إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

حتى لا تضيع "ريحة البلاد"..

بقلم: هشام الحاجي

ليست الهجرة قضية نظرية أو مسألة مجردة تخضع للنظر، بل هي ظاهرة إنسانية ومجتمعية تخضع لسياقات تحدد رهاناتها وتمظهراتها. ولا شك أن التحولات التي تعيش على وقعها الإنسانية حاليا تحدد أشكال الهجرة وأيضا آفاقها. وحين نضيف إلى ذلك حالة "التبرم العام" من الوضع التونسي والتي تحولت إلى ما يشبه الرياضة الوطنية ندرك سبب تحول تونس إلى دولة "تصدّر" المهاجرين. واللافت أن لتونس "صنفين" من المهاجرين على طرف نقيض وهما: الكفاءات والأدمغة من جهة وأولئك الذين يعانون من ظروف اجتماعية لم يقبلوها أو اعتقدوا أنه بالإمكان أن تمنحهم أوروبا وضعا أفضل. ما يجمع بين هؤلاء وأولئك أنهم تونسيون ولهم نفس الحقوق المحمولة على الدولة التونسية. ويبدو من الضروري أن تدرك الدولة أن النوايا لا تكفي لوحدها لإدارة ملف استراتيجي هو ملف التونسيين بالخارج خاصة وأن عددهم مرشح للتطور والتنامي وأنهم يمثلون تقريبا "شعبا موازيا" وهو ما يفرض القيام بخطوات أساسية لعل من اوكدها اعادة النظر في دور ديوان التونسيين بالخارج الذي تجاوزته الأحداث التي أصبحت تفرض تفكيرا مغايرا وآليات أهم لتأطير الجالية التونسية في الخارج. ولا يجب أن يقف الأمر عند هذا الحد بل لا بد من التفكير في ما يمكن تسميته "تأطيرا حسب الطلب" للكفاءات التونسية المهاجرة حتى نحافظ على صلتها بتونس.

مصارحة الذات تقتضي القول أن هؤلاء تتوفر لهم في دول الإقامة ظروف عمل وإقامة أفضل كثيرا من تلك المتاحة في تونس. ولكن ذلك لا يعني عدم التفكير في استغلال ما راكموه علميا لتطوير البحث العلمي في تونس وأيضا ما حققوه من نجاح وإشعاع في مجال الأعمال لفائدة تونس خاصة وأنهم يرغبون في أن لا تغيب عنهم "ريحة البلاد" أو أن يغيبوا عنها.

يبدو تغيير عدد من القوانين والتشريعات والممارسات أمر متأكد وعاجل. ذلك أن قانون الصرف المتخلف يحول دون تحويل عدد كبير من التونسيين والتونسيات في الخارج لأرباحهم من الأنشطة التي يقومون بها في دول الإقامة إلى تونس. وتضاف إلى ذلك التعقيدات البيروقراطية التي تجعل من بعث مشروع في تونس مغامرة غير مأمونة العواقب والتي تنفر حاليا كل من يرغب في الاستثمار في تونس خاصة وأن أغلب هذه التعقيدات المتسترة بالقانون تخفي وراءها في الكثير من الأحيان ممارسات فساد مرفوضة وتنفر من الاستثمار في تونس.

علاقة التونسيين والتونسيات في الخارج بتونس في مفترق طرق لأن الأجيال الجديدة نشأت بعيدا عنها ولا ترتبط بها بأواصر قوية ولأن المهاجرين حديثا يمكن أن يجدوا في دول الإقامة ما يجعلهم يتناسون تونس خاصة وأن دولا شبيهة بتونس كالمغرب الأقصى مثلا تقدم لهم تسهيلات أكبر في الاستثمار والسياحة والاستقرار ونفس المناخ الثقافي أيضا وهو ما يعني خسارة مضاعفة لبلادنا.

 

 

حتى لا تضيع "ريحة البلاد"..

بقلم: هشام الحاجي

ليست الهجرة قضية نظرية أو مسألة مجردة تخضع للنظر، بل هي ظاهرة إنسانية ومجتمعية تخضع لسياقات تحدد رهاناتها وتمظهراتها. ولا شك أن التحولات التي تعيش على وقعها الإنسانية حاليا تحدد أشكال الهجرة وأيضا آفاقها. وحين نضيف إلى ذلك حالة "التبرم العام" من الوضع التونسي والتي تحولت إلى ما يشبه الرياضة الوطنية ندرك سبب تحول تونس إلى دولة "تصدّر" المهاجرين. واللافت أن لتونس "صنفين" من المهاجرين على طرف نقيض وهما: الكفاءات والأدمغة من جهة وأولئك الذين يعانون من ظروف اجتماعية لم يقبلوها أو اعتقدوا أنه بالإمكان أن تمنحهم أوروبا وضعا أفضل. ما يجمع بين هؤلاء وأولئك أنهم تونسيون ولهم نفس الحقوق المحمولة على الدولة التونسية. ويبدو من الضروري أن تدرك الدولة أن النوايا لا تكفي لوحدها لإدارة ملف استراتيجي هو ملف التونسيين بالخارج خاصة وأن عددهم مرشح للتطور والتنامي وأنهم يمثلون تقريبا "شعبا موازيا" وهو ما يفرض القيام بخطوات أساسية لعل من اوكدها اعادة النظر في دور ديوان التونسيين بالخارج الذي تجاوزته الأحداث التي أصبحت تفرض تفكيرا مغايرا وآليات أهم لتأطير الجالية التونسية في الخارج. ولا يجب أن يقف الأمر عند هذا الحد بل لا بد من التفكير في ما يمكن تسميته "تأطيرا حسب الطلب" للكفاءات التونسية المهاجرة حتى نحافظ على صلتها بتونس.

مصارحة الذات تقتضي القول أن هؤلاء تتوفر لهم في دول الإقامة ظروف عمل وإقامة أفضل كثيرا من تلك المتاحة في تونس. ولكن ذلك لا يعني عدم التفكير في استغلال ما راكموه علميا لتطوير البحث العلمي في تونس وأيضا ما حققوه من نجاح وإشعاع في مجال الأعمال لفائدة تونس خاصة وأنهم يرغبون في أن لا تغيب عنهم "ريحة البلاد" أو أن يغيبوا عنها.

يبدو تغيير عدد من القوانين والتشريعات والممارسات أمر متأكد وعاجل. ذلك أن قانون الصرف المتخلف يحول دون تحويل عدد كبير من التونسيين والتونسيات في الخارج لأرباحهم من الأنشطة التي يقومون بها في دول الإقامة إلى تونس. وتضاف إلى ذلك التعقيدات البيروقراطية التي تجعل من بعث مشروع في تونس مغامرة غير مأمونة العواقب والتي تنفر حاليا كل من يرغب في الاستثمار في تونس خاصة وأن أغلب هذه التعقيدات المتسترة بالقانون تخفي وراءها في الكثير من الأحيان ممارسات فساد مرفوضة وتنفر من الاستثمار في تونس.

علاقة التونسيين والتونسيات في الخارج بتونس في مفترق طرق لأن الأجيال الجديدة نشأت بعيدا عنها ولا ترتبط بها بأواصر قوية ولأن المهاجرين حديثا يمكن أن يجدوا في دول الإقامة ما يجعلهم يتناسون تونس خاصة وأن دولا شبيهة بتونس كالمغرب الأقصى مثلا تقدم لهم تسهيلات أكبر في الاستثمار والسياحة والاستقرار ونفس المناخ الثقافي أيضا وهو ما يعني خسارة مضاعفة لبلادنا.

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews