إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

اعتبرتها تدخلا سافرا في الشأن التونسي.. موجة تنديد واسعة بالتصريحات الأمريكية... ومطالبة بتعليق تعيين السفير المرتقب

 

 

• وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيّس: رد فعل السلطات التونسية كان في مستوى الوقاحة الأمريكية

تونس- الصباح

أثار تصريحات مسؤولين أمريكيين في إدارة بايدن مؤخرا خاصة منها تصريح المرشح لمنصب السفير الأمريكي بتونس جوي هود، أمام الكونغرس الأمريكي بخصوص تطورات الوضع السياسي بتونس، وما تزال الكثير من ردود الأفعال المحلية المُدينة لما اعتبرته أحزابا ومنظمات وهيئات وطنية تدخلا سافرا في الشأن الوطني الداخلي وانتهاكا صارخا للسيادة الوطنية.

كما كان موقف رئاسة الجمهورية، وتحرك الدبلوماسية التونسية حازما وقويا وله وقع المفاجأة خاصة على المستوى الدولي خاصة بعد استدعاء وزير الخارجية عثمان الجارندي المكلفة بأعمال السفارة الأمريكية للتعبير عن رفض الدولة التونسية للتصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين المسيئة لتونس وللعلاقات التونسية الأمريكية..

وفي تحرك لافت، قام أول أمس وزير الخارجية باستدعاء القائمة بالأعمال بالنيابة بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس وذلك على إثر البيان الصحفي الصادر عن وزير الخارجية الأمريكي بشأن المسار السياسي في تونس وأيضا التصريحات -غير المقبولة- التي أدلى بها السفير المعيّن ببلادنا أمام الكونغرس الأمريكي، خلال تقديمه "لبرنامج عمله"، وهي تصريحات تتعارض كليا مع أحكام ومبادئ اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بحسب بلاغ أصدرته الوزارة.

وأبلغ الجرندي، وفق نص البلاغ القائمة بالأعمال استغراب تونس الشديد من هذه التصريحات والبيانات التي لا تعكس إطلاقا حقيقة الوضع في تونس أو الجهود المبذولة منذ 25 جويلية 2021 لإعادة هيكلة وتأهيل الحياة السياسية على أسس صحيحة ومتينة لإصلاح تراكمات العشرية السابقة في وقت قياسي وبناء نظام ديمقراطي حقيقي، قوامه العدل والمساواة وحقوق الإنسان التي يضمنها الدستور الجديد بما يستجيب لتطلعات الشعب التونسي.

وأضاف أن هذا الموقف الأمريكي لا يعكس بأي شكل من الأشكال روابط الصداقة التي تجمع البلدين وعلاقات الاحترام المتبادل بينهما وهو تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي الوطني.

وأكد الوزير أن تونس، بناء على ثوابت سياستها الخارجية، حريصة على الحفاظ على علاقات متميزة مع جميع الدول على حد سواء، وفقا لما تتطلبه العلاقات الدولية القائمة على المساواة بين الدول، وهي متمسكة بسيادتها الوطنية وباستقلال قرارها وترفض أي تشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه أو في خيارات شعبها وإرادته التي عبر عنها من خلال صندوق الاقتراع بأغلبية واسعة وفي كنف النزاهة والشفافية، وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها وبشهادة الملاحظين الدوليين الذين رافقوا سير الاستفتاء.

وأشار إلى أن تونس قد برهنت في جميع المناسبات على تمسكها بحقوق الإنسان والحريات ومزيد دعمها وتطويرها وساهمت ضمن أجهزة المنتظم الأممي في إثراء منظومة حقوق الإنسان بمبادرات وقرارات دولية جعلت منها دولة رائدة إقليميا ودوليا في هذا المجال يشهد لها الجميع بالمصداقية والانحياز الدائم والثابت للمبادئ الكونية المشتركة.

وفي سياق متصل، كان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد شدد لدى استقباله وزير الخارجية الجارندي في نفس اليوم، على أن تونس دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة، وأن سيادتنا واستقلالنا فوق كل اعتبار، حسب بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

رفض التدخل في الشأن الوطني

وأكد سعيد أن من بين المبادئ التي يقوم عليها القانون الدّولي مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وشدّد على استقلال القرار الوطني ورفضه لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الوطني، وأنه لا صوت يعلو في بلادنا فوق صوت الشعب، فالدولة التونسية تتساوى في السيادة مع كل الدول كما تنص على ذلك مبادئ القانون الدولي، وأن السيادة داخل الدولة هي للشعب التونسي الذي قدّم آلاف الشهداء من أجل الاستقلال والكرامة الوطنية.

وكان جوي هود المرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى تونس قد كشف أن تصرفات الرئيس قيس سعيد خلال العام الماضي المتمثلة في تعليق الحكم الديمقراطي وتعزيز السلطة التنفيذية أثارت تساؤلات جدية وان الولايات المتحدة دعت بالتنسيق مع شركائها في مجموعة السبعة إلى العودة السريعة إلى الحكم الديمقراطي.

وأضاف “لقد حثثنا على عملية إصلاح ديمقراطي شامل وشددنا على الحماية المستمرة للحريات الأساسية وأصررنا على احترام استقلال القضاء وسيادة القانون لذلك سنواصل مراجعة برامج المساعدة الخاصة للتأكد من أنها تتماشى مع أهداف سياستنا وقيمة التسليم لدافع الضرائب الأمريكي مع الحفاظ على شراكة طويلة الأجل والتقدم المحرز من خلال مساعدتنا السابقة لتونس. وسأستخدم جميع أدوات النفوذ الأمريكي للدعوة إلى العودة إلى الحكم الديمقراطي".

وسياق متصل، شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني ج. بلينكن بيان نشرته صفارة بلاده بتونس الخميس 28 جويلية، على أن بلاده “تشاطر العديد من التونسيين انشغالهم من تقييد المسار المنتهج في صياغة الدستور الجديد مجال النقاش الحقيقي” معتبرا انه يمكن “للدستور الجديد أن يضعف الديمقراطية في تونس” ويَحُد من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية” مشيرا إلى تدني نسبة المشاركة في “استفتاء تونس على الدستور يوم 25 جويلية".

وابرز بلينكن أن “قيام عملية إصلاح جامعة شفافة هو أمر جوهري للشروع في استعادة ثقة الملايين من التونسيين الذين لم يشاركوا في الاستفتاء أو عارضوا الدستور الجديد” داعيا إلى “الإسراع بإقرار قانون انتخابي جامع من شأنه أن ييسر أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها شهر ديسمبر، وان تشمل من عارض أو قاطع الاستفتاء على الدستور".

وقال إن “تونس شهدت على مدار العام الماضي تراجعا مفزعا عن المعايير الديمقراطية ونقضت العديد من المكاسب التي قدّم من أجلها التونسيون التضحيات الجسام منذ عام 2011. لقد أثار تعليق الحكم الدستوري واستحكام السلطة التنفيذية وإضعاف المؤسسات المستقلة منذ تاريخ 25 جويلية 2021 تساؤلات عميقة داخل تونس وخارجها حول مسارها الديمقراطي".

ونادرا ما تلجأ الدبلوماسية التونسية إلى آلية استدعاء السفراء للاحتجاج عن موقف معين لبعض الدول المسيئة لتونس، لكن استدعاء وزارة الخارجية للقائمة بالنيابة بأعمال السفارة الأمريكية لإبلاغها برفض تونس للتصريحات وبيانات مسؤولين أمريكيين حول المسار السياسي في البلاد، إجراء معمول به في العلاقات الدبلوماسية عندما تبرز توترات في العلاقات بين بلدين.

وهذا الإجراء هو أعلى درجة من الاستدعاء لطلب توضيحات واقل درجة من الاستدعاء لإبلاغ الدبلوماسي المعني بالأمر بأنه أصبح غير مرغوب فيه، لكنه يبقى إجراء يشير إلى توتر العلاقة.

ويأتي استدعاء القائمة بالنيابة بأعمال السفارة الأمريكية بتونس، بعد أشهر من استقبال الرئيس سعيد السفير الأمريكي السابق دونالد بلوم (في أكتوبر 2021) ليعرب له عن استياء الدولة التونسية من إدراج الأوضاع في تونس في جدول أعمال الكونغرس الأمريكي.

وقال سعيد وقتها للسفير الأمريكي، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية، إن "العلاقات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية ستبقى قوية رغم أن عددا من التونسيين يحاولون تشويه ما يحصل في تونس ويجدون من يصغي إليهم في الخارج".

رد فعل تونسي في مستوى الوقاحة الأمريكية

وتعليقا على رد فعل رئاسة الجمهورية بشأن تصريحات المسؤولين الأمريكيين واستدعاء القائمة بأعمال السفارة الأمريكية بتونس، اعتبر وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيّس أن تحركات الدبلوماسية التونسية جاءت على مستوى الوقاحة الأمريكية.

ولفت ونيس في تصريح لراديو "ديوان اف ام"، إلى أن هذه لا تعد المرة الأولى التي تستدعي فيها تونس سفيرا أمريكيا لديها للاحتجاج، مشيرا إلى أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قام سابقا باستدعاء السفير الأمريكي لدى تونس للاحتجاج على تصريح الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان بعد أحداث حمام الشاطئ.

وبخصوص التداعيات المحتملة للاحتجاج التونسي على الولايات المتحدة قال إن تونس تعلم جيدا أن هناك إمكانية لتصعيد الموقف الأمريكي وأخذت ذلك في الحسبان، مشددا على أن احتجاج تونس مبني على ذلك.

الملفت للانتباه، أن وزير الخارجية الأسبق اعتبر أن “أخطر ما في التصريحات الأمريكية هو حديث المرشح الأمريكي للإشراف على سفارة بلاده بتونس عن “اتفاقية ابراهيم” التي تربط بين التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وتخفيف الأزمات المالية التي تمر بها بعض الدول العربية".

ونقلت إذاعة “شمس أف أم” عن ونيس قوله إن “تجرّأ السفير المرتقب على ربط هذا الاحتمال بالشأن التونسي مسألة خطيرة تستدعي موقفا جريئا وقويا من تونس” ملاحظا أن موقف رئيس الجمهورية أمس الجمعة يتعلق بهذه النقطة.

وأضاف إن رد فعل تونس كان قويا على هذه التصريحات مشيرا إلى أن موقف وزير الخارجية الأمريكية ليس بالجديد وانه يتطابق مع مواقف رسمية لمسؤولين أمريكيين حول الخيارات الدستورية الحالية في تونس .

واعتبر أن الإشارة لاتفاقيات ابراهيم خطوة جديدة في الموقف الأمريكي مع تونس.

يشار إلى أن اتفاقيات ابراهيم هو اسم تطلقه تل أبيب وواشنطن على مجموعة من اتفاقيات السلام التي عقدت بين الكيان الصهيوني ودول عربية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية.

أحزاب ومنظمات تدين وتطالب برد قوي

من أبرز الأحزاب التي أدانت تصريحات المرشح لمنصب السفير الأمريكي بتونس نذكر حزب العمال، حركة البعث، حركة الشعب، ومن بين المنظمات الوطنية الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والاتحاد العام التونسي للشغل.

لتنضم مجموعة أخرى من منظمات المجتمع المدني (11 جمعية ومنظمة) لإدانة التدخل الأمريكي، في بيان مشترك أصدرته أمس، واعتبرت أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية وخطاب المرشح لمنصب سفير أمريكا بتونس يمثلان تدخلا صارخا في الشأن الوطني الداخلي التونسي وتعديا على السيادة الوطنية.

 ووصفت الجمعيات الموقعة على البيان ومنها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن تلك التصريحات تتعارض مع الأعراف الدبلوماسية وتخرق أحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تضبط علاقة بلادنا بكم وتمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما أدانت الجمعيات منهج المساومة واستغلال الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد للضغط عليها.

اتحاد الشغل يطالب برد حازم وقوي

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد أدان في بيان أصدره أمس التصريحات المتكرّرة للمسؤولين الأجانب عن الوضع في تونس معبرا عن رفضه التدخل في الشؤون التونسية.

ونبه من التدخّل الذي قال انه “لم يقتصر على التصريحات” معتبرا انه “تجاوزها إلى تنقّل السفراء والقائمين بأعمال السفارات في كامل أرجاء البلاد بلا حسيب أو رقيب وإلى ما تمارس بعض الدول على التونسيين من انتهاكات بخصوص تأشيرات السفر أو الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين غير النظاميين بتواطؤ مع السلطات التونسية ومن خلال الضغوطات الدولية لفرض تطبيع تونس مع الكيان الصهيوني”.

وطالب اتحاد الشغل السلطات التونسية بـ”موقف حازم وقوي” و"إذا لزم الأمر تعليق اعتماد السفير الأمريكي الجديد"، كما دعاها إلى وضع حدّ لهذه الانتهاكات وتجسيد إرادة الشعب الحقيقية في رفض التعدّي على تونس بأيّ شكل من الأشكال.”

وندّد بـ”تعمّد بعض القوى السياسية الداخلية الاستنجاد بالدّول الأجنبية لاستعادة الحكم والعودة إلى حقبة الفساد والإرهاب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وضياع السيادة الوطنية عبر الاصطفاف بالأحلاف والخضوع لتعليمات الدول”.

وأكد أنّ السياسات المتّبعة للسلط المتعاقبة هي التي “أتاحت للقوى الخارجية الفرصة للتدخّل في الشأن الوطني” معتبرا إن ذلك يعود لـ”إتباع مسار إصلاح انفرادي ومتعرّج ومتردّد وسياسات التداين المفرطة وطلب المساعدات المذلّة والخضوع المشين لتعليمات الصناديق الدولية المانحة والتطبيق الأعمى لإملاءاتها مثلما يحدث هذه الأيام مع صندوق النقد الدولي".

وشددت المنظمة الشغيلة على حقّ كل المواطنين في “النقد والاحتجاج وإبداء الرأي في الشأن الوطني والمشاركة فيه بعيدا عن الاستقواء بالخارج”، مؤكدا أنّه “لا حلّ لمشاكل الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس خارج المبادرة التونسية” مشيرا إلى أن ذلك يتم بـ”مراجعة حقيقية لكلّ الانحرافات والأخطاء التي أدّت إلى إهدار الفرصة التاريخية لإصلاح الأوضاع ومعالجة آثار حقبات متعاقبة من التفرد بالرأي والتخبّط والتمييز والحيف الاجتماعي من أجل الارتقاء بحياة التونسيين نحو الأفضل والأعدل وضمان سيادة حقيقية غير خاضعة للضغوط والابتزاز".

هيئة المحامين ترفض التهديد المبطن والمساومة

وفي بيان نشره أول أمس، اعتبر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس أن بيان الخارجية الأمريكية وتصريحات السفير الأمريكي بتونس تمثل تدخلا سافرا وفجّا في الشأن الوطني الداخلي التونسي وتعديا على السيادة الوطنية، يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية وينتهك أحكام المادة3 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تنظم مهام البعثات الدبلوماسية والمادة 41 التي تحجر على الممثل الدبلوماسي التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

واستهجن مجلس الهيئة الإشارات المبطنة للجيش الوطني التونسي محذّرا من أي تدخل في تكوين عقيدته أو تحديد أدواره ومهامه باعتباره درع البلاد وسندها والحامي لوحدتها وسلامتها من أي اعتداء على مصالحها أو تدخل أجنبي في قرارها.

كما عبّر عن رفضه أسلوب التهديد المبطن المساومة الذي يقرن مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لتونس في تخطي الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بشرط اندماجها في مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني والالتزام بالأولويات الأمنية الأمريكية. وأكد المجلس دعمه لحق الشعب العربي في فلسطين في تقرير مصيره وتحرير بلاده وأن الشعب التونسي له من الموارد والطاقات والقدرات الكفيلة بضمان استقلالية قراره وسیادته على موارده متى توفرت العزيمة الوطنية الحرة والإرادة الصادقة .

وجدد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين إدانته بشدة التدخل الأمريكي في الشأن الوطني القائم على منهج المساومة واستغلال الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد لفرض خيارات معينة تخدم مصالحه.

وأكد دعمه لإجراءات 25 جويلية 2021 الرامية لتصحيح مسار الثورة التونسية بما يتناسب و تطلعات الشعب التونسي في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية واستقلالية القرار الوطني.

اتحاد عمال تونس يندد

ندد اتحاد عمال تونس "بمواصلة الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الغربية، التدخل السافر والعلني في شؤون تونس واستقلالها مستغلة تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية من اجل الضغط على البلاد"

ودعا، في بيان له، "رئاسة الجمهورية الى عدم الرضوخ الى املاءات صندوق النقد الدولي ومن وراءه الدول الاجنبية التي تسعى الى التدخل في الشان الاجتماعي والاقتصادي التونسي، والعمل على اختيار الفريق الصحيح باعتبار ان العالم يشهد تغيرا واضحا متعدد الاقطاب والتخلي عن الدول التي اصبحت تشهد تدهورا اقتصاديا والتوجه الى القوى العظمى الجديدة".

وطالبت المنظمة العمالية، رئاسة الجمهورية، بفتح حوار سياسي جامع يضم كل المنظمات والجمعيات والاحزاب والشخصيات الوطنية، التي لم تتورط في الفساد السياسي والمالي او في الاستقواء بالقوى الخارجية من اجل تكوين جبهة وطنية تعمل على انقاذ الاقتصاد وتكريس دولة مدنية ديمقراطية عادلة.

حركة تونس إلى الأمام: تدخلات أمريكية سافرة في الشأن الداخلي

بدورها، أدانت حركة تونس إلى الأمام، في بيان لها، بشدّة ما وصفته بـ"التدخّلات السّافرة للخارجية الأمريكية في الشأن الداخلي، والتّعامل مع الشعب التونسي بمنطق الوصاية".

واعتبرت الحركة، أنّ حملات التّشكيك والتّخوين التي ما انفكّت تروّج لها أطراف داخلية عبر لجوئها المتكرّر للقوى الأجنبية والاستقواء بها، "كانت من الأسباب الرئيسية التي شرّعت للتّطاول على استقلالية قرار تونس وسيادة خياراتها"، مشيرة إلى انخراط مناضلي الحركة مع الشعب والقوى الوطنية في الدّفاع عن تونس المستقلة.

وأكدت أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية، التي تدّعي الدّفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، "هي التي قادت وتقود كلّ السياسات التي دمّرت الشّعوب في العراق وفلسطين وأفغانستان وسوريا، وهي التي دعّمت قوى الإرهاب في محاولة لبسط نفوذها على خيرات الشّعوب والأمم المضطهدة ومقدّراتها"، وفق نص البيان.

كما لاحظت أن تدخلات الولايات المتّحدة المتكرّرة وتوظيفها للمؤسّسات المالية الدولية للضّغط على تونس، "تتنزّل في محاولة جرّ تونس وشعبها إلى التّطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين والأراضي العربية".

حزب العمال: مسار العمالة مستمر بعد الثورة

أما حزب العمال، فقد دعا في بيان أصدره أول أمس، إلى "مناهضته لكافة أشكال التدخل الإمبريالي والخارجي في تونس"، على خلفية تصريحات وزير الشؤون الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، بخصوص الاستفتاء على الدستور الجديد.

واعتبر الحزب أن "الإمبريالية عموما والأمريكية تحديدا والتي ما فتئت تزرع الخراب والدمار أينما حلّت، ليست مؤهلة لتقديم دروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان لأيّ كان".

ونبه إلى أنّ "مسار العمالة والتبعية وتقديم التنازلات على حساب السيادة الوطنية والقضايا المبدئية للشعب التونسي لم يتوقف، وإنما استمر بعد الثورة مع مختلف الحكومات المتعاقبة"، منتقدا ما اعتبره "استسلاما لإملاءات صندوق النقد الدولي"، وتنامي الحاجة لتمويل عجز ميزانية الدولة.

واعتبر أنّ منظومة الحكم الجديدة شأنها شأن التي سبقتها، "ماضية قدما في رعاية مصالح القوى الإمبريالية ووكلائها الإقليميين، في سبيل الاعتراف بها كسلطة قادرة على تحقيق البرامج الاقتصادية والاجتماعية والمخططات الإقليمية التي عجزت منظومات الحكم السابقة عن تنفيذها منذ 2011 .

ودعا كافة القوى السياسية والاجتماعية والمدنية الوطنية والتقدمية، إلى مزيد اليقظة والتعاون والتنسيق، للتصدي لكل ما يتربص بتونس من مشاريع وبرامج تنتهك سيادتها الوطنية والتزامات الشعب المبدئية بقضايا التحرر.

حركة البعث: جوي هود شخص غير مرغوب فيه في تونس

استهجنت حركة البعث، تصريحات بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية، ومن بينهم زير الخارجية، وخاصة المسؤول المرشح لشغل منصب سفير بتونس، اعتبارا لما أسمته ب"تنمرهم على البلاد بأقصى العبارات".

 وطالبت الحركة في بيان لها، نشرته أول أمس، السلطات التونسية، بعدم الموافقة على تعيين الأمريكي "جوي هود" كسفير جديد لبلاده بتونس، "واعتباره شخصا غير مرحب به".

وذكر الحزب هؤلاء المسؤولين الأمريكيين بأن "ادعاء الولايات المتحدة حماية الديمقراطية، هو في الأصل تلويح منها بالتهديد والضغط الاقتصادي على البلاد".

وأكدت حركة البعث "أن استقلالية القرار الوطني لتونس، استقلالية يجب أن تكون عماد النظام السياسي، كما كرسه الدستور الجديد".

وذكرت بأن دعم الحركة لمسار 25 جويلية "إنما كان لعدة اعتبارات، أهمها هذا الحس الوطني، وهذا السعي للقطع مع التبعية وأعوان الاستعمار الجديد".

واعتبرت الحركة في بيانها أن "التماهي مع هذا التدخل، وكل من يستقوي بالأجنبي ويخطط للاستفادة من هذا الخط والموقف الأمريكي الاستعماري، عملاء وخونة لتونس".

وفي نفس السياق، أكدت حركة الشعب، في بيان أصدرته أول أمس الجمعة، حول الاستفتاء على نص مشروع الدستور، أن بلوغ مسار 25 جويلية منتهاه "مشروط بالمسارعة بشكل تشاركي في حسم الملفات العالقة، وفي مقدمتها القانون الانتخابي"، معتبرة أن هذا الاستفتاء "ليس نهاية للمسار أو تتويجا له"، بقدر ما هو لبنة أولى وخطوة تأسيسية على درب بناء ما أسمتها "جمهورية الشعب".

وجددت الحركة في بيانها التأكيد على أنه لا مجال للسماح لأي طرف إقليمي أو دولي بالتدخل في الشأن الداخلي التونسي أو المس من استقلالية القرار الوطني، معتبرة أن البيانات الصادرة من بعض الدول تعد "تدخلا مرفوضا" شأنها شأن "كل الدعوات الداخلية للاستقواء بالقوى السياسية والمالية الدولية من أجل محاصرة الشعب ومحاولة تركعيه".

رفيق بن عبدالله 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

اعتبرتها تدخلا سافرا في الشأن التونسي..  موجة تنديد واسعة بالتصريحات الأمريكية... ومطالبة بتعليق تعيين السفير المرتقب

 

 

• وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيّس: رد فعل السلطات التونسية كان في مستوى الوقاحة الأمريكية

تونس- الصباح

أثار تصريحات مسؤولين أمريكيين في إدارة بايدن مؤخرا خاصة منها تصريح المرشح لمنصب السفير الأمريكي بتونس جوي هود، أمام الكونغرس الأمريكي بخصوص تطورات الوضع السياسي بتونس، وما تزال الكثير من ردود الأفعال المحلية المُدينة لما اعتبرته أحزابا ومنظمات وهيئات وطنية تدخلا سافرا في الشأن الوطني الداخلي وانتهاكا صارخا للسيادة الوطنية.

كما كان موقف رئاسة الجمهورية، وتحرك الدبلوماسية التونسية حازما وقويا وله وقع المفاجأة خاصة على المستوى الدولي خاصة بعد استدعاء وزير الخارجية عثمان الجارندي المكلفة بأعمال السفارة الأمريكية للتعبير عن رفض الدولة التونسية للتصريحات بعض المسؤولين الأمريكيين المسيئة لتونس وللعلاقات التونسية الأمريكية..

وفي تحرك لافت، قام أول أمس وزير الخارجية باستدعاء القائمة بالأعمال بالنيابة بسفارة الولايات المتحدة الأمريكية بتونس وذلك على إثر البيان الصحفي الصادر عن وزير الخارجية الأمريكي بشأن المسار السياسي في تونس وأيضا التصريحات -غير المقبولة- التي أدلى بها السفير المعيّن ببلادنا أمام الكونغرس الأمريكي، خلال تقديمه "لبرنامج عمله"، وهي تصريحات تتعارض كليا مع أحكام ومبادئ اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية بحسب بلاغ أصدرته الوزارة.

وأبلغ الجرندي، وفق نص البلاغ القائمة بالأعمال استغراب تونس الشديد من هذه التصريحات والبيانات التي لا تعكس إطلاقا حقيقة الوضع في تونس أو الجهود المبذولة منذ 25 جويلية 2021 لإعادة هيكلة وتأهيل الحياة السياسية على أسس صحيحة ومتينة لإصلاح تراكمات العشرية السابقة في وقت قياسي وبناء نظام ديمقراطي حقيقي، قوامه العدل والمساواة وحقوق الإنسان التي يضمنها الدستور الجديد بما يستجيب لتطلعات الشعب التونسي.

وأضاف أن هذا الموقف الأمريكي لا يعكس بأي شكل من الأشكال روابط الصداقة التي تجمع البلدين وعلاقات الاحترام المتبادل بينهما وهو تدخل غير مقبول في الشأن الداخلي الوطني.

وأكد الوزير أن تونس، بناء على ثوابت سياستها الخارجية، حريصة على الحفاظ على علاقات متميزة مع جميع الدول على حد سواء، وفقا لما تتطلبه العلاقات الدولية القائمة على المساواة بين الدول، وهي متمسكة بسيادتها الوطنية وباستقلال قرارها وترفض أي تشكيك في مسارها الديمقراطي الذي لا رجعة فيه أو في خيارات شعبها وإرادته التي عبر عنها من خلال صندوق الاقتراع بأغلبية واسعة وفي كنف النزاهة والشفافية، وفقا للمعايير الدولية المتعارف عليها وبشهادة الملاحظين الدوليين الذين رافقوا سير الاستفتاء.

وأشار إلى أن تونس قد برهنت في جميع المناسبات على تمسكها بحقوق الإنسان والحريات ومزيد دعمها وتطويرها وساهمت ضمن أجهزة المنتظم الأممي في إثراء منظومة حقوق الإنسان بمبادرات وقرارات دولية جعلت منها دولة رائدة إقليميا ودوليا في هذا المجال يشهد لها الجميع بالمصداقية والانحياز الدائم والثابت للمبادئ الكونية المشتركة.

وفي سياق متصل، كان رئيس الجمهورية قيس سعيد قد شدد لدى استقباله وزير الخارجية الجارندي في نفس اليوم، على أن تونس دولة حرّة مستقلّة ذات سيادة، وأن سيادتنا واستقلالنا فوق كل اعتبار، حسب بلاغ صادر عن رئاسة الجمهورية.

رفض التدخل في الشأن الوطني

وأكد سعيد أن من بين المبادئ التي يقوم عليها القانون الدّولي مبدأ حق الشعوب في تقرير مصيرها بنفسها وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول. وشدّد على استقلال القرار الوطني ورفضه لأي شكل من أشكال التدخل في الشأن الوطني، وأنه لا صوت يعلو في بلادنا فوق صوت الشعب، فالدولة التونسية تتساوى في السيادة مع كل الدول كما تنص على ذلك مبادئ القانون الدولي، وأن السيادة داخل الدولة هي للشعب التونسي الذي قدّم آلاف الشهداء من أجل الاستقلال والكرامة الوطنية.

وكان جوي هود المرشح لمنصب سفير الولايات المتحدة لدى تونس قد كشف أن تصرفات الرئيس قيس سعيد خلال العام الماضي المتمثلة في تعليق الحكم الديمقراطي وتعزيز السلطة التنفيذية أثارت تساؤلات جدية وان الولايات المتحدة دعت بالتنسيق مع شركائها في مجموعة السبعة إلى العودة السريعة إلى الحكم الديمقراطي.

وأضاف “لقد حثثنا على عملية إصلاح ديمقراطي شامل وشددنا على الحماية المستمرة للحريات الأساسية وأصررنا على احترام استقلال القضاء وسيادة القانون لذلك سنواصل مراجعة برامج المساعدة الخاصة للتأكد من أنها تتماشى مع أهداف سياستنا وقيمة التسليم لدافع الضرائب الأمريكي مع الحفاظ على شراكة طويلة الأجل والتقدم المحرز من خلال مساعدتنا السابقة لتونس. وسأستخدم جميع أدوات النفوذ الأمريكي للدعوة إلى العودة إلى الحكم الديمقراطي".

وسياق متصل، شدد وزير الخارجية الأمريكي أنتوني ج. بلينكن بيان نشرته صفارة بلاده بتونس الخميس 28 جويلية، على أن بلاده “تشاطر العديد من التونسيين انشغالهم من تقييد المسار المنتهج في صياغة الدستور الجديد مجال النقاش الحقيقي” معتبرا انه يمكن “للدستور الجديد أن يضعف الديمقراطية في تونس” ويَحُد من احترام حقوق الإنسان والحريات الأساسية” مشيرا إلى تدني نسبة المشاركة في “استفتاء تونس على الدستور يوم 25 جويلية".

وابرز بلينكن أن “قيام عملية إصلاح جامعة شفافة هو أمر جوهري للشروع في استعادة ثقة الملايين من التونسيين الذين لم يشاركوا في الاستفتاء أو عارضوا الدستور الجديد” داعيا إلى “الإسراع بإقرار قانون انتخابي جامع من شأنه أن ييسر أوسع مشاركة ممكنة في الانتخابات التشريعية المزمع إجراؤها شهر ديسمبر، وان تشمل من عارض أو قاطع الاستفتاء على الدستور".

وقال إن “تونس شهدت على مدار العام الماضي تراجعا مفزعا عن المعايير الديمقراطية ونقضت العديد من المكاسب التي قدّم من أجلها التونسيون التضحيات الجسام منذ عام 2011. لقد أثار تعليق الحكم الدستوري واستحكام السلطة التنفيذية وإضعاف المؤسسات المستقلة منذ تاريخ 25 جويلية 2021 تساؤلات عميقة داخل تونس وخارجها حول مسارها الديمقراطي".

ونادرا ما تلجأ الدبلوماسية التونسية إلى آلية استدعاء السفراء للاحتجاج عن موقف معين لبعض الدول المسيئة لتونس، لكن استدعاء وزارة الخارجية للقائمة بالنيابة بأعمال السفارة الأمريكية لإبلاغها برفض تونس للتصريحات وبيانات مسؤولين أمريكيين حول المسار السياسي في البلاد، إجراء معمول به في العلاقات الدبلوماسية عندما تبرز توترات في العلاقات بين بلدين.

وهذا الإجراء هو أعلى درجة من الاستدعاء لطلب توضيحات واقل درجة من الاستدعاء لإبلاغ الدبلوماسي المعني بالأمر بأنه أصبح غير مرغوب فيه، لكنه يبقى إجراء يشير إلى توتر العلاقة.

ويأتي استدعاء القائمة بالنيابة بأعمال السفارة الأمريكية بتونس، بعد أشهر من استقبال الرئيس سعيد السفير الأمريكي السابق دونالد بلوم (في أكتوبر 2021) ليعرب له عن استياء الدولة التونسية من إدراج الأوضاع في تونس في جدول أعمال الكونغرس الأمريكي.

وقال سعيد وقتها للسفير الأمريكي، وفق بلاغ رئاسة الجمهورية، إن "العلاقات بين تونس والولايات المتحدة الأمريكية ستبقى قوية رغم أن عددا من التونسيين يحاولون تشويه ما يحصل في تونس ويجدون من يصغي إليهم في الخارج".

رد فعل تونسي في مستوى الوقاحة الأمريكية

وتعليقا على رد فعل رئاسة الجمهورية بشأن تصريحات المسؤولين الأمريكيين واستدعاء القائمة بأعمال السفارة الأمريكية بتونس، اعتبر وزير الخارجية الأسبق أحمد ونيّس أن تحركات الدبلوماسية التونسية جاءت على مستوى الوقاحة الأمريكية.

ولفت ونيس في تصريح لراديو "ديوان اف ام"، إلى أن هذه لا تعد المرة الأولى التي تستدعي فيها تونس سفيرا أمريكيا لديها للاحتجاج، مشيرا إلى أن الرئيس الراحل الحبيب بورقيبة قام سابقا باستدعاء السفير الأمريكي لدى تونس للاحتجاج على تصريح الرئيس الأمريكي السابق رونالد ريغان بعد أحداث حمام الشاطئ.

وبخصوص التداعيات المحتملة للاحتجاج التونسي على الولايات المتحدة قال إن تونس تعلم جيدا أن هناك إمكانية لتصعيد الموقف الأمريكي وأخذت ذلك في الحسبان، مشددا على أن احتجاج تونس مبني على ذلك.

الملفت للانتباه، أن وزير الخارجية الأسبق اعتبر أن “أخطر ما في التصريحات الأمريكية هو حديث المرشح الأمريكي للإشراف على سفارة بلاده بتونس عن “اتفاقية ابراهيم” التي تربط بين التطبيع مع دولة الاحتلال الإسرائيلي وتخفيف الأزمات المالية التي تمر بها بعض الدول العربية".

ونقلت إذاعة “شمس أف أم” عن ونيس قوله إن “تجرّأ السفير المرتقب على ربط هذا الاحتمال بالشأن التونسي مسألة خطيرة تستدعي موقفا جريئا وقويا من تونس” ملاحظا أن موقف رئيس الجمهورية أمس الجمعة يتعلق بهذه النقطة.

وأضاف إن رد فعل تونس كان قويا على هذه التصريحات مشيرا إلى أن موقف وزير الخارجية الأمريكية ليس بالجديد وانه يتطابق مع مواقف رسمية لمسؤولين أمريكيين حول الخيارات الدستورية الحالية في تونس .

واعتبر أن الإشارة لاتفاقيات ابراهيم خطوة جديدة في الموقف الأمريكي مع تونس.

يشار إلى أن اتفاقيات ابراهيم هو اسم تطلقه تل أبيب وواشنطن على مجموعة من اتفاقيات السلام التي عقدت بين الكيان الصهيوني ودول عربية برعاية الولايات المتحدة الأمريكية.

أحزاب ومنظمات تدين وتطالب برد قوي

من أبرز الأحزاب التي أدانت تصريحات المرشح لمنصب السفير الأمريكي بتونس نذكر حزب العمال، حركة البعث، حركة الشعب، ومن بين المنظمات الوطنية الرابطة التونسية لحقوق الإنسان، والهيئة الوطنية للمحامين التونسيين، والاتحاد العام التونسي للشغل.

لتنضم مجموعة أخرى من منظمات المجتمع المدني (11 جمعية ومنظمة) لإدانة التدخل الأمريكي، في بيان مشترك أصدرته أمس، واعتبرت أن البيان الصادر عن وزارة الخارجية الأمريكية وخطاب المرشح لمنصب سفير أمريكا بتونس يمثلان تدخلا صارخا في الشأن الوطني الداخلي التونسي وتعديا على السيادة الوطنية.

 ووصفت الجمعيات الموقعة على البيان ومنها الرابطة التونسية للدفاع عن حقوق الإنسان، النقابة الوطنية للصحفيين التونسيين، الجمعية التونسية للنساء الديمقراطيات، والمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، أن تلك التصريحات تتعارض مع الأعراف الدبلوماسية وتخرق أحكام اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تضبط علاقة بلادنا بكم وتمنع التدخل في الشؤون الداخلية للدول. كما أدانت الجمعيات منهج المساومة واستغلال الظرف الاقتصادي الصعب الذي تمر به البلاد للضغط عليها.

اتحاد الشغل يطالب برد حازم وقوي

وكان الاتحاد العام التونسي للشغل قد أدان في بيان أصدره أمس التصريحات المتكرّرة للمسؤولين الأجانب عن الوضع في تونس معبرا عن رفضه التدخل في الشؤون التونسية.

ونبه من التدخّل الذي قال انه “لم يقتصر على التصريحات” معتبرا انه “تجاوزها إلى تنقّل السفراء والقائمين بأعمال السفارات في كامل أرجاء البلاد بلا حسيب أو رقيب وإلى ما تمارس بعض الدول على التونسيين من انتهاكات بخصوص تأشيرات السفر أو الترحيل القسري للمهاجرين التونسيين غير النظاميين بتواطؤ مع السلطات التونسية ومن خلال الضغوطات الدولية لفرض تطبيع تونس مع الكيان الصهيوني”.

وطالب اتحاد الشغل السلطات التونسية بـ”موقف حازم وقوي” و"إذا لزم الأمر تعليق اعتماد السفير الأمريكي الجديد"، كما دعاها إلى وضع حدّ لهذه الانتهاكات وتجسيد إرادة الشعب الحقيقية في رفض التعدّي على تونس بأيّ شكل من الأشكال.”

وندّد بـ”تعمّد بعض القوى السياسية الداخلية الاستنجاد بالدّول الأجنبية لاستعادة الحكم والعودة إلى حقبة الفساد والإرهاب والأزمات الاقتصادية والاجتماعية وضياع السيادة الوطنية عبر الاصطفاف بالأحلاف والخضوع لتعليمات الدول”.

وأكد أنّ السياسات المتّبعة للسلط المتعاقبة هي التي “أتاحت للقوى الخارجية الفرصة للتدخّل في الشأن الوطني” معتبرا إن ذلك يعود لـ”إتباع مسار إصلاح انفرادي ومتعرّج ومتردّد وسياسات التداين المفرطة وطلب المساعدات المذلّة والخضوع المشين لتعليمات الصناديق الدولية المانحة والتطبيق الأعمى لإملاءاتها مثلما يحدث هذه الأيام مع صندوق النقد الدولي".

وشددت المنظمة الشغيلة على حقّ كل المواطنين في “النقد والاحتجاج وإبداء الرأي في الشأن الوطني والمشاركة فيه بعيدا عن الاستقواء بالخارج”، مؤكدا أنّه “لا حلّ لمشاكل الأزمة السياسية والاقتصادية والاجتماعية في تونس خارج المبادرة التونسية” مشيرا إلى أن ذلك يتم بـ”مراجعة حقيقية لكلّ الانحرافات والأخطاء التي أدّت إلى إهدار الفرصة التاريخية لإصلاح الأوضاع ومعالجة آثار حقبات متعاقبة من التفرد بالرأي والتخبّط والتمييز والحيف الاجتماعي من أجل الارتقاء بحياة التونسيين نحو الأفضل والأعدل وضمان سيادة حقيقية غير خاضعة للضغوط والابتزاز".

هيئة المحامين ترفض التهديد المبطن والمساومة

وفي بيان نشره أول أمس، اعتبر مجلس الهيئة الوطنية للمحامين بتونس أن بيان الخارجية الأمريكية وتصريحات السفير الأمريكي بتونس تمثل تدخلا سافرا وفجّا في الشأن الوطني الداخلي التونسي وتعديا على السيادة الوطنية، يتعارض مع الأعراف الدبلوماسية وينتهك أحكام المادة3 من اتفاقية فيينا للعلاقات الدبلوماسية التي تنظم مهام البعثات الدبلوماسية والمادة 41 التي تحجر على الممثل الدبلوماسي التدخل في الشؤون الداخلية للدول.

واستهجن مجلس الهيئة الإشارات المبطنة للجيش الوطني التونسي محذّرا من أي تدخل في تكوين عقيدته أو تحديد أدواره ومهامه باعتباره درع البلاد وسندها والحامي لوحدتها وسلامتها من أي اعتداء على مصالحها أو تدخل أجنبي في قرارها.

كما عبّر عن رفضه أسلوب التهديد المبطن المساومة الذي يقرن مساندة الولايات المتحدة الأمريكية لتونس في تخطي الأزمة الاقتصادية التي تمر بها بشرط اندماجها في مسار التطبيع مع الكيان الصهيوني والالتزام بالأولويات الأمنية الأمريكية. وأكد المجلس دعمه لحق الشعب العربي في فلسطين في تقرير مصيره وتحرير بلاده وأن الشعب التونسي له من الموارد والطاقات والقدرات الكفيلة بضمان استقلالية قراره وسیادته على موارده متى توفرت العزيمة الوطنية الحرة والإرادة الصادقة .

وجدد مجلس الهيئة الوطنية للمحامين إدانته بشدة التدخل الأمريكي في الشأن الوطني القائم على منهج المساومة واستغلال الظرف الاقتصادي الذي تمر به البلاد لفرض خيارات معينة تخدم مصالحه.

وأكد دعمه لإجراءات 25 جويلية 2021 الرامية لتصحيح مسار الثورة التونسية بما يتناسب و تطلعات الشعب التونسي في تحقيق الحرية والكرامة والعدالة الاجتماعية واستقلالية القرار الوطني.

اتحاد عمال تونس يندد

ندد اتحاد عمال تونس "بمواصلة الولايات المتحدة الامريكية وبعض الدول الغربية، التدخل السافر والعلني في شؤون تونس واستقلالها مستغلة تدهور الاوضاع الاقتصادية والاجتماعية من اجل الضغط على البلاد"

ودعا، في بيان له، "رئاسة الجمهورية الى عدم الرضوخ الى املاءات صندوق النقد الدولي ومن وراءه الدول الاجنبية التي تسعى الى التدخل في الشان الاجتماعي والاقتصادي التونسي، والعمل على اختيار الفريق الصحيح باعتبار ان العالم يشهد تغيرا واضحا متعدد الاقطاب والتخلي عن الدول التي اصبحت تشهد تدهورا اقتصاديا والتوجه الى القوى العظمى الجديدة".

وطالبت المنظمة العمالية، رئاسة الجمهورية، بفتح حوار سياسي جامع يضم كل المنظمات والجمعيات والاحزاب والشخصيات الوطنية، التي لم تتورط في الفساد السياسي والمالي او في الاستقواء بالقوى الخارجية من اجل تكوين جبهة وطنية تعمل على انقاذ الاقتصاد وتكريس دولة مدنية ديمقراطية عادلة.

حركة تونس إلى الأمام: تدخلات أمريكية سافرة في الشأن الداخلي

بدورها، أدانت حركة تونس إلى الأمام، في بيان لها، بشدّة ما وصفته بـ"التدخّلات السّافرة للخارجية الأمريكية في الشأن الداخلي، والتّعامل مع الشعب التونسي بمنطق الوصاية".

واعتبرت الحركة، أنّ حملات التّشكيك والتّخوين التي ما انفكّت تروّج لها أطراف داخلية عبر لجوئها المتكرّر للقوى الأجنبية والاستقواء بها، "كانت من الأسباب الرئيسية التي شرّعت للتّطاول على استقلالية قرار تونس وسيادة خياراتها"، مشيرة إلى انخراط مناضلي الحركة مع الشعب والقوى الوطنية في الدّفاع عن تونس المستقلة.

وأكدت أنّ الولايات المتّحدة الأمريكية، التي تدّعي الدّفاع عن الديمقراطية وحقوق الإنسان، "هي التي قادت وتقود كلّ السياسات التي دمّرت الشّعوب في العراق وفلسطين وأفغانستان وسوريا، وهي التي دعّمت قوى الإرهاب في محاولة لبسط نفوذها على خيرات الشّعوب والأمم المضطهدة ومقدّراتها"، وفق نص البيان.

كما لاحظت أن تدخلات الولايات المتّحدة المتكرّرة وتوظيفها للمؤسّسات المالية الدولية للضّغط على تونس، "تتنزّل في محاولة جرّ تونس وشعبها إلى التّطبيع مع الكيان الصهيوني الغاصب لفلسطين والأراضي العربية".

حزب العمال: مسار العمالة مستمر بعد الثورة

أما حزب العمال، فقد دعا في بيان أصدره أول أمس، إلى "مناهضته لكافة أشكال التدخل الإمبريالي والخارجي في تونس"، على خلفية تصريحات وزير الشؤون الخارجية الأمريكي أنطوني بلينكن، بخصوص الاستفتاء على الدستور الجديد.

واعتبر الحزب أن "الإمبريالية عموما والأمريكية تحديدا والتي ما فتئت تزرع الخراب والدمار أينما حلّت، ليست مؤهلة لتقديم دروس في الديمقراطية وحقوق الإنسان لأيّ كان".

ونبه إلى أنّ "مسار العمالة والتبعية وتقديم التنازلات على حساب السيادة الوطنية والقضايا المبدئية للشعب التونسي لم يتوقف، وإنما استمر بعد الثورة مع مختلف الحكومات المتعاقبة"، منتقدا ما اعتبره "استسلاما لإملاءات صندوق النقد الدولي"، وتنامي الحاجة لتمويل عجز ميزانية الدولة.

واعتبر أنّ منظومة الحكم الجديدة شأنها شأن التي سبقتها، "ماضية قدما في رعاية مصالح القوى الإمبريالية ووكلائها الإقليميين، في سبيل الاعتراف بها كسلطة قادرة على تحقيق البرامج الاقتصادية والاجتماعية والمخططات الإقليمية التي عجزت منظومات الحكم السابقة عن تنفيذها منذ 2011 .

ودعا كافة القوى السياسية والاجتماعية والمدنية الوطنية والتقدمية، إلى مزيد اليقظة والتعاون والتنسيق، للتصدي لكل ما يتربص بتونس من مشاريع وبرامج تنتهك سيادتها الوطنية والتزامات الشعب المبدئية بقضايا التحرر.

حركة البعث: جوي هود شخص غير مرغوب فيه في تونس

استهجنت حركة البعث، تصريحات بعض المسؤولين في الإدارة الأمريكية، ومن بينهم زير الخارجية، وخاصة المسؤول المرشح لشغل منصب سفير بتونس، اعتبارا لما أسمته ب"تنمرهم على البلاد بأقصى العبارات".

 وطالبت الحركة في بيان لها، نشرته أول أمس، السلطات التونسية، بعدم الموافقة على تعيين الأمريكي "جوي هود" كسفير جديد لبلاده بتونس، "واعتباره شخصا غير مرحب به".

وذكر الحزب هؤلاء المسؤولين الأمريكيين بأن "ادعاء الولايات المتحدة حماية الديمقراطية، هو في الأصل تلويح منها بالتهديد والضغط الاقتصادي على البلاد".

وأكدت حركة البعث "أن استقلالية القرار الوطني لتونس، استقلالية يجب أن تكون عماد النظام السياسي، كما كرسه الدستور الجديد".

وذكرت بأن دعم الحركة لمسار 25 جويلية "إنما كان لعدة اعتبارات، أهمها هذا الحس الوطني، وهذا السعي للقطع مع التبعية وأعوان الاستعمار الجديد".

واعتبرت الحركة في بيانها أن "التماهي مع هذا التدخل، وكل من يستقوي بالأجنبي ويخطط للاستفادة من هذا الخط والموقف الأمريكي الاستعماري، عملاء وخونة لتونس".

وفي نفس السياق، أكدت حركة الشعب، في بيان أصدرته أول أمس الجمعة، حول الاستفتاء على نص مشروع الدستور، أن بلوغ مسار 25 جويلية منتهاه "مشروط بالمسارعة بشكل تشاركي في حسم الملفات العالقة، وفي مقدمتها القانون الانتخابي"، معتبرة أن هذا الاستفتاء "ليس نهاية للمسار أو تتويجا له"، بقدر ما هو لبنة أولى وخطوة تأسيسية على درب بناء ما أسمتها "جمهورية الشعب".

وجددت الحركة في بيانها التأكيد على أنه لا مجال للسماح لأي طرف إقليمي أو دولي بالتدخل في الشأن الداخلي التونسي أو المس من استقلالية القرار الوطني، معتبرة أن البيانات الصادرة من بعض الدول تعد "تدخلا مرفوضا" شأنها شأن "كل الدعوات الداخلية للاستقواء بالقوى السياسية والمالية الدولية من أجل محاصرة الشعب ومحاولة تركعيه".

رفيق بن عبدالله 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews