رفعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة العديد من التوصيات تعلق بعضها بتنقيح القانون الانتخابي، وهي ليست المرة الأولى التي تدعو فيها الهيئة إلى إدخال بعض التعديلات على هذا القانون إذ سبق لها بمناسبة الانتخابات التشريعية أن طالبت بتنقيحه. وتضمن هذا التقرير الذي تم نشره مؤخرا بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية 253 صفحة تتوزع على ثمانية أبواب، واستعرضت الهيئة في نهاية كل باب جملة من المقترحات.
ففي ما يتعلق بالروزنامة أشارت الهيئة في تقريرها إلى أنها تمكنت من تنظيم الانتخابات الرئاسية 2024 في آجال لم تتعد أربعة أشهر أي بين شهري جويلية وأكتوبر 2024 ووفقا للمعايير الدولية والممارسات الفضلى حسب وصفها، غير أنها تقترح مستقبلا العمل على تعديل القانون الانتخابي قصد تمكينها من تحديد التوقيت المخصص للاقتراع من قبلها تفاديا لأية إشكاليات لوجستية أو تنظيمية أو عملياتية خاصة وأنها عادة ما تقرر بالتشاور مع المؤسستين الأمنية والعسكرية اعتماد توقيت استثنائي في بعض مراكز الاقتراع نظرا لخصوصية بعض الولايات.
أما على مستوى تركيز الإدارة الانتخابية، فأوصت الهيئة بمزيد تطوير التطبيقات المعلومانية الخاصة بالانتداب والتصرف في الموارد البشرية مع الحرص على التفاعل المبكر مع مختلف الهياكل العمومية المختصة في هذا المجال على غرار المركز الوطني للإعلامية ووزارة التشغيل والتكوين المهني والوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية، واقترحت إنشاء قاعدة بيانات موسعة خاصة بالموارد البشرية الظرفية المنتدبة وتحيينها بصفة دورية لتشمل مختلف البيانات الخاصة بالأعوان الجدد والأعوان الذين سبق لهم العمل مع الهيئة بمناسبة تنظيم استحقاقات انتخابية سابقة على غرار المعطيات الشخصية والاختصاص ومراكز العمل ونسبة الغيابات خلال فترات التعاقد السابقة ونسبة تحقيق الأهداف المرسومة وغيرها قصد الاستفادة منها مستقبلا.
وأوصت الهيئة بالحرص على مزيد إحكام تنظيم دورات تكوينية عن بعد بصفة دورية في المجال الانتخابي لفائدة الأعوان الذين سبق لهم العمل مع الهيئة، وتشجيعهم على الولوج باستمرار إلى منصة التكوين عن بعد، وإثراء المنصة بالمواد التعليمية للرفع من قدراتهم، والتقليص من هامش الخطأ مع توفير محامل مبسطة وتفاعلية.
وانطلاقا من التجارب السابقة، لاحظت الهيئة أن إعادة انتداب عدد كبير من الأعوان في كل مرة بمناسبة تنظيم أي استحقاق انتخابي جديد حسن من النجاعة والمردودية وذلك بالنظر إلى ما اكتسبه هؤلاء الأعوان من دراية ومعرفة بمجريات العملية الانتخابية برمتها.
التسجيل الآلي والتحيين
وأوصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية 2024 في الباب الثالث المتعلق باعتماد التسجيل الآلي للناخبين والتحيين وإتاحة خدمة الإطلاع على مراكز الاقتراع، بمزيد العمل على متابعة مردودية أعوان التحيين ومراقبتهم واعتماد آليات مبتكرة للتحفيز والمتابعة، ومواصلة اعتماد منسقين محليين إبان الاستحقاقات الانتخابية المقبلة نظرا لأهمية هذه الخطة ونجاعتها تنفيذا للمخططات العملياتية واللوجستية الميدانية على الصعيد المحلي ودورها المحوري في تأطير المنتدبين الجدد وحثهم على مزيد البذل والعطاء.
كما دعت الهيئة إلى العمل على مزيد تثمين منظومة التكوين عن بعد ووضعها على ذمة المستخدمين قبل الانطلاق في فترة التحيين الفعلية، والحرص على تطوير محامل التكوين الحضوري بخصوص التحيين وايلاء العناية المستوجبة لتكوين الأعوان في مجال الاتصال والتواصل مع المواطنين، وأوصت بإيجاد حلول عملية للصعوبات التقنية التي تشهدها منظومة التحيين عن بعد، والعمل على تعصيرها وتمكين أعوان الهيئة من معالجة المطالب في أحسن الظروف، وتيسير الولوج إلى المنظومة دون تسجيل اضطرابات أو انقطاع سواء كان ذلك بالنسبة إلى الناخب أو بالنسبة إلى أعوان الهيئة مع تفادي التوقف المتكرر للمنظومة وتبسيط الإجراءات وإتاحة ردود آلية لطالبي التحيين وتمكينهم من استكمال الوثائق المنقوصة دون إعادة عملية التحيين برمتها.
ومن التوصيات الأخرى التي رفعتها الهيئة في تقريرها سالف الذكر، تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية والومضات التفاعلية الموجهة إلى الناخبين، ودعم آليات التواصل المباشر معهم مع تحسين مضامينها والتدقيق في الرسائل المرغوب في تبليغها إلى الفئات المستهدفة، وتكثيف الملتقيات المحلية والجهوية، وإعداد محتويات تحسيسية ووضعها على ذمة العموم عبر شبكة «الانستغرام» و»التيك توك» بصفة مبكرة وقبل الشروع في عملية التحيين، إضافة إلى التنسيق مع الهياكل العمومية قصد تحيين قواعد المعطيات المرجعية بالنسبة إلى الناخبين الذين تتوفر فيهم صفة الناخب وحذف من لا تتوفر فيهم هذه الصفة، وإحكام التنسيق مع مختلف الأطراف المتدخلة لحث الفضاءات التجارية على تخصيص مساحات لتركيز مكاتب قارة لتحيين التسجيل صلبها مع توسيع حملات التحيين لتشمل جميع المرافق والمؤسسات العمومية والخاصة وتيسير الولوج إليها خاصة المنشآت الصناعية.
وأوصت هيئة الانتخابات ببرمجة مشاريع جديدة تهدف إلى حث المواطنين على التحيين خاصة لدى الفئات الاجتماعية التي تشهد عزوفا وهذه الفئات هي الشباب والمرأة الريفية إلى جانب حاملي الإعاقة، ودعت إلى تشجيع الدارسين والباحثين في إطار مركز التوثيق والدراسات التابع للهيئة على انجاز بحوث سوسيولوجية لمعرفة أسباب عزوف بعض الفئات على القيام بالتحيين خاصة فئة الشباب، وتعزيز دور الهيئة في مجال الاتصال والتحسيس خاصة في الفضاءات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مع مزيد الانفتاح على وسائل الإعلام المحلية والجهوية والإذاعات الجمعياتية للتحسيس بأهمية عمليات التحيين مع التعويل على الشباب وتحفيز كل عمل إبداعي من شأنه أن يحث الناخب على التحيين سواء بمناسبة تنظيم الانتخابات والاستفتاءات أو بمناسبة التحيين المستمر للسجل الانتخابي. ودعت الهيئة إلى مزيد العمل على نسج شراكات مع هياكل المجتمع المدني لمعاضدة جهودها في التوعية والتحسيس بأهمية التحيين خاصة الجمعيات التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة وبالشباب وبالمرأة بصفة عامة والمرأة الريفية بصفة خاصة لتشمل حتى الفترات غير الانتخابية.
الترشح للانتخابات
تعلقت توصيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الواردة في الباب الرابع من تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية 2024 بالترشحات، وفي هذا السياق اقترحت العمل مستقبلا على وضع آليات دقيقة لمزيد توضيح عمليات تجميع التزكيات من قبل المترشحين واتخاذ التدابير الكفيلة بتوعيتهم بأهمية التحقق من سلامة التزكيات قبل إيداع ملف الترشح وذلك تفاديا لرفض عدد مهم منها لأسباب لا يمكن تداركها على غرار عدم تطابق البيانات المدرجة مع الهوية أو تقديم تزكيات متكررة لنفس المترشح أو عدم الترسيم بسجل الناخبين وغيرها من الأسباب.
كما اقترحت الهيئة النظر في إمكانية التجميع الالكتروني للتزكيات عن بعد عبر منصة معدة للغرض، مع وضع كافة الضمانات التقنية والقانونية الكفيلة بالتثبت من هوية المزكي وجهة التزكية وانصراف إرادة الناخب الحقيقة والواعية لتزكية مترشح دون غيره، والتفكير في إيجاد آلية للتثبت من شرط عدم الحصول على جنسية أجنبية وذلك بالتنسيق مع مصالح وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج وعدم الاكتفاء بالتصريح على الشرف، والعمل على تحيين السجل العدلي حتى تعكس البطاقة عدد 3 الحالة القانونية الحديثة للمترشح نقي السوابق العملية من الجرائم القصدية وتفادي ظاهرة ترشح من صدرت ضده أحكام نهائية غير مدرجة بالسجل العدلي.
الحملة الانتخابية
وفي علاقة بالحملة الانتخابية ومراقبة تمويلها وأنشطتها ميدانيا وعبر مختلف الوسائط ووسائل الإعلام والاتصال المكتوبة والالكترونية والسمعية والبصرية ومنصات التواصل الاجتماعي، أوصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في خاتمة الباب الخامس من تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية 2024، بدعم المجهودات المبذولة المتعلقة بالاستعدادات البشرية واللوجستية لفترة مراقبة الحملة، والتحضير المحكم والمسبق بهدف تجاوز العقبات خاصة بالنسبة إلى الموارد اللوجستية الموضوعة على ذمة أعوان المراقبة لأداء مهامهم على أكمل وجه، ودعت إلى مزيد تعصير المنظومة المعلوماتية لمراقبة الحملة الانتخابية في اتجاه ملاءمتها مع الحاجيات الفعلية لمستخدميها ومع المحاضر ومختلف الوثائق الورقية، والحرص على إيلاء مسألة تكوين الأعوان الميدانيين لمراقبة الحملة الأهمية اللازمة من خلال اعتماد مزيد من الدقة في ضبط محتوى المادة المقدمة لهم خلال الدورات التكوينية وصلب محامل التكوين، ودعم مكتسباتهم حول القواعد والتدابير ذات الصبغة المالية والمحاسبية مع تذليل الصعوبات التي تظهر إبان القيام بإجراءات فتح الحساب البنكي أو البريدي الوحيد للحملة لدى فروع البنوك والبريد من خلال إحكام التنسيق مع البنك المركزي التونسي والديوان الوطني للبريد.
ودعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى التفكير في الآجال المتعلقة باستيفاء الإجراءات الجوهرية ذات الصلة بتمويل الحملة الانتخابية على غرار آجال فتح الحساب البنكي أو البريدي الوحيد وتعيين الوكيل المالي ومزيد دعم الحملات التحسيسية والتثقيفية براديو (الواب) المتاح بدور الشباب خاصة خارج المسارات الانتخابية.
ومن التوصيات الأخرى التي أدرجتها الهيئة صلب تقريرها، مزيد تدعيم الجوانب التشريعية المتعلقة بالمخالفات المرتكبة عبر المواقع والوسائط الافتراضية خاصة من حيث طرق إثبات المخالفات المرصودة ومدى تمتعها بالحجية القانونية اللازمة لتكييفها كمخالفة انتخابية من عدمه. ودعت إلى إيجاد إطار قانوني ملائم لإبرام اتفاقيات وشراكات مع الشركات الأجنبية المشرفة على منصات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في تونس، والعمل على إحداث خلايا جهوية لرصد وسائل التواصل الاجتماعي، والعمل على مزيد تطوير الإطار التشريعي لتأطير النشاط السياسي على شبكات التواصل الاجتماعي بصفة عامة وإيجاد الحلول الكفيلة بمنع بث الإشاعات والأخبار الزائفة أثناء الحملات الانتخابية التي تمس من مقبولية النتائج وترقى إلى مستوى التحريض على العنف وتهديد الأمن العام خاصة يوم الاقتراع والإعلان عن النتائج.
وترى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن هناك ضرورة لإفراد الجرائم الانتخابية والمخالفات المالية بإجراءات قضائية خاصة تراعي خصوصية المادة الانتخابية التي تتطلب سرعة في التعاطي والبت في الجرائم والمخالفات الانتخابية فضلا عن التسقيف الزمني للآجال القضائية خاصة في علاقة بإثارة الدعوى العمومية وتتبعها من قبل النيابة العمومية لضمان سرعة الفصل في المحاضر والشكايات ذات العلاقة بالجرائم الانتخابية.
الاقتراع والفرز
وتمثلت توصيات الهيئة المتعلقة بالاقتراع والفرز الواردة في الباب السادس من تقريرها حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أن يتم مستقبلا العمل على دعم الإستراتيجية المتبعة للتكوين، وإقرار برامج دائمة للتثقيف الانتخابي عبر إحداث مركز تكوين مركزي ومراكز جهوية تابعة للهيئة ومزيد دعم محتوى التكوين والتثقيف وتكثيف الدورات التدريبية الحضورية خاصة على المستوى المحلي وعن بعد لفائدة رؤساء وأعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع ومساعديهم لدعم قدراتهم على مجابهة الصعوبات والتقليص من هامش الخطأ، وتنظيم دورات تكوينية للتعريف بأهم الإجراءات المتصلة بالاقتراع والفرز لفائدة مختلف شركاء الهيئة المساهمين في العملية الانتخابية على غرار الصحفيين وممثلي المجتمع المدني، مع العمل على مزيد تهيئة مقرات الهيئة خاصة المقرات الجهوية قصد استغلالها في عمليات تخزين المواد الانتخابية والاستغناء تدريجيا عن الحلول المؤقتة من قبيل تسويغ فضاءات قصد استغلالها.
واقترحت الهيئة صلب تقريرها، تطوير آلية التصويت الحر بالخارج وتعميمها بالداخل تبعا لتوفر الضمانات التقنية والفنية واللوجستية التي تحول دون استعمال هذه الآلية بطريقة غير قانونية. وأوصت بإتاحة إمكانية التصويت عن بعد عبر البريد أو التصويت الالكتروني بالنسبة إلى عمليات الاقتراع داخل الوطن وخارجه أسوة بالتجارب الانتخابية المقارنة الناجحة وذلك بعد ضمان سلامة وشفافية ومصداقية وثبوتية العملية الانتخابي وتوفير الضمانات التقنية والفنية واللوجستية التي تحول دون استعمال تلك الوسائل والتقنيات بطريقة غير قانونية وذلك وفقا لما تضبطه الهيئة من شروط وإجراءات وتدابير، والعمل على تضمين ذلك صلب القانون الانتخابي، وبالتالي توصي الهيئة بتعديل القانون الانتخابي في اتجاه التنصيص فيه على إتاحة إمكانية التصويت عن بعد والتصويت الالكتروني.
جمع النتائج والإعلان عنها
وتعلقت التوصيات الواردة في الباب السابع من تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة بجمع النتائج والإعلان عنها. وجاء في خاتمة هذا الباب أنه لتجاوز الصعوبات التي اعترضت عمل الهيئة عند احتساب نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 فإنه يتجه العمل مستقبلا على مزيد العناية بمسألة تكوين أعوان جمع النتائج، وتخصيص المساحة الزمنية المستوجبة من حيث الكم والكيف قصد التقليص قدر الإمكان في الفوارق التي تم تسجيلها بين مختلف الهيئات الفرعية للانتخابات في علاقة بالمدة الزمنية المستغرقة لختم هذه العملية وعدد المحاضر التصحيحية المنجزة، مع العمل على ضبط العدد اللازم من أعوان الرقن الآلي وفقا لمعيار عدد المحاضر، وإيلاء مسألة تطوير المنظومات الإعلامية الخاصة بجمع النتائج العناية اللازمة، والعمل على إحاطتها بأقصى شروط السلامة والنجاعة قبل اعتمادها وذلك من خلال تشريك الهياكل العمومية المختصة مستقبلا في تطويرها على غرار المركز الوطني للإعلامية والوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية وغيرها، ودعم الدورات التدريبية قصد إحكام التصرف فيها وإدارتها لتقليص مدة جمع النتائج. ودعت الهيئة إلى مزيد تحديد علاقة الهيئات الفرعية للانتخابات بالسلط الجهوية والمحلية خاصة في ما يتعلق بآجال توفير الفضاءات المعدة لجمع النتائج، والحرص على صيانتها وتهيئتها بمختلف الشبكات اللازمة وذلك بصفة دورية ومبكرة وإبان الانتخابات مع العمل على اعتماد عدد أكبر من مسالك التجميع السريعة قصد التسريع في جمع النتائج.
شركاء الهيئة
وأدرجت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها حول الانتخابات الرئاسية توصيات أخرى وردت في خاتمة الباب الثامن من هذا التقرير الذي جاء تحت عنوان التواصل والعلاقة مع الشركاء والعموم في المسار الانتخابي، وبينت أنه يتجه العمل مستقبلا على وضع خطة اتصالية دائمة للهيئة ودعم جانبها الرقمي تشمل الفترات غير الانتخابية وملاءمتها مع أوقات الذروة أثناء المسارات الانتخابية واستيفاء الإجراءات المستوجبة لدخول المشروع الجديد لبوابة الهيئة حيز النفاذ، وعقد المزيد من الدورات التدريبية الخاصة بالإعلاميين وتعميمها على مكونات المجتمع المدني حول مخرجات العملية الانتخابية وقواعد الاقتراع والفرز وجمع النتائج والإعلان عنها تبعا لنجاح الدورات المنجزة مع المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين. ودعت إلى مزيد تطوير مضامين التكوين الحضوري وعن بعد وتوفير المحامل المستوجبة لكل المتكونين من أعوان الهيئة، ودعم إستراتيجية التثقيف والتكوين الانتخابي عبر إحداث مراكز تكوين تابعة للهيئة، ودعم مساهمة الهيئة في تكوين منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالشأن الانتخابي وتأطيرها ليتسنى لها الاضطلاع بدورها في ملاحظة العملية الانتخابية بكل شفافية ومهنية وحياد عبر تطوير المناهج والمضامين والآليات وتكثيف الملتقيات المحلية والجهوية والاقليمية التي تجمع الهيئة بمختلف الشركاء وأوصت بدعم إشعاع الهيئة في المحافل الدولية والإقليمية.
وتم تنظيم الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 6 أكتوبر 2024 والتصريح بنتائجها النهائية يوم الجمعة 11 أكتوبر 2024، وأشار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في مقدمة التقرير الختامي حول هذه المحطة الانتخابية إلى حرص الهيئة على توفير كافة أسباب النجاح لهذا الاستحقاق على المستوى التنظيمي واللوجستي خاصة منذ صدور أمر دعوة الناخبين بالتوافق مع الآجال الدستورية والقانونية. وأكد أن الهيئة جندت كل مواردها البشرية واللوجستية والتقنية ضمن إستراتجية عمل شملت كافة المحاور ذات الصلة بالعملية الانتخابية ويوم الاقتراع والإعلان عن النتائج هدفها الأسمى في ذلك، حسب تعبيره، ضمان انتخابات حرة ونزيهة وإتاحة الفرصة لكافة الناخبين الذين فاق عددهم 9 ملايين ونصف مسجل من بينهم 50 فاصل 4 بالمائة نساء، أما عدد الناخبين الذين صوتوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة فبلغ حوالي ثلاثة ملايين ناخب من بينهم 42 فاصل 5 نساء. وعدد رئيس الهيئة المبادرات التي قامت بها الهيئة في إطار عملها على تطوير وسائل التواصل بالناخبين ومنها على سبيل الذكر التصويت الحر، وإعداد تطبيقة لمعالجة التزكيات والتثبت منها وقد فاق عددها 300 ألف تزكية، والعمل لأول مرة منذ إحداث الهيئة على تطوير منظومة لمتابعة توجهات التصويت بعد مغادرة الناخب مركز الاقتراع وذلك في إطار مراقبة عمليات سبر الآراء. ويرى بوعسكر أن النجاح في تنظيم هذه الانتخابات الوطنية في موعدها وضمن الجدول الزمني المقرر لمختلف مراحلها وقبول نتائجها من قبل الجميع ودون أي طعن، هو نتاج لما راكمته الهيئة من تجارب وخبرة وتمرس في مجال تنظيم الانتخابات بمختلف أصنافها..
وبعد نشر التقرير الختامي حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الرائد الرسمي من المنتظر أن يطلع عليه أعضاء مجلس نواب الشعب لأن العديد منهم طالبوا خلال الدورة الاستثنائية التي تم تنظيمها خلال الحملة الانتخابية لتنقيح القانون الانتخابي، بأن يتم لاحقا وفي متسع من الوقت مراجعة هذا القانون برمته.
سعيدة بوهلال
رفعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة العديد من التوصيات تعلق بعضها بتنقيح القانون الانتخابي، وهي ليست المرة الأولى التي تدعو فيها الهيئة إلى إدخال بعض التعديلات على هذا القانون إذ سبق لها بمناسبة الانتخابات التشريعية أن طالبت بتنقيحه. وتضمن هذا التقرير الذي تم نشره مؤخرا بالرائد الرسمي للجمهورية التونسية 253 صفحة تتوزع على ثمانية أبواب، واستعرضت الهيئة في نهاية كل باب جملة من المقترحات.
ففي ما يتعلق بالروزنامة أشارت الهيئة في تقريرها إلى أنها تمكنت من تنظيم الانتخابات الرئاسية 2024 في آجال لم تتعد أربعة أشهر أي بين شهري جويلية وأكتوبر 2024 ووفقا للمعايير الدولية والممارسات الفضلى حسب وصفها، غير أنها تقترح مستقبلا العمل على تعديل القانون الانتخابي قصد تمكينها من تحديد التوقيت المخصص للاقتراع من قبلها تفاديا لأية إشكاليات لوجستية أو تنظيمية أو عملياتية خاصة وأنها عادة ما تقرر بالتشاور مع المؤسستين الأمنية والعسكرية اعتماد توقيت استثنائي في بعض مراكز الاقتراع نظرا لخصوصية بعض الولايات.
أما على مستوى تركيز الإدارة الانتخابية، فأوصت الهيئة بمزيد تطوير التطبيقات المعلومانية الخاصة بالانتداب والتصرف في الموارد البشرية مع الحرص على التفاعل المبكر مع مختلف الهياكل العمومية المختصة في هذا المجال على غرار المركز الوطني للإعلامية ووزارة التشغيل والتكوين المهني والوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية، واقترحت إنشاء قاعدة بيانات موسعة خاصة بالموارد البشرية الظرفية المنتدبة وتحيينها بصفة دورية لتشمل مختلف البيانات الخاصة بالأعوان الجدد والأعوان الذين سبق لهم العمل مع الهيئة بمناسبة تنظيم استحقاقات انتخابية سابقة على غرار المعطيات الشخصية والاختصاص ومراكز العمل ونسبة الغيابات خلال فترات التعاقد السابقة ونسبة تحقيق الأهداف المرسومة وغيرها قصد الاستفادة منها مستقبلا.
وأوصت الهيئة بالحرص على مزيد إحكام تنظيم دورات تكوينية عن بعد بصفة دورية في المجال الانتخابي لفائدة الأعوان الذين سبق لهم العمل مع الهيئة، وتشجيعهم على الولوج باستمرار إلى منصة التكوين عن بعد، وإثراء المنصة بالمواد التعليمية للرفع من قدراتهم، والتقليص من هامش الخطأ مع توفير محامل مبسطة وتفاعلية.
وانطلاقا من التجارب السابقة، لاحظت الهيئة أن إعادة انتداب عدد كبير من الأعوان في كل مرة بمناسبة تنظيم أي استحقاق انتخابي جديد حسن من النجاعة والمردودية وذلك بالنظر إلى ما اكتسبه هؤلاء الأعوان من دراية ومعرفة بمجريات العملية الانتخابية برمتها.
التسجيل الآلي والتحيين
وأوصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية 2024 في الباب الثالث المتعلق باعتماد التسجيل الآلي للناخبين والتحيين وإتاحة خدمة الإطلاع على مراكز الاقتراع، بمزيد العمل على متابعة مردودية أعوان التحيين ومراقبتهم واعتماد آليات مبتكرة للتحفيز والمتابعة، ومواصلة اعتماد منسقين محليين إبان الاستحقاقات الانتخابية المقبلة نظرا لأهمية هذه الخطة ونجاعتها تنفيذا للمخططات العملياتية واللوجستية الميدانية على الصعيد المحلي ودورها المحوري في تأطير المنتدبين الجدد وحثهم على مزيد البذل والعطاء.
كما دعت الهيئة إلى العمل على مزيد تثمين منظومة التكوين عن بعد ووضعها على ذمة المستخدمين قبل الانطلاق في فترة التحيين الفعلية، والحرص على تطوير محامل التكوين الحضوري بخصوص التحيين وايلاء العناية المستوجبة لتكوين الأعوان في مجال الاتصال والتواصل مع المواطنين، وأوصت بإيجاد حلول عملية للصعوبات التقنية التي تشهدها منظومة التحيين عن بعد، والعمل على تعصيرها وتمكين أعوان الهيئة من معالجة المطالب في أحسن الظروف، وتيسير الولوج إلى المنظومة دون تسجيل اضطرابات أو انقطاع سواء كان ذلك بالنسبة إلى الناخب أو بالنسبة إلى أعوان الهيئة مع تفادي التوقف المتكرر للمنظومة وتبسيط الإجراءات وإتاحة ردود آلية لطالبي التحيين وتمكينهم من استكمال الوثائق المنقوصة دون إعادة عملية التحيين برمتها.
ومن التوصيات الأخرى التي رفعتها الهيئة في تقريرها سالف الذكر، تكثيف الحملات التحسيسية والتوعوية والومضات التفاعلية الموجهة إلى الناخبين، ودعم آليات التواصل المباشر معهم مع تحسين مضامينها والتدقيق في الرسائل المرغوب في تبليغها إلى الفئات المستهدفة، وتكثيف الملتقيات المحلية والجهوية، وإعداد محتويات تحسيسية ووضعها على ذمة العموم عبر شبكة «الانستغرام» و»التيك توك» بصفة مبكرة وقبل الشروع في عملية التحيين، إضافة إلى التنسيق مع الهياكل العمومية قصد تحيين قواعد المعطيات المرجعية بالنسبة إلى الناخبين الذين تتوفر فيهم صفة الناخب وحذف من لا تتوفر فيهم هذه الصفة، وإحكام التنسيق مع مختلف الأطراف المتدخلة لحث الفضاءات التجارية على تخصيص مساحات لتركيز مكاتب قارة لتحيين التسجيل صلبها مع توسيع حملات التحيين لتشمل جميع المرافق والمؤسسات العمومية والخاصة وتيسير الولوج إليها خاصة المنشآت الصناعية.
وأوصت هيئة الانتخابات ببرمجة مشاريع جديدة تهدف إلى حث المواطنين على التحيين خاصة لدى الفئات الاجتماعية التي تشهد عزوفا وهذه الفئات هي الشباب والمرأة الريفية إلى جانب حاملي الإعاقة، ودعت إلى تشجيع الدارسين والباحثين في إطار مركز التوثيق والدراسات التابع للهيئة على انجاز بحوث سوسيولوجية لمعرفة أسباب عزوف بعض الفئات على القيام بالتحيين خاصة فئة الشباب، وتعزيز دور الهيئة في مجال الاتصال والتحسيس خاصة في الفضاءات الالكترونية ومواقع التواصل الاجتماعي مع مزيد الانفتاح على وسائل الإعلام المحلية والجهوية والإذاعات الجمعياتية للتحسيس بأهمية عمليات التحيين مع التعويل على الشباب وتحفيز كل عمل إبداعي من شأنه أن يحث الناخب على التحيين سواء بمناسبة تنظيم الانتخابات والاستفتاءات أو بمناسبة التحيين المستمر للسجل الانتخابي. ودعت الهيئة إلى مزيد العمل على نسج شراكات مع هياكل المجتمع المدني لمعاضدة جهودها في التوعية والتحسيس بأهمية التحيين خاصة الجمعيات التي تعنى بالأشخاص ذوي الإعاقة وبالشباب وبالمرأة بصفة عامة والمرأة الريفية بصفة خاصة لتشمل حتى الفترات غير الانتخابية.
الترشح للانتخابات
تعلقت توصيات الهيئة العليا المستقلة للانتخابات الواردة في الباب الرابع من تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية 2024 بالترشحات، وفي هذا السياق اقترحت العمل مستقبلا على وضع آليات دقيقة لمزيد توضيح عمليات تجميع التزكيات من قبل المترشحين واتخاذ التدابير الكفيلة بتوعيتهم بأهمية التحقق من سلامة التزكيات قبل إيداع ملف الترشح وذلك تفاديا لرفض عدد مهم منها لأسباب لا يمكن تداركها على غرار عدم تطابق البيانات المدرجة مع الهوية أو تقديم تزكيات متكررة لنفس المترشح أو عدم الترسيم بسجل الناخبين وغيرها من الأسباب.
كما اقترحت الهيئة النظر في إمكانية التجميع الالكتروني للتزكيات عن بعد عبر منصة معدة للغرض، مع وضع كافة الضمانات التقنية والقانونية الكفيلة بالتثبت من هوية المزكي وجهة التزكية وانصراف إرادة الناخب الحقيقة والواعية لتزكية مترشح دون غيره، والتفكير في إيجاد آلية للتثبت من شرط عدم الحصول على جنسية أجنبية وذلك بالتنسيق مع مصالح وزارتي الداخلية والشؤون الخارجية والهجرة والتونسيين بالخارج وعدم الاكتفاء بالتصريح على الشرف، والعمل على تحيين السجل العدلي حتى تعكس البطاقة عدد 3 الحالة القانونية الحديثة للمترشح نقي السوابق العملية من الجرائم القصدية وتفادي ظاهرة ترشح من صدرت ضده أحكام نهائية غير مدرجة بالسجل العدلي.
الحملة الانتخابية
وفي علاقة بالحملة الانتخابية ومراقبة تمويلها وأنشطتها ميدانيا وعبر مختلف الوسائط ووسائل الإعلام والاتصال المكتوبة والالكترونية والسمعية والبصرية ومنصات التواصل الاجتماعي، أوصت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في خاتمة الباب الخامس من تقريرها النهائي حول الانتخابات الرئاسية 2024، بدعم المجهودات المبذولة المتعلقة بالاستعدادات البشرية واللوجستية لفترة مراقبة الحملة، والتحضير المحكم والمسبق بهدف تجاوز العقبات خاصة بالنسبة إلى الموارد اللوجستية الموضوعة على ذمة أعوان المراقبة لأداء مهامهم على أكمل وجه، ودعت إلى مزيد تعصير المنظومة المعلوماتية لمراقبة الحملة الانتخابية في اتجاه ملاءمتها مع الحاجيات الفعلية لمستخدميها ومع المحاضر ومختلف الوثائق الورقية، والحرص على إيلاء مسألة تكوين الأعوان الميدانيين لمراقبة الحملة الأهمية اللازمة من خلال اعتماد مزيد من الدقة في ضبط محتوى المادة المقدمة لهم خلال الدورات التكوينية وصلب محامل التكوين، ودعم مكتسباتهم حول القواعد والتدابير ذات الصبغة المالية والمحاسبية مع تذليل الصعوبات التي تظهر إبان القيام بإجراءات فتح الحساب البنكي أو البريدي الوحيد للحملة لدى فروع البنوك والبريد من خلال إحكام التنسيق مع البنك المركزي التونسي والديوان الوطني للبريد.
ودعت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات إلى التفكير في الآجال المتعلقة باستيفاء الإجراءات الجوهرية ذات الصلة بتمويل الحملة الانتخابية على غرار آجال فتح الحساب البنكي أو البريدي الوحيد وتعيين الوكيل المالي ومزيد دعم الحملات التحسيسية والتثقيفية براديو (الواب) المتاح بدور الشباب خاصة خارج المسارات الانتخابية.
ومن التوصيات الأخرى التي أدرجتها الهيئة صلب تقريرها، مزيد تدعيم الجوانب التشريعية المتعلقة بالمخالفات المرتكبة عبر المواقع والوسائط الافتراضية خاصة من حيث طرق إثبات المخالفات المرصودة ومدى تمتعها بالحجية القانونية اللازمة لتكييفها كمخالفة انتخابية من عدمه. ودعت إلى إيجاد إطار قانوني ملائم لإبرام اتفاقيات وشراكات مع الشركات الأجنبية المشرفة على منصات التواصل الاجتماعي الأكثر انتشارا في تونس، والعمل على إحداث خلايا جهوية لرصد وسائل التواصل الاجتماعي، والعمل على مزيد تطوير الإطار التشريعي لتأطير النشاط السياسي على شبكات التواصل الاجتماعي بصفة عامة وإيجاد الحلول الكفيلة بمنع بث الإشاعات والأخبار الزائفة أثناء الحملات الانتخابية التي تمس من مقبولية النتائج وترقى إلى مستوى التحريض على العنف وتهديد الأمن العام خاصة يوم الاقتراع والإعلان عن النتائج.
وترى الهيئة العليا المستقلة للانتخابات أن هناك ضرورة لإفراد الجرائم الانتخابية والمخالفات المالية بإجراءات قضائية خاصة تراعي خصوصية المادة الانتخابية التي تتطلب سرعة في التعاطي والبت في الجرائم والمخالفات الانتخابية فضلا عن التسقيف الزمني للآجال القضائية خاصة في علاقة بإثارة الدعوى العمومية وتتبعها من قبل النيابة العمومية لضمان سرعة الفصل في المحاضر والشكايات ذات العلاقة بالجرائم الانتخابية.
الاقتراع والفرز
وتمثلت توصيات الهيئة المتعلقة بالاقتراع والفرز الواردة في الباب السادس من تقريرها حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة في أن يتم مستقبلا العمل على دعم الإستراتيجية المتبعة للتكوين، وإقرار برامج دائمة للتثقيف الانتخابي عبر إحداث مركز تكوين مركزي ومراكز جهوية تابعة للهيئة ومزيد دعم محتوى التكوين والتثقيف وتكثيف الدورات التدريبية الحضورية خاصة على المستوى المحلي وعن بعد لفائدة رؤساء وأعضاء مراكز ومكاتب الاقتراع ومساعديهم لدعم قدراتهم على مجابهة الصعوبات والتقليص من هامش الخطأ، وتنظيم دورات تكوينية للتعريف بأهم الإجراءات المتصلة بالاقتراع والفرز لفائدة مختلف شركاء الهيئة المساهمين في العملية الانتخابية على غرار الصحفيين وممثلي المجتمع المدني، مع العمل على مزيد تهيئة مقرات الهيئة خاصة المقرات الجهوية قصد استغلالها في عمليات تخزين المواد الانتخابية والاستغناء تدريجيا عن الحلول المؤقتة من قبيل تسويغ فضاءات قصد استغلالها.
واقترحت الهيئة صلب تقريرها، تطوير آلية التصويت الحر بالخارج وتعميمها بالداخل تبعا لتوفر الضمانات التقنية والفنية واللوجستية التي تحول دون استعمال هذه الآلية بطريقة غير قانونية. وأوصت بإتاحة إمكانية التصويت عن بعد عبر البريد أو التصويت الالكتروني بالنسبة إلى عمليات الاقتراع داخل الوطن وخارجه أسوة بالتجارب الانتخابية المقارنة الناجحة وذلك بعد ضمان سلامة وشفافية ومصداقية وثبوتية العملية الانتخابي وتوفير الضمانات التقنية والفنية واللوجستية التي تحول دون استعمال تلك الوسائل والتقنيات بطريقة غير قانونية وذلك وفقا لما تضبطه الهيئة من شروط وإجراءات وتدابير، والعمل على تضمين ذلك صلب القانون الانتخابي، وبالتالي توصي الهيئة بتعديل القانون الانتخابي في اتجاه التنصيص فيه على إتاحة إمكانية التصويت عن بعد والتصويت الالكتروني.
جمع النتائج والإعلان عنها
وتعلقت التوصيات الواردة في الباب السابع من تقرير الهيئة العليا المستقلة للانتخابات حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة بجمع النتائج والإعلان عنها. وجاء في خاتمة هذا الباب أنه لتجاوز الصعوبات التي اعترضت عمل الهيئة عند احتساب نتائج الانتخابات الرئاسية لسنة 2024 فإنه يتجه العمل مستقبلا على مزيد العناية بمسألة تكوين أعوان جمع النتائج، وتخصيص المساحة الزمنية المستوجبة من حيث الكم والكيف قصد التقليص قدر الإمكان في الفوارق التي تم تسجيلها بين مختلف الهيئات الفرعية للانتخابات في علاقة بالمدة الزمنية المستغرقة لختم هذه العملية وعدد المحاضر التصحيحية المنجزة، مع العمل على ضبط العدد اللازم من أعوان الرقن الآلي وفقا لمعيار عدد المحاضر، وإيلاء مسألة تطوير المنظومات الإعلامية الخاصة بجمع النتائج العناية اللازمة، والعمل على إحاطتها بأقصى شروط السلامة والنجاعة قبل اعتمادها وذلك من خلال تشريك الهياكل العمومية المختصة مستقبلا في تطويرها على غرار المركز الوطني للإعلامية والوكالة الوطنية للسلامة السيبرنية وغيرها، ودعم الدورات التدريبية قصد إحكام التصرف فيها وإدارتها لتقليص مدة جمع النتائج. ودعت الهيئة إلى مزيد تحديد علاقة الهيئات الفرعية للانتخابات بالسلط الجهوية والمحلية خاصة في ما يتعلق بآجال توفير الفضاءات المعدة لجمع النتائج، والحرص على صيانتها وتهيئتها بمختلف الشبكات اللازمة وذلك بصفة دورية ومبكرة وإبان الانتخابات مع العمل على اعتماد عدد أكبر من مسالك التجميع السريعة قصد التسريع في جمع النتائج.
شركاء الهيئة
وأدرجت الهيئة العليا المستقلة للانتخابات في تقريرها حول الانتخابات الرئاسية توصيات أخرى وردت في خاتمة الباب الثامن من هذا التقرير الذي جاء تحت عنوان التواصل والعلاقة مع الشركاء والعموم في المسار الانتخابي، وبينت أنه يتجه العمل مستقبلا على وضع خطة اتصالية دائمة للهيئة ودعم جانبها الرقمي تشمل الفترات غير الانتخابية وملاءمتها مع أوقات الذروة أثناء المسارات الانتخابية واستيفاء الإجراءات المستوجبة لدخول المشروع الجديد لبوابة الهيئة حيز النفاذ، وعقد المزيد من الدورات التدريبية الخاصة بالإعلاميين وتعميمها على مكونات المجتمع المدني حول مخرجات العملية الانتخابية وقواعد الاقتراع والفرز وجمع النتائج والإعلان عنها تبعا لنجاح الدورات المنجزة مع المركز الإفريقي لتدريب الصحفيين والاتصاليين. ودعت إلى مزيد تطوير مضامين التكوين الحضوري وعن بعد وتوفير المحامل المستوجبة لكل المتكونين من أعوان الهيئة، ودعم إستراتيجية التثقيف والتكوين الانتخابي عبر إحداث مراكز تكوين تابعة للهيئة، ودعم مساهمة الهيئة في تكوين منظمات المجتمع المدني التي تعنى بالشأن الانتخابي وتأطيرها ليتسنى لها الاضطلاع بدورها في ملاحظة العملية الانتخابية بكل شفافية ومهنية وحياد عبر تطوير المناهج والمضامين والآليات وتكثيف الملتقيات المحلية والجهوية والاقليمية التي تجمع الهيئة بمختلف الشركاء وأوصت بدعم إشعاع الهيئة في المحافل الدولية والإقليمية.
وتم تنظيم الانتخابات الرئاسية الأخيرة في 6 أكتوبر 2024 والتصريح بنتائجها النهائية يوم الجمعة 11 أكتوبر 2024، وأشار رئيس الهيئة العليا المستقلة للانتخابات فاروق بوعسكر في مقدمة التقرير الختامي حول هذه المحطة الانتخابية إلى حرص الهيئة على توفير كافة أسباب النجاح لهذا الاستحقاق على المستوى التنظيمي واللوجستي خاصة منذ صدور أمر دعوة الناخبين بالتوافق مع الآجال الدستورية والقانونية. وأكد أن الهيئة جندت كل مواردها البشرية واللوجستية والتقنية ضمن إستراتجية عمل شملت كافة المحاور ذات الصلة بالعملية الانتخابية ويوم الاقتراع والإعلان عن النتائج هدفها الأسمى في ذلك، حسب تعبيره، ضمان انتخابات حرة ونزيهة وإتاحة الفرصة لكافة الناخبين الذين فاق عددهم 9 ملايين ونصف مسجل من بينهم 50 فاصل 4 بالمائة نساء، أما عدد الناخبين الذين صوتوا في الانتخابات الرئاسية الأخيرة فبلغ حوالي ثلاثة ملايين ناخب من بينهم 42 فاصل 5 نساء. وعدد رئيس الهيئة المبادرات التي قامت بها الهيئة في إطار عملها على تطوير وسائل التواصل بالناخبين ومنها على سبيل الذكر التصويت الحر، وإعداد تطبيقة لمعالجة التزكيات والتثبت منها وقد فاق عددها 300 ألف تزكية، والعمل لأول مرة منذ إحداث الهيئة على تطوير منظومة لمتابعة توجهات التصويت بعد مغادرة الناخب مركز الاقتراع وذلك في إطار مراقبة عمليات سبر الآراء. ويرى بوعسكر أن النجاح في تنظيم هذه الانتخابات الوطنية في موعدها وضمن الجدول الزمني المقرر لمختلف مراحلها وقبول نتائجها من قبل الجميع ودون أي طعن، هو نتاج لما راكمته الهيئة من تجارب وخبرة وتمرس في مجال تنظيم الانتخابات بمختلف أصنافها..
وبعد نشر التقرير الختامي حول الانتخابات الرئاسية الأخيرة في الرائد الرسمي من المنتظر أن يطلع عليه أعضاء مجلس نواب الشعب لأن العديد منهم طالبوا خلال الدورة الاستثنائية التي تم تنظيمها خلال الحملة الانتخابية لتنقيح القانون الانتخابي، بأن يتم لاحقا وفي متسع من الوقت مراجعة هذا القانون برمته.