إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

رأي.. في تصريح صادم لممثل الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الأمر في تونس لا يتعلق بنقص في الموارد المائية بل في ضعف الاستراتيجيات وغياب الرقابة

بقلم نوفل سلامة :

على خلاف ما يروجه الخطاب الرسمي لتبرير الانقطاعات المتكررة في الماء الصالح للشرب بجهات عديدة من التراب التونسي والصعوبات الموجودة في تزويد الكثير من الأحياء السكنية وخاصة في الداخل التونسي بالماء الصالح للاستعمال المنزلي بأن تونس تعرف في السنوات الأخيرة أزمة مياه بسبب تراجع المخزون المائي وتراجع كمية التساقطات من الأمطار سنويا .. وعلى عكس ما يسوقه الإعلام عن وضعية المياه في تونس من كون البلاد تعرف شحا مائيا وهي من البلدان المصنفة فقيرة مائيا وسوف تعرف في قادم السنين أزمة كبرى وخطرا يهدد السكان بالعطش إذا لم تتخذ التدابير اللازمة لتلافي هذه الكارثة القادمة وذلك نتيجة الارتفاع في الاستهلاك مقارنة بالكميات المتوفرة وبسبب هدر كميات كبيرة من الماء نتيجة سوء تصرف المواطن وضياع كميات أخرى معتبرة في الطبيعة..

على خلاف هذه الصورة التي يتكثف الحديث عنها ويتم تسويقها على أنها الواقع و الحقيقة، جاء تصريح المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الماء والصرف الصحي " بيدرو أروخو أغودو " الذي قام بزيارة إلى بلادنا خلال الفترة الممتدة بين 18 و 28 جويلية 2022 في إطار إعداد التقرير النهائي الشامل الذي سيقدمه في شهر سبتمبر 2023 إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول الحق في الماء والصرف الصحي في العالم شمل عدة بلدان منها تونس بعد أن أجرى زيارات ميدانية أوصلته إلى عدد من الولايات التونسية تعرف خلالها على الوضع الصحي للسكان في مختلف الجهات ومقدار انتفاع الفرد التونسي والعائلة التونسية في هذه الأماكن بالماء الصالح للشراب ومدى توفر قنوات للصرف الصحي كما أجرى لقاءات مع مسؤولين في الحكومة وفي الديوان الوطني للتطهير والشركة الوطنية للاستغلال وتوزيع المياه وعدد من مكونات المجتمع المدني تعرف خلالها على الوضع العام في علاقة بمدى الالتزام بالحق في الماء الصالح للشراب والحق في توفر قنوات للصرف الصحي وهي حقوق ضرورية لازمة لتوفير الحد الأدنى من عناصر العيش الكريم والشعور بالمواطنة وبالانتماء إلى دولة عصرية تحفظ الحقوق والكرامة على اعتبار أن الحق في المياه النظيفة والحق في توفر شبكات للصرف الصحي من أهداف التنمية المستدامة ومن أساسيات حقوق الإنسان الكونية وضرورة من ضرورات الحياة فوق هذا الكوكب الذي نعيش فيه خاصة وأن الأرض تتوفر على قدر من المياه يكفي لتوفيرها لكل إنسان يعيش فوقها فقط ما ينقص لتحقيق ذلك هو حسن التصرف في الموارد المائية وحسن إدارتها وتلافي الضعف الموجود عند الهياكل الأساسية المعنية المتدخلة وتدارك الضعف الموجود على مستوى مراقبة الشبكات المختلفة و القيام بالصيانة اللازمة وتلافي الضعف الموجود في القنوات الموصلة للماء وتدارك الضعف الموجود على مستوى مراقبة شبكات الصرف الصحي التي ينجر عنها حصول حالات خطيرة من التلوث في ظل غياب النظافة الصحية وكل هذا يؤثر على ندرة المياه الصالحة للاستعمال وانعكاس تدهور نوعيتها على صحة المواطن وعلى الأمن الغذائي وعلى الخيارات المعيشية وعلى فرص التعليم بالنسبة للأسر الفقيرة في تونس وفي جميع أنحاء العالم.

ويضيف القول: ما تمت ملاحظته من خلال المعطيات التي توفرنا عليها أن حجم استغلال المائدة المائية في تونس يصل إلى حدود 118 في المائة أي بزيادة 18 في المائة عن المعدل العادي ونتوقع انخفاضا من قيمة الموارد المائية في تونس بالمنطقة المتوسطية نتيجة التغير المناخي من 30 إلى 40 بالمائة مع العلم أن المياه الجوفية هي رئة الطبيعة المائية التي يجب أن تبقى مدخرات إستراتيجية لمواجهة حالات الجفاف غير العادية التي من المرشح أن تصبح هي الحالة الطبيعية ولكن هذه الوضعية المتمثلة في ندرة المياه لا يجب أن تبرر عدم الامتثال لحق الإنسان في الحصول على مياه صالحة للشرب وذات جودة مع خدمات للصرف للصحي بالحد المطلوب.

ما تم ملاحظته أن هناك نقصا كبيرا في تونس في مجال احترام حقوق الإنسان في علاقة بالتمتع بالماء الصالح للشراب وبقنوات للصرف الصحي وهذا أمر غير مقبول وتداركه يجب أن يصبح من أولويات الحكومة وتوفيره للمواطن هو أقل ما يتطلبه العيش الكريم فالأمر في تونس لا يتعلق بنقص في الموارد المائية وإنما في ضعف الاستراتيجيات لإيصال الماء.

في باب التوصيات التي قدمها ممثل الأمم المتحدة في لقائه بكافة المسؤولين والهياكل المعنية بالقطاع قال : تناولنا الأشياء الإيجابية والتي يجب تحسينها ولكننا لم نخف في حديثنا أيضا العيوب والنقائص الموجودة ولم نخف شيئا وحاولنا مناقشة أكثر ما يمكن من المشاكل والتي تتعلق أساسا بضعف دور الديوان الوطني للتطهير وغياب الحلول العاجلة للحد من هذا الضعف ونفس الأمر بالنسبة للشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه التي عبر مسؤولوها عن عدم قدرة الشركة على الاستثمار في الوقت الحالي وذلك لغياب الموارد المالية وضعف التمويلات وهو أمر يحول دون إصلاح الوضع الحالي لمثل هذه المؤسسات .

وحول موضوع احتلال تونس المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك المياه المعدنية بـ 220 لتر سنويا للفرد الواحد قال الممثل الأممي : إن ما يحصل هو أمر جنوني ورقم مفزع والأسباب في ذلك تعود الى ضعف القنوات المخصصة لنقل المياه والتي تتسبب في تراجع جودتها عند استعمالها للشرب مباشرة من الحنفية ومن دون اللجوء للمياه المعدنية .

وفي هذا الإطار فقد نبهت الدولة التونسية إلى ضرورة العمل على توفير الماء الصالح للشرب كأولوية قصوى ويمكن الاستثمار قي المؤسسات المعنية ( شركات تعليب المياه ) ويمكن في الوقت الحاضر استعمال الماء المعبأ والذي يعد ذا جودة جيدة وهو غير مكلف من دون أن تنظر إلى الجانب الربحي والاقتصادي الذي تحققه استعمالات أخرى مثل التجارة والزراعة واستخراج الفسفاط وأبدى استغرابه من وجود متساكنين قرب السدود الكبرى في عدة ولايات تونسية ولكنهم لا يتمتعون بحقهم في الماء واستغرب كذلك من فقدان الماء الصالح للشراب في المدارس وانقطاعه لفترات طويلة في بعض المناطق في الوقت الذي يكون متوفرا ودون انقطاع في مغاسل الفسفاط في ولاية قفصة والمجمع الكيميائي. وأبدى استغرابا آخر من بقاء الكثير من المناطق الريفية إلى اليوم من دون دعم في مواجهة إمدادات ملوثة الكثير منها بسبب تهري الشبكات وعدم تجديدها رغم الخطوات التي قطعتها الحكومة في اتجاه تحسين شبكات الصرف الصحي في المناطق الحضرية.

أنهى المقرر الخاص للأمم المتحدة " بيدرو أوخو أغودو " بالإعلان عن مخرجات هذه الزيارات الميدانية التي قام بها والمحادثات التي أجراها مع مختلف المسؤولين والمؤسسات المعنية ومكونات المجتمع المدني وحصرها في ثلاث نقاط أساسية :

أولا : في ظل التغييرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض وكذلك الارتفاع المتواصل في سعر المحروقات فإنه من الضروري على الدولة التونسية أن تسرع في الانتقال إلى استعمال الطاقات المتجددة واعتماد مصادر الطاقة البديلة والتخلي عن مصادر الطاقة التقليدية لإنتاج الكهرباء التي تحتاجها في تحلية المياه وتوظيفها و استعمالها في مجالات أخرى تيسر على المواطن عيشه.

ثانيا : ضرورة العمل على الحد من النقص في اليد العاملة في مجال المياه وهذا النقص الذي تمت ملاحظته قد أثر بشكل كبير ومباشر على تحسين جودة الخدمات المتعلقة بإيصال الماء الصالح للشراب وتوفير شبكات الصرف الصحي وكل أعمال الصيانة والمراقبة وخاصة ما يحتاجه المواطن من تدخلات عاجلة حيث أن نتيجة غياب صيانة شبكات نقل المياه وضعف الرقابة لهذه القنوات فإن حوالي 60 بالمائة من الماء الصالح للشراب يتم هدره ويضيع في الطبيعة.

ثالثا : دعوة الدولة التونسية إلى العمل على تحقيق الجودة في توفير المياه بعد أن قامت الأمم المتحدة بعمل كبير في تونس من خلال تحسين البنى التحتية وتحسين وضعية المؤسسات المعنية بهذا المجال غير أن هذا العمل قد تعرض إلي العديد من الصعوبات أبرزها كان تزايد التلوث وانعدام النظافة وهو أمر جعل عملية إيصال الماء الصالح للشراب للكثير من التونسيين صعبا وجعل إنشاء وحدة إنتاج متكاملة تتعثر لهذا فإنه من أوكد الأمور ومن الأولويات الكبرى أن تعمل الدولة التونسية على وضع برامج كبرى للتجديد فملايين من التونسيين مهددين بالأمراض والعدوى بسبب التلوث وتراكم القمامة وتكدس الفضلات وخاصة السكب الصناعي في مجاري المياه التي لم يتم معالجتها والتخلص منها بشكل يجعل صحة المواطن غير مهددة وهنا تأتي مسؤولية الديوان الوطني للتطهير التي تقع على عاقه مسؤولية ما يحصل من تلوث في المياه وقد وقفنا على هذا الخلل بسبب ضعف الاستراتجيات و بسبب النقص الحاصل في عدد العملة إضافة إلى وجود تسرب مواد ملوثة إلى شبكات المياه ما تسبب في خرق واضح لحق المواطن في الحصول على مياه نظيفة و صالحة للعيش.

ما نخلص إليه من خلال هذا التصريح الصادم الذي أدلى به المقرر الخاص للأمم المتحدة في الماء والصرف الصحي حول حق المواطن التونسي في الحصول على الماء الصالح للشراب بجودة من الحنفية وقنوات للصرف الصحي غير ملوثة أنه لم يتحدث في تطرقه للحالة التونسية عن وجود شح مائي في تونس ولا اعتبر البلاد توجد في منطقة قليلة التساقطات وبالتالي هي من البلدان الفقيرة مائيا كما يروج لنا بل على العكس من ذلك فقد أكد على أن مشكلة نقص التزود بالماء الصالح للشراب في تونس نتيجتها ضعف أداء المؤسسات المسؤولة عن ذلك وغياب الاستراتيجيات الحكومية التي من شأنها ايصال المال لكل مواطن وتوفير قنوات للصرف الصحي لكل عائلة وبيت وأن المعضلة الأساسية تكمن في ضعف أداء الديوان الوطني للتطهير والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وضعف الرقابة و لصيانة وغياب عملية التجديد لمختلف الشبكات التي تهالكت وتحتاج الى استثمارات لتجديدها وأنه يمكن للحكومة مؤقتا توظيف الماء الذي يباع في القوارير وإيصاله عبر قنوات إلى المواطنين المحرومين من الماء طالما وأن البلاد تتوفر على مقدرات مائية ما جعل شركات تعليب المياه تنمو وتتكاثر وجعل البلاد التونسية تحتل المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك الفرد من المياه المعدنية المعلبة .

 

رأي.. في تصريح صادم لممثل الأمم المتحدة لحقوق الإنسان: الأمر في تونس لا يتعلق بنقص في الموارد المائية بل في ضعف الاستراتيجيات وغياب الرقابة

بقلم نوفل سلامة :

على خلاف ما يروجه الخطاب الرسمي لتبرير الانقطاعات المتكررة في الماء الصالح للشرب بجهات عديدة من التراب التونسي والصعوبات الموجودة في تزويد الكثير من الأحياء السكنية وخاصة في الداخل التونسي بالماء الصالح للاستعمال المنزلي بأن تونس تعرف في السنوات الأخيرة أزمة مياه بسبب تراجع المخزون المائي وتراجع كمية التساقطات من الأمطار سنويا .. وعلى عكس ما يسوقه الإعلام عن وضعية المياه في تونس من كون البلاد تعرف شحا مائيا وهي من البلدان المصنفة فقيرة مائيا وسوف تعرف في قادم السنين أزمة كبرى وخطرا يهدد السكان بالعطش إذا لم تتخذ التدابير اللازمة لتلافي هذه الكارثة القادمة وذلك نتيجة الارتفاع في الاستهلاك مقارنة بالكميات المتوفرة وبسبب هدر كميات كبيرة من الماء نتيجة سوء تصرف المواطن وضياع كميات أخرى معتبرة في الطبيعة..

على خلاف هذه الصورة التي يتكثف الحديث عنها ويتم تسويقها على أنها الواقع و الحقيقة، جاء تصريح المقرر الخاص للأمم المتحدة للحق في الماء والصرف الصحي " بيدرو أروخو أغودو " الذي قام بزيارة إلى بلادنا خلال الفترة الممتدة بين 18 و 28 جويلية 2022 في إطار إعداد التقرير النهائي الشامل الذي سيقدمه في شهر سبتمبر 2023 إلى مجلس الأمم المتحدة لحقوق الإنسان حول الحق في الماء والصرف الصحي في العالم شمل عدة بلدان منها تونس بعد أن أجرى زيارات ميدانية أوصلته إلى عدد من الولايات التونسية تعرف خلالها على الوضع الصحي للسكان في مختلف الجهات ومقدار انتفاع الفرد التونسي والعائلة التونسية في هذه الأماكن بالماء الصالح للشراب ومدى توفر قنوات للصرف الصحي كما أجرى لقاءات مع مسؤولين في الحكومة وفي الديوان الوطني للتطهير والشركة الوطنية للاستغلال وتوزيع المياه وعدد من مكونات المجتمع المدني تعرف خلالها على الوضع العام في علاقة بمدى الالتزام بالحق في الماء الصالح للشراب والحق في توفر قنوات للصرف الصحي وهي حقوق ضرورية لازمة لتوفير الحد الأدنى من عناصر العيش الكريم والشعور بالمواطنة وبالانتماء إلى دولة عصرية تحفظ الحقوق والكرامة على اعتبار أن الحق في المياه النظيفة والحق في توفر شبكات للصرف الصحي من أهداف التنمية المستدامة ومن أساسيات حقوق الإنسان الكونية وضرورة من ضرورات الحياة فوق هذا الكوكب الذي نعيش فيه خاصة وأن الأرض تتوفر على قدر من المياه يكفي لتوفيرها لكل إنسان يعيش فوقها فقط ما ينقص لتحقيق ذلك هو حسن التصرف في الموارد المائية وحسن إدارتها وتلافي الضعف الموجود عند الهياكل الأساسية المعنية المتدخلة وتدارك الضعف الموجود على مستوى مراقبة الشبكات المختلفة و القيام بالصيانة اللازمة وتلافي الضعف الموجود في القنوات الموصلة للماء وتدارك الضعف الموجود على مستوى مراقبة شبكات الصرف الصحي التي ينجر عنها حصول حالات خطيرة من التلوث في ظل غياب النظافة الصحية وكل هذا يؤثر على ندرة المياه الصالحة للاستعمال وانعكاس تدهور نوعيتها على صحة المواطن وعلى الأمن الغذائي وعلى الخيارات المعيشية وعلى فرص التعليم بالنسبة للأسر الفقيرة في تونس وفي جميع أنحاء العالم.

ويضيف القول: ما تمت ملاحظته من خلال المعطيات التي توفرنا عليها أن حجم استغلال المائدة المائية في تونس يصل إلى حدود 118 في المائة أي بزيادة 18 في المائة عن المعدل العادي ونتوقع انخفاضا من قيمة الموارد المائية في تونس بالمنطقة المتوسطية نتيجة التغير المناخي من 30 إلى 40 بالمائة مع العلم أن المياه الجوفية هي رئة الطبيعة المائية التي يجب أن تبقى مدخرات إستراتيجية لمواجهة حالات الجفاف غير العادية التي من المرشح أن تصبح هي الحالة الطبيعية ولكن هذه الوضعية المتمثلة في ندرة المياه لا يجب أن تبرر عدم الامتثال لحق الإنسان في الحصول على مياه صالحة للشرب وذات جودة مع خدمات للصرف للصحي بالحد المطلوب.

ما تم ملاحظته أن هناك نقصا كبيرا في تونس في مجال احترام حقوق الإنسان في علاقة بالتمتع بالماء الصالح للشراب وبقنوات للصرف الصحي وهذا أمر غير مقبول وتداركه يجب أن يصبح من أولويات الحكومة وتوفيره للمواطن هو أقل ما يتطلبه العيش الكريم فالأمر في تونس لا يتعلق بنقص في الموارد المائية وإنما في ضعف الاستراتيجيات لإيصال الماء.

في باب التوصيات التي قدمها ممثل الأمم المتحدة في لقائه بكافة المسؤولين والهياكل المعنية بالقطاع قال : تناولنا الأشياء الإيجابية والتي يجب تحسينها ولكننا لم نخف في حديثنا أيضا العيوب والنقائص الموجودة ولم نخف شيئا وحاولنا مناقشة أكثر ما يمكن من المشاكل والتي تتعلق أساسا بضعف دور الديوان الوطني للتطهير وغياب الحلول العاجلة للحد من هذا الضعف ونفس الأمر بالنسبة للشركة الوطنية لتوزيع واستغلال المياه التي عبر مسؤولوها عن عدم قدرة الشركة على الاستثمار في الوقت الحالي وذلك لغياب الموارد المالية وضعف التمويلات وهو أمر يحول دون إصلاح الوضع الحالي لمثل هذه المؤسسات .

وحول موضوع احتلال تونس المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك المياه المعدنية بـ 220 لتر سنويا للفرد الواحد قال الممثل الأممي : إن ما يحصل هو أمر جنوني ورقم مفزع والأسباب في ذلك تعود الى ضعف القنوات المخصصة لنقل المياه والتي تتسبب في تراجع جودتها عند استعمالها للشرب مباشرة من الحنفية ومن دون اللجوء للمياه المعدنية .

وفي هذا الإطار فقد نبهت الدولة التونسية إلى ضرورة العمل على توفير الماء الصالح للشرب كأولوية قصوى ويمكن الاستثمار قي المؤسسات المعنية ( شركات تعليب المياه ) ويمكن في الوقت الحاضر استعمال الماء المعبأ والذي يعد ذا جودة جيدة وهو غير مكلف من دون أن تنظر إلى الجانب الربحي والاقتصادي الذي تحققه استعمالات أخرى مثل التجارة والزراعة واستخراج الفسفاط وأبدى استغرابه من وجود متساكنين قرب السدود الكبرى في عدة ولايات تونسية ولكنهم لا يتمتعون بحقهم في الماء واستغرب كذلك من فقدان الماء الصالح للشراب في المدارس وانقطاعه لفترات طويلة في بعض المناطق في الوقت الذي يكون متوفرا ودون انقطاع في مغاسل الفسفاط في ولاية قفصة والمجمع الكيميائي. وأبدى استغرابا آخر من بقاء الكثير من المناطق الريفية إلى اليوم من دون دعم في مواجهة إمدادات ملوثة الكثير منها بسبب تهري الشبكات وعدم تجديدها رغم الخطوات التي قطعتها الحكومة في اتجاه تحسين شبكات الصرف الصحي في المناطق الحضرية.

أنهى المقرر الخاص للأمم المتحدة " بيدرو أوخو أغودو " بالإعلان عن مخرجات هذه الزيارات الميدانية التي قام بها والمحادثات التي أجراها مع مختلف المسؤولين والمؤسسات المعنية ومكونات المجتمع المدني وحصرها في ثلاث نقاط أساسية :

أولا : في ظل التغييرات المناخية وارتفاع درجة حرارة الأرض وكذلك الارتفاع المتواصل في سعر المحروقات فإنه من الضروري على الدولة التونسية أن تسرع في الانتقال إلى استعمال الطاقات المتجددة واعتماد مصادر الطاقة البديلة والتخلي عن مصادر الطاقة التقليدية لإنتاج الكهرباء التي تحتاجها في تحلية المياه وتوظيفها و استعمالها في مجالات أخرى تيسر على المواطن عيشه.

ثانيا : ضرورة العمل على الحد من النقص في اليد العاملة في مجال المياه وهذا النقص الذي تمت ملاحظته قد أثر بشكل كبير ومباشر على تحسين جودة الخدمات المتعلقة بإيصال الماء الصالح للشراب وتوفير شبكات الصرف الصحي وكل أعمال الصيانة والمراقبة وخاصة ما يحتاجه المواطن من تدخلات عاجلة حيث أن نتيجة غياب صيانة شبكات نقل المياه وضعف الرقابة لهذه القنوات فإن حوالي 60 بالمائة من الماء الصالح للشراب يتم هدره ويضيع في الطبيعة.

ثالثا : دعوة الدولة التونسية إلى العمل على تحقيق الجودة في توفير المياه بعد أن قامت الأمم المتحدة بعمل كبير في تونس من خلال تحسين البنى التحتية وتحسين وضعية المؤسسات المعنية بهذا المجال غير أن هذا العمل قد تعرض إلي العديد من الصعوبات أبرزها كان تزايد التلوث وانعدام النظافة وهو أمر جعل عملية إيصال الماء الصالح للشراب للكثير من التونسيين صعبا وجعل إنشاء وحدة إنتاج متكاملة تتعثر لهذا فإنه من أوكد الأمور ومن الأولويات الكبرى أن تعمل الدولة التونسية على وضع برامج كبرى للتجديد فملايين من التونسيين مهددين بالأمراض والعدوى بسبب التلوث وتراكم القمامة وتكدس الفضلات وخاصة السكب الصناعي في مجاري المياه التي لم يتم معالجتها والتخلص منها بشكل يجعل صحة المواطن غير مهددة وهنا تأتي مسؤولية الديوان الوطني للتطهير التي تقع على عاقه مسؤولية ما يحصل من تلوث في المياه وقد وقفنا على هذا الخلل بسبب ضعف الاستراتجيات و بسبب النقص الحاصل في عدد العملة إضافة إلى وجود تسرب مواد ملوثة إلى شبكات المياه ما تسبب في خرق واضح لحق المواطن في الحصول على مياه نظيفة و صالحة للعيش.

ما نخلص إليه من خلال هذا التصريح الصادم الذي أدلى به المقرر الخاص للأمم المتحدة في الماء والصرف الصحي حول حق المواطن التونسي في الحصول على الماء الصالح للشراب بجودة من الحنفية وقنوات للصرف الصحي غير ملوثة أنه لم يتحدث في تطرقه للحالة التونسية عن وجود شح مائي في تونس ولا اعتبر البلاد توجد في منطقة قليلة التساقطات وبالتالي هي من البلدان الفقيرة مائيا كما يروج لنا بل على العكس من ذلك فقد أكد على أن مشكلة نقص التزود بالماء الصالح للشراب في تونس نتيجتها ضعف أداء المؤسسات المسؤولة عن ذلك وغياب الاستراتيجيات الحكومية التي من شأنها ايصال المال لكل مواطن وتوفير قنوات للصرف الصحي لكل عائلة وبيت وأن المعضلة الأساسية تكمن في ضعف أداء الديوان الوطني للتطهير والشركة الوطنية لاستغلال وتوزيع المياه وضعف الرقابة و لصيانة وغياب عملية التجديد لمختلف الشبكات التي تهالكت وتحتاج الى استثمارات لتجديدها وأنه يمكن للحكومة مؤقتا توظيف الماء الذي يباع في القوارير وإيصاله عبر قنوات إلى المواطنين المحرومين من الماء طالما وأن البلاد تتوفر على مقدرات مائية ما جعل شركات تعليب المياه تنمو وتتكاثر وجعل البلاد التونسية تحتل المرتبة الرابعة عالميا في استهلاك الفرد من المياه المعدنية المعلبة .

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews