ظاهرة عزوف الشباب في تونس عن الاقتراع في مختلف المحطات الانتخابية أصبحت أمرا شبه عادي تترجمه أسباب مختلفة منها عدم الإيفاء بوعود الطبقة السياسية لهم وارتفاع نسب البطالة في صفوفهم وخاصة حاملي الشهائد العليا، والأمر الذي حصل مع الاستفتاء أول أمس حيث تم تسجيل نسبة إقبال محتشمة للشباب يدخل ضمن هذه الخانة رغم أن هذه الفئة كان لها إقبال ضخم وهام في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في 2019.
نذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد الأحد فاز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بنسبة تجاوزت 76 بالمائة، 90 بالمائة منها من الفئة العمرية ما بين 18 و25 سنة، و84 بالمائة تتراوح بين 26 إلى 44 سنة، وفق استطلاع رأي أجرته آنذاك مؤسسة "سيغما كونساي".
هذه الفئة العمرية التي صوتت بكثافة لصالح سعيد في رئاسية 2019 يبدو أنها "تبخرت" في ظرف ثلاث سنوات من توليه رئاسة الجمهورية حيث تفيد النسب الأولية المعلن عنها أن نسبة إقبال الشباب على الاستفتاء على دستور الرئيس الجديد كانت في حدود 2,2 بالمائة حسب الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري الذي قال "أن نسبة تصويت الشباب في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد لم تتجاوز 2,2 بالمائة خلال الفترة الصباحية".
ويمكن تفسير تغيب الشباب أو عزوفهم عن الاقتراع أول أمس بسبب "غضبهم" مما حصل بخصوص تراجع الرئيس عن تفعيل القانون عدد 38 الذي ينص على انتداب حاملي الشهائد العليا الذين فاقت بطالتهم العشر سنوات، مباشرة وعلى دفعات في الوظيفة العمومية والذي اعتبر سعيد انه "وضع كأداة للحكم ولاحتواء الغضب.. وليس قابلا للتنفيذ"، وأكد أنه "لابد من انتدابات حقيقية تمكن الشباب من خلق الثروة، في إطار قانون مختلف عن الأوهام الكاذبة".
تنكر للوعود..
ويبدو أن الشباب فقد جزءا من ثقته في سعيد كما فقدها في الأحزاب خلال سنوات حكمهم الذين يعتبرون أنهم يهتمون بهم فقط في المواسم الانتخابية، وقد اعتبر الباحث في الفسلفة السياسية المعاصرة شكري بن عيسى انه بالنسبة لعزوف الشباب عن الإقبال على الاقتراع يوم الاستفتاء رغم أن سعيد قد اعتمد في مساره السياسي على الشباب الذي صوت له سنة 2019 وهو يرى أن مشروعه الأساسي موجه للشباب والى الأجيال القادمة لكن ما يلاحظ في محطة الاستفتاء الذي اجري على مشروع الدستور انه كان هناك مقاطعة واسعة وعدم اهتمام من الشباب لما يسمى "بمشروع قيس سعيد" لعدة اعتبارات منها أن سعيد لم ينفذ وعوده خاصة بالنسبة للتنمية والتشغيل كما لم يقدم أي جديد للشباب وحتى القانون الذي سمح لهم بالانتداب والانخراط في سوق العمل رفض سعيد تفعيله، وكان رئيس الدولة قد التزم بخيارات صندوق النقد الدولي الذي دعا إلى إيقاف الانتداب في الوظيفة العمومية وبالتالي قضى على آمال الشباب في النفاذ إلى سوق الشغل.
قاعدة انتخابية تقليدية..
فيما اعتبر الناشط السياسي خالد شوكات في تصريحه لـ "الصباح" أن القاعدة الانتخابية تحوّلت من قاعدة المعارضة الراديكالية التي كان سعيد يمثل تطلعاتها سنة 2019 إلى قاعدة الحكم، اي تلك الفئة من المسنين التي تخضع في مصالحها لأجهزة الدولة بشكل او بآخر، كالشرائح الاجتماعية التي تتلقى جرايات الشيخوخة والإعانات العائلية، اذ لا يخفى انه جرى تسخير كافة هياكل الدولة وممثليها من اجل تعبئة المواطنين للذهاب إلى الاستفتاء، وهذه الفئات الهشة كانت دائما مادة لضغط الولاة والمعتمدين والعمد وسائر المسؤولين، فقد أصبح سعيد ممثلا للإدارة ولسائر الأجهزة الرسمية، وعندما تلتقي المصالح تحدث مثل هذه المتغيرات".
كما أضاف شوكات "الشباب اليوم عينه على الهجرة السرية لا على الانتخابات والاستفتاءات والأحلام الشخصية لرئيس الدولة في فرض دستور على عموم التونسيين بربع التونسيين فقط، وما كان الشباب يريد دستورا جديدا بل حوكمة جديدة، لكن هذا لم يحدث ومن هنا الاتجاه إلى القاعدة الانتخابية التقليدية".
جهاد الكلبوسي
تونس – الصباح
ظاهرة عزوف الشباب في تونس عن الاقتراع في مختلف المحطات الانتخابية أصبحت أمرا شبه عادي تترجمه أسباب مختلفة منها عدم الإيفاء بوعود الطبقة السياسية لهم وارتفاع نسب البطالة في صفوفهم وخاصة حاملي الشهائد العليا، والأمر الذي حصل مع الاستفتاء أول أمس حيث تم تسجيل نسبة إقبال محتشمة للشباب يدخل ضمن هذه الخانة رغم أن هذه الفئة كان لها إقبال ضخم وهام في الدور الثاني من الانتخابات الرئاسية في 2019.
نذكر أن رئيس الجمهورية قيس سعيّد الأحد فاز في الدورة الثانية من الانتخابات الرئاسية بنسبة تجاوزت 76 بالمائة، 90 بالمائة منها من الفئة العمرية ما بين 18 و25 سنة، و84 بالمائة تتراوح بين 26 إلى 44 سنة، وفق استطلاع رأي أجرته آنذاك مؤسسة "سيغما كونساي".
هذه الفئة العمرية التي صوتت بكثافة لصالح سعيد في رئاسية 2019 يبدو أنها "تبخرت" في ظرف ثلاث سنوات من توليه رئاسة الجمهورية حيث تفيد النسب الأولية المعلن عنها أن نسبة إقبال الشباب على الاستفتاء على دستور الرئيس الجديد كانت في حدود 2,2 بالمائة حسب الناطق الرسمي باسم الهيئة العليا المستقلة للانتخابات محمد التليلي المنصري الذي قال "أن نسبة تصويت الشباب في الاستفتاء على مشروع الدستور الجديد لم تتجاوز 2,2 بالمائة خلال الفترة الصباحية".
ويمكن تفسير تغيب الشباب أو عزوفهم عن الاقتراع أول أمس بسبب "غضبهم" مما حصل بخصوص تراجع الرئيس عن تفعيل القانون عدد 38 الذي ينص على انتداب حاملي الشهائد العليا الذين فاقت بطالتهم العشر سنوات، مباشرة وعلى دفعات في الوظيفة العمومية والذي اعتبر سعيد انه "وضع كأداة للحكم ولاحتواء الغضب.. وليس قابلا للتنفيذ"، وأكد أنه "لابد من انتدابات حقيقية تمكن الشباب من خلق الثروة، في إطار قانون مختلف عن الأوهام الكاذبة".
تنكر للوعود..
ويبدو أن الشباب فقد جزءا من ثقته في سعيد كما فقدها في الأحزاب خلال سنوات حكمهم الذين يعتبرون أنهم يهتمون بهم فقط في المواسم الانتخابية، وقد اعتبر الباحث في الفسلفة السياسية المعاصرة شكري بن عيسى انه بالنسبة لعزوف الشباب عن الإقبال على الاقتراع يوم الاستفتاء رغم أن سعيد قد اعتمد في مساره السياسي على الشباب الذي صوت له سنة 2019 وهو يرى أن مشروعه الأساسي موجه للشباب والى الأجيال القادمة لكن ما يلاحظ في محطة الاستفتاء الذي اجري على مشروع الدستور انه كان هناك مقاطعة واسعة وعدم اهتمام من الشباب لما يسمى "بمشروع قيس سعيد" لعدة اعتبارات منها أن سعيد لم ينفذ وعوده خاصة بالنسبة للتنمية والتشغيل كما لم يقدم أي جديد للشباب وحتى القانون الذي سمح لهم بالانتداب والانخراط في سوق العمل رفض سعيد تفعيله، وكان رئيس الدولة قد التزم بخيارات صندوق النقد الدولي الذي دعا إلى إيقاف الانتداب في الوظيفة العمومية وبالتالي قضى على آمال الشباب في النفاذ إلى سوق الشغل.
قاعدة انتخابية تقليدية..
فيما اعتبر الناشط السياسي خالد شوكات في تصريحه لـ "الصباح" أن القاعدة الانتخابية تحوّلت من قاعدة المعارضة الراديكالية التي كان سعيد يمثل تطلعاتها سنة 2019 إلى قاعدة الحكم، اي تلك الفئة من المسنين التي تخضع في مصالحها لأجهزة الدولة بشكل او بآخر، كالشرائح الاجتماعية التي تتلقى جرايات الشيخوخة والإعانات العائلية، اذ لا يخفى انه جرى تسخير كافة هياكل الدولة وممثليها من اجل تعبئة المواطنين للذهاب إلى الاستفتاء، وهذه الفئات الهشة كانت دائما مادة لضغط الولاة والمعتمدين والعمد وسائر المسؤولين، فقد أصبح سعيد ممثلا للإدارة ولسائر الأجهزة الرسمية، وعندما تلتقي المصالح تحدث مثل هذه المتغيرات".
كما أضاف شوكات "الشباب اليوم عينه على الهجرة السرية لا على الانتخابات والاستفتاءات والأحلام الشخصية لرئيس الدولة في فرض دستور على عموم التونسيين بربع التونسيين فقط، وما كان الشباب يريد دستورا جديدا بل حوكمة جديدة، لكن هذا لم يحدث ومن هنا الاتجاه إلى القاعدة الانتخابية التقليدية".