إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

منتدى الصباح: الدساتير لا تصنع الرفاه للشعوب

بقلم:ريم بالخذيري

يعتقد جزء كبير من الشعب التونسي حتى من غير المشاركين في الاستفتاء الاخير أنه بمجرد دخول الدستور حيز التنفيذ ستتغير الأوضاع من نقيض الفقر والبؤس الى نقيض الرفاه وبحبوحة العيش.

مثلما اعتقد الشعب التونسي أن مجرد اسقاط نظام بن علي ودستور 1959 كافيان لانتقال تونس الى نادي الدول الغنية والديمقراطية.

ومثلما خدّر ذات يوم البيان التاريخي في 7 نوفمبر 1987 أغلب المواطنين وجعلهم يباركون الانقلاب على بورقيبة ظنا منهم أن حياتهم ستتغير بجرّة قلم.

هذا الاعتقاد خاطئ ولا علاقة للدستور الجديد بكل هذه الأحلام والأماني التي ستصبح يوما حقوقا مكتسبة في ظل غياب الوعي الشعبي بمفهوم الدستور ووظائفه.

وظيفة الدساتيرفي العالم تكمن في وضع القوانين والأنظمة التي من خلالها تتم ادارة الدولة بكافة أقطابها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. ومن الضروري أن تستمدّ كافة القوانين المنظمة للحياة اليومية التي ترتكز عليها الدولة من الدستور ويتم المصادقة عليها من قبل السلطة التشريعية .كمايمكن أن يتم تعديل الدستور وفقا لمتطلبات المرحلة.

فالدستور هو نص مؤسّس و ليس محرّكا لا للاقتصاد ولا للسياسية وهو بالتالي يفقد كل دور له ويتحوّل الى نص تراثي جامد مالم تنبثق عنه مؤسسات وهيئات هي التي ستضع التصورات والبرامج .وهي التي تصنع الرفاه الذي يتغنى به أنصار الدستور الجديد.

وقد ورد في الدستور الجديد بعض الفصول التي يمكن أن تكون منطلقا لإصلاحات اقتصادية و اجتماعية كبيرة أهمّها ما ورد في الفصل التّاسع والعشرون الذي نصّ على أنّ حق الملكية مضمون، ولا يمكن الحد منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون.

هذا الفصل يجب التعامل معه تعاملا مختلفا عما كان عليه في الدساتير السابقة فحقّ الملكيّة من الضروري أن يتطوّر و يساير مقتضيات العصر فهو لم يعد ذاته في عهد دستور 1959 ولايمكن التلاعب به مثلما حدث في السنوات القصيرة لعمر دستور 2014. فالملكية هي ماديّة متمثلة في العقارات والمنقولات المحسوسة والاراضي .أمّا الأهم فهي الملكيات المعنوية والتي يجب حمايتها من خلال الدستور الجديد وعبر مؤسسات قوية.من بينها الملكية الصناعية والملكية الفكرية فضلا عن الملكية التكنولوجية فكم من مهندس شاب تم السطو على مجهوده الرقمي من طرف الشركة التي تشغّله دون الاعتراف بملكيته . والأمثلة على ذلك كثيرة .

في الفصل الحادي والخمسون نصّ على أن تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها. تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات. تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة.

هذا الفصل متكرّر في دستور 2014 وشبهه موجود في دستور 1959 وهو نص ثوري عابر للزمن لكنه بقي حبيس النص الذي كتب فيه والسبب عدم وجود مؤسسات تدعمه وتسهر على تطبيقه اذ أن المساواة بين الرجل والمرأة لم تتحوّل بعد الى ثقافة وسلوك مجتمعي حيث أن البون شاسع بين الفرص المتاحة للمرأة وتلك المتاحة للرجّل وهذا نلمسه في الوزارات والادارات وحتى البيوت .كما أن المساواة في الارث بقي مجرّد شعار انتخابي أو شعبوي ولم يجد بعد طريقه للمؤسسات التي ستشرّع له وتطبّقه.

اليوم لابدّ أن ينتهي الجدل بخصوص الدستور الجديد فقد حصّل ما في الصدور ولا قيمة لما في العقول بشأن شرعيته من عدمها والمهمّ هو بعث رسائل ايجابية خارجية لطمأنة الشركاء والمانحين بشأن قدرته على إدارة شؤون البلاد وتقديم حلول لمختلف المشاكل.

وقبل ذلك لابدّ من ترجمة نص الدستور الى رسائل ايجابية وخطاب بنّاء يحثّ على العمل والتعاون بالتوازي مع بعث مؤسسات قوية تدعمه .

حينها فقط يمكن أن يصنع الدستور الجديد الرفاه للمواطنين.

وكما قال العالم والسياسي الأمريكي بنجامين فرانكلين "يمنح الدستور الناس فقط الحق في السعي وراء السعادة. عليك أن تمسكها بنفسك".

 

 

منتدى الصباح: الدساتير لا تصنع الرفاه للشعوب

بقلم:ريم بالخذيري

يعتقد جزء كبير من الشعب التونسي حتى من غير المشاركين في الاستفتاء الاخير أنه بمجرد دخول الدستور حيز التنفيذ ستتغير الأوضاع من نقيض الفقر والبؤس الى نقيض الرفاه وبحبوحة العيش.

مثلما اعتقد الشعب التونسي أن مجرد اسقاط نظام بن علي ودستور 1959 كافيان لانتقال تونس الى نادي الدول الغنية والديمقراطية.

ومثلما خدّر ذات يوم البيان التاريخي في 7 نوفمبر 1987 أغلب المواطنين وجعلهم يباركون الانقلاب على بورقيبة ظنا منهم أن حياتهم ستتغير بجرّة قلم.

هذا الاعتقاد خاطئ ولا علاقة للدستور الجديد بكل هذه الأحلام والأماني التي ستصبح يوما حقوقا مكتسبة في ظل غياب الوعي الشعبي بمفهوم الدستور ووظائفه.

وظيفة الدساتيرفي العالم تكمن في وضع القوانين والأنظمة التي من خلالها تتم ادارة الدولة بكافة أقطابها السياسية والعسكرية والاقتصادية والاجتماعية. ومن الضروري أن تستمدّ كافة القوانين المنظمة للحياة اليومية التي ترتكز عليها الدولة من الدستور ويتم المصادقة عليها من قبل السلطة التشريعية .كمايمكن أن يتم تعديل الدستور وفقا لمتطلبات المرحلة.

فالدستور هو نص مؤسّس و ليس محرّكا لا للاقتصاد ولا للسياسية وهو بالتالي يفقد كل دور له ويتحوّل الى نص تراثي جامد مالم تنبثق عنه مؤسسات وهيئات هي التي ستضع التصورات والبرامج .وهي التي تصنع الرفاه الذي يتغنى به أنصار الدستور الجديد.

وقد ورد في الدستور الجديد بعض الفصول التي يمكن أن تكون منطلقا لإصلاحات اقتصادية و اجتماعية كبيرة أهمّها ما ورد في الفصل التّاسع والعشرون الذي نصّ على أنّ حق الملكية مضمون، ولا يمكن الحد منه إلا في الحالات وبالضمانات التي يضبطها القانون.

هذا الفصل يجب التعامل معه تعاملا مختلفا عما كان عليه في الدساتير السابقة فحقّ الملكيّة من الضروري أن يتطوّر و يساير مقتضيات العصر فهو لم يعد ذاته في عهد دستور 1959 ولايمكن التلاعب به مثلما حدث في السنوات القصيرة لعمر دستور 2014. فالملكية هي ماديّة متمثلة في العقارات والمنقولات المحسوسة والاراضي .أمّا الأهم فهي الملكيات المعنوية والتي يجب حمايتها من خلال الدستور الجديد وعبر مؤسسات قوية.من بينها الملكية الصناعية والملكية الفكرية فضلا عن الملكية التكنولوجية فكم من مهندس شاب تم السطو على مجهوده الرقمي من طرف الشركة التي تشغّله دون الاعتراف بملكيته . والأمثلة على ذلك كثيرة .

في الفصل الحادي والخمسون نصّ على أن تلتزم الدولة بحماية الحقوق المكتسبة للمرأة وتعمل على دعمها وتطويرها. تضمن الدولة تكافؤ الفرص بين الرجل والمرأة في تحمل مختلف المسؤوليات وفي جميع المجالات. تسعى الدولة إلى تحقيق التناصف بين المرأة والرجل في المجالس المنتخبة.

هذا الفصل متكرّر في دستور 2014 وشبهه موجود في دستور 1959 وهو نص ثوري عابر للزمن لكنه بقي حبيس النص الذي كتب فيه والسبب عدم وجود مؤسسات تدعمه وتسهر على تطبيقه اذ أن المساواة بين الرجل والمرأة لم تتحوّل بعد الى ثقافة وسلوك مجتمعي حيث أن البون شاسع بين الفرص المتاحة للمرأة وتلك المتاحة للرجّل وهذا نلمسه في الوزارات والادارات وحتى البيوت .كما أن المساواة في الارث بقي مجرّد شعار انتخابي أو شعبوي ولم يجد بعد طريقه للمؤسسات التي ستشرّع له وتطبّقه.

اليوم لابدّ أن ينتهي الجدل بخصوص الدستور الجديد فقد حصّل ما في الصدور ولا قيمة لما في العقول بشأن شرعيته من عدمها والمهمّ هو بعث رسائل ايجابية خارجية لطمأنة الشركاء والمانحين بشأن قدرته على إدارة شؤون البلاد وتقديم حلول لمختلف المشاكل.

وقبل ذلك لابدّ من ترجمة نص الدستور الى رسائل ايجابية وخطاب بنّاء يحثّ على العمل والتعاون بالتوازي مع بعث مؤسسات قوية تدعمه .

حينها فقط يمكن أن يصنع الدستور الجديد الرفاه للمواطنين.

وكما قال العالم والسياسي الأمريكي بنجامين فرانكلين "يمنح الدستور الناس فقط الحق في السعي وراء السعادة. عليك أن تمسكها بنفسك".

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews