات المتعلقة بصرف منحة الاعفاء الخاصة بالقضاة المعزولين وتمكينهم منها منذ يوم 22 جويلية الماضي.

ورغم كل الاحتجاجات والتنديد الواسع من منظمات وطنية ودولية بقرار العزل حيث أكد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن "هناك قضاة معروفون بنزاهتهم تحدثوا عن ترهيب وتخويف وضغط من وزارة العدل". فيما اعتبرت اغلب الجمعيات الحقوقية أن "انتهاج المسلك الانفرادي المتسلط في إعفاء القضاة توجه خطير نحو الدكتاتورية". الا أن ذلك لم يغيّر في الأمر الواقع شيئا.. ففي الأيام الأخيرة، تداولت بعض أخبار الكواليس التي تفيد بأن قرار الرئيس بعزل القضاة كان مبنيا على معلومات مضللة وانه يتجه نحو إقالة وزيرة العدل ليلى جفال.. واعتقد البعض أن قرار المحكمة الإدارية يمكن أن يساعد على اتخاذ خطوة الى الوراء ولكن العكس هو الصحيح حيث بدت وزارة العدل وبتعليمات من رئيس الجمهورية مصممة على الذهاب في تنفيذ هذا القرار دون أمل في التراجع عنه .

سياسية الأمر الواقع

قال القاضي عفيف الجعيدي في تصريح لـ"الصباح" إن بلاغ وزارة العدل ينذر بانهيار الدولة التونسية وأنه من أخطر البلاغات التي صدرت تاريخيا وأنه يفهم منه أن وزيرة العدل ليلى جفال "لا تنوي الإذعان لأحكام المحكمة الإدارية وهي أحكام دخلت حيز النفاذ الفوري" وأن ذلك يضرب دولة القانون والمؤسسات في مقتل وهو مؤشر خطير يبرر قوة التمرّد على تطبيق القانون وتطبيق قرارات قضائية صادرة عن محكمة مختصة، مضيفا "بذلك نكون قد انتقلنا من دولة القانون الى دولة الأمر الواقع "الجعيدي أضاف انه لا يمكن القبول بأن أحكام قضائية لا تنفذ وأن الجهة التي ترفض التنفيذ هي نفسها وزارة الإشراف على القطاع العدلي، كما أشار أن الوزارة لم تنازع المحكمة في اختصاصها وعندما راسلتها المحكمة الإدارية للإجابة على بعض النقاط بشأن أحكام الإعفاء لم ترفض واليوم عندما صدر قرارا ليس لصالحها ترفض حكم المحكمةـ كما شدد القاضي عفيف الجعيدي أن ما يثبت أن الوزارة لن تنفذ الأحكام هو قيامها ليلة نشر بلاغها بتغيير أقفال مكاتب القضاة المعزولين وهي رسالة واضحة بعدم التراجع وبعدم قبولها بتنفيذ قرارات محكمة التعقيب الملزمة قانونا .

وأجمع أغلب القضاة على أن امتناع الوزارة أو الدولة عن تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية هو حجة أخرى على الخروج من دولة القانون إلى دولة اللاقانون، وأن ذلك مؤشر خطير على ان الدولة لن تحتكم مستقبلا الى قرارات القضاء .

وفي وقت سابق قال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري، في تفسيره لقرار المحكمة الإدارية إن "قاضي توقيف التنفيذ استند في أحكامه إلى نتائج إجراءات التحقيق التي أذن بها، من خلال مطالبة الجهات الإدارية المعنية بما يفيد تعليل وتسبيب الإعفاءات لذلك فإن التعاطي القضائي مع هذه الملفات تم بحسب خصوصية كل ملف، وقد كانت ملفات الأحكام في عمومها من جهة قبول إيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء التي لم يتوفر فيها الموجب الواقعي والقانوني". كما أضاف الغابري أن "الفصل 41 في قانون المحكمة الإدارية، يقول إنه بمجرد إعلام الأطراف المعنية يعلّق فوراً تنفيذ قرار الإعفاء بمعنى رجوع الوضعية إلى ما كانت عليه قبل صدور القرارات". في حين قال رئيس اتحاد القضاة الإداريين وليد الهلالي معلقا على قرار المحكمة بأنها قرارات انتصرت للحق والقانون، مطالبا بإقالة وزيرة العدل والتي قال عنها إنها غالطت رئيس الجمهورية وتلاعبت بمصير القضاة وعائلاتهم.

في المقابل فان أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي أشار الى كون الحجج القانونية والواقعية التي اعتمدها الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في رفض إيقاف تنفيذ قرارات عزل القضاة هي انه لا توجد تتبعات جزائية، ومن ثبت في ملف المطلب وجود تتبعات جزائية رفض مطلبه. ولكن وزارة العدل أكدت أن هناك تتبعات جزائية، مستعملة نفس الحجج التي استند إليها الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في رفضه لإيقاف التنفيذ. وهو ما يعني ان القرارات لن تنفذ، وستتعطل الى تاريخ البت في القضايا الجزائية.

هذا ويذكر انه تم توجيه مراسلة من التفقدية العامة لوزارة العدل يوم أمس الى رؤساء محاكم الاستئناف والوكلاء العامين ورؤساء المحاكم الابتدائية ووكلاء الجمهورية والمديرين الجهويين لوزارة العدل تؤكد انه تبعا لتعهد التفقدية بعملية جرد مكاتب القضاة المعزولين وباعتبار أن هذه الأعمال لا تزال جارية بما تطلب منع الدخول إليها وتعيين حارس عليها فقد دعتهم التفقدية الى اتخاذ كافة الإجراءات للإبقاء على المكاتب على الحالة التي عليها وحماية محتوياتها.

منية العرفاوي

 

 

 

 

بعد الإذن بتغيير الأقفال ومنع الدخول إليها..  مكاتب القضاة المعزولين تحت الجرد بقرار من تفقدية وزارة العدل !!

 

 

تونس – الصباح

أكدت وزارة العدل، أول يوم أمس الأحد، في بلاغ مقتضب أن "القضاة المشمولين بالإعفاء هم محل إجراءات تتبعات جزائية، وفقا لأحكام المرسوم عدد 35 لسنة 2022".. بلاغ أثار الكثير من الجدل والتأويلات والاستفهامات في علاقة بأزمة القضاة المعزولين الذي اعتقد البعض أنها انتهت بمجرّد أن أصدرت المحكمة الإدارية منذ أيام قرارا يقضي بإيقاف تنفيذ عدد من قرارات إعفاء القضاة وتهم 49 قاضيا، بعد صدور قرار عزلهم بأمر رئاسي، إلا أن بلاغ وزارة العدل، الذي تضمّن إشارة ضمنية الى نية وزيرة العدل عدم الإذعان الى قرارات المحكمة الإدارية وإيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء المتخذة! متخذة ذريعة في ذلك حسب، بعض المتتبعين، ان المرسوم عدد 35 ينص على أنه لا يمكن الطعن في الأمر الرئاسي المتعلق بإعفاء قاض إلا بعد صدور حكم جزائي بات في الأفعال المنسوبة إليه، وفق نص المرسوم، رغم أن وزارة العدل تعاطت مع المحكمة الإدارية بعد تقديم الطعون لها وأجابت المحكمة حول بعض النقاط المتعلقة بالقرارات التي هي محل طعن .

وكان رئيس الجمهورية، قيس سعيد، قد أصدر في بداية جوان الماضي، مرسوما رئاسيا نُشر بالرائد الرسمي، يقضي بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم بتهمة الفساد والتواطؤ والتستر على متهمين في قضايا إرهاب وشملت القائمة وقتها الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء.

وتشمل القائمة يوسف بوزاخر الرئيس السابق للمجلس الأعلى للقضاء الذي حله قيس سعيد، إضافة إلى الرئيس السابق لمحكمة التعقيب الطيب راشد ووكيل جمهورية المحكمة الابتدائية بتونس السابق،بشير العكرمي بالإضافة الى عدد كبير من وكلاء الجمهورية وقضاة التحقيق.. واحتجاجا على هذا القرار دخل القضاة في جملة من التحركات الاحتجاجية منها الاضراب وتنفيذ اضراب جوع من طرف مجموعة من القضاة .

الا أن ذلك لم يثن وزارة العدل على اقتطاع عدد أيام الاضراب مما أجبر أغلب القضاة على العودة لمباشرة العمل قبل دخول العطلة القضائية، ولاحقا أعلنت الوزارة بداية هذا الشهر انها قد استكملت كافة الاجراءات المتعلقة بصرف منحة الاعفاء الخاصة بالقضاة المعزولين وتمكينهم منها منذ يوم 22 جويلية الماضي.

ورغم كل الاحتجاجات والتنديد الواسع من منظمات وطنية ودولية بقرار العزل حيث أكد الأمين العام للاتحاد التونسي للشغل نور الدين الطبوبي أن "هناك قضاة معروفون بنزاهتهم تحدثوا عن ترهيب وتخويف وضغط من وزارة العدل". فيما اعتبرت اغلب الجمعيات الحقوقية أن "انتهاج المسلك الانفرادي المتسلط في إعفاء القضاة توجه خطير نحو الدكتاتورية". الا أن ذلك لم يغيّر في الأمر الواقع شيئا.. ففي الأيام الأخيرة، تداولت بعض أخبار الكواليس التي تفيد بأن قرار الرئيس بعزل القضاة كان مبنيا على معلومات مضللة وانه يتجه نحو إقالة وزيرة العدل ليلى جفال.. واعتقد البعض أن قرار المحكمة الإدارية يمكن أن يساعد على اتخاذ خطوة الى الوراء ولكن العكس هو الصحيح حيث بدت وزارة العدل وبتعليمات من رئيس الجمهورية مصممة على الذهاب في تنفيذ هذا القرار دون أمل في التراجع عنه .

سياسية الأمر الواقع

قال القاضي عفيف الجعيدي في تصريح لـ"الصباح" إن بلاغ وزارة العدل ينذر بانهيار الدولة التونسية وأنه من أخطر البلاغات التي صدرت تاريخيا وأنه يفهم منه أن وزيرة العدل ليلى جفال "لا تنوي الإذعان لأحكام المحكمة الإدارية وهي أحكام دخلت حيز النفاذ الفوري" وأن ذلك يضرب دولة القانون والمؤسسات في مقتل وهو مؤشر خطير يبرر قوة التمرّد على تطبيق القانون وتطبيق قرارات قضائية صادرة عن محكمة مختصة، مضيفا "بذلك نكون قد انتقلنا من دولة القانون الى دولة الأمر الواقع "الجعيدي أضاف انه لا يمكن القبول بأن أحكام قضائية لا تنفذ وأن الجهة التي ترفض التنفيذ هي نفسها وزارة الإشراف على القطاع العدلي، كما أشار أن الوزارة لم تنازع المحكمة في اختصاصها وعندما راسلتها المحكمة الإدارية للإجابة على بعض النقاط بشأن أحكام الإعفاء لم ترفض واليوم عندما صدر قرارا ليس لصالحها ترفض حكم المحكمةـ كما شدد القاضي عفيف الجعيدي أن ما يثبت أن الوزارة لن تنفذ الأحكام هو قيامها ليلة نشر بلاغها بتغيير أقفال مكاتب القضاة المعزولين وهي رسالة واضحة بعدم التراجع وبعدم قبولها بتنفيذ قرارات محكمة التعقيب الملزمة قانونا .

وأجمع أغلب القضاة على أن امتناع الوزارة أو الدولة عن تنفيذ قرارات المحكمة الإدارية هو حجة أخرى على الخروج من دولة القانون إلى دولة اللاقانون، وأن ذلك مؤشر خطير على ان الدولة لن تحتكم مستقبلا الى قرارات القضاء .

وفي وقت سابق قال المتحدث الرسمي باسم المحكمة الإدارية عماد الغابري، في تفسيره لقرار المحكمة الإدارية إن "قاضي توقيف التنفيذ استند في أحكامه إلى نتائج إجراءات التحقيق التي أذن بها، من خلال مطالبة الجهات الإدارية المعنية بما يفيد تعليل وتسبيب الإعفاءات لذلك فإن التعاطي القضائي مع هذه الملفات تم بحسب خصوصية كل ملف، وقد كانت ملفات الأحكام في عمومها من جهة قبول إيقاف تنفيذ قرارات الإعفاء التي لم يتوفر فيها الموجب الواقعي والقانوني". كما أضاف الغابري أن "الفصل 41 في قانون المحكمة الإدارية، يقول إنه بمجرد إعلام الأطراف المعنية يعلّق فوراً تنفيذ قرار الإعفاء بمعنى رجوع الوضعية إلى ما كانت عليه قبل صدور القرارات". في حين قال رئيس اتحاد القضاة الإداريين وليد الهلالي معلقا على قرار المحكمة بأنها قرارات انتصرت للحق والقانون، مطالبا بإقالة وزيرة العدل والتي قال عنها إنها غالطت رئيس الجمهورية وتلاعبت بمصير القضاة وعائلاتهم.

في المقابل فان أستاذ القانون الدستوري رابح الخرايفي أشار الى كون الحجج القانونية والواقعية التي اعتمدها الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في رفض إيقاف تنفيذ قرارات عزل القضاة هي انه لا توجد تتبعات جزائية، ومن ثبت في ملف المطلب وجود تتبعات جزائية رفض مطلبه. ولكن وزارة العدل أكدت أن هناك تتبعات جزائية، مستعملة نفس الحجج التي استند إليها الرئيس الأول للمحكمة الإدارية في رفضه لإيقاف التنفيذ. وهو ما يعني ان القرارات لن تنفذ، وستتعطل الى تاريخ البت في القضايا الجزائية.

هذا ويذكر انه تم توجيه مراسلة من التفقدية العامة لوزارة العدل يوم أمس الى رؤساء محاكم الاستئناف والوكلاء العامين ورؤساء المحاكم الابتدائية ووكلاء الجمهورية والمديرين الجهويين لوزارة العدل تؤكد انه تبعا لتعهد التفقدية بعملية جرد مكاتب القضاة المعزولين وباعتبار أن هذه الأعمال لا تزال جارية بما تطلب منع الدخول إليها وتعيين حارس عليها فقد دعتهم التفقدية الى اتخاذ كافة الإجراءات للإبقاء على المكاتب على الحالة التي عليها وحماية محتوياتها.

منية العرفاوي

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews