إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

تراجع نسبة امتلاء السدود إلى 41 بالمائة.. الجفاف "يتمدد".. و75 % من التراب الوطني مهدّد بالتصحر..

 

 

تونس-الصباح

تراجع مخزون تونس من المياه على مستوى السدود إلى 953 مليون متر مكعب مما شكل نسبة امتلاء في حدود 41.2 بالمائة في وقت تعيش فيه أغلب المناطق حالة جفاف.

وأشار المرصد الوطني للفلاحة في نشريته لشهر جوان 2022، أنّ كميّات الأمطار المسجلة ما بين 21 سبتمبر 2021 و 22 جويلية 2022، بلغت زهاء 131.8 مم ممّا مثّل 59 بالمائة مقارنة بمعدل الفترة ذاتها من الموسم السابق.

وتصدّر الجنوب الشرقي، قائمة المناطق الأكثر عجزا على مستوى التساقطات بنسبة 79.2بالمائة تليها منطقة الجنوب الغربي بنسبة 56.9 بالمائة والوسط الشرقي بنسبة 47.1 بالمائة والوسط الغربي بنسبة 38 بالمائة في حين بلغ هذا العجز نسبة 21.6 بالمائة بالشمال الشرقي و14.6 بالمائة بالشمال الغربي.

ظاهرة طبيعية

وبلغت الإيرادات الجملية للسدود، مع حلول يوم 17 جويلية 2022، حوالي مليار و90 مليون متر مكعب مما شكل تراجعا بنحو 754 مليون متر مكعب مقارنة بالمعدلات المسجلة خلال الفترة نفسها والمقدرة بمليار و845 مليون متر مكعب مقابل زيادة بنحو 305 مليون متر مكعب مقارنة بـ17 جويلية 2021.

لطالما كان الجفاف ظاهرة طبيعية تعرفها مختلف المجتمعات بين الفينة والأخرى، وكان القدماء يجدون لها حلًّا بسيطًا وسريعًا، وهو الهجرة إلى أماكن طبيعية أكثر رطوبة واخضرارًا، لكن اليوم لم يعد هذا الحل ممكنًا، ولا محيد عن مواجهة الجفاف وآثاره، الذي يزداد سوءًا مع تزايد الضغط الديموغرافي وتسارع التغيرات المناخية.

كشفت وزارة البيئة مؤخرا أنّ تونس تسجّل سنة جافّة كلّ ثلاث سنوات وأنّ 75% من التراب الوطني مهدّد بالتصحر، وخاصّة بمناطق الوسط والجنوب، وهو ما يؤثّر بصفة مباشرة على الإنتاج الفلاحي وعلى قطاعات إستراتيجية كالزراعات الكبرى والزياتين وتربية الماشية.

وأكّدت الوزارة في بيانات نشرتها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف (17 جوان) الذي يلتئم هذه السنة تحت شعار "العمل معا للتغلب على أزمة الجفاف"، أنّ ظاهرة الجفاف أصبحت واقعا حقيقيا ملموسا ومقلقا وجب التكيف معه وإدارته للحد من تأثيراته السلبية.

وحسب الوزارة، فقد تضمّنت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر للفترة 2018/2030، هدفا وطنيا لحماية 2.2 مليون هكتار من الأراضي من التدهور بحلول سنة 2030، من خلال تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية ذات العلاقة بالغابات والمحافظة على المياه والتربة والمناطق الرطبة وتنمية المراعي ومقاومة زحف الرمال والأنشطة الفلاحية المستدامة بمختلف المناطق والجهات.

وتعمل تونس من خلال التزامها بالانخراط في المجهود الدولي، على مقاومة التصحر والجفاف وفقا للرسائل المنبثقة عن الدورة 15 لمؤتمر الأطراف والمتعلقة بالخصوص بمزيد التعاون والشراكة وتوفير الأدوات اللازمة لدعم القدرة على الصمود والتصدي بشكل أفضل لهذه الظاهرة وتقييم مخاطرها واتخاذ الإجراءات والتدابير المستوجبة وفقا للتطورات والحاجيات الخصوصية لمختلف المناطق والجهات.

وقد اعتبرت الدورة 15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ظاهرة الجفاف من بين أشدّ الكوارث الطبيعية لما يخلفه من خسائر ناتجة عن تدني المحاصيل وتواتر الحرائق وتقلص إمدادات المياه. ومن المنتظر أن يتسبّب الجفاف في تكثيف هشاشة الأمن والسلم الاجتماعية في غضون سنة 2030 من خلال هجرة حوالي 216 مليون شخص على المستوى الدولي.

ولمجابهة هذه الظاهرة أقرّ المجتمع الدولي عقد الأمم المتحدة (2021 - 2030) لإصلاح النظم الإيكولوجية وإحيائها في جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق أهداف عالمية تمكن من تحسين سبل العيش والحد من تأثيرات تغير المناخ وتقلص التنوع البيولوجي.

كما تمّ خلال المؤتمر الخامس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال شهر ماي بالكوت ديفوار، تحديد هدف لاستعادة حوالي مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030.

مخاطر الجفاف

في هذا الصدد يستكشف التقرير الأممي، الصادر حديثًا والخاص بموضوع الجفاف، والبحث عن «سبل مواجهة مخاطر الجفاف حول العالم والسياسات الضرورية للحد من آثاره على حياة المجتمعات ككل»، في عالم يتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مائويتين من جراء التغير المناخي، مما يستدعي خططًا طارئة لتقليل الخسائر قبل فوات الأوان.

يتجسد الجفاف في انخفاض هطول الأمطار لمدة طويلة، أو بشكل متكرر أكثر من المعتاد، مما ينتج عنه آثار تراكمية تؤثر مع الوقت في حياة الناس والنظم البيئية.

وعادة ما تقلل الحكومات من تأثيرات الجفاف، بالرغم من أن أضرارها فادحة للغاية وتتسع على نطاق واسع؛ إذ تبدو ظاهرة طبيعية مرتبطة أساسًا بسكان القرى والفلاحين والمزارعين، ولا علاقة لها بالحواضر، حيث يتركز الاهتمام الحكومي، وبالتالي لا يجري الإبلاغ عن الجفاف وتتبع آثاره بشكل منهجي، علاوة على تجهيز خطط فعالة لمواجهتها.

لكن في الواقع، تتجاوز الآثار المباشرة وغير المباشرة للجفاف المجتمعات الزراعية المحلية وتمتد عبر المجتمعات والاقتصاديات والنظم البيئية، وهو ما يؤثر في ملايين الأشخاص ويساهم في انعدام الأمن الغذائي والفقر وعدم المساواة.

ويشير التقرير الدولي إلى أن آثار الجفاف، منذ 1998، تظهر على قرابة 1.5 مليار شخص، بخسارة اقتصادية لا تقل عن 124 مليار دولار في جميع أنحاء العالم. في الولايات المتحدة الأمريكية بلغت الخسائر حوالي 6.4 مليارات دولار سنويًّا، ونحو 9 مليارات دولار في الاتحاد الأوروبي، في حين تقدر الخسائر في الهند بنسبة 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

مع ذلك، تبقى هذه التقديرات العالمية لتكاليف الجفاف مجرد حسابات جزئية فقط؛ إذ تشير دراسات الحالة الموضحة في التقرير إلى أن خسائر الجفاف الحقيقية مضاعفة عدة مرات، إن جرى احتساب الآثار المتتالية الناتجة من الجفاف بشكل غير مباشر، مثل الحرائق والاضطرابات والغلاء.

هذا ويؤثر الجفاف في الناس بشكل غير متناسب، حيث الفقراء والمهمشين في جميع أنحاء العالم لهم النصيب الأكبر من الخسارة، والذين قد يخسرون الأرواح وسبل عيشهم، أو يغرقون أكثر في مستنقع الفقر.

شمال أفريقيا والشرق الأوسط.. المنطقة الأكثر شحًّا في المياه عالميًّا

يُعدُّ الجفاف ظاهرة طبيعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ إنها منطقة جافة بطبيعتها بسبب موقعها الجغرافي وظروفها المناخية، فحوالي ثلاثة أرباع المنطقة تتكون من صحارى غير ملائمة للحياة البشرية، بمتوسط هطول أمطار أقل من 50 مم في السنة. أما الربع الباقي فيسوده مناخ شبه جاف، باستثناء بعض المناطق الرطبة توجد بشكل محدود على السواحل وبعض المواقع الجبلية.

وكانت دراسة صدرت في 2019 عن معهد الموارد العالمية (WRI)، قد خَلُصت إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأكثر إجهادًا مائيًّا على وجه الأرض، حيث وجد المعهد أن 12 دولة من أصل 17 دولة تعاني من الإجهاد المائي الشديد تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فمع أن المنطقة تحتضن حوالي 6.3% من سكان العالم، فإنها تحوز فقط 1.4% من المياه العذبة المتجددة في العالم.

ويؤثر الجفاف في هذه البقعة بشدة في إمدادات المياه والزراعة، بما في ذلك الثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك، مع عواقب وخيمة على الإمدادات الغذائية وسبل العيش، خاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة وساكنة القرى.

وفي هذا السياق، وجد البنك الدولي أن لدى هذه المنطقة أكبر الخسائر الاقتصادية المتوقعة من ندرة المياه المرتبطة بالمناخ، مُقدرًا بخسارة سنوية بنسبة 6-14% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050.

ومع الضغوط المزدوجة لتغير المناخ والنمو الديموغرافي، أصبح الأمن المائي والغذائي للمجتمعات الفقيرة في هذه المنطقة معرضًا للخطر بشكل متزايد، مما يستدعي وضع سياسات وطنية فعالة لمواجهة الجفاف.

يؤكد تقرير «GAR» الخاص عن الجفاف لسنة 2021 أنه يمكن الحد من تهديد الجفاف إلى حد كبير في المنطقة العربية وسائر العالم، من خلال «نهج خطط مستقبلية واستباقية ومبتكرة لإدارة مخاطر الجفاف، بالاعتماد على الدروس المستفادة من دراسات الحالة حول العالم».

وهو يدعو إلى التركيز بشكل أساسي على عنصر الوقاية في معالجة مشكلة الجفاف، أي التحول من نهج ردة الفعل والتفاعل مع الأزمة إلى منع حدوثها من الأساس، عبر معالجة الدوافع الجذرية للجفاف، والضعف الاجتماعي والاقتصادي، وتجنب المخاطر والتقليل منها.

وتعد زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلى جانب هشاشة السكان والنظم البيئية المعرضة للجفاف، من العوامل المهمة لخطر الجفاف. وبالتالي تعد معالجة هذه الجوانب أساسية للحد من مخاطر الجفاف. وفي الوقت نفسه، يشدد التقرير على أهمية معالجة الأنشطة البشرية التي تكثف وتنشر آثار الجفاف.

صلاح الدين كريمي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

تراجع نسبة امتلاء السدود إلى 41  بالمائة.. الجفاف "يتمدد".. و75 % من التراب الوطني مهدّد بالتصحر..

 

 

تونس-الصباح

تراجع مخزون تونس من المياه على مستوى السدود إلى 953 مليون متر مكعب مما شكل نسبة امتلاء في حدود 41.2 بالمائة في وقت تعيش فيه أغلب المناطق حالة جفاف.

وأشار المرصد الوطني للفلاحة في نشريته لشهر جوان 2022، أنّ كميّات الأمطار المسجلة ما بين 21 سبتمبر 2021 و 22 جويلية 2022، بلغت زهاء 131.8 مم ممّا مثّل 59 بالمائة مقارنة بمعدل الفترة ذاتها من الموسم السابق.

وتصدّر الجنوب الشرقي، قائمة المناطق الأكثر عجزا على مستوى التساقطات بنسبة 79.2بالمائة تليها منطقة الجنوب الغربي بنسبة 56.9 بالمائة والوسط الشرقي بنسبة 47.1 بالمائة والوسط الغربي بنسبة 38 بالمائة في حين بلغ هذا العجز نسبة 21.6 بالمائة بالشمال الشرقي و14.6 بالمائة بالشمال الغربي.

ظاهرة طبيعية

وبلغت الإيرادات الجملية للسدود، مع حلول يوم 17 جويلية 2022، حوالي مليار و90 مليون متر مكعب مما شكل تراجعا بنحو 754 مليون متر مكعب مقارنة بالمعدلات المسجلة خلال الفترة نفسها والمقدرة بمليار و845 مليون متر مكعب مقابل زيادة بنحو 305 مليون متر مكعب مقارنة بـ17 جويلية 2021.

لطالما كان الجفاف ظاهرة طبيعية تعرفها مختلف المجتمعات بين الفينة والأخرى، وكان القدماء يجدون لها حلًّا بسيطًا وسريعًا، وهو الهجرة إلى أماكن طبيعية أكثر رطوبة واخضرارًا، لكن اليوم لم يعد هذا الحل ممكنًا، ولا محيد عن مواجهة الجفاف وآثاره، الذي يزداد سوءًا مع تزايد الضغط الديموغرافي وتسارع التغيرات المناخية.

كشفت وزارة البيئة مؤخرا أنّ تونس تسجّل سنة جافّة كلّ ثلاث سنوات وأنّ 75% من التراب الوطني مهدّد بالتصحر، وخاصّة بمناطق الوسط والجنوب، وهو ما يؤثّر بصفة مباشرة على الإنتاج الفلاحي وعلى قطاعات إستراتيجية كالزراعات الكبرى والزياتين وتربية الماشية.

وأكّدت الوزارة في بيانات نشرتها بمناسبة اليوم العالمي لمكافحة التصحر والجفاف (17 جوان) الذي يلتئم هذه السنة تحت شعار "العمل معا للتغلب على أزمة الجفاف"، أنّ ظاهرة الجفاف أصبحت واقعا حقيقيا ملموسا ومقلقا وجب التكيف معه وإدارته للحد من تأثيراته السلبية.

وحسب الوزارة، فقد تضمّنت الإستراتيجية الوطنية لمكافحة التصحر للفترة 2018/2030، هدفا وطنيا لحماية 2.2 مليون هكتار من الأراضي من التدهور بحلول سنة 2030، من خلال تنفيذ الاستراتيجيات القطاعية ذات العلاقة بالغابات والمحافظة على المياه والتربة والمناطق الرطبة وتنمية المراعي ومقاومة زحف الرمال والأنشطة الفلاحية المستدامة بمختلف المناطق والجهات.

وتعمل تونس من خلال التزامها بالانخراط في المجهود الدولي، على مقاومة التصحر والجفاف وفقا للرسائل المنبثقة عن الدورة 15 لمؤتمر الأطراف والمتعلقة بالخصوص بمزيد التعاون والشراكة وتوفير الأدوات اللازمة لدعم القدرة على الصمود والتصدي بشكل أفضل لهذه الظاهرة وتقييم مخاطرها واتخاذ الإجراءات والتدابير المستوجبة وفقا للتطورات والحاجيات الخصوصية لمختلف المناطق والجهات.

وقد اعتبرت الدورة 15 لمؤتمر الأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر، ظاهرة الجفاف من بين أشدّ الكوارث الطبيعية لما يخلفه من خسائر ناتجة عن تدني المحاصيل وتواتر الحرائق وتقلص إمدادات المياه. ومن المنتظر أن يتسبّب الجفاف في تكثيف هشاشة الأمن والسلم الاجتماعية في غضون سنة 2030 من خلال هجرة حوالي 216 مليون شخص على المستوى الدولي.

ولمجابهة هذه الظاهرة أقرّ المجتمع الدولي عقد الأمم المتحدة (2021 - 2030) لإصلاح النظم الإيكولوجية وإحيائها في جميع أنحاء العالم من أجل تحقيق أهداف عالمية تمكن من تحسين سبل العيش والحد من تأثيرات تغير المناخ وتقلص التنوع البيولوجي.

كما تمّ خلال المؤتمر الخامس عشر للأطراف في اتفاقية الأمم المتحدة لمكافحة التصحر خلال شهر ماي بالكوت ديفوار، تحديد هدف لاستعادة حوالي مليار هكتار من الأراضي المتدهورة بحلول عام 2030.

مخاطر الجفاف

في هذا الصدد يستكشف التقرير الأممي، الصادر حديثًا والخاص بموضوع الجفاف، والبحث عن «سبل مواجهة مخاطر الجفاف حول العالم والسياسات الضرورية للحد من آثاره على حياة المجتمعات ككل»، في عالم يتجه نحو ارتفاع درجات الحرارة بمقدار درجتين مائويتين من جراء التغير المناخي، مما يستدعي خططًا طارئة لتقليل الخسائر قبل فوات الأوان.

يتجسد الجفاف في انخفاض هطول الأمطار لمدة طويلة، أو بشكل متكرر أكثر من المعتاد، مما ينتج عنه آثار تراكمية تؤثر مع الوقت في حياة الناس والنظم البيئية.

وعادة ما تقلل الحكومات من تأثيرات الجفاف، بالرغم من أن أضرارها فادحة للغاية وتتسع على نطاق واسع؛ إذ تبدو ظاهرة طبيعية مرتبطة أساسًا بسكان القرى والفلاحين والمزارعين، ولا علاقة لها بالحواضر، حيث يتركز الاهتمام الحكومي، وبالتالي لا يجري الإبلاغ عن الجفاف وتتبع آثاره بشكل منهجي، علاوة على تجهيز خطط فعالة لمواجهتها.

لكن في الواقع، تتجاوز الآثار المباشرة وغير المباشرة للجفاف المجتمعات الزراعية المحلية وتمتد عبر المجتمعات والاقتصاديات والنظم البيئية، وهو ما يؤثر في ملايين الأشخاص ويساهم في انعدام الأمن الغذائي والفقر وعدم المساواة.

ويشير التقرير الدولي إلى أن آثار الجفاف، منذ 1998، تظهر على قرابة 1.5 مليار شخص، بخسارة اقتصادية لا تقل عن 124 مليار دولار في جميع أنحاء العالم. في الولايات المتحدة الأمريكية بلغت الخسائر حوالي 6.4 مليارات دولار سنويًّا، ونحو 9 مليارات دولار في الاتحاد الأوروبي، في حين تقدر الخسائر في الهند بنسبة 2-5% من الناتج المحلي الإجمالي للبلاد.

مع ذلك، تبقى هذه التقديرات العالمية لتكاليف الجفاف مجرد حسابات جزئية فقط؛ إذ تشير دراسات الحالة الموضحة في التقرير إلى أن خسائر الجفاف الحقيقية مضاعفة عدة مرات، إن جرى احتساب الآثار المتتالية الناتجة من الجفاف بشكل غير مباشر، مثل الحرائق والاضطرابات والغلاء.

هذا ويؤثر الجفاف في الناس بشكل غير متناسب، حيث الفقراء والمهمشين في جميع أنحاء العالم لهم النصيب الأكبر من الخسارة، والذين قد يخسرون الأرواح وسبل عيشهم، أو يغرقون أكثر في مستنقع الفقر.

شمال أفريقيا والشرق الأوسط.. المنطقة الأكثر شحًّا في المياه عالميًّا

يُعدُّ الجفاف ظاهرة طبيعية في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا؛ إذ إنها منطقة جافة بطبيعتها بسبب موقعها الجغرافي وظروفها المناخية، فحوالي ثلاثة أرباع المنطقة تتكون من صحارى غير ملائمة للحياة البشرية، بمتوسط هطول أمطار أقل من 50 مم في السنة. أما الربع الباقي فيسوده مناخ شبه جاف، باستثناء بعض المناطق الرطبة توجد بشكل محدود على السواحل وبعض المواقع الجبلية.

وكانت دراسة صدرت في 2019 عن معهد الموارد العالمية (WRI)، قد خَلُصت إلى أن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا هي المنطقة الأكثر إجهادًا مائيًّا على وجه الأرض، حيث وجد المعهد أن 12 دولة من أصل 17 دولة تعاني من الإجهاد المائي الشديد تقع في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، فمع أن المنطقة تحتضن حوالي 6.3% من سكان العالم، فإنها تحوز فقط 1.4% من المياه العذبة المتجددة في العالم.

ويؤثر الجفاف في هذه البقعة بشدة في إمدادات المياه والزراعة، بما في ذلك الثروة الحيوانية والغابات ومصايد الأسماك، مع عواقب وخيمة على الإمدادات الغذائية وسبل العيش، خاصة بالنسبة للطبقات الفقيرة وساكنة القرى.

وفي هذا السياق، وجد البنك الدولي أن لدى هذه المنطقة أكبر الخسائر الاقتصادية المتوقعة من ندرة المياه المرتبطة بالمناخ، مُقدرًا بخسارة سنوية بنسبة 6-14% من الناتج المحلي الإجمالي بحلول عام 2050.

ومع الضغوط المزدوجة لتغير المناخ والنمو الديموغرافي، أصبح الأمن المائي والغذائي للمجتمعات الفقيرة في هذه المنطقة معرضًا للخطر بشكل متزايد، مما يستدعي وضع سياسات وطنية فعالة لمواجهة الجفاف.

يؤكد تقرير «GAR» الخاص عن الجفاف لسنة 2021 أنه يمكن الحد من تهديد الجفاف إلى حد كبير في المنطقة العربية وسائر العالم، من خلال «نهج خطط مستقبلية واستباقية ومبتكرة لإدارة مخاطر الجفاف، بالاعتماد على الدروس المستفادة من دراسات الحالة حول العالم».

وهو يدعو إلى التركيز بشكل أساسي على عنصر الوقاية في معالجة مشكلة الجفاف، أي التحول من نهج ردة الفعل والتفاعل مع الأزمة إلى منع حدوثها من الأساس، عبر معالجة الدوافع الجذرية للجفاف، والضعف الاجتماعي والاقتصادي، وتجنب المخاطر والتقليل منها.

وتعد زيادة انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، إلى جانب هشاشة السكان والنظم البيئية المعرضة للجفاف، من العوامل المهمة لخطر الجفاف. وبالتالي تعد معالجة هذه الجوانب أساسية للحد من مخاطر الجفاف. وفي الوقت نفسه، يشدد التقرير على أهمية معالجة الأنشطة البشرية التي تكثف وتنشر آثار الجفاف.

صلاح الدين كريمي

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews