أثار تصريح وزير التربية فتحي السلاوتي حول سعر الكتاب المدرسي وما عرفه طيلة العام من جدل واستنكار وقراءات وردود أفعال مختلفة بسبب صفقة طباعته بتركيا، فتح باب الجدل حول "سوق" العودة المدرسية مبكرا أي قبل شهر ونصف تقريبا من نهاية العطلة المدرسية وانطلاق الموسم الدراسي الجديد 2022/2023 وذلك بعد تأكيد رئيس الغرفة الوطنية للكتبيين باتّحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية جمال الدين دردور أن الأدوات المدرسية ستشهد ارتفاعا في الأسعار يتراوح بين 15 و20% خلال الموسم الدراسي المقبل. ليفتح بذلك المجال للحديث والجدل حول إحدى أهم المسائل والمواضيع التي كثيرا ما تشغل الأسر والعائلات التونسية.
فبعد أن أكد فتحي السلاوتي، وزير التربية في تصريح إعلامي مؤخرا أنه لا وجود لأي زيادة في أسعار الكتاب المدرسي في الموسم الدراسي المقبل، وأنه ستتم المحافظة على نفس الأسعار التي تم اعتمادها في العام المنقضي، وذلك في رسالة طمأنة للتونسيين الذين اكتووا بنار الارتفاع المشط في الأسعار وتخوف البعض من العودة المدرسية تحديدا على اعتبار أن الالتزام بتدريس الأبناء تظل من أولويات التونسيين، جاء رد بعض المهنيين الآنف ذكره فكان وقعه على الرأي العام بمثابة رجة حركت حفيظة بعض الأولياء من ناحية ومهدت للعاملين والناشطين في مجال كل ما له علاقة باللوازم المدرسية للخوض في مسائل ذات صلة بهذا الجانب من ناحية أخرى.
ويذكر أنه خلال شهر أفريل الماضي أعلنت وزارة التربية عن فوز شركة طباعة تركية بصفقة طباعة الكتاب المدرسي التونسي وذلك بعد عدم الوصل إلى اتفاق في الغرض مع شركات الطباعة التونسية بسبب ارتفاع المبلغ الذي طلبته والذي يعتبر تعجيزيا بالنسبة لوزارة التربية. وعللت الوزارة توجهها إلى طلب عروض طباعة أجنبي واختيار تركيا لكون السعر الذي طلبته أقل مما هو مطلوب ومعروض وبما يحافظ على سعر الكتاب في هذا الموسم الدراسي. وتضمن بيان صادر عن نفس الوزارة أكد أن المركز الوطني البيداغوجي اضطر إلى "إصدار طلب عروض دولي حتى يحافظ على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي، بتوفير الكتب المدرسية بأسعار السنة الماضية نفسها، مراعاة للمصلحة الفضلى للتلميذ". وأوضح المركز أنه "في صورة قبوله بالعروض المالية للمطابع التونسية فإنه سيضطرّ إلى رفع سعر الكتاب المدرسي بنسبة تتجاوز 30 في المائة حتى يمكنه تسديد قيمة الصفقة"، وهو ما يتنافى وسياسة الدولة وحرص الوزارة على التحكم في الأسعار. وحول هذه المسألة أكد السلاوتي بالقول: " أجبرنا على طباعة الكتاب المدرسي في الخارج "من سوء الحظ" حفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن لا غير". في سياق متصل أكد وزير التربية مؤخرا أن 99 % من الكتب الخاصة بالموسم الدراسي القادم جاهزة وهي موجودة في مخازن وزارة التربية، وقد انطلقت الوزارة في توزيعها.
وذهبت بعض القراءات إلى أن خروج رئيس الغرفة الوطنية للكتبيين للتأكيد على الزيادة مباشرة بعد تصريح وزير التربية حول المحافظة على سعر الكتاب المدرسي، لتزف للجميع خبر الزيادة المشطة في أسعار الكراس المدرسي وغيرها من أسعار لوازم الأدوات المدرسية، لم يكن أمرا اعتباطيا وإنما يتنزل في خانة الخلاف القائم بين سلطة الإشراف من ناحية وبعض المهنيين من ناحية أخرى والسبب الرئيسي لذلك الخلاف هي صفقة طباعة الكتب المدرسية.
ويذكر أنّ رئيس غرفة الكتبيين أفاد أيضا أن الكراس المدرسي غير المدعم سيشهد ارتفاعا مشطا في الأسعار مقارنة بالسنوات الفارطة واستشهد في حديثه عن ذلك بكراس عدد 24 الذي قفز سعره من 1080 مي للسنة الفارطة إلى 1745 مي لهذه السنة، موضحا أن هذه الزيادة المرتفعة تنطبق على كل أنواع وأحجام الكراس المدرسي. وأرجع دردور ذلك إلى ارتفاع سعر تكلفة الكراس من المصنع بسبب النقص الفادح في مادّة الورق وارتفاع سعر توريده. والأمر لا يتوقف عند هذا الجانب بل يشمل أيضا كذلك الكتاب الموازي. فقد أكّد رئيس غرفة الكتبيين في نفس التصريح الإعلامي أنّ كلفة الكتاب الموازي عرفت ارتفاعا خلال الثلاثية الأخيرة من السنة الدراسية الماضية وهو مؤشر ليشهد سعره ارتفاعا مضاعفا خلال هذه السنة، وفق تقديره. وقد لاقت هذه التصريحات ردود أفعال عديد الجهات بين من يستنكر سياسة استنزاف إمكانيات المواطن ومساعي التعجيز عن تدريس الناشئة وبين من يعتبرها تأكيدا لعجز لسلطة الإشراف على وضع حد لنزيف الغلاء في الأسعار الذي ما انفكت تسجله مختلف القطاعات والمجالات في السنوات الأخيرة وبين مواقف أخرى تنزله في سياق التوظيف السياسي خاصة أمام إصرار رئيس الجمهورية على القيام بإصلاحات جذرية للدولة تشمل القوانين ومنظومات العمل والإنتاج والاستثمار.
توظيف سياسي
وقد تناقلت بعض الجهات خبر الأسعار النارية لبعض المواد المدرسية لتحوله إلى "حطب" أو وقود تراهن عليه في سياق الصراع السياسي الذي يميز الوضع والمشهد السياسيين في تونس اليوم، ليكون العامل الذي يدفع الشارع التونسي للتحرك ضد الارتفاع المشط في الأسعار خلال المرحلة القادمة.
ليفتح بذلك هذا الملف مسألة غلاء الأسعار وعدم قدرة الجهات الرسمية السيطرة على الوضع رغم المراسيم الرئاسية الصادرة في إطار مقاومة المضاربة والاحتكار والتلاعب بالأسعار، فضلا عن القرارات التي اتخذتها الوزارات والجهات المعنية في علاقة بأسعار المواد الغذائية والخضر والغلال والملابس والأدوية وغيرها لتدخل الأدوات واللوازم المدرسية على خط الأسعار من نار التي تكبل ميزانية أغلب العائلات وتؤرق خاصة ذوي الدخل المحدود والمنتمين للأوساط الاجتماعية المتوسطة والفقيرة بالأساس. إذ تؤكد عديد المؤشرات أن نسبة المنقطعين عن التعليم والدراسة في مراحل عمرية ابتدائية وثانوية تنتمي في أغلبها لهذه الطبقة وأن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحدودة هي العامل الأول لحرمان آلاف من أبناء تونس من الدراسة في مراحل تعليمية مبكرة.
نزيهة الغضباني
تونس – الصباح
أثار تصريح وزير التربية فتحي السلاوتي حول سعر الكتاب المدرسي وما عرفه طيلة العام من جدل واستنكار وقراءات وردود أفعال مختلفة بسبب صفقة طباعته بتركيا، فتح باب الجدل حول "سوق" العودة المدرسية مبكرا أي قبل شهر ونصف تقريبا من نهاية العطلة المدرسية وانطلاق الموسم الدراسي الجديد 2022/2023 وذلك بعد تأكيد رئيس الغرفة الوطنية للكتبيين باتّحاد الصناعة والتجارة والصناعات التقليدية جمال الدين دردور أن الأدوات المدرسية ستشهد ارتفاعا في الأسعار يتراوح بين 15 و20% خلال الموسم الدراسي المقبل. ليفتح بذلك المجال للحديث والجدل حول إحدى أهم المسائل والمواضيع التي كثيرا ما تشغل الأسر والعائلات التونسية.
فبعد أن أكد فتحي السلاوتي، وزير التربية في تصريح إعلامي مؤخرا أنه لا وجود لأي زيادة في أسعار الكتاب المدرسي في الموسم الدراسي المقبل، وأنه ستتم المحافظة على نفس الأسعار التي تم اعتمادها في العام المنقضي، وذلك في رسالة طمأنة للتونسيين الذين اكتووا بنار الارتفاع المشط في الأسعار وتخوف البعض من العودة المدرسية تحديدا على اعتبار أن الالتزام بتدريس الأبناء تظل من أولويات التونسيين، جاء رد بعض المهنيين الآنف ذكره فكان وقعه على الرأي العام بمثابة رجة حركت حفيظة بعض الأولياء من ناحية ومهدت للعاملين والناشطين في مجال كل ما له علاقة باللوازم المدرسية للخوض في مسائل ذات صلة بهذا الجانب من ناحية أخرى.
ويذكر أنه خلال شهر أفريل الماضي أعلنت وزارة التربية عن فوز شركة طباعة تركية بصفقة طباعة الكتاب المدرسي التونسي وذلك بعد عدم الوصل إلى اتفاق في الغرض مع شركات الطباعة التونسية بسبب ارتفاع المبلغ الذي طلبته والذي يعتبر تعجيزيا بالنسبة لوزارة التربية. وعللت الوزارة توجهها إلى طلب عروض طباعة أجنبي واختيار تركيا لكون السعر الذي طلبته أقل مما هو مطلوب ومعروض وبما يحافظ على سعر الكتاب في هذا الموسم الدراسي. وتضمن بيان صادر عن نفس الوزارة أكد أن المركز الوطني البيداغوجي اضطر إلى "إصدار طلب عروض دولي حتى يحافظ على المقدرة الشرائية للمواطن التونسي، بتوفير الكتب المدرسية بأسعار السنة الماضية نفسها، مراعاة للمصلحة الفضلى للتلميذ". وأوضح المركز أنه "في صورة قبوله بالعروض المالية للمطابع التونسية فإنه سيضطرّ إلى رفع سعر الكتاب المدرسي بنسبة تتجاوز 30 في المائة حتى يمكنه تسديد قيمة الصفقة"، وهو ما يتنافى وسياسة الدولة وحرص الوزارة على التحكم في الأسعار. وحول هذه المسألة أكد السلاوتي بالقول: " أجبرنا على طباعة الكتاب المدرسي في الخارج "من سوء الحظ" حفاظا على المقدرة الشرائية للمواطن لا غير". في سياق متصل أكد وزير التربية مؤخرا أن 99 % من الكتب الخاصة بالموسم الدراسي القادم جاهزة وهي موجودة في مخازن وزارة التربية، وقد انطلقت الوزارة في توزيعها.
وذهبت بعض القراءات إلى أن خروج رئيس الغرفة الوطنية للكتبيين للتأكيد على الزيادة مباشرة بعد تصريح وزير التربية حول المحافظة على سعر الكتاب المدرسي، لتزف للجميع خبر الزيادة المشطة في أسعار الكراس المدرسي وغيرها من أسعار لوازم الأدوات المدرسية، لم يكن أمرا اعتباطيا وإنما يتنزل في خانة الخلاف القائم بين سلطة الإشراف من ناحية وبعض المهنيين من ناحية أخرى والسبب الرئيسي لذلك الخلاف هي صفقة طباعة الكتب المدرسية.
ويذكر أنّ رئيس غرفة الكتبيين أفاد أيضا أن الكراس المدرسي غير المدعم سيشهد ارتفاعا مشطا في الأسعار مقارنة بالسنوات الفارطة واستشهد في حديثه عن ذلك بكراس عدد 24 الذي قفز سعره من 1080 مي للسنة الفارطة إلى 1745 مي لهذه السنة، موضحا أن هذه الزيادة المرتفعة تنطبق على كل أنواع وأحجام الكراس المدرسي. وأرجع دردور ذلك إلى ارتفاع سعر تكلفة الكراس من المصنع بسبب النقص الفادح في مادّة الورق وارتفاع سعر توريده. والأمر لا يتوقف عند هذا الجانب بل يشمل أيضا كذلك الكتاب الموازي. فقد أكّد رئيس غرفة الكتبيين في نفس التصريح الإعلامي أنّ كلفة الكتاب الموازي عرفت ارتفاعا خلال الثلاثية الأخيرة من السنة الدراسية الماضية وهو مؤشر ليشهد سعره ارتفاعا مضاعفا خلال هذه السنة، وفق تقديره. وقد لاقت هذه التصريحات ردود أفعال عديد الجهات بين من يستنكر سياسة استنزاف إمكانيات المواطن ومساعي التعجيز عن تدريس الناشئة وبين من يعتبرها تأكيدا لعجز لسلطة الإشراف على وضع حد لنزيف الغلاء في الأسعار الذي ما انفكت تسجله مختلف القطاعات والمجالات في السنوات الأخيرة وبين مواقف أخرى تنزله في سياق التوظيف السياسي خاصة أمام إصرار رئيس الجمهورية على القيام بإصلاحات جذرية للدولة تشمل القوانين ومنظومات العمل والإنتاج والاستثمار.
توظيف سياسي
وقد تناقلت بعض الجهات خبر الأسعار النارية لبعض المواد المدرسية لتحوله إلى "حطب" أو وقود تراهن عليه في سياق الصراع السياسي الذي يميز الوضع والمشهد السياسيين في تونس اليوم، ليكون العامل الذي يدفع الشارع التونسي للتحرك ضد الارتفاع المشط في الأسعار خلال المرحلة القادمة.
ليفتح بذلك هذا الملف مسألة غلاء الأسعار وعدم قدرة الجهات الرسمية السيطرة على الوضع رغم المراسيم الرئاسية الصادرة في إطار مقاومة المضاربة والاحتكار والتلاعب بالأسعار، فضلا عن القرارات التي اتخذتها الوزارات والجهات المعنية في علاقة بأسعار المواد الغذائية والخضر والغلال والملابس والأدوية وغيرها لتدخل الأدوات واللوازم المدرسية على خط الأسعار من نار التي تكبل ميزانية أغلب العائلات وتؤرق خاصة ذوي الدخل المحدود والمنتمين للأوساط الاجتماعية المتوسطة والفقيرة بالأساس. إذ تؤكد عديد المؤشرات أن نسبة المنقطعين عن التعليم والدراسة في مراحل عمرية ابتدائية وثانوية تنتمي في أغلبها لهذه الطبقة وأن الظروف الاجتماعية والاقتصادية المحدودة هي العامل الأول لحرمان آلاف من أبناء تونس من الدراسة في مراحل تعليمية مبكرة.