إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

ضبابية حول المشاركة في الانتخابات التشريعية.. أحزاب "الموالاة" تستعد.. وأحزاب المقاطعة "تناور"

تونس – الصباح

لم يعد يفصلنا عن الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي كان قد أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ديسمبر الماضي والمقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل، سوى أربعة أشهر وبضعة أسابيع. وهي المحطة الهامة الثانية في سياق المسار الذي يقوده سعيد لإعادة تعديل المسار السياسي للدولة بعد الاستفتاء على الدستور الجديد والعبور من حالة الاستثناء إلى طريق الجمهورية الثالثة. ولكن لا يزال الوضع غامضا في ظل انتظارات الجميع للانطلاق عمليا في إنجاز قانون انتخابي جديد مثلما أكد ذلك رئيس الجمهورية وما يتطلبه الأمر بعد دخول الدستور الجديد حيز التفعيل، لاسيما أن الرؤية لم تتضح بعد حول طبيعة هذا القانون الانتخابي وشروط وشكل البرلمان الجديد والقانون المتعلق بانتخاب ممثلي الأقاليم أو المجالس الجهوية وطبيعة العلاقة بين المؤسستين، إضافة إلى ما يمكن أن تسفر عنه قرارات محكمة المحاسبات بخصوص التجاوزات المسجلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي ظلت ملفاتها حبيسة الرفوف وتنتظر الحسم في الأحكام، خاصة أن عديد القراءات تتقاطع عما يمكن أن تسفر عنه المرحلة القادمة في ظل التغيرات القانونية والهيكلية المرتقبة والمواقف السياسية والحزبية المتضاربة وتواصل صراع موازين القوى من تغير جذري في الخارطة الحزبية والسياسية.

ولئن أعلنت الأحزاب التي اختارت دعمها ومساندتها لمسار ما بعد 25 جويلية 2021 أنها معنية بالمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة أكثر من أي وقت مضى بشكل علني وصريح، فإن عددا من الأحزاب المعارضة لم تحدد بعد موقفها إما بمواصلة مقاطعة المسار السياسي الذي يقوده سعيد على غرار موقفها المقاطع للاستفتاء أو الإعلان رسميا عن انطلاق حملاتها الانتخابية استعدادا للموعد المرتقب والحاسم وذلك بقطع النظر عن طبيعة القانون الانتخابي الذي سيتم اعتماده بالانتخاب على القائمات كما كان معمولا به في السابق أو على القائمات مثلما تدعو إلى ذلك عديد القوى والجهات السياسية والاجتماعية التي تنتصر لهذا الخيار لتدارك "الهنات" التي برزت في البرلمانات السابقة.

ويذكر أن الأحزاب والسياسيين الداعمين لمسار ما بعد 25 جويلية 2021 انطلقت منذ فترة في التحضير لهذا الموعد عبر الانكباب على إعداد برامج وتصورات تتماشى ومتطلبات المرحلة من ناحية وانتظارات التونسيين والعمل على أن تكون تلك البرامج في مستوى الحلول لجانب من المشاغل والأزمات الاجتماعية والاقتصادية بالأساس، على غرار "حركة الشعب" و"حركة تونس إلى الأمام" و"التحالف من أجل تونس" و"التيار الشعبي" و"الحزب الاشتراكي التحرري" إضافة إلى "حزب الشباب الوطني" أو "حراك 25 جويلية" و"الحزب الاجتماعي التحرري"..، وغيرها. وقد انطلقت جلها وإن بتفاوت في التحضير لهذا الاستحقاق الانتخابي مستغلة حالة التفكك والصراع والاصطفاف التي أصبحت تميز الساحة السياسية في تونس اليوم.

ويؤكد عديد المتابعين على أن تداعيات هذا التفكك ستكون كبيرة بما يؤشر لخلق مشهد سياسي جديد بعد الانتخابات المرتقبة بما من شأنه أن يغير الخارطة الحزبية والسياسية بأفول أحزاب ميزت المشهد في العشرية الماضية وصعود أحزاب وحركات وتيارات أخرى جديدة.

                             تأكيد ضمني

فحركة النهضة التي تتصدر القوى المعارضة للمسار الإصلاحي الذي يقوده رئيس الجمهورية منذ السنة الماضية، خاصة أنها دخلت في صراع مبكر مع سعيد بعد انتخابات 2019 أدى إلى تأزم الوضع السياسي وكان من بين أسباب الهبة الشعبية الغاضبة يوم 25 جويلية 2021 التي أطاحت بالبرلمان ومنظومة الحكم التي تقودها النهضة، أصدرت منذ يومين بيانا أكدت فيه على شرعية دستور 2014 وعدم اعترافها بالدستور الجديد وأن الحركة "ستعمل على التنسيق مع كل المستعدين للدفاع عن الجمهورية ومكاسب الثورة، ‏الداعمين للعودة إلى الشعب في انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة وشفافة تتجدد بها ‏شرعية النظام التونسي ومؤسساته وتتمكن بها البلاد من التصدّي لأزمتها العميقة وخاصة منها ‏الاقتصادية الاجتماعية".‏

وعادت الحركة في هذه الفترة للحديث عن استعدادها للانتخابات ولو بصفة ضمنية وتأكيد "مبطن" وذلك بوضع شرط تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، بما يعني أن الحركة التي تزعمت "جماعة 24 جويلية 2021" المعارضة لمسار رئاسة الجمهورية لا تريد أن تفوت فرصة المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة بما يضمن بقاءها في المشهد السياسي ودفاع الحزب عن حقه في النشاط والبقاء بعد الخيبة الكبيرة التي مني بها إثر قرارات 25 جويلية 2021.

ولئن اختارت عبير موسي رئيسة "الحزب الدستوري الحر" الانتقال إلى مرحلة أخرى في التصدي لما تصفه بمشروع سعيد ورفضها للدستور الجديد، فإن عديد القراءات تنزل تحركات الحزب ومواصلته نفس سياسة العداء والرفض للإسلام السياسي من ناحية والدخول في صدام مع رئيس الجمهورية والدعوة للتمسك بالدولة المدنية البورقيبية من ناحية أخرى، في إطار مواصلة الحملة الانتخابية للحزب استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة، خاصة أن عديد المتابعين يرشحون هذا الحزب لتصدر المشهد السياسي مستقبلا في ظل نجاح خطاب رئيسته في تجميع قواعد في مختلف الأوساط.

وتجدر الإشارة إلى أن عددا من الأحزاب والسياسيين الذين لفظتهم صناديق الاقتراع في 2011 أو 2014 وفي 2019، أعادهم مسار 25 جويلية إلى الواجهة من الجديد ليعودا إلى دائرة النشاط والتحرك والتنظم سعيا للعودة للمشهد السياسي من جديد. وقد دخل بعضها على خط التحضير والاستعداد للانتخابات القادمة على غرار ما أكده نجيب العياري الأمين العام المساعد لـ"حركة الديمقراطيين الاشتراكيين" بعد عودة حزبه من بعيد، وهو تقريبا ما يفسر تحرك كل من "حزب العمال" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الحزب الجمهوري" وغيرها من الأحزاب والتيارات اليسارية والتقدمية والكلاسيكية التي لم تنجح في الصعود للبرلمان في الانتخابات الماضية، سواء اختارت التحرك والبروز ضمن الشقوق الداعمة للمسار الذي يوقده سعيد أو ضمن المعارضة بجميع أطيافها وتوجهاتها.

لكن الوضع إلى حد الآن لا يزال يكتنفه الغموض في ظل صمت بعض الأحزاب والجهات السياسية وعدم تحديد موقفها إما بالمشاركة أو مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة، خاصة منها تلك التي سارعت بإعلان موقفها بصفة مبكرة من الاستفتاء. فهل سينسحب قرارها الرافض لكل ما يصدر عن رئيس الجمهورية على الانتخابات التشريعية أيضا، بما يضع مصير بعض الأحزاب في الميزان، أم أن الأمر يختلف بالنسبة للانتخابات التشريعية؟

فبعض الجهات السياسية اختارت عدم الحسم وانتظار ما يمكن أن يكون عليه القانون الانتخابي الجديد وكل متعلقات المؤسسة التشريعية في بعديها البرلماني والجهوي و"الإقليمي" وغيرها من المستجدات الأخرى بتبعات ملفات الفساد وتداعيات ذلك على الأحزاب والانتخابات والسياسيين.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

ضبابية حول المشاركة في الانتخابات التشريعية.. أحزاب "الموالاة" تستعد.. وأحزاب المقاطعة "تناور"

تونس – الصباح

لم يعد يفصلنا عن الانتخابات التشريعية السابقة لأوانها التي كان قد أعلن عنها رئيس الجمهورية قيس سعيد في ديسمبر الماضي والمقرر تنظيمها يوم 17 ديسمبر المقبل، سوى أربعة أشهر وبضعة أسابيع. وهي المحطة الهامة الثانية في سياق المسار الذي يقوده سعيد لإعادة تعديل المسار السياسي للدولة بعد الاستفتاء على الدستور الجديد والعبور من حالة الاستثناء إلى طريق الجمهورية الثالثة. ولكن لا يزال الوضع غامضا في ظل انتظارات الجميع للانطلاق عمليا في إنجاز قانون انتخابي جديد مثلما أكد ذلك رئيس الجمهورية وما يتطلبه الأمر بعد دخول الدستور الجديد حيز التفعيل، لاسيما أن الرؤية لم تتضح بعد حول طبيعة هذا القانون الانتخابي وشروط وشكل البرلمان الجديد والقانون المتعلق بانتخاب ممثلي الأقاليم أو المجالس الجهوية وطبيعة العلاقة بين المؤسستين، إضافة إلى ما يمكن أن تسفر عنه قرارات محكمة المحاسبات بخصوص التجاوزات المسجلة في الانتخابات التشريعية الأخيرة والتي ظلت ملفاتها حبيسة الرفوف وتنتظر الحسم في الأحكام، خاصة أن عديد القراءات تتقاطع عما يمكن أن تسفر عنه المرحلة القادمة في ظل التغيرات القانونية والهيكلية المرتقبة والمواقف السياسية والحزبية المتضاربة وتواصل صراع موازين القوى من تغير جذري في الخارطة الحزبية والسياسية.

ولئن أعلنت الأحزاب التي اختارت دعمها ومساندتها لمسار ما بعد 25 جويلية 2021 أنها معنية بالمشاركة في الانتخابات التشريعية المقبلة أكثر من أي وقت مضى بشكل علني وصريح، فإن عددا من الأحزاب المعارضة لم تحدد بعد موقفها إما بمواصلة مقاطعة المسار السياسي الذي يقوده سعيد على غرار موقفها المقاطع للاستفتاء أو الإعلان رسميا عن انطلاق حملاتها الانتخابية استعدادا للموعد المرتقب والحاسم وذلك بقطع النظر عن طبيعة القانون الانتخابي الذي سيتم اعتماده بالانتخاب على القائمات كما كان معمولا به في السابق أو على القائمات مثلما تدعو إلى ذلك عديد القوى والجهات السياسية والاجتماعية التي تنتصر لهذا الخيار لتدارك "الهنات" التي برزت في البرلمانات السابقة.

ويذكر أن الأحزاب والسياسيين الداعمين لمسار ما بعد 25 جويلية 2021 انطلقت منذ فترة في التحضير لهذا الموعد عبر الانكباب على إعداد برامج وتصورات تتماشى ومتطلبات المرحلة من ناحية وانتظارات التونسيين والعمل على أن تكون تلك البرامج في مستوى الحلول لجانب من المشاغل والأزمات الاجتماعية والاقتصادية بالأساس، على غرار "حركة الشعب" و"حركة تونس إلى الأمام" و"التحالف من أجل تونس" و"التيار الشعبي" و"الحزب الاشتراكي التحرري" إضافة إلى "حزب الشباب الوطني" أو "حراك 25 جويلية" و"الحزب الاجتماعي التحرري"..، وغيرها. وقد انطلقت جلها وإن بتفاوت في التحضير لهذا الاستحقاق الانتخابي مستغلة حالة التفكك والصراع والاصطفاف التي أصبحت تميز الساحة السياسية في تونس اليوم.

ويؤكد عديد المتابعين على أن تداعيات هذا التفكك ستكون كبيرة بما يؤشر لخلق مشهد سياسي جديد بعد الانتخابات المرتقبة بما من شأنه أن يغير الخارطة الحزبية والسياسية بأفول أحزاب ميزت المشهد في العشرية الماضية وصعود أحزاب وحركات وتيارات أخرى جديدة.

                             تأكيد ضمني

فحركة النهضة التي تتصدر القوى المعارضة للمسار الإصلاحي الذي يقوده رئيس الجمهورية منذ السنة الماضية، خاصة أنها دخلت في صراع مبكر مع سعيد بعد انتخابات 2019 أدى إلى تأزم الوضع السياسي وكان من بين أسباب الهبة الشعبية الغاضبة يوم 25 جويلية 2021 التي أطاحت بالبرلمان ومنظومة الحكم التي تقودها النهضة، أصدرت منذ يومين بيانا أكدت فيه على شرعية دستور 2014 وعدم اعترافها بالدستور الجديد وأن الحركة "ستعمل على التنسيق مع كل المستعدين للدفاع عن الجمهورية ومكاسب الثورة، ‏الداعمين للعودة إلى الشعب في انتخابات رئاسية وتشريعية حرة ونزيهة وشفافة تتجدد بها ‏شرعية النظام التونسي ومؤسساته وتتمكن بها البلاد من التصدّي لأزمتها العميقة وخاصة منها ‏الاقتصادية الاجتماعية".‏

وعادت الحركة في هذه الفترة للحديث عن استعدادها للانتخابات ولو بصفة ضمنية وتأكيد "مبطن" وذلك بوضع شرط تنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية، بما يعني أن الحركة التي تزعمت "جماعة 24 جويلية 2021" المعارضة لمسار رئاسة الجمهورية لا تريد أن تفوت فرصة المشاركة في الانتخابات التشريعية القادمة بما يضمن بقاءها في المشهد السياسي ودفاع الحزب عن حقه في النشاط والبقاء بعد الخيبة الكبيرة التي مني بها إثر قرارات 25 جويلية 2021.

ولئن اختارت عبير موسي رئيسة "الحزب الدستوري الحر" الانتقال إلى مرحلة أخرى في التصدي لما تصفه بمشروع سعيد ورفضها للدستور الجديد، فإن عديد القراءات تنزل تحركات الحزب ومواصلته نفس سياسة العداء والرفض للإسلام السياسي من ناحية والدخول في صدام مع رئيس الجمهورية والدعوة للتمسك بالدولة المدنية البورقيبية من ناحية أخرى، في إطار مواصلة الحملة الانتخابية للحزب استعدادا للاستحقاقات الانتخابية القادمة، خاصة أن عديد المتابعين يرشحون هذا الحزب لتصدر المشهد السياسي مستقبلا في ظل نجاح خطاب رئيسته في تجميع قواعد في مختلف الأوساط.

وتجدر الإشارة إلى أن عددا من الأحزاب والسياسيين الذين لفظتهم صناديق الاقتراع في 2011 أو 2014 وفي 2019، أعادهم مسار 25 جويلية إلى الواجهة من الجديد ليعودا إلى دائرة النشاط والتحرك والتنظم سعيا للعودة للمشهد السياسي من جديد. وقد دخل بعضها على خط التحضير والاستعداد للانتخابات القادمة على غرار ما أكده نجيب العياري الأمين العام المساعد لـ"حركة الديمقراطيين الاشتراكيين" بعد عودة حزبه من بعيد، وهو تقريبا ما يفسر تحرك كل من "حزب العمال" و"التكتل الديمقراطي من أجل العمل والحريات" و"الحزب الجمهوري" وغيرها من الأحزاب والتيارات اليسارية والتقدمية والكلاسيكية التي لم تنجح في الصعود للبرلمان في الانتخابات الماضية، سواء اختارت التحرك والبروز ضمن الشقوق الداعمة للمسار الذي يوقده سعيد أو ضمن المعارضة بجميع أطيافها وتوجهاتها.

لكن الوضع إلى حد الآن لا يزال يكتنفه الغموض في ظل صمت بعض الأحزاب والجهات السياسية وعدم تحديد موقفها إما بالمشاركة أو مقاطعة الانتخابات التشريعية القادمة، خاصة منها تلك التي سارعت بإعلان موقفها بصفة مبكرة من الاستفتاء. فهل سينسحب قرارها الرافض لكل ما يصدر عن رئيس الجمهورية على الانتخابات التشريعية أيضا، بما يضع مصير بعض الأحزاب في الميزان، أم أن الأمر يختلف بالنسبة للانتخابات التشريعية؟

فبعض الجهات السياسية اختارت عدم الحسم وانتظار ما يمكن أن يكون عليه القانون الانتخابي الجديد وكل متعلقات المؤسسة التشريعية في بعديها البرلماني والجهوي و"الإقليمي" وغيرها من المستجدات الأخرى بتبعات ملفات الفساد وتداعيات ذلك على الأحزاب والانتخابات والسياسيين.

نزيهة الغضباني

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews