إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

كُتبت بالحبر القاني.. تقارير مفزعة حول انتهاكات حقوق الإنسان في تونس

تونس: الصباح

استعدادا للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان الذي سيقام مطلع نوفمبر المقبل في جينيف، رفعت منظمات المجتمع المدني لمجلس حقوق الإنسان الراجع بالنظر للأمم المتحدة 40 تقريرا حول أوضاع حقوق الإنسان في تونس، وتم من خلالها رصد انتهاكات كثيرة وصفها وحيد الفرشيشي الناشط في المجتمع المدني وأستاذ القانون بجامعة قرطاج ومدير قسم القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس،بالخطيرة خاصة خلال جائحة كورونا وبعد 25 جويلية.

وأضاف في تصريح لـ "الصباح" أن الانتهاكات التي تم رصدها في ظل سريان التدابير الاستثنائية تكاد تكون في نفس مستوى ما تم تسجيله سنة 2008 وربما هي أقسى مما حدث في عهد بن علي، لأنه خلال سنة 2008 كانت هناك دكتاتورية ونظام استبدادي لكن لم تكن كل السلطات في يد شخص واحد مثلما هو عليه الحال اليوم، ولهذا السبب يصح توصيف الوضع بأنه أسوأ وأخطر من عهد بن علي.

وتعقيبا عن استفسار حول ماهية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان بجينيف، أجاب الجامعي أن الاستعراض الدوري الشامل يتم مرة كل أربع سنوات أمام مجلس حقوق الإنسان وهو عملية تقوم بها جميع الدول المنضوية تحت هذه الآلية، وبالنسبة إلى تونس فإنها تقوم منذ سنة 2008 بعرض تقريرها الدوري حول حقوق الإنسان الذي يشمل جميع الحقوق ولكن هناك استعراض دوري آخر متخصص في حقوق المرأة واستعراض دوري متخصص في حقوق الطفل. وأضاف أن تونس تولت تقديم تقاريرها الدورية سنوات 2008 و2012 و2017 وهي مطالبة بتقديم تقرير سنة 2022 وتنقسم هذه التقارير إلى أصناف، إذ هناك تقرير ترفعه الدولة وتقدمه عن طريق موفديها الرسميين إلى جينيف وهي مطالبة بإرساله إلى مجلس حقوق الإنسان خلال الأسبوع الأول من شهر أوت. وهناك تقارير تعدها منظمات حقوق الإنسان والمنظمات التابعة للأمم المتحدة الموجودة في تونس وهي مطالبة بإرسال تقاريرها قبل موفى شهر مارس، وهو ما حصل حيث قامت منظمات حقوق الإنسان بإرسال قرابة الأربعين تقريرا وتولت منظمات الأمم المتحدة بتونس والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إرسال تقريرين، وهناك تقارير أخرى تعدها الهيئات وقد تولت الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب إرسال تقاريرها..

وتهدف آلية الاستعراض الدوري الشامل للحقوق الإنسان إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان من خلال محاسبة الدولة على مدى التزامها بتعهداتها في مجال حماية حقوق الإنسان، وفسر الجامعي أنه بعد أن ترسل الدولة تقريرها في الأسبوع الأول من شهر أوت ستقوم مطلع نوفمبر المقبل بتقديمه ثم يتم نقاشه على ضوء الملاحظات التي رفعها المجتمع المدني والمنظمات التابعة للأمم المتحدة الموجودة في تونس والهيئات.

وأشار وحيد الفرشيشي إلى أن دور المجتمع المدني مهم لأنه يقوم بلفت النظر للإخلالات التي لم يقع تجاوزها منذ الاستعراض الدوري السابق لسنة 2017. وبين أنه بعد أن تتولى الدولة استعراض تقريرها يقع تقديم توصيات لها ومن حقها أن تعبر عن تحفظها عليها، فخلال سنة 2017 تم تقديم 248 توصية للدولة التونسية، وقد قبلت تونس أكثر من 150 توصية منها بالخصوص ما تعلق بإعادة النظر في المنظومة التربوية ودعم حقوق النساء في المساواة ودعم حقوق النساء في الوسط الريفي في الصحة الإنجابية والجنسية ولكنها في المقابل رفضت 11 توصية..

وفسر محدثنا أنه بعد مساءلة الدولة عن مدى التزامها بتنفيذ التوصيات التي قبلت العمل بها تتم محاسبتها على مختلف الانتهاكات التي قامت بها منذ سنة 2017.

وأكد الجامعي أن الانتهاكات المسجلة كثيرة وقال إنها تصاعدت خلال فترة كورونا وبعد 25 جويلية.

وبخصوص أبرز الملاحظات التي رفعتها منظمات المجتمع المدني في تقاريرها، بين وحيد الفرشيشي أنه منذ شروع هذه المنظمات في إعداد تقاريرها تم تذكيرها بأنه يتعين عليها ألا تركز فقط على ما حصل بعد 25 جويلية بل هي مطالبة بأن تغطي في تقاريرها كل الانتهاكات المرتكبة منذ سنة 2017 وذلك حتى لا يقع التفصي منها، وذكر أن أغلب التقارير التي تم إرسالها إلى مجلس حقوق الإنسان فيها جرد مفصل لكل الانتهاكات التي حصلت منذ سنة 2017، وتنقسم التوصيات إلى ثلاثة أجزاء كبرى، وهي مؤسساتية وقانونية وتطبيقية.

وفسر أنه في هذا السياق تم لفت نظر الدولة التونسية كي تحدث العديد من المؤسسات خاصة منها المحكمة الدستورية وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة، وأن تفعل أدوار الهيئات المحدثة من خلال منحها الموارد المالية والبشرية اللازمة لكي تقوم بدورها على غرار الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص.

وأشار الفرشيشي إلى أن ما تمت ملاحظته هذا العام مقارنة بالتقارير التي تم رفعها بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان سنة 2017 هو أنه إلى جانب التقارير التي رصدت أوضاع حقوق الإنسان بصفة عامة، تم إيداع تقرير حول الحقوق البيئية والتنموية وقد تم من خلاله تسليط الضوء على الكثير من المشاكل البيئية سواء ما تعلق منها بالنفايات أو التغيرات المناخية أو نقص الموارد الطبيعية وفي مقدمتها الماء، كما تم إعداد تقرير حول الحقوق الثقافية والفنية ووقع التركيز فيه على وضعية الفنان في تونس إلى جانب غياب قانون يتعلق بالفنان وغياب الدعم الموجه للفانيين وعدم الاهتمام بالحقوق الثقافية خاصة خلال فترة جائحة كورونا.

المحاكمات العسكرية

إجابة عن استفسار حول أبرز التوصيات التي تعهدت تونس بالعمل بها خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في جينيف سنة 2017 لكنها لم تحترمها، أشار أستاذ القانون والناشط في المجتمع المدني وحيد الفرشيشي إلى أنها تتمثل في إيقاف محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية.. فتونس حسب قوله لم تحترم هذه التوصية، وليس هذا فقط بل يمكن الإشارة أيضا إلى أن عدد المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكري ارتفع مقارنة بالماضي، فخلال الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى 31 ديسمبر 2021 لم تقع إحالة سوى 10 أشخاص فقط على المحاكم العسكرية، لكن منذ 25 جويلية 2021 تجاوز عدد الأشخاص الذين تمت إحالتهم على المحاكم العسكرية 16.

ولاحظ الجامعي أن هذه الأرقام تبين بوضوح تنامي اللجوء للقضاء العسكري وهو ما يكشف رغبة في تخويف التونسيين لأن القضاء العسكري يقوم على مبدأ الالتزام والصرامة لكن القضاء المدني مبني على الحرية، كما أن أحكام القضاء العسكري أكثر قسوة من أحكام القضاء المدني، وطريقة التعامل مع القضاء العسكري مختلفة تماما عن طريقة التعامل مع القضاء المدني.

وفي ما يتعلق بالجانب التشريعي أشار الجامعي إلى أن الدولة التونسية مطالبة بمواءمة تشريعاتها الوطنية مع التشريعات الدولية لكنها إلى الآن لم تراجع العديد من القوانين المهمة وخاصة منها المجلة الجزائية ومجلة الأحوال الشخصية ومجلة حقوق الطفل ومجلة الشغل، كما أنها مازالت تعمل بالأمر المنظم لحالة الطوارئ وهذا من شأنه أن يشجع على تواصل الانتهاكات البوليسية لحقوق الإنسان. وذكر محدثنا أنه لا يمكن أن ننسى أن البلاد منذ 25 جويلية الماضي في حالة استثناء وطوارئ، وطيلة الفترة المنقضية استأثر فرد واحد وهو رئيس الجمهورية بكل السلط وقام بضرب البرلمان من خلال تجميده ثم حله وبضرب المجلس الأعلى للقضاء من خلال حله وتركيز مجلس مؤقت وضرب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من خلال تغييرها بهيئة يعينها الرئيس نفسه. ويرى الفرشيشي أن رئيس الجمهورية بهذه الكيفية حطم علوية القانون ومبدأ التوازن بين السلط.. وبين أن كل هذه الملاحظات سيثيرها المجتمع المدني وسيتعين على الدولة التونسية أن تجيب عنها.

أزمة القضاء

ردا عن استفسار آخر حول ما إذا تضمنت التقارير التي تم رفعها لمجلس حقوق الإنسان ملاحظات حول أوضاع القضاء بعد صدور المرسوم عدد 35 لسنة 2022 مؤرّخ في 1 جوان 2022 المتعلّق بإتمام المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء. الذي أتاح لرئيس الجمهورية إمكانية إعفاء قضاة بين الفرشيشي أن الأزمة الحالية التي يمر بها القضاء حدثت بعد إرسال التقارير التي أعدها المجتمع المدني، ولكن هذا لا يعني أنه لن يقع طرح أسئلة بخصوص وضع القضاء على الدولة التونسية بمناسبة نقاش تقريرها، لذلك يتعين على المجتمع المدني أن يواصل "اللوبينغ" والمناصرة من أجل إطلاع مجلس حقوق الإنسان على حقيقة ما تتعرض له السلطة القضائية في تونس من ضرب لاستقلاليتها وتشويه للقضاة وحرمانهم من حق الدفاع عن أنفسهم، وليس هذا فقط فالمحاكم هي الأخرى تعاني من مشاكل لا تحصى ولا تعد جراء عدم توفر الموارد المادية والبشرية اللازمة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية فإنها لم تتمكن من القيام بالدور المطلوب منها جراء العوائق الكثيرة الماثلة أمامها.

وخلص الفرشيشي إلى أن الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في تونس هذه المرة سيكون مختلفا عن الاستعراضات السابقة نظرا للانتهاكات الكثيرة التي وقع تسجيلها خلال فترة كورونا وخلال المظاهرات وقد تفاقمت الانتهاكات أكثر فأكثر بعد 25 جويلية 2021.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

كُتبت بالحبر القاني.. تقارير مفزعة حول انتهاكات حقوق الإنسان في تونس

تونس: الصباح

استعدادا للاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان الذي سيقام مطلع نوفمبر المقبل في جينيف، رفعت منظمات المجتمع المدني لمجلس حقوق الإنسان الراجع بالنظر للأمم المتحدة 40 تقريرا حول أوضاع حقوق الإنسان في تونس، وتم من خلالها رصد انتهاكات كثيرة وصفها وحيد الفرشيشي الناشط في المجتمع المدني وأستاذ القانون بجامعة قرطاج ومدير قسم القانون العام بكلية العلوم القانونية والسياسية والاجتماعية بتونس،بالخطيرة خاصة خلال جائحة كورونا وبعد 25 جويلية.

وأضاف في تصريح لـ "الصباح" أن الانتهاكات التي تم رصدها في ظل سريان التدابير الاستثنائية تكاد تكون في نفس مستوى ما تم تسجيله سنة 2008 وربما هي أقسى مما حدث في عهد بن علي، لأنه خلال سنة 2008 كانت هناك دكتاتورية ونظام استبدادي لكن لم تكن كل السلطات في يد شخص واحد مثلما هو عليه الحال اليوم، ولهذا السبب يصح توصيف الوضع بأنه أسوأ وأخطر من عهد بن علي.

وتعقيبا عن استفسار حول ماهية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان أمام مجلس حقوق الإنسان بجينيف، أجاب الجامعي أن الاستعراض الدوري الشامل يتم مرة كل أربع سنوات أمام مجلس حقوق الإنسان وهو عملية تقوم بها جميع الدول المنضوية تحت هذه الآلية، وبالنسبة إلى تونس فإنها تقوم منذ سنة 2008 بعرض تقريرها الدوري حول حقوق الإنسان الذي يشمل جميع الحقوق ولكن هناك استعراض دوري آخر متخصص في حقوق المرأة واستعراض دوري متخصص في حقوق الطفل. وأضاف أن تونس تولت تقديم تقاريرها الدورية سنوات 2008 و2012 و2017 وهي مطالبة بتقديم تقرير سنة 2022 وتنقسم هذه التقارير إلى أصناف، إذ هناك تقرير ترفعه الدولة وتقدمه عن طريق موفديها الرسميين إلى جينيف وهي مطالبة بإرساله إلى مجلس حقوق الإنسان خلال الأسبوع الأول من شهر أوت. وهناك تقارير تعدها منظمات حقوق الإنسان والمنظمات التابعة للأمم المتحدة الموجودة في تونس وهي مطالبة بإرسال تقاريرها قبل موفى شهر مارس، وهو ما حصل حيث قامت منظمات حقوق الإنسان بإرسال قرابة الأربعين تقريرا وتولت منظمات الأمم المتحدة بتونس والمفوضية السامية لحقوق الإنسان إرسال تقريرين، وهناك تقارير أخرى تعدها الهيئات وقد تولت الهيئة العليا للاتصال السمعي والبصري والهيئة العليا لحقوق الإنسان والحريات الأساسية والهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب إرسال تقاريرها..

وتهدف آلية الاستعراض الدوري الشامل للحقوق الإنسان إلى تحسين أوضاع حقوق الإنسان من خلال محاسبة الدولة على مدى التزامها بتعهداتها في مجال حماية حقوق الإنسان، وفسر الجامعي أنه بعد أن ترسل الدولة تقريرها في الأسبوع الأول من شهر أوت ستقوم مطلع نوفمبر المقبل بتقديمه ثم يتم نقاشه على ضوء الملاحظات التي رفعها المجتمع المدني والمنظمات التابعة للأمم المتحدة الموجودة في تونس والهيئات.

وأشار وحيد الفرشيشي إلى أن دور المجتمع المدني مهم لأنه يقوم بلفت النظر للإخلالات التي لم يقع تجاوزها منذ الاستعراض الدوري السابق لسنة 2017. وبين أنه بعد أن تتولى الدولة استعراض تقريرها يقع تقديم توصيات لها ومن حقها أن تعبر عن تحفظها عليها، فخلال سنة 2017 تم تقديم 248 توصية للدولة التونسية، وقد قبلت تونس أكثر من 150 توصية منها بالخصوص ما تعلق بإعادة النظر في المنظومة التربوية ودعم حقوق النساء في المساواة ودعم حقوق النساء في الوسط الريفي في الصحة الإنجابية والجنسية ولكنها في المقابل رفضت 11 توصية..

وفسر محدثنا أنه بعد مساءلة الدولة عن مدى التزامها بتنفيذ التوصيات التي قبلت العمل بها تتم محاسبتها على مختلف الانتهاكات التي قامت بها منذ سنة 2017.

وأكد الجامعي أن الانتهاكات المسجلة كثيرة وقال إنها تصاعدت خلال فترة كورونا وبعد 25 جويلية.

وبخصوص أبرز الملاحظات التي رفعتها منظمات المجتمع المدني في تقاريرها، بين وحيد الفرشيشي أنه منذ شروع هذه المنظمات في إعداد تقاريرها تم تذكيرها بأنه يتعين عليها ألا تركز فقط على ما حصل بعد 25 جويلية بل هي مطالبة بأن تغطي في تقاريرها كل الانتهاكات المرتكبة منذ سنة 2017 وذلك حتى لا يقع التفصي منها، وذكر أن أغلب التقارير التي تم إرسالها إلى مجلس حقوق الإنسان فيها جرد مفصل لكل الانتهاكات التي حصلت منذ سنة 2017، وتنقسم التوصيات إلى ثلاثة أجزاء كبرى، وهي مؤسساتية وقانونية وتطبيقية.

وفسر أنه في هذا السياق تم لفت نظر الدولة التونسية كي تحدث العديد من المؤسسات خاصة منها المحكمة الدستورية وهيئة حقوق الإنسان وهيئة التنمية المستدامة وحقوق الأجيال القادمة، وأن تفعل أدوار الهيئات المحدثة من خلال منحها الموارد المالية والبشرية اللازمة لكي تقوم بدورها على غرار الهيئة الوطنية للوقاية من التعذيب والهيئة الوطنية لمكافحة الاتجار بالأشخاص.

وأشار الفرشيشي إلى أن ما تمت ملاحظته هذا العام مقارنة بالتقارير التي تم رفعها بمناسبة الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الانسان سنة 2017 هو أنه إلى جانب التقارير التي رصدت أوضاع حقوق الإنسان بصفة عامة، تم إيداع تقرير حول الحقوق البيئية والتنموية وقد تم من خلاله تسليط الضوء على الكثير من المشاكل البيئية سواء ما تعلق منها بالنفايات أو التغيرات المناخية أو نقص الموارد الطبيعية وفي مقدمتها الماء، كما تم إعداد تقرير حول الحقوق الثقافية والفنية ووقع التركيز فيه على وضعية الفنان في تونس إلى جانب غياب قانون يتعلق بالفنان وغياب الدعم الموجه للفانيين وعدم الاهتمام بالحقوق الثقافية خاصة خلال فترة جائحة كورونا.

المحاكمات العسكرية

إجابة عن استفسار حول أبرز التوصيات التي تعهدت تونس بالعمل بها خلال عملية الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في جينيف سنة 2017 لكنها لم تحترمها، أشار أستاذ القانون والناشط في المجتمع المدني وحيد الفرشيشي إلى أنها تتمثل في إيقاف محاكمة المدنيين أمام المحكمة العسكرية.. فتونس حسب قوله لم تحترم هذه التوصية، وليس هذا فقط بل يمكن الإشارة أيضا إلى أن عدد المدنيين الذين تمت محاكمتهم أمام القضاء العسكري ارتفع مقارنة بالماضي، فخلال الفترة الممتدة من سنة 2011 إلى 31 ديسمبر 2021 لم تقع إحالة سوى 10 أشخاص فقط على المحاكم العسكرية، لكن منذ 25 جويلية 2021 تجاوز عدد الأشخاص الذين تمت إحالتهم على المحاكم العسكرية 16.

ولاحظ الجامعي أن هذه الأرقام تبين بوضوح تنامي اللجوء للقضاء العسكري وهو ما يكشف رغبة في تخويف التونسيين لأن القضاء العسكري يقوم على مبدأ الالتزام والصرامة لكن القضاء المدني مبني على الحرية، كما أن أحكام القضاء العسكري أكثر قسوة من أحكام القضاء المدني، وطريقة التعامل مع القضاء العسكري مختلفة تماما عن طريقة التعامل مع القضاء المدني.

وفي ما يتعلق بالجانب التشريعي أشار الجامعي إلى أن الدولة التونسية مطالبة بمواءمة تشريعاتها الوطنية مع التشريعات الدولية لكنها إلى الآن لم تراجع العديد من القوانين المهمة وخاصة منها المجلة الجزائية ومجلة الأحوال الشخصية ومجلة حقوق الطفل ومجلة الشغل، كما أنها مازالت تعمل بالأمر المنظم لحالة الطوارئ وهذا من شأنه أن يشجع على تواصل الانتهاكات البوليسية لحقوق الإنسان. وذكر محدثنا أنه لا يمكن أن ننسى أن البلاد منذ 25 جويلية الماضي في حالة استثناء وطوارئ، وطيلة الفترة المنقضية استأثر فرد واحد وهو رئيس الجمهورية بكل السلط وقام بضرب البرلمان من خلال تجميده ثم حله وبضرب المجلس الأعلى للقضاء من خلال حله وتركيز مجلس مؤقت وضرب الهيئة العليا المستقلة للانتخابات من خلال تغييرها بهيئة يعينها الرئيس نفسه. ويرى الفرشيشي أن رئيس الجمهورية بهذه الكيفية حطم علوية القانون ومبدأ التوازن بين السلط.. وبين أن كل هذه الملاحظات سيثيرها المجتمع المدني وسيتعين على الدولة التونسية أن تجيب عنها.

أزمة القضاء

ردا عن استفسار آخر حول ما إذا تضمنت التقارير التي تم رفعها لمجلس حقوق الإنسان ملاحظات حول أوضاع القضاء بعد صدور المرسوم عدد 35 لسنة 2022 مؤرّخ في 1 جوان 2022 المتعلّق بإتمام المرسوم عدد 11 لسنة 2022 المؤرخ في 12 فيفري 2022 المتعلق بإحداث المجلس الأعلى المؤقت للقضاء. الذي أتاح لرئيس الجمهورية إمكانية إعفاء قضاة بين الفرشيشي أن الأزمة الحالية التي يمر بها القضاء حدثت بعد إرسال التقارير التي أعدها المجتمع المدني، ولكن هذا لا يعني أنه لن يقع طرح أسئلة بخصوص وضع القضاء على الدولة التونسية بمناسبة نقاش تقريرها، لذلك يتعين على المجتمع المدني أن يواصل "اللوبينغ" والمناصرة من أجل إطلاع مجلس حقوق الإنسان على حقيقة ما تتعرض له السلطة القضائية في تونس من ضرب لاستقلاليتها وتشويه للقضاة وحرمانهم من حق الدفاع عن أنفسهم، وليس هذا فقط فالمحاكم هي الأخرى تعاني من مشاكل لا تحصى ولا تعد جراء عدم توفر الموارد المادية والبشرية اللازمة، وكذلك الشأن بالنسبة إلى الدوائر المتخصصة في العدالة الانتقالية فإنها لم تتمكن من القيام بالدور المطلوب منها جراء العوائق الكثيرة الماثلة أمامها.

وخلص الفرشيشي إلى أن الاستعراض الدوري الشامل لحقوق الإنسان في تونس هذه المرة سيكون مختلفا عن الاستعراضات السابقة نظرا للانتهاكات الكثيرة التي وقع تسجيلها خلال فترة كورونا وخلال المظاهرات وقد تفاقمت الانتهاكات أكثر فأكثر بعد 25 جويلية 2021.

سعيدة بوهلال

 

 

 

 

 

 

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews