إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

مروان قسنطيني لـ"الصباح": لا بد من الانفتاح على ثقافة البحث العلمي الأمريكي

يعتبر مروان قسنطيني من الكفاءات التونسية التي نحتت لنفسها موقعا في الساحة الأكاديمية العلمية والتي تسعى منذ سنوات إلى ربط جسور التعامل والتعاون بين الجامعات الأمريكية والجامعات التونسية. حول مسيرته الأكاديمية ومساعيه للتشبيك بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية كان هذا الحوار.

• ما هي الظروف التي أحاطت باستقرارك في الولايات المتحدة الأمريكية؟

- أولا شكرا لجريدة "الصباح" على توفير هذا المنبر وإحقاقا للحق لا وجود لظروف معينة أو استثنائية. كنت في مرحلة التعليم الثانوي من المتفوقين ومغرما إلى أبعد الحدود بمجال الإلكترونيك والإعلامية وكنت ارتاد كثيرا محلات الانترنيت العمومية منذ تلك الفترة إذ لم يكن الولوج للشبكة متاحا كما هو الحال حاليا. وإضافة إلى ذلك كنت حريصا على أن املأ العطلة الصيفية بعمل موسمي وهذا ما جعلني أتعلم عدة أشياء وعلى أن أعرف ماذا أريد. وأريد أن أشير هنا إلى اني اعتز بأني ابن المدرسة العمومية وإلى أن التعليم الحديث يرتكز بشكل كبير على الرياضيات والإعلامية. كنت من الناجحين بتفوق في البكالوريا فالتحقت بالمدرسة الوطنية لعلوم الإعلامية بمنوبة وأنهيت دراستي فيها بتفوق وبمعدل يفوق 17 من 20 وهو ما جعلني أتمتع بمنحة دولة مزدوجة من تونس وفرنسا لالتحق بالمدرسة المركزية بباريس اين حصلت على شهادة الماجستير بامتياز وعندها اخترت مغادرة فرنسا وقررت الاختيار بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا نظرا لأنهما متقدمان في مجال تكنولوجيا الاتصال والإعلامية، اخترت كندا وتوليت دراسة الذكاء الاصطناعي في جامعة مونتريال وحصلت على جائزة أحسن دكتوراه في كندا. وقررت سنة 2012 الالتحاق بجامعة اوكلاما الأمريكية لإيماني بان الجامعات الأمريكية توفر ثقافة جديدة للبحث العلمي قوامها الأساسي انفتاح البحث العلمي على المؤسسات الاقتصادية. تواصلت تجربتي في جامعة ميشيغان عشر سنوات تقريبا نلت فيها عدة تتويجات كأحسن أستاذ جامعي وأحسن باحث وأهم بحث أثّر في هندسة البرمجيات سنة 2021 هذا دون أن أنسى جائزة رئيس الجمهورية التي منحني إياها الرئيس الباجي قائد السبسي سنة 2017. وهذه الجائزة أعتز بها لأنها تكريم من بلدي ولأنها تدفعني للعمل لرد الجميل لتونس التي وفرت لي ظروف التعلم ومنحتني منحا للدراسة في فرنسا ثم كندا وأنا اشعر دائما بالعرفان تجاه الدولة التونسية. قررت في جانفي 2022 الانتقال إلى جامعة اوكلاند كرئيس لقسم الإعلامية في جامعتها وأين أتولى إدارة مركز البحث العلمي للذكاء الاصطناعي وهو ممول من أكبر ممولي البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية ويتعامل مع 50 مؤسسة صناعية لأن المنطقة تضم أكبر شركات صناعة السيارات في العالم وتقدر ميزانية البحث العلمي بقرابة 6 مليار دينار تونسي. ونهتم أيضا بالتكوين لسوق الشغل وبالتجديد التكنولوجي .

• كيف يمكن للجامعات التونسية أن تستفيد من تجربتك الأكاديمية؟

- أنا أضع تجربتي وعلاقاتي في خدمة بلادي وهذا اعتبره واجبا ولكن أعتقد أن الجامعات التونسية مدعوة للانفتاح على ثقافة البحث العلمي الأمريكي وعلى النظام الأكاديمي الأمريكي. نحن نتعامل بشكل حصري تقريبا مع فرنسا التي اصبحت بعيدة جدا عن التحولات التي يشهدها البحث العلمي وعمل الجامعات خاصة في طرق عمل الجامعات مع المؤسسات الصناعية. يتعلق الأمر في الحقيقة بثقافة كاملة وسياق آخر لا علاقة له بالثقافة الفرانكفونية. أريد أن أشير هنا إلى ان جامعاتنا توفر تكوينا جيدا ومهما ولكن محدودية الإمكانيات تمثل عائقا كبيرا. اسوق مثال السيارات الذكية التي تمثل محور اهتمام في الجامعات التونسية ولكن ضعف البنية الأساسية وغياب مصانع السيارات يمثل مشكلا. وباعتبار وجودي في اوكلاند وهي المدينة الأولى في العالم في صناعة السيارات استطعت الحصول على منح دراسية لطلبة السنة الخامسة في بعض الاختصاصات وهذا يمكنهم من تجاوز عائق التكلفة المرتفعة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية ومن تنظير السنة الخامسة وهو ما يعني أن الشهادة معترف بها في تونس والولايات المتحدة الأمريكية وهذا تثمين مهم للتكوين العلمي في تونس.

• كيف تنظر لمسألة هجرة الكفاءات الاكاديمية التونسية التي تحولت إلى ظاهرة لافتة وربما مزعجة؟

- لا بد من الانطلاق من القول أننا في نظام معولم قوامه البحث أساسا عن الذكاء الاصطناعي والسلامة المعلوماتية إلى جانب اختصاصات أخرى وهذا يعني أن هذا النظام يغذي المنافسة التي لا يمكن إيقافها خاصة وأنه لا يمكن حرمان شخص من أن يختار البيئة التي توفر له ظروفا أفضل للعمل والعيش وهو ما يفرض على الدولة التونسية ان تبذل جهدا أكبر في التشبيك مع الكفاءات الأكاديمية التونسية خاصة وأنه بالإمكان الاستفادة من تجارب دول شبيهة لنا في الحفاظ على الصلة مع طلبتها الذين يعيشون خارجها. أرجو أن يكون ذلك من أولويات تونس خاصة في ظل الصراع على الكفاءات. لا بد أيضا من توفير ظروف عمل للكفاءات استحضر هنا تجربة شاب كان الأول في دفعته اضطر للعمل في تونس في إصلاح الطابعات وهو حاليا أستاذ ناجح في الولايات المتحدة الأمريكية وشخصيا أأطر حاليا قرابة أربعين طالبا تونسيا وأسعى لأن لا يقطعوا صلتهم بتونس. هناك مسألة مهمة في هذا الإطار وهي التركيز منذ الطفولة على قيم الانتماء والنزاهة والارتباط بالمجموعة واعتقد انه من الضروري في هذا السياق توفير ورشات تكوينية للأساتذة حتى يكونوا أكثر قدرة على التأطير والتأثير على طلبتهم حتى يحافظوا على الصلة مع تونس.

 

 

 

 

 مروان قسنطيني لـ"الصباح":  لا بد من الانفتاح على ثقافة البحث العلمي الأمريكي

يعتبر مروان قسنطيني من الكفاءات التونسية التي نحتت لنفسها موقعا في الساحة الأكاديمية العلمية والتي تسعى منذ سنوات إلى ربط جسور التعامل والتعاون بين الجامعات الأمريكية والجامعات التونسية. حول مسيرته الأكاديمية ومساعيه للتشبيك بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية كان هذا الحوار.

• ما هي الظروف التي أحاطت باستقرارك في الولايات المتحدة الأمريكية؟

- أولا شكرا لجريدة "الصباح" على توفير هذا المنبر وإحقاقا للحق لا وجود لظروف معينة أو استثنائية. كنت في مرحلة التعليم الثانوي من المتفوقين ومغرما إلى أبعد الحدود بمجال الإلكترونيك والإعلامية وكنت ارتاد كثيرا محلات الانترنيت العمومية منذ تلك الفترة إذ لم يكن الولوج للشبكة متاحا كما هو الحال حاليا. وإضافة إلى ذلك كنت حريصا على أن املأ العطلة الصيفية بعمل موسمي وهذا ما جعلني أتعلم عدة أشياء وعلى أن أعرف ماذا أريد. وأريد أن أشير هنا إلى اني اعتز بأني ابن المدرسة العمومية وإلى أن التعليم الحديث يرتكز بشكل كبير على الرياضيات والإعلامية. كنت من الناجحين بتفوق في البكالوريا فالتحقت بالمدرسة الوطنية لعلوم الإعلامية بمنوبة وأنهيت دراستي فيها بتفوق وبمعدل يفوق 17 من 20 وهو ما جعلني أتمتع بمنحة دولة مزدوجة من تونس وفرنسا لالتحق بالمدرسة المركزية بباريس اين حصلت على شهادة الماجستير بامتياز وعندها اخترت مغادرة فرنسا وقررت الاختيار بين الولايات المتحدة الأمريكية وكندا نظرا لأنهما متقدمان في مجال تكنولوجيا الاتصال والإعلامية، اخترت كندا وتوليت دراسة الذكاء الاصطناعي في جامعة مونتريال وحصلت على جائزة أحسن دكتوراه في كندا. وقررت سنة 2012 الالتحاق بجامعة اوكلاما الأمريكية لإيماني بان الجامعات الأمريكية توفر ثقافة جديدة للبحث العلمي قوامها الأساسي انفتاح البحث العلمي على المؤسسات الاقتصادية. تواصلت تجربتي في جامعة ميشيغان عشر سنوات تقريبا نلت فيها عدة تتويجات كأحسن أستاذ جامعي وأحسن باحث وأهم بحث أثّر في هندسة البرمجيات سنة 2021 هذا دون أن أنسى جائزة رئيس الجمهورية التي منحني إياها الرئيس الباجي قائد السبسي سنة 2017. وهذه الجائزة أعتز بها لأنها تكريم من بلدي ولأنها تدفعني للعمل لرد الجميل لتونس التي وفرت لي ظروف التعلم ومنحتني منحا للدراسة في فرنسا ثم كندا وأنا اشعر دائما بالعرفان تجاه الدولة التونسية. قررت في جانفي 2022 الانتقال إلى جامعة اوكلاند كرئيس لقسم الإعلامية في جامعتها وأين أتولى إدارة مركز البحث العلمي للذكاء الاصطناعي وهو ممول من أكبر ممولي البحث العلمي في الولايات المتحدة الأمريكية ويتعامل مع 50 مؤسسة صناعية لأن المنطقة تضم أكبر شركات صناعة السيارات في العالم وتقدر ميزانية البحث العلمي بقرابة 6 مليار دينار تونسي. ونهتم أيضا بالتكوين لسوق الشغل وبالتجديد التكنولوجي .

• كيف يمكن للجامعات التونسية أن تستفيد من تجربتك الأكاديمية؟

- أنا أضع تجربتي وعلاقاتي في خدمة بلادي وهذا اعتبره واجبا ولكن أعتقد أن الجامعات التونسية مدعوة للانفتاح على ثقافة البحث العلمي الأمريكي وعلى النظام الأكاديمي الأمريكي. نحن نتعامل بشكل حصري تقريبا مع فرنسا التي اصبحت بعيدة جدا عن التحولات التي يشهدها البحث العلمي وعمل الجامعات خاصة في طرق عمل الجامعات مع المؤسسات الصناعية. يتعلق الأمر في الحقيقة بثقافة كاملة وسياق آخر لا علاقة له بالثقافة الفرانكفونية. أريد أن أشير هنا إلى ان جامعاتنا توفر تكوينا جيدا ومهما ولكن محدودية الإمكانيات تمثل عائقا كبيرا. اسوق مثال السيارات الذكية التي تمثل محور اهتمام في الجامعات التونسية ولكن ضعف البنية الأساسية وغياب مصانع السيارات يمثل مشكلا. وباعتبار وجودي في اوكلاند وهي المدينة الأولى في العالم في صناعة السيارات استطعت الحصول على منح دراسية لطلبة السنة الخامسة في بعض الاختصاصات وهذا يمكنهم من تجاوز عائق التكلفة المرتفعة للدراسة في الولايات المتحدة الأمريكية ومن تنظير السنة الخامسة وهو ما يعني أن الشهادة معترف بها في تونس والولايات المتحدة الأمريكية وهذا تثمين مهم للتكوين العلمي في تونس.

• كيف تنظر لمسألة هجرة الكفاءات الاكاديمية التونسية التي تحولت إلى ظاهرة لافتة وربما مزعجة؟

- لا بد من الانطلاق من القول أننا في نظام معولم قوامه البحث أساسا عن الذكاء الاصطناعي والسلامة المعلوماتية إلى جانب اختصاصات أخرى وهذا يعني أن هذا النظام يغذي المنافسة التي لا يمكن إيقافها خاصة وأنه لا يمكن حرمان شخص من أن يختار البيئة التي توفر له ظروفا أفضل للعمل والعيش وهو ما يفرض على الدولة التونسية ان تبذل جهدا أكبر في التشبيك مع الكفاءات الأكاديمية التونسية خاصة وأنه بالإمكان الاستفادة من تجارب دول شبيهة لنا في الحفاظ على الصلة مع طلبتها الذين يعيشون خارجها. أرجو أن يكون ذلك من أولويات تونس خاصة في ظل الصراع على الكفاءات. لا بد أيضا من توفير ظروف عمل للكفاءات استحضر هنا تجربة شاب كان الأول في دفعته اضطر للعمل في تونس في إصلاح الطابعات وهو حاليا أستاذ ناجح في الولايات المتحدة الأمريكية وشخصيا أأطر حاليا قرابة أربعين طالبا تونسيا وأسعى لأن لا يقطعوا صلتهم بتونس. هناك مسألة مهمة في هذا الإطار وهي التركيز منذ الطفولة على قيم الانتماء والنزاهة والارتباط بالمجموعة واعتقد انه من الضروري في هذا السياق توفير ورشات تكوينية للأساتذة حتى يكونوا أكثر قدرة على التأطير والتأثير على طلبتهم حتى يحافظوا على الصلة مع تونس.

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews