إشترك في النسخة الرقمية لجريدة الصباح و LE TEMPS

أمام تواصل غلق مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ماذا عن المشمولين بقانون التصريح بالمكاسب والمصالح؟

تونس-الصباح

في ظل تواصل غلق مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وبعد قرابة الشهرين من تاريخ حل البرلمان، اضطر الدكتور سالم لبيض عضو مجلس نواب الشعب المحل إلى إبراء ذمته على شبكة التواصل الاجتماعي وذلك عبر نشر بلاغ على صفحته الفيسبوكية أشار فيه بالخصوص إلى أنه عملا بالفصل 130 من الدستور والنقطة 3 من الفصل الخامس من القانون عدد 46 لسنة 2018 المتعلّق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، توجه يوم 13 ماي 2022 إلى مقرّ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من أجل القيام بإجراءات التصريح بالمكاسب، فوجده مغلقا وتحرسه فرقة أمنية، وهو ما دفعه إلى اصطحاب عدل منفذ لمعاينة استحالة التصريح..

وتدعو وضعية الدكتور لبيض إلى التساؤل إن كان يجب على جميع  أعضاء البرلمان البالغ عددهم 117 وعلى جميع المشمولين بالقانون عدد 46 وهم بالآلاف النسج على منوال الدكتور وتكليف عدول منفذين لمعاينة استحالة قيامهم بالتصاريح من أجل إبراء ذممهم ولتلافي تعرضهم لاحقا إلى العقوبات المنصوص عليها بهذا القانون، إذ نص القانون سالف الذكر على أنه يتعين على كل شخص خاضع لواجب التصريح، تقديم تصريح جديد كل ثلاث سنوات في صورة تواصل مباشرته لوظائف موجبة للتصريح وكذلك عند انتهاء مهامه الموجبة للتصريح لأي سبب كان، وذلك في أجل لا يتجاوز ستّين يوما من تاريخ انقضاء مدّة الثلاث سنوات أو من تاريخ انتهاء المهام الموجبة للتصريح، وبصرف النظر عن ذلك يجب على الخاضع لواجب التصريح إعلام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بكل تغيير جوهري يطرأ على الوضعية الأصلية التي قام بالتصريح بها في أجل ثلاثين يوما من تاريخ حدوث التغيير. وفي صورة مخالفة واجب التصريح، نص القانون على عقوبات مالية تتراوح من ألف إلى عشرة آلاف دينار بالنسبة إلى بعض الأصناف المعنية بالتصريح، ونص على عقوبة اقتطاع ثلثي المرتب أو المنحة عن كل شهر تأخير عن التصريح، وبموجب نفس القانون يعاقب بخطية قدرها ثلاثمائة دينار عن كل شهر تأخير كل من يمتنع عن التصريح بمكاسبه ومصالحه إثر انتهاء مهامه، وإذا تواصل التأخير لمدة 6 أشهر يكون العقاب بالسجن لمدة سنة وبخطية قدرها عشرون ألف دينار ويعدّ الامتناع عن التصريح قرينة على توفر شبهة إثراء غير مشروع يتعيّن على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مباشرة إجراءات التقصي والتحقق بشأنها، وإذا كان الممتنع عن التصريح من المنتخبين يضاف إلى العقوبات سالفة الذكر عقوبة الحرمان من الترشح للوظائف العامة لمدة 5 سنوات، وهو ما يعني أن العقوبات ليست بالهينة فما العمل إذن لتبرئة الذمة وتلافي العقوبات والحال أن مقر الهيئة مغلق منذ شهر أوت الماضي؟

إجراءات لا بد منها

عن هذا السؤال أجابنا أحمد السوسي الأستاذ المتميز في القانون العام، وأشار إلى أنه طالما وقع حل مجلس نواب الشعب وصدر نص قانوني في هذا المجال فإنه من واجب النائب سالم لبيض وغيره من أعضاء المجلس الذي وقع حله القيام بواجب التصريح بالمكاسب والمصالح نظرا لانتهاء مهامهم النيابية. وبين أنه بمقتضى القانون فإن التصريح يتم لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهي من الناحية القانونية هيئة مستقلة ليست تابعة لرئاسة الجمهورية أو للحكومة ولكن هذه الهيئة تم غلق مكاتبها.

وأضاف السوسي قائلا:" طالما أن هناك استحالة للوصول إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الوقت الراهن فإن المعني بالتصريح بالمكاسب والمصالح مدعو إلى إبراء ذمته، وهذا ممكن فالهيئة وإن كانت مستقلة فهي راجعة بالنظر إلى الدولة وهي عنصر من عناصر الدولة مثلها مثل بقية الهيئات الدستورية المستقلة التي لها خاصية أنها هيئة ذات صبغة وطنية وبالتالي الاستحالة غير موجودة طالما أن الدولة قائمة".

وفسر محدثنا  أن الهيئة هي مؤسسة تستمد صلاحياتها ووجودها من القانون ويبقى في ظل الوضع الراهن أن هناك رئيسة حكومة تستمد صلاحياتها من القانون وبالتالي يمكن للمشمول بقانون التصريح بالمكاسب والمصالح أن يقوم بالتصريح لدى رئيس الحكومة وإن لم يتمكن من ذلك عليه أن يطلب استشارة من المستشار القانوني لرئاسة الحكومة حول كيفية التصريح وفي حال عدم توصله بإجابة وعدم تمكنه من التصريح يمكنه أن يوجه رسالة مضمونة الوصول فيها نسخة من التصريح إلى رئاسة الحكومة وذلك لإبراء الذمة".

وأشار الجامعي إلى أنه بالنسبة إلى وضعية الدكتور سالم لبيض وهو في الأصل أستاذ تعليم عال ونظرا إلى وجود استحالة لتصريحه بمكاسبه ومصالحه لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وبما أنه موظف عمومي فيمكنه كما يمكن لغيره من أعضاء البرلمان المحلول الذين هم في الأصل ينتمون إلى الوظيفة العمومية إشعار الوزارات التي يعودون إليها بالنظر وذلك من خلال إتباع الإجراءات القانونية المعمول بها ومن المحبذ ترك أثر قانوني لعملية التصريح بإنهاء المهمة النيابية ولعملية التصريح بالمكاسب والمصالح.

وبين أحمد السوسي الأستاذ المتميز في القانون العام أن واجب التصريح محمول على جميع أعضاء البرلمان المحلول دون استثناء، وبالنسبة إلى الراجعين منهم بالنظر إلى الوظيفة العمومية فمن حيث المبدأ من واجبهم إعلام إداراتهم ووزاراتهم بانتهاء مهمتهم النيابية منذ تاريخ حل مجلس  نواب الشعب وهم بذلك يضعون الوزارات أمام الأمر المقضي ومن واجبهم القيام بالتصريح بالمكاسب والمصالح إثر انتهاء مهامهم بإتباع نفس التمشي أي أن يذهبوا إلى مكتب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المخصص للتصريح بالمكاسب والمصالح وإذا استحال عليهم النفاذ إليهم يقومون باستدعاء عدل تنفيذ لمعاينة الاستحالة وبعد ذلك يتجهون إلى رئاسة الحكومة للقيام بالتصريح وفي صورة الاستحالة عليهم توجيه مراسلات مضمونة الوصول تتضمن نسخا من التصاريح وبالنسبة إلى الموظفين عليهم الذهاب إلى مكاتب الضبط بوزاراتهم وإيداع تصاريحهم مع تسلم وثيقة إثبات لهذه العملية، ولكن عندما يواجهون استحالة في جميع هذه الصور فعليهم العودة إلى مجلس نواب الشعب والقيام بمعاينة لغلقه ولغلق إدارته أمامهم وبهذه الخطوات فإنهم يحصنون أنفسهم ويقومون بتبرئة ذممهم لأنه لا أحد يعلم ماذا يمكن للسلطة السياسية لاحقا فعله.

تأكيد حسن النية

وأشار الجامعي أحمد السوسي إلى أن إتباع هذه الإجراءات من شأنه أن يعطي عناصر تدل على حسن النية في القيام بالتصريح بالمكاسب والمصالح ومن المحبذ أن يقوم المعني بالأمر من التثبت مليا من التغييرات التي طرأت على ممتلكاته من منقولات وعقارات وأن يصرح بها بدقة وهي عناصر من شأنها أن تكون فكرة حول حسن نية المعني بالأمر في التقيد بأحكام القانون.. وأضاف أن هذه الإجراءات تنسحب على جميع المشمولين بالقانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وليس نواب الشعب فقط أو أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وغيرهم، فكل من ينطبق عليهم القانون وهم بالمئات عليهم أن يقوم بنفس الشيء.

وللتذكير فإن القانون  عدد 46 لسنة 2018 المؤرخ في 1 أوت 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح يهدف بالأساس إلى دعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد والمساءلة ومكافحة الإثراء غير المشروع وحماية المال العام، ويخضع لأحكام هذا القانون كلّ شخص طبيعي، سواء كان معيّنًا أو منتخبا بصفة دائمة أو مؤقتة، تُعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى الدولة أو جماعة محلية أو مؤسسة أو هيئة أو منشأة عمومية سواء كان ذلك بمقابل أو دون مقابل، وكل من له صفة مأمور عمومي أو من يعيّنه القضاء للقيام بمأمورية قضائية كما يخضع له رئيس الجمهورية ومدير ديوانه ومستشاريه، ورئيس الحكومة وأعضائها ورؤساء دواوينهم ومستشاريهم، ورئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه ورئيس ديوانه ومستشاريه، ورؤساء الهيئات الدستورية المستقلة وأعضائها، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وأعضائه، ورؤساء الجماعات المحلية، وأعضاء مجالس الجماعات المحلية، ورئيس المحكمة الدستورية وأعضائها، والقضاة، وكل من يتمتع برتبة وامتيازات وزير أو كاتب دولة،والأعوان العموميون الذين يشغلون وظائف عليا طبقا لأحكام الفصل 78 من الدستور، والأعوان العموميون الذين يشغلون وظائف مدنية عليا طبقا لأحكام الفصل 92 من الدستور، ومحافظ البنك المركزي التونسي ونائبه وأعضاء مجلس إدارته وكاتبه العام، والمديرون العامون للبنوك والمؤسسات المالية التي تساهم الدولة في رأس مالها ورؤساء وأعضاء مجالس إدارتها، ومديرو الأجهزة الإدارية للهيئات الدستورية المستقلة، ورؤساء وأعضاء مجالس الهيئات التعديلية، ورؤساء جامعات التعليم العالي وعمداء الكليات ومديرو مؤسّسات التعليم العالي والبحث ورؤساء المخابر ووحدات البحث في المؤسسات المذكورة، والمكلف العام بنزاعات الدولة والمستشارون المقررون لنزاعات الدولة، وحافظ الملكية العقارية والمديرون الجهويون للملكية العقارية، والمعتمدون الأول والمعتمدون والعمد، والكتاب العامون للبلديات والولايات والمديرون التنفيذيون للجهات والأقاليم، وكل عون عمومي يتولى مهمة رقابية بهيئات الرقابة وهياكل التفقد الإداري والفني أو القطاعي التابعة للوزارات،والمديرون العامون المساعدون والمديرون المركزيون بالمؤسسات والمنشآت العمومية والخطط المعادلة من حيث شروط التكليف والامتيازات، وأعضاء لجان تقييم وإسناد ومراقبة عقود الصفقات العمومية وعقود اللزمات وعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وأعضاء لجان إسناد التراخيص الإدارية وتراخيص ممارسة النشاط مهما كان نوعها وقطاعها وأعوان قوات الأمن الداخلي الذين لهم صفة الضابطة العدلية، ورؤساء الهياكل الرياضية.

ويخضع لقانون التصريح بالمكاسب والمصالح أعوان المراقبة الجبائية والاستخلاص وقباض البلديات ورؤساء مكاتب البريد، وأعوان الديوانة المباشرون الذين لا تقل رتبتهم عن متفقد مساعد أو ملازم للديوانة أو الذين يشغلون خطة رئيس مكتب أو رئيس فرقة أو خطة قابض، وكتبة المحاكم، والأعوان المحلفون والمكلفون بمهام التفقد والرقابة أو الذين أهّلهم القانون لممارسة صلاحيات الضابطة العدلية، وكل عون للدولة أو جماعة محلية أو مؤسسة عمومية إدارية يقوم بمهام آمر صرف أو آمر صرف مساعد أو محاسب عمومي أو وكيل مقابيض أو دفوعات، وأعضاء اللّجان الجهوية لتصفية الأحباس الخاصة والمشتركة ومجالس التصرّف في الأراضي الاشتراكية، إلى جانب مسيري الأحزاب السياسية والجمعيات ووكلاء المؤسسات الخاصة المتعاقدة مع الدولة للتصرف في مرفق عمومي بمقابل من الدولة وأصحاب المؤسسات الإعلامية والصحفيون وكل من يمارس نشاطا إعلاميا أو صحفيا ورؤساء وأعضاء مكاتب النقابات المهنية المركزية أو الجهوية أو القطاعية والأمناء العامّون للنقابات المهنية والمنظمات الوطنية وبصفة عامة كل من تنصّ القوانين والتراتيب المنظّمة لممارسة وظيفته على واجب التصريح بالمكاسب والمصالح.

سعيدة بوهلال

أمام تواصل غلق مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد ماذا عن المشمولين بقانون التصريح بالمكاسب والمصالح؟

تونس-الصباح

في ظل تواصل غلق مقر الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد، وبعد قرابة الشهرين من تاريخ حل البرلمان، اضطر الدكتور سالم لبيض عضو مجلس نواب الشعب المحل إلى إبراء ذمته على شبكة التواصل الاجتماعي وذلك عبر نشر بلاغ على صفحته الفيسبوكية أشار فيه بالخصوص إلى أنه عملا بالفصل 130 من الدستور والنقطة 3 من الفصل الخامس من القانون عدد 46 لسنة 2018 المتعلّق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح، توجه يوم 13 ماي 2022 إلى مقرّ الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد من أجل القيام بإجراءات التصريح بالمكاسب، فوجده مغلقا وتحرسه فرقة أمنية، وهو ما دفعه إلى اصطحاب عدل منفذ لمعاينة استحالة التصريح..

وتدعو وضعية الدكتور لبيض إلى التساؤل إن كان يجب على جميع  أعضاء البرلمان البالغ عددهم 117 وعلى جميع المشمولين بالقانون عدد 46 وهم بالآلاف النسج على منوال الدكتور وتكليف عدول منفذين لمعاينة استحالة قيامهم بالتصاريح من أجل إبراء ذممهم ولتلافي تعرضهم لاحقا إلى العقوبات المنصوص عليها بهذا القانون، إذ نص القانون سالف الذكر على أنه يتعين على كل شخص خاضع لواجب التصريح، تقديم تصريح جديد كل ثلاث سنوات في صورة تواصل مباشرته لوظائف موجبة للتصريح وكذلك عند انتهاء مهامه الموجبة للتصريح لأي سبب كان، وذلك في أجل لا يتجاوز ستّين يوما من تاريخ انقضاء مدّة الثلاث سنوات أو من تاريخ انتهاء المهام الموجبة للتصريح، وبصرف النظر عن ذلك يجب على الخاضع لواجب التصريح إعلام الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد بكل تغيير جوهري يطرأ على الوضعية الأصلية التي قام بالتصريح بها في أجل ثلاثين يوما من تاريخ حدوث التغيير. وفي صورة مخالفة واجب التصريح، نص القانون على عقوبات مالية تتراوح من ألف إلى عشرة آلاف دينار بالنسبة إلى بعض الأصناف المعنية بالتصريح، ونص على عقوبة اقتطاع ثلثي المرتب أو المنحة عن كل شهر تأخير عن التصريح، وبموجب نفس القانون يعاقب بخطية قدرها ثلاثمائة دينار عن كل شهر تأخير كل من يمتنع عن التصريح بمكاسبه ومصالحه إثر انتهاء مهامه، وإذا تواصل التأخير لمدة 6 أشهر يكون العقاب بالسجن لمدة سنة وبخطية قدرها عشرون ألف دينار ويعدّ الامتناع عن التصريح قرينة على توفر شبهة إثراء غير مشروع يتعيّن على الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد مباشرة إجراءات التقصي والتحقق بشأنها، وإذا كان الممتنع عن التصريح من المنتخبين يضاف إلى العقوبات سالفة الذكر عقوبة الحرمان من الترشح للوظائف العامة لمدة 5 سنوات، وهو ما يعني أن العقوبات ليست بالهينة فما العمل إذن لتبرئة الذمة وتلافي العقوبات والحال أن مقر الهيئة مغلق منذ شهر أوت الماضي؟

إجراءات لا بد منها

عن هذا السؤال أجابنا أحمد السوسي الأستاذ المتميز في القانون العام، وأشار إلى أنه طالما وقع حل مجلس نواب الشعب وصدر نص قانوني في هذا المجال فإنه من واجب النائب سالم لبيض وغيره من أعضاء المجلس الذي وقع حله القيام بواجب التصريح بالمكاسب والمصالح نظرا لانتهاء مهامهم النيابية. وبين أنه بمقتضى القانون فإن التصريح يتم لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وهي من الناحية القانونية هيئة مستقلة ليست تابعة لرئاسة الجمهورية أو للحكومة ولكن هذه الهيئة تم غلق مكاتبها.

وأضاف السوسي قائلا:" طالما أن هناك استحالة للوصول إلى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد في الوقت الراهن فإن المعني بالتصريح بالمكاسب والمصالح مدعو إلى إبراء ذمته، وهذا ممكن فالهيئة وإن كانت مستقلة فهي راجعة بالنظر إلى الدولة وهي عنصر من عناصر الدولة مثلها مثل بقية الهيئات الدستورية المستقلة التي لها خاصية أنها هيئة ذات صبغة وطنية وبالتالي الاستحالة غير موجودة طالما أن الدولة قائمة".

وفسر محدثنا  أن الهيئة هي مؤسسة تستمد صلاحياتها ووجودها من القانون ويبقى في ظل الوضع الراهن أن هناك رئيسة حكومة تستمد صلاحياتها من القانون وبالتالي يمكن للمشمول بقانون التصريح بالمكاسب والمصالح أن يقوم بالتصريح لدى رئيس الحكومة وإن لم يتمكن من ذلك عليه أن يطلب استشارة من المستشار القانوني لرئاسة الحكومة حول كيفية التصريح وفي حال عدم توصله بإجابة وعدم تمكنه من التصريح يمكنه أن يوجه رسالة مضمونة الوصول فيها نسخة من التصريح إلى رئاسة الحكومة وذلك لإبراء الذمة".

وأشار الجامعي إلى أنه بالنسبة إلى وضعية الدكتور سالم لبيض وهو في الأصل أستاذ تعليم عال ونظرا إلى وجود استحالة لتصريحه بمكاسبه ومصالحه لدى الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد وبما أنه موظف عمومي فيمكنه كما يمكن لغيره من أعضاء البرلمان المحلول الذين هم في الأصل ينتمون إلى الوظيفة العمومية إشعار الوزارات التي يعودون إليها بالنظر وذلك من خلال إتباع الإجراءات القانونية المعمول بها ومن المحبذ ترك أثر قانوني لعملية التصريح بإنهاء المهمة النيابية ولعملية التصريح بالمكاسب والمصالح.

وبين أحمد السوسي الأستاذ المتميز في القانون العام أن واجب التصريح محمول على جميع أعضاء البرلمان المحلول دون استثناء، وبالنسبة إلى الراجعين منهم بالنظر إلى الوظيفة العمومية فمن حيث المبدأ من واجبهم إعلام إداراتهم ووزاراتهم بانتهاء مهمتهم النيابية منذ تاريخ حل مجلس  نواب الشعب وهم بذلك يضعون الوزارات أمام الأمر المقضي ومن واجبهم القيام بالتصريح بالمكاسب والمصالح إثر انتهاء مهامهم بإتباع نفس التمشي أي أن يذهبوا إلى مكتب الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد المخصص للتصريح بالمكاسب والمصالح وإذا استحال عليهم النفاذ إليهم يقومون باستدعاء عدل تنفيذ لمعاينة الاستحالة وبعد ذلك يتجهون إلى رئاسة الحكومة للقيام بالتصريح وفي صورة الاستحالة عليهم توجيه مراسلات مضمونة الوصول تتضمن نسخا من التصاريح وبالنسبة إلى الموظفين عليهم الذهاب إلى مكاتب الضبط بوزاراتهم وإيداع تصاريحهم مع تسلم وثيقة إثبات لهذه العملية، ولكن عندما يواجهون استحالة في جميع هذه الصور فعليهم العودة إلى مجلس نواب الشعب والقيام بمعاينة لغلقه ولغلق إدارته أمامهم وبهذه الخطوات فإنهم يحصنون أنفسهم ويقومون بتبرئة ذممهم لأنه لا أحد يعلم ماذا يمكن للسلطة السياسية لاحقا فعله.

تأكيد حسن النية

وأشار الجامعي أحمد السوسي إلى أن إتباع هذه الإجراءات من شأنه أن يعطي عناصر تدل على حسن النية في القيام بالتصريح بالمكاسب والمصالح ومن المحبذ أن يقوم المعني بالأمر من التثبت مليا من التغييرات التي طرأت على ممتلكاته من منقولات وعقارات وأن يصرح بها بدقة وهي عناصر من شأنها أن تكون فكرة حول حسن نية المعني بالأمر في التقيد بأحكام القانون.. وأضاف أن هذه الإجراءات تنسحب على جميع المشمولين بالقانون المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وليس نواب الشعب فقط أو أعضاء المجلس الأعلى للقضاء وغيرهم، فكل من ينطبق عليهم القانون وهم بالمئات عليهم أن يقوم بنفس الشيء.

وللتذكير فإن القانون  عدد 46 لسنة 2018 المؤرخ في 1 أوت 2018 المتعلق بالتصريح بالمكاسب والمصالح وبمكافحة الإثراء غير المشروع وتضارب المصالح يهدف بالأساس إلى دعم الشفافية وترسيخ مبادئ النزاهة والحياد والمساءلة ومكافحة الإثراء غير المشروع وحماية المال العام، ويخضع لأحكام هذا القانون كلّ شخص طبيعي، سواء كان معيّنًا أو منتخبا بصفة دائمة أو مؤقتة، تُعهد إليه صلاحيات السلطة العمومية أو يعمل لدى الدولة أو جماعة محلية أو مؤسسة أو هيئة أو منشأة عمومية سواء كان ذلك بمقابل أو دون مقابل، وكل من له صفة مأمور عمومي أو من يعيّنه القضاء للقيام بمأمورية قضائية كما يخضع له رئيس الجمهورية ومدير ديوانه ومستشاريه، ورئيس الحكومة وأعضائها ورؤساء دواوينهم ومستشاريهم، ورئيس مجلس نواب الشعب وأعضائه ورئيس ديوانه ومستشاريه، ورؤساء الهيئات الدستورية المستقلة وأعضائها، ورئيس المجلس الأعلى للقضاء وأعضائه، ورؤساء الجماعات المحلية، وأعضاء مجالس الجماعات المحلية، ورئيس المحكمة الدستورية وأعضائها، والقضاة، وكل من يتمتع برتبة وامتيازات وزير أو كاتب دولة،والأعوان العموميون الذين يشغلون وظائف عليا طبقا لأحكام الفصل 78 من الدستور، والأعوان العموميون الذين يشغلون وظائف مدنية عليا طبقا لأحكام الفصل 92 من الدستور، ومحافظ البنك المركزي التونسي ونائبه وأعضاء مجلس إدارته وكاتبه العام، والمديرون العامون للبنوك والمؤسسات المالية التي تساهم الدولة في رأس مالها ورؤساء وأعضاء مجالس إدارتها، ومديرو الأجهزة الإدارية للهيئات الدستورية المستقلة، ورؤساء وأعضاء مجالس الهيئات التعديلية، ورؤساء جامعات التعليم العالي وعمداء الكليات ومديرو مؤسّسات التعليم العالي والبحث ورؤساء المخابر ووحدات البحث في المؤسسات المذكورة، والمكلف العام بنزاعات الدولة والمستشارون المقررون لنزاعات الدولة، وحافظ الملكية العقارية والمديرون الجهويون للملكية العقارية، والمعتمدون الأول والمعتمدون والعمد، والكتاب العامون للبلديات والولايات والمديرون التنفيذيون للجهات والأقاليم، وكل عون عمومي يتولى مهمة رقابية بهيئات الرقابة وهياكل التفقد الإداري والفني أو القطاعي التابعة للوزارات،والمديرون العامون المساعدون والمديرون المركزيون بالمؤسسات والمنشآت العمومية والخطط المعادلة من حيث شروط التكليف والامتيازات، وأعضاء لجان تقييم وإسناد ومراقبة عقود الصفقات العمومية وعقود اللزمات وعقود الشراكة بين القطاع العام والقطاع الخاص وأعضاء لجان إسناد التراخيص الإدارية وتراخيص ممارسة النشاط مهما كان نوعها وقطاعها وأعوان قوات الأمن الداخلي الذين لهم صفة الضابطة العدلية، ورؤساء الهياكل الرياضية.

ويخضع لقانون التصريح بالمكاسب والمصالح أعوان المراقبة الجبائية والاستخلاص وقباض البلديات ورؤساء مكاتب البريد، وأعوان الديوانة المباشرون الذين لا تقل رتبتهم عن متفقد مساعد أو ملازم للديوانة أو الذين يشغلون خطة رئيس مكتب أو رئيس فرقة أو خطة قابض، وكتبة المحاكم، والأعوان المحلفون والمكلفون بمهام التفقد والرقابة أو الذين أهّلهم القانون لممارسة صلاحيات الضابطة العدلية، وكل عون للدولة أو جماعة محلية أو مؤسسة عمومية إدارية يقوم بمهام آمر صرف أو آمر صرف مساعد أو محاسب عمومي أو وكيل مقابيض أو دفوعات، وأعضاء اللّجان الجهوية لتصفية الأحباس الخاصة والمشتركة ومجالس التصرّف في الأراضي الاشتراكية، إلى جانب مسيري الأحزاب السياسية والجمعيات ووكلاء المؤسسات الخاصة المتعاقدة مع الدولة للتصرف في مرفق عمومي بمقابل من الدولة وأصحاب المؤسسات الإعلامية والصحفيون وكل من يمارس نشاطا إعلاميا أو صحفيا ورؤساء وأعضاء مكاتب النقابات المهنية المركزية أو الجهوية أو القطاعية والأمناء العامّون للنقابات المهنية والمنظمات الوطنية وبصفة عامة كل من تنصّ القوانين والتراتيب المنظّمة لممارسة وظيفته على واجب التصريح بالمكاسب والمصالح.

سعيدة بوهلال

  Conception & Réalisation  Alpha Studios Copyright © 2023  assabahnews