إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

في دراسة حول "شباب الأحياء الشعبية العاطل عن العمل": شباب حي التضامن.. بين الشعور باللاجدوى وخيبة الأمل

 

 

- العزلة.. الإحساس بالخجل يجعل الشباب العاطل عن العمل يلجأ للكحول والمخدرات والمهدئات

تونس – الصباح

العديد من الدراسات تناولت ظاهرة البطالة المتفشية في تونس من منظور إحصائي من حيث عدد العاطلين عن العمل والجهات التي تعيش أكثر على وقع هذه الآفة. وقلة قليلة منها تناول هذه المعضلة من الجانب الاجتماعي النفسي.

يوم أمس الإثنين 4 جويلية الجاري قدمت كل من منظمتي إنترناشيونيل أرلت وفريديريشايبراتستيفانغ نتائج دراسة تحت عنوان "شباب الأحياء الشعبية العاطل عن العمل واستراتيجيات التعايش والمقاومة في ليبيا وتونس والمغرب"، تحت إشراف ألفة لملوم ومريم عبد الباقي.

في ما يخص تونس، تناول فريق البحث حي التضامن كعينة بحث لما "تمثله من وسط حضري مهمش ومفقر وموصوم بالجريمة والإرهاب"، لدراسة "ظاهرة البطالة عند الشباب لا بوصفها حالة اقتصادية/مادية فقط بل كذلك كوضع له استتباعاته الاجتماعية والنفسية والسياسية"، وتم على هذا الأساس دراسة وضعية الشباب والشابات العاطلين والعاطلات عن العمل من خلال مجموعات بؤرية تتكون كل واحدة من ثمانية أشخاص.

"العطوية والإحساس باللاجدوى"

أفرزت نتائج الدراسة أربع محاور بحثية رئيسية أولها تأثير البطالة على نفسية العاطل عن العمل وتمثله لتأثير وضعه على روابطه مع العائلة المصغرة والموسعة ومع الأصدقاء وحتى علاقاته العاطفية.

والمحور الثاني تتبع مسارات الشباب العاطل في البحث عن عمل وتدبر نفقاته اليومية وتطوير قدراته لترفيع حظوظه في الشغل والمحور الثالث تقييم العاطلين عن العمل للسياسات التشغيلية العمومية أما المحور الرابع فقد خصص لدراسة مدى انخراطهم في الحراك الاجتماعي ومواقفه من الحركات الاجتماعية وعلاقاته بالأحزاب والجمعيات.

في ما يهمّ التأثير النفسي للبطالة، أوضحت الدراسة أن "استدامة الأزمة وتضاعف أعداد العاطلين عن العمل خلال العقدين الأخيرين صنع نوعا من الاعتياد لدى السلطات العمومية التي تتعامل مع هذه الأزمة المستدامة على أنها مشكل عادي تتحدث عنه للرأي العام باستعمال أرقام ونسب ورسوم بيانية باردة فيغيب الوجه الإنساني للبطالة ولا تحظى تأثيراتها على الحالة النفسية للشباب/ة العاطل/ة عن العمل".

فأول التأثيرات النفسة لهذه الظاهرة ومخلفاتها "العطوية والإحساس باللاجدوى" فكلما زادت "فترة البطالة، خاصة إن لم تقطعها فترات من النشاط المهني حتى المؤقت والهشّ، كلما تولد لدى العاطل عن العمل الإحساس بأنه لا فائدة من وجوده وجهوده، وأنه على هامش الحياة وكل ما يفعله أنه يزيد من أعباء أسرته".

وأضافت الدراسة أنه "يفقد تدريجيا تقديره لذاته وكذلك الأمل في تحسين أوضاعه ويحس أن لا قيمة له في حسابات المجتمع والدولة وسياساتها العمومية".

"خيبة الأمل والندم"

من التأثيرات النفسية التي توصلت إليها نتائج الدراسة الإحساس بخيبة الأمل والندم خاصة لدى حاملي الشهائد العليا "فكلما طالت فترة البطالة وصارت تحسب بالسنوات والأشهر والأسابيع، كلما يبدأ الشباب المتخرج في التساؤل إلى ندم صريح عبر عنه الكثير من المستجوبين الذين استكملوا تعليمهم".

ويضاف إلى ذلك الإحساس بالوهن والمرض والذي لا يُعد "مجرد هلاوس أو تمثلات، فحالة العطالة والإحباط والتفكير الدائم في مخارج وحلول تؤثر على النوم والتغذية والحيوية الجسدية وحتى الوزن، كما أن حالة الفراغ والبحث عن طرق لتخفيف الضغط النفسي تجعل بعض المستجوبين يلجؤون إلى استعمال مفرط للمهدئات والمخدرات والتدخين بشراهة.. وهذه سلوكيات لها كلفتها الصحية الجسدية على مدى متوسط أول طويل".

إلى جانب هذه التأثيرات النفسية، كشفت نتائج الدراسة أنّ "المستجوبين في المجموعات البؤرية الثلاثة هم في مرحلة عمرية تفرض أنهم نشطين اقتصاديا ومستقلين ماديا، لكن بطالتهم وحالة العطوية التي يعيشونها تفرض عليهم تبعية مادية نسبية أو كاملة لعائلاتهم، هذه الوضعية تخلق لديهم شعورا مستمرا بالخجل يصل إلى الإحساس بالعار في بعض الحالات..".

"الالتجاء للكحول والمخدرات والمهدئات"

وذكرت الدراسة أنّ "هذا الشعور بالخجل على اختلاف المستوى التعليمي والجنس يجعل الكثير من المستجوبين بقصد أو دونه يحاولون "الاختفاء عن الأعين" والانسحاب من الحياة الاجتماعية وحتى العائلية. وهذا الانسحاب قد يكون جزئي أو وقتي وقد يتحول في بعض الحالات إلى عزلة شبه كاملة".

أمام هذه التأثيرات ولتخفيف من الوضع يلجأ العاطلون والعاطلات عن العمل لعدة أشكال للترفيه ومقاومة الضغط النفسي من أبرزها الشعائر الدينية التي اعتبرها أغلب المستجوبين لها "تأثير إيجابي على الصحة النفسية فضلا عن أهميته في إمكانية انفراج أوضاعهم. لكن هذا لا يعني أن أغلبهم يؤدون الشعائر الدينية بانتظام، فالمستجوبات على اختلاف مستوياتهم العلمية أكثر تدينا أو اعتقادا في أهمية الدين من الذكور".

بالنسبة للرياضة عدم توفر ملاعب ومسالك صحية وبسبب الأوضاع المادية وغيرها وعدم الشعور بالأمن عند ممارسة الرياضة في الهواء الطلق في الصباح الباكر أو الليل خوفا من الاعتداءات والبراكاجات خاصة بالنسبة للإناث يجعل المستجوبين يعدلون عن هذه الفكرة على أهميتها للصحة الجسدية والنفسية.

فيلجأ العاطلون عن العمل خاصة الذكور إلى المقاهي إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا الكحول والمهدئات والمخدرات خاصة للشباب العاطل عن العمل.

إيمان عبد اللطيف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

في دراسة حول "شباب الأحياء الشعبية العاطل عن العمل": شباب حي التضامن.. بين الشعور باللاجدوى وخيبة الأمل

 

 

- العزلة.. الإحساس بالخجل يجعل الشباب العاطل عن العمل يلجأ للكحول والمخدرات والمهدئات

تونس – الصباح

العديد من الدراسات تناولت ظاهرة البطالة المتفشية في تونس من منظور إحصائي من حيث عدد العاطلين عن العمل والجهات التي تعيش أكثر على وقع هذه الآفة. وقلة قليلة منها تناول هذه المعضلة من الجانب الاجتماعي النفسي.

يوم أمس الإثنين 4 جويلية الجاري قدمت كل من منظمتي إنترناشيونيل أرلت وفريديريشايبراتستيفانغ نتائج دراسة تحت عنوان "شباب الأحياء الشعبية العاطل عن العمل واستراتيجيات التعايش والمقاومة في ليبيا وتونس والمغرب"، تحت إشراف ألفة لملوم ومريم عبد الباقي.

في ما يخص تونس، تناول فريق البحث حي التضامن كعينة بحث لما "تمثله من وسط حضري مهمش ومفقر وموصوم بالجريمة والإرهاب"، لدراسة "ظاهرة البطالة عند الشباب لا بوصفها حالة اقتصادية/مادية فقط بل كذلك كوضع له استتباعاته الاجتماعية والنفسية والسياسية"، وتم على هذا الأساس دراسة وضعية الشباب والشابات العاطلين والعاطلات عن العمل من خلال مجموعات بؤرية تتكون كل واحدة من ثمانية أشخاص.

"العطوية والإحساس باللاجدوى"

أفرزت نتائج الدراسة أربع محاور بحثية رئيسية أولها تأثير البطالة على نفسية العاطل عن العمل وتمثله لتأثير وضعه على روابطه مع العائلة المصغرة والموسعة ومع الأصدقاء وحتى علاقاته العاطفية.

والمحور الثاني تتبع مسارات الشباب العاطل في البحث عن عمل وتدبر نفقاته اليومية وتطوير قدراته لترفيع حظوظه في الشغل والمحور الثالث تقييم العاطلين عن العمل للسياسات التشغيلية العمومية أما المحور الرابع فقد خصص لدراسة مدى انخراطهم في الحراك الاجتماعي ومواقفه من الحركات الاجتماعية وعلاقاته بالأحزاب والجمعيات.

في ما يهمّ التأثير النفسي للبطالة، أوضحت الدراسة أن "استدامة الأزمة وتضاعف أعداد العاطلين عن العمل خلال العقدين الأخيرين صنع نوعا من الاعتياد لدى السلطات العمومية التي تتعامل مع هذه الأزمة المستدامة على أنها مشكل عادي تتحدث عنه للرأي العام باستعمال أرقام ونسب ورسوم بيانية باردة فيغيب الوجه الإنساني للبطالة ولا تحظى تأثيراتها على الحالة النفسية للشباب/ة العاطل/ة عن العمل".

فأول التأثيرات النفسة لهذه الظاهرة ومخلفاتها "العطوية والإحساس باللاجدوى" فكلما زادت "فترة البطالة، خاصة إن لم تقطعها فترات من النشاط المهني حتى المؤقت والهشّ، كلما تولد لدى العاطل عن العمل الإحساس بأنه لا فائدة من وجوده وجهوده، وأنه على هامش الحياة وكل ما يفعله أنه يزيد من أعباء أسرته".

وأضافت الدراسة أنه "يفقد تدريجيا تقديره لذاته وكذلك الأمل في تحسين أوضاعه ويحس أن لا قيمة له في حسابات المجتمع والدولة وسياساتها العمومية".

"خيبة الأمل والندم"

من التأثيرات النفسية التي توصلت إليها نتائج الدراسة الإحساس بخيبة الأمل والندم خاصة لدى حاملي الشهائد العليا "فكلما طالت فترة البطالة وصارت تحسب بالسنوات والأشهر والأسابيع، كلما يبدأ الشباب المتخرج في التساؤل إلى ندم صريح عبر عنه الكثير من المستجوبين الذين استكملوا تعليمهم".

ويضاف إلى ذلك الإحساس بالوهن والمرض والذي لا يُعد "مجرد هلاوس أو تمثلات، فحالة العطالة والإحباط والتفكير الدائم في مخارج وحلول تؤثر على النوم والتغذية والحيوية الجسدية وحتى الوزن، كما أن حالة الفراغ والبحث عن طرق لتخفيف الضغط النفسي تجعل بعض المستجوبين يلجؤون إلى استعمال مفرط للمهدئات والمخدرات والتدخين بشراهة.. وهذه سلوكيات لها كلفتها الصحية الجسدية على مدى متوسط أول طويل".

إلى جانب هذه التأثيرات النفسية، كشفت نتائج الدراسة أنّ "المستجوبين في المجموعات البؤرية الثلاثة هم في مرحلة عمرية تفرض أنهم نشطين اقتصاديا ومستقلين ماديا، لكن بطالتهم وحالة العطوية التي يعيشونها تفرض عليهم تبعية مادية نسبية أو كاملة لعائلاتهم، هذه الوضعية تخلق لديهم شعورا مستمرا بالخجل يصل إلى الإحساس بالعار في بعض الحالات..".

"الالتجاء للكحول والمخدرات والمهدئات"

وذكرت الدراسة أنّ "هذا الشعور بالخجل على اختلاف المستوى التعليمي والجنس يجعل الكثير من المستجوبين بقصد أو دونه يحاولون "الاختفاء عن الأعين" والانسحاب من الحياة الاجتماعية وحتى العائلية. وهذا الانسحاب قد يكون جزئي أو وقتي وقد يتحول في بعض الحالات إلى عزلة شبه كاملة".

أمام هذه التأثيرات ولتخفيف من الوضع يلجأ العاطلون والعاطلات عن العمل لعدة أشكال للترفيه ومقاومة الضغط النفسي من أبرزها الشعائر الدينية التي اعتبرها أغلب المستجوبين لها "تأثير إيجابي على الصحة النفسية فضلا عن أهميته في إمكانية انفراج أوضاعهم. لكن هذا لا يعني أن أغلبهم يؤدون الشعائر الدينية بانتظام، فالمستجوبات على اختلاف مستوياتهم العلمية أكثر تدينا أو اعتقادا في أهمية الدين من الذكور".

بالنسبة للرياضة عدم توفر ملاعب ومسالك صحية وبسبب الأوضاع المادية وغيرها وعدم الشعور بالأمن عند ممارسة الرياضة في الهواء الطلق في الصباح الباكر أو الليل خوفا من الاعتداءات والبراكاجات خاصة بالنسبة للإناث يجعل المستجوبين يعدلون عن هذه الفكرة على أهميتها للصحة الجسدية والنفسية.

فيلجأ العاطلون عن العمل خاصة الذكور إلى المقاهي إلى جانب وسائل التواصل الاجتماعي وأيضا الكحول والمهدئات والمخدرات خاصة للشباب العاطل عن العمل.

إيمان عبد اللطيف

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews