إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

غدا اليوم العالمي للبيئة.. تونس تحت وطأة أزمات بيئية "خانقة".. والسياسات بحاجة لمراجعات

مسؤولية الشركات والمؤسسات الملوثة في احترام حقوق الإنسان  

المدن والأرياف تعاني من الآثار البيئية الكارثية

تونس-الصباح

 

نظمت “شبكة تونس الخضراء” والتي تتكون من مجموعة من الخبراء وعديد الجمعيات البيئية، يوم أمس مؤتمرا صحفيا تحضيرا لليوم العالمي للبيئة يوم 5 جوان من كل سنة. 

وجاء اللقاء الصحفي للشبكة تحت عنوان "تي ويني السياسات البيئية"، وأفاد عضو "شبكة تونس الخضراء" نضال عطية، في كلمة له أن احتفال تونس سنويا باليوم العالمي لا يتماشى مع ما تعيشه تونس من أزمات بيئية.

ودعا عطية، مختلف هياكل الدولة المسؤولة عن البيئة إلى التصدي للوضع البيئي الكارثي الذي تعيشه تونس حاليا مع تقديمهم لرؤية جديدة ناجعة لاحترام البيئة والمناخ وعدم عزل احترام البيئة عن السياسات التنموية وذلك من خلال خلق أكثر تناسق وتوافق في السياسات والتوجهات البيئة للدولة مما سيحد من الأزمات البيئة التي تؤدي إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية وصحية...، وأشار نضال عطية أن المجتمع المدني يعمل منذ سنوات على تقديم حلول لهذه المشاكل البيئية في المقابل لا يوجد أي تفاعل..

 

خلق أمن غذائي

 

بدورها ليلى الرياحي عضوة المنصة التونسية للبدائل، أكدت في مداخلتها خلال المؤتمر الصحفي أن من أهم أسباب المشاكل البيئية في تونس هو المنوال الاقتصادي والتنموي الحالي حيث تعاني المدن والارياف على حد السواء من هذه الآثار البيئية الكارثية، خاصة في ظل الاعتماد الكلي من الدولة على الصناعات الاستخراجية من نفط وغاز وفسفاط...، والتي تؤدي إلى أثار بيئية سلبية.

وأضافت الرياحي، أن المنوال الفلاحي في تونس أيضا يقوم على التجارة العالمية للغذاء والتي تعتبر غير ناجعة وتستنزف المائدة المائية كما أنها تقوم على استعمال كثيف للمواد الكيميائية...، وهو ما يعني انها فلاحة غير مستدامة ولا ترتكز على خلق أمن غذائي وطني أهم ركائزه توفير الحبوب خاصة القمح والشعير. كما أن التوجه نحو الطاقات المتجددة في تونس ساهم في القضاء على الأراضي الفلاحيّة الاشتراكية خاصة في ولايات الجنوب التونسي. مبينة في نفس الصدد ان الطرف الملوث هو من يجب أن يحاسب ويتحمل مسؤوليته وليس المواطن التونسي الذي يحتاج من أجل حقه في بيئة سليمة والحفاظ على الطبيعة.

من جهته الممثل عن حراك "نحب نعيش"(Stop Pollution)، خليل الباي، أكد أن الحراك سيحيي هذا العام اليوم العالمي للبيئة بتحرك احتجاجي أمام المجمع الكيميائي التونسي بالعاصمة وذلك تنديدا بما يرتكبه من تلوث بولاية قابس وعدة ولايات أخري من تلوث وعدم احترام للبيئة والطبيعة منذ 50 عاما إلى حد اليوم. وهو ما أدى على سبيل المثال بولاية قابس إلى فقدان عشرات الأنواع من الأسماك حيث لم يتبق بخليج قابس سوى 20 نوعا فقط من الأسماك بسبب السكب الصناعي بالبحر وخاصة منه مادة الفسبوجيبس بأكثر من 5 ملايين طن سنويا منها 16 ألف طن سنويا في البحر وهو ما أدى إلى القضاء على 500 متر من مساحة شط السلام وخلق منطقة ذات اشعاعات قوية ومناطق ملوثة بالإضافة إلى استنزاف المائدة المائية، زد على ذلك غياب السلامة المهنية في المنطقة الصناعية.. 

 

احترام حقوق الإنسان

 

كما أكد الممثل عن "منظمة محامون بلا حدود"، سيف بن يوسف، على ضرورة مسؤولية الشركات والمؤسسات الملوثة في احترام حقوق الإنسان  وهو ما يعني ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ المؤسسات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻋﻦ اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ جميع المؤسسات ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﺠﻤﻬﺎ وﻗﻄﺎﻋﻬﺎ، وﺳﻴﺎق ﻋﻤﻠﻴﺎتها، وﻣﻠﮑﻴﺘﻬﺎ، وﻫﻴﮑﻠﻬﺎ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻗﺪ ﳜﺘﻠﻒ ﺣﺠﻢ وﻣﺪى ﺗﻌﻘﻴﺪ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ التي ﺗﻌﺘﻤﺪﻫﺎ المؤﺳﺴﺔ ﻟلوﻓﺎء بهذه  المسؤوﻟﻴﺔ بحسب هذه اﻟﻌﻮاﻣﻞ وبحسب ﺷﺪة اﻵﺛﺎر اﻟﻀﺎرة بحقوق اﻹﻧﺴﺎن اﻟتي تخلفها المؤسسة.

وشدد بن يوسف، على ضرورة خلق حلول بديلة وناجعة للحد من التلوث وعدم اعتبار المسؤولية الاجتماعية للشركات فرصة ومبرر للتجاوزات البيئية، معتبرا ان الولوج الى العدالة البيئية لا بد أن يكون متاحا للجميع وتضمنه الدولة لمختلف التّونسيين...

واكدت شبكة تونس الخضراء في بلاغ لها قدمته أمس تحت عنوان، "نداء المجتمع المدني التونسي من أجل تحول بيئي فوري وواقعي وعادل، "تي ويني السياسات البيئية؟" إن الوقت حان لاتخاذ قرارات جريئة واتخاذ إجراءات عاجلة لضمان مستقبل أفضل لتونس، حيث يتم الاحتفال بيوم البيئة العالمي في يوم 5 جوان من كل عام، منذ عام 1973، من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) والمجتمع الدولي. ويعتبر هذا اليوم أكبر مناسبة لزيادة الوعي البيئي عالميا، حيث يتعهد ملايين الأشخاص بحماية كوكب الأرض. وقد وضع يوم البيئة العالمي لهذه السنة تحت شعار لا نملك سوى أرض واحدة، داعياً إلى تغييرات تحويلية في السياسات والاختيارات لتمكين العيش في وئام مع الطبيعة بطريقة أكثر مراعاة للبيئة وأكثر استدامة.

 

صبغة احتفالية دون أي تأثير ملموس

 

وأضافت الشبكة "أن الاحتفال بهذا اليوم في بلادنا، قد اتخذ على مدى أكثر من عقدين، صبغة احتفالية دون أي تأثير ملموس ودائم، خاصة على السياسات التنموية القطاعية. وغالبًا ما تضيع وزارة البيئة والحكومات اجمالا، هذه المناسبة بسبب هذا النهج الذي تجاوزه الزمن. ويمكن وصف التطورات القليلة المسجلة في مجال البيئة بأنها تغييرات خجولة نابعة من أجندة غير قادرة على القيام أو على إدخال التحولات اللازمة في سياسات الدولة للتكيف مع التغيرات المناخية، والإدارة والحوكمة الرشيدة للموارد الطبيعية، وحماية التنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية، وضمان الأمن الغذائي، وضمان حسن التخطيط والتنقل الحضري المستدام، وإنتاج الطاقة النظيفة، والتصرّف الناجع في النفايات ومكافحة التلوث بجميع أشكاله. 

وفي هذا الإطار دعت "شبكة تونس الخضراء” والتي تتكون من مجموعة من الخبراء وعديد الجمعيات البيئية، وبشدة الحكومة والطبقة السياسية عموما، إلى تحقيق أكثر تماسك وتناسق للسياسات العمومية بحيث يكتسب الحق في بيئة صحية ومتوازنة الأولوية المطلقة ويستعيد مكانته كقيمة محمية قانونًا وقابلة للتنفيذ، بما في ذلك ضد الدولة ومؤسساتها، شأنها شأن جميع حقوق الإنسان الكونية، والتي كرسها دستور 2014.

 

تأثير التلوث

 

وكشفت البيانات المعدلة لحساب تأثير التلوث أن المياه الملوثة والتربة وعدم نقاء الهواء في الأماكن المغلقة عوامل جعلت تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر البلدان الأكثر تسجيلا لوفيات مرتبطة بالتلوث.

وساهمت البرامج الحكومية لخفض تلوث الهواء في الأماكن المغلقة وتحسين الصحة العامة في خفض حصيلة الوفيات في أماكن أخرى، ففي إثيوبيا ونيجيريا ساهمت تلك الجهود في خفض الوفيات المرتبطة بالتلوث بمقدار الثلثين بين 2000 و2019. وفي الوقت نفسه بدأت الحكومة الهندية في 2016 تعرض إحلال وصلات غاز للمواقد محل المواقد التي تعمل بحرق الأخشاب.

ويعد تلوث الهواء، إلى جانب التغيير المناخي، أحد أبرز التهديدات البيئية للصحة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

بالنسبة للأطفال، قد يعوق تلوث الهواء نمو الرئة ويحد من وظائفها ويؤدي إلى التهابات في الجهاز التنفسي ويزيد من حدة الربو. ولدى البالغين، يعتبر مرض نقص التروية والسكتة الدماغية من أكثر أسباب الوفاة المبكرة شيوعًا بسبب تلوث الهواء الخارجي.

 

منع الأكياس البلاستيكية

 

وأطلقت وزارة البيئة حملة تحت شعار "وقيت نتحمل المسؤولية" تهدف إلى توعية التجار والمستهلكين بقرار منع الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد والذي تم إقراره بأمر حكومي منذ غرة جانفي 2021.

وأفادت الوزارة بأن 4.2 مليار من الأكياس البلاستيكية يتم استعمالها سنويا في تونس، منها 1.2 كيس مستورد، كما يتم إلقاء ما يقارب 8 أطنان من النفايات البلاستيكية سنويا في كل كيلومتر من السواحل التونسية. ودعت الوزارة الى استعمال الأكياس القابلة لإعادة الاستعمال والتحلل البيولوجي عبر التسميد الصناعي، او الاكياس البلاستيكية الشفافة والخفيفة المخصصة لوزن الغلال والخضر.

وافادت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي مهداوي، في تصريح سابق لـ"الصباح" أن الحملة التوعوية "وقيت نتحمل المسؤولية" تستهدف التجار والمستهلكين بشأن الأكياس البلاستيكية الممنوعة وتشجيعهم على المواد القابلة لإعادة الاستعمال وتشجيع السلوك البيئي المسؤول..، ويتم إلقاء ما يقارب 8 اطنان من النفايات البلاستيكية سنويا في السواحل التونسية وهو ما يؤثر سلبا على سلامة البيئة البحرية والبرية وعلى صحة المواطن"، وفق قولها.

فيما اعتبر مدير عام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بدر الدين الأسمر، في تصريح سابق لـ"الصباح"، أن كل تونسي ينتج يوميا 1 كلغ من النفايات وهو معدل مرتفع مقارنة بعدة بلدان في العالم، معتبرا في نفس السياق أن هذه الكميات الكبيرة من النفايات تفوق تكلفة التصرف فيها وإعادة تثمينها ملايين الدينارات خاصة وأن التصرف في النفايات مكلف جدا. ومن بين الحلول المقترحة وفق قوله استعمال بلاستيك قابل للرسكلة أو الاستعمال..، مع التقليل من التبذير في الأكل وغيرها من الاستعمالات المنزلية.

 

احتجاجات حول التجاوزات البيئية

 

ووفقا للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن أكثر من 7% من الاحتجاجات الاجتماعية لسنة 2021 كانت احتجاجات حول التجاوزات البيئية بأكثر من 840 تحرك سنويا.

وتبلغ نسبة مساهمة تونس0.7% في انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم وهي نسبة ضعيفة جدا الا أنها تبقى معرضة بشكل كبير لتأثيرات التغيرات المناخية لكونها متواجدة في القارة الافريقية وتطل على البحر الأبيض المتوسط. ووفقا للجرد الوطني لانبعاثات غازات الدفيئة بتونس، فقد بلغت الإنبعاثات الصافية لغازات الدفيئة ما يناهز 32,1 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون (طن مكافئCO2) سنة 2000 أي ما يمثل 3,4 طن مكافئ CO2 لكل ساكن.

 

 آثار التغيرات المناخية 

 

وأعلنت تونس منذ عام 2015 عن مساهمتها في الجهود الدولية المبذولة للتخفيف أو الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وتقليص الاقتصاد القائم على الكربون دون المساس بأهدافها التنموية. كما أنها كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عام 1993 وبروتوكول كيوتو عام 2002. واتخذت العديد من الإجراءات للحد من آثار هذه الظاهرة..

وللحد من آثار التغيرات المناخية بالرغم الصعوبات المالية التي تواجهها تونس، فقد أعلنت في شهر سبتمبر الماضي عن مساهمتها المحددة وطنيا بشأن المناخ، واقترحت التركيز على مجالات مثل الاقتصاد الدائري والأمن الغذائي والأمن المائي والتنمية الاجتماعية. كما أكدت أن هدفها هو التخفيض من الكثافة الكربونية بنسبة 45%في أفق عام 2030، مقارنة بعام 2010. وبموجب الفصل 4 من اتفاق باريس حول المناخ، فإن جميع الدول الأطراف مدعوة إلى تقديم مساهمتها الوطنية المتعلقة بالتصدي لتغير المناخ، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع والقدرات الوطنية. وقد صادقت تونس على اتفاقية باريس في أكتوبر عام 2016، وأكدت من خلال هذه المصادقة التزامها السياسي على الصعيد العالمي بإعداد مساهمتها العالمية. ولمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، تبنت 197 دولة اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف 21 الذي عقد في 12 ديسمبر 2015، ويهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.

 

التخفيض من كثافة الكربون 

 

وقد التزمت تونس ضمن مساهمتها الأولى لعام 2015 بالتخفيض من كثافة الكربون بنسبة 45% في غضون عام 2030 وتشمل هذه التخفيضات خاصة قطاعات الطاقة حوالي 75% والصناعات والنفايات والغابات والفلاحة. ووفق وزارة البيئة فإن هذه التخفيضات تتوزع إلى تخفيضات غير مشروطة بنسبة 13% يتم تحقيقها بالاعتماد على الإمكانيات الوطنية وتخفيضات مشروطة بنسبة 28% تستوجب توفير إمكانيات إضافية تخص التمويل ونقل وتطوير التكنولوجيا. وفيما يتعلق بعنصر التأقلم مع التغيرات المناخية، تعتبر تونس بحكم موقعها الجغرافي في المنطقة المتوسطية والإفريقية من البلدان الأكثر عرضة لتأثير التغير المتمثلة وفق وزارة البيئة في ارتفاع درجات الحرارة إلى حدود عليا وانخفاض وتواتر وتباين معدل تساقط الأمطار. بالإضافة إلى ارتفاع مستوى مياه البحر. وقد تم ضمن المساهمات المحددة وطنيا الأولى إدراج أهم البرامج والأولويات الوطنية المتعلقة بتأقلم القطاعات الأكثر هشاشة للتغيرات المناخية والتي تشمل الموارد المائية والفلاحة والسياحة والصحة.

صلاح الدين كريمي

غدا اليوم العالمي للبيئة..  تونس تحت وطأة أزمات بيئية "خانقة".. والسياسات بحاجة لمراجعات

مسؤولية الشركات والمؤسسات الملوثة في احترام حقوق الإنسان  

المدن والأرياف تعاني من الآثار البيئية الكارثية

تونس-الصباح

 

نظمت “شبكة تونس الخضراء” والتي تتكون من مجموعة من الخبراء وعديد الجمعيات البيئية، يوم أمس مؤتمرا صحفيا تحضيرا لليوم العالمي للبيئة يوم 5 جوان من كل سنة. 

وجاء اللقاء الصحفي للشبكة تحت عنوان "تي ويني السياسات البيئية"، وأفاد عضو "شبكة تونس الخضراء" نضال عطية، في كلمة له أن احتفال تونس سنويا باليوم العالمي لا يتماشى مع ما تعيشه تونس من أزمات بيئية.

ودعا عطية، مختلف هياكل الدولة المسؤولة عن البيئة إلى التصدي للوضع البيئي الكارثي الذي تعيشه تونس حاليا مع تقديمهم لرؤية جديدة ناجعة لاحترام البيئة والمناخ وعدم عزل احترام البيئة عن السياسات التنموية وذلك من خلال خلق أكثر تناسق وتوافق في السياسات والتوجهات البيئة للدولة مما سيحد من الأزمات البيئة التي تؤدي إلى مشاكل اجتماعية واقتصادية وصحية...، وأشار نضال عطية أن المجتمع المدني يعمل منذ سنوات على تقديم حلول لهذه المشاكل البيئية في المقابل لا يوجد أي تفاعل..

 

خلق أمن غذائي

 

بدورها ليلى الرياحي عضوة المنصة التونسية للبدائل، أكدت في مداخلتها خلال المؤتمر الصحفي أن من أهم أسباب المشاكل البيئية في تونس هو المنوال الاقتصادي والتنموي الحالي حيث تعاني المدن والارياف على حد السواء من هذه الآثار البيئية الكارثية، خاصة في ظل الاعتماد الكلي من الدولة على الصناعات الاستخراجية من نفط وغاز وفسفاط...، والتي تؤدي إلى أثار بيئية سلبية.

وأضافت الرياحي، أن المنوال الفلاحي في تونس أيضا يقوم على التجارة العالمية للغذاء والتي تعتبر غير ناجعة وتستنزف المائدة المائية كما أنها تقوم على استعمال كثيف للمواد الكيميائية...، وهو ما يعني انها فلاحة غير مستدامة ولا ترتكز على خلق أمن غذائي وطني أهم ركائزه توفير الحبوب خاصة القمح والشعير. كما أن التوجه نحو الطاقات المتجددة في تونس ساهم في القضاء على الأراضي الفلاحيّة الاشتراكية خاصة في ولايات الجنوب التونسي. مبينة في نفس الصدد ان الطرف الملوث هو من يجب أن يحاسب ويتحمل مسؤوليته وليس المواطن التونسي الذي يحتاج من أجل حقه في بيئة سليمة والحفاظ على الطبيعة.

من جهته الممثل عن حراك "نحب نعيش"(Stop Pollution)، خليل الباي، أكد أن الحراك سيحيي هذا العام اليوم العالمي للبيئة بتحرك احتجاجي أمام المجمع الكيميائي التونسي بالعاصمة وذلك تنديدا بما يرتكبه من تلوث بولاية قابس وعدة ولايات أخري من تلوث وعدم احترام للبيئة والطبيعة منذ 50 عاما إلى حد اليوم. وهو ما أدى على سبيل المثال بولاية قابس إلى فقدان عشرات الأنواع من الأسماك حيث لم يتبق بخليج قابس سوى 20 نوعا فقط من الأسماك بسبب السكب الصناعي بالبحر وخاصة منه مادة الفسبوجيبس بأكثر من 5 ملايين طن سنويا منها 16 ألف طن سنويا في البحر وهو ما أدى إلى القضاء على 500 متر من مساحة شط السلام وخلق منطقة ذات اشعاعات قوية ومناطق ملوثة بالإضافة إلى استنزاف المائدة المائية، زد على ذلك غياب السلامة المهنية في المنطقة الصناعية.. 

 

احترام حقوق الإنسان

 

كما أكد الممثل عن "منظمة محامون بلا حدود"، سيف بن يوسف، على ضرورة مسؤولية الشركات والمؤسسات الملوثة في احترام حقوق الإنسان  وهو ما يعني ﻣﺴﺆوﻟﻴﺔ المؤسسات اﻟﺘﺠﺎرﻳﺔ ﻋﻦ اﺣﺘﺮام ﺣﻘﻮق اﻹﻧﺴﺎن ﻋﻠﻰ جميع المؤسسات ﺑﻐﺾ اﻟﻨﻈﺮ ﻋﻦ ﺣﺠﻤﻬﺎ وﻗﻄﺎﻋﻬﺎ، وﺳﻴﺎق ﻋﻤﻠﻴﺎتها، وﻣﻠﮑﻴﺘﻬﺎ، وﻫﻴﮑﻠﻬﺎ. وﻣﻊ ذﻟﻚ، ﻗﺪ ﳜﺘﻠﻒ ﺣﺠﻢ وﻣﺪى ﺗﻌﻘﻴﺪ اﻟﻮﺳﺎﺋﻞ التي ﺗﻌﺘﻤﺪﻫﺎ المؤﺳﺴﺔ ﻟلوﻓﺎء بهذه  المسؤوﻟﻴﺔ بحسب هذه اﻟﻌﻮاﻣﻞ وبحسب ﺷﺪة اﻵﺛﺎر اﻟﻀﺎرة بحقوق اﻹﻧﺴﺎن اﻟتي تخلفها المؤسسة.

وشدد بن يوسف، على ضرورة خلق حلول بديلة وناجعة للحد من التلوث وعدم اعتبار المسؤولية الاجتماعية للشركات فرصة ومبرر للتجاوزات البيئية، معتبرا ان الولوج الى العدالة البيئية لا بد أن يكون متاحا للجميع وتضمنه الدولة لمختلف التّونسيين...

واكدت شبكة تونس الخضراء في بلاغ لها قدمته أمس تحت عنوان، "نداء المجتمع المدني التونسي من أجل تحول بيئي فوري وواقعي وعادل، "تي ويني السياسات البيئية؟" إن الوقت حان لاتخاذ قرارات جريئة واتخاذ إجراءات عاجلة لضمان مستقبل أفضل لتونس، حيث يتم الاحتفال بيوم البيئة العالمي في يوم 5 جوان من كل عام، منذ عام 1973، من قبل برنامج الأمم المتحدة للبيئة (UNEP) والمجتمع الدولي. ويعتبر هذا اليوم أكبر مناسبة لزيادة الوعي البيئي عالميا، حيث يتعهد ملايين الأشخاص بحماية كوكب الأرض. وقد وضع يوم البيئة العالمي لهذه السنة تحت شعار لا نملك سوى أرض واحدة، داعياً إلى تغييرات تحويلية في السياسات والاختيارات لتمكين العيش في وئام مع الطبيعة بطريقة أكثر مراعاة للبيئة وأكثر استدامة.

 

صبغة احتفالية دون أي تأثير ملموس

 

وأضافت الشبكة "أن الاحتفال بهذا اليوم في بلادنا، قد اتخذ على مدى أكثر من عقدين، صبغة احتفالية دون أي تأثير ملموس ودائم، خاصة على السياسات التنموية القطاعية. وغالبًا ما تضيع وزارة البيئة والحكومات اجمالا، هذه المناسبة بسبب هذا النهج الذي تجاوزه الزمن. ويمكن وصف التطورات القليلة المسجلة في مجال البيئة بأنها تغييرات خجولة نابعة من أجندة غير قادرة على القيام أو على إدخال التحولات اللازمة في سياسات الدولة للتكيف مع التغيرات المناخية، والإدارة والحوكمة الرشيدة للموارد الطبيعية، وحماية التنوع البيولوجي والمناظر الطبيعية، وضمان الأمن الغذائي، وضمان حسن التخطيط والتنقل الحضري المستدام، وإنتاج الطاقة النظيفة، والتصرّف الناجع في النفايات ومكافحة التلوث بجميع أشكاله. 

وفي هذا الإطار دعت "شبكة تونس الخضراء” والتي تتكون من مجموعة من الخبراء وعديد الجمعيات البيئية، وبشدة الحكومة والطبقة السياسية عموما، إلى تحقيق أكثر تماسك وتناسق للسياسات العمومية بحيث يكتسب الحق في بيئة صحية ومتوازنة الأولوية المطلقة ويستعيد مكانته كقيمة محمية قانونًا وقابلة للتنفيذ، بما في ذلك ضد الدولة ومؤسساتها، شأنها شأن جميع حقوق الإنسان الكونية، والتي كرسها دستور 2014.

 

تأثير التلوث

 

وكشفت البيانات المعدلة لحساب تأثير التلوث أن المياه الملوثة والتربة وعدم نقاء الهواء في الأماكن المغلقة عوامل جعلت تشاد وجمهورية أفريقيا الوسطى والنيجر البلدان الأكثر تسجيلا لوفيات مرتبطة بالتلوث.

وساهمت البرامج الحكومية لخفض تلوث الهواء في الأماكن المغلقة وتحسين الصحة العامة في خفض حصيلة الوفيات في أماكن أخرى، ففي إثيوبيا ونيجيريا ساهمت تلك الجهود في خفض الوفيات المرتبطة بالتلوث بمقدار الثلثين بين 2000 و2019. وفي الوقت نفسه بدأت الحكومة الهندية في 2016 تعرض إحلال وصلات غاز للمواقد محل المواقد التي تعمل بحرق الأخشاب.

ويعد تلوث الهواء، إلى جانب التغيير المناخي، أحد أبرز التهديدات البيئية للصحة، بحسب منظمة الصحة العالمية.

بالنسبة للأطفال، قد يعوق تلوث الهواء نمو الرئة ويحد من وظائفها ويؤدي إلى التهابات في الجهاز التنفسي ويزيد من حدة الربو. ولدى البالغين، يعتبر مرض نقص التروية والسكتة الدماغية من أكثر أسباب الوفاة المبكرة شيوعًا بسبب تلوث الهواء الخارجي.

 

منع الأكياس البلاستيكية

 

وأطلقت وزارة البيئة حملة تحت شعار "وقيت نتحمل المسؤولية" تهدف إلى توعية التجار والمستهلكين بقرار منع الأكياس البلاستيكية ذات الاستعمال الوحيد والذي تم إقراره بأمر حكومي منذ غرة جانفي 2021.

وأفادت الوزارة بأن 4.2 مليار من الأكياس البلاستيكية يتم استعمالها سنويا في تونس، منها 1.2 كيس مستورد، كما يتم إلقاء ما يقارب 8 أطنان من النفايات البلاستيكية سنويا في كل كيلومتر من السواحل التونسية. ودعت الوزارة الى استعمال الأكياس القابلة لإعادة الاستعمال والتحلل البيولوجي عبر التسميد الصناعي، او الاكياس البلاستيكية الشفافة والخفيفة المخصصة لوزن الغلال والخضر.

وافادت وزيرة البيئة ليلى الشيخاوي مهداوي، في تصريح سابق لـ"الصباح" أن الحملة التوعوية "وقيت نتحمل المسؤولية" تستهدف التجار والمستهلكين بشأن الأكياس البلاستيكية الممنوعة وتشجيعهم على المواد القابلة لإعادة الاستعمال وتشجيع السلوك البيئي المسؤول..، ويتم إلقاء ما يقارب 8 اطنان من النفايات البلاستيكية سنويا في السواحل التونسية وهو ما يؤثر سلبا على سلامة البيئة البحرية والبرية وعلى صحة المواطن"، وفق قولها.

فيما اعتبر مدير عام الوكالة الوطنية للتصرف في النفايات بدر الدين الأسمر، في تصريح سابق لـ"الصباح"، أن كل تونسي ينتج يوميا 1 كلغ من النفايات وهو معدل مرتفع مقارنة بعدة بلدان في العالم، معتبرا في نفس السياق أن هذه الكميات الكبيرة من النفايات تفوق تكلفة التصرف فيها وإعادة تثمينها ملايين الدينارات خاصة وأن التصرف في النفايات مكلف جدا. ومن بين الحلول المقترحة وفق قوله استعمال بلاستيك قابل للرسكلة أو الاستعمال..، مع التقليل من التبذير في الأكل وغيرها من الاستعمالات المنزلية.

 

احتجاجات حول التجاوزات البيئية

 

ووفقا للمنتدى التونسي للحقوق الاقتصادية والاجتماعية، فإن أكثر من 7% من الاحتجاجات الاجتماعية لسنة 2021 كانت احتجاجات حول التجاوزات البيئية بأكثر من 840 تحرك سنويا.

وتبلغ نسبة مساهمة تونس0.7% في انبعاثات الغازات الدفيئة في العالم وهي نسبة ضعيفة جدا الا أنها تبقى معرضة بشكل كبير لتأثيرات التغيرات المناخية لكونها متواجدة في القارة الافريقية وتطل على البحر الأبيض المتوسط. ووفقا للجرد الوطني لانبعاثات غازات الدفيئة بتونس، فقد بلغت الإنبعاثات الصافية لغازات الدفيئة ما يناهز 32,1 مليون طن مكافئ ثاني أكسيد الكربون (طن مكافئCO2) سنة 2000 أي ما يمثل 3,4 طن مكافئ CO2 لكل ساكن.

 

 آثار التغيرات المناخية 

 

وأعلنت تونس منذ عام 2015 عن مساهمتها في الجهود الدولية المبذولة للتخفيف أو الحد من ظاهرة الاحتباس الحراري، وتقليص الاقتصاد القائم على الكربون دون المساس بأهدافها التنموية. كما أنها كانت من أوائل الدول التي صادقت على اتفاقية الأمم المتحدة بشأن تغير المناخ (UNFCCC) عام 1993 وبروتوكول كيوتو عام 2002. واتخذت العديد من الإجراءات للحد من آثار هذه الظاهرة..

وللحد من آثار التغيرات المناخية بالرغم الصعوبات المالية التي تواجهها تونس، فقد أعلنت في شهر سبتمبر الماضي عن مساهمتها المحددة وطنيا بشأن المناخ، واقترحت التركيز على مجالات مثل الاقتصاد الدائري والأمن الغذائي والأمن المائي والتنمية الاجتماعية. كما أكدت أن هدفها هو التخفيض من الكثافة الكربونية بنسبة 45%في أفق عام 2030، مقارنة بعام 2010. وبموجب الفصل 4 من اتفاق باريس حول المناخ، فإن جميع الدول الأطراف مدعوة إلى تقديم مساهمتها الوطنية المتعلقة بالتصدي لتغير المناخ، مع الأخذ بعين الاعتبار الأوضاع والقدرات الوطنية. وقد صادقت تونس على اتفاقية باريس في أكتوبر عام 2016، وأكدت من خلال هذه المصادقة التزامها السياسي على الصعيد العالمي بإعداد مساهمتها العالمية. ولمواجهة تغير المناخ وآثاره السلبية، تبنت 197 دولة اتفاق باريس في مؤتمر الأطراف 21 الذي عقد في 12 ديسمبر 2015، ويهدف إلى الحد بشكل كبير من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري العالمية والحد من زيادة درجة الحرارة العالمية في هذا القرن إلى درجتين مئويتين مع السعي إلى الحد من الزيادة إلى 1.5 درجة.

 

التخفيض من كثافة الكربون 

 

وقد التزمت تونس ضمن مساهمتها الأولى لعام 2015 بالتخفيض من كثافة الكربون بنسبة 45% في غضون عام 2030 وتشمل هذه التخفيضات خاصة قطاعات الطاقة حوالي 75% والصناعات والنفايات والغابات والفلاحة. ووفق وزارة البيئة فإن هذه التخفيضات تتوزع إلى تخفيضات غير مشروطة بنسبة 13% يتم تحقيقها بالاعتماد على الإمكانيات الوطنية وتخفيضات مشروطة بنسبة 28% تستوجب توفير إمكانيات إضافية تخص التمويل ونقل وتطوير التكنولوجيا. وفيما يتعلق بعنصر التأقلم مع التغيرات المناخية، تعتبر تونس بحكم موقعها الجغرافي في المنطقة المتوسطية والإفريقية من البلدان الأكثر عرضة لتأثير التغير المتمثلة وفق وزارة البيئة في ارتفاع درجات الحرارة إلى حدود عليا وانخفاض وتواتر وتباين معدل تساقط الأمطار. بالإضافة إلى ارتفاع مستوى مياه البحر. وقد تم ضمن المساهمات المحددة وطنيا الأولى إدراج أهم البرامج والأولويات الوطنية المتعلقة بتأقلم القطاعات الأكثر هشاشة للتغيرات المناخية والتي تشمل الموارد المائية والفلاحة والسياحة والصحة.

صلاح الدين كريمي

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews