إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

بعد بلوغ ديون الدولة 107.7 مليار دينار.. تقارير دولية تشكك في قدرة تونس على السداد وتطمينات محلية تؤكد إيفاء الدولة بتعهداتها المالية

 

 

 41.5 مليار دينار ديون داخلية ونحو 66.2 مليار دينار خارجية

تونس- الصباح

بعد أن كشف البنك المركزي أول أمس عن آخر الأرقام الخاصة بالدين العمومي في الجزء الخارجي منه وبلوغه مستوى غير مسبوق ليصل الى 5 مليار دينار يتأكد من جديد أن تونس مازالت تتخبط في أزمة التداين وهي التي تعول اليوم وأكثر من أي وقت مضى على هذا الخيار الصعب في ظل العجز الحاصل في ميزانيتها العمومية

وتأتي هذه المؤشرات الخاصة بالدين الخارجي في الوقت الذي كشفت فيه العديد من المؤسسات الدولية والجهات المانحة ومؤسسات التراقيم السيادية ان تونس غير قادرة على الإيفاء بتعهداتها المالية في ما يتعلق بقدرتها على استرجاع الأموال وأبرزها التقرير المنشور مؤخرا حول مخاطر وأزمة الديون، الذي رجح إمكانية تخلف كل من تونس ومصر وباكستان والسلفادور عن سداد ديونها خاصة بعد الأزمة الأوكرانية موضحا أن تراكم ربع تريليون دولار من الديون المتعثرة قد يؤدي الى تعثر في سداد ديون الدول النامية، ومن بينها تونس.

كما أعدت وكالة "رويترز" مؤخرا تقريرا موجزا حول التعثر المالي الوشيك لعدد من البلدان رصدت فيه العلامات المشتركة بينها على مستوى التوجه نحو العجز عن سداد الديون وذلك استنادا الى وضعيات انهيارات اقتصادية وافلاسات دول سابقة. وتمركزت تونس في المرتبة الثالثة دوليا والأولى عربيا في قائمة تضم 25 دولة عاجزة ومفلسة أبرزها مصر والأرجنتين وأوكرانيا وإثيوبيا وباكستان.

وترجع الوكالة حسب التقرير المنشور علامات الإنذار المبكر للعجز، في انهيار العملات وتراجع مردود سندات القروض الحكومية في الأسواق المالية بما لا يقل عن 10 بالمائة في المدى القصير وتقدر قيمة ديون الدول العاجزة ماليا، حسب البيانات المفصح عنها، بحوالي 400 مليار دولار، يعود القدر الأكبر منها للأرجنتين وذلك في حدود 150 مليار دولار، وتأتي خلفها الإكوادور ومصر بديون تتراوح قيمتها بين 40 و45 مليار دولار.

ويبرز التقرير أن الأرقام المتعلقة بمديونية تونس متضاربة بين البنك المركزي التونسي ووزارة المالية ومعطيات البنك الدولي وان التضارب يتعلق في عدة حالات بمواقع هياكل إحصائية تونسية وأن الأمر يصل الى حد تناقض في الأرقام تقع ملاحظته بمجرد ترجمة البيانات من لغة الى أخرى بمواقع الهيئات الإحصائية والاقتصادية الرسمية التونسية

وارتفعت ديون تونس من حوالي 16 مليار دولار سنة 2010 ، أي حوالي 55 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، إلى 20.6 مليار دولار سنة 2017، و29 مليار دولار سنة 2020.

ليتواصل ارتفاعها وتبلغ الى حدود موفى سنة 2021 ما يناهز الـ102.1 مليار دينار، وهو ما يعادل نحو 81,47 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ووصل الدين الخارجي لتونس الى حدود 61,9 مليار دينار حوالي 49,3 من مجمل الدين، في المقابل بلغ الدين الداخلي 40,2 مليار دينار وبلغت خدمة الدين 11.3 مليار دينار. وعلى المالية العمومية اليوم توفير 15.5 مليار دينار لخدمة الدين، منها 10 مليار دينار بالعملة الأجنبية .

في ذات السياق أبرزت المؤشرات المالية والنقدية المنشورة يوم الأربعاء 27 جويلية 2022 على موقع البنك المركزي التونسي ارتفاع خدمة الدين الخارجي يوم 20 جويلية الجاري الى 4786.3 مليون دينار مقابل 4459.5 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة السابقة مسجلة بذلك زيادة تقدر بـ326.8 مليون دينار أي ما يعادل نسبة 7.3 بالمائة.

واستهلكت خدمة الديون الخارجية جل مداخيل القطاع الخارجي وذلك في ظل بقاء مداخيل القطاع السياحي دون معدلات السنوات السابقة الى حد بعيد اذ لم تتجاوز 1781.8 مليون دينار بالتوازي مع بلوغ تحويلات التونسيين بالخارج 4468.4 مليون دينار.

وتواصل خدمة الدين العمومي بصفة عامة ارتفاعها اذ ازدادت حسب بيانات وزارة المالية الصادرة حديثا بنسبة 47.4 بالمائة، موفى ماي الفارط، لتناهز 6.9 مليارات دينار. وارتفعت خدمة الدّين الداخلي، الذّي يمثل 63 بالمائة من مجمل خدمة الدّين، إلى مستوى 4.3 مليارات دينار.

اما في ما يتعلق بتسديد أصل الدّين فقد شهد ارتفاعا بنسبة 66 بالمائة لينتقل من 3.0 مليارات دينار خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الحالية إلى 5.0 مليارا دينار نهاية نفس الفترة من عام 2021. وتطوّرت الفوائد، بدورها، بنسبة 11.6 بالمائة لتبلغ 1.8 مليار دينار.

كما أبرزت المعطيات المفصح عنها تواصل ارتفاع قائم الدين العمومي اذ ازداد بين ماي 2021 وماي 2022 من 98.3 الى 107.7 مليارات دينار وهو مستوى قياسي وذلك تحت تأثير تطور قائم الدين الداخلي الى زهاء 41.5 مليار دينار ونمو قائم الدين الخارجي الى نحو 66.2 مليار دينار.

بالمقابل تؤكد الحكومة في كل مرة ان تونس قادرة على سداد ديونها الجملية الخارجية والداخلية منها والإيفاء بتعهداتها من ذلك أكّد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، في تصريح اعلامي، أنّ تونس ملتزمة بسداد ديونها، مشيرا إلى أنّ بعض المزودين في السوق الداخلية، على غرار شركات المقاولات، بدأت الدولة بتسديد بعض المؤخّرات وبنسبة لبقيّة القطاعات سيتم تسديدها تدريجيا.

كما أوضح سعيد أنّ تونس تعيش مرحلة جديدة تتمثّل في أفق جديدة لاسترجاع ثقة الممولين الأجانب لكن هذا لا يعني العمل بنفس النموذج الاقتصادي، مشدّدا على أنّ التوريد فاق التصدير وأنّ مصاريف الدولة أصبحت أكثر من إيراداتها لذلك يجب إعادة الترتيب وإصلاح الوضع الاقتصادي التونسي واسترجاع نسق النمو.

وفي تعليقه على تقرير بلومبرغ وتصنيف تونس في قدرتها على تسديد ديونها اعتبر. رئيس حلقة الماليين عبد القادر بودريقة ان ما ورد في التقرير ليس جديدا وهو ما أشارت إليه وكالات التقييم في بياناتها الأخيرة ومن بينها وكالة فيتش رايتينغ التي خفضت مؤخرا الترقيم السيادي لتونس الى CCC آفاق سلبية أو وكالة موديز التي توقعت آفاقا سلبية للقطاع البنكي في تونس.

وقال عبد القادر بودريقة أن تقرير موقع بلومبرغ "متوقع ولم يأت بالجديد، الجديد فقط هو تخصيص تقرير لتونس وهذا ليس إشارة جيدة للاقتصاد التونسي"، مشيرا في ذات السياق إلى أن ما ورد في هذا التقرير هو ليس احتمال إفلاس إنما هو احتمال عدم خلاص وسداد ديون، وفق تعبيره. وأضاف بودريقة في حواره الإذاعي "هذه هي نفس وضعية المخاطر التي سوف تعيشها تونس في الأشهر المقبلة.. وعندما تكون أسباب عدم القدرة على سداد الديون هي عدم توفر السيولة المالية أو مالية عمومية غير متوفرة " .

في ذات السياق أفاد الخبير الاقتصادي معز حديدان، في تصريح إعلامي، أن تقرير وكالة بلومبيرغ لم يقل إن تونس تخلفت عن سداد ديونها بل أكد أنها من الدول الأكثر عرضة للتخلف، مضيفا أن تونس لم تتخلف إلى حد الآن كليا عن سداد الديون الخارجية.

وبالرغم من تفاقم أزمة التداين في تونس والتراقيم المخيفة التي تعلن عنها مؤسسات التراقيم السيادية تباعا إلا أن اغلب المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي يجمعون على أن تونس لم تتخلف عن سداد ديونها خاصة الخارجية منها منذ عقود ومازالت محافظة على الإيفاء بتعهداتها المالية.

وفاء بن محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

بعد بلوغ ديون الدولة 107.7 مليار دينار.. تقارير دولية تشكك في قدرة تونس على السداد وتطمينات محلية تؤكد إيفاء الدولة بتعهداتها المالية

 

 

 41.5 مليار دينار ديون داخلية ونحو 66.2 مليار دينار خارجية

تونس- الصباح

بعد أن كشف البنك المركزي أول أمس عن آخر الأرقام الخاصة بالدين العمومي في الجزء الخارجي منه وبلوغه مستوى غير مسبوق ليصل الى 5 مليار دينار يتأكد من جديد أن تونس مازالت تتخبط في أزمة التداين وهي التي تعول اليوم وأكثر من أي وقت مضى على هذا الخيار الصعب في ظل العجز الحاصل في ميزانيتها العمومية

وتأتي هذه المؤشرات الخاصة بالدين الخارجي في الوقت الذي كشفت فيه العديد من المؤسسات الدولية والجهات المانحة ومؤسسات التراقيم السيادية ان تونس غير قادرة على الإيفاء بتعهداتها المالية في ما يتعلق بقدرتها على استرجاع الأموال وأبرزها التقرير المنشور مؤخرا حول مخاطر وأزمة الديون، الذي رجح إمكانية تخلف كل من تونس ومصر وباكستان والسلفادور عن سداد ديونها خاصة بعد الأزمة الأوكرانية موضحا أن تراكم ربع تريليون دولار من الديون المتعثرة قد يؤدي الى تعثر في سداد ديون الدول النامية، ومن بينها تونس.

كما أعدت وكالة "رويترز" مؤخرا تقريرا موجزا حول التعثر المالي الوشيك لعدد من البلدان رصدت فيه العلامات المشتركة بينها على مستوى التوجه نحو العجز عن سداد الديون وذلك استنادا الى وضعيات انهيارات اقتصادية وافلاسات دول سابقة. وتمركزت تونس في المرتبة الثالثة دوليا والأولى عربيا في قائمة تضم 25 دولة عاجزة ومفلسة أبرزها مصر والأرجنتين وأوكرانيا وإثيوبيا وباكستان.

وترجع الوكالة حسب التقرير المنشور علامات الإنذار المبكر للعجز، في انهيار العملات وتراجع مردود سندات القروض الحكومية في الأسواق المالية بما لا يقل عن 10 بالمائة في المدى القصير وتقدر قيمة ديون الدول العاجزة ماليا، حسب البيانات المفصح عنها، بحوالي 400 مليار دولار، يعود القدر الأكبر منها للأرجنتين وذلك في حدود 150 مليار دولار، وتأتي خلفها الإكوادور ومصر بديون تتراوح قيمتها بين 40 و45 مليار دولار.

ويبرز التقرير أن الأرقام المتعلقة بمديونية تونس متضاربة بين البنك المركزي التونسي ووزارة المالية ومعطيات البنك الدولي وان التضارب يتعلق في عدة حالات بمواقع هياكل إحصائية تونسية وأن الأمر يصل الى حد تناقض في الأرقام تقع ملاحظته بمجرد ترجمة البيانات من لغة الى أخرى بمواقع الهيئات الإحصائية والاقتصادية الرسمية التونسية

وارتفعت ديون تونس من حوالي 16 مليار دولار سنة 2010 ، أي حوالي 55 بالمائة من إجمالي الناتج المحلي، إلى 20.6 مليار دولار سنة 2017، و29 مليار دولار سنة 2020.

ليتواصل ارتفاعها وتبلغ الى حدود موفى سنة 2021 ما يناهز الـ102.1 مليار دينار، وهو ما يعادل نحو 81,47 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي. ووصل الدين الخارجي لتونس الى حدود 61,9 مليار دينار حوالي 49,3 من مجمل الدين، في المقابل بلغ الدين الداخلي 40,2 مليار دينار وبلغت خدمة الدين 11.3 مليار دينار. وعلى المالية العمومية اليوم توفير 15.5 مليار دينار لخدمة الدين، منها 10 مليار دينار بالعملة الأجنبية .

في ذات السياق أبرزت المؤشرات المالية والنقدية المنشورة يوم الأربعاء 27 جويلية 2022 على موقع البنك المركزي التونسي ارتفاع خدمة الدين الخارجي يوم 20 جويلية الجاري الى 4786.3 مليون دينار مقابل 4459.5 مليون دينار خلال نفس الفترة من السنة السابقة مسجلة بذلك زيادة تقدر بـ326.8 مليون دينار أي ما يعادل نسبة 7.3 بالمائة.

واستهلكت خدمة الديون الخارجية جل مداخيل القطاع الخارجي وذلك في ظل بقاء مداخيل القطاع السياحي دون معدلات السنوات السابقة الى حد بعيد اذ لم تتجاوز 1781.8 مليون دينار بالتوازي مع بلوغ تحويلات التونسيين بالخارج 4468.4 مليون دينار.

وتواصل خدمة الدين العمومي بصفة عامة ارتفاعها اذ ازدادت حسب بيانات وزارة المالية الصادرة حديثا بنسبة 47.4 بالمائة، موفى ماي الفارط، لتناهز 6.9 مليارات دينار. وارتفعت خدمة الدّين الداخلي، الذّي يمثل 63 بالمائة من مجمل خدمة الدّين، إلى مستوى 4.3 مليارات دينار.

اما في ما يتعلق بتسديد أصل الدّين فقد شهد ارتفاعا بنسبة 66 بالمائة لينتقل من 3.0 مليارات دينار خلال الأشهر الخمسة الأولى من السنة الحالية إلى 5.0 مليارا دينار نهاية نفس الفترة من عام 2021. وتطوّرت الفوائد، بدورها، بنسبة 11.6 بالمائة لتبلغ 1.8 مليار دينار.

كما أبرزت المعطيات المفصح عنها تواصل ارتفاع قائم الدين العمومي اذ ازداد بين ماي 2021 وماي 2022 من 98.3 الى 107.7 مليارات دينار وهو مستوى قياسي وذلك تحت تأثير تطور قائم الدين الداخلي الى زهاء 41.5 مليار دينار ونمو قائم الدين الخارجي الى نحو 66.2 مليار دينار.

بالمقابل تؤكد الحكومة في كل مرة ان تونس قادرة على سداد ديونها الجملية الخارجية والداخلية منها والإيفاء بتعهداتها من ذلك أكّد وزير الاقتصاد والتخطيط سمير سعيد، في تصريح اعلامي، أنّ تونس ملتزمة بسداد ديونها، مشيرا إلى أنّ بعض المزودين في السوق الداخلية، على غرار شركات المقاولات، بدأت الدولة بتسديد بعض المؤخّرات وبنسبة لبقيّة القطاعات سيتم تسديدها تدريجيا.

كما أوضح سعيد أنّ تونس تعيش مرحلة جديدة تتمثّل في أفق جديدة لاسترجاع ثقة الممولين الأجانب لكن هذا لا يعني العمل بنفس النموذج الاقتصادي، مشدّدا على أنّ التوريد فاق التصدير وأنّ مصاريف الدولة أصبحت أكثر من إيراداتها لذلك يجب إعادة الترتيب وإصلاح الوضع الاقتصادي التونسي واسترجاع نسق النمو.

وفي تعليقه على تقرير بلومبرغ وتصنيف تونس في قدرتها على تسديد ديونها اعتبر. رئيس حلقة الماليين عبد القادر بودريقة ان ما ورد في التقرير ليس جديدا وهو ما أشارت إليه وكالات التقييم في بياناتها الأخيرة ومن بينها وكالة فيتش رايتينغ التي خفضت مؤخرا الترقيم السيادي لتونس الى CCC آفاق سلبية أو وكالة موديز التي توقعت آفاقا سلبية للقطاع البنكي في تونس.

وقال عبد القادر بودريقة أن تقرير موقع بلومبرغ "متوقع ولم يأت بالجديد، الجديد فقط هو تخصيص تقرير لتونس وهذا ليس إشارة جيدة للاقتصاد التونسي"، مشيرا في ذات السياق إلى أن ما ورد في هذا التقرير هو ليس احتمال إفلاس إنما هو احتمال عدم خلاص وسداد ديون، وفق تعبيره. وأضاف بودريقة في حواره الإذاعي "هذه هي نفس وضعية المخاطر التي سوف تعيشها تونس في الأشهر المقبلة.. وعندما تكون أسباب عدم القدرة على سداد الديون هي عدم توفر السيولة المالية أو مالية عمومية غير متوفرة " .

في ذات السياق أفاد الخبير الاقتصادي معز حديدان، في تصريح إعلامي، أن تقرير وكالة بلومبيرغ لم يقل إن تونس تخلفت عن سداد ديونها بل أكد أنها من الدول الأكثر عرضة للتخلف، مضيفا أن تونس لم تتخلف إلى حد الآن كليا عن سداد الديون الخارجية.

وبالرغم من تفاقم أزمة التداين في تونس والتراقيم المخيفة التي تعلن عنها مؤسسات التراقيم السيادية تباعا إلا أن اغلب المتدخلين في الشأن المالي والاقتصادي يجمعون على أن تونس لم تتخلف عن سداد ديونها خاصة الخارجية منها منذ عقود ومازالت محافظة على الإيفاء بتعهداتها المالية.

وفاء بن محمد

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews