يتضح منذ فترة زيف الكثير من الانجازات والإصلاحات على درب الانتقال الديمقراطي خلال العشر سنوات الأخيرة، آخرها ما كشفته ملابسات حادثة العرض المسرحي للطفي العبدلي في صفاقس التي أعادت من جديد جدل الأمن الجمهوري والنقابات الأمنية وبشكل عام العلاقة مع المؤسسة الأمنية.
ولا تعد حادثة مسرحية العبدلي في صفاقس معزولة فقد تكررت على امتداد السنوات الأخيرة أحداث مماثلة كان فيها الأمنيون ونقاباتهم طرفا في توتر ما مع فنان أو محام أو قاض أو صحفي أو حتى مسؤول سياسي سام، ومع كل حادثة تطرح بقوة مسالة التكوين والدربة على عقلية الأمن الجمهوري ويسيل الكثير من الحبر بشأن موضوع انحرافات بعض النقابات الأمنية وتغولها على حساب القانون ومقتضيات ضبط النفس، ومسألة غياب المساءلة وتعثر التتبعات القانونية والقضائية عندما يكون الأمنيون طرفا في قضية ما.
بالتوازي مع ذلك تتكثف مع كل حادثة الدورات التكوينية والحملات التحسيسية واللقاءات بين ممثلي وزارة الداخلية وبقية الأطراف المعنية المتدخلة (المنظمات الحقوقية والجمعيات والمجتمع المدني) لمزيد تحسين أداء الأمنيين ولترميم العلاقة مع المواطن ولضمان الاحترام المتبادل والقطع مع سياسية الإفلات من العقاب، لكن في كل مرة يتضح أن الموضوع يراوح مكانه.
النقابات الأمنية
اليوم أيضا وعلى هامش حادثة إيقاف مسرحية الممثل لطفي العبدلي والمناوشات بين هذا الأخير وعدد من الأمنيين المكلفين بتأمين العرض تكررت الأحداث ذاتها بين رفض الأمنيين ما يعتبرونه اعتداءات على المؤسسة المعنوية وتكتلهم بمعية نقاباتهم للدفاع عن منظوريهم من أي تتبع، وبين تنديدات المجتمع المدني والهياكل الحقوقية باعتداءات الأمنيين على الحريات وتغولهم والعودة لـ"دولة البوليس".
وقد صرح بهذا الصدد كاتب عام مساعد نقابة وحدات التدخل نسيم رويسي، أول أمس أن الممثل الكوميدي لطفي العبدلي قام بإشارة غير لائقة إيحائية للأمنيين، قائلا:"كل من سيعتدي على الأمنيين بأي إشارة منافية للأخلاق، سيتم إيقافه عن حدّه مهما كان الشّخص، ولن يقع تأمين عرضه ليكون عبرة لغيره".
كما دعا الرويسي، في تصريح إذاعي، الفنانين والممثلين للاحترام، واللعب في مجالهم مؤكدا أن الأمنيين بصدد الحفاظ على مبادئهم، وأن المؤسسة الأمنية ذات سيادة وطنية.
مضيفا "سنكونوا بالمرصاد، لكل من يعتدي على المؤسسة الأمنية، ويجب أن يكون الاحترام متبادل بين الأمنيين وأي طرف..، المؤسسة الأمنية مع حرية التعبير،لكن لن تسمح بالقيام بأي حركة إيحائية، أو سب أو شتم أو ثلب، تجهاها.."، على حد قوله.
تنديد المجتمع المدني
في المقابل وصف نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي إيقاف عرض مسرحية لطفي العبدلي بـ”الخطير جدا” وقال في مداخلة إذاعية "نحن في حيرة وفي خوف من كل ما يحدث..، وإيقاف عرض مسرحية لطفي العبدلي ينذر بخطر كبير وفيه تهديد للدولة المدنية وانزلاق نحو دولة البوليس.. العديد من المؤشرات تثبت أن النقابات الأمنية هي التي تتحكم في البلاد وتريد فرض نفوذها وغطرستها باستعمال العنف وأدوات ملتوية تخالف القانون.. تجسد ذلك من خلال الاعتداء على العبدلي ومنتج المسرحية والصحفيين..، ما نشهده اليوم من المؤسسة الأمنية هو تغول واضح على حساب القانون والحريات والأعراف”.
وأضاف الطريفي “تجاوزنا الاعتداءات وأصبح الأمني يقيم العرض وأصبح بمثابة ناقد سينمائي أو ناقد فني أو ناقد أكاديمي..، إيقاف العرض خطير ويهدد الحريات ويذكرنا بميليشيات حماية الثورة وبالدواعش الذين اعتدوا على الأكاديميين والمسرحيين وقاعات السينما..، هذا خطير جدا ووجب وضع حد له.”
من جهتها حذرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان لها أمس من "تحول الجهاز الأمني إلى هيئة رقابة للأمر بالمعروف أو هيئة قضائية موزاية".
ونددت الرابطة بـما صدر من طرف أمنيين من اعتداء مادي ومعنوي على حق التعبير والإبداع وانتهاك حق الجمهور في النفاذ إلى النشاط الثقافي”.
كما حذرت من مخاطر تحول "الجهاز الأمني إلى هيئة رقابة للأمر بالمعروف والنهي وهيئة قضائية موازية وأن يصبح وصيا على الذوق العام وعلى حرية الفن والإبداع".
ونبهت من تواصل حلقات الاعتداء ومن تطوره إلى سياسة ممنهجة قالت إن من شأنها التهديد الجدي للحريات والحقوق وأكدت تمسكها بالحق الشرعي والمشروع في الدفاع عن ضحايا الانتهاكات مطالبة كل مكونات المجتمع المدني إلى الاستعداد إلى النضال السلمي المشترك من اجل الدفاع عن حقوق المواطنين.
م.ي
تونس-الصباح
يتضح منذ فترة زيف الكثير من الانجازات والإصلاحات على درب الانتقال الديمقراطي خلال العشر سنوات الأخيرة، آخرها ما كشفته ملابسات حادثة العرض المسرحي للطفي العبدلي في صفاقس التي أعادت من جديد جدل الأمن الجمهوري والنقابات الأمنية وبشكل عام العلاقة مع المؤسسة الأمنية.
ولا تعد حادثة مسرحية العبدلي في صفاقس معزولة فقد تكررت على امتداد السنوات الأخيرة أحداث مماثلة كان فيها الأمنيون ونقاباتهم طرفا في توتر ما مع فنان أو محام أو قاض أو صحفي أو حتى مسؤول سياسي سام، ومع كل حادثة تطرح بقوة مسالة التكوين والدربة على عقلية الأمن الجمهوري ويسيل الكثير من الحبر بشأن موضوع انحرافات بعض النقابات الأمنية وتغولها على حساب القانون ومقتضيات ضبط النفس، ومسألة غياب المساءلة وتعثر التتبعات القانونية والقضائية عندما يكون الأمنيون طرفا في قضية ما.
بالتوازي مع ذلك تتكثف مع كل حادثة الدورات التكوينية والحملات التحسيسية واللقاءات بين ممثلي وزارة الداخلية وبقية الأطراف المعنية المتدخلة (المنظمات الحقوقية والجمعيات والمجتمع المدني) لمزيد تحسين أداء الأمنيين ولترميم العلاقة مع المواطن ولضمان الاحترام المتبادل والقطع مع سياسية الإفلات من العقاب، لكن في كل مرة يتضح أن الموضوع يراوح مكانه.
النقابات الأمنية
اليوم أيضا وعلى هامش حادثة إيقاف مسرحية الممثل لطفي العبدلي والمناوشات بين هذا الأخير وعدد من الأمنيين المكلفين بتأمين العرض تكررت الأحداث ذاتها بين رفض الأمنيين ما يعتبرونه اعتداءات على المؤسسة المعنوية وتكتلهم بمعية نقاباتهم للدفاع عن منظوريهم من أي تتبع، وبين تنديدات المجتمع المدني والهياكل الحقوقية باعتداءات الأمنيين على الحريات وتغولهم والعودة لـ"دولة البوليس".
وقد صرح بهذا الصدد كاتب عام مساعد نقابة وحدات التدخل نسيم رويسي، أول أمس أن الممثل الكوميدي لطفي العبدلي قام بإشارة غير لائقة إيحائية للأمنيين، قائلا:"كل من سيعتدي على الأمنيين بأي إشارة منافية للأخلاق، سيتم إيقافه عن حدّه مهما كان الشّخص، ولن يقع تأمين عرضه ليكون عبرة لغيره".
كما دعا الرويسي، في تصريح إذاعي، الفنانين والممثلين للاحترام، واللعب في مجالهم مؤكدا أن الأمنيين بصدد الحفاظ على مبادئهم، وأن المؤسسة الأمنية ذات سيادة وطنية.
مضيفا "سنكونوا بالمرصاد، لكل من يعتدي على المؤسسة الأمنية، ويجب أن يكون الاحترام متبادل بين الأمنيين وأي طرف..، المؤسسة الأمنية مع حرية التعبير،لكن لن تسمح بالقيام بأي حركة إيحائية، أو سب أو شتم أو ثلب، تجهاها.."، على حد قوله.
تنديد المجتمع المدني
في المقابل وصف نائب رئيس الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان بسام الطريفي إيقاف عرض مسرحية لطفي العبدلي بـ”الخطير جدا” وقال في مداخلة إذاعية "نحن في حيرة وفي خوف من كل ما يحدث..، وإيقاف عرض مسرحية لطفي العبدلي ينذر بخطر كبير وفيه تهديد للدولة المدنية وانزلاق نحو دولة البوليس.. العديد من المؤشرات تثبت أن النقابات الأمنية هي التي تتحكم في البلاد وتريد فرض نفوذها وغطرستها باستعمال العنف وأدوات ملتوية تخالف القانون.. تجسد ذلك من خلال الاعتداء على العبدلي ومنتج المسرحية والصحفيين..، ما نشهده اليوم من المؤسسة الأمنية هو تغول واضح على حساب القانون والحريات والأعراف”.
وأضاف الطريفي “تجاوزنا الاعتداءات وأصبح الأمني يقيم العرض وأصبح بمثابة ناقد سينمائي أو ناقد فني أو ناقد أكاديمي..، إيقاف العرض خطير ويهدد الحريات ويذكرنا بميليشيات حماية الثورة وبالدواعش الذين اعتدوا على الأكاديميين والمسرحيين وقاعات السينما..، هذا خطير جدا ووجب وضع حد له.”
من جهتها حذرت الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان في بيان لها أمس من "تحول الجهاز الأمني إلى هيئة رقابة للأمر بالمعروف أو هيئة قضائية موزاية".
ونددت الرابطة بـما صدر من طرف أمنيين من اعتداء مادي ومعنوي على حق التعبير والإبداع وانتهاك حق الجمهور في النفاذ إلى النشاط الثقافي”.
كما حذرت من مخاطر تحول "الجهاز الأمني إلى هيئة رقابة للأمر بالمعروف والنهي وهيئة قضائية موازية وأن يصبح وصيا على الذوق العام وعلى حرية الفن والإبداع".
ونبهت من تواصل حلقات الاعتداء ومن تطوره إلى سياسة ممنهجة قالت إن من شأنها التهديد الجدي للحريات والحقوق وأكدت تمسكها بالحق الشرعي والمشروع في الدفاع عن ضحايا الانتهاكات مطالبة كل مكونات المجتمع المدني إلى الاستعداد إلى النضال السلمي المشترك من اجل الدفاع عن حقوق المواطنين.