إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بين تأكيدات أنصاره واتهامات خصومه.. سعيد وسياسة الجلوس على كرسيي "الديمقراطية" و"الديكتاتورية"

 

 

تونس-الصباح

مازال التراشق بالتهم بين أطراف السلطة وأنصارها والمعارضة يسجل حضوره بقوة داخل ساحات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بين من يرى في رئيس الدولة قيس سعيد مصلحا ديمقراطيا سليلا للحركة الوطنية وبين من يصنفه في خانة الديكتاتور بعد سطوه على الحكم منذ 25 جويلية الماضي.

انقسام التقييمات فتح باب الــ"لاتوافق" حول شخص الرئيس الذي نجح هو أيضا في تثبيتها بعد أن انتهج سياسة الجلوس على كرسيين حيث يظهر الرجل تارة "ديمقراطيا" من خلال سعيه لتثبيت حكمه بقرار الاستفتاء الشعبي في حين يرى فيه خصومه "منقلبا" بعد افتكاكه للحكم وإنهاء خصومه سواء من داخل البرلمان أو خارجه وبقائه متفردا بكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

وقد سارع سعيد للرد على تهم الانقلاب حيث أكد خلال لقائه بوفد من مجلس الشيوخ الأمريكي يوم 5 سبتمر الماضي وفقا لما نقلته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "أن ما قام به لم يكن انقلاباً، وأنه كان من رحم الدستور، وفي كنف الشرعية الدستورية" مشدداً على أن "من يدعون غير ذلك لا يفقهون في القانون، الذي يدرسه منذ ثلاثة عقود".

وبحسب بيان للرئاسة التونسية، فقد "مثّل هذا اللقاء فرصة لتجديد الإعراب عن الحرص المشترك على مزيد تعميق روابط الصداقة التاريخية بين تونس والولايات المتحدة الأميركية، ومواصلة العمل سوياً من أجل مستقبل أفضل لعلاقات التعاون والشراكة الإستراتيجية بين البلدين".

وجرى أيضاً، بالمناسبة، التشديد على "ما يتقاسمه البلدان من قيم الحرّية والعدالة والديمقراطية، وتمسّكهما بمبادئ حقوق الإنسان والحريات وسيادة الشعب واحترام الدستور والمواثيق الدولية ومحاربة الفساد"، بحسب نص البيان.

ولم يكن موقف سعيد أمام ضيوفه من الكونغرس الأمريكي مرضيا لخصومه الذين كثفوا اتهامه بالانقلاب وبإعادة البلاد الى مربع الديكتاتورية.

وقد نفى الرئيس يوم 17 فيفري المنقضي، أن تكون لديه أية مساعٍ ليصبح ديكتاتوراً، مؤكداً أنه "رجل حوار ومفاوضات"، وذلك في تصريح إعلامي من أمام مقر اجتماع القمة الإفريقية-الأوروبية بالعاصمة البلجيكية، بروكسل.

وحتى ينفض عن نفسه غبار الديكتاتورية اقتبس سعيد المقولة الشهيرة للجينرال الفرنسي شارل ديغول حين اتهم هو الآخر بالسعي للديكتاتورية ليقول "ليس في هذا العمر أبدأ مسيرة ديكتاتور".

هكذا اقتباس أردفه الرئيس بتأكيده انه "ستكون هناك مخارج ومحادثات ومفاوضات، وأنا أستاذ قانون دستوري ولا يمكن أن أكون إلا ضمن سياق دولة القانون والمؤسسات".

تأكيد سعيد لمنهجه الديمقراطي أمام الرأي العام في الداخل والخارج لم يمنع المعارضة من مخالفة مواقف الرئيس حيث كثفت أحزاب ومنظمات تحركاتها وبياناتها لإثبات عكس ما ذهب إليه صاحب الإجراءات الاستثنائية.

وعددت المعارضة ما اعتبرته العوامل المؤسسة لديكتاتورية سعيد وانفراده بالسلطة والعودة بتونس الى مربع ما قبل 17 ديسمبر 14جانفي 2011.

فقد رفض الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، قرارات الرئيس قيس سعيد منذ تاريخ 25/7، واعتبرها "انقلاباً مكتمل الأركان"، واصفاً الرئيس سعيد بـ"الدكتاتور"، بعد إعلانه ضم جميع السلطات تحت يده.

واعتبر المرزوقي أن "المستهدف حالياً ليس حركة النهضة بل النظام الديمقراطي وان قضية الدستور مجرد مبرر يختبئ وراءه الانقلابيون، ولم يعد الحديث حوله ذا جدوى حالياً"، لافتاً إلى أن الخطر الحقيقي الآن هو انقسام الشارع التونسي وعدم القدرة على رؤية المشهد بوضوح.

بدورها أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي استنفارها لمواجهة سعيد سياسيا وقانونيا محذرة "أن قيس سعيد سيصبح رمزا للديكتاتورية".

ومع ارتفاع حرارة التعاطي الدولي مع ملف حقوق الإنسان في تونس تحركت الخارجية التونسية عبر ممثلها عثمان الجرندي.

حيث أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان، بمنظمة الأمم المتحدة "حرص رئيس الجمهورية على احترام الحقوق والحريات وعدم المساس بها بأي شكل من الأشكال."

وأشار الجرندي إلى "أن تونس قد حققت مكتسبات مهمة في مجال حقوق الإنسان وهي من الدول القليلة التي انضمت تقريبا إلى جل المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان."

وفي واقع الأمر لم تنجح البروباغندا في الدفاع عن نظام سعيد اذ تحركت منظمات حقوق الإنسان على غرار منظمة العفو الدولية .

فبعد أن كان ملف الحقوق محور اهتمام دولي تحول نفس الملف الى هاجس للقلق والتخوفات حيث قالت منظمة العفو الدولية إن الإنجازات التي تحققت في تونس بعد الثورة معرّضة للخطر الآن، بسبب السياسات التي ينتهجها الرئيس قيس سعيّد.

وبحسب المنظمة، فإنه منذ هيمن سعيّد على السلطة في السنة الماضية منح نفسه صلاحيات واسعة، وأضعف مؤسسات أساسية معنية بحماية حقوق الإنسان، مما يهدد الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والحق في محاكمة عادلة، وغير ذلك من الحقوق.

وأشارت المنظمة إلى أنه في ظل حكمه، استُهدفت شخصيات تونسية بارزة، من الصحفيين وأعضاء مجلس نواب الشعب والسياسيين الآخرين، وبينهم منتقدون للرئيس وأشخاص يُعتبرون خصومًا له، بسبب معارضتهم لاستيلاء الرئيس على السلطة.

فهل يحقق الدستور الجديد توازنات حقيقية بين ممارسة سعيد وانتظارات الخصوم أم سيواصل الرئيس سياسة الجلوس على كرسيين؟

خليل الحناشي

 

 

 

بين تأكيدات أنصاره واتهامات خصومه.. سعيد وسياسة الجلوس على كرسيي "الديمقراطية" و"الديكتاتورية"

 

 

تونس-الصباح

مازال التراشق بالتهم بين أطراف السلطة وأنصارها والمعارضة يسجل حضوره بقوة داخل ساحات الإعلام ومواقع التواصل الاجتماعي بين من يرى في رئيس الدولة قيس سعيد مصلحا ديمقراطيا سليلا للحركة الوطنية وبين من يصنفه في خانة الديكتاتور بعد سطوه على الحكم منذ 25 جويلية الماضي.

انقسام التقييمات فتح باب الــ"لاتوافق" حول شخص الرئيس الذي نجح هو أيضا في تثبيتها بعد أن انتهج سياسة الجلوس على كرسيين حيث يظهر الرجل تارة "ديمقراطيا" من خلال سعيه لتثبيت حكمه بقرار الاستفتاء الشعبي في حين يرى فيه خصومه "منقلبا" بعد افتكاكه للحكم وإنهاء خصومه سواء من داخل البرلمان أو خارجه وبقائه متفردا بكل السلطات التنفيذية والتشريعية والقضائية.

وقد سارع سعيد للرد على تهم الانقلاب حيث أكد خلال لقائه بوفد من مجلس الشيوخ الأمريكي يوم 5 سبتمر الماضي وفقا لما نقلته الصفحة الرسمية لرئاسة الجمهورية "أن ما قام به لم يكن انقلاباً، وأنه كان من رحم الدستور، وفي كنف الشرعية الدستورية" مشدداً على أن "من يدعون غير ذلك لا يفقهون في القانون، الذي يدرسه منذ ثلاثة عقود".

وبحسب بيان للرئاسة التونسية، فقد "مثّل هذا اللقاء فرصة لتجديد الإعراب عن الحرص المشترك على مزيد تعميق روابط الصداقة التاريخية بين تونس والولايات المتحدة الأميركية، ومواصلة العمل سوياً من أجل مستقبل أفضل لعلاقات التعاون والشراكة الإستراتيجية بين البلدين".

وجرى أيضاً، بالمناسبة، التشديد على "ما يتقاسمه البلدان من قيم الحرّية والعدالة والديمقراطية، وتمسّكهما بمبادئ حقوق الإنسان والحريات وسيادة الشعب واحترام الدستور والمواثيق الدولية ومحاربة الفساد"، بحسب نص البيان.

ولم يكن موقف سعيد أمام ضيوفه من الكونغرس الأمريكي مرضيا لخصومه الذين كثفوا اتهامه بالانقلاب وبإعادة البلاد الى مربع الديكتاتورية.

وقد نفى الرئيس يوم 17 فيفري المنقضي، أن تكون لديه أية مساعٍ ليصبح ديكتاتوراً، مؤكداً أنه "رجل حوار ومفاوضات"، وذلك في تصريح إعلامي من أمام مقر اجتماع القمة الإفريقية-الأوروبية بالعاصمة البلجيكية، بروكسل.

وحتى ينفض عن نفسه غبار الديكتاتورية اقتبس سعيد المقولة الشهيرة للجينرال الفرنسي شارل ديغول حين اتهم هو الآخر بالسعي للديكتاتورية ليقول "ليس في هذا العمر أبدأ مسيرة ديكتاتور".

هكذا اقتباس أردفه الرئيس بتأكيده انه "ستكون هناك مخارج ومحادثات ومفاوضات، وأنا أستاذ قانون دستوري ولا يمكن أن أكون إلا ضمن سياق دولة القانون والمؤسسات".

تأكيد سعيد لمنهجه الديمقراطي أمام الرأي العام في الداخل والخارج لم يمنع المعارضة من مخالفة مواقف الرئيس حيث كثفت أحزاب ومنظمات تحركاتها وبياناتها لإثبات عكس ما ذهب إليه صاحب الإجراءات الاستثنائية.

وعددت المعارضة ما اعتبرته العوامل المؤسسة لديكتاتورية سعيد وانفراده بالسلطة والعودة بتونس الى مربع ما قبل 17 ديسمبر 14جانفي 2011.

فقد رفض الرئيس الأسبق المنصف المرزوقي، قرارات الرئيس قيس سعيد منذ تاريخ 25/7، واعتبرها "انقلاباً مكتمل الأركان"، واصفاً الرئيس سعيد بـ"الدكتاتور"، بعد إعلانه ضم جميع السلطات تحت يده.

واعتبر المرزوقي أن "المستهدف حالياً ليس حركة النهضة بل النظام الديمقراطي وان قضية الدستور مجرد مبرر يختبئ وراءه الانقلابيون، ولم يعد الحديث حوله ذا جدوى حالياً"، لافتاً إلى أن الخطر الحقيقي الآن هو انقسام الشارع التونسي وعدم القدرة على رؤية المشهد بوضوح.

بدورها أعلنت رئيسة الحزب الدستوري الحر عبير موسي استنفارها لمواجهة سعيد سياسيا وقانونيا محذرة "أن قيس سعيد سيصبح رمزا للديكتاتورية".

ومع ارتفاع حرارة التعاطي الدولي مع ملف حقوق الإنسان في تونس تحركت الخارجية التونسية عبر ممثلها عثمان الجرندي.

حيث أكد وزير الشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج، عثمان الجرندي، بالمفوضة السامية لحقوق الإنسان، بمنظمة الأمم المتحدة "حرص رئيس الجمهورية على احترام الحقوق والحريات وعدم المساس بها بأي شكل من الأشكال."

وأشار الجرندي إلى "أن تونس قد حققت مكتسبات مهمة في مجال حقوق الإنسان وهي من الدول القليلة التي انضمت تقريبا إلى جل المواثيق والمعاهدات الدولية ذات الصلة بحقوق الإنسان."

وفي واقع الأمر لم تنجح البروباغندا في الدفاع عن نظام سعيد اذ تحركت منظمات حقوق الإنسان على غرار منظمة العفو الدولية .

فبعد أن كان ملف الحقوق محور اهتمام دولي تحول نفس الملف الى هاجس للقلق والتخوفات حيث قالت منظمة العفو الدولية إن الإنجازات التي تحققت في تونس بعد الثورة معرّضة للخطر الآن، بسبب السياسات التي ينتهجها الرئيس قيس سعيّد.

وبحسب المنظمة، فإنه منذ هيمن سعيّد على السلطة في السنة الماضية منح نفسه صلاحيات واسعة، وأضعف مؤسسات أساسية معنية بحماية حقوق الإنسان، مما يهدد الحق في حرية التعبير وحرية تكوين الجمعيات أو الانضمام إليها والحق في محاكمة عادلة، وغير ذلك من الحقوق.

وأشارت المنظمة إلى أنه في ظل حكمه، استُهدفت شخصيات تونسية بارزة، من الصحفيين وأعضاء مجلس نواب الشعب والسياسيين الآخرين، وبينهم منتقدون للرئيس وأشخاص يُعتبرون خصومًا له، بسبب معارضتهم لاستيلاء الرئيس على السلطة.

فهل يحقق الدستور الجديد توازنات حقيقية بين ممارسة سعيد وانتظارات الخصوم أم سيواصل الرئيس سياسة الجلوس على كرسيين؟

خليل الحناشي

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews