اعلن المخرج السينمائي والكاتب المسرحي المنصف ذويب في عدة تدوينات نشرهما تباعا يومي السبت والأحد أنه يعتقد أن ما نقل حول مغادرة عدد من الجماهير مسرح قرطاج الدولي قبل نهاية كانت عرض مسرحية " نموت عليك " وهي من نوع الوان مان شو من آداء الممثل لمين النهدي وتاليف الكاتب المذكور، مؤامرة حيكت ضد أصحاب العمل. وتحدث المنصف ذويب عن عملية مقصودة لعرقلة العرض لصالح اطراف لم يكشف عنها، غير أنه قال أنه سيعقد ندوة صحفية مع الأمين النهدي للكشف عن خيوط هذه المؤامرة المفترضة.
وكان قد تم ترويج مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي خلال عرض مسرحية " نموت عليك " على ركح مسرح قرطاج الأثري في سهرة الجمعة، يصور مغادرة الجمهور المسرح بشكل مكثف مع شهادات لعدد من الحضور عبروا جميعهم عن استيائهم من العرض وطالب بعضهم من الممثل لمين النهدي بشكل مباشر بضرورة مغادرة المشهد المسرحي بتعلة أنه بلغ سنا متقدمة وأنه لم يعد قادرا على الآداء الجيد وخاصة على اضحاك الجماهير التي دفعت ثمن التذاكر من أجل الضحك -حسب ما ورد في الشهادات التي كانت كلها في اتجاه واحد- فإذا بها تجد نفسها في حضرة عرض يتحدث عن السياسة وعن العشرية الأخيرة التي عاشها التونسيون وهي أي هذه الجماهير، لا رغبة لها وفق شهادة بعض المتحدثين في مشاهدة عرض مسرحي حول السياسة.
انقسام الرأي العام
وقد انقسم الرأي العام اثر رواج هذا الفيديو بشكل كبير على مواقع الفايسبوك بالخصوص بين من يعتبر أن من حق الجمهور أن يعبر عن رأيه صراحة لأنه دفع ثمن تذكرته وبين من اعتبر أن الشهادات التي نقلت في مقطع الفيديو المذكور فيها مساس من شخصية الفنان وهي تؤكد وجود أزمة أخلاق في البلاد، تتمثل في المس من كل الحرمات.
ومع مرور الوقت وبداية استيعاب افضل لما حدث، لا حظنا وجود حركة تعاطف كبيرة مع الممثل لمين النهدي الذي ذكر العديد من المتحدثين خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الرجل قد قدم الكثير للمسرح وللفن في تونس طيلة مسيرة طويلة تجاوزت الخمسين سنة. وعبر عدد من الفنانين عن مساندتهم لملك الكوميديا في تونس وفق وصفهم معتبرين أن عمله المسرحي الجديد قد بلغ فيه قمة النضج والتحكم من أدوات المسرح. ونذكر من بين هؤلاء على السبيل الذكر، المسرحي أنور الشعافي الذي نشر تدوينة أثنى فيها على قيمة المسرحية سواء من ناحية الصياغة الفنية والجمالية أو من حيث الأداء. ولم يتردد بعض الممثلين على غرار الشاذلي العرفاوي واحمد الأندلسي في التعبير عن مساندتهما المطلقة للامين النهدي.
ولنا أن نشير إلى أمرين اثنين في علاقة بما حدث في سهرة الجمعة في إطار الدورة الجديدة الجارية لمهرجان قرطاج الدولي.
أولا، هناك اجماع على أنه لا أحد فوق النقد وأن مسرحية "نموت عليك" قد تكون فعلا لم ترق للجمهور الذي ربما لم يجد فيها ما كان ينتظره من ستكاتشات ونكت مضحكة، وهو الذي وكما نبه إلى ذلك الكثيرون، قد عانى كثيرا في الاعوام الأخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي وصعوبات الحياة في البلاد، أضف إلى ذلك ما تسبب فيه تفشي فيروس كورونا في تونس من ضغط نفسي ناجم عن الخوف من الوباء والعزلة المفروضة توقيا من المرض. لكن هناك في المقابل عدم قبول بمواقف اعتبرت اقصائية وعنصرية وتمس من ذات الفنان مثل مطالبة لمين النهدي بالكف عن العمل بتعلة أنه صار مسنا وعليه أن يترك الفرصة لغيره.
ثانيا، تم تحميل ما حدث من جدل حول عرض قرطاج، للتعاطي الصحفي الذي وصف بأنه غير مهني وقد اصر المنصف ذويب كاتب نص المسرحية على وصفه بانه كذلك. ولنا أن نعترف بأن العمل المذكور الذي وصف بالصحفي لم يأخذ بعين الاعتبار الرأي والرأي الآخر، وكان واضحا أن اهم شيء بالنسبة لاصحابه ، هو كسب السبق الصحفي وخلق " البوز" وهي فرصة لتحسيس الرأي العام بخطورة مواصلة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي بدون ظوابط واهمية الانتباه إلى أن العمل الصحفي يستند إلى ضوابط وقوانين وتحكمه اخلاقيات المهنة ولا علاقة لاغلب ما ينشر على الفايسبوك من أخبار وتعليقات بالصحافة.
حول كيفية التعامل مع رموز البلاد
ويتوقع أن يستمر النقاش العام حول ما بات يعرض اليوم بقضية لمين النهدي، خاصة بعد اختلاف مواقف هيئات تنظيم المهرجان في علاقة بالموضوع. فلئن سارع مهرجان قصور الساف بسلقطة من ولاية المهدية مثلا باعلان الغاء عرض مسرحية " نموت عليك" بسبب عدم اقبال الجمهور وتبعا لما حدث في سوسة وقرطاج ( حدثت مشاكل في عرض المسرحية بمهرجان سوسة الدولي بسبب رداءة تجهيزات الصوت بالخصوص وكنا قدما فكرة عن الموضوع على اعمدة الصباح )، وفق ما صرحت به هيئته، فإن مهرجان قابس الدولي قد اصر على الابقاء على العرض في برنامج الدورة الجارية.
وهو لم يكتف بذلك، بل وجه دعوة للجماهير للحضور بكثافة لاعادة الاعتبار للممثل لمين النهدي. وقد عبر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن اكبارهم للحركة التي قامت بها هيئة تنظيم مهرجان قابس الدولي والتي لم تنخرط وفق تقييمهم في المؤامرة ضد الممثل الكبير لمين النهدي.
مع العلم أن كل من الأمين النهدي والمنصف ذويب كانا قد اعلنا عبر تدوينة على الفايسبوك وقبل أن تعلن المهرجانات عن الغاء عروض مسرحية " نموت عليك" عن ايقاف سلسلة عروض المسرحية من تلقاء نفسهما لفهم ما جرى بالتحديد لدى عرضها في قرطاج.
والشيء الثابت أن ملف عرض لمين النهدي في مهرجان قرطاج الدولي هذا العام لن يغلق قريبا. فالمسألة تجاوزت مسألة مغادرة جماهير غاضبة المسرح قبل نهاية عرض المسرحية، إلى ما هو أكثر من ذلك، فقد تحولت إلى قضية رأي عام وكانت سببا في فتح النقاش حول تعامل التونسيين مع رموزهم، ليس فقط في مجال الفن وإنما في كل المجالات.
ح س
تونس- الصباح
اعلن المخرج السينمائي والكاتب المسرحي المنصف ذويب في عدة تدوينات نشرهما تباعا يومي السبت والأحد أنه يعتقد أن ما نقل حول مغادرة عدد من الجماهير مسرح قرطاج الدولي قبل نهاية كانت عرض مسرحية " نموت عليك " وهي من نوع الوان مان شو من آداء الممثل لمين النهدي وتاليف الكاتب المذكور، مؤامرة حيكت ضد أصحاب العمل. وتحدث المنصف ذويب عن عملية مقصودة لعرقلة العرض لصالح اطراف لم يكشف عنها، غير أنه قال أنه سيعقد ندوة صحفية مع الأمين النهدي للكشف عن خيوط هذه المؤامرة المفترضة.
وكان قد تم ترويج مقطع فيديو على مواقع التواصل الاجتماعي خلال عرض مسرحية " نموت عليك " على ركح مسرح قرطاج الأثري في سهرة الجمعة، يصور مغادرة الجمهور المسرح بشكل مكثف مع شهادات لعدد من الحضور عبروا جميعهم عن استيائهم من العرض وطالب بعضهم من الممثل لمين النهدي بشكل مباشر بضرورة مغادرة المشهد المسرحي بتعلة أنه بلغ سنا متقدمة وأنه لم يعد قادرا على الآداء الجيد وخاصة على اضحاك الجماهير التي دفعت ثمن التذاكر من أجل الضحك -حسب ما ورد في الشهادات التي كانت كلها في اتجاه واحد- فإذا بها تجد نفسها في حضرة عرض يتحدث عن السياسة وعن العشرية الأخيرة التي عاشها التونسيون وهي أي هذه الجماهير، لا رغبة لها وفق شهادة بعض المتحدثين في مشاهدة عرض مسرحي حول السياسة.
انقسام الرأي العام
وقد انقسم الرأي العام اثر رواج هذا الفيديو بشكل كبير على مواقع الفايسبوك بالخصوص بين من يعتبر أن من حق الجمهور أن يعبر عن رأيه صراحة لأنه دفع ثمن تذكرته وبين من اعتبر أن الشهادات التي نقلت في مقطع الفيديو المذكور فيها مساس من شخصية الفنان وهي تؤكد وجود أزمة أخلاق في البلاد، تتمثل في المس من كل الحرمات.
ومع مرور الوقت وبداية استيعاب افضل لما حدث، لا حظنا وجود حركة تعاطف كبيرة مع الممثل لمين النهدي الذي ذكر العديد من المتحدثين خاصة على مواقع التواصل الاجتماعي بأن الرجل قد قدم الكثير للمسرح وللفن في تونس طيلة مسيرة طويلة تجاوزت الخمسين سنة. وعبر عدد من الفنانين عن مساندتهم لملك الكوميديا في تونس وفق وصفهم معتبرين أن عمله المسرحي الجديد قد بلغ فيه قمة النضج والتحكم من أدوات المسرح. ونذكر من بين هؤلاء على السبيل الذكر، المسرحي أنور الشعافي الذي نشر تدوينة أثنى فيها على قيمة المسرحية سواء من ناحية الصياغة الفنية والجمالية أو من حيث الأداء. ولم يتردد بعض الممثلين على غرار الشاذلي العرفاوي واحمد الأندلسي في التعبير عن مساندتهما المطلقة للامين النهدي.
ولنا أن نشير إلى أمرين اثنين في علاقة بما حدث في سهرة الجمعة في إطار الدورة الجديدة الجارية لمهرجان قرطاج الدولي.
أولا، هناك اجماع على أنه لا أحد فوق النقد وأن مسرحية "نموت عليك" قد تكون فعلا لم ترق للجمهور الذي ربما لم يجد فيها ما كان ينتظره من ستكاتشات ونكت مضحكة، وهو الذي وكما نبه إلى ذلك الكثيرون، قد عانى كثيرا في الاعوام الأخيرة بسبب عدم الاستقرار السياسي وصعوبات الحياة في البلاد، أضف إلى ذلك ما تسبب فيه تفشي فيروس كورونا في تونس من ضغط نفسي ناجم عن الخوف من الوباء والعزلة المفروضة توقيا من المرض. لكن هناك في المقابل عدم قبول بمواقف اعتبرت اقصائية وعنصرية وتمس من ذات الفنان مثل مطالبة لمين النهدي بالكف عن العمل بتعلة أنه صار مسنا وعليه أن يترك الفرصة لغيره.
ثانيا، تم تحميل ما حدث من جدل حول عرض قرطاج، للتعاطي الصحفي الذي وصف بأنه غير مهني وقد اصر المنصف ذويب كاتب نص المسرحية على وصفه بانه كذلك. ولنا أن نعترف بأن العمل المذكور الذي وصف بالصحفي لم يأخذ بعين الاعتبار الرأي والرأي الآخر، وكان واضحا أن اهم شيء بالنسبة لاصحابه ، هو كسب السبق الصحفي وخلق " البوز" وهي فرصة لتحسيس الرأي العام بخطورة مواصلة استعمال مواقع التواصل الاجتماعي بدون ظوابط واهمية الانتباه إلى أن العمل الصحفي يستند إلى ضوابط وقوانين وتحكمه اخلاقيات المهنة ولا علاقة لاغلب ما ينشر على الفايسبوك من أخبار وتعليقات بالصحافة.
حول كيفية التعامل مع رموز البلاد
ويتوقع أن يستمر النقاش العام حول ما بات يعرض اليوم بقضية لمين النهدي، خاصة بعد اختلاف مواقف هيئات تنظيم المهرجان في علاقة بالموضوع. فلئن سارع مهرجان قصور الساف بسلقطة من ولاية المهدية مثلا باعلان الغاء عرض مسرحية " نموت عليك" بسبب عدم اقبال الجمهور وتبعا لما حدث في سوسة وقرطاج ( حدثت مشاكل في عرض المسرحية بمهرجان سوسة الدولي بسبب رداءة تجهيزات الصوت بالخصوص وكنا قدما فكرة عن الموضوع على اعمدة الصباح )، وفق ما صرحت به هيئته، فإن مهرجان قابس الدولي قد اصر على الابقاء على العرض في برنامج الدورة الجارية.
وهو لم يكتف بذلك، بل وجه دعوة للجماهير للحضور بكثافة لاعادة الاعتبار للممثل لمين النهدي. وقد عبر العديد من رواد مواقع التواصل الاجتماعي عن اكبارهم للحركة التي قامت بها هيئة تنظيم مهرجان قابس الدولي والتي لم تنخرط وفق تقييمهم في المؤامرة ضد الممثل الكبير لمين النهدي.
مع العلم أن كل من الأمين النهدي والمنصف ذويب كانا قد اعلنا عبر تدوينة على الفايسبوك وقبل أن تعلن المهرجانات عن الغاء عروض مسرحية " نموت عليك" عن ايقاف سلسلة عروض المسرحية من تلقاء نفسهما لفهم ما جرى بالتحديد لدى عرضها في قرطاج.
والشيء الثابت أن ملف عرض لمين النهدي في مهرجان قرطاج الدولي هذا العام لن يغلق قريبا. فالمسألة تجاوزت مسألة مغادرة جماهير غاضبة المسرح قبل نهاية عرض المسرحية، إلى ما هو أكثر من ذلك، فقد تحولت إلى قضية رأي عام وكانت سببا في فتح النقاش حول تعامل التونسيين مع رموزهم، ليس فقط في مجال الفن وإنما في كل المجالات.