إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

وظيفة عليا في الدولة في دستور 59 ويعيّن بأمر رئاسي في دستور 2014 .. أي موقع لمفتي الجمهورية في مشروع الدستور الجديد؟

 

 

تونس- الصباح

من بين الفوارق البارزة بين دستور جانفي 2014 ومشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء الشعبي يوم 25 جويلية المقبل في نسخة 20 جوان والمنقح بتاريخ 8 جويلية 2022، غياب التنصيص على أن بعض المناصب العليا في الدولة يقوم بها رئيس الجمهورية مثل مفتي الجمهورية الذي يعيّن وفق دستور 2014 من قبل رئيس الجمهورية بأمر رئاسي، (الفصل 78). لكن هذا التنصيص الصريح تم حذفه في مشروع الدستور تماما.

هذا الأمر طرح تساؤلات وتخوفات بخصوص موقع مؤسسة الإفتاء في الدستور الجديد: هل سيتم تقزيمها، أم دعمها وتطويرها، أم الإبقاء عليها كما هي حاليا، مؤسسة تابعة لرئاسة الحكومة مع بقاء صلاحية تعيين مفتي الجمهورية التونسية من قبل رئيس الجمهورية، على اعتبار أن هذا المنصب يعتبر من بين المناصب العليا في الدولة؟

في الواقع، لم يتم المساس بمؤسسة الإفتاء ولا بدور مفتي الجمهورية التونسية منذ إحداث المؤسسة بموجب مرسوم رئاسي صادر في أفريل 1962، وظل الأمر على حالة حتى بعد ثورة 2011، ولم يتغير دور مفتي الجمهورية ولم يتم تنقيح صلاحياته ومهامه في الدولة ويتم إلى اليوم التعامل مع هذا المنصب كوظيفة عليا في الدولة.

وبالرجوع إلى دستور جوان 1959 الذي استلمهم منه الرئيس قيس سعيد بعض أحكامه وفصوله، لم يتم التنصيص صراحة على أن رئيس الجمهورية هو من يعين مفتي الجمهورية في إطار صلاحياته الدستورية، بل تم الاكتفاء فقط بالمادة 55 من دستور 1959 بأن رئيس الجمهورية "يسند باقتراح من الحكومة الوظائف العليا المدنية والعسكرية. ولرئيس الجمهورية أن يفوض إسناد بعض تلك الوظائف إلى الوزير الأول".

أما في دستور جانفي 2014، وعلى خلفية علاقة الدين بالدولة، ولئن أثير قبل المصادقة عليه جدل في أوساط بعض الإسلاميين والجماعيين المختصين في الفقة الإسلامي جدل في عدم دسترة مؤسسات دينية بعينها مثل المجلس الإسلامي الأعلى، ومؤسسة الافتاء، إلا أنه في النهاية تم الاكتفاء بالتنصيص على دور الدولة في حماية الدين الإسلامي ومقاصده من خلال التوطئة (التأكيد على الهوية الإسلامية للدولة) والفصل الأول من الدستور(الدولة الإسلام دينها) والفصل السادس (الدولة راعية للدين)، مع التأكيد على أن من بين صلاحيات رئيس الجمهورية تعيين مفتي الجمهورية بأمر رئاسي.

أما في مشروع الدستور الجديد فإن جدلية علاقة الدولة بالدين عادت من جديد من خلال حذف الفصل الأول القديم وتعويضه بالفصل خمسة المنقح بدوره في نسخة جويلية من والذي ينص على أن " تونس جزء من الأمّة الإسلاميّة، وعلى الدّولة وحدها أن تعمل، في ظلّ نظام ديمقراطيّ، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدّين والحرّية".

العودة إلى دستور 1959

قد يُفهم من هذا الفصل مبدئيا حين يتم التأكيد على أن الدولة "وحدها" تعمل في تحقيق مقاصد الإسلام، أن من يمثل رأس الدولة هو بالضرورة رئيس الجمهورية على اعتبار أن النظام تحول من شبه برلماني، إلى رئاسي صرف، وبالتالي انتقلت السلطة والحكم وتركزت في رئاسة الجمهورية بما فيها التعيينات في الوظائف العليا للدولة، وهو ما يفسر ربما لجوء المشرع إلى الإبقاء على عدد من فصول دستور 1959 وإعادة نسخها كما هي في مشروع الدستور المقترح مثل المادة (الفصل) 55، التي استنسخت في الفصل 106 من مشروع الدستور ونصه كالآتي: "يسند رئيس الجمهوريّة، باقتراح من رئيس الحكومة، الوظائف العليا المدنيّة والعسكريّة".

ما يعني أن منصب مفتي الجمهورية باعتباره من الوظائف العليا للدولة، تم إلغاء التصيص على مسألة تعيين المفتي في مشروع الدستور والعود إلى ما كان عليه الأمر في دستور 1959، ولا يعني ذلك أن مؤسسة المفتي أو مفتي الجمهورية في حالة شك أو تهديد لوجودها أو مراجعة لمهامها أو صلاحياتها، رغم أن الصمت عن مسألة التعيين لا يمنع من أن يقوم رئيس الجمهورية باعتباره "يمارس الوظيفة التنفيذية" و"يضبط السّياسة العامّة للدّولة ويحدّد اختياراتها الأساسيّة"، أن يقترح بموجب مشروع قانون تطوير مؤسسة الإفتاء أو إلغائها تماما أو مراجعة صلاحياتها ودورها في الدولة..

ومعلوم أن مفتي الجمهورية التونسية أو مفتي الديار التونسية سابقا، هو المستشار والمسؤول الأول لدى الدولة المُكلّف بالشؤون الدينية والإسلامية.

ويتم تعيين مفتي الجمهورية من قبل رئيس الجمهورية التونسية، وفقا لدستور 1959 ووفقا لدستور جانفي 2014، ويباشر المفتي مهامه في مقر دار الإفتاء الموجودة في ساحة القصبة بجانب مقر رئاسة الحكومة، وهو يقع تحت إشراف رئيس الحكومة، ويساعد المفتي في أعماله عدة علماء وشيوخ وموظفين.

وللتاريخ، وقبل الاستقلال وإعلان الجمهورية التونسية، كان للإيالة التونسية عدّة خطط دينية تشرف على المذهبين المالكي والحنفي، وتغير اسمها عدة مرات: المفتي، القاضي، المفتي الأكبر، الباش مفتي، وأخيرا شيخ الإسلام.

عند توحيد القضاء التونسي سنة 1956، تم حذف خطتي شيخ الإسلام الحنفي وشيخ الإسلام المالكي وتعويضهما بمفتي الديار التونسية دون تحديد لمذهب.

ووفقا للمرسوم المؤرخ في 28 فيفري 1957، كان يسمى حامل هذا المنصب «مفتي الديار التونسية»، قبل أن يتم تغييره إلى «مفتي الجمهورية» عملا بالمرسوم المؤرخ في أفريل 1962 أين تم تحديد ضبط مهامه.

وظائف مفتي الجمهورية

ومن أهم وظائف مفتي الجمهورية التونسية: تحديد بداية كل شهر قمري اعتمادا على رؤية القمر، مع الاستئناس بالحساب الفلكي، إصدار شهادات اعتناق الإسلام للراغبين فيها من غير المسلمين من جميع أنحاء العالم ومن جميع الجنسيات، الإجابة عن أسئلة المستفتين عبر المراسلات أو بالحضور المباشر أو عن طريق الاتصال الهاتفي، تمثيل الجمهورية التونسية في الملتقيات العلمية والمؤتمرات وفي المجامع الإسلامية الإقليمية والدولية وإعداد الدراسات العلمية الموكلة إليه لتقديمها والإسهام بها، إبداء الرأي فيما يعرض عليه من كتب مدرسية أو وثائق وبحوث ودراسات ذات العلاقة بالدين الإسلامي.

كما أن لمفتي الجمهورية التونسية دور اجتماعي من خلال التوسط لفض نزاعات سواء كانت عائلية وعروشية وقبلية، (ميراث مثلا) أو الاستعانة به للمشورة وإبداء الرأي وحل خلافات عائلية أو زوجية..

من النادر أن يخرج المفتي عن حدود دوره ووظيفته في الدولة، كأن يتدخل في مسائل خلافية ذات بعد سياسي، وقد أثارت دعوة مفتي تونس الحالي عثمان بطيخ بعدما دعا رجال الأعمال ومن وصفهم بأهل الخير إلى التبرع للدولة لمساعدتها على الخروج من أزمتها المالية والاقتصادية انتقادات واسعة ضده بلغت حد المطالبة باستقالته من منصبه..

ونشر ديوان الإفتاء بالجمهورية التونسية بتاريخ 23 جانفي 2022 في حسابه الرسمي بموقع فيسبوك بيانا جاء فيه أن "مساعدة البلاد للخروج من الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها هو واجب أخلاقي وديني، والانخراط في إنقاذ الوطن هو واجب من أهم الواجبات، وفي التناصح والتكافل والتضامن تكمن مواطن القوة والعزة والكرامة".

تجدر الإشارة إلى أن الإفتاء في الدين لم يكن في تاريخ الشعوب الإسلامية بيد الدولة بل كان يمارس طوعا وتلقائيا وبصفة مستقلة ومجانية من قبل رجال الدين والفقهاء، قبل أن يتم مع بداية القرن 16 مأسسة مؤسسة المفتي وأصبحت كيانا وظيفيا تابعا للدولة..

 ويعود تاريخ مأسسة مفتي الجمهورية إلى الدولة العثمانية التي منحت في عهدها الاعتراف الرسمي والمكانة لمفتي واحد، أطلق عليه اسم " المفتي الأكبر".

وأصبح المفتي الأكبر لإسطنبول منذ أواخر القرن السادس عشر بمثابة رئيس المؤسسة الدينية، وأصدر أحكامًا قانونية بشأن سياسات الدولة الهامة مثل عزل الحكام. ثم تم استعارة هذه الممارسة لاحقًا وتكييفها من قبل مصر منذ منتصف القرن التاسع عشر، قبل أن ينتشر المفهوم إلى دول إسلامية أخرى.

وتتواجد اليوم مؤسسة المفتي في ما يقرب من 16 دولة غالبيتها من المسلمين مع اختلاف دورها وصلاحياتها ومهامها ووظيفتها من دولة إلى أخرى.

وعموما، يتم في أغلبية الدولة الإسلامية تعيين المفتي، (المملكة العربية السعودية، فلسطين، تونس، سوريا..) وفي بعض الدول يتم انتخاب المفتي، (استراليا، الهند،..) في حين تعتمد دولا أخرى مجالس إفتاء، مثل إندونيسيا، ماليزيا، سيريلانكا..

رفيق

 

 

 

 

وظيفة عليا في الدولة في دستور 59 ويعيّن بأمر رئاسي في دستور 2014  .. أي موقع لمفتي الجمهورية في مشروع الدستور الجديد؟

 

 

تونس- الصباح

من بين الفوارق البارزة بين دستور جانفي 2014 ومشروع الدستور الجديد المعروض على الاستفتاء الشعبي يوم 25 جويلية المقبل في نسخة 20 جوان والمنقح بتاريخ 8 جويلية 2022، غياب التنصيص على أن بعض المناصب العليا في الدولة يقوم بها رئيس الجمهورية مثل مفتي الجمهورية الذي يعيّن وفق دستور 2014 من قبل رئيس الجمهورية بأمر رئاسي، (الفصل 78). لكن هذا التنصيص الصريح تم حذفه في مشروع الدستور تماما.

هذا الأمر طرح تساؤلات وتخوفات بخصوص موقع مؤسسة الإفتاء في الدستور الجديد: هل سيتم تقزيمها، أم دعمها وتطويرها، أم الإبقاء عليها كما هي حاليا، مؤسسة تابعة لرئاسة الحكومة مع بقاء صلاحية تعيين مفتي الجمهورية التونسية من قبل رئيس الجمهورية، على اعتبار أن هذا المنصب يعتبر من بين المناصب العليا في الدولة؟

في الواقع، لم يتم المساس بمؤسسة الإفتاء ولا بدور مفتي الجمهورية التونسية منذ إحداث المؤسسة بموجب مرسوم رئاسي صادر في أفريل 1962، وظل الأمر على حالة حتى بعد ثورة 2011، ولم يتغير دور مفتي الجمهورية ولم يتم تنقيح صلاحياته ومهامه في الدولة ويتم إلى اليوم التعامل مع هذا المنصب كوظيفة عليا في الدولة.

وبالرجوع إلى دستور جوان 1959 الذي استلمهم منه الرئيس قيس سعيد بعض أحكامه وفصوله، لم يتم التنصيص صراحة على أن رئيس الجمهورية هو من يعين مفتي الجمهورية في إطار صلاحياته الدستورية، بل تم الاكتفاء فقط بالمادة 55 من دستور 1959 بأن رئيس الجمهورية "يسند باقتراح من الحكومة الوظائف العليا المدنية والعسكرية. ولرئيس الجمهورية أن يفوض إسناد بعض تلك الوظائف إلى الوزير الأول".

أما في دستور جانفي 2014، وعلى خلفية علاقة الدين بالدولة، ولئن أثير قبل المصادقة عليه جدل في أوساط بعض الإسلاميين والجماعيين المختصين في الفقة الإسلامي جدل في عدم دسترة مؤسسات دينية بعينها مثل المجلس الإسلامي الأعلى، ومؤسسة الافتاء، إلا أنه في النهاية تم الاكتفاء بالتنصيص على دور الدولة في حماية الدين الإسلامي ومقاصده من خلال التوطئة (التأكيد على الهوية الإسلامية للدولة) والفصل الأول من الدستور(الدولة الإسلام دينها) والفصل السادس (الدولة راعية للدين)، مع التأكيد على أن من بين صلاحيات رئيس الجمهورية تعيين مفتي الجمهورية بأمر رئاسي.

أما في مشروع الدستور الجديد فإن جدلية علاقة الدولة بالدين عادت من جديد من خلال حذف الفصل الأول القديم وتعويضه بالفصل خمسة المنقح بدوره في نسخة جويلية من والذي ينص على أن " تونس جزء من الأمّة الإسلاميّة، وعلى الدّولة وحدها أن تعمل، في ظلّ نظام ديمقراطيّ، على تحقيق مقاصد الإسلام الحنيف في الحفاظ على النّفس والعرض والمال والدّين والحرّية".

العودة إلى دستور 1959

قد يُفهم من هذا الفصل مبدئيا حين يتم التأكيد على أن الدولة "وحدها" تعمل في تحقيق مقاصد الإسلام، أن من يمثل رأس الدولة هو بالضرورة رئيس الجمهورية على اعتبار أن النظام تحول من شبه برلماني، إلى رئاسي صرف، وبالتالي انتقلت السلطة والحكم وتركزت في رئاسة الجمهورية بما فيها التعيينات في الوظائف العليا للدولة، وهو ما يفسر ربما لجوء المشرع إلى الإبقاء على عدد من فصول دستور 1959 وإعادة نسخها كما هي في مشروع الدستور المقترح مثل المادة (الفصل) 55، التي استنسخت في الفصل 106 من مشروع الدستور ونصه كالآتي: "يسند رئيس الجمهوريّة، باقتراح من رئيس الحكومة، الوظائف العليا المدنيّة والعسكريّة".

ما يعني أن منصب مفتي الجمهورية باعتباره من الوظائف العليا للدولة، تم إلغاء التصيص على مسألة تعيين المفتي في مشروع الدستور والعود إلى ما كان عليه الأمر في دستور 1959، ولا يعني ذلك أن مؤسسة المفتي أو مفتي الجمهورية في حالة شك أو تهديد لوجودها أو مراجعة لمهامها أو صلاحياتها، رغم أن الصمت عن مسألة التعيين لا يمنع من أن يقوم رئيس الجمهورية باعتباره "يمارس الوظيفة التنفيذية" و"يضبط السّياسة العامّة للدّولة ويحدّد اختياراتها الأساسيّة"، أن يقترح بموجب مشروع قانون تطوير مؤسسة الإفتاء أو إلغائها تماما أو مراجعة صلاحياتها ودورها في الدولة..

ومعلوم أن مفتي الجمهورية التونسية أو مفتي الديار التونسية سابقا، هو المستشار والمسؤول الأول لدى الدولة المُكلّف بالشؤون الدينية والإسلامية.

ويتم تعيين مفتي الجمهورية من قبل رئيس الجمهورية التونسية، وفقا لدستور 1959 ووفقا لدستور جانفي 2014، ويباشر المفتي مهامه في مقر دار الإفتاء الموجودة في ساحة القصبة بجانب مقر رئاسة الحكومة، وهو يقع تحت إشراف رئيس الحكومة، ويساعد المفتي في أعماله عدة علماء وشيوخ وموظفين.

وللتاريخ، وقبل الاستقلال وإعلان الجمهورية التونسية، كان للإيالة التونسية عدّة خطط دينية تشرف على المذهبين المالكي والحنفي، وتغير اسمها عدة مرات: المفتي، القاضي، المفتي الأكبر، الباش مفتي، وأخيرا شيخ الإسلام.

عند توحيد القضاء التونسي سنة 1956، تم حذف خطتي شيخ الإسلام الحنفي وشيخ الإسلام المالكي وتعويضهما بمفتي الديار التونسية دون تحديد لمذهب.

ووفقا للمرسوم المؤرخ في 28 فيفري 1957، كان يسمى حامل هذا المنصب «مفتي الديار التونسية»، قبل أن يتم تغييره إلى «مفتي الجمهورية» عملا بالمرسوم المؤرخ في أفريل 1962 أين تم تحديد ضبط مهامه.

وظائف مفتي الجمهورية

ومن أهم وظائف مفتي الجمهورية التونسية: تحديد بداية كل شهر قمري اعتمادا على رؤية القمر، مع الاستئناس بالحساب الفلكي، إصدار شهادات اعتناق الإسلام للراغبين فيها من غير المسلمين من جميع أنحاء العالم ومن جميع الجنسيات، الإجابة عن أسئلة المستفتين عبر المراسلات أو بالحضور المباشر أو عن طريق الاتصال الهاتفي، تمثيل الجمهورية التونسية في الملتقيات العلمية والمؤتمرات وفي المجامع الإسلامية الإقليمية والدولية وإعداد الدراسات العلمية الموكلة إليه لتقديمها والإسهام بها، إبداء الرأي فيما يعرض عليه من كتب مدرسية أو وثائق وبحوث ودراسات ذات العلاقة بالدين الإسلامي.

كما أن لمفتي الجمهورية التونسية دور اجتماعي من خلال التوسط لفض نزاعات سواء كانت عائلية وعروشية وقبلية، (ميراث مثلا) أو الاستعانة به للمشورة وإبداء الرأي وحل خلافات عائلية أو زوجية..

من النادر أن يخرج المفتي عن حدود دوره ووظيفته في الدولة، كأن يتدخل في مسائل خلافية ذات بعد سياسي، وقد أثارت دعوة مفتي تونس الحالي عثمان بطيخ بعدما دعا رجال الأعمال ومن وصفهم بأهل الخير إلى التبرع للدولة لمساعدتها على الخروج من أزمتها المالية والاقتصادية انتقادات واسعة ضده بلغت حد المطالبة باستقالته من منصبه..

ونشر ديوان الإفتاء بالجمهورية التونسية بتاريخ 23 جانفي 2022 في حسابه الرسمي بموقع فيسبوك بيانا جاء فيه أن "مساعدة البلاد للخروج من الظروف الاقتصادية والاجتماعية الصعبة التي تمر بها هو واجب أخلاقي وديني، والانخراط في إنقاذ الوطن هو واجب من أهم الواجبات، وفي التناصح والتكافل والتضامن تكمن مواطن القوة والعزة والكرامة".

تجدر الإشارة إلى أن الإفتاء في الدين لم يكن في تاريخ الشعوب الإسلامية بيد الدولة بل كان يمارس طوعا وتلقائيا وبصفة مستقلة ومجانية من قبل رجال الدين والفقهاء، قبل أن يتم مع بداية القرن 16 مأسسة مؤسسة المفتي وأصبحت كيانا وظيفيا تابعا للدولة..

 ويعود تاريخ مأسسة مفتي الجمهورية إلى الدولة العثمانية التي منحت في عهدها الاعتراف الرسمي والمكانة لمفتي واحد، أطلق عليه اسم " المفتي الأكبر".

وأصبح المفتي الأكبر لإسطنبول منذ أواخر القرن السادس عشر بمثابة رئيس المؤسسة الدينية، وأصدر أحكامًا قانونية بشأن سياسات الدولة الهامة مثل عزل الحكام. ثم تم استعارة هذه الممارسة لاحقًا وتكييفها من قبل مصر منذ منتصف القرن التاسع عشر، قبل أن ينتشر المفهوم إلى دول إسلامية أخرى.

وتتواجد اليوم مؤسسة المفتي في ما يقرب من 16 دولة غالبيتها من المسلمين مع اختلاف دورها وصلاحياتها ومهامها ووظيفتها من دولة إلى أخرى.

وعموما، يتم في أغلبية الدولة الإسلامية تعيين المفتي، (المملكة العربية السعودية، فلسطين، تونس، سوريا..) وفي بعض الدول يتم انتخاب المفتي، (استراليا، الهند،..) في حين تعتمد دولا أخرى مجالس إفتاء، مثل إندونيسيا، ماليزيا، سيريلانكا..

رفيق

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews