إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: ليبيا.. مشروع الحكومة الثالثة يكسب مزيدا من الأنصار

بقلم رشيد خشانة

لكأن حرارة الطقس المتقدة شحنت أعصاب السياسيين الليبيين في هذا الشهر الخانق. فسيطر على أحاديثهم التهديدٌُ المعجونٌ بالوعد والوعيد ومحور هذا الغليان صراعٌ شرعيتين: الأولى لعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية وزير الدفاع؛ ويتبعه رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد. وقادة الأركان والمناطق العسكرية والفروع الرئيسية للجيش. 

في المقابل هناك الشرعية التي استمدها صاحبّها فتحي باشاغاء رئيس حكومة الاستقرار من مجلس النواب، ومعه مجموعات شبه عسكرية.أبرزها قوات وزير الدفاع الأسبق أسامة الجويلي، وأسمع الجويلي صوته في هذه المواجهة الكلامية. فكان الصوت الأعلى.إذ أنه الوحيد الذي لوح بالدخول إلى طرابلس بالقوة والاطاحة بالدبيبة وحكومته. وتأتي خطورة هذا الصراع من امتلاك كل طرف ذراعا مسلحة. ما يُهدد بالعودة إلى الحرب مجددا. 

ومن أجل تفادي هذا الخطر المُحدق بالبلد. تحركت وساطات بحثا عن حل سياسيء من بينها تركيا التي جمعت رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئّيس مجلس النواب عقيلة صالح حول مائدة واحدة بعدما تحسنت علاقات أنقرة مع قادة المنطقة الشرقية. ولنن لم يصدر بيان رسمي عن الاجتماع فإن التسريبات المتداولة تؤكد أن أي احتمال الوصول إلى حل وسط بين الخصمين. والأرجح إعادة صياغة الحكومة بما يُحدث توازنا بين الطرفين، لا بل قد تكون هي الراعى الرسمى له. 

ومن العناصر التي تساعد على السير نحو خيار وفاقي ما أظهرته الاشتباكات التي جرت مؤخرا في طرابلس ومصراتة. من تعادل في القوة. ما سيجعل أي صراع جديد إنهاكا لجسد مثخن بالجراح أصلا بعد جميع المعارك التي جرت بين الإخوة الأعداء. والتي جعلت رجل الشارع الليبي, أينما كان يقف بقوة ضد الحرب. كيفما كانت مبرراتها.

تقدم تركي

ويجوز القول إن الأتراك استثمروا انشغال أمريكا وأوروبا بالحرب الأوكرانية. وغياب الأمم المتحدة بعد نهاية مهمة ستيفاني ويليامز. ليتوغلوا أكثر في المتشهد الليبي؛ بدعم من القوى الكبرى المؤثرة في هذا المشهد. وأتى البيان الخماسي لتلك القوى متناسقا مع الجهود التي تبذلها أنقرة لمنع تدهور الوضع ، والسير نحو الحرب مجددا.إذ أكد البيان على «ضرورة إيجاد سلطة تنفيذية جديدة» في إشارة غير مباشرة إلى الحكومة الثالثة. وهذه الدول هي أمريكا بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. كما أن الايطاليين بشكل خاص يدفعون نحو إقرار حل وسط, لاسيما بعدما مع الزعامات السياسية والعسكرية في المنطقة الشرقية.

ورأى الخبير الايطالي دانييلي روفينيتي أنه يمكن ايجاد حل قريبا للخروج من المأزق المؤسسي يتمثل في حكومة مهمتها الوحيدة هي بناء المسار الانتخابي.

ويسعى الأتراك من جانبهم. إلى وضع بصمتهم على أي اتفاق مقبل بين الفصائل الليبية. وهم يُمنون النفس بحصة مُعتبرة من مشاريع إعادة الإعمار. بما في ذلك في المنطقة الشرقية. التي أعادوا ترميم الجسور معها. وتجسيدا لهذا التغيير أكد السفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز أن القنصلية العامة المغلقة في مدينة بنغازي (شرق)؛ ستعود لتقديم خدماتهاء من دون تحديد ميقات لذلك.

واعتبر أن مصلحة تركيا تكمن قٍِ «التعاون مع حكومة قوية تتولى السلطة. وإزالة الخلافات السياسية وتحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات».وبرهنت الحفاوة التي استقبل بها الأتراك رئيس مجلس النواب في أنقرة؛ مطلع أوت الجاري؛ على حرصهم على أن يكونوا على مسافة واحدة من الجميع. ومن المحطات البارزة في تلك الزيارة استقبال الرئيس إردوغان لصالح واجتماع هذا الأخير مع نظيره التركي مصطفى شنطوب. ويجري التخطيط حاليا لترتيب زيارة لأعضاء مجموعة الصداقة البرلمانية التركية. إلى مدينة بنغازي. برئاسة النائب أحمد يلدز.

مصر والجزائر و...تونس

والظاهر أن مصر باتت تشجع. هي الأخرى. على إيجاد صيغة ثالثة للخروج من عنق الزجاجة. عن طريق حكومة مصغرة مهمتها المركزية الاعداد للانتخابات. وساهم التقارب بين القاهرة وأنقرة في ضم مصر إلى المساعي التوفيقية بشأن تشكيل الحكومة الثالثة. ويُعتقدٌ أن التحرك المشترك للثنائي مصر وتركيا يضفي شرعية على الحل الجديد الذي مازال قيد التبلور. علما أن العديد من الفاعلين الليبيين. من هذا الفريق أو ذاك.ء يعتبرون البلدين تركيا ومصر في مثابة مرجعية لهم.

أما الجزائر التي يُؤكد قادتها دوما أن لا حل في ليبيا من دون الجزائر.فستدعم التسوية السياسية طالما أن هذه التسوية تضمن عودة الاستقرار إلى ليبيا واستطرادا فهي تخدم الأمن القومي للجزائر الذي تزايدت التهديدات المحدقة مع انتشار الجماعات المسلحة قٍِ دول جنوب الصحراء» بما فيها تلك التي تملك حدودا مشتركة مع الجزائر. ويرى الجزائريون أن الانتخابات هي أسلم الحلول لتجاوز الأزمة الليبية.

وما يُرجح أن الجزائر ستدعم الحل الوسط. أن خطابها يشدد في كل مناسبة على أن «الانتخابات هي أفضل الحلول لتجاوز الأزمة الليبية». . ومع أن الرئيس تبون سبق أن أعلن في تصريحات للتليفزيون الجزائري أن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة «هى الحكومة صاحبة الشرعية في ليبيا»؛ فإنه لن يكون المُعرقل لأي حل سياسي , للأزمة.

وما يُعزز هذه القناعة أن الجزائر ستستضيف القمة العربية في نوفمبر المقبل تحت شعار «المصالحة العربية». وبالتالي ستسعى للخروج من القمة بنتيجة تختلف عن السردية العربية التقليدية قٍِ القمم السابقة.

يبقى موقف تونس التي تتصرف وكأن ليبيا في قارة أخرى. ولذلك فهي 21 تشارك في اجتماعات. ولا تقدم اقتراحات ومبادرات. بل تكتفي بالسير مع السائرين. من دون أن تعرف إلى أين هم سائرون.

من هم المعرقلون؟

من الذي يعرقل إذا؟ لاشك بأن الدبيبة؛ الذي يمارس السلطة من موقع رئيس الحكومة منذ أكثر من ستة لن يقبل الخروج من الباب الخلفي وتسليم المفاتيح إلى رئيس حكومة جديد سيعتيره أدنى منه كفاءة وخبرة بدواليب الدولة. وسبق أن ردد على مسامع من التقاهم في الداخل والخارج أنه لن يُسلم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة. مع ذلك لو حصل إجماع من مجموعة الخمسة الدولية.؛ بالاضافة لتركيا ومصر والجزائر والامارات: على ملامح الحل السياسيء فلن يصمد الدبيية طويلاء لكنه سيطلب ثمنا باهظا لانسحابه؛ بما يخدم هدفه المعلن في التمَشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويمكن وضع الجترال المتقاعد خليفة حفتر في لائحة المُعطلين. وفي مكان بارز لأنه لا يرضى بالسيطرة على المنطقة الشرقية فقط. وإنما يسعى لوضع رجاله (ومن بينهم أولاده) في مؤسسات الدولة؛ تمهيدا للجلوس على سدةالرئاسة. التي كان يجلس عليها رفيقه الأسبق وغريمه الدائم معمر القذافي.

وقبل خمسة أيام صرح الناطق الرسمي باسم والقيادة العامة» (قوات حفتر) أحمد المسماري أن «الشعب الآيبي يرى في المشير خليفة حفتر الشخص الأصلح لقيادة المرحلة القادمة في ليبيا». بما يعني أن البلد ليس بحاجة لانتخابات أصلا وإنما إلى بيعة. والأرجح أن ثمن الصفقة التي تمت بين حفتر والدبيبة تمثل في عزل رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صن الله؛ الذي عين الدبيبة في مكانه الخدير المصرق فرحان بن قدارة. ومع هذا التغيير على رأس أكبر مؤسسة في ليبيا.لن يلجأ حفتر مستقبلا إلى غلق الحقول والموانئ النفطية للضغط علىالحكومة في طرابلس. وتوقع بعض المحللين أن تسمية بن قدارة على رأس مؤسسة النفط، «قد تفتح فصلا جديدًا من التعاون مع برقة

(الشرق) من خلال حفتر».

خط اتصال مباشر مع حفتر

هذا الفصل الجديد عنوانه فتح الدبيبة خط اتصال مباشر مع حفتر، في إطار سعي الأول لتحصيل دعم متنوع، يجعله يبرز قبيل الانتخابات. في صورة رجل الاجماع. أما المؤيدون لحكومة الحل الثالث (لا الدبيبة ولا باشاغا) ففي مقدمتهم عقيلة صالح على أن تسند رئاسة الحكومة المصغرة إلى عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي.

ويتردد أن عقيلة صالح لم يستلطف عقد صفقة بين اللواء المتقاعد حقتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية. عبد الحميد الدبيبة برعاية إماراتية. ومن الواضح أن المحور الجديد حفتر/ الدبيبة يندرج في إطار التغييرات الاقليمية. التى حملها إحياءً التفاهمات السابقة بين الإمارات وتركيا. ويمكن القول إن التحالف الجديد بين الرجلين يشكل إحدى ثمار زيارة رئيس دولة الامارات (ولي العهد آنذاك) محمد بن زايد لتركيا وحواراته مع الرئيس التركي إردوغان.

ومن الطبيعي أن عقيلة صالح لا يستلطف هذه الاستدارة لأنه كان يحظى بدعم إماراتي.بل وكان من المترشحين لتولي منصب رئاسة الدولة في قائمة ضمت أيضا اسم باشاغا في ملتقى الحوار الليبي بجنيف. وأفضى تصويت الحضور في الملتقى عن فوز الدبيبة برئاسة الحكومة ومحمد المنفي برئاسة المجلس الرئاسي وذلك في فيفري2021.

ومن الداعمين للحل السياسي أيضا قيادات الجيش في المعسكرين. لأنهم باتوا يرفضون اندلاع حرب أهلية رابعة وسفك دماء الليبيين مجددا. ولا ريب في أن اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لعبت دورا مهما في التقريب بين قيادات المنطقتين الشرقية والغربية. التي أصبحت تؤكد على تشبتها بدورها الرئيسي. المتمثل في الدفاع عن الوطن وليس قمع الشعب.

ولعبت الاحتجاجات الصاخبة في الساحة الخضراء (أو ساحة الثورة) ضد السلطات في الشرق والغرب على السواء. دورا مهما في جعل الخصوم يُفكرون مليا قبل اللجوء للقوة والاندفاع نحو قتال بعضهم البعض.

السيناريو الأسود

مع ذلك يُرجح مراقبون غير متفائلين تفجر الأوضاع من جديد وإخفاق المساعي الداعية إلى حل سياسي من خلال حكومة ثالثة. وهم يعتمدون في رؤيتهم المتشائمة على عدة وقائع ومؤشرات سلبية. من بينها التصريحات الحربية. التي تُطلق من هنا وهناك. مليئة بالتهديد والوعيد. وتدفق السلاح المهرب نحو ليبيا من مصادر مختلفة، وغياب الأمم المتحدة من مسرح الأحداث. بعد استقالة ستيفاني وليامز مطلع الشهر الجاري. وعجز مجلس الأمن عن التوافق على شخصية تحل محل المبعوث الخاص للأمين العام الأممي يان كوبيش. المستقيل منذ نوفمبر الماضي. وبالرغم من تداول اسم السياسي والأكاديمي السينغالي الدكتور عبد الله باتيلي بوصفه المرشح الذي سيصوت له أعضاء مجلس الأمن في جلسة يعقدونها غدا الاثنين. فإن المتشائمين يُقللون من فرص نجاح أي موقد أممي جديد. بعد استفحال الصراعات بين الفرقاء الليبيين بامتداداتها الخارجية التي لم تعد تخفى على أحد.

 

(*) مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

منتدى الصباح: ليبيا.. مشروع الحكومة الثالثة يكسب مزيدا من الأنصار

بقلم رشيد خشانة

لكأن حرارة الطقس المتقدة شحنت أعصاب السياسيين الليبيين في هذا الشهر الخانق. فسيطر على أحاديثهم التهديدٌُ المعجونٌ بالوعد والوعيد ومحور هذا الغليان صراعٌ شرعيتين: الأولى لعبد الحميد الدبيبة رئيس حكومة الوحدة الوطنية وزير الدفاع؛ ويتبعه رئيس الأركان العامة الفريق محمد الحداد. وقادة الأركان والمناطق العسكرية والفروع الرئيسية للجيش. 

في المقابل هناك الشرعية التي استمدها صاحبّها فتحي باشاغاء رئيس حكومة الاستقرار من مجلس النواب، ومعه مجموعات شبه عسكرية.أبرزها قوات وزير الدفاع الأسبق أسامة الجويلي، وأسمع الجويلي صوته في هذه المواجهة الكلامية. فكان الصوت الأعلى.إذ أنه الوحيد الذي لوح بالدخول إلى طرابلس بالقوة والاطاحة بالدبيبة وحكومته. وتأتي خطورة هذا الصراع من امتلاك كل طرف ذراعا مسلحة. ما يُهدد بالعودة إلى الحرب مجددا. 

ومن أجل تفادي هذا الخطر المُحدق بالبلد. تحركت وساطات بحثا عن حل سياسيء من بينها تركيا التي جمعت رئيس المجلس الأعلى للدولة خالد المشري ورئّيس مجلس النواب عقيلة صالح حول مائدة واحدة بعدما تحسنت علاقات أنقرة مع قادة المنطقة الشرقية. ولنن لم يصدر بيان رسمي عن الاجتماع فإن التسريبات المتداولة تؤكد أن أي احتمال الوصول إلى حل وسط بين الخصمين. والأرجح إعادة صياغة الحكومة بما يُحدث توازنا بين الطرفين، لا بل قد تكون هي الراعى الرسمى له. 

ومن العناصر التي تساعد على السير نحو خيار وفاقي ما أظهرته الاشتباكات التي جرت مؤخرا في طرابلس ومصراتة. من تعادل في القوة. ما سيجعل أي صراع جديد إنهاكا لجسد مثخن بالجراح أصلا بعد جميع المعارك التي جرت بين الإخوة الأعداء. والتي جعلت رجل الشارع الليبي, أينما كان يقف بقوة ضد الحرب. كيفما كانت مبرراتها.

تقدم تركي

ويجوز القول إن الأتراك استثمروا انشغال أمريكا وأوروبا بالحرب الأوكرانية. وغياب الأمم المتحدة بعد نهاية مهمة ستيفاني ويليامز. ليتوغلوا أكثر في المتشهد الليبي؛ بدعم من القوى الكبرى المؤثرة في هذا المشهد. وأتى البيان الخماسي لتلك القوى متناسقا مع الجهود التي تبذلها أنقرة لمنع تدهور الوضع ، والسير نحو الحرب مجددا.إذ أكد البيان على «ضرورة إيجاد سلطة تنفيذية جديدة» في إشارة غير مباشرة إلى الحكومة الثالثة. وهذه الدول هي أمريكا بريطانيا وألمانيا وفرنسا وإيطاليا. كما أن الايطاليين بشكل خاص يدفعون نحو إقرار حل وسط, لاسيما بعدما مع الزعامات السياسية والعسكرية في المنطقة الشرقية.

ورأى الخبير الايطالي دانييلي روفينيتي أنه يمكن ايجاد حل قريبا للخروج من المأزق المؤسسي يتمثل في حكومة مهمتها الوحيدة هي بناء المسار الانتخابي.

ويسعى الأتراك من جانبهم. إلى وضع بصمتهم على أي اتفاق مقبل بين الفصائل الليبية. وهم يُمنون النفس بحصة مُعتبرة من مشاريع إعادة الإعمار. بما في ذلك في المنطقة الشرقية. التي أعادوا ترميم الجسور معها. وتجسيدا لهذا التغيير أكد السفير التركي لدى ليبيا كنعان يلماز أن القنصلية العامة المغلقة في مدينة بنغازي (شرق)؛ ستعود لتقديم خدماتهاء من دون تحديد ميقات لذلك.

واعتبر أن مصلحة تركيا تكمن قٍِ «التعاون مع حكومة قوية تتولى السلطة. وإزالة الخلافات السياسية وتحقيق المصالحة وإجراء الانتخابات».وبرهنت الحفاوة التي استقبل بها الأتراك رئيس مجلس النواب في أنقرة؛ مطلع أوت الجاري؛ على حرصهم على أن يكونوا على مسافة واحدة من الجميع. ومن المحطات البارزة في تلك الزيارة استقبال الرئيس إردوغان لصالح واجتماع هذا الأخير مع نظيره التركي مصطفى شنطوب. ويجري التخطيط حاليا لترتيب زيارة لأعضاء مجموعة الصداقة البرلمانية التركية. إلى مدينة بنغازي. برئاسة النائب أحمد يلدز.

مصر والجزائر و...تونس

والظاهر أن مصر باتت تشجع. هي الأخرى. على إيجاد صيغة ثالثة للخروج من عنق الزجاجة. عن طريق حكومة مصغرة مهمتها المركزية الاعداد للانتخابات. وساهم التقارب بين القاهرة وأنقرة في ضم مصر إلى المساعي التوفيقية بشأن تشكيل الحكومة الثالثة. ويُعتقدٌ أن التحرك المشترك للثنائي مصر وتركيا يضفي شرعية على الحل الجديد الذي مازال قيد التبلور. علما أن العديد من الفاعلين الليبيين. من هذا الفريق أو ذاك.ء يعتبرون البلدين تركيا ومصر في مثابة مرجعية لهم.

أما الجزائر التي يُؤكد قادتها دوما أن لا حل في ليبيا من دون الجزائر.فستدعم التسوية السياسية طالما أن هذه التسوية تضمن عودة الاستقرار إلى ليبيا واستطرادا فهي تخدم الأمن القومي للجزائر الذي تزايدت التهديدات المحدقة مع انتشار الجماعات المسلحة قٍِ دول جنوب الصحراء» بما فيها تلك التي تملك حدودا مشتركة مع الجزائر. ويرى الجزائريون أن الانتخابات هي أسلم الحلول لتجاوز الأزمة الليبية.

وما يُرجح أن الجزائر ستدعم الحل الوسط. أن خطابها يشدد في كل مناسبة على أن «الانتخابات هي أفضل الحلول لتجاوز الأزمة الليبية». . ومع أن الرئيس تبون سبق أن أعلن في تصريحات للتليفزيون الجزائري أن حكومة الوحدة الوطنية برئاسة عبد الحميد الدبيبة «هى الحكومة صاحبة الشرعية في ليبيا»؛ فإنه لن يكون المُعرقل لأي حل سياسي , للأزمة.

وما يُعزز هذه القناعة أن الجزائر ستستضيف القمة العربية في نوفمبر المقبل تحت شعار «المصالحة العربية». وبالتالي ستسعى للخروج من القمة بنتيجة تختلف عن السردية العربية التقليدية قٍِ القمم السابقة.

يبقى موقف تونس التي تتصرف وكأن ليبيا في قارة أخرى. ولذلك فهي 21 تشارك في اجتماعات. ولا تقدم اقتراحات ومبادرات. بل تكتفي بالسير مع السائرين. من دون أن تعرف إلى أين هم سائرون.

من هم المعرقلون؟

من الذي يعرقل إذا؟ لاشك بأن الدبيبة؛ الذي يمارس السلطة من موقع رئيس الحكومة منذ أكثر من ستة لن يقبل الخروج من الباب الخلفي وتسليم المفاتيح إلى رئيس حكومة جديد سيعتيره أدنى منه كفاءة وخبرة بدواليب الدولة. وسبق أن ردد على مسامع من التقاهم في الداخل والخارج أنه لن يُسلم السلطة إلا إلى حكومة منتخبة. مع ذلك لو حصل إجماع من مجموعة الخمسة الدولية.؛ بالاضافة لتركيا ومصر والجزائر والامارات: على ملامح الحل السياسيء فلن يصمد الدبيية طويلاء لكنه سيطلب ثمنا باهظا لانسحابه؛ بما يخدم هدفه المعلن في التمَشح للانتخابات الرئاسية المقبلة.

ويمكن وضع الجترال المتقاعد خليفة حفتر في لائحة المُعطلين. وفي مكان بارز لأنه لا يرضى بالسيطرة على المنطقة الشرقية فقط. وإنما يسعى لوضع رجاله (ومن بينهم أولاده) في مؤسسات الدولة؛ تمهيدا للجلوس على سدةالرئاسة. التي كان يجلس عليها رفيقه الأسبق وغريمه الدائم معمر القذافي.

وقبل خمسة أيام صرح الناطق الرسمي باسم والقيادة العامة» (قوات حفتر) أحمد المسماري أن «الشعب الآيبي يرى في المشير خليفة حفتر الشخص الأصلح لقيادة المرحلة القادمة في ليبيا». بما يعني أن البلد ليس بحاجة لانتخابات أصلا وإنما إلى بيعة. والأرجح أن ثمن الصفقة التي تمت بين حفتر والدبيبة تمثل في عزل رئيس المؤسسة الوطنية للنفط مصطفى صن الله؛ الذي عين الدبيبة في مكانه الخدير المصرق فرحان بن قدارة. ومع هذا التغيير على رأس أكبر مؤسسة في ليبيا.لن يلجأ حفتر مستقبلا إلى غلق الحقول والموانئ النفطية للضغط علىالحكومة في طرابلس. وتوقع بعض المحللين أن تسمية بن قدارة على رأس مؤسسة النفط، «قد تفتح فصلا جديدًا من التعاون مع برقة

(الشرق) من خلال حفتر».

خط اتصال مباشر مع حفتر

هذا الفصل الجديد عنوانه فتح الدبيبة خط اتصال مباشر مع حفتر، في إطار سعي الأول لتحصيل دعم متنوع، يجعله يبرز قبيل الانتخابات. في صورة رجل الاجماع. أما المؤيدون لحكومة الحل الثالث (لا الدبيبة ولا باشاغا) ففي مقدمتهم عقيلة صالح على أن تسند رئاسة الحكومة المصغرة إلى عضو المجلس الرئاسي عبد الله اللافي.

ويتردد أن عقيلة صالح لم يستلطف عقد صفقة بين اللواء المتقاعد حقتر ورئيس حكومة الوحدة الوطنية. عبد الحميد الدبيبة برعاية إماراتية. ومن الواضح أن المحور الجديد حفتر/ الدبيبة يندرج في إطار التغييرات الاقليمية. التى حملها إحياءً التفاهمات السابقة بين الإمارات وتركيا. ويمكن القول إن التحالف الجديد بين الرجلين يشكل إحدى ثمار زيارة رئيس دولة الامارات (ولي العهد آنذاك) محمد بن زايد لتركيا وحواراته مع الرئيس التركي إردوغان.

ومن الطبيعي أن عقيلة صالح لا يستلطف هذه الاستدارة لأنه كان يحظى بدعم إماراتي.بل وكان من المترشحين لتولي منصب رئاسة الدولة في قائمة ضمت أيضا اسم باشاغا في ملتقى الحوار الليبي بجنيف. وأفضى تصويت الحضور في الملتقى عن فوز الدبيبة برئاسة الحكومة ومحمد المنفي برئاسة المجلس الرئاسي وذلك في فيفري2021.

ومن الداعمين للحل السياسي أيضا قيادات الجيش في المعسكرين. لأنهم باتوا يرفضون اندلاع حرب أهلية رابعة وسفك دماء الليبيين مجددا. ولا ريب في أن اجتماعات اللجنة العسكرية المشتركة 5+5 لعبت دورا مهما في التقريب بين قيادات المنطقتين الشرقية والغربية. التي أصبحت تؤكد على تشبتها بدورها الرئيسي. المتمثل في الدفاع عن الوطن وليس قمع الشعب.

ولعبت الاحتجاجات الصاخبة في الساحة الخضراء (أو ساحة الثورة) ضد السلطات في الشرق والغرب على السواء. دورا مهما في جعل الخصوم يُفكرون مليا قبل اللجوء للقوة والاندفاع نحو قتال بعضهم البعض.

السيناريو الأسود

مع ذلك يُرجح مراقبون غير متفائلين تفجر الأوضاع من جديد وإخفاق المساعي الداعية إلى حل سياسي من خلال حكومة ثالثة. وهم يعتمدون في رؤيتهم المتشائمة على عدة وقائع ومؤشرات سلبية. من بينها التصريحات الحربية. التي تُطلق من هنا وهناك. مليئة بالتهديد والوعيد. وتدفق السلاح المهرب نحو ليبيا من مصادر مختلفة، وغياب الأمم المتحدة من مسرح الأحداث. بعد استقالة ستيفاني وليامز مطلع الشهر الجاري. وعجز مجلس الأمن عن التوافق على شخصية تحل محل المبعوث الخاص للأمين العام الأممي يان كوبيش. المستقيل منذ نوفمبر الماضي. وبالرغم من تداول اسم السياسي والأكاديمي السينغالي الدكتور عبد الله باتيلي بوصفه المرشح الذي سيصوت له أعضاء مجلس الأمن في جلسة يعقدونها غدا الاثنين. فإن المتشائمين يُقللون من فرص نجاح أي موقد أممي جديد. بعد استفحال الصراعات بين الفرقاء الليبيين بامتداداتها الخارجية التي لم تعد تخفى على أحد.

 

(*) مدير المركز المغاربي للأبحاث حول ليبيا

 

 

 

  

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews