إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أننقذه، وطننا، أم نتخاصم ونقتتل أحسن ؟؟

 

بقلم:  مختار اللواتي

من بين المرات التي أتأكد فيها أنني أحسنت العمل بالإبقاء على استقلالي السياسي والاكتفاء  بدوري الصحفي وبالإسهام في أنشطة وحراكات المجتمع المدني، هي هذه الأيام !

فمادام وطني هو نبراسي الذي يضيء لي سبيلي عندما تختلط السبل، لن أتوقف عن إبداء رأيي والإصداع به، وعن مراجعته كذلك كلما تبين لي، من معلومات جديدة تصلني، خطأٌ أو تسرُّعٌفيه !

يعرف الكثيرون من أصدقائي ومن قراء تدويناتي ومقالاتي أنني مساند للحظة 25 جويلية 2021، سواء كانت إجراءً رئاسيا نابعا من تأويلٍ، فرضه الواقع، للدستور، أو حتى لو كانت انقلابا مادامت مطلبا شعبيا بالأساس حينما انسدت كل سبل الإصلاح بعد صبر عشر سنوات كاملة بأيامها ولياليها، غُبنا وقهرا وخوفا وفاقةً وترهيبا وفساداً وإفسادا..

كما يعرف الكثيرون أنني لم أتوقف طيلة الأشهر العشرة المنقضية منذ تلك اللحظة، عن توجيه النصح والنقد لرئيس الدولة كلما تبين لي تباطؤٌ منه في تنفيذ ما وعد به، أو هدرٌ لوقتِه ووقتِنا وطاقتِه وطاقتِنا في مهاترات كلامية شبهِ يومية للتشهير ب"الخونة والفاسدين والكاذبين" وفضحهم أمام الشعب، وهم المفضوحون أصلا أمامه ولا ينتظر إلا محاسبتَهم عَدلاً ومحاكمتَهم عَلَناً لغلق ملفهم فيكونوا عبرة لغيرهم. ونطوي هكذا صفحةً هي الأشدُ إيلاما في تاريخنا الحديث.. ولكن ذلك لم يقع !

كانت نتيجةُ هذا التباطؤ وعدمِ طرق الحديد ساخنا، أن استرجع الظالمون الأنفاس واستعاروا مجددا أقنعةَ"ضحايا الإستبداد" و"دعاة حماية مؤسسات الدولة والديمقراطية الناشئة فيها من ديكتاتورية رجلٍ مستبد". فاستقووا بالأجنبي واستمالوا من جديد، إما من لهم مراهناتٌ على حكم البلاد والتمادي فيه. أو على التمادي في ابتزاز خيراتها وأفرادِ شعبها. أو استمالة من يقف نظرهم عند حدود أقدامهمفيسيؤون التقدير كعادتهم. أو من شغلتهم معارفُهم النظرية والتقنية، بحكم اختصاصهم الأكاديمي، عن التمعن في الواقع وما يجثم عليه من أوساخ عزّت وسائلُ تطهيره منها بالمؤسسات والقوانين العرجاء القائمة، فكان لابد من تغييرها..

وكان المرتقَب من البداية أن تكون المنظمات الوطنية، وفي طليعتها الإتحاد العام التونسي للشغل، سندا قويا لرئيس الدولة في تمشيه التصحيحي الإصلاحي مادامت مصلحةُ منظوريها، وعمومِ الشعب معهم، تقتضي إيقافَ مخططِ تدمير الدولة وتفقيرِ الشعب وبثِ بواعث التفرقة بين صفوفه. وقد كانت فعلا كذلك. غير إن بعضها، وبالذات المنظمة الشغيلة، لم تُطق قيادتُها صبرا على تباطؤ رئيس الدولة، فبدأت في مناوشات غير مبررة ضده، بترفيع سقف المطالب فيما هي تعرف أن الدولة تقف على باب الإفلاس وليس في مقدورها تلبيتُها أو حتى الوفاءُ بالتزاماتها السابقة، وإن كان غالبها تم مع حكومات سابقةٍ هي الأخرى. 

أما الأمر الذي حيرني أكثر في تصعيد قيادة اتحاد الشغل بهياكله مطلبيتَه إلى حد التعجيز أنه يعتمد على أمرين اثنين مافتيء يسوِّقهما للعموم وهما، رفض رئيس الدولة الإصغاء والإستشارة، وعدم موافقة الحكومة على إطلاق مفاوضات في أقرب الأوقات لمراجعة الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية، وهو ما يُعَدُّ تحشيدا في غير محله لعموم الشغالين.

وإذا كان رئيس الدولة قد سبق في لقاء متلفز مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أن كذَّب علنا ادعاء انقطاع الحوار بينه وبين القيادة النقابية، ممثلةً خاصة في أمين عام المنظمة الشغيلة، ولم ينف السيد الطبوبي ذلك. فإن السيدة رشيدة النيفر المستشارة السابقة لدى رئيس الجمهورية في الشأن الإتصالي، قد أكدت مساء الجمعة، قبل يومين من الآن، في لقاء تلفزي على قناةٍ خاصة، أن أكثر الأطراف التي يحرص رئيس الدولة على التواصل معها واستشارتها في الكبيرة والصغيرة، هو السيد الطبوبي الذي يكن له التقدير والاحترام.

فإذا كان الحال على هذه الشاكلة، فلامناص من التساؤل، ما غاية أمين عام المنظمة الشغيلة من اختيار سبيل المواجهة بدل الاتصال المباشر؟. وما ضير في طلب مقابلة رئيس الدولة، ولو مرة في كل أسبوع، أو حتى مرة كل يوم من أجل مزيد التشاور حول كل المواضيع أوالنقاط الغامضة أو محل الخلاف؟ 

وهنا لايسعني إلا أن أحيي مبادرة "ائتلاف الصمود" الوطنية المتمثلة في اقتراح ملحق تكميلي للأمر الرئاسي عدد 30 المتعلق بتركيبة اللجنة الاستشارية العليا من أجل جمهورية جديدة، واللجنتين المتفرعتين عنها. وذلك بهدف حلحلة الوضع الذي ازداد تأزما بعد صدور ذلك الأمر. وما بعث الأمل في النفوس أن العميد الصادق بلعيد قد عبر عن تفتحه واستعداده لدرس تلك المبادرة.

شخصيا وقبل أن أطلع على حديثيْ كلٍ من الأستاذ الصادق بلعيد والسيدة رشيدة النيفر في ليلتين متتاليتين، الخميس والجمعة الماضيين، على نفس القناة التلفزيونية الخاصة، كنت عبرت صراحة عن تأييدي لقرار الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل بعدم الاشتراك في الحوار الذي دعا إليه رئيس الدولة في صلب تلك اللجنة أو الهيئة العليا. واعتبرته قرارا مؤقتا من أجل الدفع إلى إيجاد مخرج في أقرب وقت من هذا الإختناق، خاصة وأن الهيئة الإدارية بقت في حالة انعقاد دائم. وهو الأمر الذي اعتبرتُه إشارة من المنظمة الشغيلة بأنها تريد التراجع عن البيان الذي اختتمت به أعمالها يوم الإثنين الماضي 23 ماي 2022. غير إني فوجئت في الأيام التي تلت صدور ذلك القرار، بتصريحات مسؤولين في القيادة النقابية وطنيا وجهويا، باستثناء الأمين العام للمنظمة، مشحونة بعبارات المكابرة والتحشيد والتلويح بأن الإتحاد العام التونسي للشغل لن يترك شيئا يمر مالم يرض عنه، وأنه "أكبر قوة في البلاد". وكأننا إزاء صراع بين دولتين متقابلتين على فوهة بركان حرب قد تندلع بين الحين والآخر.. وأسلوبُ تواصل من هذا القبيل لايساعد البتة في تسهيل إيجادِ حل وتوحيد الكلمة على أقوم السبل، بتنازل متبادل من كل الأطراف، تحقيقا للهدف الأهم وهو إنقاذ البلد والدولة !

ومثلما أشرت إلى حديث الأستاذة النيفر في لقائها التلفزيوني ذاك، فلا بد من الإشارة إلى حديث الأستاذ بلعيد في لقاء مماثل في الليلة السابقة. فالرجل بالرغم أنه قد طالته تهم وتشويهات باطلة، كان على رباطة جأشٍ مثالية، وحاضِرَ الذهن تماما في إجابته على أسئلة محاوريه، ومحرار وطنيته في أدلى مظاهره. فقد أوضح أن الباب مفتوح لكل الكفاءات والمنظمات والأحزاب للمشاركة في تلك الهيئة بلجنتيها طالما هو رئيسها، شريطة أن لاتكون تلك الأطراف من القوى التي كان لها دور فيما حاق بالشعب وبالبلاد من ويلات في السنوات العشر المنقضية، وأن تكون مسانِدةً للحظة ولإجراءات 25 جويلية، ولو كانت مساندةً نقدية. وقد نفى بشكل قاطع أية صلة له بتنقيح الدستور في عهد الرئيس زين العابدين بن علي لتمكينة من الرئاسة مدى الحياة، كما أشيع ضده. وقال إنه كان تم الاتصال به فعلا من أجل القيام بذلك لكنه رفض رفضا قطعيا. وللأسف كان ذلك التشويه الذي طاله واحدا من تهمٍ وتشويهات خسيسة أخرى. وهذا مثال لما سقط فيه الصراع السياسي في بلدنا من إسفاف وسقوطٍ المفروض أنه لايليق بنخبةٍ سياسية هي مهيئة للتأثير في الرأي العام وفق أخلاقيات رفيعة ومعاملات شفافة نظيفة.

الخلاصة.

من غير المسموح بتاتا على أي طرف اجتماعي أو سياسي، مهما علا شأنه، أن يستقوي سواء بحشد منخرطيه أو أتباعه أو ماكيناته الدعائية والمالية، لنهش المختلفين معه في الرأي وتأليب الرأي العام باطلا ضدهم. فأفيقوا يا أولي الألباب، إن الوطن يغرق والشعب في أسوأ حالاته، والدولة على عتبة الإفلاس، وكثير من القوى الأجنبية تتنافس من أجل الإنفراد بنا لإكراهنا على خيارات ليست خياراتنا، أقلها إدامة تبعيتنا لها ومصادرة حقنا في تقرير مصيرنا بأيدينا. فعدِّلوا بوصلتكم نحو وطنكم وكونوا رحماء فيما بينكم وتنازلوا من أجل إنقاذ بلدكم ونجدة شعبكم قبل فوات الأوان، إن لم يكن قد فات بعد !!

أننقذه، وطننا، أم نتخاصم ونقتتل أحسن ؟؟

 

بقلم:  مختار اللواتي

من بين المرات التي أتأكد فيها أنني أحسنت العمل بالإبقاء على استقلالي السياسي والاكتفاء  بدوري الصحفي وبالإسهام في أنشطة وحراكات المجتمع المدني، هي هذه الأيام !

فمادام وطني هو نبراسي الذي يضيء لي سبيلي عندما تختلط السبل، لن أتوقف عن إبداء رأيي والإصداع به، وعن مراجعته كذلك كلما تبين لي، من معلومات جديدة تصلني، خطأٌ أو تسرُّعٌفيه !

يعرف الكثيرون من أصدقائي ومن قراء تدويناتي ومقالاتي أنني مساند للحظة 25 جويلية 2021، سواء كانت إجراءً رئاسيا نابعا من تأويلٍ، فرضه الواقع، للدستور، أو حتى لو كانت انقلابا مادامت مطلبا شعبيا بالأساس حينما انسدت كل سبل الإصلاح بعد صبر عشر سنوات كاملة بأيامها ولياليها، غُبنا وقهرا وخوفا وفاقةً وترهيبا وفساداً وإفسادا..

كما يعرف الكثيرون أنني لم أتوقف طيلة الأشهر العشرة المنقضية منذ تلك اللحظة، عن توجيه النصح والنقد لرئيس الدولة كلما تبين لي تباطؤٌ منه في تنفيذ ما وعد به، أو هدرٌ لوقتِه ووقتِنا وطاقتِه وطاقتِنا في مهاترات كلامية شبهِ يومية للتشهير ب"الخونة والفاسدين والكاذبين" وفضحهم أمام الشعب، وهم المفضوحون أصلا أمامه ولا ينتظر إلا محاسبتَهم عَدلاً ومحاكمتَهم عَلَناً لغلق ملفهم فيكونوا عبرة لغيرهم. ونطوي هكذا صفحةً هي الأشدُ إيلاما في تاريخنا الحديث.. ولكن ذلك لم يقع !

كانت نتيجةُ هذا التباطؤ وعدمِ طرق الحديد ساخنا، أن استرجع الظالمون الأنفاس واستعاروا مجددا أقنعةَ"ضحايا الإستبداد" و"دعاة حماية مؤسسات الدولة والديمقراطية الناشئة فيها من ديكتاتورية رجلٍ مستبد". فاستقووا بالأجنبي واستمالوا من جديد، إما من لهم مراهناتٌ على حكم البلاد والتمادي فيه. أو على التمادي في ابتزاز خيراتها وأفرادِ شعبها. أو استمالة من يقف نظرهم عند حدود أقدامهمفيسيؤون التقدير كعادتهم. أو من شغلتهم معارفُهم النظرية والتقنية، بحكم اختصاصهم الأكاديمي، عن التمعن في الواقع وما يجثم عليه من أوساخ عزّت وسائلُ تطهيره منها بالمؤسسات والقوانين العرجاء القائمة، فكان لابد من تغييرها..

وكان المرتقَب من البداية أن تكون المنظمات الوطنية، وفي طليعتها الإتحاد العام التونسي للشغل، سندا قويا لرئيس الدولة في تمشيه التصحيحي الإصلاحي مادامت مصلحةُ منظوريها، وعمومِ الشعب معهم، تقتضي إيقافَ مخططِ تدمير الدولة وتفقيرِ الشعب وبثِ بواعث التفرقة بين صفوفه. وقد كانت فعلا كذلك. غير إن بعضها، وبالذات المنظمة الشغيلة، لم تُطق قيادتُها صبرا على تباطؤ رئيس الدولة، فبدأت في مناوشات غير مبررة ضده، بترفيع سقف المطالب فيما هي تعرف أن الدولة تقف على باب الإفلاس وليس في مقدورها تلبيتُها أو حتى الوفاءُ بالتزاماتها السابقة، وإن كان غالبها تم مع حكومات سابقةٍ هي الأخرى. 

أما الأمر الذي حيرني أكثر في تصعيد قيادة اتحاد الشغل بهياكله مطلبيتَه إلى حد التعجيز أنه يعتمد على أمرين اثنين مافتيء يسوِّقهما للعموم وهما، رفض رئيس الدولة الإصغاء والإستشارة، وعدم موافقة الحكومة على إطلاق مفاوضات في أقرب الأوقات لمراجعة الأجور وإصلاح المؤسسات العمومية، وهو ما يُعَدُّ تحشيدا في غير محله لعموم الشغالين.

وإذا كان رئيس الدولة قد سبق في لقاء متلفز مع الأمين العام للاتحاد العام التونسي للشغل، أن كذَّب علنا ادعاء انقطاع الحوار بينه وبين القيادة النقابية، ممثلةً خاصة في أمين عام المنظمة الشغيلة، ولم ينف السيد الطبوبي ذلك. فإن السيدة رشيدة النيفر المستشارة السابقة لدى رئيس الجمهورية في الشأن الإتصالي، قد أكدت مساء الجمعة، قبل يومين من الآن، في لقاء تلفزي على قناةٍ خاصة، أن أكثر الأطراف التي يحرص رئيس الدولة على التواصل معها واستشارتها في الكبيرة والصغيرة، هو السيد الطبوبي الذي يكن له التقدير والاحترام.

فإذا كان الحال على هذه الشاكلة، فلامناص من التساؤل، ما غاية أمين عام المنظمة الشغيلة من اختيار سبيل المواجهة بدل الاتصال المباشر؟. وما ضير في طلب مقابلة رئيس الدولة، ولو مرة في كل أسبوع، أو حتى مرة كل يوم من أجل مزيد التشاور حول كل المواضيع أوالنقاط الغامضة أو محل الخلاف؟ 

وهنا لايسعني إلا أن أحيي مبادرة "ائتلاف الصمود" الوطنية المتمثلة في اقتراح ملحق تكميلي للأمر الرئاسي عدد 30 المتعلق بتركيبة اللجنة الاستشارية العليا من أجل جمهورية جديدة، واللجنتين المتفرعتين عنها. وذلك بهدف حلحلة الوضع الذي ازداد تأزما بعد صدور ذلك الأمر. وما بعث الأمل في النفوس أن العميد الصادق بلعيد قد عبر عن تفتحه واستعداده لدرس تلك المبادرة.

شخصيا وقبل أن أطلع على حديثيْ كلٍ من الأستاذ الصادق بلعيد والسيدة رشيدة النيفر في ليلتين متتاليتين، الخميس والجمعة الماضيين، على نفس القناة التلفزيونية الخاصة، كنت عبرت صراحة عن تأييدي لقرار الهيئة الإدارية الوطنية لاتحاد الشغل بعدم الاشتراك في الحوار الذي دعا إليه رئيس الدولة في صلب تلك اللجنة أو الهيئة العليا. واعتبرته قرارا مؤقتا من أجل الدفع إلى إيجاد مخرج في أقرب وقت من هذا الإختناق، خاصة وأن الهيئة الإدارية بقت في حالة انعقاد دائم. وهو الأمر الذي اعتبرتُه إشارة من المنظمة الشغيلة بأنها تريد التراجع عن البيان الذي اختتمت به أعمالها يوم الإثنين الماضي 23 ماي 2022. غير إني فوجئت في الأيام التي تلت صدور ذلك القرار، بتصريحات مسؤولين في القيادة النقابية وطنيا وجهويا، باستثناء الأمين العام للمنظمة، مشحونة بعبارات المكابرة والتحشيد والتلويح بأن الإتحاد العام التونسي للشغل لن يترك شيئا يمر مالم يرض عنه، وأنه "أكبر قوة في البلاد". وكأننا إزاء صراع بين دولتين متقابلتين على فوهة بركان حرب قد تندلع بين الحين والآخر.. وأسلوبُ تواصل من هذا القبيل لايساعد البتة في تسهيل إيجادِ حل وتوحيد الكلمة على أقوم السبل، بتنازل متبادل من كل الأطراف، تحقيقا للهدف الأهم وهو إنقاذ البلد والدولة !

ومثلما أشرت إلى حديث الأستاذة النيفر في لقائها التلفزيوني ذاك، فلا بد من الإشارة إلى حديث الأستاذ بلعيد في لقاء مماثل في الليلة السابقة. فالرجل بالرغم أنه قد طالته تهم وتشويهات باطلة، كان على رباطة جأشٍ مثالية، وحاضِرَ الذهن تماما في إجابته على أسئلة محاوريه، ومحرار وطنيته في أدلى مظاهره. فقد أوضح أن الباب مفتوح لكل الكفاءات والمنظمات والأحزاب للمشاركة في تلك الهيئة بلجنتيها طالما هو رئيسها، شريطة أن لاتكون تلك الأطراف من القوى التي كان لها دور فيما حاق بالشعب وبالبلاد من ويلات في السنوات العشر المنقضية، وأن تكون مسانِدةً للحظة ولإجراءات 25 جويلية، ولو كانت مساندةً نقدية. وقد نفى بشكل قاطع أية صلة له بتنقيح الدستور في عهد الرئيس زين العابدين بن علي لتمكينة من الرئاسة مدى الحياة، كما أشيع ضده. وقال إنه كان تم الاتصال به فعلا من أجل القيام بذلك لكنه رفض رفضا قطعيا. وللأسف كان ذلك التشويه الذي طاله واحدا من تهمٍ وتشويهات خسيسة أخرى. وهذا مثال لما سقط فيه الصراع السياسي في بلدنا من إسفاف وسقوطٍ المفروض أنه لايليق بنخبةٍ سياسية هي مهيئة للتأثير في الرأي العام وفق أخلاقيات رفيعة ومعاملات شفافة نظيفة.

الخلاصة.

من غير المسموح بتاتا على أي طرف اجتماعي أو سياسي، مهما علا شأنه، أن يستقوي سواء بحشد منخرطيه أو أتباعه أو ماكيناته الدعائية والمالية، لنهش المختلفين معه في الرأي وتأليب الرأي العام باطلا ضدهم. فأفيقوا يا أولي الألباب، إن الوطن يغرق والشعب في أسوأ حالاته، والدولة على عتبة الإفلاس، وكثير من القوى الأجنبية تتنافس من أجل الإنفراد بنا لإكراهنا على خيارات ليست خياراتنا، أقلها إدامة تبعيتنا لها ومصادرة حقنا في تقرير مصيرنا بأيدينا. فعدِّلوا بوصلتكم نحو وطنكم وكونوا رحماء فيما بينكم وتنازلوا من أجل إنقاذ بلدكم ونجدة شعبكم قبل فوات الأوان، إن لم يكن قد فات بعد !!

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews