إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أكدت نيتها تعديل المنشور عدد 20 .. الاتحاد يتوعد والحكومة تواصل اختبار صبره .. !

 

 

تونس – الصباح

لم يعتد الرأي العام، بعد الثورة، على مثل هذه العلاقة التي تجمع اليوم اتحاد الشغل بحكومة نجلاء بودن أو بالأحرى على هذا التجاهل وعدم الاكتراث بالغضب والمطالب النقابية في كل حكومات ما بعد الثورة، التي ربما القاسم المشترك بينها، هو الصراع المتواصل مع الاتحاد.. وعلاقة مدّ وجزر تحددها المواقف وردود الفعل.. ولكن لم تشهد تلك العلاقة أبدا طرفا سلبيا في حجم سلبية حكومة بودن أبقت على المنزلة بين المنزلتين في علاقة بالاتحاد.. فلا هي في صراع ومواجهة معلنة ولا هي في علاقة تواصل ونقاش وتفاعل مع مقترحاته أو مطالبه.. ليكون الاختباء خاصة عند الأزمات والتجاهل لكل التصريحات الهجومية لقيادات الاتحاد، سياسية الحكومة الى حد الآن رغم كل تهديدات الاتحاد ووعيده .

ورغم أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن سعت منذ لحظة تعيينها الى استقبال الأمين العام نور الدين الطبوبي كأول شخصية وطنية تستقبلها في القصبة وهو ما أشّر الى إمكانية وجود علاقة مميزة بين الحكومة والاتحاد خاصة وأنه كان من أبرز الداعمين لمسار 25 جويلية وهذا الدعم منح للمسار مشروعية شعبية الى حد ما، كما قلّص من وطأة الرفض الأجنبي لهذا المسار.. إلا أنه بعد ذلك قادتنا الأحداث الى مسارات مختلفة وغير متوقعة.. ولم تمض أسابيع عن عمل الحكومة حتى دقت أوّل إسفين في علاقتها بالاتحاد وذلك من خلال إصدار المنشور عدد 20 الذي أغلق أبواب التفاوض مع النقابات.

إسفين في علاقة الاتحاد بالحكومة

في قرار جريء وغير منتظر اتخذت رئيسة الحكومة نجلاء بودن في 9 ديسمبر الماضي قرارا وجهته إلى كافة الوزراء وكتّاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية، وسُمّي بالمنشور عدد 20، حدّدت فيه شروط وضوابط التفاوض مع النقابات.

ودعت رئيسة الحكومة في المنشور إلى ضرورة التنسيق بصفة مسبقة مع رئاسة الحكومة وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء فيما يخص مجال الوظيفة العمومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلا بعد الترخيص في ذلك من قبلها، إضافة الى دراسة الطلبات المقدمة من النقابات وموافاة رئاسة الحكومة بتقرير مفصل في الغرض حول مطابقتها للنصوص القانونية مع بيان كلفتها وذلك بالتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة المالية، وقتها اعتبرت تلك الخطوة استباقية من الحكومة حتى لا تجد الحكومة بالنظر الى الإصلاحات الاقتصادية التي تعتزم تنفيذها استجابة لطلبات صندوق النقد الدولي والتي من بنودها تجميد الأجور لخمس سنوات قادمة.

ولكن هذا المنشور الذي وجد معارضة شديدة من النقابيين فسرته الحكومة في بلاغ لها بأن الغاية منه هو التنسيق بين الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية من جهة ورئاسة الحكومة من جهة أخرى وأن لا علاقة له بما يُروّج حول نيّة ضرب حق العمل النقابي الذي يكفله القانون. وهدفه هو توفير مقومات نجاح المفاوضات الاجتماعية وإضفاء المزيد من الشفافية والمصداقية على اتفاقات والتزامات الحكومة تجاه الشريك الاجتماعي. كما أقرت الحكومة أن من أسبابه هو تجنّب الاتفاقات ذات المفعول المالي والترتيبي غير القابلة للتطبيق والتي يتم إمضاؤها دون تنسيق مسبق خاصة في هذا الوضع الذي تشهده المالية العمومية مع تأكيد الحكومة التزامها بمبدأ العمل التشاركي مع الشركاء الاجتماعيين وتمسّكها بالحوار الاجتماعي كسبيل للتفاوض الاجتماعي.

ولم يقنع شرح وتفسير وتبرير الحكومة للمنشور عدد 20 الاتحاد حيث اعتبر الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري أن رد الحكومة فيه مغالطة وأن المنشور ليس وسيلة لتنظيم التفاوض بل وسيلة لعرقلة التفاوض ومنع التعامل مع النقابات. معتبرا أن في بلاغ الحكومة قلة الذوق لأنه اتهم الاتحاد بافتعال المشاكل في حين أن المشكل قائم بالفعل، وفق تعبير سامي الطاهري.

خطوة الى الوراء ..

ومنذ إقرار المنشور عدد 20 اتسمت العلاقة بين الاتحاد والحكومة بالبرود وعدم التفاعل، في حين استمر الاتحاد في توجيه النقد اللاذع لحكومة بودن ووصفها بالفشل، خاصة بعد انطلاق مفاوضات صندوق النقد وهي المفاوضات التي لم يكن الاتحاد راضيا عليها ورافضا لمقترحات الحكومة في الإصلاح.. ولكن في خطوة مفاجئة أخرى أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، أن الحكومة انطلقت في الاشتغال على تعديل المنشور عدد 20، مؤكدا أن الغاية من هذا المنشور كانت مزيد تنظيم الحوار حتى تتمكن الحكومة بالإيفاء بكل تعهداتها. كما أشار نصر الدين نصيبي بأن الحكومة أرادت من خلال المنشور عدد 20 تدعيم آلية الحوار لكن بعد تفطنها لبعض الإشكاليات قررت مراجعته.قائلا في تصريح لإذاعة" شمس آف آم" منذ يومين "نشتغل على تعديل المنشور عدد 20 لرفع كل التحفظات بشأنه والأعمال انطلقت وكل التفاصيل الدقيقة موجودة لدى وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي الذي يباشر هذا الملف بصفة مباشرة".

ولكن في المقابل يستمر الاتحاد في التصعيد حيث أكد نور الدين الطبوبي والذي دعا الحكومة أكثر من مرة لسحب المنشور، أول أمس من صفاقس أن الاتحاد لن يظل متفرجا لأن الوضع السياسي سينعكس على الوضع الاقتصادي الذي سينعكس بدوره على الوضع الاجتماعي" قائلا "غلاء الأسعار بلغ مستوى غير مسبوق في تاريخ تونس، مقابل مقدرة شرائية متدنية" كما ذكّر أمين عام اتحاد الشغل بأنه قد مرّ شهر و20 يوما على الإضراب العام الذي نفذه اتحاد الشغل، قائلا "ورغم ذلك لم نجلس على طاولة الحوار من أجل التفاوض حول الاستحقاقات الاجتماعية".

 كما طلب الطبوبي من النقابيين أن يكونوا "جاهزين للمحطات النضالية القادمة" مضيفا "لسنا دعاة إضراب لكن إذا كتب علينا الإضراب سنكون على مستوى اللحظة التاريخية"، حسب تعبير الطبوبي.

ومن المؤكد أن تشهد علاقة الاتحاد بالحكومة تطورات مثيرة في قادم الأيام .

منية العرفاوي

 

أكدت نيتها تعديل المنشور عدد 20 .. الاتحاد يتوعد والحكومة تواصل اختبار صبره .. !

 

 

تونس – الصباح

لم يعتد الرأي العام، بعد الثورة، على مثل هذه العلاقة التي تجمع اليوم اتحاد الشغل بحكومة نجلاء بودن أو بالأحرى على هذا التجاهل وعدم الاكتراث بالغضب والمطالب النقابية في كل حكومات ما بعد الثورة، التي ربما القاسم المشترك بينها، هو الصراع المتواصل مع الاتحاد.. وعلاقة مدّ وجزر تحددها المواقف وردود الفعل.. ولكن لم تشهد تلك العلاقة أبدا طرفا سلبيا في حجم سلبية حكومة بودن أبقت على المنزلة بين المنزلتين في علاقة بالاتحاد.. فلا هي في صراع ومواجهة معلنة ولا هي في علاقة تواصل ونقاش وتفاعل مع مقترحاته أو مطالبه.. ليكون الاختباء خاصة عند الأزمات والتجاهل لكل التصريحات الهجومية لقيادات الاتحاد، سياسية الحكومة الى حد الآن رغم كل تهديدات الاتحاد ووعيده .

ورغم أن رئيسة الحكومة نجلاء بودن سعت منذ لحظة تعيينها الى استقبال الأمين العام نور الدين الطبوبي كأول شخصية وطنية تستقبلها في القصبة وهو ما أشّر الى إمكانية وجود علاقة مميزة بين الحكومة والاتحاد خاصة وأنه كان من أبرز الداعمين لمسار 25 جويلية وهذا الدعم منح للمسار مشروعية شعبية الى حد ما، كما قلّص من وطأة الرفض الأجنبي لهذا المسار.. إلا أنه بعد ذلك قادتنا الأحداث الى مسارات مختلفة وغير متوقعة.. ولم تمض أسابيع عن عمل الحكومة حتى دقت أوّل إسفين في علاقتها بالاتحاد وذلك من خلال إصدار المنشور عدد 20 الذي أغلق أبواب التفاوض مع النقابات.

إسفين في علاقة الاتحاد بالحكومة

في قرار جريء وغير منتظر اتخذت رئيسة الحكومة نجلاء بودن في 9 ديسمبر الماضي قرارا وجهته إلى كافة الوزراء وكتّاب الدولة والمديرين العامين والرؤساء المديرين العامين للمؤسسات والمنشآت العمومية، وسُمّي بالمنشور عدد 20، حدّدت فيه شروط وضوابط التفاوض مع النقابات.

ودعت رئيسة الحكومة في المنشور إلى ضرورة التنسيق بصفة مسبقة مع رئاسة الحكومة وعدم الشروع في التفاوض مع النقابات سواء فيما يخص مجال الوظيفة العمومية أو المؤسسات والمنشآت العمومية إلا بعد الترخيص في ذلك من قبلها، إضافة الى دراسة الطلبات المقدمة من النقابات وموافاة رئاسة الحكومة بتقرير مفصل في الغرض حول مطابقتها للنصوص القانونية مع بيان كلفتها وذلك بالتنسيق مع المصالح المختصة بوزارة المالية، وقتها اعتبرت تلك الخطوة استباقية من الحكومة حتى لا تجد الحكومة بالنظر الى الإصلاحات الاقتصادية التي تعتزم تنفيذها استجابة لطلبات صندوق النقد الدولي والتي من بنودها تجميد الأجور لخمس سنوات قادمة.

ولكن هذا المنشور الذي وجد معارضة شديدة من النقابيين فسرته الحكومة في بلاغ لها بأن الغاية منه هو التنسيق بين الوزارات والمؤسسات والمنشآت العمومية من جهة ورئاسة الحكومة من جهة أخرى وأن لا علاقة له بما يُروّج حول نيّة ضرب حق العمل النقابي الذي يكفله القانون. وهدفه هو توفير مقومات نجاح المفاوضات الاجتماعية وإضفاء المزيد من الشفافية والمصداقية على اتفاقات والتزامات الحكومة تجاه الشريك الاجتماعي. كما أقرت الحكومة أن من أسبابه هو تجنّب الاتفاقات ذات المفعول المالي والترتيبي غير القابلة للتطبيق والتي يتم إمضاؤها دون تنسيق مسبق خاصة في هذا الوضع الذي تشهده المالية العمومية مع تأكيد الحكومة التزامها بمبدأ العمل التشاركي مع الشركاء الاجتماعيين وتمسّكها بالحوار الاجتماعي كسبيل للتفاوض الاجتماعي.

ولم يقنع شرح وتفسير وتبرير الحكومة للمنشور عدد 20 الاتحاد حيث اعتبر الناطق الرسمي باسم الاتحاد سامي الطاهري أن رد الحكومة فيه مغالطة وأن المنشور ليس وسيلة لتنظيم التفاوض بل وسيلة لعرقلة التفاوض ومنع التعامل مع النقابات. معتبرا أن في بلاغ الحكومة قلة الذوق لأنه اتهم الاتحاد بافتعال المشاكل في حين أن المشكل قائم بالفعل، وفق تعبير سامي الطاهري.

خطوة الى الوراء ..

ومنذ إقرار المنشور عدد 20 اتسمت العلاقة بين الاتحاد والحكومة بالبرود وعدم التفاعل، في حين استمر الاتحاد في توجيه النقد اللاذع لحكومة بودن ووصفها بالفشل، خاصة بعد انطلاق مفاوضات صندوق النقد وهي المفاوضات التي لم يكن الاتحاد راضيا عليها ورافضا لمقترحات الحكومة في الإصلاح.. ولكن في خطوة مفاجئة أخرى أكد الناطق الرسمي باسم الحكومة ووزير التشغيل والتكوين المهني نصر الدين النصيبي، أن الحكومة انطلقت في الاشتغال على تعديل المنشور عدد 20، مؤكدا أن الغاية من هذا المنشور كانت مزيد تنظيم الحوار حتى تتمكن الحكومة بالإيفاء بكل تعهداتها. كما أشار نصر الدين نصيبي بأن الحكومة أرادت من خلال المنشور عدد 20 تدعيم آلية الحوار لكن بعد تفطنها لبعض الإشكاليات قررت مراجعته.قائلا في تصريح لإذاعة" شمس آف آم" منذ يومين "نشتغل على تعديل المنشور عدد 20 لرفع كل التحفظات بشأنه والأعمال انطلقت وكل التفاصيل الدقيقة موجودة لدى وزير الشؤون الاجتماعية مالك الزاهي الذي يباشر هذا الملف بصفة مباشرة".

ولكن في المقابل يستمر الاتحاد في التصعيد حيث أكد نور الدين الطبوبي والذي دعا الحكومة أكثر من مرة لسحب المنشور، أول أمس من صفاقس أن الاتحاد لن يظل متفرجا لأن الوضع السياسي سينعكس على الوضع الاقتصادي الذي سينعكس بدوره على الوضع الاجتماعي" قائلا "غلاء الأسعار بلغ مستوى غير مسبوق في تاريخ تونس، مقابل مقدرة شرائية متدنية" كما ذكّر أمين عام اتحاد الشغل بأنه قد مرّ شهر و20 يوما على الإضراب العام الذي نفذه اتحاد الشغل، قائلا "ورغم ذلك لم نجلس على طاولة الحوار من أجل التفاوض حول الاستحقاقات الاجتماعية".

 كما طلب الطبوبي من النقابيين أن يكونوا "جاهزين للمحطات النضالية القادمة" مضيفا "لسنا دعاة إضراب لكن إذا كتب علينا الإضراب سنكون على مستوى اللحظة التاريخية"، حسب تعبير الطبوبي.

ومن المؤكد أن تشهد علاقة الاتحاد بالحكومة تطورات مثيرة في قادم الأيام .

منية العرفاوي

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews