إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

خلاف الوالي وشيخة بلدية تونس يؤكدها والأزمة السياسية تغذيها.. صراع قوة وصلاحيات ونفوذ بين السلط الجهوية والمحلية!

 

 

تونس- الصباح

رغم نفي والي تونس كمال الفقي أن تكون هناك حرب تموقع بينه وبين رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم، بعد قيامه بإلغاء القرار الإداري الذي أصدرته البلدية والقاضي بهدم مركز الصحة الأساسية بتونس) مستوصف سيدي البشير(..

الا أن هذا القرار كان له وقعه وشد انتباه الرأي العام، حيث اعتبره البعض انه يمكن ان يؤشّر لبداية صراع وصدام كبيرين بين ممثلي السلط الجهوية من ولاة ومعتمدين وبين السلط المحلية ممثلة في رؤساء البلدية..، وخاصة أن هذا الصراع قد يتغذّى بشكل مباشر من الصراع السياسي القائم ومن الأزمة المتواصلة منذ أشهر خاصة باختلاف التوجهات السياسية والأيديولوجية للمجالس الجهوية أمام سلط جهوية باتت تدين بالولاء المطلق لرئيس الجمهورية.

والي تونس أرجع الأمر إلى ممارسته لصلاحياته وقال أن من حقه إيقاف كل عمل من شأنه تعطيل أعمال السلطة العامة وإنجاز المرافق العامة والقيام بكل ما من شأنه ضمان حسن سير دواليب الدولة، خاصة وانه يؤكد انه لم تقع استشارة الولاية في قرار هدم مستوصف سيدي البشير، قائلا في لهجة حادة وقد توجه بالكلام لشيخة بلدية تونس "من صلاحياتك إصدار قرار هدم ومن صلاحياتي إيقافه..، وكل شخص يقف عند حدّه".

سلطة عائق لسلطة..

في حيثيات قرار هدم المستوصف قال والي تونس كمال الفقي، أنه تمت برمجة إعادة تهيئة هذا المركز الصحي منذ 2019 في إطار برنامج مجلس جهوي لولاية تونس والذي من ضمن أعضائه بلدية تونس وتم تسخير مبلغ يفوق 800 ألف دينار لهذا المشروع، وانطلقت الأشغال فعلا. وكشف أن بلدية تونس أوقفت هذا المشروع أكثر من مرة، مطالبة وزارة الصحة بدفع مبلغ 50 ألف دينار، بتعلة عدم توفر مأوى سفلي. مشيرا الى أن اشغال إعادة تهيئة هذا الفضاء الصحي قد يتجاوز اليوم 1300 دينار، مذكرا بأن الأشغال الأخيرة انطلقت في 9 أوت من السنة الماضية على أن تكون مدة الإنجاز 330 يوما وتاريخ انتهاء الأشغال هو 9 جوان الجاري ولكن المدة تم استهلاكها وفق تصريح والي تونس بسبب أن رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم أوقفت الأشغال عدّة مرات والأسباب هو أنّها تُطالب في وزارة الصحة بدفع مبلغ يناهز 50 ألف دينار..

كما أكد كمال الفقي أن البلدية لم تكشف عن أسباب الهدم وانه لن يقبل بأن تصبح السلطة المحلية عائقا أمام السلطة الجهوية وعائقا أمام المركزية، واصفا هذا الأمر بانه ضرب لوحدة الدولة وتعطيل للمصلحة العامة وتخريب لأعمال تنفيذ مشاريع تنموية، وفق تعبيره.

وهذا التصريح الأخير للوالي يؤكد أن السلطة المحلية باتت تنظر لها السلط الجهوية كعائق لا ينسحب فقط على ولاية تونس بل يشمل عدة ولايات أخرى وأن الأمر تكرر في وقائع كثيرة منذ تركيز المجالس البلدية كسلط محلية مستقلة، حيث اعتبر والي تونس أن البلدية هي جزء من الدولة وليست خارج الدولة والبلدية عضو في المجلس الجهوي..

والحديث المتواتر من مسؤولي الدولة بعد إعلان إجراءات 25 جويلية على وحدة الدولة وعلى أن ليس هناك استقلالية لأي جهاز عن الدولة هو الذي أفضى الى وضع اليد على السلطة القضائية وحل المجلس الأعلى للقضاء وتحويل القضاء الى وظيفة في الدستور الجديد وقبله حل البرلمان..، ويمكن أن ينتهي بحل المجالس البلدية المنتخبة والتي الى اليوم لن يفصح رئيس الجمهورية قيس سعيد عن موقفه منها.

وفي ردها على هجوم والي تونس الذي اعتبرها قد خالفت الإجراءات، ردت شيخة مدينة تونس بقولها أنه »لا سند قانوني يسمح لي بالتخلّي عن موارد البلدية أو منح رخص دون المعاليم الموظّفة بقانون المالية"، وذلك في إشارة إلى حديث الوالي أن البلدية أوقفت الأشغال بسبب عدم حصوله على منحة الـ 50 ألف دينار من وزارة الصحة لتهيئة مأوى سفلي..

وأكدت شيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم إنّ والي تونس قانونيا مطالب بتنفيذ القرار في حال تقاعدت البلدية عن ذلك، ويمكن للوالي أيضا الاعتراض على قرارات البلدية أمام المحكمة الإدارية، مضيفة أنّه "من صلاحيات الوالي إيقاف قرارات البلدية"، نافية أن بينهما خصام أو جدال وانهما يعملان في اطار وحدة الدولة والقانون الذي يجب أن يطبق على الجميع، وفق تعبيرها.

ورغم محاولة تهدئة شيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم، الأمور بينها وبين والي تونس كمال الفقي، إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن هذه الواقعة لن تكون الأخيرة بين الوالي وشيخة مدينة تونس، وأن الصدام بين السلط الجهوية والمجالس البلدية سيكون موجودا في الأسابيع والأشهر القادمة لاعتبارات سياسية وكذلك بسبب تنازع السلط بين السلط الجهوية والمحلية خاصة بوجود بيئة سياسية تعيش احتقانا وتوترا وتتغذى من الأزمة الوطنية.

منية العرفاوي

 

 

 

خلاف الوالي وشيخة بلدية تونس يؤكدها والأزمة السياسية تغذيها.. صراع قوة وصلاحيات ونفوذ بين السلط الجهوية والمحلية!

 

 

تونس- الصباح

رغم نفي والي تونس كمال الفقي أن تكون هناك حرب تموقع بينه وبين رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم، بعد قيامه بإلغاء القرار الإداري الذي أصدرته البلدية والقاضي بهدم مركز الصحة الأساسية بتونس) مستوصف سيدي البشير(..

الا أن هذا القرار كان له وقعه وشد انتباه الرأي العام، حيث اعتبره البعض انه يمكن ان يؤشّر لبداية صراع وصدام كبيرين بين ممثلي السلط الجهوية من ولاة ومعتمدين وبين السلط المحلية ممثلة في رؤساء البلدية..، وخاصة أن هذا الصراع قد يتغذّى بشكل مباشر من الصراع السياسي القائم ومن الأزمة المتواصلة منذ أشهر خاصة باختلاف التوجهات السياسية والأيديولوجية للمجالس الجهوية أمام سلط جهوية باتت تدين بالولاء المطلق لرئيس الجمهورية.

والي تونس أرجع الأمر إلى ممارسته لصلاحياته وقال أن من حقه إيقاف كل عمل من شأنه تعطيل أعمال السلطة العامة وإنجاز المرافق العامة والقيام بكل ما من شأنه ضمان حسن سير دواليب الدولة، خاصة وانه يؤكد انه لم تقع استشارة الولاية في قرار هدم مستوصف سيدي البشير، قائلا في لهجة حادة وقد توجه بالكلام لشيخة بلدية تونس "من صلاحياتك إصدار قرار هدم ومن صلاحياتي إيقافه..، وكل شخص يقف عند حدّه".

سلطة عائق لسلطة..

في حيثيات قرار هدم المستوصف قال والي تونس كمال الفقي، أنه تمت برمجة إعادة تهيئة هذا المركز الصحي منذ 2019 في إطار برنامج مجلس جهوي لولاية تونس والذي من ضمن أعضائه بلدية تونس وتم تسخير مبلغ يفوق 800 ألف دينار لهذا المشروع، وانطلقت الأشغال فعلا. وكشف أن بلدية تونس أوقفت هذا المشروع أكثر من مرة، مطالبة وزارة الصحة بدفع مبلغ 50 ألف دينار، بتعلة عدم توفر مأوى سفلي. مشيرا الى أن اشغال إعادة تهيئة هذا الفضاء الصحي قد يتجاوز اليوم 1300 دينار، مذكرا بأن الأشغال الأخيرة انطلقت في 9 أوت من السنة الماضية على أن تكون مدة الإنجاز 330 يوما وتاريخ انتهاء الأشغال هو 9 جوان الجاري ولكن المدة تم استهلاكها وفق تصريح والي تونس بسبب أن رئيسة بلدية تونس سعاد عبد الرحيم أوقفت الأشغال عدّة مرات والأسباب هو أنّها تُطالب في وزارة الصحة بدفع مبلغ يناهز 50 ألف دينار..

كما أكد كمال الفقي أن البلدية لم تكشف عن أسباب الهدم وانه لن يقبل بأن تصبح السلطة المحلية عائقا أمام السلطة الجهوية وعائقا أمام المركزية، واصفا هذا الأمر بانه ضرب لوحدة الدولة وتعطيل للمصلحة العامة وتخريب لأعمال تنفيذ مشاريع تنموية، وفق تعبيره.

وهذا التصريح الأخير للوالي يؤكد أن السلطة المحلية باتت تنظر لها السلط الجهوية كعائق لا ينسحب فقط على ولاية تونس بل يشمل عدة ولايات أخرى وأن الأمر تكرر في وقائع كثيرة منذ تركيز المجالس البلدية كسلط محلية مستقلة، حيث اعتبر والي تونس أن البلدية هي جزء من الدولة وليست خارج الدولة والبلدية عضو في المجلس الجهوي..

والحديث المتواتر من مسؤولي الدولة بعد إعلان إجراءات 25 جويلية على وحدة الدولة وعلى أن ليس هناك استقلالية لأي جهاز عن الدولة هو الذي أفضى الى وضع اليد على السلطة القضائية وحل المجلس الأعلى للقضاء وتحويل القضاء الى وظيفة في الدستور الجديد وقبله حل البرلمان..، ويمكن أن ينتهي بحل المجالس البلدية المنتخبة والتي الى اليوم لن يفصح رئيس الجمهورية قيس سعيد عن موقفه منها.

وفي ردها على هجوم والي تونس الذي اعتبرها قد خالفت الإجراءات، ردت شيخة مدينة تونس بقولها أنه »لا سند قانوني يسمح لي بالتخلّي عن موارد البلدية أو منح رخص دون المعاليم الموظّفة بقانون المالية"، وذلك في إشارة إلى حديث الوالي أن البلدية أوقفت الأشغال بسبب عدم حصوله على منحة الـ 50 ألف دينار من وزارة الصحة لتهيئة مأوى سفلي..

وأكدت شيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم إنّ والي تونس قانونيا مطالب بتنفيذ القرار في حال تقاعدت البلدية عن ذلك، ويمكن للوالي أيضا الاعتراض على قرارات البلدية أمام المحكمة الإدارية، مضيفة أنّه "من صلاحيات الوالي إيقاف قرارات البلدية"، نافية أن بينهما خصام أو جدال وانهما يعملان في اطار وحدة الدولة والقانون الذي يجب أن يطبق على الجميع، وفق تعبيرها.

ورغم محاولة تهدئة شيخة مدينة تونس سعاد عبد الرحيم، الأمور بينها وبين والي تونس كمال الفقي، إلا أن كل المؤشرات تؤكد أن هذه الواقعة لن تكون الأخيرة بين الوالي وشيخة مدينة تونس، وأن الصدام بين السلط الجهوية والمجالس البلدية سيكون موجودا في الأسابيع والأشهر القادمة لاعتبارات سياسية وكذلك بسبب تنازع السلط بين السلط الجهوية والمحلية خاصة بوجود بيئة سياسية تعيش احتقانا وتوترا وتتغذى من الأزمة الوطنية.

منية العرفاوي

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews