إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

 1368 م.د هبة امريكية في طريقها الى الخزينة العمومية في انتظار قرض الصندوق  

 توجت اولى اللقاءات التي جمعت الوفد الحكومي بالادارة الامريكية في اولى ايام الزيارة التي يؤديها الى واشنطن خلال الاسبوع الجاري باتفاق حول حصول تونس على هبة بـ 500 مليون دولار اي ما يعادل 1368 مليون دينار تونسي سيتم توقيعها بصفة رسمية قريبا وستخصص لفائدة مشاريع في علاقة بتطوير المنظومة اللوجستية للنقل البحري في ميناء رادس ومشاريع أخرى تخص التحكم في الموارد المائية وتحسين التصرف فيها.

هذه الهبة التي ستكون بحوزة الحكومة في الايام القادمة تاتي في وقت تحتاج فيه بلادنا الى تمويلات اضافية تنوي تعبئتها خلال السنة الجارية وتناهز في مجملها الـ 19.5 مليار دينار لتغطية العجز الواسع الحاصل بميزانيتها العمومية، وميزة هذه التمويلات الممنوحة من قبل الادارة الامريكية انها في شكل هبة بمعنى انها غير قابلة للاسترجاع في وقت لاحق ...

كما تعتبر قيمة هذه الهبة المزمع تسريحها مهمة حتى انها تجاوزت القيمة التي ضبطها الحكومة في قسم الهبات المتوقع الحصول عليها خلال سنة 2021 حسب قانون المالية والتي تناهز في مجملها الـ 800 مليون دينار، من مجموع 33 مليار متوقع تعبئتها في شكل مداخيل لميزانية الدولة خلال السنة الجارية.

اما في ما يتعلق بحجم التمويلات التي تنوي الحكومة تعبئتها خلال هذه الزيارة في شكل قروض من صندوق النقد الدولي مقابل برنامج اصلاحات باتفاق مع الصندوق فقد ضبطها وزير المالية علي الكعلي قبل توجهه الى واشنطن في اخر تصريح له بما يناهز الـ 4 مليارات دولار، وهو ما اثار جدلا واسعا بين الأوساط التونسية وحتى المؤسسات المالية المانحة والجهات المراقبة في الخارج على اعتبار ان هذه القيمة كبيرة جدا حتى انها تجاوزت الحصة التي يمنحها الصندوق للاعضاء باستمرار.

فحصة تونس باعتبارها احد اعضاء الصندوق لا تتجاوز في الاغلب الـ 2 مليار دولار، والقيمة التي صرح بها وزير المالية والمقدرة بـ 4 مليارات دولار بعيدة كل البعد وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة المفاوضات التي تجريها الحكومة حاليا مع الصندوق ومدى قدرة الوفد الحكومي على اقناع مسؤولي هذه المؤسسة المالية الكبرى بهذه القيمة.

وللتذكير، فان صندوق النقد الدولي منح تونس تمويلات في شكل هبة لمجابهة الازمة الوبائية في شهر مارس من السنة المنقضية بقيمة 750 مليون دينار وتوقف الصندوق بالمقابل عن تسريح بقية اقساط القرض الذي انطلق في منحه لتونس منذ سنة 2018 والمقدر بـ 2.9 مليار دينار وهو القرض الاغلى الذي يمنحه الصندوق لتونس ...

وحول علاقة صندوق النقد الدولي بتونس، لابد من التذكير أن هذه العلاقة تعود الى أعقاب الأزمة الاقتصادية وأزمة المديونية لمنتصف الثمانينات التي أدت إلى خضوع تونس لأول مرّة سنة 1986 إلى ما يسمى ببرنامج الإصلاحات الهيكلية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي.

وفي المناسبتين الاثنتين التي اتفقت فيها الدولة التونسية مع الصندوق بشان برنامج قروض كان الاتفاق مرتبطا بحزمة من الاصلاحات على غرار التقليص من العجز واستعادة التوازنات المالية الكبرى ومعالجة المديونية وإنعاش الدورة الاقتصادية المعطلة ومقاومة البطالة وترشيد الدعم واصلاح واعادة هيكلة المؤسسات العمومية ...

وكانت بلادنا قد تعثرت في مسار الاصلاحات في البرنامجين السابقين وهذا ما حذر منه الصندوق الحكومات السابقة على اعتبار انها اخلت بتعاهداتها وهو ما من شانه ان يعطل تسريح قروض جديدة تحتاجها بلادنا، واليوم تعود تونس من الباب الكبير للتفاوض مجددا مع هذه المؤسسة المالية المانحة وقدمت بالمقابل برنامجا اصلاحيا في شكل وثيقة حكومية ...

وتتضمن الوثيقة خمسة محاور كبرى تكمن في المقاربة والمنهجية والسياسة المتعلقة بالميزانية والسياسية المالية والتصرف والإصلاحات القطاعية، وتحتوي على 42 نقطة. وتطرقت الوثيقة إلى عدم الاستقرار السياسي خلال الفترة الأخيرة والوضع الأمني الاستثنائي، إضافة إلى ارتفاع المطلبية الاجتماعية والوضع الإقليمي غير المستقر وتأثيرات كورونا. كما تم أيضا تقديم أرقام تكشف لأول مرة، على غرار كلفة جائحة كورونا على ميزانية الدولة التونسية وهي في حدود 5300 مليار من المليمات حسب وزارة المالية، بمعنى 4.7 بالمائة من الناتج القومي الخام.

وتحدد الوثيقة أولويات الحكومة من 2021 إلى 2024، والتي تتمثل بالأساس في تعزيز قدرات الاقتصاد التونسي ووضع برنامج واقعي وطموح لإعادة دفع الاقتصاد والاستفادة من الأزمة الحالية للتسريع في إصلاح الدولة ورسم تعديل مقبول للمالية العمومية.

وأكدت الوثيقة أن منهجية العمل تكمن في الحوار مع مختلف الأطراف الوطنية التونسية والدولية، إضافة إلى الشفافية حول حقيقة الوضع والتحديات التي تواجهها البلاد مع الالتزام بتحقيق نتائج عملية وملموسة ذات تأثير على حياة المواطنين.

كما تنص الوثيقة على إحداث وكالة للجباية والمحاسبة العمومية والاستخلاص مع مراجعة النظام التقديري، وحسن التحكم في الموارد البشرة والرقمنة، وتطرقت الوثيقة إلى مسألة المداخيل، وطرحت تحسين استخلاص الديون الجبائية غير المستخلصة التي تجاوزت قيمتها 5 آلاف مليار، ولتسهيل ذلك تم إقرار عفو على الخطايا الجبائية مع دفع 20 بالمائة من المبالغ المتخلدة بالذمة وإقرار جدول زمني للفترة المقبلة، وتشجيع مصالح الجباية على غلق ملفات من اجل إيجاد آليات صلح لتجنب المرور إلى المحكمة.

كذلك تضم الوثيقة نقطة متعلقة بالضريبة على الثروة من خلال إحداث ضريبة على العقارات. وللوصول إلى مجموع الأهداف المطروحة، اشارت الوثيقة على ثلاث نقاط مهمة وضرورية وهي الحوار مع الأطراف الوطنية لبناء التوافق والسعي على حصول دعم الأغلبية في البرلمان لهذا البرنامج الاقتصادي والتركيز على الإصلاحات ذات الكلفة الاجتماعية الضعيفة فضلا عن إنجاح استراتيجية التلقيح ضد الوباء.

وفاء بن محمد

 1368 م.د هبة امريكية في طريقها الى الخزينة العمومية في انتظار قرض الصندوق   

 توجت اولى اللقاءات التي جمعت الوفد الحكومي بالادارة الامريكية في اولى ايام الزيارة التي يؤديها الى واشنطن خلال الاسبوع الجاري باتفاق حول حصول تونس على هبة بـ 500 مليون دولار اي ما يعادل 1368 مليون دينار تونسي سيتم توقيعها بصفة رسمية قريبا وستخصص لفائدة مشاريع في علاقة بتطوير المنظومة اللوجستية للنقل البحري في ميناء رادس ومشاريع أخرى تخص التحكم في الموارد المائية وتحسين التصرف فيها.

هذه الهبة التي ستكون بحوزة الحكومة في الايام القادمة تاتي في وقت تحتاج فيه بلادنا الى تمويلات اضافية تنوي تعبئتها خلال السنة الجارية وتناهز في مجملها الـ 19.5 مليار دينار لتغطية العجز الواسع الحاصل بميزانيتها العمومية، وميزة هذه التمويلات الممنوحة من قبل الادارة الامريكية انها في شكل هبة بمعنى انها غير قابلة للاسترجاع في وقت لاحق ...

كما تعتبر قيمة هذه الهبة المزمع تسريحها مهمة حتى انها تجاوزت القيمة التي ضبطها الحكومة في قسم الهبات المتوقع الحصول عليها خلال سنة 2021 حسب قانون المالية والتي تناهز في مجملها الـ 800 مليون دينار، من مجموع 33 مليار متوقع تعبئتها في شكل مداخيل لميزانية الدولة خلال السنة الجارية.

اما في ما يتعلق بحجم التمويلات التي تنوي الحكومة تعبئتها خلال هذه الزيارة في شكل قروض من صندوق النقد الدولي مقابل برنامج اصلاحات باتفاق مع الصندوق فقد ضبطها وزير المالية علي الكعلي قبل توجهه الى واشنطن في اخر تصريح له بما يناهز الـ 4 مليارات دولار، وهو ما اثار جدلا واسعا بين الأوساط التونسية وحتى المؤسسات المالية المانحة والجهات المراقبة في الخارج على اعتبار ان هذه القيمة كبيرة جدا حتى انها تجاوزت الحصة التي يمنحها الصندوق للاعضاء باستمرار.

فحصة تونس باعتبارها احد اعضاء الصندوق لا تتجاوز في الاغلب الـ 2 مليار دولار، والقيمة التي صرح بها وزير المالية والمقدرة بـ 4 مليارات دولار بعيدة كل البعد وهو ما يطرح العديد من التساؤلات حول طبيعة المفاوضات التي تجريها الحكومة حاليا مع الصندوق ومدى قدرة الوفد الحكومي على اقناع مسؤولي هذه المؤسسة المالية الكبرى بهذه القيمة.

وللتذكير، فان صندوق النقد الدولي منح تونس تمويلات في شكل هبة لمجابهة الازمة الوبائية في شهر مارس من السنة المنقضية بقيمة 750 مليون دينار وتوقف الصندوق بالمقابل عن تسريح بقية اقساط القرض الذي انطلق في منحه لتونس منذ سنة 2018 والمقدر بـ 2.9 مليار دينار وهو القرض الاغلى الذي يمنحه الصندوق لتونس ...

وحول علاقة صندوق النقد الدولي بتونس، لابد من التذكير أن هذه العلاقة تعود الى أعقاب الأزمة الاقتصادية وأزمة المديونية لمنتصف الثمانينات التي أدت إلى خضوع تونس لأول مرّة سنة 1986 إلى ما يسمى ببرنامج الإصلاحات الهيكلية لصندوق النقد الدولي والبنك العالمي.

وفي المناسبتين الاثنتين التي اتفقت فيها الدولة التونسية مع الصندوق بشان برنامج قروض كان الاتفاق مرتبطا بحزمة من الاصلاحات على غرار التقليص من العجز واستعادة التوازنات المالية الكبرى ومعالجة المديونية وإنعاش الدورة الاقتصادية المعطلة ومقاومة البطالة وترشيد الدعم واصلاح واعادة هيكلة المؤسسات العمومية ...

وكانت بلادنا قد تعثرت في مسار الاصلاحات في البرنامجين السابقين وهذا ما حذر منه الصندوق الحكومات السابقة على اعتبار انها اخلت بتعاهداتها وهو ما من شانه ان يعطل تسريح قروض جديدة تحتاجها بلادنا، واليوم تعود تونس من الباب الكبير للتفاوض مجددا مع هذه المؤسسة المالية المانحة وقدمت بالمقابل برنامجا اصلاحيا في شكل وثيقة حكومية ...

وتتضمن الوثيقة خمسة محاور كبرى تكمن في المقاربة والمنهجية والسياسة المتعلقة بالميزانية والسياسية المالية والتصرف والإصلاحات القطاعية، وتحتوي على 42 نقطة. وتطرقت الوثيقة إلى عدم الاستقرار السياسي خلال الفترة الأخيرة والوضع الأمني الاستثنائي، إضافة إلى ارتفاع المطلبية الاجتماعية والوضع الإقليمي غير المستقر وتأثيرات كورونا. كما تم أيضا تقديم أرقام تكشف لأول مرة، على غرار كلفة جائحة كورونا على ميزانية الدولة التونسية وهي في حدود 5300 مليار من المليمات حسب وزارة المالية، بمعنى 4.7 بالمائة من الناتج القومي الخام.

وتحدد الوثيقة أولويات الحكومة من 2021 إلى 2024، والتي تتمثل بالأساس في تعزيز قدرات الاقتصاد التونسي ووضع برنامج واقعي وطموح لإعادة دفع الاقتصاد والاستفادة من الأزمة الحالية للتسريع في إصلاح الدولة ورسم تعديل مقبول للمالية العمومية.

وأكدت الوثيقة أن منهجية العمل تكمن في الحوار مع مختلف الأطراف الوطنية التونسية والدولية، إضافة إلى الشفافية حول حقيقة الوضع والتحديات التي تواجهها البلاد مع الالتزام بتحقيق نتائج عملية وملموسة ذات تأثير على حياة المواطنين.

كما تنص الوثيقة على إحداث وكالة للجباية والمحاسبة العمومية والاستخلاص مع مراجعة النظام التقديري، وحسن التحكم في الموارد البشرة والرقمنة، وتطرقت الوثيقة إلى مسألة المداخيل، وطرحت تحسين استخلاص الديون الجبائية غير المستخلصة التي تجاوزت قيمتها 5 آلاف مليار، ولتسهيل ذلك تم إقرار عفو على الخطايا الجبائية مع دفع 20 بالمائة من المبالغ المتخلدة بالذمة وإقرار جدول زمني للفترة المقبلة، وتشجيع مصالح الجباية على غلق ملفات من اجل إيجاد آليات صلح لتجنب المرور إلى المحكمة.

كذلك تضم الوثيقة نقطة متعلقة بالضريبة على الثروة من خلال إحداث ضريبة على العقارات. وللوصول إلى مجموع الأهداف المطروحة، اشارت الوثيقة على ثلاث نقاط مهمة وضرورية وهي الحوار مع الأطراف الوطنية لبناء التوافق والسعي على حصول دعم الأغلبية في البرلمان لهذا البرنامج الاقتصادي والتركيز على الإصلاحات ذات الكلفة الاجتماعية الضعيفة فضلا عن إنجاح استراتيجية التلقيح ضد الوباء.

وفاء بن محمد

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews