- على هيئة الانتخابات حماية منظومة التسجيل من الاختراق لتلافي خطر العنف
ـ آجال الاعتراض على قائمة أعضاء الهيئات الفرعية قصيرة ولا تسمح بالتثبت من حيادهم واستقلاليتهم
ـ شاهدنا حملة بالطبل والمزمار لكن لا أحد تحدث فيها عن مضامين الدستور
تونس: الصباح
أثار البلاغ المتعلق بالهجوم السيبرني على موقع تسجيل الناخبين الصادر مساء أمس الأول عن رئاسة الجمهورية إثر اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزير الداخلية توفيق شرف الدين مخاوف الجمعيات والمنظمات المعنية بملاحظة مسار الاستفتاء نظرا لما تمثله هذه الاختراقات من خطورة على سلامة السجل الانتخابي ومصداقيته. حيث جاء في البلاغ المذكور أنه تم التعرّض خلال اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بوزير الداخلية إلى "ما تمّ كشفه في الأيام الأخيرة من اختراقات للموقع الإلكتروني المتعلق بتسجيل الناخبين والناخبات وتغيير مراكز الاقتراع في محاولة يائسة كالتي حصلت بمناسبة الاستشارة الوطنية لإدخال الفوضى والإرباك يوم الاستفتاء"..، كما جاء في نفس البلاغ أنه تم فتح بحث عدلي بإذن من النيابة العمومية ووقع الكشف عن 1700 هجوم الكتروني أو اختراق، وتمّ سماع 7 أشخاص من قبل الجهات الأمنية المختصة في انتظار سماع كل من سيكشف عنه البحث.
ومن بين المنظمات التي حذرت بشدة من مخاطر اختراق موقع تسجيل الناخبين، الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات عتيد، إذ أشار رئيس الهيئة المديرة لهذه الجمعية الدكتور بسام معطر إلى ضرورة احترام المعايير الفضلى للاستفتاء ومن أهمها مصداقية السجل الانتخابي وسلامته ونزاهته وخلوه من جميع الشوائب. وأضاف في تصريح لـ "الصباح" أنه منذ انطلاق الروزنامة الانتخابية، طالبت جمعية "عتيد" الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمنح مسألة شفافية منظومة التسجيل الأهمية القصوى، وعندما تقرر تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه إضافة إمكانية التسجيل الآلي، ورغم تشجيع "عتيد" على استعمال التكنولوجيات الحديثة فإنها طالبت باحترام شروط السلامة المعلوماتية في عمليات التسجيل الآلي، وقد كانت إجابة الهيئة وقتها مطمئنة، إذ أنها أكدت للتونسيين قدرتها على ضمان شروط السلامة، لكنها في بلاغها الصادر بتاريخ 4 جويلية 2022 نشرت معطيات مفادها أنه تم التفطن إلى محاولات تغيير مراكز الاقتراع الخاصة بالناخبين دون علمهم، وهو ما يثير القلق ويغذي المخاوف والشكوك.
غياب شروط السلامة
وأضاف الدكتور بسام معطر أنه لو كانت هناك ضمانات فعلية لشروط سلامة منظومة التسجيل فلا يمكن أن تحدث مثل هذه المحاولات، ولا يمكن لأي كان أن يدخل بأي طريقة كانت إلى المعطيات الشخصية لغيره ويدخل عليها تغييرات دون علمه حتى وإن كان في حوزته رقم بطاقة تعريفه الوطنية ورقم هاتفه الجوال.
ولاحظ رئيس الهيئة المديرة لجمعية "عتيد" أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ نشر ذلك البلاغ لم تقدم للرأي العام معطيات حول عدد الناخبين الذين تم تغيير مراكز الاقتراع الخاصة بهم دون علمهم ونسبتهم مقارنة بالعدد الجملي للمسجلين ولم تعلم التونسيين بما فعلته وهل تم إصلاح الخطأ وتجاوز الثغرات بما يمكن أن يحول نهائيا دون تكرر مثل هذه العملية.
وذكر الدكتور معطر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحدثت في بلاغ 4 جويلية عن تغيير مراكز اقتراع ناخبين دون علمهم لكن رئاسة الجمهورية في بلاغها الصادر مساء الثلاثاء الماضي أصبحت تتحدث عن اختراقات وهجومات الكترونية، وبين أنه يجب ألا يتم الاقتصار على تتبع من يقفون خلف هذه الاختراقات والهجومات بل لا بد من التعجيل في اتخاذ إجراءات عملية لحماية منظومة التسجيل.
وفسر أنه من الناحية الفنية يتعين على الهيئة أن تراجع منظومة التسجيل من أجل ضمان سلامتها وحتى تتلافى أي تدخل فيها وتتصدى إلى أي محاولة تلاعب بها. وذكر أنه في ظل غياب تام للإحصائيات الدقيقة حول عملية التسجيل سواء التسجيل الإرادي أو التسجيل الآلي أو عمليات التحيين و في ظل غياب المعلومة حول إستراتيجية التسجيل آليا وعدم نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي الذي أعلنت الهيئة أنها ستقوم به ونظرا للخطورة التي يكتسيها أي مسّ من مصداقية وسلامة السجل الانتخابي فإن جمعية عتيد تطالب الهيئة بفتح تحقيق جدي في مسألة تغيير مراكز الاقتراع لمسجلين دون علمهم ونشر نتائجه للرأي العام لأنه من المهم أن يعرف التونسيون من الهيئة نفسها من هي الأطراف التي قامت بهذه العملية، ومن المهم أن تقوم الهيئة نفسها بسد الثغرات التي أدت إلى حصول هذه الاختراقات لأن الهيئة هي المحمول عليها بالقانون واجب مسك سجل للناخبين يكون دقيقا وشفافا وشاملا ومحينا وبالتالي هي المسؤولة عن منظومة التسجيل وما عليها سوى أن تتحمل مسؤولياتها كاملة وتقوم بالأدوار المطلوبة منها.
وطالب رئيس الجمعية، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالتعجيل في نشر وتوضيح الخصائص الفنيّة لمنظومة التسجيل الآلي وضمانات السلامة المعتمدة ومدى نجاعتها والكشف عن مواطن الخلل والثغرات التي مكنت من تغيير مراكز الاقتراع لمسجلين دون علمهم كما دعاها إلى نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي وتوضيح المنهجية والآليات المعتمدة في هذا التدقيق.
وأضاف أن هذا لا يكفي، بل على الهيئة نشر إحصائيات التسجيل والتحيين وتوضيح الطريقة المعتمدة للتسجيل الآلي وكيفية توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع. وبين أن الهيئة في محطات انتخابية سابقة عودت المجتمع المدني والصحفيين والسياسيين والمهتمين بالشأن العام بنشر جميع الإحصائيات المتصلة بعمليات التسجيل ونشر قائمات للمسجلين حسب الجنس والفئة العمرية والدائرة الانتخابية وهي معطيات مهمة للفهم والتحليل..، ونظرا لأهميتها فإن الهيئة مدعوة اليوم إلى نشر الإحصائيات مفصلة لأن المعطيات المتعلقة بالتسجيل ليست مرتبطة باستفتاء 25 جويلية الجاري فقط بل وأيضا بالانتخابات التشريعية المرتقبة، فبصرف النظر على أن الاستفتاء سيتم في دائرة انتخابية وحيدة يجب على الهيئة نشر الإحصائيات لأنها في السابق وبمناسبة الانتخابات الرئاسية التي تمت هي الأخرى في دائرة انتخابية وحيدة نشرت الإحصائيات.
إبعاد الشباب
أشار الدكتور بسام معطر إلى أنه إضافة إلى وجوب نشر الإحصائيات، يتعين على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن توضح إستراتيجيتها في التسجيل الآلي لأن فريق الملاحظين التابعين لجمعية "عتيد" ومن خلال متابعتهم لعملية التسجيل الآلي تبينوا أنه تم تسجيل الشباب في مراكز اقتراع بعيدة جغرافيا عن مقرات سكناهم، فهناك شباب تم تسجيلهم في مراكز في نفس المعتمديات ولكنها تبعد عن مقرات سكناهم 18 كلم والحال أنه توجد مراكز اقتراع على بعد أمتار من منازلهم، وهذه العملية من شأنها أن تضرب حق المواطن في الاقتراع.
كما ذكر محدثنا إلى أنه في علاقة بعمليات تحيين مراكز الاقتراع، لاحظت جمعية عتيد أن الهيئة فتحت المجال أمام المسجلين لتحيين مراكزهم ثم تولت أمس الأول نشر بلاغ أعلنت من خلاله عن قرارها بالتمديد في فترة التحيين لمدة يومي 13 و14 جويلية الجاري، ولكنها في المقابل، لم تقم بحملة تحسيسية لحث الناخبين على التحيين.
وأكد أن الهيئة في السابق كانت تقوم بحملات كبيرة لكن هذه المرة لم تقم بحملة، كما أنها كانت في السابق تنظم ندوات صحفية بصفة مسترسلة يحضرها ممثلو وسائل الإعلام والمجتمع المدني وعلى أساس الملاحظات والأسئلة التي يقع طرحها في تلك الندوات كانت الهيئة تراجع أحيانا قرارات وتراتيب اتخذتها وتبين قصورها، لكن في الوقت الراهن الهيئة منغلقة تماما على نفسها وتعمل بصفة انفرادية وهو ما جعلها تتفطن لنقائص حاولت معالجها عبر اتخاذ الإجراءات الاستثنائية رغبة منها في تجاوزها، وذكر معطر أن الهيئة تريد تنفيذ قرار قبلي وهو تنظيم استفتاء يوم 25 جويلية 2022 مهما كانت الطريقة، وأشار إلى أنهم في جمعية "عتيد" يتمنون أن تتمكن الهيئة فعلا من تذليل الصعوبات وتحقيق موعد 25 جويلية لكنهم في نفس الوقت متمسكون بمطالبتها باحترام المعايير الفضلى لتنظيم الاستفتاء، ومن أهم المعايير الفضلى، الشفافية وهي غير محترمة من قبل الهيئة، وكذلك نزاهة العملية الانتخابية لكن الهيئة أكثرت من الإجراءات الاستثنائية سواء تعلق الأمر بتسجيل الناخبين أو بالهيئات الفرعية أو بتحيين التسجيل وهو ما يضرب نزاهة العملية الانتخابية.
الاستقلالية والحياد
أضاف الدكتور بسام معطر رئيس جمعية تعيد أن شروط الحياد والاستقلالية في أعضاء الهيئات الفرعية وأعضاء مكاتب الاقتراع بدورها غير مضمونة، فالهيئة لم توفر ضمانات لاحترامها بسبب الآجال القصيرة التي منحتها أمام المواطنين للاعتراض على قائمة المترشحين لعضوية الهيئات الفرعية، أما بالنسبة إلى مراكز ومكاتب الاقتراع فإنها أعلنت عن اعتزامها انتداب 84 ألف عضو لهذه المراكز والمكاتب وهي عندما تمنح المواطنين 48 ساعة فقط للاعتراض على قائمات أعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع فهذا ضحك على الذقون وهي تطلب منهم المستحيل، فحتى وزارة الداخلية وجهاز الاستعلامات ربما يصعب عليهما التثبت والتحري في مدى توفر الشروط المطلوبة في 84 ألف عضو..
وبين معطر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تتقدم في مسار الاستفتاء في إيهام للجميع بأنها تفعل ذلك في إطار احترام المعايير الفضلى للاستفتاء، ولكن عضو مجلس الهيئة سامي بن سلامة نفسه وجه اتهامات خطيرة للهيئة منها أنه يوجد صلبها من يريدون تعطيل الاستفتاء وإفساده إضافة إلى قبول أعضاء للهيئات الفرعية يشتبه في عدم استقلاليتهم.
وردا عن استفسار حول ما هو المطلوب من الهيئة أن تفعله قبل يوم الاقتراع حتى تقول عن نفسها إنها نظمت استفتاء وفق المعايير الفضلى، أجاب الدكتور معطر أنه بإمكان الهيئة تقنيا وميدانيا أن تنظم الاستفتاء يوم 25 جويلية، لكن هناك مخاطر كبرى تحف بهذه العملية منها على سبيل الذكر لا الحصر إمكانية حصول حالات عنف في مكاتب الاقتراع في صورة تغيير مراكز اقتراع ناخبين أو فسخ أسمائهم من قائمات الناخبين، وكذلك إمكانية التأثير على إرادة الناخبين وتدليس الانتخابات في صورة تسلل أعضاء مكاتب ومراكز اقتراع لا تتوفر فيهم شروط الحياد وفي صورة قيام هؤلاء بأخطاء فنية بالنظر إلى العجلة في انتدابهم وإلى عدم توفر الوقت الكافي لتكوينهم وإطلاعهم على التشريع الانتخابي وتعويدهم على العملية الانتخابية تقنيا وإداريا حتى لا يرتكبوا أخطاء، ومنها الأخطاء في كتابة محاضر الفرز وفي وضع كل نسخة من المحضر في مكانها الصحيح، وذكر أن هذه الجزئية قد تبدو بسيطة لكن خلال محطات انتخابية سابقة ونظرا لغياب المعارف التقنية اللازمة لدى أعضاء مكاتب اقتراع فقد تأخير نشر النتائج وما تبعه من عمليات تشكيك، وفسر أن الهيئة اضطرت إلى تكليف عدول تنفيذ بإخراج محاضر رسمية من صناديق الاقتراع لأن أعضاء المكاتب أخطأوا ووضعوها داخل الصناديق.
طبل ومزمار في الحملة
تعقيبا عن سؤال آخر حول تقييم جمعية عتيد لحملة الاستفتاء التي انطلقت يوم 3 جويلية وستتواصل إلى 23 من نفس الشهر أجاب الدكتور بسام معطر قائلا إن الحملة إلى حد الآن مازالت باهتة، وحتى الأماكن التي تم تخصيصها للمعلقات فمازالت جلها شاغرة، كما لا توجد اجتماعات وتظاهرات كبيرة وكل ما في الأمر هناك مجموعات صغيرة من المشاركين وعائلاتهم يقومون بالتواصل المباشر مع الناس ويطلبون منهم الذهاب إلى مراكز الاقتراع يوم 25 جويلية والتصويت بـ"نعم" أو بـ"لا"، وذكر أن ملاحظي "عتيد" رصدوا في مدنين حملة انتخابية بالطبل والمزمار لكن لم يقع التطرق خلالها إلى مضامين مشروع الدستور، كما لاحظوا منع حزب آفاق تونس من تنظيم نشاط في سيدي بوزيد إضافة إلى رصد تصريح لوزير الشباب والرياضة فيه مساس من مبدأ حياد الإدارة ورصد معلقات فيها علم الجمهورية وصور الرئيس.. وأضاف أن جمعية "عتيد" لاحظت وجود ضبابية لدى الناخبين في علاقة بمحتوى مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، لأن رجال القانون ناقشوا المشروع الذي تم نشره يوم 30 جوان وناقشوا المشروع الذي أعدته الهيئة الاستشارية، وناقشوا التعديلات التي أدخلها رئيس الجمهورية على نسخة 30 جوان، وهي تعديلات جاءت خارج الآجال التي تم ضبطها سابقا والأهم من ذلك أنها مست بصفة جوهرية من عديد الفصول وجعلت الناس يشعرون كما لو أنهم في مسار جديد لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تبد رأيها في المسألة وخيرت الهروب إلى الأمام واكتفت بمنح أجل للمشاركين في الحملة لكي يغيروا مواقفهم من مشروع الدستور إن أرادوا ذلك.
وذكر معطر أنه لا يستبعد أن تكون هناك قبل 25 جويلية نسخة ثالثة لمشروع الدستور فكل شيء وارد في ظل الحالة الاستثنائية، واستدرك مشددا على أن القاعدة الأساسية للحالة الاستثنائية هي احترام الضوابط.
سعيدة بوهلال
- على هيئة الانتخابات حماية منظومة التسجيل من الاختراق لتلافي خطر العنف
ـ آجال الاعتراض على قائمة أعضاء الهيئات الفرعية قصيرة ولا تسمح بالتثبت من حيادهم واستقلاليتهم
ـ شاهدنا حملة بالطبل والمزمار لكن لا أحد تحدث فيها عن مضامين الدستور
تونس: الصباح
أثار البلاغ المتعلق بالهجوم السيبرني على موقع تسجيل الناخبين الصادر مساء أمس الأول عن رئاسة الجمهورية إثر اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية قيس سعيد بوزير الداخلية توفيق شرف الدين مخاوف الجمعيات والمنظمات المعنية بملاحظة مسار الاستفتاء نظرا لما تمثله هذه الاختراقات من خطورة على سلامة السجل الانتخابي ومصداقيته. حيث جاء في البلاغ المذكور أنه تم التعرّض خلال اللقاء الذي جمع رئيس الجمهورية بوزير الداخلية إلى "ما تمّ كشفه في الأيام الأخيرة من اختراقات للموقع الإلكتروني المتعلق بتسجيل الناخبين والناخبات وتغيير مراكز الاقتراع في محاولة يائسة كالتي حصلت بمناسبة الاستشارة الوطنية لإدخال الفوضى والإرباك يوم الاستفتاء"..، كما جاء في نفس البلاغ أنه تم فتح بحث عدلي بإذن من النيابة العمومية ووقع الكشف عن 1700 هجوم الكتروني أو اختراق، وتمّ سماع 7 أشخاص من قبل الجهات الأمنية المختصة في انتظار سماع كل من سيكشف عنه البحث.
ومن بين المنظمات التي حذرت بشدة من مخاطر اختراق موقع تسجيل الناخبين، الجمعية التونسية من أجل نزاهة وديمقراطية الانتخابات عتيد، إذ أشار رئيس الهيئة المديرة لهذه الجمعية الدكتور بسام معطر إلى ضرورة احترام المعايير الفضلى للاستفتاء ومن أهمها مصداقية السجل الانتخابي وسلامته ونزاهته وخلوه من جميع الشوائب. وأضاف في تصريح لـ "الصباح" أنه منذ انطلاق الروزنامة الانتخابية، طالبت جمعية "عتيد" الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بمنح مسألة شفافية منظومة التسجيل الأهمية القصوى، وعندما تقرر تنقيح القانون الانتخابي في اتجاه إضافة إمكانية التسجيل الآلي، ورغم تشجيع "عتيد" على استعمال التكنولوجيات الحديثة فإنها طالبت باحترام شروط السلامة المعلوماتية في عمليات التسجيل الآلي، وقد كانت إجابة الهيئة وقتها مطمئنة، إذ أنها أكدت للتونسيين قدرتها على ضمان شروط السلامة، لكنها في بلاغها الصادر بتاريخ 4 جويلية 2022 نشرت معطيات مفادها أنه تم التفطن إلى محاولات تغيير مراكز الاقتراع الخاصة بالناخبين دون علمهم، وهو ما يثير القلق ويغذي المخاوف والشكوك.
غياب شروط السلامة
وأضاف الدكتور بسام معطر أنه لو كانت هناك ضمانات فعلية لشروط سلامة منظومة التسجيل فلا يمكن أن تحدث مثل هذه المحاولات، ولا يمكن لأي كان أن يدخل بأي طريقة كانت إلى المعطيات الشخصية لغيره ويدخل عليها تغييرات دون علمه حتى وإن كان في حوزته رقم بطاقة تعريفه الوطنية ورقم هاتفه الجوال.
ولاحظ رئيس الهيئة المديرة لجمعية "عتيد" أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات منذ نشر ذلك البلاغ لم تقدم للرأي العام معطيات حول عدد الناخبين الذين تم تغيير مراكز الاقتراع الخاصة بهم دون علمهم ونسبتهم مقارنة بالعدد الجملي للمسجلين ولم تعلم التونسيين بما فعلته وهل تم إصلاح الخطأ وتجاوز الثغرات بما يمكن أن يحول نهائيا دون تكرر مثل هذه العملية.
وذكر الدكتور معطر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تحدثت في بلاغ 4 جويلية عن تغيير مراكز اقتراع ناخبين دون علمهم لكن رئاسة الجمهورية في بلاغها الصادر مساء الثلاثاء الماضي أصبحت تتحدث عن اختراقات وهجومات الكترونية، وبين أنه يجب ألا يتم الاقتصار على تتبع من يقفون خلف هذه الاختراقات والهجومات بل لا بد من التعجيل في اتخاذ إجراءات عملية لحماية منظومة التسجيل.
وفسر أنه من الناحية الفنية يتعين على الهيئة أن تراجع منظومة التسجيل من أجل ضمان سلامتها وحتى تتلافى أي تدخل فيها وتتصدى إلى أي محاولة تلاعب بها. وذكر أنه في ظل غياب تام للإحصائيات الدقيقة حول عملية التسجيل سواء التسجيل الإرادي أو التسجيل الآلي أو عمليات التحيين و في ظل غياب المعلومة حول إستراتيجية التسجيل آليا وعدم نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي الذي أعلنت الهيئة أنها ستقوم به ونظرا للخطورة التي يكتسيها أي مسّ من مصداقية وسلامة السجل الانتخابي فإن جمعية عتيد تطالب الهيئة بفتح تحقيق جدي في مسألة تغيير مراكز الاقتراع لمسجلين دون علمهم ونشر نتائجه للرأي العام لأنه من المهم أن يعرف التونسيون من الهيئة نفسها من هي الأطراف التي قامت بهذه العملية، ومن المهم أن تقوم الهيئة نفسها بسد الثغرات التي أدت إلى حصول هذه الاختراقات لأن الهيئة هي المحمول عليها بالقانون واجب مسك سجل للناخبين يكون دقيقا وشفافا وشاملا ومحينا وبالتالي هي المسؤولة عن منظومة التسجيل وما عليها سوى أن تتحمل مسؤولياتها كاملة وتقوم بالأدوار المطلوبة منها.
وطالب رئيس الجمعية، الهيئة العليا المستقلة للانتخابات بالتعجيل في نشر وتوضيح الخصائص الفنيّة لمنظومة التسجيل الآلي وضمانات السلامة المعتمدة ومدى نجاعتها والكشف عن مواطن الخلل والثغرات التي مكنت من تغيير مراكز الاقتراع لمسجلين دون علمهم كما دعاها إلى نشر نتائج التدقيق في السجل الانتخابي وتوضيح المنهجية والآليات المعتمدة في هذا التدقيق.
وأضاف أن هذا لا يكفي، بل على الهيئة نشر إحصائيات التسجيل والتحيين وتوضيح الطريقة المعتمدة للتسجيل الآلي وكيفية توزيع الناخبين على مراكز الاقتراع. وبين أن الهيئة في محطات انتخابية سابقة عودت المجتمع المدني والصحفيين والسياسيين والمهتمين بالشأن العام بنشر جميع الإحصائيات المتصلة بعمليات التسجيل ونشر قائمات للمسجلين حسب الجنس والفئة العمرية والدائرة الانتخابية وهي معطيات مهمة للفهم والتحليل..، ونظرا لأهميتها فإن الهيئة مدعوة اليوم إلى نشر الإحصائيات مفصلة لأن المعطيات المتعلقة بالتسجيل ليست مرتبطة باستفتاء 25 جويلية الجاري فقط بل وأيضا بالانتخابات التشريعية المرتقبة، فبصرف النظر على أن الاستفتاء سيتم في دائرة انتخابية وحيدة يجب على الهيئة نشر الإحصائيات لأنها في السابق وبمناسبة الانتخابات الرئاسية التي تمت هي الأخرى في دائرة انتخابية وحيدة نشرت الإحصائيات.
إبعاد الشباب
أشار الدكتور بسام معطر إلى أنه إضافة إلى وجوب نشر الإحصائيات، يتعين على الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن توضح إستراتيجيتها في التسجيل الآلي لأن فريق الملاحظين التابعين لجمعية "عتيد" ومن خلال متابعتهم لعملية التسجيل الآلي تبينوا أنه تم تسجيل الشباب في مراكز اقتراع بعيدة جغرافيا عن مقرات سكناهم، فهناك شباب تم تسجيلهم في مراكز في نفس المعتمديات ولكنها تبعد عن مقرات سكناهم 18 كلم والحال أنه توجد مراكز اقتراع على بعد أمتار من منازلهم، وهذه العملية من شأنها أن تضرب حق المواطن في الاقتراع.
كما ذكر محدثنا إلى أنه في علاقة بعمليات تحيين مراكز الاقتراع، لاحظت جمعية عتيد أن الهيئة فتحت المجال أمام المسجلين لتحيين مراكزهم ثم تولت أمس الأول نشر بلاغ أعلنت من خلاله عن قرارها بالتمديد في فترة التحيين لمدة يومي 13 و14 جويلية الجاري، ولكنها في المقابل، لم تقم بحملة تحسيسية لحث الناخبين على التحيين.
وأكد أن الهيئة في السابق كانت تقوم بحملات كبيرة لكن هذه المرة لم تقم بحملة، كما أنها كانت في السابق تنظم ندوات صحفية بصفة مسترسلة يحضرها ممثلو وسائل الإعلام والمجتمع المدني وعلى أساس الملاحظات والأسئلة التي يقع طرحها في تلك الندوات كانت الهيئة تراجع أحيانا قرارات وتراتيب اتخذتها وتبين قصورها، لكن في الوقت الراهن الهيئة منغلقة تماما على نفسها وتعمل بصفة انفرادية وهو ما جعلها تتفطن لنقائص حاولت معالجها عبر اتخاذ الإجراءات الاستثنائية رغبة منها في تجاوزها، وذكر معطر أن الهيئة تريد تنفيذ قرار قبلي وهو تنظيم استفتاء يوم 25 جويلية 2022 مهما كانت الطريقة، وأشار إلى أنهم في جمعية "عتيد" يتمنون أن تتمكن الهيئة فعلا من تذليل الصعوبات وتحقيق موعد 25 جويلية لكنهم في نفس الوقت متمسكون بمطالبتها باحترام المعايير الفضلى لتنظيم الاستفتاء، ومن أهم المعايير الفضلى، الشفافية وهي غير محترمة من قبل الهيئة، وكذلك نزاهة العملية الانتخابية لكن الهيئة أكثرت من الإجراءات الاستثنائية سواء تعلق الأمر بتسجيل الناخبين أو بالهيئات الفرعية أو بتحيين التسجيل وهو ما يضرب نزاهة العملية الانتخابية.
الاستقلالية والحياد
أضاف الدكتور بسام معطر رئيس جمعية تعيد أن شروط الحياد والاستقلالية في أعضاء الهيئات الفرعية وأعضاء مكاتب الاقتراع بدورها غير مضمونة، فالهيئة لم توفر ضمانات لاحترامها بسبب الآجال القصيرة التي منحتها أمام المواطنين للاعتراض على قائمة المترشحين لعضوية الهيئات الفرعية، أما بالنسبة إلى مراكز ومكاتب الاقتراع فإنها أعلنت عن اعتزامها انتداب 84 ألف عضو لهذه المراكز والمكاتب وهي عندما تمنح المواطنين 48 ساعة فقط للاعتراض على قائمات أعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع فهذا ضحك على الذقون وهي تطلب منهم المستحيل، فحتى وزارة الداخلية وجهاز الاستعلامات ربما يصعب عليهما التثبت والتحري في مدى توفر الشروط المطلوبة في 84 ألف عضو..
وبين معطر أن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات تتقدم في مسار الاستفتاء في إيهام للجميع بأنها تفعل ذلك في إطار احترام المعايير الفضلى للاستفتاء، ولكن عضو مجلس الهيئة سامي بن سلامة نفسه وجه اتهامات خطيرة للهيئة منها أنه يوجد صلبها من يريدون تعطيل الاستفتاء وإفساده إضافة إلى قبول أعضاء للهيئات الفرعية يشتبه في عدم استقلاليتهم.
وردا عن استفسار حول ما هو المطلوب من الهيئة أن تفعله قبل يوم الاقتراع حتى تقول عن نفسها إنها نظمت استفتاء وفق المعايير الفضلى، أجاب الدكتور معطر أنه بإمكان الهيئة تقنيا وميدانيا أن تنظم الاستفتاء يوم 25 جويلية، لكن هناك مخاطر كبرى تحف بهذه العملية منها على سبيل الذكر لا الحصر إمكانية حصول حالات عنف في مكاتب الاقتراع في صورة تغيير مراكز اقتراع ناخبين أو فسخ أسمائهم من قائمات الناخبين، وكذلك إمكانية التأثير على إرادة الناخبين وتدليس الانتخابات في صورة تسلل أعضاء مكاتب ومراكز اقتراع لا تتوفر فيهم شروط الحياد وفي صورة قيام هؤلاء بأخطاء فنية بالنظر إلى العجلة في انتدابهم وإلى عدم توفر الوقت الكافي لتكوينهم وإطلاعهم على التشريع الانتخابي وتعويدهم على العملية الانتخابية تقنيا وإداريا حتى لا يرتكبوا أخطاء، ومنها الأخطاء في كتابة محاضر الفرز وفي وضع كل نسخة من المحضر في مكانها الصحيح، وذكر أن هذه الجزئية قد تبدو بسيطة لكن خلال محطات انتخابية سابقة ونظرا لغياب المعارف التقنية اللازمة لدى أعضاء مكاتب اقتراع فقد تأخير نشر النتائج وما تبعه من عمليات تشكيك، وفسر أن الهيئة اضطرت إلى تكليف عدول تنفيذ بإخراج محاضر رسمية من صناديق الاقتراع لأن أعضاء المكاتب أخطأوا ووضعوها داخل الصناديق.
طبل ومزمار في الحملة
تعقيبا عن سؤال آخر حول تقييم جمعية عتيد لحملة الاستفتاء التي انطلقت يوم 3 جويلية وستتواصل إلى 23 من نفس الشهر أجاب الدكتور بسام معطر قائلا إن الحملة إلى حد الآن مازالت باهتة، وحتى الأماكن التي تم تخصيصها للمعلقات فمازالت جلها شاغرة، كما لا توجد اجتماعات وتظاهرات كبيرة وكل ما في الأمر هناك مجموعات صغيرة من المشاركين وعائلاتهم يقومون بالتواصل المباشر مع الناس ويطلبون منهم الذهاب إلى مراكز الاقتراع يوم 25 جويلية والتصويت بـ"نعم" أو بـ"لا"، وذكر أن ملاحظي "عتيد" رصدوا في مدنين حملة انتخابية بالطبل والمزمار لكن لم يقع التطرق خلالها إلى مضامين مشروع الدستور، كما لاحظوا منع حزب آفاق تونس من تنظيم نشاط في سيدي بوزيد إضافة إلى رصد تصريح لوزير الشباب والرياضة فيه مساس من مبدأ حياد الإدارة ورصد معلقات فيها علم الجمهورية وصور الرئيس.. وأضاف أن جمعية "عتيد" لاحظت وجود ضبابية لدى الناخبين في علاقة بمحتوى مشروع الدستور المعروض على الاستفتاء، لأن رجال القانون ناقشوا المشروع الذي تم نشره يوم 30 جوان وناقشوا المشروع الذي أعدته الهيئة الاستشارية، وناقشوا التعديلات التي أدخلها رئيس الجمهورية على نسخة 30 جوان، وهي تعديلات جاءت خارج الآجال التي تم ضبطها سابقا والأهم من ذلك أنها مست بصفة جوهرية من عديد الفصول وجعلت الناس يشعرون كما لو أنهم في مسار جديد لكن الهيئة العليا المستقلة للانتخابات لم تبد رأيها في المسألة وخيرت الهروب إلى الأمام واكتفت بمنح أجل للمشاركين في الحملة لكي يغيروا مواقفهم من مشروع الدستور إن أرادوا ذلك.
وذكر معطر أنه لا يستبعد أن تكون هناك قبل 25 جويلية نسخة ثالثة لمشروع الدستور فكل شيء وارد في ظل الحالة الاستثنائية، واستدرك مشددا على أن القاعدة الأساسية للحالة الاستثنائية هي احترام الضوابط.