◄ 80 % من المصوغ في السوق غير مطبوع
◄ نطالب بفتح مكتب الضمان أو ما يعرف بـ«دار الطابع»
مع نهاية شهر رمضان ومنذ عقود يكثر الحديث داخل الأسر التونسية عن «حق الملح» أو «حق الذواقة» وهي عادة تونسية أصيلة تتمثل في تقديم الزوج لزوجته أو الأب لابنته وخاصة الأبناء لأمهاتهم هدية مع نهاية شهر رمضان تتمثل في قطعة من المصوغ المصنوعة من الذهب اعترافا لها بالجميل على ما بذلته من جهود خلال شهر الصيام. لتنتعش بذلك سوق الذهب والفضة خلال هذه المناسبة السنوية، فضلا عن تزامنها مع عادات إقامة حفلات الخطوبة وعقد القران وغيرها من مظاهر الاحتفال التي تتطلب شراء «الذهب». لكن هل مازالت الأسر التونسية محافظة على هذه العادة، سؤال طرحته «الصباح» على حاتم بن يوسف، رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ الذي أفادنا أن هذه العادة قد تراجعت خلال السنوات الأخيرة بشكل كبير.
وبين بن يوسف أن «الإقبال على شراء الذهب خلال هذه الفترة أصبح ضعيف جدا إذا لم نقل منعدما»، وفق تأكيده.
وأبرز أن أسعار الذهب في تونس تضاعفت منذ الثورة إلى اليوم، مؤكدا أن التغيرات والاضطرابات التي عرفها العالم في السنوات الأخيرة تسببت في ارتفاع القياسي لأسعار الذهب، مشيرًا إلى أن سعر الغرام الواحد تجاوز 300 دينار، مع إمكانية مواصلة الارتفاع في ظل الأوضاع الدولية الراهنة.
إلا أن بن يوسف استدرك بالقول أن ما تسبب في الارتفاع الجنوني في أسعار الذهب في تونس هو تراجع سعر صرف الدينار أمام الدولار ما أدى إلى تخطى سعر الغرام حاجز 300 دينار، مبينا أن 300 دينار هو معدل سعر الغرام من الذهب، شارحا أن قطع المصوغ التي لا تتطلب الكثير من الجهد يبلغ سعر الغرام منها حدود 285 دينارا في حين أن سعر غرام القطع التي تصنع بكثير من الدقة فيتجاوز 330 دينارا.
وأكد رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ أن التونسي بات غير قادر على شراء الذهب خلال هذه المناسبة نظرا لتدني مقدرته الشرائية مقابل ارتفاع أسعار الذهب.
معاناة الحرفيين والتجار
من جهة أخرى تحدث رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ لـ«الصباح» عن الوضع الصعب الذي يعيشه القطاع لاسيما بالنسبة للعديد من صغار الحرفيين والتجار نتيجة ارتفاع أسعار الذهب والتراجع المهول للإقبال.
في المقابل أكد وجود كميات كبيرة من الذهب غير المطبوع في تونس والذي دخل إما عبر التهريب أو حتى بطرق قانونية، وأبرز أن 20 % فقط من الذهب في السوق هو مطبوع في حين أن 80 % من الذهب غير مطبوع.
وتساءل مصدرنا عن مدى تواصل الوضع على ما هو عليه خاصة في ظل وجود ثروة كبيرة من الذهب في السوق بين أيدي المهربين والمبيضين دون أن تستفيد الدولة من ذلك.
فتح مكتب الضمان
وشدد مصدرنا على أن أكبر كارثة حلت بالقطاع هي غلق «دار الطابع» أو مكتب الضمان الذي يعد القلب النابض للقطاع وأكبر ضامن للمواطن التونسي ولخزينة الدولة.
وشرح بن يوسف الدور المحوري الذي يلعبه مكتب الضمان موضحا بالقول:»إنه يتمثل في ضرورة مرور كميات الذهب عبره من خلال فرض عمليات الختم ما يجعل أية قطعة مصوغ غير مطبوعة تحت طائلة الحجز وهذا طبعا سيمكن خزينة الدولة من موارد إضافية وأيضا سيمكن من تحديد كميات الذهب الموجودة في السوق التونسية»، مؤكدا أن إعادة فتح مكتب الضمان سيغلق الباب أمام المهربين ومبيضي الأموال.
واعتبر أن تواصل غلق «دار الطابع» ليس في مصلحة القطاع ولا في مصلحة تونس إذ يحرم الدولة من عائدات هامة، مقابل دعم المبيضين والمهربين.
ودعا رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ إلى ضرورة الإسراع بفتح مكتب الضمان لتنظيم القطاع واحتواء كميات الذهب غير المطبوعة في السوق وغلق الباب أمام المارقين عن القانون.
ارتفاع أسعار الذهب العالمية
وقد ارتفعت أسعار الذهب العالمية بشكل ملحوظ خلال تعاملات يومي الخميس والمجمعة مقتربةً من أعلى مستوى قياسي سجلته الأسبوع الماضي، وذلك بعد إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب فرض رسوم جمركية جديدة على واردات السيارات بدءًا من الأسبوع المقبل، مما زاد من حدة التوترات التجارية العالمية التي عززت الطلب على الملاذات الآمنة مثل الذهب.
وقد قفز سعر الذهب الفوري بأكثر من 1 % ليصل إلى 3,053 دولارًا للأونصة، ليقترب بفارق بضعة دولارات فقط من أعلى مستوى قياسي بلغ 3,057.21 دولارًا في 20 مارس، كما ارتفعت العقود الآجلة للذهب بنسبة 1.2 % لتصل إلى 3,088 دولارًا، إذ يُنظر إلى الذهب تقليديًا على أنه وسيلة تحوط ضد حالة عدم اليقين والتضخم، علما وأن سعره قد ارتفع بأكثر من 15 % منذ بداية هذا العام.
حنان قيراط