إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

نشر الأخبار الزائفة والشائعات.. إرباك لمسار الانتقال السياسي الجديد أو "بالونة" تجريبية

 

 

تونس – الصباح

سجلت الأيام القليلة الماضية عودة قوية لتداول وتناقل "شائعات" والترويج لها على أنها أخبار موثوقة وحقائق مؤكدة مأخوذة من مصادر عليمة، بما ينفي إمكانية تكذيبها أو تفنيدها وتسقط عديد الجهات في تناقل الخبر على أنه حدث. وما يميز هذه الشائعات المتداولة مؤخرا أنها تحوم في مجملها حول أسماء سياسية وحزبية أو تتناول الترويج لقرارات لها علاقة برئاسة الجمهورية أو غيرها من الجهات الرسمية في تونس خاصة تلك التي تتمحور حول قضايا حارقة وراهنة. لعل أبرزها ما تعلق بقائمة تضم 115 قاضيا من المباشرين لمهامهم حاليا والترويج الى أن رئيس الجمهورية سيعلن عزلهم وإعفائهم من مهامهم في الساعات القادمة". فهذا الخبر الزائف لاقى رواجا كبيرا وردود أفعال مختلفة وأثار "بلبلة وقلاقل" وجدلا واسعا في عدة أوساط. فيما سارعت وزارة العدل إلى تكذيب الخبر في بيان أصدرته في الغرض وأكدت فيه أن "وزارة العدل توضح أنه لا صحة لما تردد حول وجود قائمة لقضاة سيتم إعفاؤهم، وأنها تحتفظ بحقها في تتبع كل من أثار ونشر هذه الشائعة".

ويذكر أنه سبق أن تداول البعض أخبارا لها صلة بنفس الموضوع، مفادها أن هناك قائمات أخرى تضم مجموعة كبيرة من القضاة سيتم إعفاؤهم من مهامهم وذلك بعد صدور قرار رئيس الجمهورية المؤرخ في 1 جوان 2022 ويقضي بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم.

إشاعات أخرى تم تداولها أيضا تتعلق بإحباط محاولة هروب راشد الغنوشي، رئيس حزب حركة النهضة وبعض أفراد عائلته، أو ما يتعلق بتعيينات وتحويرات في الوزارات والولاة والإدارات. أو ما يتم اعتماده على أنه "تسريب" حول قرارات رئاسية تتعلق بهيئة الانتخابات أو القانون الانتخابي الجديد وغيرها.

ولئن أكد عدد من المتابعين للشأن العام في تونس أن أغلب هذه الأخبار الزائفة صادرة عن صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي تعود لجهات وأطراف محسوبة على مساندي وداعمي رئيس الجمهورية قيس سعيد، فإن البعض الآخر ينزلها في سياق المعركة المتواصلة بين قوى المعارضة السياسية من ناحية ورئيس الجمهورية وداعمي المسار الإصلاحي الذي يقوده.

إذ ذهبت قراءات في تفسير هذه الظاهرة إلى أنها لا تعدو أن تكون سوى "تكتيك" آخر للمعارضة في محاولاتها لزعزعة الاستقرار وإرباك المسار في مرحلة الانتقال السياسي الجديد، التي تأتي بعد الاستفتاء وتسبق موعد الانتخابات التشريعية وما يتخللها من مهام وعمل لصياغة وهندسة مسار المرحلة القادمة في ظل التحديات الكبرى المطروحة وتطلعات المواطنين لبرامج وإصلاحات وحلول اقتصادية واجتماعية تحد من حجم المعاناة والصعوبات التي عايشوها، لاسيما بعد فشل القوى المعارضة بجميع توجهاتها وأطيافها وإيديولوجياتها في إيقاف المسار الذي يقوده سعيد أو إجباره على الانصياع والاستماع لمطالبهم أو تشريكهم فيه رغم المحاولات والتحركات العديدة التي نظمتها هذه القوى منذ 25 جويلية 2021 إلى غاية هذه الفترة وما مارسته من ضغوط داخلية وخارجية بهدف إيقاف "عجلة" مشروع سعيد لكن دون جدوى. فكان الترويج لمزاعم مغلوطة وخلق خلافات وهمية مع جهات داخلية وخارجية بهدف "زعزعة" ثقة الشريحة الداعمة لرئيس الجمهورية بالأساس وفق ما ذهبت إليه بعض القراءات.

كما فسر البعض الآخر العودة للمراهنة عل الشائعات ونشر الأخبار الزائفة في هذه المرحلة بان الهدف منه هو تضليل الرأي العام وطرح قضايا ومعارك هامشية بهدف تعطيل وتشتيت الانتباه والمتابعة خاصة بالنسبة للجهات الرسمية وتشكيك الرأي العام في السلط الرسمية وتحديدا رئاسة الجمهورية التي تعد مصدر القرار والسلط في فترة التدابير الاستثنائية كما في مرحلة ما بعد الاستفتاء وذلك بموجب دستور الجمهورية الجديدة الذي يمنح رئيس الجمهورية وصاية على كل الصلاحيات والسلط التنفيذية والتشريعية.

وسبق أن تم نشر مشروع دستور على اعتبار أنه المشروع الذي تم إعداده أثناء مداولات الحوار الوطني ليتبين الجميع فيما بعد أنه لا أساس له من الصحة.

الشائعات بدل الانجازات

وقد نشطت حملات الترويج للإشاعات والأخبار الزائفة في الفترة السابقة أي منذ طي صفحة منظومة الحكم السابقة في ذكرى الاحتفال بعيد الجمهورية 2021 لتتحول الشائعات البديل الذي يلاقي "اقبالا كبيرا من المستهلك" التونسي في ظل غياب الانجازات التي انتظرها شق كبير من التونسيين في علاقة بمقاومة الفساد وتقديم برامج بديلة والبدء في إصلاحات شاملة أساسا منها اقتصادية واجتماعية لتحقيق المعادلة التي لطالما انتظراها المواطنون الذين علقوا آمالا عريضة على سعيد والمسار الجديد الذي يقوده. فكان أن نشطت صفحات محسوبة على رئيس الجمهورية وأنصاره لتنشر وتنقل أخبارا حول القيام بجملة من الإيقافات لرجال أعمال وسياسيين ونواب سابقين من الضالعين في قضايا الفساد والتهريب والإرهاب، فكانت في كل مرة تطالعنا قائمات من أسماء رجال الأعمال والسياسيين المطلوبين للعدالة ولكن ظلت مجرد إشاعات و"تخمينات" اعتبرها البعض مجرد ذر للرماد على العيون وأوهام لتعويض عجز سلطة الإشراف على الإنجاز أو القيام بمبادرات عملية في نفس السياق. وهو ما تأكد بعد مرور عام تقريبا من مسك رئيس الجمهورية بزمام تسيير الدولة لكن دون التوصل إلى فتح أحد الملفات الحارقة. وكانت جل الأخبار صادرة عن صفحات وجهات محسوبة على رئيس الجمهورية وهو ما يطرح عديد الاستفهامات حول إمكانيات اختراق جداره من طرف المعارضة أم أنه سعي من المقربين من حاشيته لزف الخبر وتحقيق السبق دون تقدير لتداعيات ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنه سبق أن تم نشر أخبار وتداولها عديد وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ومفادها تقديم رئيس الحكومة نجلاء بودن استقالتها إلى جانب أربعة وزراء من حكومتها، الأمر الذي جعل وزارة العدل ترفع قضية ضد غازي الشواشي، أمين عام حزب التيار الديمقراطي، على خلفية التصريح المذكور الذي قدمه.

فيما يرى بعض المتابعين أن نشر مثل هذه الشائعات في هذه المرحلة هو بمثابة "بالونة" وفرقعة لقياس ومعرفة ردود الأفعال واتجاهات الآراء والتحركات ليتم على ضوئها تحديد الموقف النهائي. لكن الجميع يعلم أن قيس سعيد ماض في تنفيذ مشروعه ولا يعتمد مثل هذه العمليات لأنها تقلل من شأن القرار.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

نشر الأخبار الزائفة والشائعات.. إرباك لمسار الانتقال السياسي الجديد أو "بالونة" تجريبية

 

 

تونس – الصباح

سجلت الأيام القليلة الماضية عودة قوية لتداول وتناقل "شائعات" والترويج لها على أنها أخبار موثوقة وحقائق مؤكدة مأخوذة من مصادر عليمة، بما ينفي إمكانية تكذيبها أو تفنيدها وتسقط عديد الجهات في تناقل الخبر على أنه حدث. وما يميز هذه الشائعات المتداولة مؤخرا أنها تحوم في مجملها حول أسماء سياسية وحزبية أو تتناول الترويج لقرارات لها علاقة برئاسة الجمهورية أو غيرها من الجهات الرسمية في تونس خاصة تلك التي تتمحور حول قضايا حارقة وراهنة. لعل أبرزها ما تعلق بقائمة تضم 115 قاضيا من المباشرين لمهامهم حاليا والترويج الى أن رئيس الجمهورية سيعلن عزلهم وإعفائهم من مهامهم في الساعات القادمة". فهذا الخبر الزائف لاقى رواجا كبيرا وردود أفعال مختلفة وأثار "بلبلة وقلاقل" وجدلا واسعا في عدة أوساط. فيما سارعت وزارة العدل إلى تكذيب الخبر في بيان أصدرته في الغرض وأكدت فيه أن "وزارة العدل توضح أنه لا صحة لما تردد حول وجود قائمة لقضاة سيتم إعفاؤهم، وأنها تحتفظ بحقها في تتبع كل من أثار ونشر هذه الشائعة".

ويذكر أنه سبق أن تداول البعض أخبارا لها صلة بنفس الموضوع، مفادها أن هناك قائمات أخرى تضم مجموعة كبيرة من القضاة سيتم إعفاؤهم من مهامهم وذلك بعد صدور قرار رئيس الجمهورية المؤرخ في 1 جوان 2022 ويقضي بإعفاء 57 قاضيا من مهامهم.

إشاعات أخرى تم تداولها أيضا تتعلق بإحباط محاولة هروب راشد الغنوشي، رئيس حزب حركة النهضة وبعض أفراد عائلته، أو ما يتعلق بتعيينات وتحويرات في الوزارات والولاة والإدارات. أو ما يتم اعتماده على أنه "تسريب" حول قرارات رئاسية تتعلق بهيئة الانتخابات أو القانون الانتخابي الجديد وغيرها.

ولئن أكد عدد من المتابعين للشأن العام في تونس أن أغلب هذه الأخبار الزائفة صادرة عن صفحات على شبكات التواصل الاجتماعي تعود لجهات وأطراف محسوبة على مساندي وداعمي رئيس الجمهورية قيس سعيد، فإن البعض الآخر ينزلها في سياق المعركة المتواصلة بين قوى المعارضة السياسية من ناحية ورئيس الجمهورية وداعمي المسار الإصلاحي الذي يقوده.

إذ ذهبت قراءات في تفسير هذه الظاهرة إلى أنها لا تعدو أن تكون سوى "تكتيك" آخر للمعارضة في محاولاتها لزعزعة الاستقرار وإرباك المسار في مرحلة الانتقال السياسي الجديد، التي تأتي بعد الاستفتاء وتسبق موعد الانتخابات التشريعية وما يتخللها من مهام وعمل لصياغة وهندسة مسار المرحلة القادمة في ظل التحديات الكبرى المطروحة وتطلعات المواطنين لبرامج وإصلاحات وحلول اقتصادية واجتماعية تحد من حجم المعاناة والصعوبات التي عايشوها، لاسيما بعد فشل القوى المعارضة بجميع توجهاتها وأطيافها وإيديولوجياتها في إيقاف المسار الذي يقوده سعيد أو إجباره على الانصياع والاستماع لمطالبهم أو تشريكهم فيه رغم المحاولات والتحركات العديدة التي نظمتها هذه القوى منذ 25 جويلية 2021 إلى غاية هذه الفترة وما مارسته من ضغوط داخلية وخارجية بهدف إيقاف "عجلة" مشروع سعيد لكن دون جدوى. فكان الترويج لمزاعم مغلوطة وخلق خلافات وهمية مع جهات داخلية وخارجية بهدف "زعزعة" ثقة الشريحة الداعمة لرئيس الجمهورية بالأساس وفق ما ذهبت إليه بعض القراءات.

كما فسر البعض الآخر العودة للمراهنة عل الشائعات ونشر الأخبار الزائفة في هذه المرحلة بان الهدف منه هو تضليل الرأي العام وطرح قضايا ومعارك هامشية بهدف تعطيل وتشتيت الانتباه والمتابعة خاصة بالنسبة للجهات الرسمية وتشكيك الرأي العام في السلط الرسمية وتحديدا رئاسة الجمهورية التي تعد مصدر القرار والسلط في فترة التدابير الاستثنائية كما في مرحلة ما بعد الاستفتاء وذلك بموجب دستور الجمهورية الجديدة الذي يمنح رئيس الجمهورية وصاية على كل الصلاحيات والسلط التنفيذية والتشريعية.

وسبق أن تم نشر مشروع دستور على اعتبار أنه المشروع الذي تم إعداده أثناء مداولات الحوار الوطني ليتبين الجميع فيما بعد أنه لا أساس له من الصحة.

الشائعات بدل الانجازات

وقد نشطت حملات الترويج للإشاعات والأخبار الزائفة في الفترة السابقة أي منذ طي صفحة منظومة الحكم السابقة في ذكرى الاحتفال بعيد الجمهورية 2021 لتتحول الشائعات البديل الذي يلاقي "اقبالا كبيرا من المستهلك" التونسي في ظل غياب الانجازات التي انتظرها شق كبير من التونسيين في علاقة بمقاومة الفساد وتقديم برامج بديلة والبدء في إصلاحات شاملة أساسا منها اقتصادية واجتماعية لتحقيق المعادلة التي لطالما انتظراها المواطنون الذين علقوا آمالا عريضة على سعيد والمسار الجديد الذي يقوده. فكان أن نشطت صفحات محسوبة على رئيس الجمهورية وأنصاره لتنشر وتنقل أخبارا حول القيام بجملة من الإيقافات لرجال أعمال وسياسيين ونواب سابقين من الضالعين في قضايا الفساد والتهريب والإرهاب، فكانت في كل مرة تطالعنا قائمات من أسماء رجال الأعمال والسياسيين المطلوبين للعدالة ولكن ظلت مجرد إشاعات و"تخمينات" اعتبرها البعض مجرد ذر للرماد على العيون وأوهام لتعويض عجز سلطة الإشراف على الإنجاز أو القيام بمبادرات عملية في نفس السياق. وهو ما تأكد بعد مرور عام تقريبا من مسك رئيس الجمهورية بزمام تسيير الدولة لكن دون التوصل إلى فتح أحد الملفات الحارقة. وكانت جل الأخبار صادرة عن صفحات وجهات محسوبة على رئيس الجمهورية وهو ما يطرح عديد الاستفهامات حول إمكانيات اختراق جداره من طرف المعارضة أم أنه سعي من المقربين من حاشيته لزف الخبر وتحقيق السبق دون تقدير لتداعيات ذلك.

وتجدر الإشارة إلى أنه سبق أن تم نشر أخبار وتداولها عديد وسائل الإعلام وشبكات التواصل الاجتماعي ومفادها تقديم رئيس الحكومة نجلاء بودن استقالتها إلى جانب أربعة وزراء من حكومتها، الأمر الذي جعل وزارة العدل ترفع قضية ضد غازي الشواشي، أمين عام حزب التيار الديمقراطي، على خلفية التصريح المذكور الذي قدمه.

فيما يرى بعض المتابعين أن نشر مثل هذه الشائعات في هذه المرحلة هو بمثابة "بالونة" وفرقعة لقياس ومعرفة ردود الأفعال واتجاهات الآراء والتحركات ليتم على ضوئها تحديد الموقف النهائي. لكن الجميع يعلم أن قيس سعيد ماض في تنفيذ مشروعه ولا يعتمد مثل هذه العمليات لأنها تقلل من شأن القرار.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews