يعرف العالم منذ فترة أزمة في ذخيرة الأسلحة المختلفة وقد بدأت تظهر معالمها سنة 2020 وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أدت عدة أحداث نذكر منها مقتل جورج فلويد وما تبعه من أعمال شغب والانتخابات الأمريكية وما رافقها من توتر إلي تنامي الشعور بالخطر والحاجة للحماية لدى طيف واسع من المواطنين مما جعل امتلاك السلاح من أوكد أولوياتهم، الأمر الذي أدى إلى تزايد الإقبال على شراء السلاح، وقد أعلنت الحكومة الأمريكية أن 6 ملاين مواطن امتلكوا سلاحا لأول مرة سنة 2020. وإذا فرضنا أن استهلاك الفرد منهم سيقتصر على 500 رصاصة فقط سنويا. فهذا يعني ان على المنتجين والتجار توفير 3 مليار رصاصة إضافية سنويا، لكن هذا الارتفاع في الطلب قابله اخفاض حاد في إنتاج الذخائر نظرا لتداعيات جائحة كورونا من مشاكل النقل وارتفاع أسعار المواد الأولية وتغيب اليد العاملة ... مما أدى إلى نقص على مستوى العرض وارتفاع الأسعار. وبالنظر إلى تأثير الولايات المتحدة الأمريكية على السوق العالمية لتجارة الأسلحة باعتبارها من أكبر المصنعين والمصدرين للأسلحة عالميا واكثر الدول استهلاكا للذخائر ومن أهم مستوردين للمواد الأولية الازمة في صناعة الأسلحة والذخائر،فقد كان من الطبيعي أن تتحول أزمة الذخيرة إلى أزمة عالمية خاصة مع نشوب الحرب الروسية الأكرانية وما ترتب عنها من توتر واستنفار دولي، حيث أصبحت أغلب الدول المصنعة والمصدرة للذخيرة والتي كانت تعاني كذلك من تداعيات جائحة كورونا، تتجه نحو تعزيز قدراتها وقوتها الدفاعية من خلال تدعيم مخزونها من الأسلحة والذخيرة والحد من تصدير هذه السلع أو التوقف التام عن التصدير في بعض الأحيان ولا أدل على ذلك من فنلندا وألمانيا. بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على روسيا وهي من أهم المصنعين والمصدرين للأسلحة والذخيرة.
كل هذه الأسباب وغيرها جعلت السوق العالمية تشهد نقصا معتبرا إن لم نقل خطيرا على مستوى الذخيرة بأنواعها ناهيك عن ارتفاع الأسعار المتواصل ولا أظن ان هذا الوضع قد يتحسن قريبا حيث أن جميع المعطيات تفيد أن هذه الأزمة ستزداد حدتها في قادم الأشهر والسنوات خاصة مع الضبابية التي تتسم بها الحرب الروسية أكرانية وما يمكن ان تعرفه من تطورات. بناءً على ما سبق وعلى الخبرة المتواضعة التي راكمتها في هذا المجال وكمواطن غيور على وطنه حريص على سلامته وتطوره وازدهاره ، أرى أن اتجاه تونس نحو الصناعات العسكرية أصبح من أوكد الأولويات خاصة صناعة الذخيرة التي تشهد أسعرها ارتفاعا مستمر، الأمر الذي سيضطرنا لشرائها بمبالغ مرتفعة بالعملة الصعبة من شركائنا، في حين أننا إذا استثمرنا في الصناعة العسكرية فإننا نعزز سيادتنا وأمننا القومي واستقلالية قرارنا الوطني ونقطع تماما مع أي تبعية في هذا المجال أما على الصعيد الاقتصادي، فإن هذه الصناعة وإن كانت مكلفة بعض الشيء، فإنها مربحة على المدى المتوسط بل والقريب أيضا ،حيث اننا سنوقف نزيف العملة الصعبة التي ننفقها سنويا بالإضافة إلى مواطن الشغل التي ستوفرها هذه الصناعة، كما يمكننا أيضا ألا نقتصرعلى توفير حاجياتنا فحسب بل أن نكون من بين الدول المصدرة للأسلحة والمعدات العسكرية وخاصة الذخيرة فهي سلعة لا يمكن الاستغناء عنها ولا ينقص طلبها بل يزيد وهو ما قامت به عدة دول في العقدين الأخيرين ولعل النموذج التركي أبرز مثال على إمكانية تحقيق النجاح في هذا المجال وفي فترة قصيرة . وفي الختام ، أود أن أجدد النداء لسيادة رئيس الجمهورية والسيدة رئيسة الحكومة راجيا النظر في إمكانية تنقيح القوانين والتشربعات الحالية بما يمكن تونس من الاستثمار في مجال صناعات عسكرية حتى نلحق بركب الدول التي سبقتنا وتكون لتونس مكانتها التي تستحق.
(*) خبير دولي في شؤون الأمن والدفاع
بقلم: جياد عويج (*)
يعرف العالم منذ فترة أزمة في ذخيرة الأسلحة المختلفة وقد بدأت تظهر معالمها سنة 2020 وتحديدا في الولايات المتحدة الأمريكية حيث أدت عدة أحداث نذكر منها مقتل جورج فلويد وما تبعه من أعمال شغب والانتخابات الأمريكية وما رافقها من توتر إلي تنامي الشعور بالخطر والحاجة للحماية لدى طيف واسع من المواطنين مما جعل امتلاك السلاح من أوكد أولوياتهم، الأمر الذي أدى إلى تزايد الإقبال على شراء السلاح، وقد أعلنت الحكومة الأمريكية أن 6 ملاين مواطن امتلكوا سلاحا لأول مرة سنة 2020. وإذا فرضنا أن استهلاك الفرد منهم سيقتصر على 500 رصاصة فقط سنويا. فهذا يعني ان على المنتجين والتجار توفير 3 مليار رصاصة إضافية سنويا، لكن هذا الارتفاع في الطلب قابله اخفاض حاد في إنتاج الذخائر نظرا لتداعيات جائحة كورونا من مشاكل النقل وارتفاع أسعار المواد الأولية وتغيب اليد العاملة ... مما أدى إلى نقص على مستوى العرض وارتفاع الأسعار. وبالنظر إلى تأثير الولايات المتحدة الأمريكية على السوق العالمية لتجارة الأسلحة باعتبارها من أكبر المصنعين والمصدرين للأسلحة عالميا واكثر الدول استهلاكا للذخائر ومن أهم مستوردين للمواد الأولية الازمة في صناعة الأسلحة والذخائر،فقد كان من الطبيعي أن تتحول أزمة الذخيرة إلى أزمة عالمية خاصة مع نشوب الحرب الروسية الأكرانية وما ترتب عنها من توتر واستنفار دولي، حيث أصبحت أغلب الدول المصنعة والمصدرة للذخيرة والتي كانت تعاني كذلك من تداعيات جائحة كورونا، تتجه نحو تعزيز قدراتها وقوتها الدفاعية من خلال تدعيم مخزونها من الأسلحة والذخيرة والحد من تصدير هذه السلع أو التوقف التام عن التصدير في بعض الأحيان ولا أدل على ذلك من فنلندا وألمانيا. بالإضافة إلى العقوبات المفروضة على روسيا وهي من أهم المصنعين والمصدرين للأسلحة والذخيرة.
كل هذه الأسباب وغيرها جعلت السوق العالمية تشهد نقصا معتبرا إن لم نقل خطيرا على مستوى الذخيرة بأنواعها ناهيك عن ارتفاع الأسعار المتواصل ولا أظن ان هذا الوضع قد يتحسن قريبا حيث أن جميع المعطيات تفيد أن هذه الأزمة ستزداد حدتها في قادم الأشهر والسنوات خاصة مع الضبابية التي تتسم بها الحرب الروسية أكرانية وما يمكن ان تعرفه من تطورات. بناءً على ما سبق وعلى الخبرة المتواضعة التي راكمتها في هذا المجال وكمواطن غيور على وطنه حريص على سلامته وتطوره وازدهاره ، أرى أن اتجاه تونس نحو الصناعات العسكرية أصبح من أوكد الأولويات خاصة صناعة الذخيرة التي تشهد أسعرها ارتفاعا مستمر، الأمر الذي سيضطرنا لشرائها بمبالغ مرتفعة بالعملة الصعبة من شركائنا، في حين أننا إذا استثمرنا في الصناعة العسكرية فإننا نعزز سيادتنا وأمننا القومي واستقلالية قرارنا الوطني ونقطع تماما مع أي تبعية في هذا المجال أما على الصعيد الاقتصادي، فإن هذه الصناعة وإن كانت مكلفة بعض الشيء، فإنها مربحة على المدى المتوسط بل والقريب أيضا ،حيث اننا سنوقف نزيف العملة الصعبة التي ننفقها سنويا بالإضافة إلى مواطن الشغل التي ستوفرها هذه الصناعة، كما يمكننا أيضا ألا نقتصرعلى توفير حاجياتنا فحسب بل أن نكون من بين الدول المصدرة للأسلحة والمعدات العسكرية وخاصة الذخيرة فهي سلعة لا يمكن الاستغناء عنها ولا ينقص طلبها بل يزيد وهو ما قامت به عدة دول في العقدين الأخيرين ولعل النموذج التركي أبرز مثال على إمكانية تحقيق النجاح في هذا المجال وفي فترة قصيرة . وفي الختام ، أود أن أجدد النداء لسيادة رئيس الجمهورية والسيدة رئيسة الحكومة راجيا النظر في إمكانية تنقيح القوانين والتشربعات الحالية بما يمكن تونس من الاستثمار في مجال صناعات عسكرية حتى نلحق بركب الدول التي سبقتنا وتكون لتونس مكانتها التي تستحق.